روح وريحان

By engsoso

582K 10.5K 222

صدعت صرخاتها الجدران ... تشققت أنفاسها ... سرت رجفة في نفوس من حولها ... تحيط بها الهمسات والهمهمات ... تتمتم... More

١
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
40
41
42
43
44
45
46
39

28

10.4K 214 0
By engsoso


· الفصل الثامن والعشرون


لن تستطيع حل مشكلة بنفس الذهن التي أوجدها "توماس أديسون" ..

الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير اي شئ "جورج برنارد شو" ..

الضروري لتغيير إنسان هو أن تغير فكرته عن نفسه "إبراهام ماسلو" ..

هكذا فطن "يوسف" و"رنيم" للبدء في تغيير حياتهما للأحسن .. فعقولنا مليئة بالأفكار التشاؤمية السوداء وكذلك الأفكار التفاؤلية البيضاء .. ونحن المتحكمون في أيهم يؤثر ويسيطر علينا .. ومن عقولنا يتولد الحماس والثقة في أننا نستطيع .. وبسبب معتقداتنا تسير حياتنا وتتحرك .. فنحن السبب .. وعلينا اختيار ما نريد .. إن كنا نريد السعادة بيدنا وإن كنا نريد أي شئ آخر فبيدنا أيضاً .. فقط نغير فكرتنا عن أنفسنا .. ونجعلها ناصعة البياض .. تشع أملا وضاءا .. وأفكارا بناءة .. فنحن بأنفسنا .. لا بفكرة الآخرين عنا ..

اخترق ضوء شاسع عينيه فوضع الوسادة فوقهما .. ابتسمت "رنيم" وهي تقترب منه وتأخذها قائلة :
- يوسف حبيبي .. اصحى هنتأخر .. كل يوم تغلبني كدة ..

وضع وسادة أخرى على وجهه قائلا :
- طيب روحي صلي الضحى الأول وتعالي صحيني ..

ابتسمت وهي تأخذ الوسادة الأخرى قائلة :
- طيب قوم صلي انت وملكش دعوة بيا ..

فتح عينيه ببطء وجدها تجلس أمامه فنظر إلى ملابسها وقال :
- وكمان لبستي ..

وقفت قائلة :
- اه وقدامك 15 دقيقة بس تكون فقت ولبست وصليت والا الفطار هيتسحب ..

جلس قائلا :
- دة تهديد بقا .. طيب انا لسة هستحمى .. هاه ..

اتجهت للخروج قائلة :
- 16 دقيقة .. كدة كويس .. علشان بعد كدة تصحى بدري ..

اتجه للحمام قائلا :
- ماشي يا نيمو هتتردلك يا قلبي ..

أنهى كل شئ .. ثم جلس معها حول المائدة .. فابتسم وهو ينظر للطعام قائلا :
- واو .. ايه دة فطار ملوكي ..

كانت تنظر لهاتفها فابتسمت قائلة :
- بألف هنا يا حبيبي ..

نظر لها قائلا :
- مش هتفطري .. والدوا اخدتيه ..

نظرت له قائلة :
- اه اخدت الدوا بس مش هقدر افطر .. بطل كلام بقى هنتأخر كدة ..

- وانا مش هاكل لوحدي ..

- يوسف والله ما هقدر .. علشان خاطري افطر انت بقى ..

وقف قائلا :
- خلاص قومي يلا .. علشان منتأخرش ..

نظرت له مبتسمة وهي تقول :
- طيب خلاص هفطر ..

جلس قائلا :
- يلا .. واياكِ تاني مرة تخرجي من غير فطار ..

- حاضر ..

أكلت بضع لقيمات ثم عادت تنظر لهاتفها فقال :
- انتي بتقرئي ايه ..

ردت وهي تقرأ :
- بحث جديد في الهندسة الجينية ..
وبعد برهة قالت :
- دة باسل ..

نظر لها قائلا :
- ماله باسل ..

أعطته هاتفها قائلة :
- شوف الموضوع دة ..

أخذ هاتفها وقرأ ما احتوى .. ثم نظر لها نظرة مبهمة .. ولكن في نفسه كان الكثير والكثير من الصراعات .. أعطاها هاتفها وهو يومئ برأسه فقالت :
- فيه ايه يا حبيبي مالك ..

وقف قائلا :
- لو خلصتي يلا ..

وقفت قائلة :
- طيب هشيل الأكل بس ..

