لا تبكي

By tamymuhsen

33.5K 555 133

منقوووولة للكاتبه عيون القمر More

البارت 1
البارت 2
البارت 3
البارت 4
البارت 5
الجزء 6
البارت 7
الجزء 8
البارت 9
البارت 10
البارت 11
البارت 12
البارت 13
البارت 14
البارت 14 الجزء الثاني
البارت 15
البارت 16
البارت 17
البارت 17 الجزء الثاني
البارت 18
البارت 18 الجزء الثاني
البارت 19
البارت 20
البارت 20 الجزء الثاني
البارت 21
البارت 21 الجزء الثاني
البارت 22
البارت 22 الجزء الثاني
البارت 23
البارت 23 الجزء الثاني
البارت 24
البارت 24 الجزء الثاني
البارت 25
البارت 25 الجزء الثاني
البارت 26
البارت 26 الجزء الثاني
البارت 27
البارت 28
البارت 29
البارت 30
البارت 31
البارت 32
البارت 33
البارت34
البارت 35
البارت 36
البارت 37
البارت 38
البارت 39
البارت 40
البارت 41
البارت 42
البارت 43
البارت 44
البارت 46
البارت 47
البارت 48
البارت 49
البارت 50
البارت 51
البارت 52
البارت 53
البارت54
البارت 55
البارت 56
البارت 57
البارت 58
تنبيه

البارت 45

516 9 0
By tamymuhsen



الجــزء 45 ..

(1)
----------------

مشاعل قامت راجعه قبل... وصلوا للفيلا ونصت المجلس ..شافت أمها مع أم راهي والقرايب طالعين ناحية غرفة الطعام الفخمة الخاصة للضيوف ..
وما لمحت شادن موجودة..
مشاعل باستغراب : وين شادن؟؟
أم محمد ناظرت فيها ، وهي تشوف رهف وبسمة جايين : مهيب معكم؟؟
مشاعل : إلا كانت معنا.. على بالي رجعت !
أم محمد بعقدة حواجبها : ما شفتها من يوم طلعتوا..
مشاعل : وين بترووح؟؟
أم محمد بقلق هاجمها : أنا أدري عنك..شوفي وينها يمكن بدورة المياه.. لا يصير تعبت وطاحت ، لها كم يوم ما تاكل زين..!
مشاعل قرصها قلبها..طلعت مرة ثانية لبرا تتأمل المكان القريب..وما شافت لها حسّ..!
جت بسمة بهدوء..وشافت مشاعل واقفه..
قالت : ..بترجع لا تخافين عليها !

ناظرتها مشاعل : إنتي شايفتها؟
بسمة : لا ..بس يمكن تتمشى والحين بترجع..
رفعت جوالها ودقت عليها...بس ما ردّت واستغربت... سمعت أمها تناديها..وراحت لها ،
بسمة تنهّدت وهي واقفه.. قلت بتكلمها يا راهي على انفراد ..بس ما صارت مرّ أكثر من نص ساعة ألحين !!

::

فتحت عيونها وهي تستشعر نفسها مستلقيه على شي ليّن وثيــر للغاية ..بمكان غريب ما عرفته للوهلة الأولى ..!
قلبت عيونها يمين ويسار بسرعة وهي تحاول تتذكر بخووف وارتياب عنيف !! لقت نفسها في غرفة واسعة وهي راقده على صوفا فخمة.. فزّت بسرعة وهي تحس بالمصيبة على راسها ..! تتذكر اللي صار قبل تفقد الوعي.. كانت بين يدين ذاك الشخص ومن شناعة الموقف واللوعة فقدت وعيها !!
وش صار !! ناظرت نفسها من فوق لتحت ودموعها تغشي عيونها تحاول تنكر أي شي صار ...وأشياء سوداء تقفز لذهنها وحدة ورا الثانية!
فستانها عليها.. بس شعرها اللي كانت رافعته كله بإحكام نازل الحين على وجهها وكتوفها ..!
قامت تتنفس بسرعة وهي تتلمّس شعرها وجسمها ومشاعر مرعبة..ومرّة.. تسيطر عليها..!!
وش صار لها؟؟..وشلون وصلت هنا؟!
رفعت عيونها من جديد وهالمرة طاحت بعيونه مباشرة .. تغيّر لون وجهها من الموقف المرير..كان جالس قدامها مباشرة على كرسي ونظراته مستقرّه عليها بكل هدووء وتمعّن.. ارتجفت يوم انتبهت له ولهيئته اللي تقول انه جالس من وقت يتمقّل فيها ..!
حست بلووعة تزيد وهي تحرك يدها جنبها تحاول تلقى شي تغطي نفسها فيه..حاسه انها رخيصة وهو يطالعها بكل ذيك الجرأة وبدون احترام لذاتها..!
ما لقت حولها شي ورفعت راسها بانفجار باااكي : وش تببببي منننني !!!
وغطت وجهها بيديها الثنتين وهي تبكي بمرارة ..وشلون وصلت هنا !؟...وشلون ؟!..وش سوى فيها وهي مو حاسه ؟!

قام من مكانه بهدوء ..واقترب ناحيتها وجلس على حافة الصوفا ما بينها وبينه غير سنتميترات..
قال بهدوء وحنية : اهدي قلت لك مارح أسوي شي غصب عنك !
رفعت راسها وانصدمت انه قدامها قريب.. حاولت تتراجع تحط مسافة وصدمت بظهر الصوفا ..
وبرعب : انا وييين ؟؟؟... ويييييييييييييييييييييين ؟؟؟؟
ابتسم لعله يهدّيها : انتي بملحقي !
ناظرت حولها مرة ثانية تتأكد إنها مو بغرفته... مافيه سرير ولا شي كل اللي فيه جلسة أرضية فخمة بالجهة الثانية وتلفزيون ضخم مقابل الجلسة والواضح إنه ملحق شباب .. يمكن ملحقه مع أصحابه !
شهقت وهي تحاول تبعد عنه : لييييش انا هنا..ليش جبتني وش تبي مني ..؟
راهي تراجع على ورا يوم شافها تنتفض من فوق لتحت : جبتك لأنك فقدتي الوعي ..ما كان قدامي إلا كذا..
كانت عيونها تسيل أنهار وهي تشوفه جالس بأريحية قدامها وهي تسمع كلامه.. وشلون يجيبها وشلون يلمسها !!
ناظرت نفسها من جديد تتأكد من حالها ، فستانها سليم .. ثم ناظرت هيئته وملابسه المرتبة الأنيقــة ..مافيه شي يدل إنه سوّى شي متهوّر معها ..! بس مع كذا ما قدرت توقّف رجفة الرعب ..!
ابتسم يوم فهم أفكارها..وبنعومة هادية : ولو إنك معذبتني يا شادن لكن قلت لك من قبل مارح أسوي شي غصب.. أنا مو من هالنوع قلت لك من قبل... يهمني رضا اللي قدامي..فلا تظنين إني بأذيك!
حسّت بلوعة عنيفة تزيد... ودها تستفررغ من كلامه ومعانيه .. يبي يلوّث أفكارها وهي حتى إذا جت تفكر بـ عمر ما تقدر ويملاها الخجل العنيف .. وشلون تجلس مع مثله وتسمع !!
حطّت يدها على فمها وهي مو قادره تتخيل مجرد تخيّل ..
قالت بخفوت : إن..ت مجنون !
راهي ابتسـم بدون انكار : عارف يا روح راهي.. بس مو قادر صدقيني مو قادر اشيلك من بالي..!
سدّت فمها وهي تحس بالغثيااان ..روح راهي !!
أي موقف منحطّ وصّلها له ..! أي حال وصلت له وهي مشتتة مو قادره تدافع عن نفسها..أي انهيار وصلت له وكل هالشي بأسبابه ..!..بأسبابك يا عمر..بأسبابك اللي فقدت نفسي وروحي وحتى قوّتي ..! بأسبابك حسبي عليك !

قام واقف من مكانه يوم شاف حالتها تتلوّن.. ناظرته بترقّب ما بقى فيها أعصاب.. اتجه لثلاجة بالغرفة وطلع منها موية ..صب لها بكاس ورجع ناحيتها.. جلس على حافة الصوفا بنفس المكان وشادن كشّت بالزاوية ولمّت ركبها وجسمها بحركة خوف..!
مد لها الكاس : واضح من البداية انك تعبانة ، اشربي وروّقي..مابيك تخافين معي..
ناظرت الكاس بتوتّر عنيف وما قدرت تاخذه جا فيها بالها إنه حاط لها شي..
قالت بسرعة : ما أبي.. وخر ..
راهي ابتسم بنعومة : لونك رايح من التعب..اشربي ترتاحين..
صرخت بدون شعور ودموعها تنزل : ماااااا أبغى يا حيوان ..
وضربت الكاس لين طار للجهة الثانية وتكسر .. قامت واقفه تبي تطلع من هالمكان بأسرع ما يمكن..تبي تهرب منننه وعساها تقدر !
وقف معها واعترض طريقها.. ناظرته بعيون تلمع كان أطول منها وهي أعصابها ذابت للأخير مو عارفه وشلون بيعتقها ..!
قالت بخفوت : خلاص كافي لهالحد أكيد ما ترضاها لأختك وهي متزوجة !
ابتسم واقترب وكأن كلامها ما يعني شي : اتركي اختي الموضوع بيني وبينك..
قالت وهي تتراجع لورا باصرار لوضع المسافات : خاف الله فيها والله ترجع عليها..
راهي : الموضوع بيني وبينك وانا صادق معك..
التفتت للباب البعيد وهي تستعد للركض ناحيته..مافيها تتحمل دقيقة زيادة..مافيها والموقف زاد عن حده بكثير والواضح إن ما عنده نية ينهي هالمصخرة اللي جرّها وسطها ،
وهي على وشك الانهيار من جديد من شناعة اللي يصير فيها !
قال بهمس وهو يلاحظ استعدادها للهرب : خطيبك وينه عنك ؟!
ناظرته بصدمة كاسحة من كلمته.. جد وقح وجريء وشلون يتكلّم معها كذا وشلون أصلاً يتجرّأ وهو عارف إنها على ذمة رجال يختلف عنه اختلاف الليل عن النهار !
تحرّكت للباب بسرعة ماتبي تزيد الحكي معه بس اعترض طريقها من جديد ، رجعت بعيد عنه وهي ترتجف من داخل المشكلة إنه رجال طول وعرض وهي قواها خايره ..! ليتها ما جت هالبيت من الأساس ليتها عاندت أبوها ولا جت ..!
شادن برجفة : خلني أطلع !
راهي بنعومة : كم مرة قلت لك لا تخافين انا مو من اللي ببالك..
شادن بصيحة عنيفة : حركاتك اللي تسويها الحين تخليني أتخيل انك نفس اللي ببالي.. حيوان ومتوحش وما همك اعراض غيرك..انا متزوجة تفهم كم مرة لازم أقولها ، يعني حرام عليك ..
تغيّرت نظرتـه واقترب ناحيتها بهدوء : أدري انك متزوجة وادري إنك ماخذه الهمجي اللي كان بيكسر ذراعي..
انفجرت فيه بعنف بدون تفكير : تستااهل ومالك حق تزعل اللي سويته انت ما يسويه واحد محترم..الحين وخر ولا ترا مارح أسكت والله يوصل الخبر لأبوي واخواني..
ابتسم ابتسامة جانبية عنجهية من طبعه : صعبة المنال يا شادن.. وهالشي اللي عاجبني فيك.. وللحين فاهمتني غلط !
وأردف وهو يناظر بعيونها الدامعة بشلالات : أنا كنت ابي نجلس سوى واعرفك وتعرفيني.. نتقرب من بعض ومتأكد انك بتغيرين رايك فيني..
شادن : انت ليش تسوي كذا؟؟؟ ليش تسوي كذا خلاص كافي مافيني ، اعصابي مو قادره..
راهي اقترب خطوة أكبر وهي صدمت بالطاولة اللي وراها.. وتابع : مستعد أعطيك كل اللي تبين ..كل اللي تبينه يا شادن..
ناظرته والعواصف تزيد عليها.. نبرة الصدق بكلامه واضحه بس هي مو قادره هي كااارهته..
قال بطريقة صدمتها : مخطوبة لواحد عاش معك عمره كله..بتصير سنتين ليش ما تزوجتوا لحد الحين؟
سؤاله بالصميم ، سؤاله يجرح ، يقتل !...الواضح إنه تحرّى عنهم وعرف عنهم ..
دموعها نزلت من الجرح اللي وقّظه داخل قلبها الميت..
لاحظ بدقة دموعها اللي ازدادت من تأثير كلمته ..وابتسـم فاهم : كلامي يجرح؟...هالشي يخليني اكرر سؤالي وينه عنك؟
شهقت بألم وقلبها ينزف نزيف : مو شغلك مو شغلك..ومو من حقك تسأل بعّد وخر عني..
راهي باستقصاد: ممكن تقولين لي وينه عنك..المفروض يكون جنبك الحين يحميك مني لكن وينه؟
شادن برجفة تحاول تلملم شي متناثر : انـ..ت ما تعرفـنا.. لا تتكلم عني وعنه بمزاجك...لو يدري عن اللي تسويه معي والله ما يتركك عايش والله..إنت ما تعرفه !
ضحك من كلمتها ضحكة وتّرتها وحست انها سخرية .. وأردف : وهو وينه الحين ، ظني إنه مو موجود بالرياض بكبرها لـه فترة!
انطعنت بصميم قلبها..يـدري انه تاركها ومو بالرياض؟.. عشان كذا متمادي،؟
صحيح ليش تخدع نفسها بالكلمة اللي قالتها.. صارت تشكّ إن عمر يهمّه اللي يصير وتشك انه بيذبحه.. تشك ان كل هذا بيهمّه أو بيحرّك فيه شعرة!
غطت وجهها وبكت بمرارة جديدة ..من هالحقيقة ، ومن كل شي تكالب عليها..
لعل هالشخص يرحمها وينهي هالحصار المنهك لقواها..يكفيها موت تعيشه..!
راهي بلين وعطف : اهـدي..غصب عني تحرّيت عنك.. من اهتمامي يا شادن ..افهمي..
رفع يده لوجهها يبي يمسح دموعها لكن بدون شعور طاحت يدها على قطعة خزف وراها .. وضربتها بوجهه بدون ادراك وهي تدفه من صدره بيدها الثانية..
تأوه بألم وهو يتراجع على ورا من الضربة اللي جت في جفنه فوق عينه بالضبط ..
ناظرته برعب شديد ووجهها يلمع.. وتحركت ركض للباب ودموعها تهطل بانهيار ..
حتى هذا عرف!.. حتى هذا !!
كان يناديها باسمها عشان تنتظر وهي تنتفض موت من داخل!
دفعت الباب وطلعت واكتشفت ان الدنيا ببدايات مطر.. بدايات هطول..
ناظرت حولها تحاول تلقى طريق الرجوع وهي تسمع صوت راهي يناديها من ورا..
ركضت بأقصى قوة عندها رغم رجولها المخدرة.. والصدمة مسيطرة عليها من أولها لآخرها!

