10

11.4K 217 0
                                    

 · الفصل العاشر

رنيم .. المعضلة الكبرى .. والنظرية الفيثاغورثية قبل فهمها .. طلاسم التاريخ والجغرافيا عند حفظها .. ترى حياتها حصون منيعة تحيط ببيت هش .. بيت العنكبوت .. أو يكاد يكون أضعف منه .. كل ما تستطيع فعله هو أن تبني سدا وراء سد وحصن جوار حصن لتختبئ خلفهم .. تريد أن تخبرك أنها قوية ومسيطرة ومؤثرة واستطاعت فعل ذلك .. طالما لم تقترب من حصونها فأنت تراها عاقلة قوية مسيطرة وحكيمة أيضا .. ولكن احذر الاقتراب من حصونها .. حينها ستكتشف جانبا آخر لا تعلمه .. هي نفسها لا تعلمه ..

ما أسوأ أن لا تدري ما طبيعة شخصيتك .. أو تتظاهر بقوة لا تملكها .. أو كنت تملكها يوما .. ما أصاب "رنيم" ليس إلا تراكم لمواقف وعبارات .. ظلت تحبسها في نفسها .. لم تعش كل لحظة غضب مرت بها .. فقط تجاوزتها لأنها قوية .. ولم تعش كل لحظة حزن مرت بها .. ولم تعش كل لحظة ضعف جاءتها .. تتجاوز ثم تتجاوز وتتجاوز .. ولكن بعد كل هذا مؤكد أن ستأتي لحظة لتنفجر فيها .. لحظة تكون فيها كأضعف ما يكون ..

لو كانت عاشت كل لحظة بحالتها .. لم تكن لتتعرض لذلك الضعف المفاجئ ..

"اللي يخاف من العفريت يطلع له" .. مقولة تربينا عليها كغيرها .. وكم من مقولة خاطئة تربينا عليها .. ولكن تلك ليست خاطئة .. فعندما تخاف من "العفريت" سينشغل تفكيرك به .. وتنبه عقلك الباطن له .. حينها سيوجهك له .. ويجذب ما تخاف لك ..

خوفها من كشف وجهها .. خوفها من رؤية رجل لها .. خوفها من أن يقع رجل في حبها فقط لأنه رآها .. لذلك لم توافق على أي رؤية شرعية .. عندها اعتقاد أن كل الرجال سطحيون يعشقون فقط الجميلات لأنهن جميلات وفقط .. وحين يدور الزمن سيبحثون عن جميلة أخرى .. رغم أن أمامها أبويها .. لم يحدث معهما ما تعتقده .. ولكن هي فكرة صنعتها وصدقتها ..

ثم تفاقم خوفها من أن كل منتقبة لا بد وأن تتعرض لموقف كهذا أن تُرى دون قصد منها .. فحاولت تجنب تلك المواقف .. رغم أنها لم تكن لتحدث لها لو شغلت عقلها بأمر آخر .. لو ألغت تلك الفكرة تماما .. لو اقتنعت بأنه لا يحدث .. لو عملت على العيش بسلام وهدوء .. بلا عقد وبلا تعقيدات ..

** برمج عقلك على ما تريد .. لا تبرمج عقلك عن البعد عن ما لا تريد **
(هناك فارق كبير بين الجملتين)

تستند على زجاج النافذة المجاورة لها شاردة .. لا تفكر في أي شئ .. لأنها لا تشعر بأي شئ .. لم تشعر بكم الاتصالات التي أجراها "يوسف" .. لم تشعر بعدد المرات التي توقف فيها .. هو أيضا كان مندهشا منها .. فقد كانت منهارة قبل إغمائها .. طبيعي أن تكمل انهيارها .. لماذا لم تبكي ؟ .. ولماذا لم تصرخ ؟ .. ولماذا لم تحاول ترك سيارته ثانية بعد أن صرخ بها .. فقط تراجعت عم نوت فعله وجلست ساكنة ..

لم تشعر بتوقفه أمام منزله .. فقط وجدت "ريم" جوارها تربت على يدها .. نظرت لها بعين مستنجدة ثم مالت على كتفها .. ولم تتحدث .. "ريم" عرفت من "يوسف" ما حدث في رسالة هاتفية أرسلها لها حيث أخبرها بأن تنتظره في حديقة منزلهم عاجلا وقص عليها أن المصعد تعطل بصديقتها فقط .. لم يخبرها أنه كان معها .. ولم يخبرها بأن صديقتها مصابة بـ"فوبيا" .. احتضنتها "ريم" بشدة .. وهي لا تتخيل أن "رنيم" القوية تتأثر هكذا من موقف كهذا .. ولا تتخيل أنها تحتوي "رنيم" التي دائما ما تحتويانهما .. ترى "رنيم" أُمّا رائعة لولا تعقيداتها للأمور .. ولكن أي تعقيدات تتحدثين عنها يا "ريم" .. أي تعقيدات وأنت لم تدرِ بعد بكم التعقيدات التي بها ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now