36

10.8K 218 6
                                    

· الفصل السادس والثلاثون


- رَوْح ..

- نعم يا بابا ..

- تعالي يا حبيبتي ..

ذهبت نحوه فأجلسها على قدمه واحتضن كفيها بيديه قائلا :
- مش عاوزة تشوفي جدو وتيتا ..

ارتعشت يديها ارتعاشة نغزت قلبه وهي تقول :
- لا مش عاوزة .. انت بتروحلهم كل يوم وانا في المدرسة .. خلاص كفاية ..

قربها له أكثر وهو يقول :
- طيب مش عاوزة تشوفي باسل ابن عمو يوسف ..

انتفضت قائلة بغضب :
- هو ليه سماه على اسمك .. علشان تحبه اكتر مني صح .. اه انت بتحبهم كلهم اكتر مني .. ولما كنا عايشين هناك كنت بتقعد معاهم اكتر مني ..
ثم انخرطت في بكاء حاد ..

بهت مم فعلت .. فلم يتوقع أن ينتهي الحوار بينهما بهذا الشكل .. ابنته تشعره أنها زوجته بالفعل وليست ابنته .. تغار عليه من أي أحد حتى أمه .. منذ عودتهما من سفرهما وهي أصبحت كذلك .. تخشى أن يفارقها أو أن ينشغل بأي شئ عنها .. كيف لو تزوج إذا ..

أخذ يهدهدها ويلاطفها حتى هدأت .. ثم همس في أذنها قائلا :
- بس انتي عارفة ان انا مستحيل احب حد اكتر منك ..

التفتت تنظر لعينيه قائلة :
- بجد يا بابا ..

ابتسم وهو يقبل عينيها قائلا :
- بجد يا حبيبة بابا .. بس احنا لازم نزور جدو وتيتا .. علشان هما بيسألوا عليكي ونفسهم يشوفوكي .. وكمان ريحانة وعمو يوسف وكل اللي هناك نفسهم يشوفوكي .. هاه هنزورهم .. ولا ايه ..

ابتسمت قائلة :
- بس تكون معايا ومتسيبنيش خالص ..

قبل رأسها وهو يسندها على صدره قائلا :
- مش هسيبك خالص ..

حوار مر عليه شهران .. ولكن يبقى أثره في عقله .. حوار أعجزه عن كل شئ ..

والآن بعد شهرين .. لم يرَ فيهما "ريحان" لأجل ابنته التي حددت غيرتها من "ريحانة" فقط .. بعد أن أظهر لها أنه لا يهتم بأحد غيرها .. ولكن بقيت هي متحفزة ضد مقابلته لـ"ريحانة" .. فمنعها لأجلها ..

سيموت لأجل رؤيتها فقط .. كل مرة يكون قريبا جدا منها .. ولكن لا يراها .. أو يمنع نفسه من رؤيتها .. كان قد اطمأن قبل لحب ابنته لها .. ولكن لم يكن يعرف أن ابنته تحبها لأنها بعيدة عن أبيها .. ومطمئنة بقربها لأنها لن تشاركها أبيها .. ولكن بعد أن شعرت بقرب أبيها لـ"ريحان" نفرت منها وبشدة ..

وبقي هو يعاني وحده .. وكأنه بمعاناته يعاقب نفسه على تركها تعاني في غيابه لسنوات .. أراد أن ينتقم لها من نفسه .. ولكن لا تعيش ما عاشته قبل .. فقد أصبحت أخيرا شخصية استقلالية بذاتها لا تعيش معتمدة على وجود شخص بذاته .. هو لم يكن يضايقه فيها عيوب شخصيتها .. بل كان يضايقه أن تلك العيوب نشأت بسببه .. وأن تلك العيوب بسبب اعتمادها عليه وتعلقها به في كل شئ .. لما رأى انهيارها حين أخبرها بزواجه .. رغم حزنه وشكوكه أنها تحبه .. لكن شكوكه تلك اختفت حين أقنع نفسه أنها تحب "باسل" الأب والأم والصديق والأخ .. وبالتالي فمن حقها أن تنهار أن علقت نفسها به كل هذا التعلق .. ومن حقه يلوم نفسه أن فعل بـ"ريحان" ذلك ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now