روح وريحان

By engsoso

582K 10.5K 222

صدعت صرخاتها الجدران ... تشققت أنفاسها ... سرت رجفة في نفوس من حولها ... تحيط بها الهمسات والهمهمات ... تتمتم... More

١
2
3
4
5
6
7
8
9
10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
40
41
42
43
44
45
46
39

11

11K 225 2
By engsoso

· الفصل الحادي عشر

لشخصياتنا جوانب كثر .. لا أحد منا لديه شخصية واحدة يتعامل بها مع كل الناس وفي جميع حالاته .. لأن شخص كهذا عفوا مريض نفسي (سيكو) .. فالرجل الهرم يكون وقور جاد في عمله .. حنون مع أهل بيته .. طفل صغير مع أحفاده .. ولا يمانع أن يبقى شابا في ريعان شبابه مع أبنائه .. وكل ذلك لا ينقص من هيبته شئ .. بل تزيد .. ويزيد احترامه ..

كذلك كان الجميع .. يوسف .. باسل .. ريحانة .. ريم .. رنيم .. نعم "رنيم" .. فقد تجاوزت ما حدث بهدوء بعد حديثها مع صديقتيها .. حديثها معهما كان سحرا ليتها عرفته منذ زمن .. ولكن شيئا في نفسها الواثقة بدأ يهتز .. حتى وإن أخفته ولم تفكر فيه .. لا تنكر أن هناك شيئا فيها تغير .. "يوسف" رآها .. لماذا لم يتقدم لها .. بالإضافة إلى أن أمه وأختيه تعرفنها ويرونها منذ زمن .. لماذا لم تعرضنها عليه ..

هي على يقين من اعتقادها أن أي رجل يبحث عن الجمال وفقط .. حتى وإن كان هذا الاعتقاد ينفرها منهم .. ولكن ماذا عن "يوسف" أليس برجل .. رآها من المؤكد أن وقع في نفسه شئ .. أم أنه لم يراها جميلة منذ البداية .. هذا هو الحل المقنع أنه يعرف من هن أجمل منها .. فلماذا ينظر لها هي .. وعندما يأتيها هذا الخاطر تقف أمام مرآتها لتحدث نفسها .. أليست جميلة ؟! .. حتى وإن رأى جميلات أخريات .. هي تعلم أن جمالها ساحر .. قد تكون ليست جميلة ..

يغزوها خجلها وحياؤها عندما تصل بتفكيرها به لتلك الذروة .. ولكن يبقى السؤال هل رآها ولم يتأثر بها ؟ أم أنه لم يراها ؟ وتفضل أن يكون لم يراها .. فعندها ستعود ثقتها بنفسها ثانية .. كيف يجعلها مشتتة بين كونها جميلة أم لا ..

رغم شخصيتها القوية إلا أنها لا تنكر احتياجها لرجل تكون شخصيته أقوى منها .. لا تنكر احتياجها لرجل يعرف كيف يسيطر عليها .. لذلك أخبرت أمها أنها لا تريده صغيرا .. هي ترى كونه صغيرا ستستطيع هي أن تسيطر عليه .. وهذا ما لا تريده ..

أول مرة جاءها "يوسف" شعرت بحضوره الطاغي .. وبتلقائية تراجعت بمقعدها للخلف .. وفي المرة الثانية التي رأته فيها .. حين طلب منها وكيل النيابة أن تجلس .. لم تستطع .. فهي إن جلست ستصبح أمام "يوسف" مباشرة .. وهي تحتاج لأن يفصل بينهما سدود .. وفي المرة الثالثة حين صاح بها وأمرها بألا تتدخل فيم يفعل وتعود لعملها .. لا تنكر أنه رغم ضيقها .. كانت مأخوذة بم حدث .. أهناك من أذعنت هي لأمره .. ودون مجهود منه .. أهناك من استطاع أن يأمرها ويسيطر عليها .. بل وتستجيب له .. ولكن كانت المرة الرابعة هي القاضية .. رغم ضيقها مم حدث إلا أن عقلها استجاب للوقفات التي تفضلها في حديث أبيها .. استجاب لـ"غض بصره" "شعوره بالحرج مم حدث" بالإضافة لغضبه من "ريم" و"ريحانة" ..

