الفصل الرابع (عتمة الزينة)

18.5K 273 11
                                    

"ازيك يا شهاب!" تفقده سليم بتلك النظرة العميقة التي يدرك شهاب جيدا أنها لا تُعبر عن ولعه به بل النقيض تماما؛ تلك النظرة التي سُلطت نحو بنيتاه لم تعبر سوى عن الإنزعاج الخالص.

"تمام" اجابه بمنتهى الحصافة فهو له منتهى الحق بأن يجيبه بأسمه مثلما ناداه الأول، ولكن ترك ذلك جانبا حتى يتبين تلك الشخصية التي يبدو وأنه سيتعامل معها كثيرا الأيام المقبلة القادمة وصافح يد سليم التي قدمها له ليظهر إياد من خلفه الذي عقد حاجباه متعجبا من وجود شهاب.

"ازيك عامل ايه؟!" ابتسم إياد بإبتسامته المعهودة التي تدل على هدوئه وصافحه ليفعل شهاب أيضا

"تمام.. بخير" اجاب مجدداً بإقتضاب ثم تلاقت بنيتاه الثاقبتان بتلك الزرقاوتان المستفسرة عنه، فذلك التساؤل الذي أنهال منهما قد راقه لبرهة.

عم الصمت الغريب المكان بملامح شهاب الجامدة، وملامح زينة المتسائلة، أمّا عن سليم وإياد فكلاهما لم يحبذا ظهور شهاب المفاجئ هذا أبداً ولكن بالرغم من ذلك سليلا تلك العائلة التي تشتهر بحسن السمعة واللباقة لن يكونا فظان أبدا وخاصةً إياد الذي استقبل عزاء والده من ابن عمه شهاب منذ أيام فتوجب عليه أن يعامله بأسلوب لائق، على الأقل إلي الآن.

"اتفضل اقعد معانا" ابتسم له إياد بإبتسامته الرجولية الهادئة التي تدل على النُبل الشديد ليومأ له شهاب وتوجه جميعهم نحو البقية ليجلسوا معهم وقد اشتدت ملامح أروى التي شاهدت شهاب من على بُعد يتوجه نحوهم فهي الوحيدة من بين الجالسين من التقت به من قبل.

"مين ده يا سليم؟!" همست زينة في خفوت حتى لا تظهر بمظهر الجاهلة أمامه فهي قد رآت كيف تعامل معه أخيها البكر بل ودعاه للجلوس بينهم أيضا.

"شهاب الدمنهوري" أطبق أسنانه وهو يحاول أن يتحكم بملامحه التي تتحول للإنزعاج تلقائيا كلما رآه بينما ابتلعت زينة وأطرقت بنظرها في الأرض في شرود لتفكر أن هذا الأسم مثل أسمها هي وقد

"ابن عمك" همس سليم مقاطعا تفكيرها حتى ينهي تلك الحيرة الواضحة على تقاسيم وجهها وما إن توجهت هي للجلوس بنفس شرودها حتى جلس سليم بجانبها وعم الصمت الأجواء.

"أهلا ازيك يا شهاب عامل ايه؟!" هنا تكلمت أروى وهى تنظر له بعد أن جلست بإستقامة وغرور لتعكس أحدى ساقيها على الأخرى وعقدت ذراعيها

"تمام.." نظر لها يتفقدها وابتسم بداخله كثيرا فهي بدت كتلك الفتيات اللواتي يُعذبن بغرفة نومه حتى يفقدا القدرة على التنفس بينما تجول بنظراته المتفحصة بينهما بين طيات هذا السكوت

"متعرفناش يعني؟!" تفقد كلا من أدهم وسيدرا وكذلك آسر ثم بالنهاية سلط نظره نحو زينة التي تعجب لطريقة جلوسها وشرودها بل وهدوءها الذي ظهر زائدا عن الحد.

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن