تَعَافَيْتُ بِكَ

Autorstwa ShamsMohamed969

15.3M 645K 221K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... Więcej

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)

75.2K 3.8K 1.2K
Autorstwa ShamsMohamed969

"الفصل الثامن و السبعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"نسيتَ آلامي في اليوم الذي به أتيت؛ طابت الجروح و بِكَ تعافيت"
_________________________

براءة العالم تجمعها في قلبها و كأنها لم تطلب سوى ذلك من دنياها، يدها حنونة و كأنها تمتد نحو الجرح الغائر و بلمسةٍ منها طاب و انطفأت نيران التهابه، عينيها مثل الوطن تحتويني و أنا الشريد، كنت في عالمي عن الكل غريب؛ و في عينيها أصبحت لها القريب و غدت هي لقلبي مأوىٰ و أنا لها الحبيب.

في صباح اليوم التالي على شاطيء البحر جلست تهاتف والدها و هو يقص عليها تفاصيل ما حدث مع شقيقتها بالكامل و كيف تصرف هو، و كانت هي تستمع له بذهولٍ و دهشةٍ لم تتوقع كل ذلك من "عمار" و شقيقتها، أنهى "طـه" حديثه ثم سألها بترددٍ:

"أنا كدا اتصرفت صح ؟! خوفت أكون سبب في كرهها ليا يا خديجة، و في نفس الوقت أنا مش شايف حاجة غلط تخليني أقف في طريقهم سوا، دا غير إني شوفت في عينها اصرار كبير ، طب أقولك على حاجة ؟! خلود كانت بتذاكر من الفجر النهاردة و نامت شوية و صحيت راحت الدرس و شايفها فرحانة أوي، أنتِ إيه رأيك ؟!"

سألها بحذرٍ يترقب الآتي منها حتى فاجئته بقولها الذي خرج مختنقًا نتيجة فرحتها:
"رأيي إنك طيب أوي يا بابا، شكرًا إنك متسرعتش و وازنت الأمور صح، و زي ما قولت دي حاجة مبدأية بس، لسه مفيش حاجة رسمي، سيبها للظروف و ربنا أكيد هيختار الخير ليهم"

زفر هو بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ ظهرت بها راحته:
"طب الحمد لله، كلامك ريحني أوي و طمني أكتر ما أنا متطمن، المهم هتيجي امتى ؟؟ أنا عارف إنك مبسوطة عندك بس وحشتيني بصراحة"

ابتسمت و هي تحرك رأسها نحو «ياسين» الذي جلس على الشاطيء يراقبها و هي تهاتف والدها ثم زفرت بقوةٍ و قالت:
"إن شاء الله بليل هنرجع، هنقضي النهاردة كمان و أخر الليل نيجي، عاوز حاجة إجيبهالك و أنا جاية ؟!"

رد عليها بهدوء:
"عاوزك بخير دايمًا و تفرحي من قلبك، خلي بالك من ياسين يا خديجة، أنا واثق إنه حاطك في عينيه و شايلك فوق راسه"

ردت عليه هي بلهفةٍ:
"أوي يا بابا، بيعمل كل حاجة تخليني فرحانة و مبسوطة حتى من غير ما يفكر هو هيعملها ازاي، بس بيسعى لكل طاقته يفرحني، ادعيلي افرحه أنا كمان"

رد عليها بنبرةٍ متأثرة:
"ربنا يفرحكم انتم الاتنين سوا، و إن شاء الله يرزقكم بكل اللي نفسكم فيه يا رب، سلام بقى و سلميلي عليه، خلوا بالكم من نفسكم"

أغلقت الهاتف مع والدها ثم اقتربت منه تجلس مقابلةً له و السعادة تسكن في ملامح وجهها حتى سألها هو بتعجبٍ:
"إيه اللي مفرحك كدا ؟! عمو طه قالك إيه يخليكي تفرحي كدا ؟!"

ردت عليه هي بحماسٍ:
"بابا حكالي اللي حصل مع عمار و خلود و هو موافق من كل قلبه، أنا كنت فكراه مغصوب لما عامر حكالك، بس بابا مبسوط بجد يا ياسين، و فرحان إن عمار عاوز خلود، و أنا فرحانة أوي"

حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ ثم قال بحنقٍ زائفٍ:
"طب يلا علشان نكمل بُنا البيت، أنا رميت الأساسات و مستنيكي نكمله سوا"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت تحذره من استخدامه الحيل:
"بقولك أهو من أولها متستخدمش مهاراتك الهندسية قدام مهاراتي العادية، لو سمحت"

حرك رأسه موافقًا و هو يحاول كتم ضحكته فيما رفعت هي أكمام ثيابها ثم اقتربت من الرمال حتى تساعده في بناء القصر الذي أرادت هي بنائه، فيما حرك هو كفيه يضعهما على كفيها حتى رفعت رأسها تنظر له بتفاجؤ فغمز لها و هو يقول:

"هوريكي المهارات الهندسية على أصولها، اشتغلي معايا أنتِ بس"

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم بينما هو استمر في بناء القصر و هي تحرك كفيها مع كفيه بحماسٍ حتى انتهيا سويًا بعد مرور بعض الوقت، فوقفت هي تقفز بمرحٍ و كأنها طفلة صغيرة و هي تصفق بكفيها معًا و هو يراقبها مُبتسمًا بفرحةٍ حتى وقف أمامها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"شوفتي لما بقينا مع بعض خلصنا أسرع ازاي ؟! إيه رأيك بقى ؟!"

ردت عليه بصوتٍ مختنقٍ إثر فرحتها و حماسها:
"جامد، البيت زي ما توقعته بالظبط، ينفع تصوره ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة و هو يخرج هاتفه من جيب بنطاله:
"بس كدا يعني هو أنتِ جيتي في جمل ؟! حاضر يا كتكوتة"

التفت يقوم بتصوير البيت بهاتفه و هو يبتسم بفرحٍ و هي خلفه تصفق و تُتمتم بكلماتٍ حماسية حتى التفت لها يمسك يدها حتى سحبها نحوه و هو يقول:

"يلا علشان أصورك جنب البيت، مش معقول مساعد المهندس ميتصورش، عيب و الله"

كان يمازحها بحديثه حتى وقفت هي بجوار البيت و هي تقول بحيرةٍ:
"طب أعمل إيه ؟! أنتَ بتتصور جنب المشاريع ازاي ؟!"

