لا تبكي

tamymuhsen tarafından

33.6K 556 133

منقوووولة للكاتبه عيون القمر Daha Fazla

البارت 1
البارت 2
البارت 3
البارت 4
البارت 5
الجزء 6
البارت 7
الجزء 8
البارت 9
البارت 10
البارت 11
البارت 12
البارت 13
البارت 14
البارت 14 الجزء الثاني
البارت 15
البارت 16
البارت 17
البارت 17 الجزء الثاني
البارت 18
البارت 18 الجزء الثاني
البارت 19
البارت 20
البارت 20 الجزء الثاني
البارت 21
البارت 21 الجزء الثاني
البارت 22
البارت 22 الجزء الثاني
البارت 23
البارت 23 الجزء الثاني
البارت 24
البارت 24 الجزء الثاني
البارت 25
البارت 25 الجزء الثاني
البارت 26
البارت 26 الجزء الثاني
البارت 27
البارت 28
البارت 29
البارت 30
البارت 31
البارت 32
البارت 33
البارت34
البارت 35
البارت 36
البارت 37
البارت 38
البارت 39
البارت 40
البارت 41
البارت 42
البارت 43
البارت 44
البارت 45
البارت 46
البارت 47
البارت 48
البارت 49
البارت 50
البارت 51
البارت 52
البارت54
البارت 55
البارت 56
البارت 57
البارت 58
تنبيه

البارت 53

470 8 0
tamymuhsen tarafından

الجـــزء 53 ..
-----------------

واقف قدام هالشابة الشقراء اللي فتحت له الباب وتناظره بعيونها الزرقاء نظرات كلها تساؤل .. ما يدري ليش كان متخيّل إن سحر هي اللي بتفتح له الباب.. وبيلتقي فيها ..وكان متحفز بسبب هالفكرة واضطرابات غريبة هاجمته قبل يطرق الباب رغم ان شكله قدام هالشقراء البيضاء يوحي بالثقة والثبات المعهود.. فكرة ان سحر خلف هالباب مباشرة نثر شتات داخله بعد غياب وفراق دام شهرين تناساها فيها لكن ما نساها ،.. ولا يدري وشلون هي عاشتها .. شهرين مرّت ، ما يبي حتى يتذكر الظروف اللي سبقتها والآلام اللي حملتها لها وله..

صوفيا باستغراب لأن اللي قدامها واضح انه أجنبي عن هالبلد وسمرته وملامحه تدل على انه مثل سحر ووليد : أهلاً.. أأستطيع خدمتك ؟
محمد تأكد من هيئتها إنها تشتغل بالفيلا .. وبتريّث : عذراً... هل سحر موجودة ؟
صوفيا باهتمام : الآنسة ؟ .. المعذرة ولكن من تكون ؟؟
محمد بهدوء : جئت لأراها .. أنا ابنُ عمها ..
ابن عمها ؟!
أحد من العايلة..!
انحرجت وهي تتراجع عن الباب ومستغربة هالزيارة المفاجئة من شخص أول مرة تشوفه : اوه آسفة .. أنت ابنُ عمها! .. لم تخبرني بمجيء أحد لزيارتها !!
تقدم محمد مع الباب وهو يتكلم بهدوء : لم اخبرها فزيارتي طارئة..... ( وصل للصالة بخطوات متريّثة كلها ترقب واللي كانت خالية وما توحي بوجود أحد... وصل لنصفها حيث بعض العفسة والأغراض منثورة فوق الطاولة وفوق الصوفا... عرف إنها عفستها وهذي آثارها .. والتفت للشقراء اللي ما يعرف اسمها) : اين هي ؟؟

صوفيا : إنها خارجه منذ الصباح .. هل تود مني الاتصال بها واخبارها بوجودك ؟؟

فكرة الاتصال فيها بعثرت شتاته مرة ثانية .. رفض الفكرة داخل مخه لأن فيه احتمال وارد انها ما تجي لو عرفت.. فالانتظار هو الحل..
وأردف بهدوء : لا داعي للاتصال بها ...يمكنني انتظارها حتى تعود..
صوفيا : كما تريد ..
محمد : متى تعود عادةً؟
صوفيا: خرجت منذ ساعتين ولا أعلم متى تقرر العودة قد تتأخر ..
محمد توجه للجلسة .. وجلس بعفوية على صوفتها المفضلة وهو يفك الزرار الأمامي حق جكيته الأنيق : يمكنني الانتظار..
صوفيا بلباقة : كما تشاء.. هل تريد ان تشرب شيئاً ؟
محمد : كوب من الماء إذا سمحتي ..

تركت صوفيا الصالة ناحية المطبخ وهي متسائلة ومستغربة وجود اللي يقول عن نفسه ولد عمها... توترت من يوم شافته ماتدري ليش..
يا إلهي إنه قوي النظرة ، إنه لا يشبهها إطلاقاً ! هل هو ابنُ عمها فعلااااً ؟..
استوعبت إنها ما سألته عن اسمه من المفاجأة ،!

محمد بمجرد ما صار لحاله قلّب عيونه بأنحاء الصالة الكلاسيكية اللي ماخذه ستايل روسي بشكل واضح.. هذا البيت اللي ضمّها قبل لا يعرفها زين وينبض قلبه لها.. هالبيت آخر ما ضمّها قبل الرجوع .. وبسببه هو.. قررت هي ترجع له !!
شعور غريب وصوله لهالمكان.. استشعاره ان سحر تتحرك بين أركانه وانه جاء عشان يشوفها متجاهل كل الأفكار المترددة اللي سيطرت عليه امس واليوم !! متجاهل كل التحذيرات المجهولة اللي كانت تدق أجراس داخله.. لأنه داري ان داخله رغبة مناقضة وهو إنه يبي يشوفها........ شهرين مرّت يا سحر !
مرت علي مثل السنتين ...كيف مرّت عليك إنتي ؟!

تحرك في الصوفا وطاحت يده بالصدفة على شي صغير عالق في حافتها الجانبية .. دنق باستغراب وهو يشيلها بين أصابعه.. كانت إسواره خرز ملونة شغل يدوي بس ناعمة.. ابتسم وهو يقلبها بين أصابعه يوم استوعب إنها لها ومين غيرها !..ينبعث منها ريحة عطرية خفيفة ..رفعها عند انفه يتأكد ان هالريحة الباردة الحلوة منها..وابتسم بحنية مرة ثانية يوم تأكد ان الاسوارة تحمل من عطر معصمها..رائحة خفييييفة بس حلوة ..
شي من الحنين انتابه .. مشاعر له زمن ما حس فيها رجعت له الحين وهو يمسك هالشي الصغير التافه..اللي لف معصمها وأخذ من عطره ..
هالشي لها ؟ ..
وش سويت بنفسك انت ؟

انت جيت تفهم القصة اللي منت فاهمها.. لا تفكر بأكثر من كذا ولا تسمح لنفسك تسترسل بأي نوع من المشاعر حتى لو كانت عابرة ..
قبض على الاسوارة بأصابعه القووية وهو يرفع راسه بعفوية لعفسة الطاولة أمامه .. دفتر صغير .. مجموعة أوراق .. ربطة شعر ملونة .. وحلق إذن عبارة عن فص ناعم .. ابتسم مرة ثانية وهو يستشعر إنها تقضي ساعات بهالصالة وشكله جالس بمكانها المعتاد لأن الأغراض جنبه ..!
مال للطاولة وهو يمسك فص الحلق الناعم .. لأول مرة يطيح بيده شي يخصها بهالعفوية ومن غير موعد ..
وأخيرا ترك الحلق مكانه.. والتقط أوراق كان عليها شعار غريب.. يوم تمعن فيها استوعب انها شعار لجامعة موسكو وتحته مكتوب كلام بالروسي وبالصفحة اللي بعدها كلام بالانجليزي واضح انه ترجمة ..
عقد حواجبه باهتمام وهو يقرأ بعض العبارات يوم فهم أو توقع ان سحر تدرس هنا !
دخلت عليه صوفيا وهي تبتسم بأدب وقدمت لها الكأس .. التقطه وهو يسأل بعفوية : هل سحر تدرس هنا ؟
صوفيا أدركت للمرة الثانية انه قريب لها.. يناديها (باسمها) مباشرة بعيد عن الرسمية اللي تعودت هي ووليد ينادونها فيها : ليس بعد ..ولكن على وشك.
محمد باهتمام صااادق : حقاً ؟
صوفيا : اجل انها تستعد لذلك .. ( بإحراج) : اعذرني ولكن ..... هل انت ابنُ عمها حقاً ؟
محمد ابتسم يطمنها : اجل .. هل تشكّين ؟
صوفيا : ليس هكذا .. ولكن زيارتك مفاجئة .. لم نعتد على زيارة احد من العائلة إلى هنا ..

محمد بسؤال الغاية منه انه يتأكد : وأين عمي مساعد ؟
صوفيا : السيد غادر فجر اليوم لخارج موسكو ..
تطمّن من هالناحية لأنه مستعبد تماماً مقابلة عمه ولا يبي تعقيد معاه وأسئلة مالها اول ولا تالي خصوصا ان عمه عقب اللي صار مع أبو راهي صار واعي على مشاعر سحر وارتباطها بمحمد .. ومتأكد ان فطنة عمه مارح تغيب عليه هالنقطة .. ولا يدري للحين وشلون تعامل مع سحر عقب هالمشكلة الغريبة وبعد عصبيته ذيك وكلامه !.. كلامه اللي لحد الحين يضرب أوتار خفية من التوجس ..

::

بالمستشفى ...
هند وياسمين يمشون سوى ناحية المصعد عشان كل وحدة تمسك شغلها عقب ساعة الاستراحة ..
ياسمين : كلمتيه؟؟
هند : ايه كيف يعني تبيني أسكت؟
ياسمين : وان شاء الله انحل الموضوع؟
هند : قلت له اللي عندي.. بس هالسالفة ما نزلت لي..واقفه هنا (اصبعها عند حلقها).. قلبي حارّني أبي اعرف مين اللي ارسل البوكيه باسم د. هند !!
ياسمين : المهم خلص الموضوع..وطلعتي سليمة ..والله كنت خايفه يتهور الدكتور خالد ويحكي بالموضوع !
هند : ما ظنيت يسويها بس انتي خوفتيني بتهوليك للموضوع..
ياسمين : ما أدري.. كنت خايفه يطري الموضوع للدكتور نايف بس طلع حكيم وما يبيلك مشاكل..ويمكن ما كان يبي يكبّر الموضوع قبل لا يتأكد..
هند تنهّدت : كلامه لي مشكوك فيه..مدري ليش حسيت انه عارف المرسل بس ما يبي يقول..
ياسمين باهتمام : ومين تتوقعين؟
هند : مدري.. يقول ممكن الغلط باسم المستقبل.. يعني ما ادري شلون افهمه دام البوكيه باسم هند لا وقبلها حرف الدال.. ولا فيه حولنا مستشفى قريبة عشان أقول وصل البوكيه للعنوان الغلط...اوفف..هالموضوع مسبب لي حكككة مين اللي متقمص اسمي..
ابتسمت ياسمين : ممكن تكون دكتورة قديمة كانت تشتغل هنا وتعرفه... وصادف تشابه الأسماء ..
هند : ماني عارفه بس لازم أتأكد...
طلعوا من الليفت وسمعوا صوت سناااء من بعيد تناديهم وتقطع سوالفهم : قييييييييرلز..
ياسمين : هلا سنو... وينك ما حضرتي الغداء معنا..فاتتك الاستراحة ..
سناء بعجلة : آي نو..بس انشغلت شوي... سمعت شي غريب وجيت اقولكم عليه..

ياسمين باهتمام : ايش سمعتي ؟
سناء : سمعت من النيرسز في طابقي قبل شوي..انو في شي صاار لدكتور خالد أمس.. تذكرين ياسمين؟..لما كنتي تدورين عليه وقلتي انك ما لقيتيه..
ياسمين باهتمام : ايوه؟ ..جمال قال لي انه طلع ..
سناء : نوو ! never .. يقولون حصلوه تحت مع بنت .. محبوس طول اليوووم ..
شههههقت هند وأفكارها تروح بعيد..وياسمين عقدت حواجبها باهتمام كبير : ايش؟
سناء : تخييييييلوا... هذا اللي صار ..
ياسمين بصدمة : وش هالخرابيط؟..كيف يعني محبوس مع بنت ؟!
سناء : ما أدري..بس النيرسز وصلهم خبر من العمال اللي تحت.. شافووهم...أوه ماي قاد !..i cant believe it
هند فتحت فمها ماهي مستوعبة شي : كيف يعني شافووهم؟؟..مستوعبة انتي وش قاعدة تقولييييين !!
ياسمين بعصبييية : اقول لا تشطحين واجد.. مستحيل يكون اللي تفكرين فيه يا هند... وانتي سناء .. لا تنقلين هالحكي هذي سمعة الرجال... جمال أمس قالي إنه طلع..!
سناء : هذا اللي سمعتهم يسولفون فيه.. تتوقعون صدق؟!
ياسمين : سناء بشويش لحد يسمع ...والله لو يمر الحين جنبنا ويسمع حكيك عنه.. إن يوديك ورا الشمس..حاذري لا يسمع إلا سمعة الرجال..
سناء : انا ما طريت سمعته انا بس اقول اللي سمعته..
هند باهتمام .. وهي تتذكر منظره اللي شافته عليه يوم دخلت عيادته : ممكن فعلا يكون صاير له شي!..( والتفتت لـ ياسمين) : ياسمين..قلت لك انه مو طبيعي اليوم... فيه اصابات غريبة ..
ياسمين : وش دخل ذا بـ ذا ؟
هند : مدري.. بس اقول ممكن يكون صاير له شي امس مو تقولين دورتي عليه وما لقيتيه...
ياسمين : هذا يثبت إن اللي تقوله سناء مو صدق.. جمال قال لي انه طلع وانتي تقولين متعوّر.. هالممرضات الزفت والله لأوريهم.. من متى مستشفى ابوي مكان للقصص التافهة هذي..
سناء : ريلااااكس..

::

طلع خالد من عيادته ناوي يتوجه لقسم الأشعة عشان يفحص هاليد اللي متورمه عقب الاصابة..الألم يروح ويرجع عليه..ما عرف يشتغل فيها ،... استخدم الدرج متجنّب المصعد متعمـّد لأنه يدري إنه مواجه للمكان اللي تجلس فيه مباشرة ... ما يدري عن شي غير إنه ما يبي عينه تطيح عليها..،
وعشان ما يتصادم وياها استخدم الدرج .... دخل الطابق بهدوء وعينه تطيح من بعيد على الكاونتر اللي كان خالي... مكانها خالي ما عدا ممرضة واقفه هناك لحالها...
لفت نظره عدم وجودها .... وجاه هاجس مفاجئ انها ما حضرت اليوم !
هاجس نفاه على طول... اللي مثلها رح تقاتل لآخر رمق.. عوّدته عالاستسلام..مع اني اللي صار كفيل انه يقلب موازينها..
ممكن تكون بغرفة الأشعة هالوقت..
فـ اقترب بهدوء من الكاونتر عشان يتأكد قبل يروح هناك : عذراً..
الممرضة : نعم دوكتور ؟
خالد : أين الممرضة الجديدة؟
الممرضة مالت بفهمها : لا أعلم...لم أرها اليوم..
خالد باستغراب : كيف لم تريها؟ ..ألم تحضر اليوم ؟
الممرضة : لا خبر لديّ...لقد جئت إلى هنا للتو..

طلعت شيري من الغرفة وهي حاملة ملفات حطتها على الكاونتر...وبادرها خالد مباشرة : أين الممرضة الجديدة؟
شيري : مشاءيل ؟... لم تحضر !
رفع حواجبه بدهشة : حقاً..!
شيري : أجل إنها متغيّبه...

تراجع عن الكاونتر مو فاهم سبب لـ تغيّبها المفاجئ هذا..غير اللي صار معهم ..
رجع ينزل مأجّل فكرة الأشعة لآخر اليوم.. نفسه فجأة منسدّة عن كل شي...

وهو يدخل الطابق لمح ممرضتين يسولفون ويوم شافوه هدت نبرة صوتهم وهم يرمقونه بنظرات غريبة .. استغرب لأول وهلة لكن عقب لحظات فهم إنهم يرمقونه بسبب شكله والإصابة الواضحة فوق حاجبه...وسْم واضح بوجهه !
ابتسم برسمية لهم وهو يمرّ من عندهم لكن حس نظراتهم مو طبيعية..
وقف وطالعهم : مالأمر؟..أهناك مشكلة؟
الممرضة الاولى بحرج : لاشيء دوكتور !
خالد ما صدقها.. وتوّه يدرك إنهم كانوا يكلمون عنه !.. فـ اقترب منهم بجدية أربكتهم : عن ماذا كنتما تتحدثان !؟
الممرضة ناظرت زميلتها وهي تستعد للانسحاب : لا شيء مهم..عن اذنك !
خالد كرر بحزم : قفي مكانكِ !... عن ماذا كنتما تتحدثان ؟..آمل أن لا يكون شيئاً يتعلق بي!
انقلب وجهها ..وابتسمت برسمية قدام نظرته المربكة ببداية عصبية !
خالد بأمر : تكلمي !

عقب دقايق رجع لعيادته وهو ثاير !.. دخل وهو متمالك نفسه لأقصى درجة .. استوعب غلطته اللي ما انتبه لها ...كان المفروض من البداية يوضّح السالفة للاثنين اللي شافوهم عشان ما تاخذهم الخيالات لبعيد وتبدأ الاشاعات من تحت راسهم ..!
وقف قدام النافذة وهو مغمض وماسك أعصابه بالعافية ..داخله شحنات غضب من اللي سمعه.. ويدري ان السالفة بتاخذ بهارات وتأليف ماله أساس من الصحة..يكره الاشاعات..ي.كرهها كره العمى كيف لو لقى نفسه بوسطها وهو بطلها !!
فتح عيونه وصورة مشاعل مستقرة بينهم... غابت اليوم وخلته يواجه آثار اللي صار لحاله... وش بتكون ردة فعلها لو عرفت بنتايج اللي سوته !!
زفرّ هوا ساخن غاضب وتحرك للباب..وهالمرة على عيادة جمال الموجود بالمبنى المجاور واللي يفصلهم جسر ..عبره لهناك وتجاوز الريسبشن الخاص فيه..متجاهل تحية الموظفة اللي بالاستقبال ومخه مشحون من الموضوع كله..
اقتحم عيادة جمال اللي كان خلال جلسة نفسية ..وقدامه شاب ..
جمال ضاق من دخوله..والتفت للشاب : المعذرة .. (التفت لـ خالد) : دكتور خالد ممكن تنتظر عشر دقايق أكون انتهيت من الجلسة..
عض خالد شفته وهو يتراجع ويلتزم هدوءه....لا تفقد أعصابك...لا تفقد أعصابك...ماهي مشكلة...
يومين ورح تختفي من أساسها...
وقف بالخارج متكتّف عالجدار..ينتظر وعقب عشر دقايق طلع الشاب قدامه.. تحرك بعده إلّا جمال طالع له عند الباب : خير عساه خير؟..وش هالدرعمة يا خالد !! أربكت الجلسة عليّ..
خالد شدّ نفس ..وزفره : آسف...لكن جيت اتكلم معك..
دخلوا وجمال يغلق الباب...بينما عيونه تتابع خالد اللي صابه توتر عصبي : خير؟..وراك كذا..؟
خالد بسخرية : تدري وش سمعت اليوم بالصدفة !
جمال : خير وش سمعت ؟
خالد : الظاهر اني صرت سالفة على كل لسان...بالصدفة صدت ممرضتين قبل شوي يقطعون فيني ..
ابتسم جمال غصب من شكله : ههههه... لا تقول مخاوفي تحققت !
خالد بغضب : لا تضحك ! .. مستعد أنزل ألحين للاثنين اللي تحت وأمسح فيه البلاط بلاطة بلاطة .. القصة من تحت راسهم..
جمال بهدوء : من حقك تمسح فيهم البلاط بلاطة بلاطة...لكن لا تلومهم ..وجودك بذاك المكان وبذاك الوقت..كان غريب.. أنا وهو أنا عارفك زين ما لقيت سبب واضح يوديك لهناك إلا لما شرحت لي إنت... فلا تستغرب لو طلعت قصة إنت بطلها..
خالد : جمال لا تستهبل... لاقيني رايق لهالمواضيع ؟ ...تدري إن سمعتي ألزم ما عليّ.. ومارح أسمح لكان ما يكون يدوس طرفها.. طرفها بس مارح أسمح..
جمال : على هونك.. ان شاء الله ما رح تطول..
خالد : ان صادفت احد يحكي بحرف بقص لسااانه قص..
جمال تنهّد... وبقلق صادق : .. لا تنسى الموضوع ما يخصك لحالك.. اذا انت ما تحملت هالكلمتين اجل وش بيكون حال بنت عمك المسكينة لا درت.. بتحتاج وقفـة صادقة معها.. لازم تطمّنها يا خالد...أكيد وصلها خبر وما تدري شلون حالها ألحين.....منت لحالك بهالقصة !
ناظره خالد بسخرية ومن داخله منغبن : لا ما وصلها خبر...لأنها ما دوامت اليوم !
جمال باهتمام : والله ؟ متأكد ؟
خالد : مريت عليها ما حصّلتها.. كان لازم أتوقع انها مارح تحضر لأن اللي صار موتة أعصاب بكل ما للكلمة من معنى ..

::

في هذيك الهجرة النائية .. عند بيت الطين اللي يضم رجل مسنّ ..
طرقات على باب الخشب..متكررة..ومتباينة بضعف..الوقت بعد الفجر مباشرة ..
طلع العم مصلح من غرفته وهو يستغفر الله بخفوت صوته..للتو رجع من صلاة الفجر من ما يقارب الـ عشر دقايق.. والطرق كان لحوح ومتكرر بشكل غريب..وغير معهود من جيرانه.. كان ضعيف بلحظة وعنيف بلحظة ..
يكلّم اللي خلف الباب وهو يفتح المزلاج : لحظة يابوك..
ما حصل ردّ وهو يجذب الباب بهدوء للزائر.. فتحــه ...وطاحت عينه على المنظر المُهيب اللي قدامه...
جريـــح يقبع قدام باب بيته..!؟
ما قدر يشوف وجهه بالبداية..أو يميّز هويته.!
وفتح عيونه المتجعّدة بـ خوف مصدوم ولسانه ينطق بدون ادراك : لا إله إلا الله ....!!!!
ما ردّ الجسد اللي جالس عالأرض متمدد بتعب وظهره للجدار مافيه حيل للوقوف...وجهه متعرّق ولهاثه كان هو الصوت الوحيد اللي يصدر منه ..
كان منظر غريب ومخيف بكل المقاييس بالنسبة له... منظر ما شافه من قبل ..
تحرّك العم مصلح بخطواته الضعيفة يحاول يمسكه ..يعينه..يلمسه...يتطمن عليه.. أي شي!! .. أي شي يساعد فيه هالجريح اللي قدام بابه : لا إله إلا الله...لا إله إلا الله!!... وش فيك يابوك وش فيك ؟؟
وقبل ينطق يجاوبه....عرفــه العم مصلح..وعرف مين يكون رغم إنه كان مدنّق راسه للأرض بألم !!
هو عابر السبيــل اللي استضافه في بيته قبل فترة ..!
وبخوف جامح غمر صووته الأبحّ بسبب سنّه : عمر! وش صاير يابوك وش صاير..بلاك يا ولدي..لا إله إلا الله بلاك إنت صاحي تكلم ؟؟
حاول يتكلم لكن الألم اللي كان مسيطر على كل عصب بجسمه منعــه.. هو جالس ينــزف.. يفقد ادراكه...هو تباغت على حين غرّة !!
العم مصلح جلس جنبه يحاول يشوف حاله والرعب عليه ياكله أكل : تكلم يابوك تكلم..منهو اللي سوابك كذا..
همس بصعوبة بالغة...بصوت بالكاد ينسمع : دخّلن..دخّلني.. هم...و..راي..
العم مصلح ما فهم مين اللي هم وراه...لكن الواضح ان الوضع ما يسمح لأسئلة ومن شكله ، الخطر حوله..!
قال : فيك حيل تتحرك ؟؟ تبي من يشيلك..؟
مسك عمر يد العم ذات التجاعيد العميقة وهو يكرر بتعب وتأكيد: دخلـ..نـي..
استجاب بخوف ..وحاول العم يشيله واقف لكن طول عمر الفارع وثقلـه ما كان يسمح لجسد هدّه الزمن والسنين إنه يتحمّله..وبخوف جامح مثل خوفه على ولده : لحظة خلني أنادي احد يساعدني ..ماقدر لحالي يابوك..
مسكه عمر بقوة قبل يبتعد ..بهمس : مافي ..وقت..
العم مصلح : وشهو اللي مافيه وقت..إنت مافيك حيل..خلني انادي احد هالجيران يساعدني عليك..
عمر بهمس متوجّع الحرف الواحد يطلع بعد جهد : انا.. بدخل.. بشيل..عمري..
وكإثبات على قدرته..تسنّد على حافة الجدار بأصابع متلوثة بالأحمر.. ترك موضع اصابته وتمسّك بالجدار بيد وحدة واليد الثانية تعاني آلام تقتل .. وهالأحمر خوّف العم مصلح عليه أكثر وأكثر..
قام على حيله وهو منحني بظهره للأمام وخطى خطوة وحدة لداخل ..ما خطى غيرهــا لكن كانت كافية إنه يدخل ضمن حدود البيت اللي لقى نفسه يلجأ له...وطاح عالأرض وهو يمسك موضع اصابته..متمدد على وجهه..
صاح العم مصلح من منظره : لا إله إلا الله..اسم الله عليك يا ولد ..بلاك تكلم..
تحرك عنده بسرعة بعد ما أغلق الباب ..انقلب عمر من بطنه وصار على ظهره وهو ضام ركبة لبطنه وممدد الثانية بحركة ألم وأوجاع يعيشها ونص وجهه ممرّغ بالتراب وهو يشدّ على أنفاسه .. ما يبي يغيب عن الوعي.. ما يبي يفقد نفسه..!
العم مصلح : بلااااااك .. وش هالمصيبة اللي مسوية بك كذا !!..تكلم يا ولد لا تخرعني عليك..انخاك تكلم !!
ما تكلم ..لأنه ما لقى صوته..
والدنيا صارت ظلام بعيونه..

::

في مقرّهـم ..
عادل جالس بالمكان المعتاد اللي تعوّدوا يجلسونه الأيام الأخيرة مع عياف وباقي الشباب.. يسولف مع اللي قدامه ..وينتظرون آخر الأخبار ..
عياف واقف على شبّاك يطل على ما يشبه المسطّح الأخضر المتوسط المساحة.. في ما يشبه الاستراحة .. والصمت مسيطر عليه..في حالة ترقّب وتوجّس.. ما يشاركهم السوالف ولاهو مركّز معهم رغم ان عادل ماسك دفة السوالف وماهو حاس بأدنى ترقّب مثل عياف..
مطلق قاطعه بتوتّر : أقول... صحيح ...لقوا عمر؟
عادل قطع السالفة وهو يرمي عليه نظرة حانقة : يا شين الطاري.. تقطع سالفتي عشان تطريه..؟
مطلق بتوتر : ماني قادر أفكر بشي الحين غيره..
عادل : ايوه مثل ما سمعت قبل ساعتين..لقوه..وجايبينه بالطريق.. انتظر شوي وبتلاقيه يدخل زحف..(ابتسم بمتعة) : مثل ما نتمنى ونتخيل...صبرك..
تنهّد مطلق والتفت لـ عياف وهو ساكت يحتري ردة فعل من زعيمهم اللي يعتمدون عليه..
عادل بانتباه : من وشو متوتر ؟؟..لا تقولي عشانه !!؟
مطلق : يمكن يضرونه...متوتر بسببهم ... (التفت لـ عياف اللي كان بعيد معطيهم ظهره وجااامد مثل الصنم من ساعة ) : عياف ..عمر صاحبك...كيف تسوي فيه كذا ؟
عادل عصب : ماهو صاحبنا ..يسطفل.. لا تقول خايف عليه هالكلب..
مطلق ناظره : صاحبنا 3 سنين ونص يا عادل ماني قادر اتجاهل هالشي..!
عادل بعصبية : هاللي تقول عنه صاحبك...راح وتركك..ومستعد يبيعك ويبيع صحبة الثلاث سنين اللي تقول عليها.. لا أسمعك تطريه قدامي..
مطلق التفت لـ عياف متجاهل كلام عادل الحاقد : عياف !.. كنت اتمنى تصفّي حسابك معه لحالكم..بدون لا تدخّل هالناس بالسالفة.. الموضوع بيننا احنا..
عياف ما تحرّك ولا أبدى تجاوب...بينما عادل مسك زجاجة السجاير يلوّح فيها : بتسكت ولا أطيّرك بهالقزازة..قلنا لك لا تطريه... غيرنا بيعرف يتعامل معه زين..
مطلق ونظراته على عياف : عياف ! تسمع وش أقول ..!
تحرّك عياف أخيرا ًبعد جمود لـ ساعة..واستدار وعيونه تلتقي بعيون مطلق وبجمود صوته : جابه لنفسه يا مطلق !
عادل أيّد بشدة : هذا الكلام !
عياف تابع بهدوء صوته : عمر استفزّهــم وجاب لنفسه هالشي... لا تنسى إني طلبت منه يرجع وهو رفض...وتعرّض لرجالهم...كيف تبيني أمنعهم !؟
مطلق : بس يا عياف... ما كان المفروض ندخّل نفسنا مع هالناس من الأساس... عمر كان له راي بهالموضوع من البداية وإنت تجاهلته .. وما ألومه إذا خاف على نفسه وبغى يتركنا...ألاحظ اننا توهقنا أكثر من أول ..

عادل بتعنيف : ما توهقنا وضعنا ألحين أحسن من أول.. إحمد ربك لو غيرك انرمى بالسجن ومحد درى عنه..
رمى مطلق عليه نظرة بعصبية ورجع يناظر بـ عياف لعله يتراجع عن هالوضع : عياف انا اقول لازم نراجع وضعنا ذا... صرنا عالهامش لا نقدر نطلع ولا ندخل..تحت سلطتهم وأمرهم.. ضايعين ما ندري وش بيصير معنا ..
عياف : هذا اللي في يدنا الحين ما نقدر نسوي شي.. إنت تدري عقب حسن اللي انقبض عليه وضعنا بخطر ونحتاج نختفي عن الأنظار مدة ويمكن هالمكان هو الخيار الأفضل حالياً..
مطلق : لازم نشوف حل لهالوضع...ماني مقتنع بهالحال..واكيد انت مو عاجبك وضعك يا عياف ومو عاجبك تكون تحت إمرة أحد..
عادل تدخّل بسخرية حادة : دام مو عاجبك النعيم اللي انت فيه...عندك حل ثاني يا فيلسوف زمانك ؟!
مطلق كان بيردّ على اسلوب عادل الاستفزازي وطبعه ..لكن قاطعهم صوت من الخارج...
صوت السبع !!
غاااااااضب.. ونبرته مزمجرة وعنيفة ..!

فزّ عادل من مكانه ..والتفت عياف لجهة الباب ومطلق اللي كان معطي الباب ظهره لف بجسمه وهو جالس والبقية توجّه انتباههم لذاك المكان والخبر قريب منهم ..!
مطلق همس للي جنبه : الله يستر ...! ،
اللي جنبه همس له : فشلوا هالمرة بعد ..!؟
مطلق ابتسم لا شعورياً : الظاهر كذا..

تحرّك عياف مبتعد عن النافذة لوسط الجلسة وقريب من مجموعته الملتفّه حول بعضها ونظراته جاااادة كثيير تنتظر الخبر اليقين..
عادل تحرك للباب بيشوف الموضوع ..بس قابلهم السبع داخل وهو ماسك جوال يتكلم فيه ومعه اثنين وصّلوا له المكالمة اللي وصلت على جوال واحد منهم...
ما فهموا وش صاير بس كانوا يسمعون كلمات متفرقة ..
" وش صار للي معه؟ "
" وشلون طلع برا السيطرة؟ "
" وشلون انقلبت ؟ وشلوووون يا كلاب"
وبغضب " ما حذرت أنا ؟.. ما قلت لكم تعاملوا معه مثل الكلب المسعور"
" الله ياخذكم... جيبوه ..جيبوووه حي ميّت أهم شي..لا يفلت هالمرة"
وقفل الجوال وبدال لا يرجّعه لـ صاحبه قذف فيه بكامل قواه وبعنف ناحية الجدار لين تكسّر..واللي معه ساكتين ما علّقوا..
السبع بصرخة تتوعّــــد : والله لأوريه !...جايبه جايبــه !...وين بتروح مني يالمسعور !

عياف فزّ وهو يناظره بدون كلمة تصدر منه..ومعه عادل اللي ضاااقت ملامحه من تطوّر الأحداث..مو فاهمين التطور اللي صار لأنهم قبل ساعتين وصلهم خبر انه انمسك وجايين بالطريق !!
عادل تحرك لـ صاحبه السبع وانتباهه مشدود للآخر..بصووت حاااد ماهو متخيّل شي بس يبدو إن الحرب اشتدّت : وش صار معه ؟
السبع تحرك للمقعد اللي يجلس فيه بالعادة وهو يحاول يحافظ على أعصابه ماهو مستعد لتقبّل الفشل هالمرة ومستعد يزلزل الأرض.. شدّ أنفاس وهو يزمجر : صاحبكم هذا... ما يبي يرسّيها على بر !
عقد عياف حواجبه مو مستوعب وش اللي صار هالمرة بعد.. وش مسوي عمر هالمرة اللي مخلي السبع يوصل لهالمرحلة من احمرار العروق والوجه !!
وش مهبب هالمرة ؟!
أما عادل اقترب منه بهدوء : هدّ أعصابك وعلمنا..وش صار هماك قلت إنه كان تحت السيطرة قبل ساعتين !؟
رفع السبع نظره عن الأرض..لـ عادل بنارية : صاحبكم مجنون رسمي.. مستعد يذبح عمره بأي شكل..تسبب على نفسه وكان على وشك يقضي على حياته بيديه..
عادل ما قدر يتخيّل شي : وش اللي صار ؟ وش سالفة انقلبت وبرا السيطرة؟..مو قلت رجالكم مسكوه زين..وش اللي استجدّ..؟
السبع : هذا اللي صار.. مسكوه وطقوه لين خضع وركب معهم بدمه ...لكن خضوعه كان مؤقت حسب كلامهم.. وبنص الطريق هاج عليهم .. تسبب عليهم بحادث وانقلاب مريع وكلهم بما فيهم هـو.. طلعوا مصابين...لكنه هرب !
جلس عادل جنبه وهو يحاول يستوعب : وشلون صار هالشي ؟؟
السبع : مسعور وهايج..كانوا مسرعين بالطريق والظاهر استغل الفرصة هاج عليهم..وفقدوا السيطرة.. ومنصور يقول انه تسبب بالحادث متعمّد..يعني كان ناويها من يوم ركب معهم..
عادل : والحين وينه؟
السبع: يدورونه بالأماكن القريبة ..يقولون مصاب مارح يبتعد كثير..وهو شي يحسب لهم..
عياف جلس وهمس يقاطعهم : وش نوع الاصابة ؟
السبع : ما ندري للحين لكنه متعوّر.. وفوقها طقّوه قبل ياخذونه يعني متعور بالحالتين..!
عادل : ورجالك شخبارهم ؟؟
السبع : أحياء عقب الانقلاب وهذا المهم...الكل متعوّر بما فيهم هو والمتوقع انه متعور اكثر منهم لأنهم ما قصروا فيه..!
عادل تهادى للخلف : بما انه مصاب.. مارح يفلت..بالأخير..كل شخص له حد للاحتمال وهالمسعور ماهوب استثناء !
السبع عض لسانه : بننتظر منصور اللي كان متواصل معهم ..يجي ونفهم اللي صار زين..

::

مرت الساعات ..شادن اللي طلعت من البيت على أساس بتروح الجامعة بنظر أهلها.. طلعت وهي تقصد المستشفى بعينه ..ما قدرت تجلس ساكتة تنتظر خبر أو جواب لا بخصوص عمر ولا بخصوص راهي اللي وصلها خبر ان حالته مترديـه للغاية..!
الخيارات قدامها كانت قليلة وما في مجال للتفكير.. راحت هناك وهي تدعي ان المصيبة ذي تعدّي على خير.. وان راهي يقوم منها بأي شكل من الأشكال.. .. حتى لو كانت تخشاه...وحتى لو كانت تكرهه إلا ان هالحال محد يبيه.. هي تبيه يبعد عن حياتها وعن عمر لكن مو بهالشكل اللي يعفس دنياها أكثر مما هي معفوسة..!
وصلت للمستشفى وهي عارفه أن أهل راهي هناك..أمه وأبوه..وبسمه لازالوا من ساعات الليل هناك..!
وصعبة عليها تروح لهم وتواجههم بنفسها....بأي صفة تجي عشان تتطمن على ولدهم؟... هالشي ممكن يجيب الاشاعات السقيمة اللي هي في غنى عنها..!
دخلت اللوبي وببالها بسمة.. هي الوحيدة قدامها..حتى لو هي استغربت وملتها الشكوك ..تظل خيار أسهل وأهون.. وبكل الحالات ما تظن ان بسمة في مزاج الحين انها تفكر بمثل هالتفكير..
راحت بوحدة من الجهات البعيدة عن مدخل المستشفى وهي تتصل ببسمة وتدعي ما يجيها خبر شين جديد ..
جاها صوتها مثل الأول ..بس زاد بحة لكنها أهدى وكأنها مستسلمة : هلا...شادن..
شادن : هلا بسمة ...وش الأخبار بشري ..؟
بسمة : بالعناية المركزة... حالته متر.ديه كثير..كثييير..
شادن : ان شاء الله يكون بخير.. وينك انتي ...أنا بالمستشفى ..
بسمة : جيتي؟
شادن : ايه طلعت من الجامعة والمستشفى على طريقي قلت اجي اشوفك...
بسمة : جيتي..بوقتك... محتاجه اتكلم مع أحد..
ابتسمت بوجع : تعالي باللوبي..اخوك بيطلع منها..
بكت بحررة : ماظنيت..ماظنييييت....

ما كانت غير دقايق وبسمة تطلع لها تمشي وحالها يحكي عن معاناتها وفجعتها بخبر أخوها اللي جاهم بعزّ الليل..
جلست جنبها وهي تحاول تستفسر عن حالته : كيف وضعه ؟
بسمة بشهاق : فاقد..دم كثير... وعنده فشل..كلوي... طلّعوا منه.. 4 رصاصات.. وحدة منهم بالكلية...وفوق هذا ..جسمه تعرض لضرب ..والشرطة حضرت ..تق...تقووول..انها جريمة..قتل....أحد متعرض له... اخوووي انقتل ..!!
شادن وقلبها يعصررها عصصصر : ما انقتل ..ان شاء الله يطلع منها...
بسمة : اخوي ما عنده اعداء .. مين بيسوي فيييه كذا ..
سكتت ما علّقت ..كيف تقولها ..اخوك حتى لو ما عنده أعداء بحياته..إلا إنه بكل غباء..اختار له العدو الخطأ..
ياما حاولت تحذره من تصرفاته ..تحذره من عمر لكنه ما أخذ كلامها على محمل الجد..
أخذ كلامها مجرد تهديد بالهوا...وكانت هذي النتيجة ..
النتيجة اللي تخافها ..ووش بيدها الحين..!

قامت تجيب لـ بسمة موية من أي مكان... وقبل ترجع.. انزوت بعيد وهي تحاول تتصل على جوال عمر للمرة العاشرة.. ونفس الحال..مغلــق !
ماهي عارفه تفكّر...بيشيب راسها من هالأفكار ..
ليييش يقفل جواله؟...
لا تتركني أحترق يا عمر.. لا تتركني أحترق..!

::
انتهت سحر من زيارتها للجامعة اللي قررت تروح لها لحالها وتلقي عليها نظرة بنفسها.. وبعدين بتقرر تروح مع يزيد عشان يعرّفها عليها اذا كملت أوراقها وتأكّد الموضوع...
تمشي طالعة بمحاذاة الجامعة وهي تشوف الطلاب والحياة العارمة حول الحرم الجامعي..مبتسمة على الجو وهي تحس نفسها قريب بتنتمي له وبتلقى افضل ملهاة تشغلها..وبتخوض تجربة جديدة بتلقى فيها نفسها من جديد.. رغم انها اتفقت مع يزيد يجي معها مرة ويعرفها على كل شبر إلا انها ما قدرت تحبس رغبة زيارة الجامعة لما صحت فجأة الصباح وهي حاسه بنشاط غريب..قررت تكلل هالنشاط بخطوة تدفعها للأمام وتأكد صحة قرارها وهو ارتياد هالجامعة.. هالدراسة بتاخذ منها أقل شي 4 سنين..بتركّز فيها على نفسها ومارح تسمح لأي شي يعكر صفوها ..،

قطعت الشارع وهي تهرول يوم لمحت وقوف الباص بموقفه المعتاد وعلى وشك يتحرك.. لو فاتها بتضطر تنتظر نص ساعة على ما يجي الباص التالي والجامعة بعيدة شوي عن الفيلا...صرخت بخرشة وبنعومة صوتها تنادي راعي الباص وهي تشد حقبتها المتدليه من كتفها : وييييييييييييييت ! جدِيمِـينيااااااا...

لحقته على آخر لحظة وهي تضحك بعفوية للسائق المسنّ اللي سمع صوت البنت المجهولة..ووقّف ثواني..كانت عفوية وضحكتها ناتجة عن سعادة تحسها بهاللحظة ولا تدري ليش..ما كانت تتوقع ان زيارتها للجامعة بتضفي عليها هالشعور.. وبتعجبها هالكثر..صعدت وهي تشكره : سباسيبا ..
ابتسم بـ ودّ وهو يهز راسه بمعنى على الرحب والسعة ..
لفت تمشي بممر الباص الطويل وهي تبحث عن مكان تجلس فيه ..كان مزحوم تقريباً والتقطت عينها مقعد بالأخير عند الزاوية ...فارغ...ابتسمت وهي تعجّل لهناك كونه مكانها المفضل والمقعد مرتفع شوي يسمح لها تتأمل الطريق...ابتسمت للمرأة المسنة بالزاوية الأخرى وجلست وهي تشيل حقيبتها من كتفها وتحطها بحضنها.. ، النفسية اليوم حلوة وكمّلتها هالزيارة..الجامعة جميلة للغاية.. وطلابها اللي شافتهم يشجعون.. كل شي شافته فيها كان يقولها بصمت ؛ تعالي عندي !
ابتسمت بينها وبين نفسها وهي تتذكر كلام يزيد وتفاخره بجامعته كانت تحس انه يبالغ او يغترّ لمجرد الغرور..بس اللي شافته يشجع والأجواء حلوة داخلها.. ما تستبعد ان تشوف بعض زملاء الدراسة وتتعرف على صحبة جدد.. يزيد مرة قال ان فيه قروب من المدرسة الثانوية يدرسون معه..وهو شي ايجابي بالنسبة لها ..،
همست بينها وبين نفسها "الحمدلله"
بتروح ألحين للفيلا وبتسولف لـ صوفيا عن اللي شافته بهالزيارة السريعة.. هي سعيدة الحين..وما يدلّها الهم..، تحس حالها ببداية خطوة جديدة ، وما تبي تتذكر شي يعكر هالسعادة غير التفكير ببكرة..لكنها....
ما كانت تدري ...باللي ينتظرها بالفيلا..!
شي ما كان بحسبانها..ولا خطر على بالها ..،!

طلّعت من جيب شنطتها كتاب صغير اقتنته من مكتبة صغيرة وهي بطريقها للجامعة.. تتسلى فيه وقت الفراغ.. ولأن قدامها نص ساعة عالأقل .. فتحت أول صفحة وهي تحط سماعات الأيفون بإذنها عشان بس تفصل نفسها عن الأصوات..

