روح وريحان

By engsoso

581K 10.5K 222

صدعت صرخاتها الجدران ... تشققت أنفاسها ... سرت رجفة في نفوس من حولها ... تحيط بها الهمسات والهمهمات ... تتمتم... More

١
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
40
41
42
43
44
45
46
39

14

10.9K 222 1
By engsoso


الفصل الرابع عشر

يامن تحن إلى غد في يومه .. قد بعت ما تدري بما لا تعلم
-شكرا باسل ..

قالتها مبتسمة ..

جلس على مقعد جوارها قائلا :
- لو اعرف ان ايليا ابو ماضي هيخليكي تتكلمي كنت جبتهولك من زمان ..

ضحكت قائلة :
- هتجيبهولي ازاي بقى ..

ابتسم قائلا :
- زي ما جبته دلوقتي .. وزي ماكنت بجيبلك الحاجات الغريبة اللي بتطلبيها وانتي صغيرة ..

ردت قائلة :
- يا سلام ما انت كنت بتجيب لريم كمان حاجات غريبة ..

اتسعت ابتسامته بسعادة بالغة .. فقد وفرت عليه حديثا طويلا كان يخشاه .. ثم قال :
- طيب اختي الجميلة تقدر ترجع بيتها النهاردة ولا لسة تعبانة ..

أخفضت بصرها وهي تشعر براحة غريبة ثم رفعته وهي تقول :
- ان شاء الله هقدر ..

ابتسم وهو يقول :
- انتي عارفة اننا كلنا بنبقى اقوياء بوجودك .. متعمليش فينا كدة تاني ..

ابتلعت ريقها وهي تقول :
- باسل انا اسفة ..

وضع إحدى قدميه على الأخرى قائلا :
- تقبلته ..

حملقت فيه فضحك قائلا :
- ايه كنتي فاكراني هقولك لا ريحان متعتذريش انا اللي المفروض اعتذر ..

ضحكت وهي تقول :
- بصراحة لو عملت كدة مكنتش هصدقك .. مش متعودة انك تعتذر ..

عندما رأته أمامها يجر تلك القصيدة لها .. لم ترَ فيه سوى "باسل" الأب والأخ وفقط .. فشعرت بالراحة أنها برأت من حبه -قد يكون- .. ولكنها كانت سعيدة به وبوجوده .. وسعيدة بأنها انفجرت فيه هو .. وأخرجت ما تحمله في قلبها تجاهه له هو .. إذا سيبقى "باسل" لها أبا وأخا وهذا ما تريده ..

ثم أنه وضع يدها بالضبط على موضع ألمها "يامن تحن إلى غد في يومه .. قد بعت ما تدري بما لا تعلم ".. هي باعت سعادتها وحياتها التي بين يديها بشئ مازال غيبا لا تعلمه .. ولا تعلم هل ما تريده خيرا لها أم شر تسعى إليه ..

"باسل" العزيز .. نعم الأب دائما ..

لم تغضب حين قال أختي الجميلة لأنه كان صادقا فيها .. كان غضبها قبلُ لأنه يقولها فقط ولا يشعرها أنها أخته .. كما أنه كان يقولها بينما تشعر هي تجاهه بشئ آخر ..

أثناء حديثهما الأخوي .. دخلت "روح" وهي تحمل باقة من الزهور قدمتها لـ"ريحانة" قائلة :
- السلام عليكم .. ألف سلامة عليكي .. وشفاكِ الله وعفاكِ .. متزعليش يا ريحانة ..

ابتسمت "ريحانة" قائلة :
- لا انا زعلانة .. عشان مجيتيش تزوريني قبل كدة ..

نظرت "روح" لـ"باسل" قائلة :
- شفت بقى يا بابا مش انا قلت لك ريحانة هتزعل مننا ..

ضحك قائلا :
- وانا قلت لك روحيلها مع اي حد ..

نظرت "روح" لـ"ريحانة" قائلة :
- انا اسفة يا ريحانة والله .. انا بس كنت عاوزة اجي مع بابا ..