اقترب منها و هو يزفر بقوةٍ ثم سحبها حتى تقدمت خطوتين عن البيت الرملي و حينها رفع هو ذراعها و ثبت كفها و كأنها تمسك البيت بطرفي أناملها، ثم رفع كفه يفرد فمها حتى تبتسم، كان يتحرك دون أن يتكلم و هي تراقبه بتعجبٍ حتى أنهى ما يريده فسألته هي:

"هو أنتَ مبتتكلمش ليه ؟! قولي عاوز إيه و أنا هنفذه"

رد عليها هو بسخريةٍ:
"علشان تشليني ؟! طب بالله عليكِ لو كنت قولتلك تعملي كدا كنتي هتعرفي ؟!"

حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم فقال هو مسرعًا:
"طب شوفتي بقى يا ست الكل ؟! معايا حق و لا لأ ؟!"

اتسعت بسمتها أكثر فيما ابتعد عنها هو للخلف و هو يستعد لالتقاط الصور لها، حتى أمرها بالاستعداد فابتسمت هي باتساعٍ و حينها التقط الصور لها بمختلف الأوضاع و كانت أخرهم حينما فردت ذراعيها معًا و هي تضحك بملء شدقيها بعدما جلست بجوار البيت الرملي، و حينها اقترب هو منها يلتقط الصور لهما سويًا برفقة بعضهما حتى اندفعت هي تقترب منه و هي تتعلق برقبته من الخلف و تتكأ بثقل جسدها على جسده حتى ابتسم هو ثم التقط تلك الصورة بسرعةٍ و قد تحولت بمسته إلى ضحكاتٍ عالية و هي تضحك معه بسعادةٍ.
_________________________

وقفا معًا أمام المقر الرئيسي لشركات الفاروق و الذي تقع إداراته بالكامل في يد
"هشام السيد" حرك "وليد" رأسه يتفحص المكان حوله، ثم وجه بصره نحو "يوسف" يسأله بتعجبٍ:

"أيوا احنا واقفين هنا ليه ؟! ياسين لسه في اسكندرية مرجعش، أنا و أنتَ بنهبب إيه ؟!"

أشار له بالتريث  بيده التي تمسك السيجار و هو ينظر أمامه و بيده الأخرى يستند على مقدمة السيارة، حينها زفر "وليد" في وجهه بقوةٍ ثم شبك ذراعيه معًا أمام صدره و قد رفع رأسه للسماء يراقب صفوها حتى ابتسم تلقائيًا و هو يتذكر جلسته معها بالأمس، فدائمًا يقرنها بالسماء في وسعها، فكلما ضاقت به دنياه، وجد بها المتسع، لاحظ "يوسف" شروده و ابتسامة عينيه للسماء فسأله بسخريةٍ:

"جرى إيه ؟! شكلك حَبيب أنتَ كمان، يعني ياسين عاشق و أنتَ حَبيب ؟؟ هو أنا أسامة منير ؟!"

أخفض"وليد" رأسه ينظر له و هو يقول بنبرةٍ هادئة بعدما تنهد بعمقٍ:
"مش فكرة حَبيب قد ما هي فكرة إنك لقيت مكانك في الدنيا، يعني احساس غريب كُليًا عليك، حد تاني غير نفسك قادر تقوله إنك غلطت و قادر تفضح نفسك قدامه و أنتَ عارف إنه لا يمكن يأذيك، حد صاحبك كدا، بص !! مش هقدر أفيدك غير أني أقولك القلوب العميا بتفتح لما تحب يا يوسف"

حرك "يوسف" رأسه موافقًا بتفهمٍ ثم قرر تجاهل الحديث برمته دون أن يكترث لتلك التفاهات من الأساس، حتى و إن خالط العاشقين بأكملهم لن تصيبه عدوىٰ حبهم، فكيف ذلك و قلبه تأذى ممن أحب ؟!"

لمح طيف من يريده يخرج من الباب الخلف فوكز "وليد" حتى ينتبه له ثم اقتربا سويًا منه حتى سأل هو بلهفةٍ:
"ها يا بشمهندس يوسف؟؟ خير بس الله يرضى عليك بسرعة هو بقاله كام يوم متعصب و مش طايق حد"

ابتسم له ثم أخرج بعض الأوراق المالية يضعها في جيب سترته و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"متقلقش، كل الحكاية بس عاوزك تركز معايا و تسمع اللي هقولوا ليك و تنفذه تمام ؟!"

نظر الرجل في جيب سترته حتى لمعت عينيه بوميض الطمع و حينها سأله بلهفةٍ:
"أؤمرني يا بشمهندس يوسف، خير إن شاء الله ؟!"

غمز له ثم أخرج سيجارًا من علبته يُعطيه له و هو يقول:
"أيوا كدا ركز معايا، عاوزك بس تقول إن هشام السيد قرر إنه يعمل حفلة تكريم لاتنين من أكفأ المهندسين واحد في مجال المعمار و التاني في البترول، و تكريمهم هيكون في المقر الرئيسي هنا، بكرة إن شاء الله !! تمام كدا ؟! عاوز الخبر دا ينتشر أسرع من محمد صلاح"

أشار له الرجل على عينيه و هو يقول مُرحبًا بحديثه:
"و أحلى حفلة كمان، دا أنتَ صاحب فضل عليا مش هنساه"

ابتسم له "يوسف" فيما انسحب الرجل من امامهما حينها عاد "يوسف" لسيارته يدلفها و ركب "وليد" بجواره و هو يسأله بتعجبٍ:
"و بعدين ؟! المفروض إيه اللي يحصل بعد كدا ؟؟! أنا مش متفائل !!"

رد عليه مُردفًا ببساطةٍ:
"هتشوف بنفسك دلوقتي، أنا بس عاوزه يحترم نفسه، فاكر إن علشان لقمة العيش نستحمل الذُل، بس على مين ؟؟ دا أنا اطفحه اللقمة دي أسهل"

حرك "وليد" رأسه بتفهمٍ حينما أدرك مقصد حديثه، بينما أخرج "يوسف" هاتفه ثم ضغط على لوحة المفاتيح يطلب رقمًا مُحددًا، ثوانٍ و وصله الرد بنبرةٍ جامدة:

"ألو مين معايا ؟!"