في المصعد .. عندما توقف شكرت الله أن معها شخص تعرفه .. بعد أن كان وجوده يكتم أنفاسها من الرعب .. ولكن لعله خير .. مقولة ارتبطت بها حياتهما منذ اللقاء الأول إلى نهاية العمر .. علمت أنه إن حدث شيئا لها سيحسن التصرف .. لما استفاقت ووجدته موليها ظهره يسد الباب .. رفعت يدها لوجهها برعب مطمئن .. وقفته تلك توشي بأنها أحسنت ظنها به .. لذلك لم تستطع معارضته بعد محاولتها الأولى والأخيرة لترك سيارته .. فأي رجل هذا الذي يستطيع السيطرة على "رنيم" .. لتأتي "ريحانة" بكلماتها البريئة تنهيها .. لمَ لا يفكر فيها .. ولمَ لا يشغل باله بها .. ولمَ لمْ يتزوج .. أيكون معقد مثلها ..

كل تفكيرها به لكونه رجل غريب وفقط .. ليست "رنيم" بمن تخطئ خطأ "ريم" و"ريحانة" وتعلق قلبها بشئ لا تضمن أيكون لها أم لا ..

ولكن رغم كل تعقيد وضعته في حياتها ستبقى أنثى كأرق ما يكون .. تخجل وتستحيي كفطرة الإناث .. تهتم بجمالها وتحافظ عليه شكرا للنعمة التي حباها الله إياها .. فحفاظها على النعمة وعدم استخدامها في معصية شكرا .. فقط ضيقها يكون من نظرات الناس لها لكونها جميلة .. وأمام جمالها يلغون جوانب شخصيتها .. لكن "يوسف" لم يفعل .. رغم ضيقها من ذلك إلا أنه لم يفعل .. تفكيرها بـ"يوسف" لأنه توافق مع ما تتمنى .. لم يفتن بجمالها -كما تظن- .. له القدرة على السيطرة عليها ولا تستطيع الرد ..

لا تفكر الأنثى نقية الفطرة في رجل إلا إذا توافق مع ما رسمته لشريك حياتها .. ثم دعت الله أن يرزقها إياه ..

تفكيرها به انتهى مع انتهاء الموقف الذي تعرضت له .. ولكن بقي سؤال يحيرها .. لمَ لا يشغل تفكيره بها ؟؟

------------------------

لعله خير .. أول ما جال بخاطر "يوسف" حين سمع الطب الشرعي كانت صورتها التي لا تفارقه .. رغم أن الحالة من الممكن أن تعرض على أي طبيبة غيرها .. ولكن هي من تمثلت أمامه .. ذهب للغرفة المطلوبة .. حين دخل صعق وتراجع ثانية ينظر لرقم الغرفة .. تأكد أنه لم يخطئ ..
عاد ليدخل ثم سحب مقعد وجلس جوار فراشها قائلا :
- هنا .. مش كدة ..

أومأت برأسها قائلة :
- اه هنا ..

ابتسم قائلا :
- عندك كم سنة يا هنا ..

ردت :
- 13 ..

سأل :
- مين اللي عمل فيكي كدة ..

أجابت :
- بابا ..

سأل :
- وليه كنتي عاوزة تنتحري ..

أجابت :
- عشان هو بيضربني كل يوم .. وضربني قبل ما اعمل كدة .. ماما قالت له مش هترتاح غير لما تموت .. فكنت عاوزة اموت عشان يسيبني .. بس كدة ربنا هيزعل مني صح ..

ابتسم قائلا :
- انتي عارفة ان الجنة مش في الاخرة وبس .. فيه جنة في الدنيا .. اللي بيعيش جنة الدنيا بيوصل لجنة الاخرة .. عشان طريق ربنا كله خير .. بس انتي جميلة يا هنا .. حتى لو بابا ضربك هتفضلي جميلة ..

