43

10.5K 195 2
                                    

· الفصل الثاني والأربعون

ثلاث سنوات معاً .. أسرة سعيدة كما تمنيا .. أب وأم وابنة .. ليس بينهما طفل مشترك .. ولكن "روح" أصبحت هي الطفل المشترك .. فمنذ اكتشافهما أن حادث "باسل" أثر على قدرته على الإنجاب .. رضيا بالأمر الواقع .. "باسل" أخبر "ريحانة" أن هناك أمل من علاجه .. فقط لا تقلق من ذلك .. وهي بالطبع لن تقلق جوار "باسل" .. كما أن هذا الأمر أراحها كثيرا من كابوس كانت تخشاه .. فذكرياتها مع هذا الأمر لشد سيئة .. أمها ماتت .. "ريم" غابت عن عالمهم لفترة .. و"رنيم" كادت تموت .. فأصبح يداهمها وحش يرعبها من الحمل والولادة .. ولما تأخر حملها كان مع شوقها يداهمها خوف .. ولما انتهى الأمر بأن المشكلة تخص "باسل" .. لم يختلف كثيرا عن كونه يخصها هي .. فوقع الأمر عليها سواء .. أكانت المشكلة تخص "باسل" أو تخصها .. ففي الحالتين هي لن تصبح أم .. وفي الحالتين الأمر لن يؤثر على علاقتها بـ"باسل" .. فهي لن تحبه عمرها كله .. ثم تتركه لأنه سيمنعها من أن تصبح أم .. هي تعلم جيداً لو أن الأمر معكوس .. لزاد تمسك "باسل" بها ..

لم تشفق عليه لسببين أولهما أن أمر الإشفاق سيجرح "باسل" بشدة .. وثانيهما أن "باسل" أب بالفعل .. فلن يضيره إن كان أب لواحدة أو عشر .. وعاشت أياما بعدها تموت رعبا من أن يأتيها "باسل" يحدثها بأن تتركه حتى تتزوج غيره وتصبح أما .. أو يرسل لها بطلاقها .. أو يغير معاملته لها حتى تتركه .. وليالٍ يداهمها كوابيس لأجل ذلك .. حتى صارحت "باسل" بخوفها وهي تكاد تموت رعبا أن تجرحه بكلامها .. ولكن لكم شكرت صنيعه معها عندما احتوى خوفها وألمها .. وعدها أنه لن يتركها إلا إذا كانت هذه رغبتها .. ونعمت حياتهما بعد .. انتهى قلقها وهمومها .. ولما بدأ الأهل يسألون كان "باسل" من أجاب بعجزه .. ولم ينطق أحدهم بعد حديثه .. ولكن "يوسف" هو من نطق وتحدث مرارا ومرارا دون فائدة ..

"ريحانة" أصبحت طاقة للحب تسير على أرضنا .. فمن يُرْوَى حباً يطرح حبا .. و"باسل" كفّى ووفّى من حبه .. ومازال يحمل الكثير .. ويعطي الأكثر ..

وبقيت علاقتها الخاصة بـ"روح" .. كعلاقة أي أم بابنتها .. لهما عالمهما الخاص .. أسرارهما التي لا يعرفها "باسل" .. امتزاج شخصيتيهما معاً .. إكمال كل منهما لنقص الأخرى .. فلم يعد هناك نقص .. فـ"ريحانة" أصبحت أم بـ"روح" .. و"روح" لم تعد يتيمة بعد "ريحانة" .. اجتماعهما المغلق عادة ما يقلق "باسل" فهذا يعني أن كلتيهما تتفقان عليه .. كمن يحكم عليه وينتظر التنفيذ .. فهو حينها لن يستطيع النقض أو الطعن .. سينفذ حكمهما مرغما .. ولكن إرغام محبب لنفسه .. ويلاطف قلبه ..

منذ إغماء "ريحانة" الأول .. بقيت لفترة تتعرض لتلك الحالة التي باتت تقلقها .. ولم يكن "باسل" في حاجة إلى طبيب حتى يخبره ما بها .. ولكنه فعل حتى يبعد تفكيرها عن أمر وراثة مرض أمها التي مازالت لا تعرفه .. ولما تأكد بنفسه من ذلك .. بقي يعطيها العلاج الذي أعطاه مسبقا لـ"ريم" وأتى بنتائجه معها .. وبالفعل حدث مع "ريحانة" اطمأنت وقل تعبها .. وبقي العلاج محصناً لها لفترة كبيرة .. واقياً لها من حالات الإغماء أو أي أعراض أخرى .. ولم يخبرها "باسل" سوى أن الطبيب أعطاها أدوية للإغماء وأن هذا شئ عارض فقط .. وصدقته .. وكم من مرة صدقته ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now