_"طبعًا كنت متوقع صوت رقيق و ناعم بس صوتي ضربك في طبلة ودنك، بس ملحوقة يا سيدي"
تفوه "يوسف" بذلك بأريحية و بلهجةٍ باردة جعلت الأخر يستشيط غضبًا ثم جَزَ على أسنانه و هو يقول:
"هو أنتَ !! عاوز إيه يالا ؟! هو أنا مش ورايا غيرك ؟!"

رد عليه بنفس البرود:
"ولا ؟! اقسملك بالله لولا الملامة كان زماني رميك في بريمة البترول تهرسك، بس خسارة برودك دا، أصل فيه أزمة تلاجات في مصر"

ضحك "وليد" بخفةٍ فوجده يتابع حديثه بنفس البرود:
"مش عيب يا إتش ؟! فيه حد يعمل لحد حفلة من غير ما ياخد أذنه و يعزمه ؟؟ عاوزني أجي بايدي فاضية قدام الناس ؟! طب حتى أدخل باتنين كيلو مانجا !!"

كرر خلفه مستنكرًا حديثه بحنقٍ:
"حــفـلـة !! حفلة إيه دي يلا ؟! أنتَ هتستعبط ؟! شكلك كدا عاوز تتربى و أنا معنديش وقت أضيعه معاك، روح شوف وراك إيه، مش برضه حضرتك ماشي بعد يومين ؟!"

ضحك "يوسف" بملء شدقيه حتى وصله عبر الهاتف صوت طرقات على مكتب الأخر حينها سمح "هشام" للطارق بالدخول و قبل أن يغلق الهاتف أوقفه "يوسف" و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"طب استنى !! هتقفل في وشي كدا ؟! اسمع الكلام اللي هيتقالك دلوقتي، و البس حاجة عليها القيمة، بدل ما ألبسك أنا في الحيطة"

عقد "هشام" ما بين حاجبيه فدلفت السكرتيرة الخاصة به و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أستاذ مصطفى برة يا فندم بيسأل حضرتك بخصوص الحفلة اللي حضرتك هتعملها، تكون بكرة إمتى ؟!"

طالعه بتشوشٍ و استنكارٍ فوصله صوت "يوسف" عبر الهاتف يقول مؤكدًا:
"قولها بكرة الساعة ٢ بعد الضهر، هاجي أنا و ياسين سوا نتكرم قدام الكل، ياريت تمضي على المكافأة دلوقتي....آه...حاجة كمان ياريت الشهادة تكون باللون الأسود علشان بحبه"

أغلق الهاتف في وجهه دون أن ينتظر منه كلمةً واحدة فيما دفع "هشام" الهاتف على سطح مكتبه بضجرٍ من كليهما، و لو كان يملك بعض الشجاعة لكان استطاع التعامل معهما بطريقته الخاصة، لكنه يعلم أن خسارته لهما تعني خسارة العمل الكثير و قد تتوالى
المشكلات على رأسه تباعًا لذا يجب عليه الانصياع لهما و مجاراتهما فيما يريدانه سويًا خاصةً بعدما تحالفا مع بعضهما.

في السيارة سأله "وليد" باهتمامٍ و انصاتٍ لما سيتحدث به:
"المفروض بقى إيه اللي يحصل بعد كدا ؟! هيسكت هو ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مؤكدًا موافقته بقوله:
"مستحيل يعمل حاجة، اللي زي دا ميقدرش على حاجة غير أنه يسمع كلامنا و بس، عارف ليه ؟! علشان هو جبان، طالما لقانا مع بعض عارف اننا ممكن نزعله و نقلب الدنيا على دماغه، في نفس الوقت عارف إنه غلطان و لو حد فينا وصل الكلام دا لولاد عمه هو هيترمي في بيته، علشان كدا هيوافق على كل طلب نطلبه منه"

تفهم "وليد" مقصده فأضاف بضجرٍ منه:
"يا أخي أنا بكره الناس اللي كدا أوي، و علشان كدا اشتغلت مع طارق ابن عمي في شركته، مقدرش أشوف حد بيتحكم فيا و اسكتله، هترسى على موت حد فينا، و دا طبعنا كلنا في عيلة الرشيد، محدش فينا يقدر يشتغل تحت حكم حد، علشان كدا لينا الشغل الخاص بتاعنا، صحيح هو صغير بس بالنسبة لينا حلو"

رد عليه "يوسف" بقلة حيلة:
"هو دا المُر بعينه يا وليد، بس اللي صبرني على المر دا هو أني شوفت الأمر منه، أي واحد معاه فلوس في مصر هنا بيدوس على الموظفين و يذلهم بقبضهم، بس نرجع و نقول الحمد لله بنشتغل بشهادتنا و لقينا مكان يقدر علامنا، غيرنا كان سابها و مشي"

زفر "وليد" بقوةٍ فيما قام "يوسف" بتحريك مقود السيارة بعدما هجمت عليه كتلة ذكريات جعلته يود الهرب من نفسه التي لم تعد تسعه حتى الآن.
_________________________

وقفت "خلود" أمام المركز التعليمي و هي تنظر حولها بيأسٍ خاصةً أن تلك هي مرتها الأولى للحضور في ذلك المركز، وقفت تنتظر قدوم المعلم و ذلك لأنها لم تعلم أيًا من الموجودين بالداخل، التفتت تنظر خلفها فوجدته يقترب منها حتى وقف أمامها، طالعته هي بتعجبٍ و حينها قال هو مفسرًا:

"قبل ما تبرقيلي كدا، طوب الأرض عارف أني جايلك هنا، حتى والدك، أنا عرفتهم أني هاجي أعرفك على المُدرسين و أوصي عليكِ، حاجة تاني ؟!"

ردت عليه هي بثباتٍ:
"توصي عليا ليه هو أنا عيلة ؟!"

رد عليها بسخريةٍ:
"لأ....علشان كان زمانك دلوقتي بتقولي ياريته كان موجود يساعدني، خصوصًا إنك متعرفيش حد جوة أصلًا"

نظرت له بدهشةٍ من حديثه بعدما استطاع التوصل لما تفكر به، أما هو فزفر بقوةٍ ثم قال:
"اتفضلي قدامي يا آنسة خلود، يلا علشان منتأخرش"

ردت عليه هي بتهكمٍ:
"آنسة خلود ؟! دا على أساس إن أبويا هو اللي كان بيخطبني امبارح ؟! حِكَم !!"