كان واقف عند محطة الباص الأقرب لـ معهده بعد ما انتهى من هاليوم الطويل بورشة عمل استنزفته ذهنياً عقب ما أبدع كالعادة.. وهو شي مو جديد بالنسبة له..كل اللي ياخذه حاليا بهالمعهد سبق ودرسه بتفاصيل دقيقة وابحاث شاملة خلال دراسته بـ كندا ... يحب يبتكر بالراي..واليوم زاد العيار شوي لدرجة ان المشرف عليه ماهو مصدق انه مبتديء بهالمجال..! وصاب ظنه لكن تركي حسب أوراقه المرسلة من شركة ابو خالد..موضحتلهم العكس...وراي المعهد فيه لاازم يوصل قريباً لأبو خالد بأي شكل !... مجرد إشادة هالمعهد المعروف واللي له باعه بتدريب وتثقيف المتدربين هذي خطوة مهمة جدا للأمام ..رح تضيف لرصيده ألف نقطة ايجابية بدل نقطة وحدة.. ورح يقترب من هدفه .. رح يرجع للرياض..
ورح يبدا الطقطقة من داخل الشركة..وخارجها...رح يدمرها بطريقة ما تخطر على باله وبمدة زمنية قصيرة مارح تاخذ أكثر من 3 شهور ..!
رح تلقى نفسك يابو خالد..قدام عدو ما تعرف هويته.. رح تلقى نفسك قدام شبح بتموت وتذبح نفسك عشان تعرف مين يكون..،
رح أذكرك بـ صاحبك اللي حاولت تنساه.. تنساه لكن ما اعتقد قدرت والديل جلستنا الأخيرة.. أدري زين يابو خالد ..إن طاري الصداقة ضرب وتر حساس داخلك مهما أنكرت..عارف بحساسية الموضوع عندك ! ، بخليك تعيش كوابيس بس عطني أول المفاتيح ..آوه !..آسف..
قصدي ثاني المفاتيح.....عقب بنـــتك ! ..اللي بتكتشف يوم غلطتك فيها..،

وصل الباص بعد انتظار.. نزل فوج وصعد بعدهم وهو يسلّم على السواق اللي تكرر لقاءه فيه..ابتسم وهو يدخل داخل يبحث عن مكان يجلس فيه يوم طاحت عينه بمفاجأة على البنت القابعة بالمقعد الأخييير..ما يشوف غير راسها المدنّق لشي ما يدري وش هو...كانت المرة الأولى يصادفها بباص ! .. حرّك فكه يمين وشمال بوعيد لأن مرّ عليه أكثر من يوم كامل ما شافها ولا تصادم وياها...آخر مرة بينهم ..يوم ...تعضّــه !
حركة..ما ردّها لها للحين ..،
ورغم إن فيه أكثر من مكان خالي ..إلا إنه توجه لذاك المكان بالذات بخطوات هادية وعيونه ما رفعها عنها..

كانت متعايشه مع أحد السطور بضمير وبعالم آخر تماماً..يوم حست بالجسد الرجولي اللي استقر جنبها بكامل ثقله...رفعت راسها على بالها شخص روسي وهي مستغربة قُربه الكبير ذا ..! ،
طلعت عينها من محلها بدهشة من ظهوره المفاجيء.. وبسرعة رمت نظرات لقدام بأنحاء الباص وهي تعدّ الأماكن الفاضية ..أكثر من مكان إذا هم خمس فهو شوي ..!!
رجعت له بنظرات محتقنة بس ماسكه اعصابها... وشالت سماعاتها الثنتين بالتوالي عشان تقدر تتكلم معه..وببرود : عفواً ؟
تركي وعيونه بعيونها القريبة : على ؟
سحر : عندك ألف مكان قدام !
تركي بـ عناد : عاد هذا مكاني المفضل.. ما اقدر اختار غيره..
سحر بهدوء : مكانك حجزته قبلك.. ممكن تروح لـ غيره؟
تركي وبعيونه لمعة تلاعب قرأتها زين وفهمتها : نوب !
شدّت نفس عميييق ..وهمست لنفسها مع هالشخص اللي ماعرفت للحين بأي أسلوب تتعامل معه إذا لمعت عيونه بذيك اللمعة.. "اللهم طولك يا روح" ..
مال تركي براسه يطلّ بوجهها لأنها كانت معطيته جنبها : هالكلمة علي !؟
التفتت ببرود متقمصته بجدارة للحين : ومين غيرك مستقعدْ لي ؟
نزلت عينه للكتاب الصغير بيدها..وبميانة وتسلّط زايد..جذب الكتاب من اصابعها بدون شورها : هذا الكتاب عن...؟
ضاااقت منه وهي تميل بقوة بتاخذه: هاااااته.. مو شغلك..
مال للجهة الثانية يبتعد عنها وهو يلقي نظرة للعنوان الغريب.. ثم فتح أول صفحة ..
سحر بغيض وصوتها واااطي ما تبي تعصب بهالمكان : هااااته أقولك !
ما رد عليها..وهو يردّ لها الكتاب جذبته بقوة وعيونها تشتعل من حركته ..
تركي : من وين جايه؟
سحر لفت وجهها لقدام : مو شغلك ..
تركي بهدوء ظاهره رواق لكن باطنه وعيد متخفي..مع نبرته المتوازنه : الظاهر لازم اعلمك وش اللي بيكون من أشغالي عما قريب..
ناظرته بشرارات تلسع يوم فهمت جملته المبطنة.. : مو ..ش غ ل ك .....تبيني أعيدها بعد؟
هالعناد زايد حبتين وهالنظرة المتحدية زايده جرعاتها.. كانت تتحدى بس الجرعة زايدة عن العادة ..وهالنظرة بقد ماهي تستفزه إلا إنها بشكل ما تستميله ومو قادر يتجاهلها ..،
رجعت لكتابها ..بينما كرر سؤاله : من وين راجعه ؟
لفّت للنافذة تبحث عن مناظر تشوفها .. بدون لا تردّ.. تبيه بس ياخذ مكان بعيد عنها ،
تركي بهدوء ملاحظ حركتها..وعشان يجبرها تناظره.. مسك فكّها السفلي بأصابعه القوية وهو يضغط عليه ويفرّه لناحيته ..
سحر ناظرته بألم وقهر : اتررركني..
حاولت تتراجع لكن النافذة وراها حاصرتها وهي تحاول تحرر فكها من قبضته ..
تركي ما تركها ونظراته القريبة بوسط عيونها المحتقنة ضده : هو سؤال واحد وله جواب..فلا تاخذينه عناد ..
سحر مسكت اصابعه الحديدية تحاول تفكه وهي تحس فكها يعوررها من مسكته...هالخشششن ما يحس إنها تتألللم : فكككني ..
وبصعوبة فكت يده عقب ما حررها هو .. وبنبرة منخفضة محافظة عليها لا ترتفع : جيت من الجامعة...يهمك الموضوع يعني ؟..عرفت ؟..ارتحت؟..الحين انا اللي بترك لك الكرسي اللي تحبه وبغيّر مكاني... ابعد !
وقامت واقفه وهي تحضن شنطتها معها بتعبره... لكن بحركة ثانية رفع قدمه يعترض طريقها وهو يسندها على المقعد اللي قدامه .. رمت عليه نظرة صقيعية من برودتها تلسع..
تركي جاوب على نظراتها الآمرة ..بأمر : اجلسي !
سحر : ما أبي...عفت المكان كله.. بروح أجلس بالزاوية الثانية..انبسط بمكانك..
مسك يدها وهو يبتسم وجرّها لين طاحت بالمكان : قلت اجلسي..لا أردّ لك العضة بأقوى منها ..!
ناظرته بخوف وتوجّس وهي تشوف بعيونه صدق هالتهديد......العضة ؟!!!
اييييه ...عضتها له اللي نستها ..
ابتسمت بنشوة من تذكرّت بدون تعليق....وتركي اللي علّق : تحسبيني نسيت ؟!
سحر بفخر : يسعدني إنها بخاطرك للحين...هذا معناه إنك بتتذكر هالعضة كل ما نويت تسوي شي يعكرني..
بحركة مباغتة وهو يسمع..بدأ يقترب براسه ناحيتها ببطء وهي لفّت عليه بسرعة وحذر : ماهي من صالحك لو بقت بخاطري يا أمورة ..!
ضاقت عليه من هالكلمة اللي تمسّ شعورها بعفويتها : لا تقول أمورة ..!
تركي بابتسامة جانبية وهو يلاحظ تبدّل ملامحها : إنتي أمورة من شفتك أول مرة ... أمورة وليد من سوء حظي..
ما تدري شلون تفهم كلمة "سوء حظي".. لكنها كلماته اللي يختارها ونبرته دايما غير...ودايم تحمل المعنيين مع هالشخص ما تقدر تجزم ..!
وقامت ترمش ما تدري تعصب ولا تضرب ولا تتجاهل : ماني أمورة أحد.. تفهم !
تركي يغيضها بذات الموضوع اللي مأزمها : حالياً إنتي أمورة وليد...حتى لو مو معجبك هالشي.. وضعنا الحالي يفرض علينا حتى لو ما يرضيك ولا يرضيني..
سحر بغيض مكبوت : ماني أمورتك ! .. ولا تعيّش نفسك بخدعة اثنينا يدري إنها ما تنطبق علينا..
تركي : كيف ما تنطبق علينا؟
سحر عارفه انه فاهم بس يتجيهل ولّا كيف ينسى انه قالها بلسانه : ما يحتاج اذكرك بكلامك.. آسفة إني انفرضت عليك بهالشكل..
ابتسم ابتسامته الحلوة رغم غرابتها : انا قبلت بكامل قواي العقلية..
سحر : برضو ما يلغي فكرة انها ما جت منك وان قبولك زي ما قلت عشان ابوي وعشاني.. وانها ..مؤقتة ..!

رجعت لـ طاري مؤقتة !!
مُصــره على هالكلمة كثير..
فـ أردف بخفوت : برضو ما يلغي إن هالحال يخليك أمورة وليد ولو بشكل مؤقت !
هالكلمة توترها وتفتح الباب لخيالات جديدة ما تبيها تحيا ..
وباقتضاب : ماني ..أمورتك !

سكت لثواني وهو يتبادل النظرة مع عيونها العسلية ويقرأ هالعناد المتجدد.. عناد يعلن عن نفسـه ،!
قطع اللحظة ...بنبرة يفوح منها غرور مبطن : ترفضين هالفرصة العظيمة ؟!
ناظرته بدهشة من هالثقة المتناهية بصوته.. وضحكت باستنكار : فرصة عظيمة؟!..ههههههههههههههه...
وبدون شعور رفعت كفها ولمست جبينه القريب تشوف حرارته بكل عفوية الموقف...بحركة الغرض منها سخرية.. بلمسة استشعرها بكل عصب وكل احساس غزاه بلحظة عفوية..حسّ بأصابعها الباردة وعيونه تنتقل بين عيونها اللي تنقّط استخفاف : تعال أشوف حرارتك بابا أكيد مريض !
وسحبت يدها لكنه قبض عليها باصابعه بالهوا قبل تبعد.. بنبرة مباغتة : العضة بعضة !.. وكلهم باليد !
ناظرته بصدمة وهي تحاول تسحب يدها : اتركني وليدووو..
بحاجب مرفوع ، بنظرة مربكة : وليدوو ؟ .. هذي تستاهل عضتين !
ضااقت عليه وهي تجرّ يدها مو قادره ...وهمست بعصبية ما تبي تصرخ والباص مليان : اتررركني يا غبي ..!
تركي : برضو غبي تستاهل عضة ثالثة..
وصلت معهااااا ..وبتهديد حاد : فكني !.. لا تخليني أصرخ بالمكان ترا اقدر بهالموقف أوديك ورا الشمس وأتبلا عليك..ومحد بيوقف معاك.. فكني اترك يدي..!
ابتسم من تهديدها وخوفها من عضته .. تأمل وجهها وهي تناظر الناس بتوتر وللحظة جا بخاطره يبدّل عضة اليد بـ عضة الخد !.. وسحر ما فهمت اللي ناوي عليه إلا يوم استشعرت نظراته المطوّلة على وجهها وكأنه ناوي نية ما عرفت تتخيّلها !
كررت قبل لا يسوي شي هي خايفه على يدها ألحين : بتتركني ولا أمزّع الدنيا بالصراخ !؟
غلبته للمرة الثانية والمكان مو بصالحه ...تخلّى عن تهديده و ترك يدها ، وبسرعة دسّتها بجيبها ..سبّت نفسها هي حمااارة ليش تلمسه وتعطيه الفرصة..مو هي توعدته ما تخليه يلمسها بأي شكل ..مارح تخليه ينسى نفسه ويصدق الوضع اللي هم فيه ..!
تركي : بتركك الحين لكن لا تتوقعين بنسى العضة ..!
سحر : إحترم كلامي ورغباتي وقتها مارح أعضّك..
ضحك بعفوية لأن الموقف تحوّل فجأة لطابع طفولي .. التفتت عليه من صوت ضحكاته اللي ملأ الباص.. ضحكاته النادرة..اللي تقدر تعد مراتها .. نادرة ما يسترسل بهالشكل... مبسوط على نرفزتها..مبسوط إنها يعيشها هالانهاك والشد والجذب حتى لو كان يستمتع...
تأملت ملامحه الجديدة وصدت بسرعة وهي للحين مو فاهمه هالتغيّر اللي طرأ عليه...للحين ماهي قادره تسترجع وليد اللي اختفى من جسده قبل ما تطرده من الفيلا..ما تدري هالشعور حقيقي ولا من تخيّلاتها لكنها فعلاً فاقده فيه وليد اللي تعرفه..!