أمسكت "ريحانة" يدها تقبلها قائلة :
- خلاص متكشريش كدة .. مش زعلانة .. وبعدين انا هرجع البيت النهاردة وهتبقي مقيمة عندي ..

صفقت "روح" بيدها قائلة :
- بجد .. وااااو .. احنا لازم نعمل لك حفلة .. لا حفلة كبييييرة .. انا هروح اقول لجدو ..

أوقفها "باسل" قائلا :
- استني بس .. انتي كنتي مع عمتو .. هي راحت فين ..

وضعت يدها على فمها قائلة :
- عمتو .. انا نسيت .. دة فيه خناقة برة .. عمو وعمتو وطنط رنيم ..

حاولت "ريحانة" ترك فراشها فزعة .. لولا "باسل" أوقفها قائلا :
- محدش فيكم يتحرك من هنا .. انتو فاهمين ..

خرج هو وتركهما .. ولم تتحرك "ريحانة" وهي تأخذ "روح" جوارها والتي لم تنتظر لتقص عليها ما يحدث خارجا ..

------------------------

حين سمعتها "ريم" تتحدث .. لم تصدق فرحتها فهاتفت "رنيم" ثم "يوسف" وتراجعت عن طلب جدها أو أمها خوفا من "باسل" .. وصل "يوسف" وبقي معها وكان يصلهما صوت "ريحانة" و"باسل" .. وكان سعيدا بما وصل إليه كلاهما .. ومنع "ريم" من الدخول أكثر من مرة .. فعندما قال "باسل" لـ"ريحانة" أنها أخته الجميلة كادت تدخل "ريم"غاضبة ..لولا "يوسف" .. ثم حين استرسلا في حوارهما ظنت "ريم" أن "باسل" بذلك سيعلقها به أكثر .. لولا "يوسف" من رأى أن بذلك "ريحانة" ستفهم نفسها ومشاعرها أكثر .. وأثناء جلوسهما وصلت "رنيم" ويبدو عليها أنها جاءت مهرولة ..
ولما رآها "يوسف" نظر لـ"ريم" قائلا :
- قلتيلها ليه يا بنتي .. حرام عليكو مبهدلينها في التامن كل يوم ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- امبارح نزلت لي الجنينة بسرعة فاستغربت .. قالت لي انها ركبت الاسانسير .. فكلمتها دلوقتي على اساس كدة .. وكمان هي بتحاول تعالج نفسها ..

حملق فيها "يوسف" قائلا :
- دي بتموت نفسها مش بتعالج نفسها .. هتعالج نفسها ازاي وهي مقتنعة لسة بمخاوفها ..

ثم نظرا تجاهها فوجداها واقفة وتضع يدها على صدرها ويبدو أنها تتنفس بصعوبة .. وبكل غضبه تجاهها ذهب نحوها قائلا :
- انتي ايه اللي مخرجك من بيتكم دلوقتي انتي مش عارفة الساعة كام ..

لم تستطع "رنيم" الرد عليه أو الحركة من مكانها لأنها مازالت تتنفس بصعوبة .. فصعود ثمانية طوابق أمر ليس سهل إطلاقا ..

أما هو فأكمل بغضب :
- وكمان حضرتك رايحة تركبي الاسانسير فاكرة نفسك ايه .. وكل شوية تتنططي هنا كأنها فسحة .. طالعة نازلة ..

مع محاولتها لكتم غضبها .. كانت "رنيم" تجد صعوبة أكبر في تنفسها .. ولكن كان ذلك خير .. فلولا صعوبة التنفس تلك لكانت انفجرت فيه ورفعت صوتها .. وهي ليست بحاجة إلى ذلك ..

تركته يغضب ويثور وهي تحاول أن تعدل تنفسها .. وما إن انتهت رفعت رأسها له .. رغم أن قامتها طويلة إلا أنه مازال أطول منها .. وكحركتها التلقائية أمامه تراجعت خطوة .. ثم قالت ببرود حازم :
- دة شئ ميخصش حضرتك .. ان شاء الله اخرج في نص الليل .. انت مش واصي عليا .. وملكش اي حق انك تكلمني كدة ..