حين رآها صغيرة كانت صدمته .. لذلك لم يرد لها بأن تذهب لمكان كمصلحة الطب الشرعي .. وقرر بأن يأتي بالطبيبة لها .. وبما أنه لا يعرف غيرها .. إذا فهو مضطر لها ..

--------------------

تلك المرة قابلها في الخارج فلم يضطر لدخول مكتبها ..

عندما رأته حاولت أن تبدو طبيعية .. رغم أن ما داخلها يضطرب .. حاولت أن تبدو "رنيم" القوية التي لا يهزها شئ .. حاولت أن تتخطى الموقف الذي كان بينهما ...

وصل عندها قائلا :
- السلام عليكم .. دكتورة رنيم ؟

أخرجت صوتها بصعوبة قائلة :
- وعليكم السلام .. ايوة ..

عرفها .. كيف له ذلك ؟! ..

قال :
- فيه حالة انتحار وفيها شبهة جنائية ..

نظرت للتقرير الذي تحمله قائلة :
- تقصد هنا عبد الرحمن .. هي جت ..

أومأ مبتسما وهو يقول :
- اه هي .. كويس انها هتكون معاكي .. انا كنت جاي اطلب منك كدة .. بس هي مجتش ..

علامات استفهام تطرق عقلها .. "كويس انها هتكون معاكي" ؟؟ .. "انا كنت جاي اطلب منك كدة" ؟؟ .. "بس هي مجتش" ؟؟ .. بأيهم تبدأ ..
قالت :
- مش فاهمة حاجة ..

رد قائلا :
- حالتها النفسية سيئة جدا .. فانا لو جبتها هنا .. مكان زي دة يعني .. حالتها هتسوء اكتر ..

أثناء حديثه كانت عينيها تقرأ بياناتها بسرعة رهيبة .. تبحث عن السن .. تريد فقط التأكد من أنها طفلة .. ارتاحت عندما رأت السن ثم قالت :
- طيب المفروض ان الفحص هيكون فين لو مش هنا ..

تنهد وهو يقول :
- ممكن تعتبريها خدمة انسانية وتيجي تفحصيها في المستشفى ..

ابتسمت وهي تقول :
- واضح ان حضرتك بترتاح للطريقة دي جدا ..

لم يفهم فقال :
- اي طريقة ..

ردت قائلة :
- يعني .. اهمال القانون ..

فهم ما ترمي إليه فقال :
- لو تعرفي تيجي تحت سلطة القانون انا معنديش مانع .. الا اذا كنتي رافضة الفكرة اصلا ..

أجابت :
- لا طبعا مش رافضة الفكرة .. بس ممكن حضرتك تعملها بشكل قانوني .. هتبقى احسن ..

سأل :
- شكل قانوني ازاي ؟؟

أجابت :
- يعني لو حضرتك كتبت الكلام دة ومضيت عليه .. انا اقدم طلبك لرئيسي .. لو وافق اروحلها المستشفى ..

سأل :
- ولو موافقش ..

أجابت :
- هعرف اقنعه ..

قاطعها :
- تعرفي تقنعيه ازاي يعني ..

لماذا غضب ؟! .. تراجعت خطوة لتجيب :
- بالقانون برده هقنعه انه يوافق .. خصوصا ان حضرتك الدكتور المشرف على حالتها .. فهتكون اكتر واحد عارف ايه اللي يفيدها وايه اللي يضرها ..

هو نفسه لا يعرف لماذا غضب .. أومأ قائلا :
- مفيش مشكلة .. اكتب طلب ..

دخلت مكتبها وهي تقول :
- طيب انتظر دقيقة واحدة لو سمحت ..

دخلت لتجد "نهلة" منشغلة في عملها .. جلست أمامها قائلة :
- نهلة .. نهلة .. نهلة ..

رفعت "نهلة" رأسها قائلة :
- ايه .. ايه .. ايه .. هتبقي انتي وابني عليا .. عاوزة ايه ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
- دكتور يوسف برة .. وهيدخل دلوقتي ..

ردت "نهلة" :
- اه اشتغل محرم يعني ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
- مش انا بشتغل معاكي كدة .. يبقى ترديهالي ..