وصلها اتصال على جوالها اخترق الصمت اللي عمّ بينهم ..
رفعته وبصوت مسموع : هذي صوفيا ..!
التفت عليها : الشقرا ؟
رمت عليه نظرة جانبية : ايه حبيبتك..
تركي باستمتاااع : هههههههه بدري تكون حبيبتي ليش مستعجله... بس محتمل تكون ليه لا..
سحر ببرود : حلو... الله يتمم على خير..
ناظرها بسخرية وكلمتها حفّزته : حلو ؟.. يعني تنصحيني أفكر بجدية ..؟
سحر والجوال يرن بيدها : شي راجع لك..بس اذا تبي وحدة تصير أمورتك عندك الشقرا اللي ما اظن يخفى عليك اعجابها فيك..
ابتسم بنعومة : ما يخفى ..
وكمل عقب لحظة : لكن أمورة وليد حسب الظروف الحالية هي الآنسة .. ومضطر أتحمل هالشي..
سفهته متجاهله كلمته "أمورة وليد"..وهي ترد عالجوال : هاي صوفيا ..

صوفيا بعجلة : أين أنتِ ؟
سحر : أنا عائدة الآن..
صوفيا بتوتر : لم أكن سأتصل عليك ولكن ..هناك شخص بانتظارك منذ ساعة كاملة ..
سحر باستغراب :شخص؟.. اهو يزيد؟
صوفيا : لا !.. يبدو أنه شخص من العائلة ..
سحر احتاارت وما طرى على بالها شي : ماذا تقولين؟..
صوفيا عطتها بالوجه : لا أعلم إن كان صادقاً...ولكن يقول بأنه ابنُ عمك ...!

اضطرب كل شي فيها لهالكلمة ..وبهمس مو مستوعب الكلمة : ماذا؟
صوفيا : يقول هكذا...لم اكن سأتصل ولكنكِ تأخرتِ وهو يجلس وحيداً .. فقررت الاتصال ..
ما تخيّلت شي !.. كلمة ابن عمها أصلاً ما هضمها مخها أكيد صوفيا غلطانة أو فهمت غلط..
قالت تتأكد : أهو رجل ؟
صوفيا : أجل.. إنه شاب جذاب أسمر اللون مثلكم تماماً ..يبدو في آخر العشرين من عمره.. لم أره من قبل..
شاب اسمر؟...في آخر العشرين ؟ ..
زاد الاضطراب ماهي فاهمه..رجال في بيتها وسأل عنها؟.. من وين جا ؟
سحر : قد يكون اخطأ بالعنوان.. أخبريه بهذا ..
صوفيا : لا يبدو كذلك !
سحر بحيرة كبيرة : اسأليه مرة أخرى..
صوفيا : سألته وأكد لي ، يقول أنه ابنُ عمك...هيا تعالي فهو بالانتظار..

وش قاعدة تقول ذي!!.. من وين بيجي ابن عمها...الفكرة كلها تافهه من أساسها مستحيل يكون واقع..!
سحر بحيرة بعثرتها : و...ماهو..اسمه؟
صوفيا بأسف : لم أسأله... أنا متوترة لوجوده وسأل عنكِ بالاسم..إنه حتى لم يسأل عن والدك أو وليد..لقد سأل عنك بالذات !
حسّت الدم بدا يجري بجسمها..
مين اللي بيسأل عنها بالاسم...يعني يعرفها !...سحبت نفس تهدّي من توتر غريب بدا يسيطر عليها من الفكرة الغريبة ذي..
وأردفت بخفوت وهي مو حاسه ان تركي بدا ينتبه للتغير اللي طرأ عليها : ربما يكون شخصاً أرسله والدي لشيء ما ..
تنهّدت صوفيا وهي مو فاهمه ليش سحر تحاول تنكر بأي سبب : لا أدري حقاً..لا تتاخري..
وأغلقت وسحر تناظر قدامها بمشاعر ملخبطة ما تدري ليش..ماهي فاهمه اللي قالته صوفيا ومين يكون الشخص اللي ينتظرها ..هذا لو فيه شخص فعلاً..تمنت يكون مقلب من صوفيا ولا شي لأن فكرها تشوش الحين ...!
ابن عمها ؟
هي ما تعرف الا اثنين... واستحالة أي واحد فيهم يتواجد هنا..استحاااالة بكل المقاييس..
أنكرت الفكرة قبل تتمكن منها وهي تحاول تضبط اعصابها لأنهم صاروا قريبين من محطتهم ، وبالتالي قريبين من الفيلا..، .. تركي عقد حواجبه بانتباه واهتمام وهو يشوف هدوءها تلاشى ..وترمش كثير وشرود ماخذها..
تركي : وش تبي الشقرا ؟
بللت شفتها وهي تقول : مو شي مهم.. تقول فيه احد بالفيلا يبيني..
تركي باهتمام جاد ..جا على باله يزيد : مين؟...البزر ؟
تجاهلت كلمته ماهي في وضع يسمح تعنّفه ، همها تتخلص من الفكرة اللي ببالها واللي زرعتها صوفيا... غبية إذا صدقت..!
وبهدوء : لا... الظاهر واحد أرسله ابوي..
تركي : طيب؟
سحر بنبرة متوترة ما اخفتها عنه : ماعرف مين يكون.. وليد.. ماعرف مين يبيني ألحين..
لاحظ بوضوح حالتها ..وبهدوء : توصلين وبتعرفين ليش متوترة هالكثر.. ممكن عمي أرسله يعطيك شي..
بلعت ريقها وصدقت كلامه وما قالت له اللي قالته صوفيا..صعب تحكي في شي ما دخل مخك للحين وأكيد صوفيا فهمت غلط..
وصلوا لمحطتهم ونزلوا يمشون سحر تسبقه بخطوة تبي توصل للفيلا وما توصل..

دخلوا بحدودها وبنص الطريق... قال بعفوية من وراها : اشوفك..
ناظرته بروعـة وهي توقف غصب : على وين؟
تركي فاجأته هالنظرة الخايفة : بروح لكوخي ارتاح.. وين بروح يعني مابي أزعجك أكثر اليوم..
تلخبطت أنفاسها : بت.روح؟

تركي ماعرف يفسّر ذيك النظــرة : ما تبيني أروح؟

مجنونة وش اللي صاير لها الحين ! ، وش بيقول عنها وليد ، توترت لمجرد إنها فكرة عابرة خيالية ..؟!
صلبت حالها وبتمثيل متقن : لا...بس أقول يعني ماتبي تاكل؟
ابتسم وهو يشم كذب وتمثيل : لا مو جوعان.. ببدّل ملابسي وممكن ألحقك لو تبين مشاركة عالأكل..
رمشت بسرعة وهي تنهر حالها : بكيييفك..

وتحركت من قدامه بسرعة ناحية الفيلا الشامخة... لاحقها بنظراته وهي تصعد بخطوات سريعة وللحظة نــدم إنه ما لحقها...
بذيك النظرة تصريح ..إنها ما تبيه ينفصل عنها..!
بس ماهو قادر يفسره... ما قدر يفسر سبب النظرة على غير العادة.. فيها شي مو فاهمه !

فتحت سحر الباب ودخلت بهدوء بعد ما أيقنت تماماً إن اللي ينتظرها شخص أرسله أبوها.. ألغت تخريفات صوفيا كلياً من مخها... وكانت صوفيا بوجهها جت لها بسرعة : أخيراً وصلتِ..
سحر بهدوء : سأقتلكِ يوما ما..
صوفيا باستنكار: وماذا فعلت !؟
سحر : كيف لابن عمي أن يأتيَ إلى هنا ؟.. إنه شخص أرسله والدي يا حمقاء..
صوفيا باستنكار هامس : هو من قال هذا... وعلى كلٍ أنا لم أصدق حتى الآن أنه من العائلة ..
تحركت سحر للصالة بهدوء عشان تقطع الشكوك مرة وحدة وتكفخ صوفيا عقبها... دخلت واللي طاحت عينها عليه شاب واقف قدام النافذة معطيها ظهره ولابس السواد.... خفق قلبها بجنون مفاجيء وبدون رحمة وهي تحاول تسترجع هذي الهيئة وهذي الوقفة ..
أكيد شخص يشبهه..
مارح تصدق !
مااارح تصدق..
هذا أنحــف !!
عادي تصدق إنه بندر.....لكن مو هو ....مو هو بالذات!
تسمّرت مكانها وهي تتأمل الراس والشعر الأسود والكتوف العريضة ..والطول الشامخ..
مرت ثواني بسيطة بس على بال ما استدار بهدوء لشعوره بوصول شخص.. ثواني بسيطة لكنها صعبة وهي تصارع بمرحلة تصديق وانكار !...
تصديق وانكار وتصادم عنيف ما بينهم أرهق ذهنها ..،

استدار بهدوءه المعروف وثقته الطبيعية اللي ما تنساها.. وتشربكت النظرات بدون وعي...
هي جالسه تناظر بعيونه ألحين ؟!
قولوا لها تتخيل !!..قولوا لها مو هو...
كيف توصف هذي اللحظة..؟
كيف تعطيها مسمى وهي تشوف أكبر شخص خذلها واقف قدامها بكل هالحضور...ما تغيّر فيه شي ! ..ما تغيّر سوى إنه نحف وفقد وزن ما أخفت شي من تألقه إلا القليل..!
مفاجأة من العيار الثقيل ما تقدر تعطيها أقل من هالمسمى ، وعساها تتجاوز هاللحظة الثقيلة المخيفــة بـ سلام..!