::

عند بيت أبـو محمد ..
لحظة وصوله !
وقف سيارته بآخر الحارة بعيد عن البيت بسبب منظرها المعدوم من الخلف عقب الحادث! ، ما قدر يوقفها قدام البيت بذاك المنظر..والسبب الأهم لأنه ما يبي يقابل احد فيهم سوى شادن!
ما عنده حكي يقوله عن سبب غيابه..اللي ما يدري وشلون مفسّرينه !
خصوصاً أبو محمد مو عارف عن ردة فعله عقب اختفاءه قبل الزواج بأربع أيام..!
يمكن زعلان..يمكن ضايق..يمكن غاااضب.. كل الاحتمالات واردة وعشان يبعد عن وجع الراس.. ألغى شوفتهم من راسه..!
يكفيه يشوفها هي بس ، ! يتطمن ويطمّن قلبه عقب أخبارها السيئة والمريعة اللي وصلت له من اخوانها !!

فتح الباب الخارجي للبيت ودخل ويده على أعلى ذراعه المصاب.. دفع الباب برجله بشويش عشان يغلقه وعيونه تتأمل البيت بهدووء.. كان يملااه السكون مافيه صوت يدل على وجود أحد..!
ابتسم من انفعـالات متضاربة يعيشها داخلياً رغم هدوءه الخارجي.!!
كل المشاعر اجتمعت داخله..يا شوقه لهالبيت..توّه يحس فيه..توه يستشعره.. يا هدوءه اللي فقده بزوايا روحـه.!
كنت مقرر تنسحب منه للأبد..لكن شوف وش صار.!!.مصيرك رجعت له.. وكل خططك انتكست.. واللي كنت مقتنع فيه قبل ماعاد صار له أهمية ألحين أو معنى..!..هذاك رجعت برغبتك الكاملة!
مشى بخطوات بطيئة وعيونه تكشّر شوي من عضلة كتفه المصابه..ناحية غرفته الخارجية لكن للحظة ، وقف قبل الباب بأمتار والذكرى العنيفة ترجع بقسوة ما ترحم..ذيك البقعة !! عيونه تتمعّن بذيك البقعة بالذات !
البقعة اللي دمّر فيها..طعنها فيها.. البقعة اللي كانت آخر ما جمعهم !
غمض عيونه وهي يتنهّد من أعماااقه.. كيف تنسى يا عمر..وهاللي صار معها بالتحديد كان سبب انقلابك المريع على عياف وربعه.. هو اللي حرّرك من سجنك الحالي!
حاول يفتح الباب لقاه مقفول.. عقد حواجبه واضطر يروح ناحية النافذة.. فتحها وقفز جوا بيد وحده من دون ما يرهق يده الثانية..!
كان شعور مرير وعيونه تطيح على غرفته !.. كان ناسي المنظر اللي صاير هنا!..كان ناسي تفاصيله الصغيرة ! بس جت الحين مثل الضربة القاضية..قاصمة للظهر..!
الغرفة على حالها يا عمر..على حالها !!...نفس الفوضــى مستفحله.. نفس العنف باقيه آثاره !!
ليه يا شادن؟!..قفلتي الغرفة وخليتيها على حالها؟!...تبين تذكريني بأدق التفاصيل..!؟
تبين تذكريني بحقارتي.. تذكريني بشي ما نسيته لحظة !
مشى للسرير وهو يدوس ملابسه المتناثره بكل مكان... موجوع كنت ..كنت موجوع وللحين لازلت بنفس الوجع!
جلس وهو يكتم انفاسه من عضلة كتفه ..نزل بنظره لذراعه المجروح والدم ملوّث ملابسه!
مُرهق من المشوار الطويل ..مُنهك من آخر الأحداث.. وهذا هو وصل..!

::

في بيت أبـو راهي..
بعد العشاء ..
وقفت رهف على النافذة بابتسامة فرح : الجووو مطر !
بسمة واقفه جنبها : طول اليوم غيم شكل الليلة بتصير حلووة ..
مشاعل مرت من عندهم واتجهت للباب بقلق بتشوف شادن وين..اذا كانت برا فـ مع المطر أكيد بتدخل..العشاء خلص وهي ما رجعت..صارت تشك انها رجعت للبيت مع واحد من اخوانها بدون لا تقولهم..لعلمها انها رافضه الجيّة من الأساس..
وقفت عالباب وهي تستنشق عبق المطر وعيونها تحاول تدق على واحد من اخوانها يمكن تكون حست بتعب ورجعت مع واحد منهم.. مع حالتها النفسية ما تستبعد إنها تسويها بدون لا تعطي احد خبر عشان محد يمنعها!!
لكن قبل لا تكمّل اتصالها..، لمحت شي جاي بسرعة ناحيتها من جهة مُظلمة ..ميّزت فستانها العنابي.. ووضعها؟!..كانت تركض وهي تشهق والرعب مغطيها من أولها لآخرها..
نزلت بسرعة الدرج وهي تنااادي : شاااااادن!!
وصلت شادن وبشوفة مشاعل وابتعادها عن مكان الخطر..كانت بداية شعور صعب بالأمان...كانت تنتفض رعب مافي أثر للدموع...تنتفض وهي تهلوس هلوسة غريبة ..!
مشاعل ارتعبت من حالها المبلل بعض الشي وشعرها النازل على وجهها.. وهلوستها.. خافت تكون حالة من حالاتها النفسية الأخيرة رجعت لها..!
مشاعل بخوف : وييييين كنتي؟؟
شادن باضطراب عنيف ، بحالة غير طبيعية : أ..ابي ارجع..البيت مشاعل..مابي اجلس...
مشاعل : وشفيك؟؟..وين كنتي؟..لا يكون طحتي اتصل عليك وما تردين!
تذكرت انها فقدت شنطتها قبل تفقد الوعي بسبب ذاك يوم حاولت تتخلص منه..حطت يدها على صدرها وهي تحس الاكسجين يقل من حولها: ط..طاح مني..خلينا نرجع..أبي أر..جع.. برجع للبيت ..مشاعل.. مابي أجلس ..هنا..
مشاعل : بسم الله عليك.. تعبانة؟ وش حاسه فيه؟..تبين المستشفى؟
شادن ويديها تهتزّ برعشة لا ارادية : تعبانه كثير..تعبانه أبغى البيت !
مشاعل مسكت كفوفها تفركهم خافت ان اللي فيها رعشة برد : بسم الله عليك..سمّي بالرحمن.. انتي بردانه..
شادن بتكرار : خلينا ..نروح..
مشاعل : طيب بروح أقول لأمي..
طلعت عليهم أمهم اللي كانت تدوّرهم..ونزلت لهم وهي تشوف وجه شادن مخطوف ورعشة عنيفة تنفض جسمها ..
ام محمد بنبرة شديدة ، وقلق : بسم الله عليك وين كنتي؟؟
شادن ما قدرت تردّ ، كانت متمسّكه بمشاعل بأقوى ماعندها لأن الخدر وصل لكل عصب بأقدامها.. مافيها وقوف...بس نظراتها الضايعة خلّا أمها تخاف إن حالتها ساءت..لأن وضعها كان أبعــد من إنها تكون طبيعية.. وفكّرت تدق على زوجها..
مشاعل بهدوء : يمه خلينا نرجع تقول تعبانه ..
ام محمد مسكت يد شادن : وش حاسه فيه وانا أمك؟؟
شادن واللوعة تزيد بجوفها : مافين..ي...بس دايخه ..وحاسه..إني برجّع..
مسحت ام محمد على خد بنتها الأصفر : خلاص بدق على واحد من اخوانك ..أكيد ما تبين المستشفى؟
شادن هزّت راسها نفي بصمت..
ام محمد لفت لـ مشاعل : روحي جيبي عبايتي وشنطتي ..
راحت مشاعل ورجعت بعباياتهم..
مشاعل بقلق: وين شنطتك شادن؟
شادن باقتضاب وعيونها شاخصة من فضاعة الموقف اللي عاشته : طاحت مني..
مشاعل : وين؟ بروح أجيبها لك..
شادن بمرارة : عند..المكان اللي كنا فيه..
مشاعل راحت بسرعة تدوّر..ولحقتها رهف تساعدها اللي لاحظت الوضع..

بعد ربع ساعة ..وصل بندر بسيارته ومعه محمد اللي كانوا طول اليوم مع بعض.. واستقبلوا اتصال أمهم مع بعض..
محمد نزل من السيارة وعيونه على شادن : شخبارها؟؟
أمه وهي ماسكه يدها بالقووة..مع ان شادن تحاول تسحب يدها وتمشي بنفسها بس أمها كانت قابضه عليها بشـدة : مدري وش اللي بلاها !
همست شادن برجاء : أقدر أمشي ..أقـ.در..
امها بشدّة : توك تقولين دايخه !
شادن اختفى صوتها..مافيها كلام..وش تقول!؟.. تحاول تنسى لأن التفكير باللي صار لحاله ينهي كل ذرة احتمال باقية فيها..!.. ولا تدري شلون نفذت بجلدها !

::

في بيت أبو محمد..
كان عمر واقف على نافذته الوحيدة يطالع منظر المطر الخارجي وأرضية الحوش المبتلّة..متكّي على كتفه وماسك كمادة باردة صغيرة فوق كتفه المصابة كانت موجودة بثلاجته..والهدوء كاسيـه كأنه ما مرّ باللي مرّ فيه اليوم من مواقف شرسة..!
جرحه للحين ما عقّمه تاركه على حاله وكأنه يعاقب نفسه.. وكأنه ما يحسّ فيه أساساً..!
فاقد فيه الشعور الكلّي..!
ساعة مرّت على رجعته ..كانت نعيم مع هالهدوء ومع صوت المطر اللي ترك أثره الروحاني ..!
مشى ناحية سريره بياخذ جواله ..ناوي يكلّم بندر يتطقّس الوضع قبل يعترف إنه رجع ..!
التقط الجوال بنفس اللحظة اللي سمع أصوات توصله من برا .. فزّ وترك الجوال مباشرة ..ورجع بسرعة للنافذة وهو ينزّل الكمادة عن كتفه وظل شايلها بين اصابعه..،
وتارك أنوار الغرفة مطفيـّه..!
طاحت عينه الحادة عليهم كلهم..داخلين مع الباب ..وأولهم كانت... دنيته تمشي بشويش وأمها مو راضيه تفكّها..!
شادن برجاء ورجفة واضحة بصوتها : ما فيني شي.. مابي ..المستشفى.. ليش ما تفهمون خلاص..
أمها بحدة : توك هناك تقولين دايخه ما ندري وش فيك وما تبين تتكلمين..والحين ما تبين المستشفى.. وينه أبوك خله يوديك غصب !
شادن سحبت يدها وهي تحس بلوعة غثيان عنيفة تداهمها : تصبحون على خير ..!
وهرولت بسرعة ووجهها مخطوف لونه..
ومرّت من قدام غرفة عمر اللي كان يتابع اللي صاير بتركيز ودقة... الوضع المتوتّر هناك وصله بحذافيره..نظراته على شادن ولا غيرها ! يتمعّن فيها بدون ادراك بحاله..كان منغمس فيها حد الذوبان وحد نسيان نفسه !
محمد حاول يناديها : شااادن ..
أم محمد دخلت داخل وراها.. وظلوا مشاعل ومحمد وبندر برا..خصوصاً مشاعل اللي كانت منزعجه لآخر حدّ..!
قال بندر : كانت الظهر أحسن من آخر مرة تأزّمت فيها.. كانت أهدى ..وش صار؟
مشاعل بانزعاج : مدري ، من البداية أصلاً ما كانت تبي تروح بيت أبو راهي!

بيت أبو راهي؟
هالطاري شدّ أعصابه بالكامل !
استقام عمر وهو يقرّب إذنه للنافذة أكثر بعد ما كان مرتاح على رجل أكثر من الثانية!
كانوا في بيت أبو راهي أجل !
ضاقت عيونه بحدة وهو يسمع كل كلمة !

محمد بضيق واستياء رافض الفكرة كلها : ليش راحت دامها مو مرتاحه؟؟
مشاعل ناظرته بضيق : أبوي جبرها .. وما قدرت تعاند خصوصاً إنه معصّب من أيام وتوّه طالع من المستشفى وانت أدرى..واللي عرفته من أمي إنه يبيها تطلع من حالتها بسبب عمر..
تنهّد بندر لأنهم عارفين : على طاري معصب.. سيارة أبوي مو موجودة ..
محمد : كلمني قبل شوي وقلت له راجعين بالطريق..

بندر رجع يسأل : طيب وش اللي صار لها.. وجهها مهوب طبيعي أبد؟؟
مشاعل بحيـرة : مدري!... ما عدت أفهم شادن أحس إنها مو في وعيها أوقات ، والله إني خايفه عليها.. كانت معنا تضحك ومبسوطة قبل العشاء..وبعدين مدري وش صار لها..غابت علينا قلت يمكن تبي تجلس لحالها.. ويوم رجعت كانت هذي حالتها..! مو طبيعية وتهلوس وكأنها شايفه جني..
واردفت وهي تتحرك بتدخل : بروح أنام ميتة تعب..!

وغابت عنهم .. وظلّ محمد مع بندر واقفين تحت رشّ المطر.. ما عندهم نية للدخول لأن الموضوع اللي شاغلهم من الصبح ما خلص ، ومافي مجال يتكلمون داخل ..!
لكن عمر.. كان مُستمع مُنصت لكل شي..
وتحوّلت حدّة تركيزه من كلام مشاعل اللي حرّك كثير أشياء داخله بخصوص شادن...ناحية بندر ومحمد واللي وقفتهم جنب بعض تشدّ كل عصب فيه ..! ، ملامح وجهه الصلبة هي ذاتها وحدّة عيونه ما خفت وهو يتابعهم..
بندر تنهّد وهو يجلس على الدرج الرخامي : اتصلت عليه وأرسلت له رسالة لكن ما حصلت جواب للحين.. طلبت منه يرجع لعله يفكّ هالتعقيد.. أبوي ما عاد فيه صبر ولازم يجي يشرح موقفه.. يكفيه ذنب إنه ترك شادن قبل زواجهم..أبوي صار يحط الذنب عليه بحالتها الغريبة هذي..
محمد حك مقدّمة راسه..والكلام ضايع منه : خلها على الله يا بندر..خلها على الله.. أبوك صار يشكّ بحالة شادن العقلية.. واللي أتوقعه إنه مارح يخلي الوضع يتمادى أكثر..خسر عمر لكن مارح يسمح يخسر شادن بنته من لحمه ودمه..
بندر : برجع أرسل له عساه يرحمنا ويردّ.. ليته يحسّ إن فيه ناس وراه تهتمّ له ..

قاطعهم صوت انفتاح باب الشارع..التفتوا اثنينهم..ومعهم عمر اللي كان يتابع كل كلمة بذمّة وبقلب موجوع.! ، طاحت عينه على أبو محمد داخل ..

أبو محمد أقبل عليهم وبملامحه الهدوء ولكن الجدية : وصلتكم أخبار عنه؟؟
محمد بهدوء : لا للحين..
أبو محمد : اختكم وينها؟..تو امك دقت علي ..
بندر : شادن بخير راحت تنوم..
محمد بمحاولة جديدة لتهدئة ثورته ضد اللي يُعتبر أخوهم : للمرة المليون أقول لك خفّ عليه.. ما تدري وش ظروفه..
أبو محمد قبّ فيه..بهدوء شديد : وهو وينه يشرح ظروفه!.. أحد يترك زواجه قبل أيام قليلة إلا ان كانه مسوي بلوى..هالسواة لحالها تخليني غاضب عليه..
محمد قرّب بابتسامة يمتصّ عصبيته : ندري انك زعلان من غلاته..بس صبرك عليه احنا نحاول نوصل له بكل الطرق..!
أبو محمد : قلتها من قبل بيتي يتعذّره وان عرفتوا وينه ما ابي اشوف وجهه أنا متبري منه على سواته ..!
ومشى لداخل.. تارك بندر يتنهّد وهو يهزّ راسه بإحباط..ومعه محمد يحك راسه بغمزة من عينه..
قام بندر واقف : انا داخل والصباح رباح..