حاول هو كتم ضحكته بجهادٍ حتى نجح في ذلك و رسم الجدية على وجهه و هو يقول:
"اتفضلي علشان أنا قاطع عهد قدام ربنا و مش هخلى بيه، يلا معايا"

دلف هو أولًا و هي خلفه تبتسم بسمةٍ مكتومة تحاول اخفاؤها لكنها فشلت في ذلك حتى دلفت خلفه فأشار لها بالجلوس ثم اقترب من الشاب الذي يجلس على مكتب الاستقبال و قام بأخذ ورقة المواعيد ثم اقترب منها يقف أمامها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"أنا علمتلك على كل المدرسين اللي هتاخدي معاهم، و كمان هتلاقي المواعيد البديلة، أي حاجة تانية هعرفها و أقولك، و هنا فهمتهم إنك قريبتي علشان محدش يضايقك، حاجة تاني ؟!"

رفعت رأسها تنظر له و ضربات قلبها تتوالى خلف بعضها تأثرًا بموقفه، فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"أنا دلوقتي هروح السيكشن و أحمد عارف إنك هتخلصي بعد ٣ ساعات كدا، هتعرفي تروحي ؟!"

ابتسمت بسمتها الناعمة و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا مش عيلة صغيرة يا عمار، أكيد هعرف أروح، شكرًا لحد كدا و لو فيه حاجة هخلي أحمد يكلمك، ربنا يوفقك"

حرك رأسه موافقًا ثم تحرك من أمامها فيما نظرت هي في أثره براحةٍ ثم تنهدت بعمقٍ و هي تثني بين ذاتها على أخلاقه و قدرته في التحلي بالصفات الجيدة التي أصبحت شبه منعدمة في تلك الدنيا، و فجأة حدثت نفسها و هي تقول بسخريةٍ:
"صحيح نسيت، هو أنتَ تربية مين يعني ؟! لازم يبقى الانتاج كدا اللهم صل على النبي"
_________________________

عاد "خالد" لشقته بعدما أنهى عمله فوجد "يونس" يركض نحوه و هو يذكر اسمه بصوتٍ عالٍ، حتى حمله على يده ثم قبل وجنته و هو يقول بنبرةٍ مرحة:
"روح قلب بابا، دلوقتي بقيت بابا ؟! ها !! امبارح كنت بتزغرلي ؟!"

خرجت"ريهام" من المطبخ و هي تقول بقلة حيلة:
"دا جابلي صداع من كتر الرغي، ابوس ايدك شيله نيمه أعمل فيه أي حاجة ابن الرغاية دا"

نظر لها بسخريةٍ و هو يقول:
"الحمد لله اعترفتي إنك رغاية مش أنا اللي كلامي قليل"

حدجته بغيظٍ و هي تقول بسخطٍ منه:
"هو أنتَ مسكت في الكلمة ؟! طب يا سيدي أنا رغاية، شوف ابنك بقى اللي عمال يرغي"

تحركت من أمامهما للداخل فسأله "خالد" بسخريةٍ:
"بترغي في أيه يا ابن الرغاية ؟! عاوز إيه يا يونس ؟!"

غمغم بعدة كلماتٍ غير مفهومة فجلس "خالد" على الأريكة و هو يحمله ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"بص !! أنا مفهمتش حاجة منك، بس عندي ليك فكرة تعدل لسانك المعووج دا ؟! إيه رأيك؟!"

عقد "يونس" ما بين حاجبيه فوقف به "خالد" ثم دلف للمطبخ يقف بجوار زوجته و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"ريهام ؟! أنا هودي يونس الحضانة من أول الشهر الجاي، على الأقل يتعلم الكلام شوية"

التفتت له تسأله بريبةٍ:
"إيه ؟! يونس مين دا اللي يروح الحضانة ؟! لسه صغير يا خالد، كدا هيتعب"

رد عليها بنبرةٍ هادئة:
"لأ مفيش تعب و لا حاجة، هو خلاص كبر اهوه و رمضان كلها حاجات بسيطة و يهل علينا، يعني يروح الحضانة أحسن يمكن نظام يومه يتصلح، مش عاوزه يفضل واخد علينا احنا بس، خليه يتعود حتى قبل المدرسة"

ظهر الضيق على ملامح وجهها و عي طريقة تنظر لـ "يونس" على ذراع والده و تفكر في حديثه، حتى اقترب منها يقول بثباتٍ:
"هو كبر خلاص مش صغير، دا أهم سن يتأسس فيه، و بعدين يونس عاقل مش متعب"

حركت رأسها موافقةً على مضضٍ فأعطاه لها و هو يقول بسخريةٍ:
"امسكي بقى الرغاي ابن الرغاية دا لحد ما أغير هدومي و أكلوني علشان أنا جعان، و لا أقولك زيه اكليني يا ريهام ؟!"

قلد طريقة ابنه حتى ضحكت عليه هي بيأسٍ فتحرك هو من أمامها و هو لازال يقلد طريقة ابنه و يقول بسخريةٍ:

"أكليني يا ريهام.."
_________________________

في المساء في شقة "ياسين" في محافظة الأسكندرية قام هو بتجهيز الشُرفة الواسعة لهما سويًا حينما جلب الطعام و وضعه بها ثم قام بوضع طاولة بمقعدين لهما و قام بوضع أكواب الشاي بجوارها النعناع الأخضر و الغلاي الكُهربائي بجوار الأكواب، و الطعام وضعه في الأطباق.

أنهى ترتيب الشرفة ثم وقف يتنهد براحةٍ ثم دلف للغرفة التي أجلسها بها و قام بفتح الباب بالمفتاح بعدما حاصرها بداخلها، اندفعت هي من موضعها حينما استمعت لصوت الباب يُفتح و التبرم و الضيق يظهران على ملامحها حتى ظهر أمامها فطالعته بعتابٍ و هي تقول بتهكمٍ:

"و فتحتلي ليه ؟! بجد و الله ؟! ما كنت سيبتلي الأكل على العتبة زي الفران ؟! لسه فاكر ؟! حابسني هنا من العصر و دلوقتي بقينا العِشا ؟!"

