_الاثنان والعشرون. (أنا وشمسي.)

11 0 0
                                    

  •_«وهل يجب أن نكن الاحترام لقط ؟»
  _«لاليس مِن المفترض أن نكن الاحترام للقطط سوى على سبيل الرأفة بالحيوان. كنيّ الحب لكائن ملعون، نعم يجب علينا
  _«حسنًا
  بلّت مارڤل شفتيها وضحكت فألقت جوانا نظرها عليها على مضض، وقد كانت أشاحته عن الغليون حتى لا تسرقه مِن يدها.
  _«لم أكن أدرك ما يقال عني سوى الآن
أني فتاة غريبة
  مضغت جوانا ريقها وسألتها بنبرة تخلو مِن الاستعطاف:
  _«ألن تعطيني الغليون ؟»
  _«لا

كانت الغرفة واسعة، ذات جدران مماثلة مع التي بالأسفل، الأخضر ذاته والزهور ذاتها، بها شرفة صغيرة يوجد بها طاولة مُستديرة ومقعدين، وستائرها شيفون صفراء اللون. يتوسط الغرفة فراش كبير خشبه مطلي باللون الأخضر الفاتح.  خزانة كبيرة وطاولة زينة كلاسيكية، مثل باقي أثاث الغرفة باللون الأخضر، كانت طاولة الزينة ذات مرآة بيضوية متوسطة الحجم ولها كرسي عرضي يشبه الذي بمنزلها.
  كانت تقف أمام مرآتها تحاول أن تطبق ما الدرس الذي تعلمته في ربط الوشاح على رأسها، بينما هو مُمدد على الفراش ينظر لها وضحكته لا تفرق ثغره لكنه يجاهد أن يُخفيها. وبعد ربع ساعة من محاولة التطبيق نفذت أخيرًا، وكانت ملفوفة حول رأسها بطريقة محكمة، فنظرت له في المرآة مُبتسمة بفخر وتضع يديها على خاصرتها، فصفق لها وهتف:
_«هذه هي فتاتي .. تعالي إلى هُنا، هيا.»
تحركت تجاه الفراش وجلست أمامه وبحماس، لم يعهده مِنها قبلًا في نبرتها هتفت:
_«أنا سعيدة حقًا..»
مسحت يده على يدها بينما نظر لها ليتأمل مظهرها، فيما كانت ترتدي منامته الواسعة والطويلة، بالنسبة لها، لأنها لم تجلب لنفسها أي ملابس، ثم ابتسم لها قائلًا:
_«ينقصك فقط الشعر الكستنائي وتصبحين أنا..» أومأت وهي تبتسم وضعت اصبعها الصغير في نقرة خده الأيسر وداعبته قائلة:
  _«وغمازة كتلك.»
ثم جلست أقرب له ووضعت رأسها على ركبتيها، فهمست:
_«انا..»
ثم صمتت، وتحدث هو:
_ «ماذا بكِ ؟»
شعرت بارتجاف بصدرها، فتنفست بعمق وتبعت قائلة:
_«لا، فقط .. أشعر بشيء غريب بداخلي ... لا أستطيع وصفه، أشعر بأني قريبة مِنك الآن حقًا ... أشعر بأنك تسكننيّ الآن وأسكنك هل تعرف هذا الشعور ؟ »
ربت على كتفها وهو يؤمي لها.
_«أنا فقط لم أحب أحد مِن قبل فلا أعلم كيف يحدث ذلك، لا أستطيع وصفه. (ضحكت وأردفت.) أتعلم، رغم كلّ ما قرأته عن الحب، ولا أحب التعبير بالكلمات ... أحب بالتأكيد الكلمات، لكن ... »
 عانقت ركبتيها أكثر ثم نظرت لعينيه، ثم اندفعت لتجلس لجواره وتضع رأسها على كتفه بينما هو الصمت والسكينة يتملّكانه، فقط عيناه تزينها الابتسامة، مُنتظرها أن تُكمل، فابتسمت وهمست:
«هكذا أفضل.»
فضحك وأخفت وجهها في كتفه هيئة بخجل دفعه لأن يضحك ويبعد نظره حتى لا تخجل أكثر، ثم رفعت رأسها، وقد اختفت ابتسامتها وهمست:
_ «هل أنت تحبني حقًا ؟»
لم يجيب وداعبت أصابعه يدها، فأكملت بسؤال آخر:
_«هل تحب روحي أم شكلي ؟ .. وهل تحب شكلي حقًا ؟ أم أني حقًا لست جيدة ؟»