أومأ برأسه وهو يبتعد ليأتي بهاتفه .. حادث "باسل" في مكالمة قصيرة زادت حيرته .. ثم جاءت "رنيم" ليخرجا .. طوال طريقهما كان صامتا .. حتى اوصلها لعملها .. لم تغادر سيارته فنظر لها فقالت :
- يوسف انت كدة هتقلقني عليك ..

ابتسم قائلا :
- لا يا حبيبتي مفيش داعي للقلق انا كويس ..

تنهدت قائلة :
- طيب ايه اللي حصلك من ساعة ما قرأت موضوع باسل ..

نظر أمامه قائلا :
- مش عارف ..
ثم نظر لها قائلا :
- اكيد محتاج اتكلم معاكي .. بس لازم اتكلم مع باسل الاول .. وبعدين احكيلك على كل حاجة ..

ابتسمت قائلة :
- بجد ..

أومأ باسما .. فقالت :
- طيب ممكن تكلمني اول ما توصل ..

- حاضر .. ان شاء الله ..

ولما تحدث مع "باسل" .. "باسل" لم يرحه .. فاكتفى "يوسف" بإخراج بعضا مم تحمله نفسه بين يدي "رنيم" .. عل البوح يريحه مم يعتمل فيه ويخص "ريحانة" ..

-------------------

ونظرا لاقتراب عرس "ريم" وعملية "جميلة" .. فقد كانت "ريحانة" مشتتة أيما تشتت .. بين فرحتها بـ"ريم" وشجونها لـ"جميلة" حالتها تكون .. وبين ترددها على هذه وتلك كان وقتها مقسما .. "ريم" سعيدة ومعها البيت بأكمله سعيد لها ولسعادتها تلك .. فهي مدللة جدها وأخويها خاصة .. وفرحة "يوسف" و"باسل" لم تكن كأي فرحة .. وخاصة "باسل" الذي كأنما يزوج ابنته ..

أما "جميلة" فينهش القلق قلبها .. كم من مرة تأملت هذا الشئ ولم تطله .. وكم من مرة تعلق قلبها بأمل فانٍ .. ماذا إن لم ترى بعد هذه العملية .. ماذا ستفعل .. ستتحمل حزن أبويها مجددا .. ومؤازرة إخوانها لها .. وماذا عن المدعو "مازن" الذي اقتحم حياتها .. إلى الآن لم تقرر بعد أتوافق عليه أم ترفضه .. تشعر بتخبط في كل شئ .. وانهيار يحيطها من كل ناحية .. ماذا فعلت بها "ريحانة" .. كانت مستكينة في حياتها .. تسعد بسعادة الآخرين وفقط .. من ذا الذي رماها على عمل ثورة في حياتها .. "ريحانة" أم "مازن" أم نفسها .. تشكو حالها ممن ولمن .. أيارب فرج ما بها ..

بين "ريم" و"جميلة" أسبوع .. وعلى "ريحانة" الانشغال بـ"ريم" أولا .. ولكن لم تنسَ "جميلة" أيضاً .. وبلغ إرهاقها مع "ريم" مبلغه .. فهما رفضتا أن تشركا "رنيم" معهما خوفا عليها .. وقبل عرس "ريم" بيوم ظهر التعب على "ريحانة" جليا مع ظهور آلام أخرى ..

في آخر هذا اليوم كان "باسل" من لاحظ غيابها عن المشهد .. لأنه كان يتلهف لرؤيتها .. حتى ابنته التي تلازمها دائما كانت اليوم معه .. ونظرا لشدة ملاحظة "ريم" و"يوسف" له ولتصرفاته .. لم يستطع سؤالهما عنها .. فذهب ليجلس جوار أمه .. واصطنع اللامبالاة وهو يقول لابنته :
- ايه يا روح هتنامي مع ريحان النهاردة زي ما قلتي لي ..

التفتت له أمه قائلة :
- لا ريحانة تعبانة .. مش هتقدر لها .. خليها معانا النهاردة ..

وقبل ان يبدي أي رد فعل .. قامت "ريم" بسرعة قائلة :
- ياربي انا قعدت ونسيتها .. سايبة رنيم معاها تحت .. بعد اذنكم ..

صاح "يوسف" قائلا :
- ليه مالها ..

كانت "ريم" قد خرجت .. فردت امه :
- شوية تعب بس من اللف مع ريم ..