حرك رأسه موافقًا ببرود ثم أضاف:
"هو أنا كنت بخونك ؟؟ كنت بحضر مفاجأة حلوة علشانك، قولتلك نامي شوية مش راضية، سيبتك أنتِ و خَدوش مع بعض شوية"

رمقته بغيظٍ حتى وقف خلفها فعقدت هي ما بين حاجبيها من موقفه، فرفع هو كفيه ثم قام بفك خصلات شعرها يحررها ثم بعثره على كتفيها بعشوائيةٍ ثم انزل الغُرة التي احكمتها هي أسفل ماسك الخصلات الحديدي.

اقترب منها يقف أمامها ثم عَدَل من وضع الغُرة على جبينها و هي تتابعه بتعجبٍ حتى غمز لها ثم قال:
"ورايا يا كتكوتة !!"

خرج هو أولًا و هي خلفه بتوترٍ حتى وقف هو أمام الشرفة فجاورته تقف بمحازاة وقوفه ثم وجهت بصرها نحو الشرفة و شهقت بقوةٍ حينما وجدت الشرفة هادئة مزينة بإضاءة التزيين و الطعام المفضل لها موضوع على الطاولة و أوراق النعناع الأخضر مع وجود زهرة حمراء اللون، و قبل أن تسأله قال هو مُسرعًا:

"قبل ما تقولي عملت كل دا علشاني، هقولك أنا معملتش حاجة أصلًا، أكل جيبته من المطعم و دا جاتوه من العادي عند الراجل و الشاي و الكاتيل هنا أصلًا، و دا فرع نور بـ ٤٠ جنيه و الوردة دي واخدها كدا محبة"

وقفت مقابلةً له تسأله بتعجبٍ:
"طب عرفت منين أني كنت هقولك كدا ؟! أنا كنت هسألك نفس السؤال بالظبط"

رد عليها هو بعدما زفر بعمقٍ ثم تدبر ابتسامة هادئة:
"حفظتك...و رب الكعبة حفظتك خلاص و عرفت كل حاجة فيكِ، أصلها مش عِشرة يوم ؟!"

ابتسمت له هي ثم التفتت تنظر للمنظر خلفها الذي أسر قلبها، فاقترب منها يقف خلفها و يلتصق بها ثم رفع ذراعيه يحاوط جسدها و هو يقول بنبرةٍ هادئة في أذنها:

"بكدا يبقى دا الحلم قبل الأخير اللي كان نفسك فيه يتحقق، على حسب وصفك للمشهد غالبًا دا شبهه، أحلامك حلوة و بسيطة و اللي يحققها هو اللي يفرح مش أنتِ بس، إيه رأيك ؟!"

التفتت له حينما أرخى هو ذراعيه من مسكتها و العبرات تلمع في مقلتيها و هي تطالع ملامحه الهادئة تزامنًا مع قولها بصوتٍ متهدجٍ:

"رأيي إن كدا كتير عليا و الله، كدا كتير و حاسة إني مش هعرف أوفي كل دا، أخرته إيه يا ياسين تعبك علشاني دا ؟!"

اقترب منها يقبل جبينها ثم قال:
"آخرته خير لينا و احنا مبسوطين مع بعض، أنا مش بداينك يا خديجة، أنا بعمل اللي ديني أمرني بيه و هو أني أكون ليكِ كل حاجة في دنيتك، أنا عاوزك مبسوطة علشان أخد فرحتي من فرحك، اتطمني و ريحي نفسك علشان دا دين في رقبتي و حق ليكِ عليا أنا"

تعلقت في رقبته و هي تبكي و تردد من بين صوت شهقاتها:
"أنا بحبك....و كلمة بحبك بقت قليلة عليك و مش هتكفيك حقك و لا توفيك واجبك"

ربت هو على ظهرها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"طب و الله دي أحلى حاجة اسمعها في حياتي، يلا بقى ناكل أنا جعان و الله"

ابتعدت عنه مسرعةً حتى جلست هي على المقعد و هو مقابلًا لها و هو يقول بفخرٍ:

"إيه رأيك ؟! أنفع ؟!"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ فأضاف هو بثباتٍ:
"طب الحمد لله، يلا كُلي قبل ما الأكل يبرد بقى، علشان الل جاي بقى هو دا لُب الموضوع"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم تناولا الطعام سويًا و هو يطعمها بين الحين و الآخر حتى انهيا طعامهما ثم قامت هي بصنع الشاي و وضعت معه أوراق النعناع بجوار الكعك حتى وضعت المقعد  بجوار مقعده.

جلست بجواره ثم وضعت رأسها على كتفه تحتسي من كوب الشاي الخاص بها و هي تبتسم و يداعب وجهها الهواء المعبق بنسيم البحرِ و هو يبتسم بهدوء من خلال سكينتها و سكونها بجواره، حتى مد يده يأخذ عبلة زجاجية متوسطة الحجم و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"اللي هنا ورق صغير مكتوب بخط أيدي، حاجة زي أحكام كدا، طبعًا كلها شفافية و من غير أي غش، الورقة اللي تطلع في إيدك تقرأي اللي فيها و الحكم يتنفذ أيًا كان هو لمين فينا !!"

ابتسمت هي بحماسٍ ثم وضعت الكوب من يدها و أخذت العلبة الزجاجية، حتى سحبت الورقة الأولى تقرأ ما بها بنبرةٍ مرحة و كأنها تضحك:

"الحكم الأول لياسين؛ دورك إنك تغني ليا أغنية باللغة العربية الفُصحىٰ"

غمز لها ثم قال:
"مـــوجـود"

ضحكت هي بصوتٍ عالٍ حتى قال هو بنبرةٍ هادئة:
"عارف إنك بتحبي اللغة العربية في كل حاجة، حفظت أغنية مش قادر أحدد هي مدح و لا ذم، بس حاسس كدا أنها حلوة"

ارتفع صوت ضحكاتها أكثر حتى بدأ هو الغناء حينما باغتها بصوته و هو يقول:

"بروحي فتاة بالعفاف تجملت...و في خدها حَبٌ من المِسكِ قد نبت...و قد ضاع عقلي.... و قد ضاع رشدي....و استبدت و أقبلت....و لما طلبتُ الوصل منها تمنعت..."

أنهى كلمات الأغنية و هو يطالعها حتى ابتسمت له و عينيها تحتويه بنظراتها، حتى أشار لها و هو يقول لها بنبرةٍ هادئة:

" يلا الورقة اللي بعدها"

قامت بسحب الورقة التالية و هي تبتسم باتساعٍ حتى قرأت ما بها:
"لو هتهدي ياسين أغنية تكون أغنية إيه ؟!"

