الفصل الرابع (عتمة الزينة)

Start from the beginning
                                    

"زينة.. بنت عمتي هديل.. الصغيرة" جاوب عنها سليم لتنظر له بزرقاوتين اتقتدا انفعالا بنيران غضبها فهي لا تترك لأحد الفرصة أن يسيطر عليها أمام الناس وهي تذكر نفسها بأن لها لسان تستطيع التحدث به.

"غريبة يعني مشوفتهاش في الإجتماع" لانت شفتاه بإبتسامة غريبة لا تُفصح سوى عن السخرية التي لم يعلم سليم ما سببها لينظر هو له بإبتسامة أكبر

"لسه بتدرس و.."

"ازيك عامل ايه؟!"

نهضت متحدثة لتقاطع حديث سليم بينما مدت يدها لتصافح شهاب بإبتسامة تعجب لها الجميع ليشعر سليم وكأنما سُكب عليه بحرا متجمدا، وشعرت زينة هنا بأنها قد أخذت الدفة وهي من يتحكم بلسانها وليس سواها، أمّا عن تلك البنيتين المتفحصتين اللتين اشتعلتا بالحماس فجأة فقد أدركت بمنتهى السهولة أن زينة مختلفة عن الجميع، يبدو أن تلك الفتاة هي من تستطيع التحكم بسليم دون أن يرفض هو ذلك بعد تلك الشخصية المهيمنة التي التقى بها في ذلك الإجتماع منذ أيام!

"تمام"

ابتسم لها ولكن ليس بإقتضاب مثلما يفعل مع الجميع ولكنه فعلها عن قصد ليس لأجل تلك الفتاة التي تصافحه وتلامس يده ولا ليس عن قصد أن تفتتن به بل من أجل أن يقرأ ذلك التعبير على ملامح سليم!! نعم لقد كان محقاً، تلك النظرة القاتمة التي اندلعت بعينيه وذلك الإنزعاج الذي تملك من ملامحه ما إن لامس يد زينة وابتسم لها لابد وأن خلفها شيئاً ما.

"أدهم.. ابن عمة سليم، أو ابن خالة إياد.. اللي تشوفه بقا"

ابتسم كالعادة ابتسامته التي تضفي على ملامحه الوسامة والطيبة بآن واحد بعد أن نهض وصافحه ليومأ له شهاب ثم تبعته سيدرا بينما عادت زينة لمقعدها بالقرب من سليم

"سيدرا.. أخت سليم الصغير وآخر العنقود في العيلة دي" ابتسمت له ابتسامتها البارقة التي تضفي بريقا لزرقاوتيها بينما أقترب آسر منه ليصافحه هو الآخر

"آسر.. ابن عمك.. فينك يا راجل مش كنت تيجي من زمان، كده بردو ولاد عم ومنعرفش بعض"

حدثه بحميمية مبالغ بها لترفع أروى احدى حاجبيها في حنق من تصرف أخيها الصغير فهو بالطبع لم يستمع لتلك الوصايا المُحذرة من والدتهما بينما انزعجت ملامح سليم هو الآخر من انتهاء المطاف بآسر بالجلوس بجانبه.

"هنعرف بعض كويس متقلقش" اجابه ولكن كانت خلف حفنة الكلمات تلك شيء لا يبشر بالخير ليرمق إياد سليم بنظرة خاطفة لاحظها سليم الذي زفر بعدها

"لا خلاص بقا، ده أنا كلها كام يوم وراجع أمريكا تاني.. قولي بقا بتشتغل في ايه؟!"

تجاذبا أطراف الحديث ولكن لم تتركا هاتان البنيتان القاتمتان تحركات الجميع دون أن يحفظها عن ظهر قلب حتى يتذكرها جيداً عندما يُفكر بهذا الجمع مرة أخرى.

ثلاثية دجى الليلWhere stories live. Discover now