32

10.4K 184 3
                                    

 · الفصل الثاني والثلاثون

- انا حامل ..

وقف منتصبا وكل ذرة في جسده تتحرك .. بل تنتفض .. صدمتان متتاليتان .. لا تثق به من ناحية .. ومن ناحية أخرى تحمل طفله في رحمها .. أيُجرح أم يفرح .. تطعنه بكلماتها أنها تخاف منه ومن خيانته ثم تميته بسكر لذيذ وهي تخبره بحملها .. بأيهما يتأثر ..

رغم أن "طارق" حين علم بحملها وجد مبررا لما فعلته .. فهو خبير بطبائع النساء ..أخوات عشرة ربينه .. تعامل معهن وبناتهن .. فكيف به لا يعرف طبائعهن .. ما يغضبهن وما يرضيهن .. كيف يفكرن وكيف يتصرفن .. وآخرهن كانت "نور" في حملها كثيرا ما تشاجرت مع زوجها .. ودائما يذهب هو للصلح بينهما متعللا بحمل "نور" سبب في ما تفعله من جنون .. ولكن لم تجرح زوجها ولم تهينه يوما ..

سيطر على انفعاله وهو يقول بنبرة حاول أن تكون باردة :
- مبروك .. عموما الشهرين خلصوا وكدة كدة كنا مسافرين الاسبوع الجاي ..

وأكمل طريقه للخارج ..لم ينظر لها مطلقا .. فدفنت وجهها في وسادتها وعلا نشيجها ..

في الأيام التي قضياها بعد .. لم يتكلما مطلقا .. ولم ينظر لها .. حتى النظرة حرمها منها .. حين علم والده بخبر حملها .. لم تسعْه الفرحة .. وأصبحت "ريم" لديه أميرة مدللة .. كل يوم صباحا يطمئن عليها ويتأكد من تناولها لإفطارها بنفسه .. ثم يأتيها بكل ما لذ وطاب من الطعام .. وإن توجعت للحظة هرع إليها بلهفة ..

استصغرت "ريم" نفسها إلى أقصى حدود الوجع .. كيف تأخذ من "جولي" كلاما وتصدقه عليه .. رجل بمثل هذا الحنان كيف يظلم .. ولكن هي لم تصدق شيئا عن "طارق" .. فقط أرادت أن تخرج له ما شعرت به مم سمعت .. لم تقصد إهانته هو .. قد يكون غضب لأجل والده وهو محق .. هي لا تعلم كيف قالت ما قالت .. ولكن "جولي" مكرت لها جيدا .. وعرفت من أي موضع تأتيها وتؤثر فيها .. وهي بغباءها تعاطفت معها .. كل ما فعلته "ريم" أنها تعاطفت معها .. لم يتحمل قلبها رؤيتها تبكي وتشكو لها طلاقها وأنها مظلومة مسكينة فأشفقت لحالها وبكت لأجلها .. نسيت ما فعلته فيها قبل .. فتحدثت مع "طارق" يساندها .. ولما لم تجد مساندته فهمت أنه كأبيه لا يهمه أمر الطلاق والزواج .. ففلت لسانها بما قالت ..

يرى "طارق" ما يفعل أبوه مع "ريم" ويغزوه شعور عميق بالوجع .. ألم يكن حري به هو أن يفعل .. حرمته من فرحته بحملها .. ثم حرمته من متابعتها وخوفه عليها .. بالإضافة إلى أن وحمها مؤلم ومتعب فوق الحد .. لا يتحمل انتفاضها من فراشها ليلا أو أناتها التي تجاهد في كتمانها ثم انتصابها جالسة طوال الليل حتى تستطيع السيطرة على نفسها .. يكاد يموت لهفة عليها ولكن لا يستطيع أن يقترب منها أو أن يساعدها فقط يبقى ساهرا ومتظاهرا بالنوم .. هناك شئ في نفسه انكسر ..

حان موعد عودتهما .. لم يخبرا أحد بموعد وصولهما بناء على رغبتها المسبقة حين طلبت أن تفاجئ أهلها بوصولها .. في طيارتهما كان الصمت يلفهما .. مازال لا ينظر لها أو يحدثها .. ولكنه كان حريصا عليها وعلى راحتها دون أن يشعرها بذلك ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now