ضيقت عينيها و هي تطالعه بشكٍ حتى حرك كتفيه ببساطةٍ و قال ببراءةٍ:
"مليش دعوة هو الدور كدا، يلا هتهديني إيه ؟! بس حاجة تكون حلوة، بلاش جو اتقي ربنا فيا و أشوف فيك يوم دا"

ضحكت رغمًا عنها ثم رفعت رأسها تفكر في أغنية ثم قالت بمرحٍ:
"بس بشرط أنا أفكر و أنتَ تغنيلي، حلو كدا ؟!"

رد عليها بسخريةٍ و هو يغني:
"أنتَ تغنيلي عليها عيون و أنا بغنيلك أشهد يا ليل"

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت:
"في اللي إحنا فيه هنا دا، هديك مقطع الليل و سماه، إيه رأيك ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم بدأ الغناء بقوله:
"الليل و سماه....و نجومه و قمره....قمره و سهره....و أنتَ و أنا.....يا حبيبي أنا.....يا حياتي أنا.... كلنا.... كلنا في الحب سوا....و الهوى آه....آه منه الهوى.... آه منه الهوى....سهران الهوى...يسقينا الهنا....و يقول بالهنا....يا حبيبي يلا نعيش....بعيون الليل....و نقول للشمس....تعالي تعالي....بعد سنة....مش قبل سنة.....دي ليلة حب حلوة....بألف ليلة و ليلة.....ألف ليلة و ليلة....بألف ليلة و ليلة....آه ألف ليلة و ليلة....بكل العمر.....هو العمر إيه غير ليلة ؟؟ زي الليلة.... زي الليلة....زي اللـيلة"
أنهى الأغنية التي ذكرتها هي حتى شاركته هي بصوتٍ خافتٍ و استمرت تلك الليلة بينهما بهذا الصفاء و كأنها ليلةٍ تساوي العمر بأكمله، ليلة تحققت بها أحلامها و استطاع هو ادخال السرور لقلبها كعادته منذ أن وطأت قدماه لأرض قلبها التي سكنها الخراب حتى غدا الربيع يسكن بين خلجات روحها، و بلمسةٍ حنونة امتدت أنامله تطيب جروحها
_________________________

بعد انتهاء ليلتهما سويًا في محافظة الإسكندرية عادا معًا لمحافظة القاهرة نحو شقتهما و قد وصلا سويًا عند شروق الشمس في صباح اليوم التالي، و بعد مرور بعض الساعات نزل "ياسين" بطلبٍ من "يوسف" و "وليد" معًا و حينها دَب الخوف في قلبه من ذكرهما سويًا.

وصل "ياسين" المقر الرئيسي لمجموعة الشركات، و قد تفاجأ الحفل الذي أُقيم له و لـ "يوسف" الذي اقترب منه يقول ببرود كعادته:
"إيه يا ياسين ؟! كل دا تأخير ؟! فيه حد يتأخر على حفلة تكريمه برضه ؟! عيب كدا"

حدجه "ياسين" بغيظٍ و هو يقول من بين أسنانه المُطبقة فوق بعضها:
"و هو حد كان طلب حفلة ؟! بتتصرف من دماغك ليه يا بني أدم ؟! هو أنتَ حالف ترمينا في الشارع ؟!"

اقترب منهما "وليد" يقول بنفس البرود:
"جرى إيه يا هندسة ؟! إحنا غلطانين يعني ؟! الفكرة كلها رد اعتبار ليكم، و بعدين أفرد وشك كدا، المفروض هشام دا هو اللي يكون مكشر مش أنتَ"

زفر "ياسين" بقوةٍ حتى ظهر طيف "هشام" أمام الجميع تزامنًا مع دلوف "خالد" و "عامر" للمكان، ثم اقتربا من الشباب، حدجهم "هشام" بغيظٍ ثم وقف في المنتصف أمام الجميع و قد طلب اقتراب كلًا منهما له.

اقتربا معًا يقفا بهيبةٍ و ثباتٍ حتى تحدث هو أمام الجميع يثني عليهما و على فضلهما و على قوة تحملهما متاعب العمل الشاق لفتراتٍ طويلة دون معاونة أية وسائل أخرى، و بعد حديثه صفق الحاضرين لهما بحرارةٍ فقام هو بتقديم شهادة تقدير لكلٍ منهما و معها "شيك" كمكافأةٍ لهما و قبل أن يتحرك قيد أنملة من جوارهما تحدث "يوسف" بثباتٍ و صوتٍ خافتٍ يصل فقط لـ "هشام":

"بوس راسي يا هشام، مش حاسس بطريقتك كدا إني مرتاح"

حاول "ياسين" كتم ضحكته حينما وصله حديث صديقه، فيما تحدث "هشام" بضجرٍ:
"أنتَ اتخبلت يالا و لا إيه ؟! راس مين دي اللي أبوسها ؟!"

رفع حاجبه و هو يرد عليه بوقاحةٍ:
"الله ؟! هو أنتَ مبتبوسش غير الستات و لا إيه ؟! بوس راسنا يمكن تبقى فتحة خير عليك و تبطل سفالة و قلة أدب"

جز على اسنانه بغيظٍ ثم اقترب من"يوسف" يقبل رأسه على مضضٍ حتى قال "يوسف" بقلة راحةٍ زائفة:
"لأ مش حاسسها، مش خارجة من قلبك لأ"

دفعه "هشام" بيده ثم اقترب من"ياسين" حتى يقبل رأسه فرد عليه"ياسين" مسرعًا يوقف حركته:

"لأ !! شكرًا، مش ناقصة شُبهة هي، روح يا عم ربنا يسهلك و يبعدك عن طريقي"

تحرك"هشام" من موضعه بعدما استأذن من الجميع، حتى ابتسم "يوسف" بانتصارٍ و هو يرى هزيمته أمام الجميع خاصةً مع طباعه الحادة، أما "وليد" فوقف بجوار "عامر" يتحدثان سويًا و يسخران معًا على "هشام".
_________________________

بعد مرور ساعتين تقريبًا توقفت السيارات في موقف الحافلات حتى يرحل "يوسف" إلى عمله.