علق "يوسف" :
- طيب ما هي كانت قبل كدة مع رنيم .. وبعدين ما هي ريم كويسة اهي ..

ثم وقف قائلا :
- طيب انا هنزلها ..

وقفت "روح" قائلة :
- انا جاية معاك يا عمو ..

وبقي "باسل" مع أمه .. نظر أحدهما للآخر في انتظار حديث أو كلم .. تنحنح "باسل" قائلا :
- طيب هقوم انام بقى ..

أوقفته "فاطمة" قائلة :
- مش عاوز تطمن على ريحان ..

اه لمن كانت أمه تعرف ما يخبئه وتتصنع الجهل .. وعجبا لمن كانت أمه تخترق عقله رغم ما يصنع من حصون حوله ..
سيموت قلقا على صغيرته التي ذهب الجميع للاطمئنان عليها وبقي هو محروم منها .. ولم يعرف كيف يسأل عنها فتظهر لهفة في عينيه تفضحه .. وشوق يجري على لسانه ليفصح عن ما في قلبه ..

عاد ليجلس جوار أمه ثم أمسك يدها يقبلها .. وظل محتضنها قائلا :
- ريحان مالها ..

قالت "فاطمة" بمكر :
- ريحانة تعبانة عادي .. انت بقى اللي مالك .. حالك بقى بيتشقلب ليه كل اما سيرتها تيجي ..

وقف قائلا :
- انا !!..

ابتسمت قائلة :
- اقعد .. اخواتك مش طالعين دلوقتي ..

جلس وهو يقول :
- ماما اللي بتفكري فيه دة غلط .. طبيعي اقلق على ريحانة لما تتعب .. انتي عارفة انها مش مجرد بنت خالتي .. دة انا اللي مربيها ..

- وبس ..

قالتها فاطمة وهي تبتسم ..

فنظر لها وابتسم قائلا :
- اه وبس ..

وجمت قائلة :
- يعني انت مرتاح ..

وجم هو الآخر قائلا :
- هرتاح لو عملت حاجة .. ممكن ..

ابتسمت وهي تفتح ذراعيها .. فدفن رأسه في صدرها وهو يتأوه بشدة من أعمق أعماقه .. بينما هي ظلت تربت رأسه وتمسح على شعره .. وتتنهد هي الأخرى بألم لحاله .. ثم نظرت لأعلى قائلة :
- ربنا يريح قلبك يابني ..

---------------------------

بقيت "ريم" و"رنيم" مع "ريحانة" حتى نامت .. ثم ذهبت كل منهما لطابقها .. وكان "باسل" مازال ساهرا وكذلك "يوسف" معه ينتظران "ريم" .. وما إن وصلت حتى اطمأنا منها على "ريحانة" .. ثم أخذا يتحدثان معها في كل شئ وعن أي شئ .. كأنهما يودعانها .. فتلك آخر ليلة لها معهما .. وفي قلب كل منهما فرح حزين .. فـ"ريم" فاكهة البيت .. من سيحل محلها .. ومن سيعوضهما عن غيابها .. ومن سيخفف من افتقادهما لها .. كما أن "طارق" أخبرهما أنهما سيسافران شهرين .. ولم تغب "ريم" قبل عنهما مدة كتلك .. بخلاف "باسل" الذي لم ينقطع ارتباطه بها حتى في سفره ..

ولما انتهت سهرتهم .. صعد "يوسف" لزوجته .. ودخل "باسل" غرفته .. وبقيت "ريم" تتقلب على فراشها في قلق متردد ..

كان الوقت قبل الفجر بقليل .. فبقي "باسل" مترددا يهاتف "ريحانة" ليطمئن عليها أم لا .. كلام "ريم" لم يطمئنه .. ما الذي بها ليجعلها تغيب عن عينيه اليوم بأكمله .. حتى ابنته وشت له بأنها لم تبرح فراشها طيلة اليوم .. ولم تشارك "ريم" وأصدقائها ما يفعلونه في يوم الحنة ..

حسم أمره وهاتفها .. ولكن قبل أن ترد قطع اتصاله .. ليس من الأدب أن يهاتفها في وقت كهذا .. ولكن اتصاله ذاك عندما رأته صباحا .. فعل بها الأفاعيل ..