دخلوا سوى.. وهم بالصالة قبل يطلعون فوق ..دق تلفون محمد ،
رفعه يشوف وعقد حواجبه يوم شاف اسم (أبو راهي) ،
بندر : مين؟
محمد باستغراب : ابو راهي.. (وجاوب)... هلا..
استمرّت المكالمة ثواني ..كانت رسمية سريعة ، ومقتضبة ومحمد عاقد حواجبه بجدية من نبرة ابو راهي الغير مريحة أبداً..
سكّر منه عقب لحظة..
بندر : وش يبي ؟
محمد : يبيني أمرّه بمكتبه بكرة..
بندر : وليش؟؟
محمد بحيرة : ما عندي فكرة..مو عادة يطلبني أمرّه بشركته ..بس صوته ما عجبني ..
بندر تنهّد : الله يعينك على غثاه.. إنت وش طيّحك مع واحد مثله؟!..حظك ردي..
محمد بنظرات ساخرة : تتمسخر.. حظي الردي وش بتقول..
بندر ضحك : هههههههههههه.. لا تشيل هم..تلقاه موضوع بالشغل أو يمكن انت مقصّر بالمشروع ويبي يعطيك علقة..
محمد ببرود : انثبر.. احمد ربك على حريتك اللي عايشها..
بندر ضحك : هههههه يالله لك الحمد وجه وقفا .. (وهو يبوس يده ورا وقدام )

عند عمر ..
كان كلام أبو محمد دليل واضح إنه ماخذ موقف من اختفاءه المفاجيء.. ، ما استغرب عصبيته أبداً .. ومن كلامه تأكّد إن شادن ما قالت لهم عن رغبته السابقة بإلغاء الزواج.. ، جلس على طرف السرير يهدّي أعصابه وجرح ذراعه للحين يسبب له نغزات..
ازداد المطر ..وتلاه رعود وهو يسمع قطراته تطرق نافذته بعزّ الظلام..
كره هالغرفة والفوضى اللي فيها.. كرهها ويبي راحته..
طلع من النافذة والمطر ينهال عليه بغزاارة.. كشّر بألم بسبب الجرح اللي أهمله كثير..
باب البيت قدامه مقفل... وكـ نتيجة..رفع عيونه لـ شرفة غرفتها اللي ما يصعب عليه وصولها!

::

بغرفة شادن ..
المطر ينهمر على زجاج البلكون بغزارة مثل شلااال .. والعواصف تبرق بالخارج معها رعـود وبـروق ..ظلمة داخل الغرفة مافي إنارة وحدة مضاءة الأصوات العنيفة خلت شادن ضامة لحافها لصدرها بعنف كبير من فقدان للأمان.. تحاول تتجاوز اللي صار معها اليوم..تحاول تمحيه.. تحتاج للنوم وللراحة ..لكن صورة راهي وكلامه مو مفارقه خيالها..
"وينه عنك؟"
لقى له وحدة ثانية..هذا الجواب وهذي الحقيقة.. والأربع سنين كانت وهم..
لها ساعة تحاول تنام لكن بدون أدنى فايدة.. كل ما غمضت انتفض جسمها بدون شعور..
ترثي حالها لوين وصل..ترثيه!.. حتى دمعتها صارت ثقيلة للغاية..
ولّعت جدران الغرفة بنور البرق اللي شعّ في السما.. تلاه صوت رعد قوي نفض أوصالها وهي تحاول تهدّي من أعصابها.. ضمت مخدتها وهي تسمّي بالرحمن وآثار الموقف للحين بجسمها..
البرد اللي برا ..ما يوازي البرد اللي تحسه داخلها ينخر بعظامها..
كررت آية الكرسي.. وهدت مع الثواني وأفكارها تهدى عن الثوران ..
ومرت دقايق استرخت كليّا.. لكن هالليلة مارح تكون مثل أيّ ليلة..!
زمجر الرعد مرة ثانية يرعد بكل عنف والبرق يبرق بالغرفة مثل الفلاشات ..
فتحت شادن عيونها مرتاعة وخايفة وهي تحس بوجود أحد... أرعدت السماء بشكل مخيف قاطع حالة الهدوء المؤقتة اللي كانت فيها..
شهقت وهي راقده ، اتّسعـت فتحة عيونها وهي تشووف ظلاال سوداء لانسان بشري.. مرسومة وممتدة على الأرض..وواصل للجدار...
انسان طويل .. براس ويدين ورجلين ... واقف على بلكونها بسكوون ..انكمشت خوف غصب عنها..وعيونها شاخصه على هالظل وبالها يروح لـ راهي المرعب!
شكله حقيقي مو من رسم خيالها المتعب !!
ما استرجت تلف وتشوف مين .. بدا صدرها يطلع وينزل بسرعة وهي تشوف الظل واقف بجمود عالباب مو راضي يتزحزح .. كااابووووس اكيد كااابووووس..
ماتبي تصرخ لأنها أكيد تتخيل...
سمعت نقـرْ عالباب الزجاجي يختلط بصوت الرعد !! لمّت مخدتها وهي تكتم صرختها داخل المخدة مع بكى يترحّم..
النقر قام يتكرر..وكل مرة بشكل أقوووى.. يا رب يكفيها رعب لليلة..
مابقى فيها أعصاب تتحمّل أكثر.. ارحمني يا رب.. ارحمني وهدّي بالي..
أنا أكيد انجنيت..أكيد انجنيت ما عدت احس بعقلي..ما عدت أحس نفسي طبيعية.. وهالشعور لحاله ينهي روحي !
فتحت عيونها بتردد وخوف وهي تتمنى ان الخيال أو الظل يكون اختفى... بس المفاجأة ان الظل الممدود عالأرض لين الجدار نفس مكانه.. ما غير انها تشوفه يرفع يده ويدق الباب بإلحاح...
سمعت صوت عميق من البعيد.. ينادي اسمها...
" شادن !!"

اسمها ؟؟..
أخيراً ..استجمعت شجاعتها.. ولفّت ببطء وهي منسدحة .. وأكّدت لها عيونها إن فيه شخص واقف على البلكون يدق لها.. قلبها بيوقف نبضات !! بيوقف !
دققت بنظرها وهي تتمنى يختفي وتكون مجرد أوهام خوف نتجت عن تجربة مخيفة عاشتها اليوم لا أكثر ،
بس اللي تشوفه يقول لها إنه حقيقي ..
دققت أكثر وأكثر ..ما عرفت مين يكوون بسبب الظلمة ..بس هيئته هيئة.......................
مستحيل !!!!

تجمّدت بالكامل وعقلها يردد لها .. أصوات داخلها تردد إنه هو اللي ببالك !
بيد مرتجفة وبطيئة فتحت الابجورة جنبها .. وركزت بعيونها عليها..
لكم تتخيّلون الجمود اللي سيطر عليها.. قلبها فزّ بطريقة حياتها كلها ما حست فيها..ولكن مع هذا مافي شي من أطرافها استجاب ،
كانت المياه اللي تنزل على الباب حاجبه رؤية ملامحه..
اللي تشوفه خيال.. خيال تعرفه أكثر من نفسها.. لكن مو سهل التصديق بوجوده!
مرّ دقيقة كاملة قبل تاخذ حيلها وتستعد للحظة قد تكون كاذبة..
رمت اللحاف بعيد .. وبجنون رعب وارتياب قفزت من السرير ما تبي تعيش كذبة جديدة أو وهم جديد..مشت بخطوات مهزوزة للبلكون ولونها مسلوب تبي تتأكّد وترتاح..

فتحت الباب بسرعة وصورة الموية تختفي.. واتضحت لها الرؤية بالكامل ..
كان صعب التصديق بذيك اللحظة...كان صعب وشبه مستحيل ..
تعلقت عيونها فيه ..واللحظة صمممت مطبق !
عيونها الذابلة .. بعيونه اللي تحدّق فيها من بين انهمار المطر النازل من رموشه وراس أنفه!
مرّت عيونها عليه من فوق لتحت .. تحاول تثبت وكأن الأرض تزلزل فيها ..
الموقف كان أكبر منها..وأكبر منه ...
ارتجفت شفاتها بعد لحظة تحاول تنطق.. بس ما طلع صوتها ..
بس عمر قرأ حركة شفاتها..
كانت تنطق باسمه ..!
يا صعوبة اللقاء فيها بعد كل اللي صار..
سكت هو الثاني يعطيها الفرصة تستوعب وجوده مثل ماهو يحتاج يتوازن بالمقابل ،
بس ما طوّل برا .. تحرّك ناحيتها وهو يترنّح بدون مقدمات ، تراجعت خطوة لورا وعيونها شاخصة عليه..
دخل بصمت..وأغلق الباب من ورا ظهره وعيونه العميقة ما ابتعدت عن وجهها الدافي... كان يصب صبّ مو بس يقطر كأنه طالع من البحر .. والأرهاق مبين على كل لمحة فيه..

شادن تراجعت للخلف وهي تتأمله ..وأشياء مريرة تتفجّر داخلها..
معقولة اللي تشوفه؟!
معقولة ما تحلم !؟

عمر للحين ما تكلّم.. نظراته تحكي كلمات صامتة ..يرجيها تهدى..يرجيها ما تنفجر فيه ..يرجيها لأنه جاي يبي يرتاح ما يبي يزيد أوجاعه !
لكن شادن ما كانت بالسهولة انها تنفجر ..لسانها وفقدّته..وعيونها شاخصه عليه بذهول ..منظر عمر المزري كان سالبها قدرتها على الكلام.. ، لاحظت إنه يقاوم البرد رغم إنه حاول يخفي هالشي..!........ لكن عليها استحالة..
رددت بصوت واطي وهي تناظره مو مصدقه حقيقة وقوفه قدامها : بـ ..ـلاك؟؟
تقدم ناحيتها وهو يحاول يفك ازرار قميصه البارد..بصوت مبحوح..والبرد اشتدّ عليه : مو صاير شي لا تخافين...
قالت بذهول هامس : إنتْ...ل..ليش؟
رفع نظره واستقرت بعيونها وهو يفك الزر الأخير : جيت اشوفك... مو صاير شي ،
كلمة (جيت اشوفك) هزّت وجدانها .. ومرت ثانيتين وأربع وعيونها ما نزلت عن عيونه..
ابتسم بوجهها يوم شافها واجمة متفهّم حالتها : تسمحين لي أجلس عندك الليلة ؟
انتفض قلبها بشعور كهربائي.. معقول يكون هو؟.
رجع؟..ويبي يجلس عندها ؟!
قالت بصوت خافت تبيه يأكّد : إنـت... مين؟
عمر بهمس : عُمر ..
شادن بتكرار : إنت.....
قاطعها بهمس وهو يقترب منها : عُمر... جيت عشان أشوفك..
تراجعت على ورا مع اقترابه ، وحطّت مسافة بينها وبينه بحركة لا شعورية ..
وقف عمر مكانه يوم شاف حركتها ..ولانت نظرته ما يلومها .. زين بعد إن بقى قلبها على حاله ناحيته !
شادن تعثّرت أنفاسها .. لاحظت بوضوح حالته الصعبة .. وما قدرت تتخيّل وش اللي مرّ فيه .. أو وش اللي خلّاه بهالشكل .. ورغم ألمها والجرح اللي فيها ومصيرهم اللي صفعها فيه.. رغم إنه مطلّعها خارج حساباته..إلا إنها قوّت قلبها بأعجوبة..وعرفت من وضعه وجيّته هذي.. رجعته هذي..إن فيه شي كبير صاير..!
عمر تقدم ناحيتها : شادن.... أنا....
قاطعته ما فيها حيل كلام .. في قلبها أشدّ من العتب..في قلبها أشياء ما تُترجم بالكلمات ..ولا تدري من وين جتها قوة هاللحظة للابتعاد عنه.. تحركت بسرعة ناحية دولاب ملابسها الموجود بالجهة المقابلة من الغرفة وهي تقول بصوت حاولت قد ما تقدر يكون بااارد ومتماسك : ارتاح .. بجيب لك منشفة..ارتـاح!

على نور الأبجورة الأصفر الخافت مصدر النور الوحيد بهاللحظة... راقبها وهي تفتح دولابها على مصراعيه.. قامت تفتش في وحدة من الأرفف بكل توتر وارتباك ما يخطي فيه ..رغم برودها اللي تحاول تتقمّصه ..لكن صعب تنكر شعورها عليه هو بالذات !
راقبها بعيونه العميقة...حالها.. حركاتها.. وخوفها.. تأمل ملابسها القصيرة اللي حتى هي نست انها لابستها ،
كانت لابسه بجامة برمودا بيضا لحد الركبة.. مع توب سيور لونه زهر كاشف كتوفها ونص ظهرها..
تمعّن بـهيئتها وشعرها المموج بعشوائية واللي طايح على وجهها من الجهتين.. كانت فتنة من غير لا تدري عن نفسها ،
رجعت له وهي شايله منشفة بين يديها بدون ما تناظر بعيونه عشان ما تسمح لأي اهتزاز داخلها.. بعكس عمر اللي كانت نظراته مسلّطه على كل شبر فيها..
قالت بصوت جامد ما أظهرت فيه أي بوادر قلق.. وكأن الأمر ما يعنيها بشي ..ما تبي تنجرف للهاوية : خذ نشّف نفسك أول .. لا تتعب..
قال وعيونه تخترق عيونها رافض أسلوبها ..ببحة : خوفك بعيونك.. خليني أشوفه..
رفعت عيونها بحدّة ومشاعرها تهتزّ من كلمته .. بعيونها غضـب وعتـاب وألم..
قال بهمس وعيونه الحادة بعيونها : خوفك بعيونك..لا تخفينه.. ما جيت عشان ألقاك هالشكل !
عيونها غرقت من كلمته.. قناعها الهشّ ما استمرّ ثواني..حطّمه بسهولة !
كانت تبي تتعامل مع هالمفاجأة ببرود..ما تبي تنهار مثل آخر مرة..ماتبيه يشوفها بذاك الوضع مرتين..كفاها مرة وحدة ..!
قالت بخفوت وصوتها ثابت : خذ نشّف نفسك !
اخذ المنشفة بهدوء.. وأبعد نظره عنها عقب ما كسر حاجز كانت تبي تحطّه..كسره مباشرة قبل تحاول !
مسح وجهه أول شي..ثم رفع المنشفة لراسه ..
بدا يخلع قميصه الرطب بكل اريحيه بسبب البرد اللي اشتدّ عليه ..
أما شادن فكانت بحالة اضطراب عنيفة من اللي يسويه.. الوضع كله صادم..وتطوّر الموقف بهالسرعة ما قدرت تجابهه !
أخيرا بدت تصدّق إنه فعلاً هو .. ماهو حلم.. ماهو وهم !
بدت تتجاوز مرحلة الانكار ..لمرحلة التصديق ..والتعايش معه !
لاحظت جرح غريب وطري بذراعه..واضح جديد !.. تصلّبت عينها عليه بكل رعب وهاللحظة بالذات طلعت من دائرة برودها وهدوءها !!!
وش الشي اللي ممكن يسبب هالجرح الغاير ؟؟؟

عمر وهو يمسح أكتافه العارية لاحظ عيونها المتسمرة على ذراعه... دنّق للجرح يتأمله ورجع يناظرها..
ابتسم يهدّي الجو ..ببحة : هالجرح مو شي ،
بتساؤل رعب من الاحتمالات : يعوورك ؟؟
لاحظ دموعها من خلال الاضاءة الخفيفة اللي تشبه اضاءة الشموع..
وقال بهمس رقيق يهزّ : لا ما يعوّر ..
عرفت إنه يكذب ! ،
هالجرح غاير والدم متطبّع ببلوزته اللي رماها بالأرض.. عرفت إنه يكابر والأهم من نظرته إنه ما يبي يخوّفها !
تجاهلت كلامه..ومسحت خشمها وهي تبتعد عنه : بروح أجيب لك شي تلبسه .. ادخل الحمام وخذ لك شاور يدفّيك وانا بجهّز لك شي تاكله..
مشت من قدامه والرجفة داخلها عنيفة .. متماسكه لآخر حد وداخلها قنابل .. لكن مو قدامه !
ماتبيـه يشوف لأي حد هي وصلت بغيابه .. ما تبيه يشوف وهي عارفه إنها ما رح يكففها!