وقفت "نهلة" قائلة :
- ماشي .. اما نشوف اخرتها ايه .. اترقى بس ويبقى عندي سكرتيرة ولا هعبرك ..

خرجت "رنيم" لتطلب من "يوسف" الدخول .. دخل وهي تجلس خلف مكتبها وتعود بمقعدها للخلف وهي لا تشعر .. ثم بدأت بالبحث عن ورق في حقيبتها ..

تنحنح قائلا :
- الورق اهو ..

قالها وهو يشير للمكتب .. نظرت للورق ثم له قائلة :
- لا دة ورق الشغل بتاعي .. يعني مسموح لي انا بس اللي استخدمه ..

رد :
- طيب ما هو دة شغل خاص بيكي ..

أجابت بحرج :
- بس حضرتك اللي هتستخدمه مش انا .. وكمان الشغل دة خاص بحضرتك قبل ما يكون خاص بيا ..

تقدمت منه "نهلة" وهي تعطيه لوحة الكترونية وقلم قائلة :
- اتفضل حضرتك اكتب في النوت دي ..

أخذها منها وبدأ يكتب وهو يفكر في كلامها ثم فجأة رفع رأسه قائلا لها :
- ورع ؟؟ ..

قالت بعدم فهم :
- أفندم ..

ابتسم وهو يجيب :
- الورق .. مرضيتيش تديهوني .. خايفة ليكون حرام ..

اضطربت وهي تشير برأسها أن لا قائلة :
- ايه .. يعني انا بقبض مرتبي بناء على وقت معين بقضيه هنا وحاجة معينة انا بعملها وعهدة مسموح لي انا بس باستخدامها .. مش اكتر ..

أومأ مبتسما وهو يعود لكتابته بينما مالت "نهلة" على أذنها قائلة :
- شكله ابن ناس .. انا افتكرته مش هيعرف يكتب عليه ..

حاولت "رنيم" كتم ضحكتها قائلة :
- انتي فاكرة نفسك انتي بس اللي بنت ناس ..

ثم ظهرت في ذهنها فجأة فكرة غريبة وهي تقول لـ"نهلة" :
- ممكن انتي اللي تروحي الفحص دة ..

نظرت لها "نهلة" قائلة :
- فحص ايه ؟ .. وليه؟ ..

كيف تخبرها بخوفها من أن تضطر للصعود لأدوار عالية .. نظرت لها .. ثم جاءت في بالها فكرة أخرى
لتقول :
- طيب ايه رايك احنا نسأله هي في الدور الكام .. لو قبل الخامس انا اروح .. لو بعد الخامس انتي تروحي ..

نظرت لها "نهلة" قائلة :
- ايه يا بنتي هي لعبة ..

ثم نظرت لـ"يوسف" قائلة :
- لو سمحت يا دكتور .. هي الحالة موجودة في الدور الكام ؟ ..

تظاهرت "رنيم" بالانشغال .. بينما كتم "يوسف" ضحكته على قدر المستطاع قائلا :
- كانت في السابع .. بس نزلت التالت بالقانون ...

تمنت أن تنشق الأرض لتبتلعها .. نبرته توشي بأنه يضحك .. أيسخر منها أم ماذا ؟ .. ولكن كل أفكارها تلاشت وهي ترفع رأسها لتجده مبتسما وهو يمد يده قائلا :
- اتفضلي .. كدة انا نفذت القانون ..

حاولت ألا تبتسم وهي تأخذها منه قائلة :
- هقدمها للريس .. واشوف رده .. بكرة ان شاء الله ..

قالت "نهلة" :
- وبكرة ليه .. دلوقتي احسن عشان تخلصي .. هاتي وانا هوديها وافهمه كل حاجة ..

قالتها وهي تأخذ اللوحة منها ثم ذهبت .. قبل أن تخرج تحدثت "رنيم" بغيظ قائلة :
- انتي اصلا متعرفيش حاجة .. هتقولي ايه ..

وقفت "نهلة" قائلة :
- لا عارفة .. سلام ..

كتمت أنفاسها وغضبها وهي تغمض عينيها بشدة وتتمتم :
- غبية ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- ممكن تكون قاصدة ..

