33

10.4K 204 4
                                    

 · الفصل الثالث والثلاثون

- ايه يا ريمو انتي هتعشري ولا ايه .. انا حاسس انك حامل من زمان ..

هذا ما يفعله "طارق" دائما .. طوال أشهر حملها .. يحاول أن يجنبها خوفها غير المبرر بالنسبة له .. بالإضافة إلى أنها عانت أيما معاناة .. وفي معاناتها كان يموت ألما لأجلها .. حتى أنه أخبرها أكثر من مرة أنه ليس بحاجة إلى الإنجاب إن كان هذا ماسيحدث لها كل مرة .. طلبت إجازة من عملها وأصبحت ملازمة لفراشها .. تأخذها الهواجس لبعيد بل لأبعد ما يكون ..

حاولت التبسم قائلة :
- بقى دي اخرتها هعشر .. وبعدين ان لسة في اول التاسع .. يعني شوية وهتلاقيني بصرخ فجأة وبقول بولد ..

ضحك "طارق" قائلا :
- دة على اساس انك كنت هادية طول فترة الحمل .. فانا هتفزع بقى من صراخك دلوقتي ..

وجمت قائلة :
- عاوة اقولك حاجة .. واعتبرها اخر مرة هتكلم في الموضوع دة ..

فهم مباشرة ما ستقول .. فتنهد قائلا
- يعني انتي غاوية تعذبيني ..

انتفضت بجزع قائلة :
- لا والله ابدا .. انا قلت لك قبل كدة انه غصب عني تفكيري بيكون كدة .. والله والله دة مش يأس ولا سوء ظن .. انا فعلا من غير ما احس بلاقيني بفكر كدة .. وتفكير مسيطر عليا جدا .. اسمعني بس لاخر مرة ممكن ..

جلس قبالتها وامسك يدها قائلة بحنو :
- ممكن ..

تكلمت بتوتر قلق :
- بنتي حافظ عليها .. انا موصية رنيم وريحانة عليها .. اهم حاجة متخليش غيابي يأثر عليها يا طارق .. حاول تعوضها ..

وضع يده على بطنها قائلا بهدوء :
- بنتنا هنربيها مع بعض .. ومش هتحس بغيابك لانك هتكوني موجودة معاها .. كدة اطمنتي ..

لمعت عيناها قائلة :
- انا عاوة اشوف ماما واخواتي .. عاوة اشوفهم كلهم .. ممكن نروح نزورهم ..

هو الآخر يجاهد عبراته .. فقال :
- هما كانوا عندك اول امبارح ..

قالت برجاء :
- طارق نفسي اشوفهم .. علشان خاطري ..

أومأ قائلا :
- طيب هطلب منهم انهم ييجوا .. انا مش عاوزك تتحركي ..

حررت دمعاتها وهي تدفن رأسها في منتصف صدره .. وكذلك تحررت دمعاته وهو يربت على رأسها ويضمها بشدة إليه .. يخشى عليها ويخشى خسارتها .. يتألم لألمها .. ويشعر أن ما تقوله ليس ظنونا فقط .. هو أيضا يخشى ما تخشاه ..

ونفذ طلبها .. واجتمع الكل عندها .. حتى "رنيم" و"ريحانة" .. رغم ثقل "رنيم" وألمها .. ولكن "ريم" غريبة بكل المقاييس .. وصتها على ابنتها أكثر من مرة .. تشعر كأن يدا قوية تعتصر قلبها .. لم تستطع التأخر لما أخبرتها "ريم" أنها ربما تكون المرة الأخيرة التي تراها فيها ..

جلسوا جميعا في باحة البيت .. وأجلس "طارق" "ريم" على مقعد مريح .. كانت "ريم" تجاهد آلامها التي بدأت تشتد لأجل الاستمتاع بآخر لحظاتها معهم .. ولكن لم يخفَ ألمها ذاك على "باسل" .. "باسل" قوي الملاحظة .. يعلم أن آلامها كانت طبيعية في أشهر حملها لأنه تأكد من فحوصاتها بنفسه .. ولكن ماذا يرى الآن .. إنه مشهد تكرر قبل منذ خمسة وعشرين سنة .. نظر لـ"ريم" التي شبه تتلوى بفزع .. ولوجهها الذي يتلون من الألم .. ولعينيها التي بدأت تتغير .. نفس التغير الذي طرأ على خالته .. وقف يهرول نحوها صارخا صرخة أفزعت جمع الموجودين قائلا :
- ريم ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now