صار عمر لحاله بالغرفة ..راقب شادن اللي أيقن إنها هربت من الغرفة أكثر من إنها راحت تجيب له شي يلبسه..
ما يلومها .. أبداً ما يلومها.. إذا الموقف صعب عليه..اجل كيف هي !
أصعب اللقاء... اللقاء اللي يصير بعد فراق مؤلم ..اللي بعد جروح ما التئمت!
هالنوع من اللقاء يقيّد الروح ..يصير لقاء ثقيل للغاية.. مُتعب ..وينهك ! ما تقدر تتكلم أو تتصرف بطبيعية لكون تفاصيل آخر لقاء مستقره بالذهن !
اضطراب عنيف يعيشه.. مجرد وجوده بـ غرفتها اللي ما يدري كم له ما دخلها !
للحين ما قدر يتكلّم معها بشكل طبيعي..
يا كيف بتمرّ هالليلة..!؟... كيف بيحكي معها؟

طلعت شادن لغرفة الملابس حقت اخوانها .. ودوّرت بين الملابس النظيفة على شي دافي يدفيه من البرد اللي دخله بسبب المطر.. ورجعت بسرعة لغرفتها وهي متوترة ..

كانت تتمنى يذكرها ..يذكرها ويرجع ..
من زمان عن هاللحظات..
لكن ليش تحسها صارت صعبة ألحين... والخوف معتريها !
دخلت الغرفة بهدوء من غير ما تصدر صوت لأن أهلها كلهم نيام...وبهالظروف مستحيل تقول لهم انه رجع.. بحثت عنه بعيونها لقت الغرفة خالية .. وملابسه المبللة مرمية عالأرض بإهمال... سمعت صوت الدش بالحمام مختلط بألحان المطر برا..
جلست على طرف السرير وحيلها مهدود.. مو مصدّقه سبب وجوده الليلة .. مشاعر مريرة غزتها ..ليته يفهم إنها ما نست جرحه لحظة.. خايفه كثير..
خايفه تكون جيّته عشان يكمل قراره..

حطت الملابس النظيفة عالسرير .. وراحت شالت الرطبة من الأرض ومشاعرها متغلبة عليها بمراحل.. شعور إنها ما عادت قادرة تسيطر على روحها..متمكن منها !! ،
..كيف سمحت للأمور توصل لهالحد !!

طلعت بالملابس الرطبة وحطتها بالنشاف.. كانت تتحرك هنا وهناك بضياع وخوف من اللي يصير .. بس لازم تقوى يمكن هالليلة مو مثل اللي ببالها يمكن تكون النهاية فعلاً.. !
تسنّدت على باب المطبخ وهي حاسه بتعب يهدّ أعصابها ..
لا مارح يسويها ..مارح يذبحها مرتين... ،
لقت نفسها تدخل المطبخ عشان تسوي لـه أي شي ياكله ويدفيه.. هي عارفه ان حالته والجرح اللي فيه سببها مصيبة !
شافت ساعة المطبخ.. كانت 2 بالليل... رهبة نزلت بقلبها عن السبب اللي يخليه يجي لها بهالوقت ..وبذيك الحالة..وبطريقة الحرامية !!
السبب اللي يخليه يرجع..رغم إنه ألغاها من حياته ،
تكّت عالطاولة ثواني تحاول تستعيد قواها اللي تتبخّر بسرعة..تحاول تشيل ثقل هالدقايق اللي فوق احتمالها ..
أخذت انفاس عميقة وهي تحس بيغمى عليها من التعب !
داست على الهواجس..واتجهت للثلاجة .. صلحت له حليب ساخن بالزنجبيل .. مع شوربة كانت باقية من الغداء ،
هدفها كان أيّ شي يدفّي !!
حطتهم بصينية اخيراً وطلعت فوق بهدوء ..كانت حذرة عشان محد من البيت يحسّ..
تتخيل ابوها يصحى ويدري عن وجوده !.. ما رح تتخيل اللي بيصير !
أول ما وقفت قدام باب غرفتها ..رجع قلبها يتبعثر.. ما رحمها

عمر الحين .. متواجـد بغرفتها .. !!
من ثمان سنين ..ما دخلها..!!

بالماضي كان يدخلها.. طفل صديق وأخ متربي معها ..
بس الحين هو داخل..
كـ خطيب.. كـ زوج !!
كـ حبيب !! .. يثير مشاعرها بسهولة ومن غير رحمة ومراعاة !!

غمضت عيونها والصينية ترتعش بيديها... الحرارة مشتعلة بجسمها كأنها انسانة محمومة !!
كأنها مريضة بعزّ البرد !!
مشاعرها بهاللحظة ..كانت لا تطاق !!
ثبتت الصينية على فخذها عشان تقدر تفتح الباب..
دخلت بهدووء وعينها عالصينية ..!
ومن خلال اضاءة الأبجورة الخفيفة ..شافته مخلص شاور ...ومعطيها ظهره العاري ..
واقف عند مكتبها ولابس البنطلون اللي جابته له..
نزلت عيونها عنه وعن وضعه مافيها تخوض هالنوع من الشعور حالياً.. مافيها تطير بمشاعر هي أبعد ما تكون بينهـم..
راحت للطاولة وحطت الصينية عليها بصمت..وقلبها ينتفض آلام وشوق ما يرحم..
لو يحسّ بس...لو يحسّ !
التفت عمر يوم حس بدخولها وبيده صورتهم مع بعض ، كان مسيطر بحضوره على زوايا الغرفة ! وخالق جو مرربك ما تحملته !

شافها واقفه بعيد عنه .. ابتسم يوم شاف الصينية ونزل الصورة مكانها..
اقترب من شادن وعيونه تمرّ عليها من فوق لتحت.. ابتسم بنعومة وهي واقفه بتوتر وقلبها يرقع بطريقة عنييفة!!
حميمية غريبة بدت تلفّ الجوو .. وعمر بهالهيئة وبهالوضع زادها اضطراب...
قرّب منها ..ومن غير شعور تراجعت للخلف بسرعة وهي تحاول تخفي توترها : كل يا عمر.. عشان تدفى..
وقف مكانه يوم حس انها خايفه منه..
وقال : خايفه يا شادن ؟؟
بلعت ريقها كيف ما تخاف وهو صاير غريب.. وعقب كل اللي صار هي ما عادت تهمه ،!
رفعت عينها اللي تلمع مع اضاءة الابجورة الخافتة واللي تشبه الشموع..وبجمود صعب : كل يا عمر ..والبس لا تمرض.. الجو برا بارد ..
قال بحميمية تربكها : جنبك ما احس بالبرد ابد يا شادن..
تدفقت الدموع بسرعة .. حاربت عشان ترجعها مكان ما كانت..
وقالت بنبرة آلية وكأن الموضوع ما يهمّها بشي : عمر إلبس وكل عشان ترتاح.. واضح عليك تعبان..
ولاحظت الجرح اللي ما التئم... كمّلت وهي تتجاهل نظراته الجريئة اللي ما يغيرها : بروح اجيب لك مطهر وشاش ينظف الجرح..
وتركته مرة ثانية وقلبها يرتعش من هالليلة اللي مدري شلون بتمرّ.. وليه أصلاً هو موجود عندها الليلة؟؟؟ ليه ما يتكلّم ليه يخلّي الاحتمالات تتخبّط فيها يمين وشمال !!

راحت تبحث في صيدلية حمام مشاعل.. وحصلت اللي تبيه هناك بالرف.. أخذت المطهر والشاش ورجعت بخطوات متهاوية لغرفتها...
كلامه المميت بآخر مرة مو راضي يفارقها من طاحت عينها عليه !
كلمته اللي بما معناه..اللي بينهم وصل لخط النهاية ومارح يكبر أكثر !
دخلت وهي تداري عيونها الغرقانة بعيد عن عمر اللي لبس القميص.. وترك الأزرار مفتوحة بشكل يذبحها من الوريد للوريد !!.. جاي يعذّبها هو بس جاي يعذّبها ويمشي !!

كان جالس على الصوفا الوحيدة وبيده كاس الحليب يرتشفه بسكووون..نظراته بالفراغ شارد بموجة تفكير غامضة وغير معروفة..
قربت منه وهي ترجي ان دموعها تختفي بسرعة لا يلاحظها..
جلست جنبـه بكل هدووء وصندوق الاسعافات الأولية بين يدينها.. وتركت مسافة فارغة بينهم بحركة واضحة !
التفت عليها من فوق كتفه بهدوء صامت يوم حسّ بجلوسها .. وانتبه للحاجز الجديد اللي حطّته... بعيدة عنه !..بعيدة !
شافها تحوس بالصندوق بشكل غريب وهي منزله راسها عنه.. قال بصوته المبحوح من قلبــه : ما يحتاج شادن اللي تسوينه .. الجرح هذا ما يساوي شي من اللي سببته أنا لك.. خليه ينزف دم .. أقدر أتحمل..
كلامه خلا دموعها تقطر وحدة ورا الثانية بالصندوق اللي في حضنها... لاحظها عمر بسرعة خارقة .. حط الكوب اللي في يده عالطاولة ، ولف لها بكل جسمه..
وبأصابع يده رفع وجهها من تحت..حركة ممكن تقضي عليها.. لكنها..
مسكت معصمه بأصابعها .. ونزلت يده وهي تتمتم : خلني أعالجك ..
تركت معصمه وهي تكتم العبرة القاسية .. وفتحت المطهر بسرعة وهي تتجاهل نظراته القوية اللي خفّت تقييم..
المطر برا لا يزال ينهمر.. وشادن مع كل صوت للرعد الغاضب تغمض عيونها برجفة لا إرادية !
انتبه عمر لنفضاتها الغير طبيعية ..وتمتم بهمس وهو يسترجع اللي سمعه تحت : وش اللي صار لك اليوم؟
تغيّر لون وجهها من سؤاله اللي المفروض ما يسأله حتى !
مو من حقه يسأل دامها ما تهمّه بشي..!
ما ردّت على سؤاله قررت تكمّل الليلة بصمت ..مارح تخوض أي حوار.. رح تكمّل هالواجب بصمت عسى هالليلة تمرّ على خير..
طهّرت الجرح وهو ساكن مثل الطيير بين يدينها.. يستشعر كل لمسة رقيقة وهي تعالجه بكل خفة وهدوء خايفة لا تعوره .. لفّت ذراعه بسرعة وهي حاسه بالضعف من هالقرب الروحي والجسدي !!
أخيراً ..حطت أقراص المسكن عالطاولة ..ولمّت المطهر مع بقايا الشاش والقطن الملوث.. على استعداد للهرب !
الليلة وانتهت ..سوّت اللي عليها ..
لكن عمر كان له راي ثاني ... كان حاس بالحواجز اللي تحطها ..هروبها بعيونها.. اقتضابها بالكلام.. وهو ما جا إلا عشان يفكّ هالتعقيد اللي بينه وبينها !
قامت واقفه بسرعة.. اللي خلاه يمسك يدها قبل لا ترووح..من غير كلمة !!
سحبها وطاحت على رجله ..
انتفضت مشاعرها وهي تلقى نفسها بين يديه.. ماسكها باحكام !
وجهه قريب منها بطريقة غير طبيعية..غمضت عيونها باررتباك وهي تحس بأنفه يلامس خدها برقة..
قال بهمس وهو مغمض عيونه ينعم بقربها المجنون : جيت عشان أشوفك كم مرة لازم أقولها..
ارتجفت شفاتها وهي تحسّ مقاومتها تضعف.. ونظراته تربطها ..ودموعها تخونها..
اذا كان ناوي يتركها ليش ما يرحمها..
قالت برجفة : عـ..مر ..
أسكتها بهمس : اششش .. خلك هنا ..
اضطرابها عنيف وهي تحس عمر ..مو طبيعي !
قالت تقطع الجوو بارتجاف : خذ حبة المسكن ..تريّحك..
وقبل يقدم على حركة ثانية ..حطّت يدها على كتفه وقامت عن رجله بسرعة..
وبصوت رااايح : أتركك تاكل وترتاح .. واذا حاس بتعب قولي..
وتركته بسرعة طالعه من الغرفة كلها !.. يا لوعة الاحساس !
من متى عمر يتفنن بتعذيبها.. وليش اليوم يلجأ لها وهو ناوي على نسيانها..

دنق عمر وهو يدخّل يده بشعره من ردة فعلها .. يا صعوبة اللحظات !
حالتها المبعثرة ..ابتعادها عنه !
غطى وجهه بيديه وقلبه متخبّط ..آه يا شادن.. مين يلومك،
يدري إنه جاي ومناعته منها صفـر...
يكفيه حالياً انه قريب..أروى عيونه بشوفة حالها المنتكس فوق تحت بشكل مرير !
مال عالطاولة ياخذ المسكن لأن ألم ذراعه زاد عليه عقب المطهر والتعقيم..وفوقهم جسمه المنهك من السفر الطويل !
مع إنه فكر يتفاهم معها الليلة...لكن الواضح ان الوضع ما يسمح..
هو تعبان ومنهك..وهي ما تقلّ حالاً عنه ، فيها من التعب الواضح بكل شبر بوجهها وجسدها ..
وجيّته المباغتة هذي مو سهلة عليها.. يدري إنها تتساءل عن سبب رجعته..وتحتاج عالأقل لساعات قليلة تستوعب إنه رجع.. الكلام بهالسرعة قد ما يكون له معنى ..!
الأحسن إنها تهدى نفسيّاً.. ورح ترجع تدوّره عقب ما تستوعب..هو عارف ومتأكد.. رح تجي تسأله بنفسها..
وهو يحتاجها تكون شادن اللي يعرفها.. مو شادن هذي !
ولذلك قرر يترك المواجهة لما الصبح !..تكون أقوى وأهدى..