نظرت له قائلة :
- افندم ..

"رجاء لا تنظري لي " .. كان يريد أن يبلغها تلك الرسالة .. أشار برأسه قائلا :
- لا ابدا ..

وقفت قائلة :
- هستأذن حضرتك هروح بس اشوفها هتعمل ايه ..

سارت خطوتين ثم عادت له قائلة :
- ممكن حضرتك تمشي دلوقتي .. وانا عارفة العنوان .. اكيد لو وافق هاجي ان شاء الله ..

هز "يوسف" كتفيه قائلا :
- بس انا حابب اعرف رأيه دلوقتي ..

التفتت لتغادر مكتبها بضيق .. لماذا لا يغادر هو ؟ .. إنه مكتبها هي .. ولماذا مبتسما اليوم بهذه الطريقة .. انتظرت في مكتب "نهلة" لدقائق .. خرج ليجدها ..
وقفت مضطربة فقال مبتسما :
- ايه لسة مجتش ..

ردت :
- احم .. هي مين ؟ ..

أجاب :
- الدكتورة التانية ..

أشارت برأسها أن لا .. وقد زاد حرجها .. فكلماته تعني أنه عرف أنها ما خرجت إلا لتبتعد عن وجودها معه وحدهما ..

جلس في مقعد عند الباب .. نظرت له بشدة مستغربة ما يفعل .. هو لا يعرف ماذا يفعل ؟ .. فقط يراها غريبة اليوم فأراد أن يعرفها أكثر .. اصطنع الانشغال بهاتفه وهو يراها تنظر له باندهاش .. ولكن هي من قالت :
- هو حضرتك مش كنت هتمشي ..

رفع كتفيه مبتسما وهو يقول :
- لا ابدا .. انا بس محبتش اقعد لوحدي ..

ردت :
- أفندم ..

ضحك قائلا :
- هو انا شكلي غريب .. ليه بتبصي لي كدة ..

عرف كيف يسكتها .. كلماته لم تسكتها فقط .. بل كادت توقف قلبها خجلا .. فهو يقول بكل بساطة أنها تنظر إليه منذ أن جاء .. كأن فعلها شيئا عاديا .. وهي لم تشعر بنفسها كيف تنظر له ؟ ..

لم تكن تنظر له بطريقة خاطئة كما فهمت وكما أراد أن تفهم .. ولكنه قال كذلك حتى تسكت وفقط ..

جاءت "نهلة" بالموافقة .. ذهبا كلاهما كل بسيارته .. لو كانت له سلطة عليها لجعلها تركب معه قسرا .. حين وصلا .. أخبرها فقط رقم الغرفة وقال بأنه سينتظرها فيها .. قالها وهو يصعد الدرج حتى لا يسبب لها الحرج إن استخدم المصعد .. ولكن أصابها خجل مميت حين فعل ذلك ..

حين وصلت الغرفة كانت صدمتها من نوع آخر .. ليس لأنها طفلة فهي تعلم ذلك .. وليس لأنها محاولة انتحار .. ولكن لأنها وجدت أمامها فتاة كأجمل مايكون .. هنا تضخمت عقدتها .. وأصبحت ترى أن الجميلات من يحدث لهن ذلك .. تركهما "يوسف" وخرج ..

بقيت هي تحاور الفتاة وتحاول أن تشغل تفكيرها بشئ آخر غير ما تفعله فيها حتى لا تتأذى .. ولكنها أمام فتاة لا تكتم ما يحدث لها .. فبمجرد أن سألتها "رنيم" كيف حدث لها ذلك ؟ .. قصت عليها كل معاناتها .. لم تتحمل "رنيم" كثيرا .. تركتها وذهبت لحمام غرفتها .. تبكي بكل ما فيها .. وهي تشعر بمعاناة من نوع آخر ..

تأخرت بالداخل و"يوسف" قلقه يزداد .. فأي فحص هذا الذي يأخذ كل هذا الوقت .. طرق الباب .. فأذنت له "هنا" بالدخول .. ولما سألها عن "رنيم" أخبرته أنها تبكي في الحمام .. نظر للباب وتردد في الخروج .. ولكنها لم تمهله .. فأعطاها ظهره حتى لا تفزع إن رأته ..