بينما "يوسف" عندما دلف لشقته وجد "رنيم" مازالت مستيقظة .. ابتسمت فابتسم وهو يميل يقبل جبينها قائلا :
- اتأخرت عليكي يا قلبي ..

أشارت برأسها أن لا .. وهي تقول :
- لا يا حبيبي انا عارفة ان فراق ريم ماثر فيكم وهتطولوا معاها .. علشان كدة انا طلعت علطول ..

أومأ وهو يرمي نفسه على الأريكة جوارها .. فمسحت على شعره قائلة :
- انت زعلان اوي كدة ..

تنهد قائلا :
- فرحان جدا فوق ما تتخيلي .. وفي نفس الوقت مش متخيل البيت من غير ريم ..
ثم لفت نظره شئ في يدها فالتقطها قائلا :
- حنة !! ..

ابتسمت قائلة :
- ايه رأيك ..

قبل راحة يدها قائلا :
- روعة طبعا ..
ثم نظر لها قائلا :
- قولي لي بقى نمتي كام مرة وانا تحت ..

ضحكت قائلة :
- عاوز الصراحة ولا كدة وكدة ..

عاد برأسه للخلف قائلا :
- اه شكلك شبعتي نوم ..

قالت :
- لا ابدا والله .. انا بس .. احم .. دورت في المكتبة بتاعتك لقيت كتاب لسة جديد .. انا مقرأتوش قبل كدة .. وتقريبا تقريبا انت لسة مقرأتوش فقرأته .. انا عارفة انك مبتحبش حد يقرا قبلك .. بس الكتاب شدني والله ..

فابتسم وهو يطبع قبلة أخرى على راحة يدها قائلا :
- براحتك يا حبيبتي .. انا قلت لك قبل كدة اني بحب عنيكي تمر ع الكلام قبل ما اقراه .. بيبقى له طعم تاني ..

ابتسمت فأسند رأسه على صدرها .. تبدلت أدوارهما اليوم .. لأن حاجته اليوم لها أكبر .. وبقيت تمسح على شعره لوقت يسير .. ثم ابتعد عنها واقفا ليقول :
- هقوم اصلي قيامي بقى ..

أومأت وهي تنظر له بألم لأجله .. تعرف مدى ارتباطه بـ"ريم" ..وغيابها سيؤثر عليه من ناحية .. وما قاله لها عن "ريحانة" يؤثر عليه من ناحية" اخرى ..

----------------------

وتم العرس .. بين سعادة وشجن .. وبين شوق قلبين وتردد أحدهما .. وبين الحلم والحقيقة كان .. فـ"طارق" فعل ما استطاع حتى يجعله لائقا بأميرته "ريم" .. وتوج بفرحة أمه وأخواته وأبنائهم .. فجميعهم لم يكونوا ليتخيلوا يوما كهذا .. "طارق" ابنهن أخيرا سيتزوج .. كل منهن أرادت أن تكون حما للعروس المصون .. ويوصينها على أخيهن الغالي .. ولكن توصيات من نوع نحن عليكِ إن أغضبتِه .. وما منعهن من فعل ذلك "العنود" فهي الأخت الكبرى لهن .. والجميع يكن لها كل الاحترام .. ولا صوت يعلو فوق صوتها .. هن لم يرِدن أذية "ريم" .. فقط أردن الاطمئنان على "طارق" .. ولكن "العنود" تعلم أن الطريقة ستخونهن .. فاكتفين فقط بالتهنئة والدعوات .. وذلك خفف من توتر "ريم" كثيرا .. التي كانت تخشى اليوم بأكمله وما سيحدث فيه ..

وكما كانت "رنيم" أمست "ريم" .. وحين انتهى الحفل .. قدِم "طارق" لرؤيتها ولكن معه ثلاث رءوس سيتقدمونه لتهنئة أميرته .. جدها وأخويها .. وحين انتهوا .. اقترب هو ليرى بعد طول انتظار أميرته الأسطورية في ردائها الأبيض المنساب على جسدها وزينتها التي تظهر جمال عينيها وشعرها .. مال يقبل جبينها .. ثم رفع راحة يدها يقبل باطنها .. وهي تكاد تموت خجلا من أفعاله ومن وجود جدها وأخويها .. ثم جلس جوارها حيث لامس كم بذلته ذراعها العاري فازدادت خجلا وخوفا .. ولم يطلق راحة يدها فبينها وبين راحة يده حديث خاص .. ولما لاحظ ارتعاش يدها بين يديه .. مال على أذنها قائلا :
- حبيبتي مش قلت لك مش عاوزك تخافي مني ..