بتحدي أكبر رد :
- لا هيكون ليا حق اكلمك كدة واعمل اكتر من كدة كمان ..

بسهولة جدا فهمت مقصده ورغم ما اعتمل داخلها إلا أنها قالت :
- اي حق هيكون ليك .. فدة لان انا اللي هديلك الحق دة .. انا وبس .. ومن غير ما انا اديلك الحق دة .. فحضرتك يفضل انك تسكت ومتتدخلش في حياتي .. ويفضل انك تسكت للابد .. لاني عمري ما هديلك الحق دة ..

وهو ينظر لعينيها وفقط ولا يعلم إن كان ذلك تحديا منه أم رغبة في أسر عينيها له .. قال :
- هنشوف يا دكتورة ..

بداية وقفت "ريم" مندهشة من عصبية "يوسف" الغير مبررة من وجهة نظرها .. ثم لأنها تعرف رد فعل "رنيم" .. فحاولت أن تسكت "يوسف" وهي تشد ذراعه ولكن بلا فائدة .. وحين رفعت "رنيم" رأسها .. نظرت لها "ريم" برجاء ألا ترد عليه .. ولكن "رنيم" لم تنظر لها .. بل رفعت عينيها له مباشرة ..

ولما وصل "باسل" .. كان "يوسف" من يتحدث غاضبا .. فجذب ذراعه بسرعة لئلا يفسد "يوسف" ما يمكن إصلاحه .. ولكن "يوسف" لم يهدأ ..
فوجه "باسل" حديثه لـ"رنيم" قائلا :
- خلاص يا دكتورة انا اسف .. ادخلي لريحانة لو سمحتي ..
ثم وجه حديثه لـ"ريم" قائلا :
- خديها يا ريم لو سمحتي ..

ولكن "يوسف" صاح قائلا :
- انت مالك بيها .. بتوجه كلامك ليها ليه ..
ثم وهو يوجه صياحه لـ"رنيم" :
- وانتي ايه داخلة علطول كدة .. ولا هو دة اللي ممكن يمشي كلمته عليكي يا دكتورة ..

وضع "باسل" يده على فم "يوسف" يسكته وهو ينظر لـ"رنيم" قائلا :
- انا اسف والله العظيم اسف .. ادخلوا جوة يا ريم ..

لم تتحرك "رنيم" ووقفت تنظر لـ"يوسف" بتحدي أكبر .. و"ريم" تسحبها .. كما يقوم "باسل" بسحب "يوسف" .. ولكن "يوسف" كانت بلغت ثورته أوجها .. ولم يشعر بنفسه سوى وهو يخرج هاتفه ليطلبها من والدها أمامها .. وأنهى مكالمته ونظر لها كأنه يقول "الآن لي الحق" وتركها ورحل ..

وقف ثلاثتهم "باسل" و"ريم" و"رنيم" ينظرون له وهو يغادر وعيونهم متسعة ..

أما عن "رنيم" فكان كل ما فيها ينتفض .. لماذا دائما يسرقون فرحتها بكل شئ .. لماذا لم يتركها تشعر كأي بنت بفرحة حين يتقدم لها أو خجل حين يخبرها أبوها .. ما المختلف فيه إذا .. هو مثلهم .. وكلهم سواء ..

نظرت لـ"ريم" قائلة :
- سلمي لي على ريحانة .. سلام ..

تركتهم وهي تخشى أن يحدث لها شئ .. فقال "باسل" لـ"ريم" :
- حبيبتي ممكن توصليها ..

أومأت برأسها بعين شاردة .. فهي تعلم أن "رنيم" لا ينقصها عقد .. حتى يأتي أخيها الذي كانت تعتبره عاقلا يزن الأمور ليزيد تعقيداتها .. لحقت بها على أول الدرج .. فأمسكت يدها وهي تنزل جوارها .. لم تعترض "رنيم" على شئ .. حتى وصلت لسيارتها .. تركت "ريم" تقودها لها .. بلا حديث ..