نزلوا من السيارات تباعًا و قد انضم لهم "ياسر" بعد انتهاء عمله، وقف هو أمامهم جميعًا بعدما نزل من سيارة "ياسين" ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"كدا كل حاجة بقت زي الفل، حقك رجعلك أهو و خدت المكافأة كمان، خلي بالك من نفسك و لو احتاجت حاجة كلمني، المكان اللي رايحه فيه شبكة"

رد عليه "ياسين" بتأثرٍ:
"طب ما تخليك يا بني و خلاص، أنتَ لو عاوز تفضل هنا عادي محدش هيعترض على دا، ليه ترجع لوحدك هناك ؟!"

حرك كتفيه ببساطةٍ و هو يقول:
"خدت على كدا خلاص يا ياسين، صدقني مش بأيدي، أنا هناك في رحمة عن أي وجع ممكن يحصلي هنا و يأذيني، منكرش أني اتحميت هنا في وجودكم، بس أنا تقيل على نفسي، مش هقدر أتقل عليكم أنتو كمان"

اقترب منه "وليد" يقول بتأثرٍ هو الأخر و صوتٍ مختنقٍ:

"عارف ؟؟ لما شوفتك أنا ماكنتش طايق وجودك حتى معانا، بس حاليًا و الله عاوزك علطول كأنك أخويا، بس أنا حاسس بيك و مقدر إنك مش هترتاح هنا"

تنفس بعمقٍ ثم قال:
"أنا من الأول حبيتك، حسيتك قارح و زيي، علشان كدا وثقت فيك تساعدني، يعلم ربنا حبيتك كأنك أخ صغير ليا"

أقترب منه "وليد" يحتضنه و هو يقول بنفس الصوت المختنق:
"هتوحشني يا يوسف، خلي بالك من نفسك و افتكر إن إخواتك في ضهرك هنا، تعالى بس و اللي يزعلك نفرمه و نكسر باقي القوافل على دماغه"

ضحك "يوسف" رغمًا عنه، فاقترب "عامر" يقول بمرحٍ:
"اقسملك بالله لو ما اتصرفت و حضرت عقيقة ابني، ساعتها هتبقى بنهاية كل اللي بيننا"

سأله "يوسف" بتعجبٍ:
"طب و هو إيه اللي بينا ؟!"

رد عليه بدهشةٍ مبالغ فيها:
"إيه ؟! نسيت ماتش الكورة ؟!"

ضحك رغمًا عنه ثم حرك رأسه نفيًا فيما سأله "يوسف" و كأنه انتبه لتوه:
"صحيح، هو إزاي احنا كنا كسبانين و لعبنا ضربات جزاء، هو محدش خد باله من النقطة دي ؟!"

رد عليه "خالد" بنبرةٍ ضاحكة:
"الحكم حبيبنا و مشالنا الخبطة، و بعدين دي اللي خليتك تستغرب و الطهور دا مخلاكش تستغرب ؟!"

اقترب منهم يودع كلًا منهم على حِدة حتى أتى دور "ياسر" فسأله بسخريةٍ مرحة:
"بصراحة أنا حاسس إنك متربي ٢٠ مرة، أو يمكن ابن ناس أوي، مش عارف، دكتور و عينك زرقا و شعرك دهبي، مغري أوي بصراحة، أكيد أبوك داس في تربيتك أوي"

ابتسم له "ياسر" بسخريةٍ ثم قال حينما تذكر ما مر به:
"مش كل حاجة زي ما بتبان يا يوسف، عندك أهو، أبويا أصلًا مربنيش و سابني و مشي"

رد عليه "يوسف" ببلاهةٍ:
"الأدب دا كله و أبوك مرباكش؟!"

رد عليه مُعدلًا على حديثه:
"أنا تربية رياض الشيخ، أجدع من أبويا ذات نفسه"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
"في ديه عندك حق، ربنا يبارك في عمره و يحفظه و إن شاء الله يفرح بأحفاده كمان"

أكمل توديعه لهم بعد حديثه حتى صعد على متن الحافلة ثم لوح لهم و العبرات لأول مرّة منذ عدة أعوام تظهر في مقلتيه بل و الأحرى أنها تحررت من منبعها و فرت على إحدى وجنتيه.

أما الشباب فوقفوا بجانب بعضهم حتى رحلت الحافلة نهائيًا و هو يبتسم لهم و بداخله لأول مرة يشعر بالحزن لفراق أحدهم، لكنه هو المكتوب عليه دومًا؛ فراق أحبته.
_________________________

وقف "ياسين" أسفل بنايته ينتظر نزولها حتى ركضت من المصعد نحو سيارته بحماسٍ ثم ركبت بجواره و هي تسأله:

"هنروح فين بقى ؟! أنتَ قولتلي مفاجأة، بس أنا مش هقدر استنى، علشان خاطري قولي"

رد عليها بنبرةٍ ضاحكة:
"رايحين الغورية، و منها العتبة و منها الحسين، هاخدك لفة حلوة"

شهقت هي بقوةٍ فقال هو مُكملًا حديثه:
"هنروح نجيب حاجة رمضان كل سنة و أنتِ طيبة، و بالمرة أجيبلك اسدال حلو تصلي بيه التراويح مع البنات، و لا إيه ؟!"

ارتمت عليه تمسك وجهه و هي تقبل وجنته عدة مراتٍ حتى ضحك هو رغمًا عنها ثم حرك رأسه بيأسٍ منها ثم قال:

"دنيا غريبة !! كنت بتحايل علشان واحدة بس، دلوقتي شلال ضرب في وشي"

وكزته في ذراعه فيما غمز هو لها ثم قال بعبثٍ:

"و أحلى شلال و الله"
ابتسمت هي له ثم سألته بمرحٍ:

"أقولك حاجة و متضحكش ؟!"
تلاشت بسمته تلقائيًا بعد تلك الجملة حتى ضحكت هي على هيئته الجامدة و عبوس ملامحه.
_________________________

في بيت شباب آلـ «الرشيد» وصل المندوب أسفل البيت فنزل له "طارق" و "وئام" معًا، أخذ كليهما طلبه و في تلك اللحظة دلف "وليد" البيت تزامنًا مع خروج عامل التوصيل فقال بتعجبٍ:

"السلام عليكم، خير فيه حاجة ؟! واقفين كدا ليه؟!"