محمد ما كان أقل حال رغم إنه استعد مليون مرة لهاللحظة اللي مارح تتكرر كثير...صمت عميق من عنده وهو يشوفها بشحمها ولحمها قدامه بعد غياب لشهرين يعترف انها طويلة للغاااية..
يتأمل فيها ..يحاول يلاقي شي متغيّر فيها... كانت ذابلة بعض الشي وهو شي توقعه..
يا الله يا سحر...هذي انتي.. !
كيف أكفّر عن غلطتي معك..!
كيف أفهمك انك كنتي ولا زلتِ.. شي ما تغيّر قدره حتى لو أوهمتك بالعكس..

لازالت تنتظر هاللحظة المخيفة تنتهي.. لازالت تقاوم صدمة الموقف..لكن اللحظة طالت والزمن جالس يرجع فيها لورا وهي تستحضر وتحس كل شي صار معها..... جسمها يتوجّع ومحمد صار مرتبط بماضي جالسه تطويه وتنساه ..لكن جاء اليوم رافض يطوي الصفحة..
ما لقت صوتها... سبقها والواضح إنه متماسك بثبات قدامها..
بصوته الأجش الهادي : شلونك سحر ؟

سحر؟
اسمها بصوته وعاها...رمشت وهي تناظر فيه تحاول تلاقي شي ينكر وجوده..
كييييف يجي...كيف يكون موجود؟!
وليييش هو هنا...ليش ماهي قادره تستوعب وتفهم ..!
كرر وهو يتقدم خطوتين يختصر المسافة الطويلة بينهم : ان شاء الله طيبة..

لاشعوريا تمسكت بحافة الكرسي جنبها بقبضتها عشان تصلب واقفه.. ماهي مصدقته..
ابتسم بنعومة يوم شافها ساكته ما تبي تردّ : أتمنى ..!

ابتسامته صفقتها من جديد بقسووة... فهمت كلمته اللي تعني ..
"أتمنى تكونين طيبة..وبخير"
لا هي بعدك مو بخير.. وماهي طيبة ومرّت بالكثير..
بس مارح تسمح لك تشوفها بهالحال..
هي قدامك لازم تكون بخير... ويا ما فكرت اذا دارت الأيام وتصادفت معك بمكان..شلون رح تتعامل معك..شلون رح تخليك تحس إنك مجرد صفحة وانطوت ومارح تكون جرحها اللي ينزف للأبد...
إنت اخترت...إنت خذلتها والخذلان من أحب الناس...طعمه مرّ...مرّ للغاية ..
بسببك فقدت ثقتها بنفسها..بسببك صارت مهزلة بيدين خطيبتك اللي اخترتها بأسوء أوقاتها النفسية..!
ما رحمت هالقلب يا محمد.... واليوم تجي تسأل وش أخباري ؟!

يطالعها بهدوء ينتظر ردة فعل...قدامـه جامدة ما تصدر صوت واحد..ما تكلمت لحد الحين..وهالشي كان مستبعده..
متخيل أعنف ردود الفعل اذا شافته لكنها لحد الحين مخالفه توقعاته او يمكن ما استوعبت شوفته..
يكلمها لعلها تطلع من هالصمت : سحر في خاطرك شي قوليه...مستعد أسمع !
بلعت ريقها تستعيد صوتها : ليش...ها..لزيارة ؟
ابتسم لصوتها اللي طلع ثابت يخفي رعشة بالكاااد تنحسّ : عشان...اشوفك..
الخفقان داخلها مؤؤؤؤلم ..وهي تجاريه : والمناسبة؟
محمد بهدوء : انتي ايش تتوقعين؟
سحر : ما عندي خبر...بس أكيد ماهو بموضوع يخصني..
محمد بكلمة واضحة خنقتها : للأسف...لكنه موضوع ..يخصك...قبل يخصني..
ما فهمت كلمته وهي تحاول توازن أنفاسها اللي ما استقرت...أكسجينها ملخبط ! ..كرهت حالها اللي جالسه تنفعل وتكبت هالانفعال اللي مارح يرجع عليها بزين.. والنتيجة هدووء ظاهري انخدع فيه محمد..!
قالت بنبرة باردة ما تحمل ذرة اهتمام : وكيف يخصك ويخصني..!

كان بيرد لولا دخول صوفيا اللي قاطعتهم بهدوء... كانت تبي تتطقس الوضع وهي حاسه بالتوتر في الجو عالأقل من ناحية سحر : يا آنسة.. بما إن ابن عمك هنا..هل أضعُ الغداء..؟
لفت لها سحر بابتسامة هادية ما عرفت شلون رسمتها تحت ناظر محمد : لا بأس..لا أظنه سيبقى كثيراً هنا .. وأنا لست جائعة..لا داعي..
فهمها محمد بس مررها وما علّق ..طبيعي يكون غير مرغوب فيه من ناحيتها شلون وهو اللي فاجئها بحضوره..
صوفيا بعفوية : وماذا عن وليد ؟
زادت ابتسامة سحر وهي ترمي نظرة لـ محمد اللي عقد حواجبه بوضوح عند هالاسم... واختارت ألفاظها بدقة متناهية : إنه بغرفته ..لقد عدنا سوياً للتو.. اذهبي واسأليه..
صوفيا : حسناً..

غابت عنهم ، بينما سحر رجعت بنظراتها ناحية محمد وهي تتمسك بثبات يتهاااووى مع الثواني .. صعبة مواجهته بدون استعداد نفسي عالأقل.. اصطدام النظرات هذا صعععععب !
ما قدر يتجاهل كلمتها بالتحديد.. (عُدنا سويّاً) ..
هو عارف إن وليد مسافر مع عمه لكن اللي ما كان يتوقعه هو سكنه في نفس المكان ونفس الفيلا..!
قال بهدوء : وليد؟ .. وليد ما غيره ؟
سحر تماسكت تدري انها لازم تدخل بكذبة : وش فيه؟
محمد بعيون ضيقة ثاااقبة : وليد هنا ؟
سحر ما جاوبت ..ناويه تترك المكان له.. وناويه استفزاز : الظاهر توك واصل من سفر طويل.. لما ترتاح زين تقدر تطلع...ايه وعلى فكرة ترا عمك ماهو بموجود كان تبيه.. عن اذنك..

تحركت للباب لأن هذا أقصى طاقتها.. دقيقة زيادة معه ممكن يتهشّم القناع ...
نجحت في استفزازه ولو بشي قليل ...لأنه تحرك ناحيتها والجدية تملا صوته : لحظــة !

::

في كوخـــه ..
التقط تركي علبة موية من الثلاجة الصغيرة اللي عنده.. بعد ما بدل ملابسه لبلوزة قطنية فضفاضة بعض الشي ترسم تقاسيم صدره مستغل الجو الدافي بالمكان.. تحرك لصوفته وهو يتجرع الماء بجرعات كبيرة ..بنفس اللحظة اللي رن التلفون عنده...
رفع السماعة بيد والعلبة بيده الثانية عارف ان الاتصال من داخل الفيلا : ايوه ؟
جاه صوت الشقرا : وليد ؟ عذراً على ازعاجك للتو عرفت بعودتك..هل تود تناول الغداء..؟
جلس بكسل وهو يفرك شعره المحلوق بقاعدة العلبة : لا أظن ذلك..
صوفيا : لمَ ؟...مالأمر ؟
تركي : لا شي..لا أشعر بالرغبة فقط..
صوفيا تنهدت : كلاكما لا تريدان..ماذا دهاكما ..؟
ابتســم : ألن تتناول الآنسة ؟
صوفيا : لا أظن ذلك.. أوه هذا محبط !
تركي : لا بأس..سنتناوله على العشاء ..
صوفيا : حسناً كما تشاء..

تركي باهتمااام : هل ذهب الضيف ؟
صوفيا : الضيف؟؟؟.. أوه لا ليس بعد !
تركي ناظر ساعته ..كان يتوقع خروج الضيف بدقايق دامه مرسول من أبو خالد..
وباستفسار : ماذا يريد ؟؟
صوفيا بحيرة : لا أعلم...قد يتأخر هنا ، إنهما يتحدثان سوية..
تركي : مابكِ لمَ صوتك متوتر هكذا !؟
صوفيا : لا أدري لستُ مرتاحة لوجوده..
كلمتها أثارت جديته : ولمَ ؟.. إنه من طرف السيد أليس كذلك ؟
صوفيا بعفوية : لا ..إنه من العائلة حسب كلامه ..قال بأنه ابنُ عمها وهو يتحدث معها الآن..

فزّ واقف مثل المقروص وطاحت العلبة منه للأرض وعيونه تطلق شرار الصدمة : نعم ؟؟؟
صوفيا ما حسّت بصدمته : لا يبدو الوضع بينهما مُريحاً...هناك شي يحدث..لا أعلم ماهو..
ما صدّق كلمتها....ولد عم سحر ؟...
أي ولد عم فييييهم؟!
وقبل هذا وذاك...وش بيجيبه هنا من الأساس !!
تركي بجدية مخيفة : من يكون هذا ؟ ما اسمُه ؟
صوفيا : لا أدري ولكن على ما يبدو سحر تعرفه جيداً..

أغلق منها وهو يرمي السماعة على الصوفا وجسمه يقفز من مكانه..ركض للباب بهرولة سريعة وهو مـو متوقع شي..
ما عرف يتخيّل وش اللي بيشوفه اذا دخل..!
ما درى على أي حال منهار..رح يلقاها ..؟!
عض لسانه وهو يقفز الدرجات الحجرية الثنعش ناحية باب الفيلا المرتفع ويتجاوزها بالثنتين والثلاث..
وشلون ولد عمها هنا ؟ وأي واحد فيهم ..!
إن شاء الله ما يكون هو ..!

فتح الباب بدون احم ولا دستور وأعصابه الداخلية مشدودة.. وطاحت عينه عليها واقفه وجهها ناحيته..والشخص الآخر واقف قدامها وظهره له.. على حدود الصالة..
رفعت سحر عينها للداخل..بينما لف محمد لوراه يشوف.. والتقت نظراتهم..بـ كهررباء خفية..
خااب ظنه وهو يتأكد ان اللي قدامه ..الاستاذ محمد.. أسوء شخص ممكن يظهر بحياة سحر من جديد..!

وكأن ظهور وليد بهاللحظة العصيبة كانت بعزّ الحاجة لها..همست من بعيد : وليد..
تقدم تركي بهدوء ناحيتهم وهو يحس ان فيه نقاش ممكن يكون ساخن هنا...أرسل نظرة لـ سحر اللي كانت ترجف ولا يدري وش اللي صار بينهم..
محمد بهدوء لفت نظره دخوله بهالشكل : وليد ؟
تركي اقترب لين صار بمحاذاته : وش هالمفاجأة استاذ محمد.. ما توقعنا زيارتك..

محمد وعيونه تمرّ على تركي من فوق لتحت بهدوء : زيارة طارئة مارح تطول كثير..
تركي التفت لـ سحر اللي يدري ان حالتها على المحكّ من ملامحها المصفوقة : غريبة ما قالت لي الآنسة عن جيتك..!
ناظرته سحر بنظرات ترجيه يخلصها من هالموقف الغير محتمل هي مو مستعدة لـ مواجهة من هالنوع وتدري وليد بيفهمها ..
محمد محافظ على هدوءه : سحر ما تدري ..فاجأتها وان شاء الله تعذرني على هالزيارة المفاجئة..
انتقلت عيونها هالمرة لـ محمد وهي تشوف بعيونه اصرار على السؤال اللي طرحه قبل شوي..ما خلاها تترك الصالة بسلام ولا تدري هو ليش جاي ألحين..!!
سحر بهمس متماسك : مابيني وبينك كلام محمد..
محمد بهدوء : ممكن أتكلم معك ؟
سحر : لا..
محمد : ضروري يا سحر..