وقف "باسل" ينظر لـ"ريم" .. ثم تنهد وهو يرفع يده ليمسح شعره .. ثم رفع رأسه ينظر للسقف .. وهو يشعر بتشتت تفكيره .. أيبحث عن "يوسف" أم يذهب لـ"ريحانة" القلقة .. أم يذهب وراء "ريم" فهو لا يعرف كيف يتركها تعود وحدها ليلا .. إن وجد "يوسف" مؤكد أنه سيتشاجر معه .. وإن ذهب لـ"ريحانة" يخشى أن يخرج غضبه فيها وهي لا ينقصها غضبه .. كما أنه يجب أن يحسن معاملته لها .. لماذا يغضب بها ولا يغضب بـ"ريم" إذا ..

هاتف "ريم" أخبرها أن تبقى مع "رنيم" حتى يأتيها .. وترك أمر "يوسف" سيحدثه حين يهدأ .. فهو على يقين أنه نادم الآن .. اتجه لغرفة "ريحانة" وجدها تحتضن "روح" ومازالت فزعة .. فابتسم وهو يقف على الباب قائلا :
- دلوقتي الدكتور بتاعك هرب ومش لاقيينه هنخرجك ازاي ..

نظرت له قائلة :
- نعم .. يعني ايه .. ايه اللي حصل برة .. انا سمعت يوسف بيزعق دلوقتي .. كان بيزعق لريم ..

قال ساخرا :
- لا لرنيم ..

قالت فزعة :
- ايه . ليه .. دة بيحبها .. بيزعقلها ليه ..

ضحك "باسل" قائلا :
- عشان بيحبها .. ومش كدة وبس .. كلم ابوها وراح يطلبها منه ..

أمالت رأسها يمينا .. ثم نظرت لـ"روح" .. ثم عادت تنظر لـ"باسل" ..فقط أمس كانت تسأله أتحبها .. ثم هزت رأسها بعنف كأنها تنفض عنه أفكاره .. ثم عادت تنظر لـ"باسل" قائلة :
- يوسف .. يوسف عمل كدة .. طيب رنيم عملت ايه .. سابته يزعقلها كدة ..

أسند رأسه على الباب قائلا :
- بصي كل اللي اقدر اقوله انهم يستاهلوا اللي يعملوه في بعض .. انا حسيت انها .. مش عارف .. بس هما الاتنين ينفعوا يعملوا في بعض اللي هما عايزينه واحنا هنتفرج بس .. وبعدين هيبقوا كويسين جدا زي عصافير الكناريا .. بس بعد ما يربوا بعض .. وبصراحة هما الاتنين محتاجين التربية دي ..

أبعدت "روح" عنها وهي تقول بانفعال :
- يعني ايه محتاجين التربية دي .. انت ازاي تقول على رنيم كدة ..

ضحك وهو يقول :
- انتي فهمتي ايه ربنا يسامحك .. اقصد يتربوا يعني يهدوا شوية .. يعقلوا شوية بس ..

هدأت وهي تقول :
- طيب خلاص .. فهمت ..

أمسك مقبض الباب قائلا :
- انا هروح اجيب ماما واجي عشان تجهزي وتروحي .. هسيب روح معاكي .. بس هتخافي لوحدك ..

أشارت برأسها أن لا وهي تقول :
- كدة كدة خالتو زمانها جاية هي وجدو ..

أومأ قائلا :
- خلاص تمام كدة .. انا هروح اجيب ريم لانها روحت مع رنيم ..
ثم ضحك قائلا :
- واكيد الدكتور مستنيني امشي علشان ييجي يفضفض معاكي ويطلب النصيحة ..