حين خرجت ورأته .. حاولت التماسك أكثر فهي الآن في حالة ضعف لا تحب أن يراها فيها أحد ..
تقدمت منه وهي تقول :
- هكتب التقرير وابعته لحضرتك ان شاء الله ..

أومأ فخرجت .. خرج خلفها وهو يقول :
- دكتورة رنيم ..

التفتت قائلة :
- نعم ..

اقترب وهو يرى احمرار عينيها قائلا :
- انتي كويسة ...

نظرت أرضا وهي تومئ برأسها فقط .. ثم التفتت وهي تقول :
- بعد اذنك ...

-------------------

سمعت طرقات "ريم" على بابها .. قامت "ريحانة" لتفتح ثم عادت لجلوسها مجددا وهي تهز قدميها بشدة .. ثم وقفت فجأة وهي تقول :
- قومي ساعديني ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- ايوة بقى هتعملي حلويات .. الله عليكي .. كدة هتخليني احب زعلك .. عشان تظبطيني ..

ردت "ريحانة" بضيق :
- لا مش هعمل حلويات .. هغير نظام الاوضة .. يلا ..

أمسكت "ريم" يدها وهي تجلسها قائلة :
- طيب اهدي بس كدة ..

جلست "ريحانة" وهي تقول :
- انتي لسة بتحلمي بطارق ..

وجمت "ريم" قائلة :
- اه .. بس انتي مصدقاني ..

ابتسمت "ريحانة" لتجيب :
- انا اكتر واحدة مصدقاكي .. فاكرة امتحان دخول الجامعة .. لما كنت خايفة مدخلش الجامعة وفضلت ادعي ربنا جامد .. وبعدين حلمت بتقديري وبالنسبة كمان .. وجبت نفس التقدير بنفس النسبة ..

ابتسمت "ريم" فأكملت "ريحانة" :
- علشان كدة انا مصدقاكي .. بس انتي متأكدة ان اللي شفتيه دة اسمه احمد ومتجوز ..

أشارت "ريم" برأسها أن نعم .. فقالت "ريحانة" :
- طيب ممكن يكون ليه اخ توأم واسمه طارق ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- تصدقي ممكن .. خصوصا ان نور بتقول هتسمي ابنها طارق ..

ابتسمت "ريحانة" هي الأخرى وهي ترى فرحة "ريم" ثم قالت :
- شفتي بقى .. خير .. بس بلاش تعلقي قلبك بيه .. خلي عندك امل وخلاص ..

تلاشت ابتسامة "ريم" وهي تقول :
- وانتي هتفضلي معلقة قلبك كدة لامتى ..

وقفت "ريحانة" بتوتر .. وحركة عينيها تتردد .. وهي تنظر أرضا ..
وقفت "ريم" وأجلستها جوارها وهي تقول :
- انا حاسة بيكي .. ورنيم كمان عارفة .. بس انتي كدة بتعذبي نفسك .. وهو مش حاسس بيكي .. شايفك اخته وبس ..

ردت "ريحانة" :
- هو انا شكلي باين اوي كدة .. بس الكلام دة كان ينفع يتقال قبل ما احبه .. لكن بعد ما بقيت بحبه بكل ذرة في كياني مينفعش تقولي لي كدة .. بقى صعب اوي اني اعتبره اخويا وبس زي ما هو بيعمل ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- انتي عارفة هما باعتيني ليكي ليه ..

ابتسمت "ريحانة" لتقول ساخرة :
- اكيد علشان تقنعيني اوافق ع العريس ..

أمسكت "ريم" يدها وهي تقول :
- حاولي يا ريحانة .. هما خايفين عليكي تفضلي ترفضي لغاية ما تبقي زيي ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
- وانتي مالك يعني .. انا عاوزة اكون زيك ..
ثم سألت :
- هو باسل موافق ؟ ..

أجابت "ريم" :
- هو قال دي حاجة تخصها .. موافقته او رفضه ملوش لازمة ..