كم مرة كرر اسمها الحين.. ما تبي تسمع اسمها بصوته.. وتتمنى ان وليد يقرأ أفكارها ويطلّع محمد من هنا قبل تفجّر قنبلة..!
لكن تركي فاجأها : مستعدة تتكلم معك!
رفعت عيونها اللي على وشك تذرف يوم جاها الضغط هالمرة من وليد...!.. عيونها جالسة تبرق بالتدريج وهي بالموت متماسكه.. أما محمد رمى نظرة على تركي بشي من الحيرة ومو فاهم للحين موقعه من الاعراب أو سبب دخوله بهالشكل : لحالنا يا وليد..!
تركي بوضوح : هالشي يعتمد على رغبة الآنسة ..
ناظره محمد بـ حدّة...
سحر بخفوت : ما عندي كلام.. أيّا كان الموضوع اللي تبي تتكلم فيه..
محمد بهدوء مراعيها : الموضوع ضروري ..لازم أفهم منك يا سحر..مافي غيرك ممكن يشرح لي..
ناظرته بسخرية : أشرح لك ايش بالضبط ؟؟..
غمض عيونه وما ودّه يفتح الموضوع قدام وليد لأنه خاص : ما اقدر اتكلم ..بيني وبينك أفضل لك ولمصلحتك..
فهمت تلميحه لوجود وليد .. وما عرفت أي موضوع خاص بيفتحه !!
سحر بمكابرة : تكلم هنا..! مافي أحد غريب..
محمد بدأ يفقد هدوءه.......وهالآدمي اللي واقف قريب منهم؟..وش يصير بالضبط وش مكانه!!..
وبجدية : الموضوع ما يصير يطلع عني وعنك...لمصلحتك..
ابتسمت بسخرية مزيّفة.. وقلبها يتخبّط بضلوعها : اللي قدامك ماهو أي أحد...
وبدون شعور مدّت يدها لكفّ تركي القريبة وتمسّكت فيها بكل قواها تاخذ دعـم....التفت تركي لها من حركتها المفاجئة اللي ما توقع تسويها ولا واحد بالمية..
فهم الخطوة اللي مفروض ياخذها ألحين.. أما محمد هبطت عيونه لتشابك الأيدي اللي جاه مثل الصفعة بغير موعد ..!
همست بصوت مبحوح وصل لسمع تركي ومحمد ما سمعه : طلّعه يا وليد من هنا..
فهم وضعها وجهادها عشان تتماسك قدامه والدليل رعشة أصابعها..ضغط على كفها بـ تجاوب هي تحتاجه كثييير.. رفعت عيونها لعيون تركي اللي ارسل لها ابتسامة.. يقول فيها ؛ أنا معـك ..!
محمد والموقف يزداد توتّر بالجو لاقي نفسه مشتت : إذا مو مستعدة تتكلمين معي اليوم..ممكن أجيك بكرة تكونين مستعدة لـ شوفتي..
عضت شفتها وهي تناظر مستوى صدره بجمود : لا اليوم ولا بكرة... انت ليش جيت أصلاً؟...جاي تعتذر؟..حاس بالذنب؟.. لاقيني مثل اللعبة فجأة قررت تجي تشوف وش حالها.. لو سمحت ماني بمزاج يسمع شي منك انت بالذات..ولا تظن اني مابي اسمع عشان خايفه افقد السيطرة على حالي..لا غلطان.. ماعاد فيه شي يربطني فيك ..مجرد صفحة وانطوت يا......
وسكتت متعمده ما تبي تنطق اسمه..اسمه اللي انحفر سنتين داخلها وتحوّل الحين لشي يشبه الأثر السيء اللي ماهي قادره تخفيه إلا إذا نحتت فوقه..!
محمد برضو مرّر كل هالكلام وهو يحاول يفهم مكان وليد هنا : وليد اتركنا!
سحر ردّت : وليد لا ..
ابتسم تركي وهالمرة مال بجسمه وصار واقف ورا سحر..حوّط يديه حول كتوفها لدرجة ان ذراعه التفتّ على رقبتها بحركة تملّك صريحة وهو ينحني براسه جنب راسها..وبنظرته تحدي غريب صوّبه لعيون محمد : ماني طالع دامها ما تبي.. لو عندك كلام قوله بحضوري..
قرأ محمد هالتحدي اللي ما فهم له مناسبة !.. هالنظرة اللي ما عهدها بـ وليد الوديع من قبل.. نظرة وليد تبدّلت لأنه ببساطة رجع لتركي من أيام ولازال..وهذا هو يواجه محمد بطبع جديد..!
وانشدّت اعصابه لا شعورياً وهو يشوف هالمنظر الجريء قدامه.. وهدوء سحر له ..
حتى سحر ما توقعت هالحركة لكن عكس العادة استسلمت لها وانقادت وما أظهرت أي رفضْ... وكإمعان بالمشهد رفعت يدها ومسكت كفه اللي كان فوق قلبها ووجهه جنب وجهها ..!
منظر ..يشرح كثير عن طبيعة العلاقة اللي صارت بينهم !
محمد ما علّق وعيونه بعيون سحر اللي تناظر بالأرض ولون وردي خفيف كسى خدودها..
ما يبي يصدق هالمنظـــر..!

سحر رفعت عيونها لـ محمد يوم لاحظت إنه ساااكت وقلبها يخفق من جنون حركة اللي وراها.. ما عرفت تفسّر نظرات محمد..
اللي همس : هو.. اللي قال لي عمي عليه ؟
ما فهمت قصده.. ووش دخل أبوها..؟
محمد بنبرة مستنكرة لكن باردة بهدووءها : خطيبك ؟
تغيّرت ملامحها وهي تشدّ على يد تركي عشان تواجه هالنبرة المستنكرة منه...
عنده خبر ؟؟
قالت تأكد بدون تفكير : ايوه... وليد خطيبي.. وقريب نتزوج ..
جمدت عيونه على آخر كلمة..دليل انها مثل الصفعة...
كيف تقولها بهالبساطة ؟!
رفع محمد عيونه للراس اللي لازال قابع جنب راسها بتملّك وجرأة ..وتبادل معه النظرات المكهربة مرة ثانية..
وتركي مبتسم ابتسامة تلاعب كبيرة ..من قلبه مستمتع بهالمسرحية واللي كمّلتها سحر بجملتها الأخيرة والقنبلة ..،.. يعترف إنها قدرت تفاجئه بكلمتها وإنه ما يقدر يتوقعها ببعض المرات.. كان يظن بتنهار بين يديه بأي لحظة وبتفتح حنفية دموعها قدام محمد وحضوره الصارخ... لكنها كانت صامدة للآن وهالشي يُحسب لها .. لكنه عارف ..بأي لحظة ممكن يختفي هالقناع.. فـ شد على كتوفها ناحية صدره لين صارت أشبه بحضنه بجرأة.. مو معطي لـ وقوف محمد أي اعتبار..

محمد استفزّه هالمنظر بكل ماللكلمة من معنى..لكنه معروف بسيطرته على نفسه..وبهدووء كرر : أجل هذا هو الخطيب اللي قالي عمي عليه؟
سحر بتماسك وخفوت : ايوه....اختياري اللي واثقه فيه !

ما تدري شلون نطقتها وهي تحس ان جملتها جابت تأثير واضح بملامح محمد...!
والتأثير ما كان على محمد بس لأن تركي التفت لها بسرعة وهو يتمعّن بجانب وجهها اللي ما يبعد عنه إلا سنتميترات..مندهش من جملتها اللي صابت هدف قاتل ! ابتسم لها وهي ما تطالعه...ورجع لمحمد يشوف ردّه..مثل المتفرّج بدون كلمة !

محمد : اختيارك ؟
سحر والثقل يزداد على قلبها من قوّة الموقف : ايه...اختياري ..ليش مستغرب؟
محمد : متأكدة انه اختيارك؟
سحر باصرار : ايوه.. خلص كلامك؟
محمد : دام كذا..ودامه مو غريب.. أجل أقدر أسألك ألحين واقول وش قصتك مع خطيبتي ؟

زاااد ثقل الموقف على قلبها وكأنها تشيل جبل يوم طرى خطيبته ..! .. بسمة ..!
جاي هنا!!...عشااااانها؟؟؟
وش قالت له عنها..وش قالت وش هببت.. أي كلام طلعته عنها ألحين وهي تشوف بـ نظرات محمد عصبية تتنامى..!
كافي أبوها اللي حمّلها الذنب كله...كافي ماهي ناقصة هالشخص بالذات يجي ويحسسها بتفاهة نفسها بالنسبة له..!
سحر : أي قصة ؟
محمد بجدية : ما يحتاج أذكرها أتوقع عارفه وش أقصد ويمكن وصلك خبر من عمي !
فهمت قصده : ما اعتقد يهمك تبريري..لو تبي تعرف روح أسألها حبيبتك.. لا تقول ضارب مشوار لحد هنا عشانها...لأني جد مارح أتعب حالي بنقاش يخصك ويخصها... عن اذنك !
ومشت متحرره من يدين تركي اللي عرف إنها انسحبت لأنها وصلت حدهااا من الاحتمال... طلعت فوق وهو يحس إنها قامت تهرول بلحظة من اللحظات..
محمد واقف جااامد مكانه ولحد الحين ما لقى الجواب اللي يريحه...كلامها ما خفف حيرته بل زااادها وهو يحس أعصابه ثايرة ..

دخلت سحر لغرفتها وهي تحس الرؤية مغيّمه بعيونها... ماهي مستوعبة حقيقة وجوده وإنه كان واقف قدامها بكل ذيك البساطة... كيف تجرأ يزورها بهالسهولة بدون أدنى شعور بالذنب ..!
جلست عالأرض جنب السرير بالضبط وهي تحلف ما يتعدى الموضوع دمعتين.. والله مارح تنهار !.. تبكي عادي لأن الشخص الطبيعي هو اللي بيبكي بمثل هالموقف ومع شخص حست معه بتفاهة قيمتها..
مستحيل تعيد نفس الحكاية بمجرد شوفته.. مارح تعيد نفس الشعور ونفس الأزمة.. عادي تبكي وتفرّغ قهرها بوجوده..وسبب وجوده..جاي علشان خطيبته...جاي هنا وبعيونه لوم ..!!

الى هنا انتهى البارت

Okumaya devam et

Bunları da Beğeneceksin

185K 4K 66
عندما لم استطع ان اكتبهم ابطالًا اصبحو اعـداء ربما كان من الأفضل ان اتوقف عن الكِتابة عند الجزء الذي كانو فيه سُعـداء .. الكاتبه| رَهاوج • لكل سارق...
85.7K 4.5K 25
في ذلك الغرفه تدور تلك البنت جميله عن حياتها ومستقبلها لغريب ترا لكثير من لغرف حوليها تحاول تخلص من مأسااها وتدخل في احدى لغرف وترا رجل يمسك بيدها و...
1.1M 54K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝
704K 28.9K 45
مراهقه دفعها فضولها للتعرف على الشخص الخطأ وتنقلب حياتها بسبب هذا الفضول.