ثم خرج وأغلق الباب خلفه .. بينما ابتسمت هي .. لماذا لم تكن تركز على تلك الأشياء البسيطة .. فحقا "يوسف" عندما تضيق به ويريد التحدث مع أحد أو يطلب النصيحة يأتيها هي .. ليس فقط .. بل وعادة ما يعمل بنصيحتها .. كذلك "ريم" حين تضيق تحدثها وكأنها تحدث نفسها .. حتى "باسل" عندما جاءها ليخرجها مم هي فيه .. قال لها شعرا أرسلته هي له يوما .. لماذا كانت تنظر لحياتها بنظرة سوداوية .. لماذا لم تر الجانب الإيجابي في حياتها .. لماذا علقت قلبها بحب شخص "باسل" حبا معينا ولم ترى أي جانب آخر في شخصيته .. ولم تنظر أنهم بحاجة إليها .. وليست هي من بحاجة إليهم .. أو أن وجودهم جميعا معا يكمل بعضهم بعضا .. ومعا جميعا يشكلون كيانا متكاملا ..

لم يتأخر "يوسف" وجاءها .. جلس على الأريكة في جانب غرفتها .. ثم وضع وجهه بين كفيه .. نظرت له ثم تنهدت بأسى .. عدلت من وضع "روح" التي ذهبت في سبات عميق .. ثم قامت لتجلس جواره .. ربتت على كتفه وهي تقول :
- لعله خير إن شاء الله .. اللي حصل حصل خلاص ..

نظر لها وهو يقول بغضب :
- هي السبب .. جننتني يا ريحانة جننتني .. انا مكنتش هعمل كدة .. بس هي اللي اضطرتني اعمل كدة ..

أمالت رأسها وهي تنظرله بنصف ابتسامة قائلة :
- هي اللي اضطرتك تعمل كدة بردو .. وجننتك ..

خرجت منه ابتسامة مغتصبة وهو يقول :
- مش عارف بقى .. بس ع الأقل مكنتش هتقدم لها بالشكل دة ..

اتسعت ابتسامتها وهي تقول :
- المهم انك اتقدمتلها .. بس عشان تكون عارف ومتتصدمش انت هتترفض .. بس مش عايزاك تستسلم .. اصبر شوية وحاول تاني ..

رغم ما يشعر به من ضيق إلا أنه ضحك بقوة وهو يقول :
- مين قالك اني هترفض .. انا اخدت الموافقة خلاص ..

نظرت له باندهاش قائلة :
- نعم .. ازاي ومن مين ..

ابتسم وهو يقول :
- انا اتقدمتلها من هنا واتوافق عليا من هنا ..

كانت تريد أن تسأله أستقبل بذلك ؟! .. ستتزوجها دون إرادتها .. ولكنها قالت :
- انا مش عارفة ازاي عمو احمد يوافق كدة مع انه عمره ما غصب رنيم على حاجة .. وكمان رنيم عمرها ماقعدت قعدة واحدة مع اي عريس من اللي اتقدمولها ..

قال ساخرا :
- مش يمكن لانه عمره ما غصبها على حاجة بقت كدة .. وبعدين جميلة الجميلات موافقتش على اي عريس ليه .. كانت بتدور سيادتها على الكمال ..

وجمت قائلة :
- ليه بتتكلم عنها كدة يا يوسف .. وايه جميلة الجميلات دي .. بصراحة انا مش عارفة انت ازاي عملت كدة .. يعني رنيم رفضت كل العرسان اللي اتقدمولها من غير ما تعرف عنهم حاجة .. هتوافق عليك ازاي وانتم بينكم السوابق دي كلها ..

ضحك قائلا :
- حلوة سوابق دي .. بس لما تتصلح هبقى اتكلم عنها كويس ..

أمسكت يده قائلة :
- طيب يا يوسف انا مش هتمنالك احسن من رنيم .. بس انا بوصيك عليها .. رنيم غالية عندي اوي .. اوعى تكسرها علشان تصلحها ..

نظر إلى يدها التي تمسك بيده راجية .. ثم نظر لعينيها ليتلقى نظرة لم يفهمها .. ثم ابتسم ليغير الموضوع قائلا :
- بقى يا بت انتي باسل يخليكي تتكلمي .. وانا افضل وراكي المدة دي كلها ولا تعبريني ..