أكل حبة المسكن مع الحليب .. وقلقه ناحيتها تفاقم!
ردّات أفعالها وهروبها يحكي بوضوح عِظم اللي تعانيـه !
رمى راسه للخلف وهو يناظر السقف ومشاعره المضطربة تتعاظم بشكل لا يُحتمل !
بكرة يصير خير يا شادن !...يصير خير ،

عند شادن..
أعادت صندوق الاسعافات مكانه.. وجلست بالحماام تذرف الأنهار بصمت.. ملامحها تغيّرت من بشاعة الشعور ! ،
صارت متأكدة إنه جاي اليوم لأنه في ورطة وهي ما تقوى تسأله.. ليش تسأله وهي عارفه كل شي... ليش تحبه كل هالحب اللي يدمرها.. وليش سمح لإنسانه ثانية تدخل بينهم ؟؟
بكت بالتياع لدرجة انها قامت تستفرغ.. دموعها انهمرت بالمغسلة..
تذكرت لحظتهم العابرة قبل شوي.. ليش مرعوبه ان جيّته مؤقتة!
وعارفه إنها اذا سمحت لنفسها تعيش هالحلم..بيتحوّل بأي لحظة لكابوس !
ليش ما تبيه يروح ..تبيه يبقى معها مو هالليلة بس ..كل الليالي الباقية من حياتهم .. تبيه ياخذها بحضنه ويهديها من روْعها اللي ما خفّ من يوم سوّى سواته وهجرها بأقسى طريقة..
ناظرت عمرها بالمراية وشافت وش كثر لون عيونها تغيّر .. غسّلت وجهها بسرعة وناظرت ساعتها .. لقتها تجاوزت 3 الفجر... ارتاعت من قلب .. قضت اكثر من ساعة الا ربع وهي تبكي دمّ عالحبيب اللي بغرفتها !!
طلعت من الحمام بهدوء.. ورجعت لغرفتها .. وهي بطريقها جاها هاجس زرع الرعب فيها !
تخيّلت انها بتدخل الحين .. وما تلقاه !!

فتحت الباب بهدوء وهي تقلب عيونها بالغرفة بمرارة .. نور الأبجورة مُضاء..والسما ما زالت تمطر..

لكنه عكس ظنونها .....شافته.. نايم !
نايم بسلام على سريرها.. من غير لا يحس.. من غير غطا يدفيه..
عرفت إن تأثير حبة المسكن جابت مفعولها !
سكّرت الباب بشويش... وراحت وزادت على درجة الدفاية اللي بغرفتها عشان يدفى.. ويدفى البرد داخلها ،
قربت منه بهدوء وخطواتها تقودها باستسلام ناحيته..... نايم مثل طفل !!
نايم على جنبه الأيمن ..ضام مخدتها لصدره.. ووجهه مدسوس فيها يتنفّس عطرها..
هاللحظة بالذات..كثير مشاعر خوف داخلها بدت تتبــدّل..
كثير من زوايا روحها سكنها الأمااان..
ومشاعر هجرتها ..رجعت ألحين بقوة !
منظره لحاله كان يهدّي الأعصاب ..يطمّن ..يريّح !
نومه بسريرها....يوحي فعلاً إنه جا عشانها !!
اقتربت منه أكثر ، وجلست على طرف السرير..تأملت وضعية نومه واسترخاءه..أنفاسه..
طاحت عينها على قميصه المفتوحه أزراره !! صدره مكشوف ما يحميه شي ..
مدت أصابعها بهدوء وسكرت قميصه.. زر زر من تحت لفوق..
ثم مسكت طرف الغطا وغطته..
همست بغصّة تأكيد طالعه من أعماقها : مارح أخليك تروح هالمرة..مارح أخليك لو تموت ! ابتسمت بألـم لا شعورباً من براءة ملامحه ..مستغرق بنومــه عميقة تأكدت من حالته إنه منهدّ ورايح فيها ..

عقب ما أشبعت عيونها وتأكدت للمرة المليون إنه واقع !
قامت من السرير وتحركت بتعب للصوفا ..كانت بحاجة لراحة عميقة لأعصابها..
انسدحت هنااك على جنبها ..وخلت وجهها ناحيته عشان تقدر تراقبه.. وتحس فيه لو تحرّك أو استيقظ ! لازم تستعد لحرب لو قرر يهجرها من جديد !
بكرة اذا طاحت عيونها بعيونه..أكيد كل شي بيختلف..مارح يكون موقفها مثل ألحين.. بتتأكد إنه واقع!.. وبتكون جاوزت صدمة وجوده..بتفهم هو ليش جا !
مع الثواني حاوطتها الهدوء والسكينة..وخدّرت أعصابها..
مشاعر أمان عمييقة للغاية رجعت تحتويها ..
غلبها النوم وقضى على شعورها باستسلام تاااام..

::

بدايات الصبـاح..قبل شروق الشمس..
تحركت شادن شوي.. يد تحت المخدة واليد الثانية فوق بطنها.. فتحت عيونها على نور الفجر الخفيف اللي غمر الغرفة... قلبت عيونها في السقف وهي تتذكر الحلم اللي حلمته..
عمر كان معها الليلة الفايتة ؟
لا !
كان حقيقة ! ، حقيقة؟
ريحته تنبعث من المخدة !!
استوعبت.. انها مو عالكنبــة !!.. استوعبت انها نايمة عالسرير ..والغطا يغطيها !!
وعمر مو موجود بالسرير بعد !!

فززت من السرير وهي تشهق .. تلفتت بالغرفة بررعب وجنوون .. ما لقت له أثر !
ناظرت الساعة...5 ونص الفجر !! الوقت مررة بدري..
ناظرت مكانه اللي نام فيه ..جنبها .. ما حصلته !
هي وش جابها عـ السرير ؟!!
ناظرت الكنبة اللي نامت فيها.. ما حصلته ..
الغرفة خاليــة !!
فهمت شي واحد بس.. ان عمر طلع وتركها من جديد !!.. بدون ما يقول كلمة .. بدون ما يطمنها !!
قامت من السرير بسرعة .. ومن العجلة علقت رجلها بنص الغطا المتكوّم بالأرض وهوت على وجهها بألم شديد.. حاولت توقف والخنقة تتصاعد ببطء ..
تجاهلت الألم وقامت مثل المجنونة المرعوبة..عيونها شاخصة رافضه الفكرة اللي ببالها ما تبي تعيش خيبة أمل لأنها رح تكتب نهاية موتها فعلاً هالمرة !
كيف يروح وما يقولها ؟؟ كيف يخليها؟!
ركضت للبلكون ..ومن الصدمة شااافت القفل مفتوح ..
هي تذكر..ومتأكدة انها قفلته أمس عقب ما دخل .. ليش مفتوح الحين؟
فتحت الباب بعنف .. وركضت لبرا وهي تستوعب الحقيقة المُرة ... طلت لتحت وهي تلهث والمكان والحديقة..خاليـة!!
أدركت شي واحد ..! إنه طلع !
من غير شعوور..زلقت للأسفل وهي ما تقدر تردّ الاكسجين.. وعقلها يتفتت بقسوة رح تنجنّ بلا شكّ ! ،
تذكر.. كيف كان نايم بأمان في سريرها .. واختفى !
قامت تأنّ ذات الأنين اللي كتم أنفاسها وحرمها الهوا...الحين مين بينقذها.. الوضع يتأزّم وهي تفقد السيطرة على جسمها ! تأنّ وجسمها ينتفض يعبّر عن ألم عمره سنين !
كان الوضع قاسي للغاية ! قاسي ..قااااااسي ! ، حراااااااام عليك انا وش سويت لك .. تسويها فيني ثاني ؟! ما أقدر اخليك لأحد .. ما اقدر اتركك لأحد..
حطت راسها على الدرابزين وهي تأنّ بلهفة وجسمها كله يرتعش من الفاجعة... مالهم ساعات مع بعض ينسحب ويهرب بكل خفاء.. ليش ما يقولها اذا كان يبي يروح ..مارح تمنعه..! بس عالأقل يحسسها إنها مهمّة مو مجرد محطة عابرة بحياته..

- شادن !!
جاها صوته العذب من مكان .. فتحت عيونها المحمرة وهي تشهق بعبرات تحاول تاخذ النفس .. كان واقف على باب البلكون .. والمنشفة معلقة على كتفه ونظراته كلها قلق !!
ناظرته بصدمة من فوق لتحت .. أكيد خياله..أكيد شبحه .. !
عمر يطالعها بحدّة وجدية من حالها الغريب... توه حطها عالسرير..كانت نايمة بسلام!!
دخل الحمام شوي ، وطلع لقاها بهالحال !؟
قرّب منها بهدوء وقلبه يضطرب من وضعها المهول ! وكل ما قرب خطوة ارتفع راسها له !!
شفاهها ترتجف ودموعها تنزل .. مو اهو .. مو اهو ...جنونها وألمها يرسمونه لها ..
وقف على راسها وبحدّة : شفيك تبكين؟
انهمرت الدموع وهي تشوفه يسأل عنها ...شههههقت بعنف وهي تاخذ أكبر كمية أكسجين !
ثم بكت وبكت بشكل أقسى مثل طفلة ما عرفت تهدى... بكت تحت ناظر عيونه !
فهم وضعها ورقّ قلبه لها !
انحنى وجلس على ركبة قدامها وهو يبتسم بحنية : هذاني موجود..
ناظرته وعيونها تحكي فيضان.. هزت راسها نفي بعتاب.. حركة تسأله..ليش سويت كذا؟!
الحال يعذّب.. لو تفهمه وتفهم سبب اللي سواه .. لو بس تتفهم هالشي.
شادن وهي تشهق ..ردّ صوتها المكتوم لها : ليه خليتني...لا تسوي كذا مرة ثانية عمر ارحمني..أنا جالسه أموت ولا قادره أسوي شي لنفسي .. انت شفيك ليش تتصرف كذا .. فهمني اشرح لي ..ما كفاك اللي قلته..ما كفاك انك تبي تتركني عشان وحدة..... !!
ما درت الا عمر يمسكها من ذراعها ويسحبها لحضنه.. وغرز راسها تحت رقبته..
ما يتحمل يستمر بمثل هالكذبة .. هالكذبة تعذبه أكثر من ما تعذبها خله يكون واضح وصريح يمكن يرتاح..
قال بلهجة شديدة : وانتي يا غبية صدقتيني يوم قلت لك بتركك عشانها..!!؟
دست راسها بصدره اللي حرمها منه .. كيف ما تصدقه هو لو هو أكبر كذاب بتصدقه ..
عمر بـعاااطفة ورجاء : لا تبكين يا بعد أهلي..
شادن بانفجار وهلوسة : ما عاد اهمك انا صرت عارفه هالشي ..متأكدة منه ما عاد اهمك تبي تخليني ..
عمر وهو متأثر حد الصميم من هالحال : شادن قومي معي داخل .. لو ابي اتركك كان ما لقيتيني الحين..
شادن : ليش قمت وما لقيتك.. صرت أخاف كثير..أخاف كثير بسببك!.. أخاف من اللحظة الجاية يا عمر.. أخاف تخطف نفسك وتروح مو مهتم لوحدة تحاتيك كل ساعة.. انت مو فاهم اللي احس فيه للحين لو فاهم كان عطفت علي رحمتني من قسوة الثواني اللي افكر فيها فيك.. خايفه فيها عليك.. انتظرت كثير تعترف لي باللي فيك بس انت مصر تتحمل لحالك.. انا عارفه كل شي.. عمر انا عارفه بكل شي فيك لا تحسبني غبية ما ادري.. ادري انك طايح بمشاكل..وادري عن شغلك اللي تسويه بأنصاف الليالي.. وأدري انك مطلوب.. وانك جاي لي امس هربان......
غابت كلماتها وهي تتعلق بياقة قميصه عند رقبته الصلبة..
فقد صوته لثواني مع هالكم الهائل من الكلمات اللي طلع منها .. قلبه اضطرب بعنف أكبر لدرجة إنه حس بالدم ينضخّ لراسه !
مسكها من ذراعها وهو يدنّق بحدة : وش تعرفين؟؟؟؟
شادن وهي تشهق بألم.. ما جاوبت..
حطّ يده على خدها ورفع راسها..وطاحت عيونها بعيونه الجاادة : من قلبك تقولينها؟؟
شادن ما فيه تخفي أكثر : أعرف..من زمان...اعرف من زمان يا عمر..بس انت ما قلت ..لي..
تغيّر وجهه من هالتأكيد اللي بملامحها.. وشلون!!!!!!!!
وشلون تعرف؟!.. وشلون هالشي مستحيل !!
الصدمة بعيونه وهو يطالع عيونها بجمود.. يستوعب اللي قالته من لحظة ..
شادن تبكي بصدره : ليش وصّلتني لهالحد؟!..تحسب انك اذا قلت لي هالحقيقة بتغيّر لا مو صحيح..
غمض عيونه يمحي لمحة الألم العنيفة اللي بتقضي على أعصابه..
فتح عيونه وهو يمسك يدها المتعلّقة بياقته : شادن اهــدي..خليني أقولك !!
صرخت بصدره : ما أبي أسمع !
حاول يقوم واقف ما قدر ..متمسّكه فيه بكل قوة عطاها ربي..!
شادن بانهيار : تبي تروح؟..تبي تروح وتخليني ألحين!؟
ابتسم بألم وهو يدنّق لإذنها : إنتي مو مستوعبة اللي انا فيه.. شادن انتي أرقى من واحد مثلي..
بكت مرة ثانية وهي تحس بمعنى مو حلو من كلامه : لا انا مو أرقى منك ولا تقول هالكلام انا مابي واحد غيرك ياخي افهم هالشي لا تعذبني..
انحنى لها ومسك ذراعينها ... وسحبها لين وقفت على حيلها وهي تشهق .. حط يده على خدها المبلل وهو يقول : شادن اهدي بتخليني اندم اني جيتك من الأساس..
صرخت بوجهه : هذا اللي انت فالح فيه... ما تجي الا اذا انت محتاج شي.. ما تفكر باللي واقفه قدامك وقاعدة تموت كل يوم..
عمر ويده ترتفع لرقبتها بصوت يتفجرّ عواطف : راضيه تتعبين معي يا شادن؟
صارت تضرب جبينها بوسط صدره بشكل متكرر..تعاقبه بهالضربات لعلها تؤلمه على اللي سواه ..
وببكاء : تعبت من عقبك عُمر خلني أتعب معك بس مو دونك .. لا تموّتني للمرة الألف كافي لهالحد ماعاد فيني يا عمر مافيني ..
تجاهل صراخها لأن الموقف متأزّم..والمشاعر حامية..، مسك يدها ودخّلها الغرفة ..
سكّر الباب وراهم وهو يردف بمحاولة لتهدئتها : البسي شي يدفيك الحين الجو برا برد...
شادن بارتجاف : ياخي ليش جالس اذا تبي تتركني في الحالتين اطلع من الحين.. مابي اتعب اكثر من ما انا تعبانة..
عمر وهو متأثر من انفعالها : شادن انا عمر ..
دفنت نفسها بصدره ووجهها تحت رقبته : هذا اللي متعبني .. انك عمر.. إنك عمر..حياتي مقلوبة بسببك ..
مسك ذراعها اللي التفت حوالين خصره بطريقة تقتله : انتي اهدي الحين وبعدين نتفاهم..
حس انها مرهقة كثير وخاف عليها ،
مشى معها بصعوبة وهي حاضنته مو راضيه تفكه .. لين السرير ..
كانت تشهق بصدره وهي متمسكه فيه بكل قوتها ، ما قدر يفك يديها ولا هي راضيه..
واضطرّ يشيلها بين يديه عشان يحطها بنفسه .. لكنها بحركة تلقائية فكت خصره وتعلقت برقبته وهي تنوح بألم .. وكأن الصبر فاض فيها وكل ألم السنين والانتظار فاض بهالدقيقة واللحظة بالذات !
عمر بأأألم وبصوت أقرب للهمس للي كانت دافنه وجهها عند رقبته تبكي : حياتي شادن !
هالكلمة " حياتي" خلتها تزيد شهقات وهي تتمسك برقبته .. تدري انها حياته ..لكن عمر لأول مرة يصرّح بهالكلمة بالذات!
عمر انحنى عالسرير يحطها لأن وضعها النفسي.. زااااده تأزّم ..!
نزّلها عالسرير وهي متعلقه برقبته مثل طفلة تعاند.. ابتســم غصب عنه يوم شافها مو راضيه تترك رقبته..وقال من غير وعي : يكفي دموع حياتي والله العظيم أحببببك..
بكت عند رقبته : تكذب !
ضحك ضحكة ممزوجة بألم وهو يرفع يده من خلف رقبته عشان يفك يدها ..وقال من غير شعور : أُقسم بربي أحبك... ورب الكون أموت فيك..قسماً بالله اعشق ترابك واللي خلقني لا نهى ولا عشرة من أمثالها يسوونك ..بس قلب عمر لا تزيدينها علي ..!
استجابت ..وكأن كلماته جابت مفعول السحر على هيئتها .. حس عمر إن يدينها ترتخي وبسرعة مسك يدها اللي حول رقبته ونزلها برقة عالسرير وهي مغمضة عيونها..
دموعها تنزل على وجهها العذب ! ،، ابتسم وهو يتأملها بحب وحسـرة !
جلس جنبها يهدي من روعها وقلبه مضطرب.. يخفق بعنف جنوني !
مارح يمنع نفسه عنها ..مارح يمنع نفسه وصل حده.. ودامها درت عن ظروفه...مارح يهمّه شي عقبها !!
بدت تهلوس باسمه وبكلمات ما فهمها.. بس المعنى إنه تطلب ما يروح !
انحنى عليها..وطبع بووسة رقيقة وطوييلة على جبينها ..ثم نزل بقبلته لخدها ودفن وجهه هناك لفترة يروي عمره ويرويها..
همست بمشاعر محمومة وهي تحس بأنفاسه : ع عمر !
همس وخده على خدها وفمه يرتفع لـ اذنها : روحه وكلّه ..!
همست بوجع : بتروح ؟
ابتسم وشفاته عند اذنها ويده على خدها : لا مارح أروح..
شادن : ن..نهى؟
عارف إن هالموضوع هو اللي مأزّمها أكثر شي.. وحضنها بأقصى قوته : لا تطرينها.. إنتي دنية عمر.. وعمر دنيتك.. إنتي عذابي وحياتي فيك..
تمسكّت بظهره وهي ترجف..
هذا هو عمر اللي عاشت تنتظره سنين !
هذا هو بدون أقنعة..بدون أدوار يتقمّصها.. كم تعبت وهي تتخيل إنها خسرته للأبد ..!
شادن باستسلام : عُـمر.. أنا..
أسكتها بقُبلة حارة حطّ فيها كل شووقه.. وكل حنينه اللي دمّره ،
ابتعد وهو يهمس ببحة : انتي معي.. مارح أتركك..
فتحت عيونها وهي مخدّره..مسلوبة القوى وعمر جنبها الحين يحتويها !
عمر بنظرات متألمة تفيض عواطف مجردة : جيت عشانك لحالك.. تخلّيت عن كل شي عشانك لحالك.. سويت مصايبي عشانك لحالك.. كل شي أسويه انتي السبب فيه !
ابتسمت بألم من نظرة العتاب الشديدة اللي بعيونه ..
وأردف وهو يسند جبينه على جبينها : تعبت كثير يا شادن.. حياتي كلها منتكسة!
نطقت بدموع : كل شي يتصلّح !
تأمل عيونها من كلمتها ، ونظراته تلين بحنية آآآسرة ..عطف..ولهفة..
ومسح على خدها بظاهر كفه وهو يطبع قبلة جديدة عمييقة..وبهمس : لا تبكين علي هذاني قدامك!
شادن بارتجاف من الظروف : خا..يفه..
عمر ابتسم يهدّي روعها : لا تخافين..
شادن بدت تبكي بين يديه وهي تناديه : عمر أحبك كثثثير..
ابتسم بحنية من هالكلمة اللي هزّت أوصاله وأوردة قلبه.. حضنها بكل قوته يعتصرها.. حضنها يعوّضها كل التعب..يعوّض نفسه حرمانه : وأنا حياتي فيك..
تجرّد بمشاعره كلياً..
عطاها بهاللحظة كل شي..كــل شي ،
احتواها بكل طريقة ممكنة.. سلّمها نفسه..واعترف بالأفعال قبل الأقوال..!
استسلمت لأنفاسه اللي كانت علاج مهدئ ، لمساته اللي طمنتها انه جنبها ، ولهــا ،!