تنهدت "ريحانة" بألم .. حتى في أمر زواجها لم يكلف نفسه عناء التفكير .. فقط أمر يخصها .. وهي في أمر زواجه كانت تموت ألما .. لماذا أحبته ؟ .. ولماذا تستمر في حبه ؟ ..

وقفت قائلة :
- انا هخرج شوية ..

وقفت "ريم" قائلة :
- هتروحي فين دلوقتي بس .. لسة ساعة ع المغرب ...

اتجهت "ريحانة" لخزانة ملابسها وهي تقول :
- مخنوقة يا ريم .. مخنوقة وحاسة اني هموت من الخنقة .. مش هقدر افضل هنا .. هتمشى شوية وارجع ..

أنهت ارتداء ملابسها .. واستأذنت جدها لتخرج .. وافق بعد معاناة ..
وجدته يلعب مع ابنته في الحديقة .. تجاوزتهما لتخرج مباشرة .. فهي لا تطيق رؤيته الآن .. كما أنها على وشك الانفجار .. ولا تحتمل أي شئ .. فقط هزة بسيطة وتبكي .. ولكن "روح" كانت تجري .. أمسكت بها واختبأت خلفها .. وهي تصيح بـ"ريحانة" أن تحميها من أبيها .. لا تحتمل "ريحانة" أي شئ الآن .. ظلت تفك يديها المتمسكة بها بصعوبة بالغة وهي ترجوها أن تتركها خشية أن يقترب "باسل" .. ولكنه كان قد اقترب ..

نظر لها قائلا :
- رايحة فين دلوقتي ..

ردت وهي تحاول أن تبعد "روح" عنها بلطف قائلة :
- خارجة ..

قال بتصميم :
- ما انا عرف انك خارجة .. خارجة رايحة فين يعني ..

أجابت :
- انا استأذنت جدو وهو وافق ..

قال بتصميم أكبر :
- مليش دعوة بجدي انا بسألك رايحة فين ..

نظرت لـ"روح" قائلة :
- روح يا حبيبتي .. سيبيني لو سمحتي .. عشان متأخرش ..

اختبأت بها "روح" أكثر وهي تقول :
- لا قولي لبابا مش يمسكني اول وانا اسيبك ..

رد "باسل" قائلا :
- سيبيها يا حبيبتي وانا مش همسكك ..

تركتها "روح" وهي تجري لتختبئ بمكان آخر .. بينما تحركت "ريحانة" لتغادر .. أوقفها بقوله :
- مقولتليش برده رايحة فين ..

لو تكلمت كلمة واحدة ستنهار أمامه .. حاولت التماسك بقدر المستطاع وهي تقول :
- هتمشى شوية وراجعة ..

لاحظ احتقان وجهها فقال :
- متتأخريش ..

التفتت لتوليه ظهرها .. سارت خطوتين .. ثم شعرت بدوار مفاجئ .. رآها تترنح .. وكان قد ابتعد .. أخذ مقعد وهو يجري نحوها ليجلسها عليه ثم يميل نحوها قائلا :
- ريحان .. انتي كويسة ..

طاقتها نفذت ولم يعد بها ما يساعدها على الاحتمال .. لذلك كان الانهيار أسلم حل ...

-------------------

يقف أمام شاشة عرض بحجم الحائط الذي أمامه .. يضع عليها رسوماته المعمارية .. ويصنع عليها تصميماته .. دخلت عليه لتجده موليا ظهره لها بطوله الفارع مشمرا عن ساعديه لتظهر عضلاته القوية ..
حين شعر بوجودها .. التفت لها ثم ترك ما في يده وهو يقبل نحوها قائلا :
- يا بنتي ميت مرة قلت لك بطلي تتنططي كدة ..

ابتسمت "نور" وهي تستند عليه ويحيط خصرها بذراعه قائلة :
- انا غلطانة اني جيت اطمن على خالي العزيز ..

أجلسها وهو يقول :
- بصراحة انا مبقتش عارف مين خال مين .. يا بنتي لاحظي انك اكبر مني بسنتين ..