ضحكت قائلة :
- وعاوزة اروح كمان .. انت حابسني هنا كدة وزهقت بقى ..

قبل يدها قائلا :
- من عنيا .. قومي اجهزي انتي .. على ما اخلص اجراءاتك ..
ردت قائلة :
- ليه جدو اتأخر النهاردة .. مشفتوش خالص من امبارح ..

ضحك قائلا :
- انا كلمته وقولتله ميجيش وانا هخليكي تروحي النهاردة .. بعد ما لقيت باسل عندك لاني خفت تعملوا حاجة في بعض .. طبعا موافقش في الأول .. وتعبني لغاية ما اقنعته .. وبعدين دلوقتي وحشك ما هو قاعد معاكي كل يوم ومش بيفارقك غير لما ماما تقنعه انه يمشي ..

ضربته قائلة :
- انت بتحسسني بالذنب يعني .. ما خلاص بقى ..

----------------------

وبدأت أول عهدها مع "يوسف" بالسكوت والكتمان .. وبعد أن حاولت أن تخرج مشاعرها وتتحدث بما يعتمل داخلها .. عادت لتراه ضعفا مجددا .. وعادت للحفاظ على صورتها لتبقى قوية أمام "يوسف" .. فإن كان يتحدى قوتها فهي على أتم استعداد بتحديه .. لن تقبل به .. هي سعيدة دون ارتباط برجل .. مؤكد أن والدها لن يغصبها على الزواج به .. هي لا تريد "يوسف" .. إذا فلينتهي الأمر ..

كانت قد ذهبت "ريم" مع "باسل" .. حين دخل والدها عليها .. عندما رأت وجهه مبتسما فرحا .. سقط قلبها بين قدميها .. فلم تره هكذا مطلقا في أي مرة سابقة .. دائما يتكلم بجدية عن الموضوع فترفض فينتهي الأمر بعد أن يعطيها فرصة تفكر .. فلا تفكر وتخبره أنها مازالت رافضة .. لكن اليوم شكله يدل على مالا تريده .. حاورها وأخبرها .. كأنه يتحدث عن ابنه .. كأن "يوسف" الفارس والأمير الذي ينتظره لابنته .. وكأن "يوسف" هو الشخص الذي أخبرها يوما إن جاء فسيغصبها على الزواج به دون تردد .. كانت تسمعه وطرقات قلبها تتعالى وتتعالى ..
لتكون الصدمة حين أمسك يدها قائلا :
- لو انا غالي عندك وافقي عليه وريحي قلبي .. انا مش هتمنالك احسن منه ..

بصعوبة ازدردت "رنيم" لعابها قائلة :
- طبعا يا بابا حضرتك مش محتاج تسأل عن غلاوتك عندي .. بس ..

قاطعها قائلا :
- مبسش .. لو غالي عندك وافقي ..

أومأت قائلة :
- موافقة ..

** رجاء لا تستنزفوا مشاعر أبناءكم **

** يوما ما حين تخبرونهم إن كنت تحب أباك فافعل كذا .. سيفعل أول مرة وثاني مرة وقد يفعل لعدة مرات .. ولكن سيأتي يوما لن يفعل لأجلك شيئا .. ولكن سيكبر هو على عادة استنزاف المشاعر فيعامل بها زوجته وأبناءه **

أنت على يقين بأن ابنك يحبك .. فلماذا تربط حبه لك بطلب يصعب عليه تنفيذه .. "لو بتحب ماما اعمل كذا" .. جميعنا إلا القليل تربى عليها .. وكأطفال فعقولنا تستوعب أننا إن لم نفعل فإننا لا نحب أمهاتنا .. ولكن العادة ستقتل الحب .. والاستنزاف سيميت المشاعر .. ثم يحدث في عقل طفلك خلل يربط الحب بمقابل له ..