صبــاح جديد.. قاربت الساعة 8 ونص والبرد شديد عقب مطر الليلة الفايتة ..
أوقف محمد سيارته بمواقف شركة أبـو راهي المعروفة والفخمــة..
نزل وهو لابس ثوب أسود بأناقة .. استعدّ لأسوأ الاحتمالات بسبب نبرته اللي مانساها من أمس...حط احتمالات خاصة بالشغل.. وحط بعد احتمالات بخصوص زواجه.. علاقته في بنتـه...بس كل هالاحتمالات كانت ولا شي بالنسبة للي بيسمعه..وبيشوفه !!
طلع الدرجات الرخامية اللي تلمع من نظافة وفخااامة راقية.. ناحية المبنى الضخم والفاخر واللي تجاوز الـعشرين دور ..
دخل وهو يتذكر المرتين اللي جا فيها لهنا كانت ببدايات علاقتهم المهنية بأبو راهي قبل ما تتغيّر حياته كليّا..
طلع فوق للدور العشرين وهو يستعد للدخول ..كان أنيق كعادته.. له شخصية وحضور ما يخفّ وهجه بعالم الشغل..
ابتسم للسكرتير اللي وقف يوم شافه : السلام عليكم..
حياه السكرتير بحفاوة : وعليكم السلاااام..هلا أستاذ محمد..منوّر..
محمد وهو يسفع شماغه بحركة سريعة وأنيقة : عندي موعد مع أبو راهي.. أقدر أدخل عليه؟
السكرتير : طبعاً هو عطاني خبر انك بتجي.. يبيك تدخل عليه على طول.. تفضل..
تحرّك محمد للباب ودقّه بهدوء.. سمع صوت أبو راهي يسمح له بالدخول..وتهيّأ له إنه سمع معه صوت ثاني..
فتح الباب وهو يرسم ابتسامة رسميـة ..دخل... واختفت الابتسامة وتحوّلت لاستغراب !
كــان...عمه ...
أبـو خالد..موجود هناك !

أبو راهي بصوت جهوري ونبرة آمرة : ادخل يا محمد ..
تقدم محمد وهو يغلق الباب بكل هدوء.. واقترب من المكتب وهو يسلّم.. وكل من أبـو راهي..وأبـو خالد يطالعونه بهدوء ..
ردوا السلام بخفوت...والجو مكهرب !
حسّ بشي مو طبيعي احساسه هذا ما يخيب أبداً !
من ملامحهم.. جلستهم.. عقدة الحواجب بوجه كل واحد.. إن الجدية واصله لآخر مرحلة..
كان فيه نقاش جادّ هنا... وتنبّأ إن فيه مشكلـة كبيرة صايره !
عمه أبو خالد.. كان واجم ..مغضّن ..وكأنه سمع شي ما عجبه أبداً ،
الواضح إنه تلقّى خبر قلب موده فوق تحت ..

أبـو راهي وهو يشير للكرسي : تفضل..
جلس محمد وهو يلتفت لـ عمه بتساؤل : عمي؟.. مو تقول رحلتك اليوم الصبح؟
أبـو خالد بهدوء : أجّلتها لليل ..
محمد باهتمام : ليش عسى ما شر؟
أبو خالد : كلمني أبو راهي اليوم الصبح...وقال يبيني بموضوع مهم..اضطريت أأجلها كم ساعة..
التفت محمد لأبو راهي باستغراب... جامعه هو وعمه اليوم؟؟؟...خير عساه خير؟!
بشكل عفوي انتبه لشي صغير عالمكتب قدام أبو خالد.......جوال !...جوال صغير لونك فوشي وشكله أنثوي !
رفع عينه لأبو راهي وهو مو فاهم شي ، بس يبي يفهم ليش طلبه اليوم..
أبو راهي قال بصوته القوي الثابت : ما كنت ناوي أكلم عمّك يا محمد...كنت بالبداية أبيك تجي عشان أتناقش معك بموضوع بالنسبة لي مهم.. بس اللي شفته بهالجوال اليوم الصباح..اضطرني أجيب عمك قبلك !
عقد محمد حواجبه ..التفت لـ عمه يشوف وجهه ولقاه واااجم..وشي بوجهه متغيّر !
وقال بهدوء كان يتوقع ان الموضوع حول الشغل دام عمه موجود : خير عساه خير؟..فيه مشكلة ؟

امتدت يد أبـو راهي للجوال ..وحطه قدام محمد..ومحمد عاقد حواجبه..
أبو راهي بتوضيح : هذا جوال بنتي بسمة .. خطيبتك..
تغيّر وجه محمد لاستغراب ودهشة..
وبدون ما يلمسه : طيب؟
أبـو راهي بعيون تضيق : أبي أعرف استاذ محمد .. وش نظرتك لعلاقتك مع بنتي..؟
رفع حواجبه بدهشة من هالسؤال اللي يخفي وراه اتهام .. وقال بهدوءه الراكز : سؤالك غريب ممكن تفهمني وش المشكلة؟
أبو راهي بتكرار : أبيك تجاوب.. وش نظرتك لعلاقتك مع بسمة؟؟؟
محمد بصوت ثابت : علاقة أحترمها..
أبو راهي : تحترمها؟؟.. طيب وينك عنها من شهر؟؟
تغيّر وجهه من الاتهام المباشر ..وقال بثبات ما ينهزّ : تدري عن ظروفي وتدري إن الشهر الفايت الشغل متكدّس.. ومو لاقي وقت لنفسي..
أبو راهي : طيب بصدّق هالعذر وأقول مشغول ..بس أبي أفهم سبب اللي مكتوب بهالجوال..؟

محمد ناظر بـ عمه اللي كان يناظره وهو عاقد حواجبه..والجدية على وجهه..
قال أبو خالد يوم شاف حيرة محمد : محمد وأنا عمك..وضّح موقفك أكيد عندك تبرير..
محمد بحواجب معقودة من الموقف اللي ما دخل مزاجه : موقفي بإيش؟؟

أبو راهي قال : بنتي بسمة صارت على ذمتك يا استاذ محمد..مارح أقبل بأي حال من الاحوال تدخل بمهزلة معك.. إشرح موقفك قبل تثبت الصورة اللي براسي عنك..
احتقن وجه محمد ، لكنه ضبط أعصابه..وأرخى ظهره للخلف ما يبي ينجرف بموقف هو مو فاهمه للحين : للحين مو فاهم عن وشو تتكلم.. ممكن أفهم؟

فاجأه أبـو راهي يوم قال : بخلّي عمك يسألك دام الموضوع يخصّ بنتـه !
ورمى نظره لـ أبو خالد يعطيه المجال.. محمد استغرب أكثر وناظر بعمه ، قلبه اضطرب يوم فهم ان الموضوع يخص سحر؟.. بس وش القصة ؟؟؟؟ وش دخل؟!
أبو خالد كان بحالة هادية غريبة ولكن واضح من عيونه الشدّ والجذب اللي صار بينه وبين أبو راهي قبل دخوله..الجدية بالأجواء..وشي من غضب أبو خالد المستكين اللي ما ظهر للعلن..
محمد بهدوء : عمي؟!

قال أبو راهي : خذ اقرى اللي فيه وأظن بتفهم لأنك ما شاء الله فطين وذكي..

مسك محمد الجوال..وفتح على الشاشة ..كانت مستقرّه على رسالة ..نااارية وهجومية !
إذا تذكرون...أول رسالة أرسلتها سحر لـ بسمة..بتحريض من تركي !
الرسالة اللي أزّمت الموقف ، وكانت بداية اشعال سحر للحرب من طرفها ،

( حطي كلامي بين عيونك زين
محمد ما بيكون لك ..بيكون لي أنا يا مرضْ
رح أخليه يخونـك وإنتي تشوفيـن رح أخليك تبكين دم
مارح أطلع من حياته بكون معه قدامك ومن الحين !
انبسطي هاليومين بس خلك متأكدة إني راجعـه لـه..بخليه يجيني
وبخونك معه
وبيخونك معي أنا..وبرضاه )

جمدْ محمد مع هالكلمات.. ما رفع راسه مدنّق ..والصدمة على هيئته..
اسم سحر بأعلى الرسالة ورقمها معروض قدامه.. ما يخطي فيه !
هذا إنتي...يا سحر؟؟
معقول ؟؟؟؟

ما لقى تعليق الحال كله يصفع ، !
أبو خالد سكت الموضوع كله ألجمه .. قرأ الرسايل اللي باسم بنته سحر..رسايل برقمها..كلام ما يتوقع إنه يطلع من بنته.. واللي زاده غرابة إنه يرتبط بمحمد..
كيف يطلع من سحر كلام كبير مثل هذا.. كيف تطلع هالفضيحة منها؟!

ورغم كل هذا...كان عارف أخلاق ولد أخوه...محمد !.. خبز يديه..ما يسوي شي من وراه!
التفت أبو خالد لأبو راهي بهدوء : حق بنتك عالعين والراس.. واللي أنا متأكد منه إن محمد ما عنده خبر عن الموضوع..
أبو راهي بهدوء جادّ : أبو خالد يا ليت تعذرني على طلبي لك اليوم..لكن بنتي في حالة سيئة من اللي يصير توّها بـأول خطوة فحياة جديدة...وكان لازم أقولك لو ما عندك خبر عشان تعالج المشكلة من ناحيتك دامها بنتــك...وإنت أدرى فيها !
أبو خالد والموقف مخزي للغاية بالنسبة له.. لأن التهمة لازقه في سحر ورقمها بالجوال ما يقبل الانكار.. وبهدوء : طيش بنات لا أكثر.. مارح يتمادى الموضوع لأكثر من كذا.. بنتي أعرفها أكيد ما تقصد..
ابتسم أبو راهي بضيق : زي ما قلت لك.. اللي وصلني من بسمة ان المضايقات بتكمّل الشهر.. ما تحس إن الموضوع زاد عن حده دامه كذا؟
أبو خالد دنّق شوي ومحمد يتابع الحوار وهو ضايع !.. مو فاهم.. وليش .. ليش لقى نفسه بوسط هالمعمعة !
رفع أبو خالد راسه يلملم الموضوع : حقك عالعين والراس..وأنا بتصرف معها ..لا تشغل بالك..