رفعت كتفيها مبتسمة وهي تقول :
- والله بقى اكبر منك اصغر منك .. هتفضل اخو امي يعني خالي .. وبعدين تصدق خسارة فيك اسمي ابني على اسمك ..

ضحك وهو يجلس جوارها قائلا :
- انا اصلا مش عاوزك تسميه على اسمي ..

ثم نظر لها قائلا :
- نور ..

ردت :
- نعم ..

سأل مبتسما :
- مين البنت اللي كانت واقفة معاكي .. لما جينا ناخدك ..

تبرمت قائلة :
- قصدك لما نزلت تاخدني وفضل سيادته قاعد في العربية .. مهانش عليه ينزل يشوف مراته ..

ضحك قائلا :
- انتي اللي غلطتي فيه .. هو حقه يزعل .. كمان عاوزاه ييجي يعتذر لك .. وبعدين انا مش مكفيكي ..

مازالت متبرمة وهي تجيب :
- حتى لو انا اللي مزعلاه ينزل ياخدني .. دة انا اول ما شفتكوا في العربية فرحت وانا بقول لريم اهو احمد زوجي جه ياخدني .. تقوم انت اللي تنزل وهو ميهونش عليه .. وكمان اعتذر له ..

لم يبالي بكل ما قالت سوى اسمها .. ابتسم وهو يقول :
- اسمها ريم ..

نظرت له قائلة :
- هي مين ..

أجاب :
- البنت اللي كانت لابسة فستان روز فيه ورد ابيض بحجاب ..

قاطعته قبل أن يكمل قائلة :
- انت أخدت بالك من لون الفستان وشكله وكمان عاوز تقولي لون حجابها ..

رفع "طارق" كتفيه لا مباليا وهو يجيب :
- انا بس بسأل .. هي دي ريم ..

أجابت "نور" :
- اه هي دي ريم ..

وقف ليكمل رسمه وهو يقول :
- عرفتيها منين ..

ابتسمت وهي تجيب :
- مش هقولك .. مش انا اللي غلطت في احمد خليه بقى هو اللي يقولك ..

رد واثقا :
- وانتي كدة خوفتيني مثلا .. اه انتي غلطانة .. ولو غلطتي فيه او زعلتيه تاني انا مش هتدخل بينكم .. علشان ساعتها تستاهلي اللي هيعملوا فيكي .. او تخرجوا بالمعروف ..

وقفت قائلة :
- كدة يا طارق دي اخرتها عاوزه يطلقني ..

ذهب "طارق" نحوها وهو يجلسها قائلا :
- اهدي بس الانفعال غلط عليكي ..

جلس جوارها مبتسما وهو يقول :
- يعني بتحبيه ومش قادرة تبعدي عنه ليه بقى تنكدي على نفسك وعليه ..

نظرت له قائلة :
- خلاص مش هنكد عليه تاني .. بس اوعى تجيب سيرة الطلاق دي قدامه ..

ضحك قائلا :
- عرفتي ريم منين ..

ضربته وهي تقول :
- انت ايه .. يعني توقع قلبي علشان تقولي عرفتي ريم منين .. هقولك يا سيدي ..

قصت عليه كيف عرفت "ريم" .. فنظر لها قائلا :
- بس كدة ..

أومأت قائلة :
- اه .. كدة .. بس ليه بقى علقت معاك كدة ..

وقف وهو يقول :
- حاسس اني شفتها قبل كدة .. وكمان لما مشينا بالعربية فضلت تبص علينا بنظرة غريبة شوية .. كأنها مش مصدقة .. مندهشة .. متفاجئة .. حاجة زي كدة ..

ثم اتجه لما كان يعمل قائلا :
- بس لطيفة ..



Continue Reading

You'll Also Like

323K 12.5K 44
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
1.1M 71.3K 105
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
10.2M 250K 54
من بعد تلك المرة الوحيدة التى جمعها القدر به اصبحت من بعدها غارقة بحبه حتى أذنيها..قامت بجمع صوره من المجلات و الجرائد محتفظة بها داخل صندوق كما لو ك...
2M 39K 70
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" التي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...