تفهمه لها هدأها .. فنظرت له وانفرجت شفتيها في محاولة للابتسامة .. فابتسم ابتسامته التي تسحرها مم طمأنها أكثر .. وبدأت توصيات جدها وأخويها .. وكأنما يسلمونه لؤلؤتهم الغالية .. كان متفهما لقلقهم وخوفهم ومبالغتهم في التوصية فهو يعرف قيمة "ريم" عندهم .. وكذلك قيمتها عنده هو ..

ولما انتهوا .. أعطوا لـ"ريم" وقتا حتى تبدل ملابسها بملابس تناسب السفر .. فـ"طارق" قرر السفر بعد العرس مباشرة .. وبقي "يوسف" و"باسل" حتى يوصلانها ..

"باسل" وعد "ريم" أنه سيكون سائقها الخاص يوم فرحها .. ووفى بوعده .. فمنذ بداية اليوم وهو معها بسيارته .. أينما ذهبت .. وحين وصلت للفندق الذي ستتزين ويقام عرسها فيه .. ذهب هو ليزين سيارته بزينة تليق بها ..

والآن في سيارته .. يجاوره "يوسف" .. وفي الخلف تجلس "ريم" و"طارق" ..
مال "طارق" على أذنها هامسا :
- مكنتش اعرف انك هتبقي قمر اوي كدة النهاردة ..

توردت وجنتاها ولم ترد .. بينما قال "باسل" :
- انت يا اخ ياللي بتهمس .. اصبر شوية .. والا هجيبك اذنبك جنبي هنا ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- ايوة يا باسل .. اقف على جنب هنا كدة .. انا اصلا اختي هتوحشني وعاوز افضل جنبها شوية ..

بينما صاح "طارق" :
- فيه ايه يا جدعان .. اللي هيقرب مني هعوره ..

سخر "يوسف" قائلا :
- هعوره .. انا مجوز اختي لبلطجي .. اركن يا باسل اركن يا اخي خلينا ناخد اختنا ونرجع ..

ضحك "باسل" قائلا :
- انا بقول كدة بردو واهو نسيبه هنا اي حد معدي ياخده ..

كادت "ريم" تموت خجلا .. وكاد "طارق" يموت غيظا قائلا :
- هاه .. مراتي ومحدش يقدر يقرب منها ..
ثم أحاط "ريم" بذراعه ألصقها في صدره .. فحبست هي أنفاسها من الحرج ..

فضحك "يوسف" قائلا :
- خلاص عفونا عنك .. دة كان مجرد اختبار بسيط ونجحت فيه ..

ابتسم "طارق" قائلا :
- ناس تخاف ..

ضحك "باسل" قائلا :
- اه هنغلط بقى .. يلا يا ريم معانا ..

ضربه "طارق" على رأسه قائلا :
- سوق وانت ساكت ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- اوامر معاليك يا باشا .. اللي تؤمر بيه .. علشان خاطر عيون ريم بس ..

وصلوا المطار .. فابتدى وداع حار من نوع آخر .. وتنحى "طارق" جانبا حتى يسمح لهم بخصوصيتهم .. تشبثت "ريم" بـ"باسل" تودعه وتودع حنان الأب الذي لا يعوض .. ثم "يوسف" الأخ والصديق .. كلاهما له تميزه في حياتها .. لم تطق تركهما أو البعد عنهما .. ولم تستطع وقف سيل دموعها المنهمرة .. مسح "باسل" دموعها وهو يقبل رأسها قائلا :
- خلي بالك من نفسك ومن طارق .. ولو عمل فيكي اي حاجة هتلاقيني في ضهرك .. بس لو انتي اللي عملتي فيه انتي عارفة انا عاين الخرزانة فين ..

ضحكت وهي ترتمي في حضنه مجددا .. وظل هو يمسح على ظهرها .. هو الآخر لا يريد تركها .. ولكن موعد طائرتهما اقترب .. فأشار لـ"طارق" فاقترب منهما يبتسم قائلا :
- خلاص يا ريم سيبيلي شوية اشمعنا اخواتك ..

ابتعدت عن "باسل" في خجل كاسح .. وهي تنظر لـ"طارق" بلوم .. فنهره "باسل" قائلا :
- انت لسانك دة ايه .. خلي بالك منها يا طارق .. اوعى تزعلها .. انت مش عارف ريم عندي ايه ..