قضمت شفتيها للحظة ثم قالت:
_« هل روحي جيدة أم أني شخص مُمل ؟ آستحقك ؟»
سكتت وهي تنظر له تنظر إجابته. فتنهد.
_«هل انتهت أسئلتك ؟»
أومأت، فأومأ هو الآخر ثم رفع رأسها ليطبع قبلة مُطولة على جبهتها، ثم همس:
_«رائحتكِ ... فقط رائحتكِ كافية لأن تسكن كلّ شيء بي...»
ابتسمت وهمست:
_«حسنًا..»
شبكت يدها بخاصته، ثم نهضت وهي تجذبه لينهض معها، قائلة:
_«أريد أن أشاهد الغروب في الحديقة بينما نشرب القهوة .. وأنت تغني ليّ.»
لمعت عيناه وابتسمت بتوتر.
_«بالطبع ..»
بينما شعر بجسده يرتجف لوهلة، ثم صراحهها:
_«أشعر بالحماس والتوتر معًا..»
–«هذا طبيعي حينما تستعرض موهبتك أمام أحد لأول مرة، لا تقلق أنا لست ناقد لاذع أنا مستمعة جيدة فقط. حسنًا ؟»
ضحك بخفوة وتمتم بكلمة:
_«حسنًا.»
ثم اتجه إلى الخزانة، وأخرج قميص أبيض له، فيما هي كانت تنظر له مُبتسمة، بينما كانت أشعة الشمس الحمراء تتخلل شعرها، كلاهما اللون ذاته، كأنها شمس أخرى تُنافس شمس الكون بجمالها .. أو ابنة الشمس التي أخذت جمال الشمس والقمر معًا ... هي مثل أسطورة ڤينوس الشعر الأحمر الأعين الخضراء، والجمال الكلاسيكي ذاته. قد أنقذها هو مِن الماء.
  ڤينوس اسطورة العالم  الحب والجمال ... مثلها تمامًا في حياته.
  مضغ ريقه وهو يفكر فإن هذا الجمال الهادئ ربما ينكسر يومًا بسببه، ربما ؟ إنها مجرد كلمة ساذجة ليخفف بها وطأة الهم الذي يحمله على ظهره كصخرة ملتهبة تنحت عظمه.
بادلها الابتسامة التي كانت تنير وجهها، فأقترب مِنها وربت على شعرها ثم داعب ذقنها، وهو يهمس:
_«هل ترتدين أن نجرب طريقة جديدة بأخذ السُلم ؟» زادت ابتسامتها وهي ترفع ساقها اليسرى وتطويها، فيما تشبك يديها الاثنين بحماس.
_ «مثل ماذا ؟»
أغمض عينيه للحظة، وأخذ يحرك رأسه يمينًا ويسرًا مُصطنعًا أنه يفكر، ثم فتح إحدى عينيه وهو ينحني أقرب إليها وسأل همسًا:
_«هل تستطيعين تسلق الأشجار ؟»
هزت رأسها بالنفي، فتنهد وقال:
_«قفي على الفراش هيا.»
قالها وهو يشير إلى الفراش، و فعلت ما قاله، ثم أعطاها ظهره وقال:
_«اصعدي الشجرة..»
قفزت على ظهره كالأطفال، بينما حاوطت بساقيها خصرته، وذراعيها رقبته. كان يقهقه فيما يسير خارج الغرفة بتجاه السُلم ثم توقف وقال متكلفًا الجدية: _«تسمكي جيدًا .. مستعدة ؟»
أومأت وهي تشعر بأن جسدها يصبح أكثر سخونة مِن الحماس، وصاحت وهي تمد ذراعها للأمام:
_«هيا يا سفينتي انطلقي !»
ضحك وقال:
_ «حسنًا يا سيادة القبطان !»
  فانطلق يركض بها على السُلم بينما هي تضحك بصوت عالي ... لم تسمعه منذ سنوات طويلة حتى  تفاجأت أن ضحك قلبها تغير نغمه، لكنها لم تفكر سوى في أنه أصبح جميلًا ناعمًا أنثوي ولم يعد طفوليًا .. بينما عيناها قد أنزلت دموعًا ضاحكة ناعمة تقبل وجنتيها وتداعبها، وفي خاطرها كانت تتخيل المشهد المضحك قد تحول إلى لحظة مِن الرسوم المُتحركة وتوقفت الكاميرا لدى مشهد الضحك وتحول إلى لوحة خُتمت بها الحلقة.

كلاسيكيات وردية Where stories live. Discover now