أبو راهي التفت لـ محمد يتابـع بجدية قوية : محمد ساكت؟... أتوقع فهمت اللي صاير..ومن حقي أسألك.. وش علاقتك في بنت عمــك وبسمة على ذمتك؟؟؟
انصب الدم كله بوجه محمد من الصدمة.. سؤال المفروض ما ينطرح..سؤال قليل ذوق بكل بساطة..ولا يليق فيه وبشخصه !
أبو خالد احتدّ صوته من السؤال : اهدى يابو راهي محمد وأعرفه ..
أبو راهي التفت لأبو خالد : خله يتكلم عشان أفهم..
أبو خالد بتكرار : قلت لك قبل ما يدخل محمد إن بنتي مخطوبة لواحد ثاني ، مستحيل يطلع منها هالشي.. وإن طلع منها فهو مجرد طيش مارح تسويه.. لا تعقّدها..
التفت محمد لـ عمه بصدمة ذهول من اللي يسمعه !.. مخطوبة !؟

أبو راهي بجديـة : طيش وتجاوزْ الحدود يابو خالد .. رقمها بجوال بنتي وقريت بنفسك رسالتها..وش أفهم ...لعبة تلعبها تتسلى ؟؟
أبو خالد بهدوء تأكيد : سمّها طيش..سمّها سوء تفاهم بينهم..بس تأكد البنت مخطوبة واللي صار هذا ..آخر مرة يصير.. كلمة وخذها مني..
رفع محمد عيونه لعمه وهو مصدوم ..مشدوه..يحاول يستوعب شي من اللي يصير..الكلام اللي يقولونه..
أبو راهي بتأكيد أخير ما يقبل النقاش : إنت أبوها وتعامل معها..!
أبو خالد والموضوع كله حوّله لشخص جاااد محّد يتنبأ وش بيسوي : بتعامل معها..ريّح بالك..
أبو راهي يبرر : بنتي متأزّمة من الموضوع فاعذرني إني اضطريت أكلمك..
ابتسم أبو خالد يخفف الشحنْ بالجو : من حقك..دام بنتي غلطت فـ بتصرّف معها بالطريقة المناسبة.. متأكد أنا إن محمد ما يطلع منه العيب ولا بينه وبين بنتي شي.. بنتي مقبله على حياة مع رجال ثاني ولا في بالها تسبب مشاكل لبنتك.. تأكد من هالشي يابو راهي..لا تخلي مشاكل طيش مثل هذي تاخذ أكبر من حجمها..
أبو راهي برسمية : ما عندي شك يابو خالد.. أكيد مارح يرضيك مثل هالطيش المتهور.. وبنساه دامك بتتولّى الموضوع..
أبو خالد بنبرة توتّر منها محمد ، لأن الواضح إنه ضايق ومعصب ولو أخفى هالشي : يصير خير..
أبو راهي بتأنيب : دام بنتك مخطوبة أعتقد هالشي مو في صالحها.. مو زين تنشغل بحياة ثانية مالها فيها..
أبو خالد : بنتي بتنشغل بخطيبها ولك مني ينتهي هالموضوع كله.. بتصرف معه بـ حــزم وأحلّه..
وقام واقف سلّم وطلع ..
بينما محمد ما تحرّك من مكانه عنده كلام يبي يقوله..

قال يوم صاروا لحالهم : أفهم إنك كنت تظنني أخون بنتك ؟؟ هذا الموضوع ؟
التفت أبو راهي عليه ببرود.. وقال : كان لازم ألقى تبرير..
محمد وعيونه على أبو راهي بقوة : من وين جزمت إني أسويها؟؟
رفع حاجب : انا لآخر لحظة ما جزمت وعطيت الأعذار وهالشي اللي خلاني أطلبك تجي عشان تشرح..
محمد بسخرية خفيّة : وتطمّنت من ناحيتي؟
انتبه أبو راهي لنبرة غير بصوته ..وحافظ على هدوءه : دام عمك بيتولّى الموضوع بنسى ناحيتك.. بس.. لازم تعدّل حالتك مع بسمة ..اهمالك لها راجع نفسه فيه ..الشغل ماهو عذر ..
محمد ابتسم على جنب ..وبدأ يفهم.. دامه طرى اهماله لها.. يبدو إن كل اللي صاير شكوى من بنتـه عنه..
هزّ راسه بصمت واستجابة ظاهرية ..ناوي على نية .. الموضوع كله ما دخل راسه...دخول سحر بالموضوع بهالطريقة ما ريّحه ..سحر مسالمة مارح تدخل بمشكلة كبيرة مثل ذي إلا اذا كان فيه اللي يجبرها..
ولازم يفهم السالفة ..

وهو واقف : حصل خير.. تامر بشي..
ابو راهي وهو يدنق لملف بجمود بارد : الله معك ..

طلع محمد من المكتب بسرعة..واتصل بعمه وهو يدعي انه ما بعد طلع ..
رد عليه وسأله وينه فيه..قاله إنه تحت عند السيارة ما بعد حرك ..
سكر بسرعة خارقة واستعجل بالنزوول لهناك ...لازم يفهم شي ..كلام عمه عن سحر أقلقــه!
قرأ الغضب بعيونه وخاف يتصرف معها بشكل حازم ومتهور.. وسحر مو من هالنوع هو عارف !

طلع من الشركة ولقى عمه واقف عن سيارته ينتظره ..
ابتسم محمد بنعومة لعله يمحي هالجمود : عمي هدّ أعصابك..
أبو خالد وهو يتنهّد بحرقة : هالسواة تطيّح الوجه... اعذرني وانا عمك سواة سحر هذي مالها تبرير يرفع الحرج..
ابتسم محمد بحنية : لا تشغل بالك..ما زعلت منها..غالية وبنت غالي..
ابو خالد : وشلون ما زعلت منها وهي حاستك .. الثقة يا محمد هي أساس أي علاقة جديدة..ما بغيت أبو راهي ياخذ فكرة عنك مثل هالفكرة وانت توك ما بديت حياة مع زوجتك..
تنهّد محمد وحبس كلام كثير داخله.. أول هالكلام إنه رافض كل العلاقة..رافض هالموضوع..
لكن عشان عيون هالرجال دقمها : لا تشيل هم...بقدر أهتم بالموضوع وأمحي أي سوء فهم...بس انت يا عمي لا تعصب منها..
رفع ابو خالد عيونه وبان الغضب فيها هالمرة : طلبك غريب؟؟؟..هذي سواة ينسكت عنها بالله عليك يا محمد؟؟؟
محمد بهدوءه : قلتها بنفسك طيش بنات مارح أعتبره أكثر من كذا.. الموضوع يخصني ..وأنا أطلبك ما تطير بعجّته..
أبو خالد بصوت شديد : مهما كان ما اقدر امرر الموضوع بسكات..هالسواة مصيبة.. ولازم تعرف نتايج تصرفها.. كلامها يخزي وابو راهي مارح ينساه بسهولة...صعب بنتك تطيح من عينك والأصعب لو طاحت من عيون الناس.. هذي بنتي وأنا بعرف أحلّ موضوعها..
محمد بقلق : هدّ أعصابك ..
ابو خالد بمرارة : مستحي منك يا محمد قبل استحي من أبو راهي.. الكلام بحقك كبير وما أرضاها على أخلاقك مدري وين أودي وجهي..
ابتسم محمد وعلى كثر ما كان كلام سحر قوي إلا إنه أنعش مشاعر داخله فقدها..
وتنهّد : ما زعلت يا عمي..
وسكت شوي...ثم قال متساءل : انت كنت جاد يوم قلت... إنها...مخطوبة؟!

رفع ابو خالد عيونه بهدوء جادّ : ما أمـزح ! ... قلت بحلّ هالموضوع من جذوره..!
محمد وقلبه يضطرب : عمي ؟
أبو خالد : لا تشغل بالك الموضوع بين يديني ألحين.. أنا ماشي للبيت الحين.. رحلتي لموسكو الساعة 7 المساء .. سلّم لي على أبوك..

وركب سيارته عشان يحرّك مع سواقه بينما محمد واقف بقلــق يغمره..
يوم سمع الكلمة فوق .. قال إنها مزحة..أو كلمة ألقاها عمه عشان يمتّص الموضوع ويململه عند أبو راهي...لكن.... الموضوع بعينه كبير.. وأكيد حسّ ورا سحر شي كبير !
سحر ؟...ليش سويتي كذا؟!

مو فاهم سبب اللي صاير ! ... راح لـ سيارته وأعصابه مفوّله للآخر.. ما توقّع إن الموضوع اللي طلبه أبـو راهي عشانه يكون خيانة وزفت وكلام فاضي !
فيه شي صاير وهو ما يدري عنه !
حرّك السيارة بسرعة ناحية الشركة عشان يبدا دوامه وأفكاره تتخبّط من هالصباح..
نظرة أبو راهي..اتهامه لاهماله بنته ؟!
بنتـــه !
هي طرف بالموضوع وأكيد عندها خبر... لازم يفهم ..
ماهو من النوع اللي يقبل على نفسه يكون مثل الأطرش.. لازم يفهم الموضوع ..مارح يقبل لـ نفسه الموقف اللي انحطّ فيه.. وتعامل ابو راهي معه كأنه واحد من موظفينه..اتهامه له بذيك الطريقة مارح يمررها بأي حال من الأحوال.. مارح يعدّي الموضوع كذا ولاهو من النوع اللي يمرر الغلط وشلون لو كان عليه ..،

::

بـ غرفة شادن ..
صعب وصف هالصباح.. صعب وصف لحظة السكون اللي تعتريهم..القرب العنيف اللي بينهم..
عُمر جدّد العلاقة بأرسخ طريقة ، رممها بأسلوبه.. داوى جروحها العميقة ..عشقها بشكل ما عاشته ولا خاضته بيوم..
فتحت شادن عيونها بتعب ولقت نفسها ما ابتعدت عنه شبر .. ما تركها طول الليل ،
نايم على جنبه ناحيتها وراسها متوّسد ذراعه الممدودة ، ومحتويها بيده الثانية قابضها بعنف لجسده.. شفاته مستقرّه على جبينها وأنفاسه تلفح نفس المكان..
رمشت بنص وعي وهي تستشعر اللحظة ...نظراتها الناعسة بمستوى عنقه لأنها أقصر منه ومحاصرها مع كل اتجاه..مستسلمه بشكل كلي لقبضته..مافيها طاقة تبتعد..
ابتسمت بتعب وهي تشوف العِرق اللي برقبته الصلبة ينبض بوضوح..
هالقرب يدمّرها ويحييها من جديد.. شعورها هاللحظة الغريبة أعمق من أي شعور خاضته بحياتها..
عمـر ، كان شغــوف فيها..!.. كان ملهوف بقد ما كان متألـم..
بقد ما بكت البارح.. بقد ما كان مداوي.. كان حنون.. كان شغوف.. كان رقيق..
كان معها بروحه واحساسه..
وش كثر كرر اسمها.. فجّر أحاسيس ومشاعر كان حابسها وتركها تعيشها فيه هالمرة..
رفعت راسها بهدوء عشان تقدر تناظر وجهه وشعرها مفروش بعشوائية على ذراعه الممدودة..
عيونه مغمضه بهدوء.. وملامحه مسترخيه بعذوبة..
فقدت هالملامح الفترة اللي راحت.. كل ذرة فيه.. كل ذرة فيه عايشه داخلها..
تحرّك وجهه شوي ..نزّلت راسها بسرعة ودنّقت ونفس المشاعر العنيفة تكتسحها من طرف رجولها لين قمة راسها.. دنّقت للأسفل بعيد عن مدى نظره تحاول تتوازن قبل يصحى ..
ويوم حسّت انه ما صحى ونايم... قررت تروح للحمام تجمع مشاعرها من جديد..
حاولت تنسحب من حضنه بهدوء وهي متوترة..ومشتعلة..
وقبل تبعد شبر.. قبضها بيده وضغط على ذراعها.. وجذبها لجسده مرة ثانية بدون مقاومة منها وهي الطرف الأضعف..
وبهمس مبحوح من أثر النوم : على وين؟
دنقت لمستوى صدره بهمس مرتعش : أ..غسل..
ابتسم ونزّل براسه وهو مغمض بكسل : ما قلت لك..؟
دنّقت أكثر لدرجة انه قمة راسها ضربت بصدره وهو ما يقدر يوصلها.. بخفوت : ..ايش؟
رغم نعاسه وتعبه..حسّ بهروبها وارتباكها ..وبابتسامة جانبية نااااايمة : أول ارفعي راسك ..وحطي عينك بعيني..
ما ردت عليه وقلبها مضطرب بشكل متعب..مشاعرها ما هدت عن الثوران من أمس ، ولا فيها تتكلم ..
عمر وشفاته تلتحم بجبينها بهمس ساااخن : شاااادن..
غمضت عيونها بشدة من اررتباك..ورمت راسها وسط صدره تخفيه.. أنسب مكان للاختباء ،!
ابتسم مرة ثانية وهو يفتح عيونه لأول مرة..يستشعر كل حركة منها ...حاول يرفع راسها بيده..مانعت وأصدرت صوت دليل الرفض !
قال ويده تستقر خلف رقبتها وتضغط عليها..بألم شغوف : ارحمي هالقلب.. شادن ..
رفعت راسها وهي ساكته وعيونها تحكي..وطاحت بعيونه اللي تلمع بوضوح.. دنّق ونزل بمستواها وهو يسند جبينه على جبينها ، بهمس : سألتك البارح... مستعدة تتعبين معي عقب كل هذا؟
شادن بخفوت مضطرب : لا تسألني هالسؤال..
ابتسم يشجعها بكسل : جاوبي..
شادن ودموعها تغرق بعيونها : خلني أتعب ما يهمني..
تنهّد وهو يضغط بجبينه عليها : قلبي يوجعني منك.. ليش ما كرهتيني ..تعبت أحاول طول ذيك الفترة وانتي تحاربين عكسي..
شادن بصوت يهتزّ ما تبي تتذكر سوايـاه المؤذية : اذا كرهتني ساعتها بكرهك..
ضحك غصب عنه من جوابها..ضحكة قصيرة ومتعبــة.. عرفت شلون تجيبها ..
واردف بهدوءه : تدرين إني ما أقدر..
شادن وعيونها تحت : أجل لا تلومني..ما قدرت..
طوّقها بيديه الثنتين بقووة محكمة بعد ما كان راخي.. وسكت لحظات..وأخذته غفوة..وشادن ساكنه تستشعر هالمشاعر العميقة اللي تنحفر داخلها..تنحــتْ داخلها أثر يهزّ بدنها.. عمر ما رحمها لا بغيابه...ولا بحضوره..
يوم حست إنه رجع ينام مرة ثانية...انسحبت من بين يديه بهدوء وهي تحاول تلملم نفسها ..ان بقت جنبه.. بتذوب وتختفي..
راحت للحمام تجمع انفاسها.. تهدّي من مشاعرها.. ترجع لشادن الطبيعية .. تستوعب كل شي حلو صار بينها وبينه ،

مرت ربع ساعة..
فتح عمر عيونه بعد غفوة حلوة..فقد شادن اللي كانت قبل شوي جنبه..
انقلب على ظهره وهو يلتفت للحمام المغلق...وابتسم بحنية من وضعها المقلوب..
ما كان يتخيّل ان قربـها بيحييه بهالشكل.. بيجرده بهالشكل..
ما كان شي متوقع يا شادن.. لكني راضي فيه ولا ندمت..
كنتي شي غير بحياتي..شي له خصوصية...
شي عجزت دايم أفسّره أو أعطيه مسمى..

قام من السرير وأعصابه مسترخيه رغم إنه ما نام نومة طويلة..
لبس القميص على صدره بدون ما يسكره مع بنطلون البجامة ..وقام وهو يفرك راسه..
طوّلت شادن بالحمام.. ولقى نفسه يروح ناحيته وابتسامة ناعمة على فمه..
تهرب منه؟
وين تهرب وكل شي انكشف مافيه شي يخبّيه...جرّدته حتى من طبعه الهادي الكتوم !
خلته يحكي ويقول كلام كان يحبسه داخل صدره ..كلام بحياته ما نطق فيه ..