نظر لها قائلا :
- في قلبي قبل عنيا ..

ثم سلم عليهما وغادرا ..

-----------------------

أصر "يوسف" ألا يذهبا للمنزل .. فهو يريد الحديث بشدة مع "باسل" .. فعرج "باسل" على إحدى المقاهي وجلسا كلاهما .. لم يستسلم "يوسف" لصمته وسأل :
- انت ليه مقلتليش يا باسل ..

- تشرب ايه .. قهوة كويس .. شكلنا مطولين ..

لم ينتظر رده وطلب "باسل" ما قال .. ثم تنهد وهو ينظر لـ"يوسف" قائلا :
- عاوز تعرف ايه يا يوسف .. عاوز تعرف ايه عن خالتك .. عاوز تعرف ليه جدك مخبي على ريحان ان امها ماتت وهي بتولدها .. ولا عاوز تعرف ليه قالها ان امها فضلت عايشة سنة بعد ما ولدتها وماتت في حادثة .. ولا عاوز تعرف ان ريحان ..

قاطعه "يوسف" وهو يقول بألم :
- بس يا باسل .. بس .. انت كدة بتشيلني ذنب انا مش اده .. انا كمان شاركت جدك في اني اقنعت ريحانة ان امها ميتة بعد ولادتها بسنة .. بس دة من زمان من واحنا صغيرين .. لما جدك كان بيقنعني وبيقنعك وبيقنع كل اللي يعرفه انه ميقولش لريحانة حاجة عن امها ولا حتى يجيب سيرتها ..

أكمل "باسل" :
- كلنا مشاركين في الذنب دة يا يوسف وانا اولكم .. كتير كنت بلومكم على معاملتكم ليها وفي نفس الوقت مبقدرش اعاملها بغيرها .. اخري معاها كان زعيق وكلام ملوش لازمة ..

ابتسم "يوسف" وهو يقول ساخرا :
- بس انا كنت الاقرب لخالتي ..

رد "باسل" بسخرية أكبر :
- وانا اللي كنت عندها وهي بتولد .. وانا اللي اخر كلامها كان معايا ..

تمتم "يوسف" قائلا :
- الله يرحمها ..
ثم نظر لـ"باسل" وهو يقول :
- وريحانة .. فيه امل ..

نظر له "باسل" نظرة مبهمة ثم مط شفتيه بألم .. فوقف "يوسف" قائلا :
- طيب يلا نمشي .. انا حاسس اني مخنوق اوي ..

وقف "باسل" ثم سار جواره ووضع يده على كتفه قائلا :
- لو الامل مش موجود .. انا هفضل وراه لغاية ما اجيبه ..

ببعض فرح رفع "يوسف" نظره له قائلا :
- بجد ..

أومأ "باسل" ثم رفع نظره للسماء قائلا :
- ربنا موجود .. قول يارب ..

------------------------

تأخر كثيرا .. وانتظرته "رنيم" طويلا .. لم تشأ أن تبدل ملابسها حتى يراها .. فهي ما تزينت لأجل عرس بل لأجله هو .. ولكن إرهاقها طيلة اليوم تراكم عليها الآن .. بالإضافة لدواءها الذي يسبب لها النعاس .. أمام الباب جلست على أريكة تنتظر دخوله ليرى فستانها عليها فهو من اختاره لها .. ولكن لم تستطع المقاومة لأكثر .. فنامت دون أن تشعر ..

وصل هو بإرهاق وتعب .. وفي عقله وقلبه مئات الأشياء تصارع بعضها .. كان يريد بعض الهدوء الذهني على يستريح .. وجدها تنام أمامه .. ابتسم لمرآها .. وأشفق لحالها .. يعلم أنه طال انتظارها حتى تريه ما ترتدي وتريه زينتها .. انحنى عليها يرفع غرتها ويقبل جبينها .. ثم ربت وجنتها حتى يوقظها .. فتحت عينيها ببطء فوجدته أمامها .. اعتدلت جالسة فجلس جوارها .. كانت ابتسامته باهتة فقالت :
- حبيبي مالك ..

أشار برأسه أن لا وهو يقول :
- مفيش حاجة يا حبيبتي انتي عارفة اليوم كان طويل ومرهق بس ..