-----------------------

وافقت "رنيم" ومن يومها وهي تشعر أنها مغيبة .. كل ما فعلته أنها أصرت على فترة للخطبة قد تطول ولن يرى وجهها إلا بعد العقد .. ترى ما حولها فقط دون شعور .. فرحة عارمة لأبويها ولا تشعر هي بشئ .. "ريم" و"ريحانة" لا تسعهما الفرحة .. كل يوم تزورانها .. الجد و"فاطمة" يشعران بسعادة غريبة فـ"يوسف" أخيرا سيتزوج ..

وبقي "يوسف" و"باسل" .. كانت الموافقة غريبة على "باسل" بعد ما فعله "يوسف" أمامه بها .. ولكنه كان يرى أن نظريته صادقة فكلاهما يريد للآخر حتى يتأدب وينتزع ما فيه من اعوجاج ..

أما "يوسف" فهو مثلها لم يشعر بفرحة .. لأنه كان يتمنى أن توافق عليه بإرادتها .. وتريده كما يريدها .. وما زاد الأمر سوءا حين هاتفته بعد أن علم موافقتها لتخبره أنها ما وافقت سوى إرضاء لوالدها وهي لا تريده .. كان سيتركها حينها لولا أن طلبت منه أن يتركها حفاظا على كرامته .. تراجع عن قراره بتركها لأن الأمر أصبح تحديا بينهما وليس "يوسف" بمن يخسر تحديا .. وعليه أن يكسر عجرفتها .. ألم يكفها أن طلبت ألا يرى وجهها ووافق .. ولم يكفها أنها طلبت فترة خطبة طويلة ووافق رغم أن هذا لن يساعده على ما أراد .. سيمنعها عنه أنها مجرد خطبة ..

ولكن لأنه لن يستسلم وعليه أن يكسر غرورها بجمالها وتكبرها الذي يراه .. قرر أن ينهي تلك الخطبة البغيضة التي لا يشعر بها بعد أسبوع واحد فقط .. ورسم خططته التي بها سيخضع "رنيم" له ..

بدأت الخطة بـ"ريم" حيث أقنعها أن يوصلها اليوم لعملها .. وافقت "ريم" دون معاناة .. فهي كانت بحاجة لأي من أخويها .. فالمدعو "طارق" يقف يوميا أمام مدرستها لتراه في الذهاب والعودة كأنه يعرف مواعيدها .. لا يحدثها ولا يقترب منها .. فقط ينظر لها .. ثم ينتظرها لتغادر من أمامه وفقط .. ولكن الأمر أصابها بالتوتر .. ولم تجدأحد من أخويها لتخبره فـ"يوسف" منذ خطبته وهو في عالم آخر يظنونه عالم الحب وإنما هو يخطط كيف يكسر من كسرت قلبه .. و"باسل" تفكيره مشغول بعمله بشدة .. وجوده في المنزل قليل .. ويجلس مع ابنته في ذلك الوقت وفقط .. و"رنيم" هي الأخرى منذ خطبتها لـ"يوسف" مشغولة به كما ترى .. فـ"رنيم" تظهر أمامها و"ريحانة" السعادة والحب لـ"يوسف" .. فقصت لـ"ريحانة" ما يفعله "طارق" هذا بها .. وكانت كلمات "ريحانة" هي من تخفف من حدة توترها وخوفها .. لأجل هذا كله وافقت "على طلب "يوسف" .. ولو علمت ما أراد من ذلك ما وافقت ..

ذهب بها لبيت "رنيم" .. وانتظرها .. حين خرجت ذهب نحوها .. وبسبب وجود "ريم" كان مبتسما وهو يقول :
- صباح الخير .. تسمحي لي اوصلك ..

ابتسامته وأدبه .. جعلها تنظر تجاه سيارته لترى من معه ليتحدث معها كذلك .. فطيلة أيام الأسبوع كل ما بينهما مكالمات هاتفية مشحونة بالغضب والتحدي .. نظرا لبعد "ريم" عنهما قالت :
- مش هينفع اركب مع حضرتك ..

