الفصل الحادي عشر (عتمة الزينة)

Start from the beginning
                                    

"طب ارميه لو كلامك صح.. طلعه برا الشقة كلها لو سمحت" همست له ليتفقدها لبرهة ثم أماء لها بالموافقة

"حاضر.. اللي أنتي عايزاه أنا هاعمله.. اوعدك إن مفيش حد هيغصب عليكي حاجة أنتي مش عايزاها بس أنتي كمان اوعديني متعيطيش كده تاني عشان خاطر أي حاجة.." همس لها وبداخله يتمزق لرؤية ملامحها الباكية بتلك الطريقة وتركها ليُمسك بالتشيلو ليضعه في صندوقه مرة أخرى أسفل زرقاوتيها ثم توجه بخطوات بطيئة نحو الباب حتى يخرجه ولكن صوتها الهامس الذي عاد للبكاء مرة ثانية أوقفه

"أنا خايفة اوي.. أنا خايفة أعزف تاني.. أنا عمري ما حبيت حاجة في حياتي واتعلقت بيها قد التشيلو" شهقت بين بكائها ليلتفت لها سليم الذي ترك التشيلو بجانبه أرضاً وتفحص ملامحها ليرتجف قلبه داخله من تلك الملامح المتمزقة آلماً "أنا مش عايزة أعزف لارجع أتعلق تاني، والاقي كل اللي حواليا رافضني، أنا من جوايا نفسي أعزف ليل نهار، نفسي كنت ادخل معهد موسيقى .. بس ماما هترفض ومش هاتسكت والكل هايشوف إن كلامها صح.. أخواتي هيتريقوا عليا وهيقولوا اني تافهة ويتريقوا.. أنا خايفة اوي يا سليم ارجع لنفس الشخصية الضعيفة اللي الكل بيتحكم فيها وبيفرض عليها كل حاجة.. خايفة أواجه كل ده تاني.. أنا مقصدش إنك كداب أو حاجة أنا بس.. تعبت.. أنا خـ.." قاطع كلماتها مهرولاً نحوها ليعانقها بكلتا ذراعيه وهي تنتحب على صدره ليشعر بتمزقه داخلياً من تلك الحالة التي أصبحت بها وأخذ يربت على شعرها في حنان ولطف

"هشششش... خلاص يا زينة، متخافيش، مفيش حاجة هتحصل" حاول تهدئتها بينما اشتد بكاءها ليزفر في غضب من فشله في أن يوقفها عن البكاء

"أنا بقيت خايفة من كل حاجة، خايفة أعمل اللي بحبه، خايفة اسمع كلام حد، حتى اللبس اللي بحبه بقيت خايفة البسه، بفكر في الحاجة مليون مرة لغاية ما بحس إن راسي هتنفجر، أنا تعبت يا سليم من كل حاجة بتحصل ليا، ليه الكل بيجبرني على حياة كاملة أنا مش عايزاها" تحدثت بين إنتحابها ونبرتها امتلئت برجفات البكاء وصرخات الآلم ليتحول شعور سليم للأسوأ

"متخافيش، هتعملي كل اللي نفسك فيه ومحدش هيقولك لأ على حاجة ومحدش يقدر يجبرك على أي حاجة انتي رفضاها" ابعدها عن صدره قليلاً للوراء ثم حاوط وجهها بكفيه وهو يحدق بزرقاوتيها بتأكيد ونظرة ثاقبة وكأنه ينظر إلي أعماقها "بصي، أنتي كبرتي خلاص، مبقتيش صغيرة، سهل إنك ترفضي حاجة، سهل تقولي لأ ببساطة، من حقك تعملي كل اللي نفسك فيه وكل اللي بتحبيه ما دام دي حاجة مش غلط.. تقدري تقوليلي لو رجعتي تعزفي تاني عمتي هتعمل ايه؟ هتزعق؟ هتقولك بطلي؟! ولا يهمك كل ده.. أنتي مبقتيش صغيرة.. زمان أنتي طاوعتيها بما فيه الكفاية وسمعتي كلامها، من حقك دلوقتي تعملي كل اللي أنتي عايزاه.. من غير ما تحملي نفسك خوف وضغوط وتفكير وعياط وخناق تقدري بسهولة تعملي اي حاجة.. أنا جنبك ومش هاسيبك ومش هاسمح لحد يتحكم فيكي تاني، بس قبل كل ده أنتي بإيديكي تعملي اللي أنتي عايزاه من غير ما تهتمي برأي حد" تنهد لتنظر هي له بعد أن توقفت عن البكاء بالرغم من آثاره على ملامحها التي دفعتها للتحول للون الأحمر ليومأ لها بأنها تستطيع فعل كل ذلك

ثلاثية دجى الليلWhere stories live. Discover now