- وصلتوا ريم ..

اتسعت ابتسامته قائلا :
- ودلوقتي في الجو كمان ..

ثم نظر لردائها وهو يقول :
- انتي كنتي قمر كدة في الفرح .. مخفتيش تتحسدي ..

وقفت قائلة :
- قمر ايه بس .. دة كل حاجة باظت ..

وقف قبالتها قائلا :
- لا طبعا هتفضلي قمر بردو حتى لو من غير حاجة ..

كانت تتمنى أن يراها مباشرة .. ليس بعد أن هدت زينتها .. فابتسمت مجاملة .. فمرر ظهر سبابته على وجهها قائلا :
- تأخيري مش مقصود .. انتي عارفة اني مقدرش اتأخر عليكي ..

اتسعت ابتسامتها وأطرقت في خجل قائلة :
- طيب احضرلك عشا بقى .. انا عارفة انك مأكلتش في الفرح ..

ابتسم وهو يراها تبتعد .. ثم تنهد .. وذهب ليتوضأ ويصلي قيامه ..

-------------------

وصلا بعد رحلة طويلة .. حال "طارق" بينها وبين توترها .. فلم ينقطع حديثهما طوال الرحلة .. في اول الأمر لم تشاركه حديثه .. ولكن استطاع بمهارة أن يشركها فيه ..

ولما وصلا أرض المطار وأنهيا إجراءاتهما سريعا .. خرجا لتستقبلهما امرأة شقراء .. ثم تجري عليهما لتحتضن "طارق" بشدة .. حاول "طارق" أن يبعدها عنه بلطف .. وهو يحاول التشبث بيد "ريم" التي تحاول التفلت من يده بشدة .. فصدمتها فيه غير محدودة .. هو عرفها على أخواته وبناتهن كلهن .. ولم يقل لها أنه يوجد غيرهن .. كانت تغالب عبراتها وهي مستمرة في محاولة سحب يدها .. حتى ابتعدت الشقراء أخيرا .. وكل ما يدور في بال "ريم" حديث "طارق" حين قال أنه كان يظن أنها شقراء ..

بعد أن ابتعدت الشقراء عن "طارق" الذي كان يشفق بشدة على "ريم" وسوء ظنها به ..
أحاطها بذراعه وهو يقول :
- اعرفك يا جولي .. ريم .. مراتي .. واميرتي ..

ابتسمت "جولي" وهي تمد يدها لـ"ريم" قائلة :
- هي دي بقى .. انا كنت فاكراها اجمل من كدة ..

مدت "ريم" يدها وهي تشعر بضعف وتراجع أمامها .. ولكن "طارق" ابتسم قائلا :
- ايه دة يا جولي هو فيه اجمل من كدة ..

ثم ضم "ريم" إليه أكثر وهو يقول :
- كلامي عنها اقل بكتير من الحقيقة مش كدة .. انا عارف ان جمالها اللي وصفتهولك ميجيش حاجة جنب الحقيقة المبهرة دي ..

كانت "ريم" تحترق .. إلى الآن لم يخبرها من هذه ..

ثم نظر لـ"ريم" قائلا :
- اعرفك يا قلبي .. جولي مرات بابا ..
ثم نظر لـ"جولي " قائلا :
- الكام يا جولي .. ال25 باين اصلي نسيت ..

استدارت "جولي" وهي تقول بكبرياء :
- مش مهم الكام .. المهم ان انا مراته الحالية .. يلا السواق منتظركم ..

التفت "طارق" لـ"ريم" وهو يحتضن وجهها قائلا :
- انا اسف ملحقتش اقولك عنها .. مكنتش اعرف انها هي اللي هتستقبلنا وقلت اعرفك بيها لما نزور بابا .. ومكنتش اعرف انها هتستقبلني كدة ..

حاولت التبسم قائلة :
- حرام عليك يا طارق وقفت قلبي ..

احتضنها قائلا :
- سلامة قلبك يا قلبي ..

فابتعدت عنه بخجل قائلة :
- بس متسلمش عليها كدة تاني .. هقتلك واقتلها .. بالشورت بتاعها دة ..

ضحك وهو يسير جوارها قائلا :
- واهون عليكي تقتليني علشان شورت ..