ابتسم وهو يقول ساخرا :
- متعيشيش في الدور اوي .. انا مش بستأذنك .. انتي هتركبي معايا غصب عنك مش بمزاجك ..

زفرت وهي تقول بهدوء :
- بصراحة انا مليش مزاج اتخانق وازعق النهاردة .. فخدها مني نصيحة يابن الحلال وخلينا نسيب بعض بالمعروف .. انت عصبي وانا عندية مش هينفع نكمل مع بعض ..

أكمل سخريته قائلا :
- والله مش انتي اللي تقرري اعمل ايه ومعملش ايه .. اسيبك اتجوزك دة امر يخصني انا وبس .. انا اللي احدد ..

ابتسمت هي الأخرى لتجيب :
- انا عندي شغل ومش فاضية للعب العيال بتاعك دة .. انا قلت من البداية اصلا انك صغير وتفكيرك تفكير عيالي ..

تعرف كيف تستفزه دون معاناة منها .. ويعرف كل مرة يرد لها الصفعة .. فصر أسنانه قائلا :
- انا بقى النهاردة جاي اوريكي شغل العيال على اصوله ..

اقتربت "ريم" منهما قائلة :
- يلا يا رنيم هتأخر ..

نظرت لها "رنيم" بتوتر قائلة :
- انا كنت بقول ليوسف بس ان مش هينفع علشان بابا راح شغله وانا مقولتلوش ..

اسمه ناعم جميل من بين شفتيها ولكنه اقترب من أذنها هامسا :
- لا بتعرفي الاحترام اوي والاصول .. انا قلت لبابا يا حبيبة بابا ..

ابتعدت عنه بضيق وخجل .. بينما ضحكت "ريم" قائلة :
- انتو كدة فعلا محتاجين محرم في العربية ..

نظرت لها "رنيم" بحرج بالغ بينما ضحك "يوسف" قائلا :
- النهاردة اخر يوم هنكون محتاجين فيه محرم ..

نظرت كلتاهما له فقال :
- اه رنيم هتتكسف تقولك يا ريمو اننا كنا بنتفق على كتب كتابنا النهاردة ..

اتسعت عيناها وفغرت فيها .. بينما صاحت "ريم" تهنئهما وتبارك .. وحالة غيبوبة مجددة تصيبها وهي تركب جواره وليس في الخلف مع "ريم" .. يعرف هو كيف يفاجئها فيسكتها .. ولا تعلم هي أنها بذلك تعينه على ما عزم ..

لم تشعر بـ"ريم" التي تركت السيارة عند عملها .. ولم تشعر بنظرة "ريم" الغريبة لـ"يوسف" ونظرته الحازمة لها بأن تترك السيارة .. وصلت عملها وتركت السيارة لتدخل تنهمك في شئ ينسيها ما تعانيه معه ..

وحين انتهى عملها .. وجدته ينتظرها .. صاحت لتعترض وعرف كيف يسكتها .. ثم صاحت أنها لن تفعل ولكنها فعلت .. وصلت منزلها .. ودخلت حجرتها ليليها أبوها بعدها بدقائق غاضبا .. يتهمها بأنها أضاعت ثقته فيها وأنها كيف تكون مع "يوسف" وحدهما دون إذنه .. فلتستعد إذا للعقد اليوم .. لتبتسم ساخرة فينتظرها مع "يوسف" عذاب آخر ..

Continue Reading

You'll Also Like

352K 30.1K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
363K 28.8K 56
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
15.8M 340K 55
باردة حياتها معه ....لا تعلم سبباً واحداً يبرر بروده معها أو عدم اهتمامه بها...فقد تزوجها و لا تدرى لما اختارها هى تحديداً..؟! سارت كالعمياء فى طريقه...
513K 14.5K 17
كان القلب فارغ وحاضري اراه يشبه ماضي،، الحب لم اعرفه ولم اعشه اتاني فجأه كهديه من السماء وعرفت ان العمر هو مجرد رقم لايتحكم بالقلب ولا بالروح عندما...