دق الباب بهدوء وهو يسمع صوت الحنفية مفتوح..
ناداها بهدوء : شادن؟
ماردّت عليه.. وانتظرها خمس دقايق زيادة يعطيها المجال تهــدى..
وعقب دقّه مرة ثانية : اطلعي.. بتكلم معك..
شوي وفتحت الباب...وظهرت قدامه بهدوء كاذب وعيونها بعيونه : مو كنت تقول فيك نوم وتعبان؟
تسنّد بيد وحدة على اطار الباب وهو يدنّق لها بهدوءه المعروف : تعبان ومرتاح...وشلون ..حلّيها إنتي..
غيّرت الموضوع : تبي الحمام ؟
عمر تمعّن بوجهها وحمرته ..وبحركة عفوية ..مد يده وقرص أنفها بابتسامة : أبيك ترتاحين ما خذتي كفايتك من النوم..
انتفضت مشاعرها من هالحركة البسيطة ... ولاحـظ ارتجافها رغم انها متماسكة بمكابرة ..
ابتسم ، وقرص أنفها مرة ثانية : تحبينها ها ؟
حممر وجهها ..وبعتاب : عوومر!
زادت ابتسامته وارتباكها سلب عقله...وبهدوء صوته : لا تقولين عومر !
شادن بارتباك طبيعي : خلا..ص..
قال بذات هدوءه : مو خلاص ..
شادن : خلاااااص..
عمر : خليك طبيعية عشان أرجع طبيعي .. كذا ما ينفع يا دنية عمر !
رفعت عيونها لعيونه وقلبها يخفق من كلمته الأخيرة..كرر هالكلمة بإذنها كثير أمس.. كلمة داوتها ..وهدّت من أعصابها التعبانة..كلمة نزعت كل التعب النفسي اللي قتلها الفترة اللي راحت..
عمر كرر : روحي نامي..
قالت وهي متماسكه : انا مرتاحه ..
عمر بهدوء جاد : لا أبداً.. روحي ريّحي.. وبعدين فيه كلام كثير أبي أقوله بخصوصي..مارح أقوله وانتي بهالتعب.. ما نمتي ساعتين على بعضهم..
تورّد وجهها لأن محد فيهم نام..
وقامت تتمعن بملامحه العذبة اللي رمت كل قناع مؤلم.. فعلاً ..هو.. اهتمامه..
مشاعره اللي حتى لو أخفاها ..إلا ما تظهر ،
وشلون تنام.؟
وشلون تنام وهو موجود..وشلون ومشاعرها ثايره بشكل مُتعــب للقلب والروح ..
وقالت بخفوت : كلام بخصوصك؟؟
عمر بهدوووء مُريح : ايوه.. أنا جيّتي عشان كثير أشياء.. كنت أبي أقولك عن كل شي ...بس.......
سكتْ ونبرته تلين......ورفعت عيونها له تتحرى وش بيقول..
وأكمل وهو يتقدّم منها بشغف : بس خذتيني من نفسي يا شادن..
ولقت نفسها بين يديه من جديد.. طبع قبلة ناعمة بزاوية شفتها..مع قرصة على خدها بيده.....اكتفى فيها ..وتجاوزها للحمام ..
وأردف : روحي ريّحي..

أغلق الباب من عقبه..وهي واقفه تجااابه هالطوفان من المشاعر..
طوفان مشاعره اللي تفجّر مرة وحدة... ما كان عُمر بهالانفجار مرة..ماكان ...
هي عارفه ..له مشاعــره بس طبعه الكتوم كان كثير يغلبـه..
ولكن الواضح..إن الليلة الماضية للحين ما اختفى تأثيرها..للحين عايش فيها..

راحت للسرير وهي حاسه بخدر.. هي عارفه ان فيه أشياء كثير لازم يتكلمون فيها..أولها موضوعه..المشكلة اللي مأرّقتها ..
رمت روحها على السرير تستغل تواجده بالحمام عشان تسترخي.. تهدّي من ثورة مشاعرها..وتغفى عالأقل ،

دخل عمر تحت الشاور الحار وهو مغمض مستسلم لضربات الدش..
وكأنه رمى كل ارهاقه الروحي عليها .. أنعش روحه فيها ..أحيا قلبه واحساسه الميت..
تنهّد وهو يفرك وجهه بيديه.. ،
كيف دارت الأيام ..وبعد ما كان يبحث عن نهاية معها...لقى نفسه في بداية بداها..

اخذ منه الشاور حول العشرين دقيقة ..وطلع وهو ينشف شعره بمنشفتها اللي لقاها بالحمام..
طاحت عينه عليها نايمه بالسرير بالعرض ..ولامه ركبها لصدرها..والتعب لازال ماخذ مأخذه منها..
اقترب منها عشان يغطيها بنفس الابتسامة الناعمة اللي ما يقدر يحبسها كل ما شافها..
هالبنت اللي كانت بيوم من الأيام.. مجرد طفلة حاولت تحتويه من كل فقدان عاشه.. وحسّه .. فقدانه لأمه..أبوه.. مشاعر التشتت واليتم اللي كانت تسيطر عليه بأوقات كثيرة ويكتمها بقوة داخله.....
وصارت هي أمه وأبوه !! وشي أكبر مع السنين..
سنين وهي تشوفه كل شي.. سنين وهو عارف إنه كل شي بعيونها..
وما أخفت هالشي عنه لحظة... لكن ظل طبعه الكتوم بأوقات متفرقه حاجز بينه وبينها..
تكسره يوم..وتعجز أيام ..
واليوم....
ابتسم وهو يمسح على شعرها بيده..وابتعد ناحية الصوفا وهو ينفض شعره الأسود بالمنشفة..
وصل لسمعه صوت رنين تلفون...التفت قبل يجلس وشاف إنه من جوالها..
تحرك هناك عشان يكتم الصوت ... ويوم رفعه شاف رقم غريب غير مسجّل عندها..
ما اهتم بالبداية وحوّل المكالمة صامت ..
نزّله وكان بيرجع للصوفا بهدوء .. لكن رنين الجوال من جديد بنغمة رسالة خلاه يرجع يشوفه..
ما كان ناوي يفتحها بس يوم شاف إنها من نفس الرقم الغريب..
فتحها بعقدة جااادة بين حواجبه ..وقرأها ..

( صباح الخير ..
انا راهي وهذا رقمي كان ما عرفتيه
حبيت أتطمّن عليك عقب أمس ما قصدت أخوفك
شادن اتمنى تكونين بخير.. وتتأكدين اني صادق معك )

كلمات الرسالة صبت الهدوء والجمود على هيئته .. بمجرد ما قرأ اسمه .. ما اهتم بشي ثاني ..احتدت عيونه بشكل عنيف ومخيف ..
اللي صار أمس؟!
التفت عمر لـ شادن المستكينه بنومها ..وعيونه تتمعّن فيها يحلل حالتها أمس..
حالتها ونفضة الخوف اللي شافها فيها ..
فيه شي صار لها مع هالوصخ !؟

رجع للصوفا وجوالها بيده..تاركها تنام وترتاح بدون ما يصدر أي صوت..
مثل ما توقع فيه شي صار لها وارتجافها أمس مو عبث... رح يعرف الموضوع كله وان كان نفس اللي بباله...او حتى يشبه اللي بباله..
مارح يمنعه عنه شي ..!

::

في موسكـو ..

طلعت سحر بوقت الفجر من الفيلا..وهي متدثّره بملابس ثقيلة وشال ثقيل ملفوف على رقبتها..،
الحلم الغريب ذاك تكرر عليها مرة ثانية ..ولا عرفت تنام من عقبه..
الحلم اللي كان فيه شخص غريب متقنّع بقناع أسود مزخرف..جاها وهي واقفه عند بوابة الفيلا وهي تنتظر شخص معين..والجو وقتها ينذر بغيوم رعدية وعواصف من بعيد.. كان يتكلم معها بلغة غريبة ما تنفهم بالواقع بس هي فهمتها..ويحذّرها من نفسه..
ليش رجعت تحلم فيه؟!.. مو فاهمه شي منه ..وتكراره للمرة الثانية وتّرها..
قررت تهرول شوي تسوي رياضة تطلّع الطاقات السلبية أقل شي وتنشط الدورة الدموية بجسمها عقب ليلة متعبة..

راحت تهرول بالريف وهي تحاول تنزع الحلم الغريب من راسها.. ماله معنى بنظرها.. ولاهي لاقيه له تفسير..
مرّت جنب كوخ وليد... ووقفت عنده لا شعورياً ..
يا كثر ما تحتاج تدخل هالمكان الحميم بالنسبة لها ، تحتاج تدخله ..وبكل مرة تغلبها الرغبة تتذكر إنه صار شي مُحرّم..
الوقت اختلف.. الحاضر غير زمان ،
تنهّدت من قلبها وهي تتأمل هيئته الخارجية... ليش يا وليد بقد ما تساعدني تتعبني ؟!
لو تدري عن مكانة هالكوخ بقلبي وتأثيره.. كان سلّمتني اياه..

بدون ما تتعمّق بالتفكير..تقدمت للكوخ من الجهة المعاكسة للباب..حيث فيه فسحة صغيرة تشبه الشرفة الخشبية خلفها النافذة الزجاجية الكبيرة اللي ماخذه الواجهة بالكامل..واللي تعتبر واجهة الكوخ للمطلّ الطبيعي..
وبتهور صعدت الشرفة القريبة من الأرض ..تبي تلقي نظرة لـ داخل.. أكيد نايم مافيها شكّ..لكن ما قدرت تمنع نفسها تلقي نظرة..
الستاير كانت مكشوفة.. دققت لجوا مع إن الكوخ كان أظلم لكنها قدرت تلمحه.. وتلمح جسمه..
مستغرق على الصوفا ونايم على بطنه والبطانية الثقيلة تغطيه..ما يظهر منه الا كتفه وراسه... ما تميّز ملامحه الدقيقة بس تقدر تشوف هيئته العامة..
ابتسمت بسخرية على حالها.. وغبطة عليه من استمتاعه بالنوم... ليش تحس إنه انسان قادر يدوس على همومه ويرمي بها عرض الحائط متى ما بغى...انسان يعرف وشلون يقتلع اللي يضايقه بسهولة..انسان يعرف شلون يريّح مخه ويتعامل مع كل الأوضاع اللي تواجهه..
وأكبر دليل.. شخصيته الفريدة اللي تغلّبت على الظروف الصعبة..رغم فقره..ومعاناته بالحياة..إلا إنها مهما انكرت بينها وبين ذاتها..فهو شخصيته فريدة وقوية وغموضها يجذب ..

كانت واقفه قدام النافذة المكشوفة وافكارها الكثيرة مسيطره عليها... هبّ نسيم الفجر وطارت عند رجلها ورقة يانعة من الشجر القريب... دنّقت بتاخذها ناويه تتسلّى فيها..وتمشي..
ويوم استقامت واقفه ..حست بالخيال الطويل اللي واقف.. صرخت وهي تنتفض بروعة يوم شافته واقف قدامها وبعيوونه حدّة ما يفصلها عنه إلا زجاج ..
طاحت الورقة من يدها.. وقلبها طاح بين ضلوعها من الصدمة..
متى قام...ومتى وصل....ما تدري !!

قبل تنطق بكلمة .. فتح باب النافذة بكل عنف بيد وحدة وبدون ما يتركه : كنت بكذّب عيوني بس صعب الحين..
انقلب لون وجهها وتلعثمت.. وبلحظة كانت بتلتفت وتركضض..ما تدري ليش لكن ما قدرت..
رجولها تسمّرت وأجبرتها تواجهه ..
قال بهدوء : تطلّين على واحد نايم؟..يا آنسة هذي يبيلها تفسير..
مسكت حالها وبهدوء لا يشطح بخياله بعيد : كنت أتمشى ومالي هدف معين يوم طلّيت..
قال بدون ما يتحرّك ..هو داخل..وهي برا وبينهم خطوة : عذر مو مُقنع !
رفعت حاجـب من تسلّطه بكلامه ...وتماسكت : مو مجبورة أقنعك..كنت أتمشى قريب وطالما إن هالكوخ من أملاكي فمن حقي أطلّ عليه بالوقت اللي يعجبني..
ابتسم ابتسامة جانبية ساخرة : قولي انك تبين تدخلينه بعد؟؟
تغيّر وجهها ما تدري ليش حست انه يلمّح لمعنى قليل أدب.. بس أنكرته بسرعة..
وقالت بهدوء : لو أبي أدخله طلّعتك منه بسهولة ..ودخلتـه ..
رفع حواجبه فوق وفمه يميل لتحت باعجاب من كلمتها القوية : تطلعيني؟
سحر ما تبي تعطيه الفرصة يكون المتحكّم بالموقف : ايه..
رفع حاجب بتحدي وعيونه ما نزلت عنها.. وسحر كانت تطالعه بنفس الطريقة متجاهله شكله مع شعره الفوضوي وهيئته الناعسة اللي بشكل أو بآخر سلبت شي من نبضها..
بس ما رح تضعف !
مارح تضعف !..
مارح تسمح لهالقلب ينبض من جديد..

قال بصوت مبحوح : للحين ما قلتي ليش كنتي واقفه تراقبيني ؟
سحر بسخرية : أراقب ايش بالضبط...نايم بسابع نومة وش براقب فيك.. جيت اشوف كوخي
تركي بسخرية ألذع : كوخك ما يحلى إلا بوجودي ..؟؟
عصّبت عليه .. وقررت تنسحب.. الواضح إنه ما صحى من نومته ولا استوعب على حاله.. جريء بزيادة أكيد سكران بحلمه ..
استدارت وهي تتمتم : عذراً على ازعاجك تقدر تكمّل نومك..
ونطت من الشرفة للأرض القريبة وهو يناديها بسخرية : لحظة يا آنسة عارف إنك جايه تبين شي.. أنصحك ما تخبين علي..
سفهته وابتعدت وهو يراقبها بعيونه.. اختفت عن عينه ..ورجع خطوة خلفية للكوخ وهو يسكر النافذة..

صاحيه هالوقت...وجايه لعنده؟؟؟
التفت للساعة العتيقة عالجدار يشوف الوقت...
لسا بدري للغاية وشروق الشمس باقي عليه..
قطعت عليه نومــه بذيك الوقفة !.. نومه أصلاً خفيف وأدنى شعور يوقّظه..وفتح عيونه على شعور بـ شخص قريب..
وقوفها بذيك الطريقة صدمه بالبداية ...وما عرف ليش حسّ للوهلة الأولى إنها تتجسس عليه .. اللي خلاه يفزّ بحدّة من الصوفا وهو ناويها.. لكنه مسك نفسه بآخر لحظة..
براسه يعرف ليش كانت واقفه عند كوخه هالوقت..
بدّل ملابسه بسرعة وكل ذرة للنوم طارت... اخذ الآيس كاب مع الشال والجكيت..
وطلع وهو يبحث عنها بعيونه مع ظلمة الفجر ..

الي هنا انتهى البارت

Continue Reading

You'll Also Like

81.3K 4.2K 24
في ذلك الغرفه تدور تلك البنت جميله عن حياتها ومستقبلها لغريب ترا لكثير من لغرف حوليها تحاول تخلص من مأسااها وتدخل في احدى لغرف وترا رجل يمسك بيدها و...
371K 21K 33
قصه حقيقيه لثلاثه ريحانات لكل ريحانه قصه مختلفه تأخذنا لنغوص في عالم مختلف
خادمة القصر By JSK

Mystery / Thriller

77.8K 188 5
بقلم اسماعيل موسي
1.1M 53.5K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