-------------------------

أصبحت "ريحانة" في حالة أحسن .. واستعدت للانشغال مع "جميلة" .. واستأذنت جدها أن تذهب لبيت عمها هذا الأسبوع .. ولكنه رفض .. فهو لا يطيق الابتعاد عن "ريم" و"ريحانة" معا .. واستسلمت هي له ..

وبدأت في تنظيم أسبوعها بين عملها وجدها وخالتها و"جميلة" .. وساعدتها "رنيم" في التخفيف على خالتها بعد "ريم" .. والبقاء جوار "جميلة" في محنتها بين العملية وقرارها بشأن "مازن" الذي لم يتخذ بعد ..

وفي أحد أيام الأسبوع عادت "ريحانة" لمنزلها بعد زيارتها لـ"جميلة" فقابلها "يوسف" بلهفة ومن خلفه "باسل" .. تراجعت لخطوات قبل أن يتحدث "يوسف" قائلا :
- روح مكانتش معاكي ..

دق قلبها بعنف قائلة :
- انا مشفتش روح النهاردة اصلا ..

ثم نظرت لـ"باسل" الذي يبدو عليه الرعب والحسرة .. فقالت :
- هو ايه اللي حصل ..

رد "يوسف" :
- مرجعتش من المدرسة .. مع ان السواق بيأكد انها ركبت معاه ونزلها قدام البيت ..

وجلت قائلة :
- اكيد خير ان شاء الله .. شفتوها على السطح .. هي ساعات بتطلع تلعب فوق .. او ممكن تكون مستخبية في اي مكان او موجودة في اوضتي ..

رد "باسل" بيأس :
- دورنا عليها في كل مكان مش لا قيينها ..

وأثناء حديثهم .. دخلت عليهم "روح" ببراءة معتادة عليها وهي تسير بثقة متناهية .. ولما رأتهم ابتسمت وهي تجري نحو أبيها .. الذي ذهب نحوها بلهفة غاضبة .. لولا "يوسف" منعه منها وهو يمسكه .. و"ريحانة" تحمل "روح" بعيدا عنه ..

نظرت لهم "روح" بخوف قائلة :
- فيه ايه .. بابا ماله ..

سألتها "ريحانة" بهدوء :
- كنتي فين يا حبيبتي ..

رفعت كتفيها قائلة :
- كنت بلعب مع ليدو ..

سألت "ريحانة" :
- ليدو مين ..

ابتسمت "روح" قائلة :
- وليد جارنا .. قالي هستناكي بعد المدرسة .. وانا وعدته اني هروحله ورحت له .. مش لازم نوفي بالوعد ..

لم تستطع "ريحانة" أن تتمالك نفسها من الضحك .. وكذلك "يوسف" وهو يحاول منع "باسل" الذي سيطر عليه غضبه .. قائلا :
- خلاص يا باسل .. عيلة ومش فاهمة حاجة .. عرفها غلطها بهدوء .. انت طول عمرك عاقل في تربيتها هتيجي وتبوظ اللي انت عملته في لحظة غضب .. اطلع اوضتك دلوقتي واما تهدى ابقى كلمها براحتك ..

كان كذلك الجميع يضحك وقلقهم يتلاشى من حديثها البرئ كأنما ما فعلته شيئا عاديا .. لا يستحق غيابها قلقهم ..

ابتعد "باسل" غاضبا .. فقد تحول قلقه وخوفه ولهفته لغضب هادر .. وهو يخشى أن يفعل ما يندم عليه .. وبقي "يوسف" معها يحدثها هادئا ..

بينما أشفقت "ريحانة" على حالته تلك .. فهي نادرا ما ترى "باسل" يكاد يموت قلقا وخوفا هكذا .. وفي هذه المرات يكون بسبب ابنته ..
وما لا تعرفه "ريحانة" أن في هذه المرات تكون هي السبب قبل وجود ابنته .. حتى بعد وجودها ..


Continue Reading

You'll Also Like

10.2M 250K 54
من بعد تلك المرة الوحيدة التى جمعها القدر به اصبحت من بعدها غارقة بحبه حتى أذنيها..قامت بجمع صوره من المجلات و الجرائد محتفظة بها داخل صندوق كما لو ك...
4M 60K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
996K 9.9K 5
افوت بشارع اطلع مِن شارع وماعرف وين اروح المنو اروح ويضمني عنده صار بعيوني بيت خالته وساسًا ما عندي غيرها حتى الجئ اله اابجي واصرخ شفت بيتهم مِن بع...
7.7M 379K 73
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...