رد عليه "طارق" مفسرًا:
"دا مندوب شركة الشحن، كان جايب لينا الهدايا بتاعة البنات، مش قولنالك و أنتَ قولت هتصرف ؟!"

حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة فتحدث "وئام" بسخريةٍ:
"ألحق نفسك قبل ما تتعدم بقى، أكيد عبلة هتعرف، وريني هتتصرف ازاي"

زفر بقوةٍ ثم حرك رأسه موافقًا، فصعدا سويًا أما هو فرفع يفرك رأسه و هو يفكر كيف يتصرف معها !! و سرعان لما لمعت عينيه فجأةً فخرج من البيت بسرعةٍ كبرى.

في شقة "طارق" دلف هو بهدوء و الصندوق بيده ثم وضعه على طاولة السُفرة و ذكر اسمها بصوتٍ عالٍ حتى خرجت له من الداخل و هي تقول بنبرةٍ هادئة:

"إيه كل دا ؟! أنا اهوه يا سيدي، نعم ؟!"

سحبها من يده حتى التصقت به و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"رمضان كريم، كل سنة و أنتِ طيبة يا روح قلب طارق"

رمشت ببلاهةٍ حتى سحب هو الصندوق و قدمه لها و هو يقول:
"كل سنة و أنتِ طيبة، دي حاجة بسيطة بمناسبة إن رمضان قرب، يا رب يعجبك، دا ذوقي"

ازدردت لُعابها بقوةٍ ثم أمسكت الصندوق تضعه على الطاولة ثم قامت بفتحه، و حينها شهقت بقوةٍ فقال هو مفسرًا:

"فانوس تلاقي، ميدالية بحروفنا على شكل فانوس تلاقي، شوكلاتة تلاقي، و كتاب الأذكار و مصحف و طقم صلاة، و سبحة، و معاهم سجادتين صلاة ليا و ليكِ، إيه رأيك ؟!"

أخرجت "الفانوس" أول شيءٍ من الصندوق، فوجدته باللون الأخضر و بداخله عَروسٌ يحاوطها أضواءٌ ذهبية و هيئته الخارجية بها زجاجٍ باللون الشفاف، ابتسمت هي بفرحةٍ كبرى ثم رفعت رأسها تنظر له حتى قال هو بنبرةٍ هادئة:

"أنا وصيت إن كله يكون باللون الاخضر علشان عارف إنك بتحبي اللون و إن أحب الألوان لقلب سيدنا محمد صل الله عليه وسلم كان اللون الأخضر، دا أول رمضان لينا مع بعض بعد ما رجعتيلي، فاكرة أخر فانوس جيبته ليكي ؟!"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت:
"لما شوفته عندك افتكرته، بس الهدية دي غالية أوي، مش قصدي على فلوسها طبعًا، بس قيمتها عندي كبيرة، كفاية إننا هنتشارك الأجر سوا، هخليهم لحد رمضان إن شاء الله"

حرك رأسه موافقًا فاحتضنته و هي تبتسم بحبٍ حتى حاوطها هو بذراعيه ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"أنا من كل قلبي بشكرك و بشكر وجودك إنك معايا و بتخليني أجاهد نفسي قبل شيطاني حتى، ربنا يجعل محاولتك معايا في ميزان حسناتك و حسناتي يا رب"

ردت عليه هي مسرعةٍ:
"صدقني الطريق لربنا سهل و ممتع طول ما احنا سوا و بنحاول نغلب شيطاننا، أنا و أنتَ هنمسك في وجود بعض لحد ما النتيجة تكون دخولنا الجنة إن شاء الله يا طارق"
_________________________

في شقة "وئام" دلف هو بهدوء كعادته فوجد زوجته تدور بـ "فارس" حتى يتوقف عن البكاء و يخلد للنوم، اقترب منها يقدم لها الصندوق و هو يقول:

"بصي !! أنا مش عارف أقولك إيه يعني خصوصًا إني تقيل في الحاجات دي، بس كل سنة و أنتِ طيبة يا أم فارس"

عقدت ما بين حاجبيها و ظهر شبح ابتسامة هادئة على وجهها، فأخذ منها الصغير و هو يبتسم، حتى أخذت هي الصندوق منه و فتحته، فقال هو بنبرةٍ هادئة:

"مفيش حاجة في الدنيا توفيكي حقك و الله، زوجة و أخت و صاحبة و أم مفيش منها، شايلاني و شايلة ابني، و رمضان جاي عليكِ و معاكي فارس، يعني مجهود زيادة عليكِ، دي حاجة بسيطة مني، و إن شاء الله ربنا يقدرنا و يكرمنا سوا، كل سنة و أنتِ و فارس معايا يا رب"

اقتربت منه تضع رأسها على كتفه و هي تقول:
"شكرًا، بجد و الله شكرًا علشان حاجة زي دي نسيتني تعبي و الله يا وئام، ربنا يكرمك و يباركلنا في وجودك أنا و فارس"

حرك رأسه موافقًا ثم نظر في وجه ابنه الذي زادت ملامحه من ملامح "وليد" حتى في وضع نومه بكفيه الموضوعين أسفل وجنته، أما هي فقالت بيأسٍ:

"متتعبش نفسك و تدقق فيه كتير، هو بعينه بغباوته، نسخة منه و الله العظيم"

رد عليها بقلقٍ بالغٍ:
"نسخة منه ؟! ربنا يطمنك إن شاء الله، أنا فرحت أوي"
_________________________

جلست "عبلة" في شقتها تتصفح هاتفها حتى وجدت "خديجة" قامت بتحديث حالتها عبر تطبيق "الواتساب" و قد التقطت صورةً للأجواء الرمضانية حولها ثم قامت بتنزيل الصورة من سيارة "ياسين" قبل أن تنزل منها.

ابتسمت "عبلة" ثم أرسلت لها تهنئها بحلول الشهر الكريم، ثم قامت بفتح الحالة الخاصة بـ "جميلة" فرآت الهدية التي قام أخيها بجلبها لها، حينها لمعت عينيها تأثرًا و فرحةٍ لأخيها ثم أرسلت لها تهنئها.

قامت بفتح الحالة الخاصة بـ "هدير" فرأت صورتها مع "حسن" بجوار الكعبة المشرفة زادت لمعة العبرات في عينيها ثم أرسلت لها تؤكد عليها الدعاء لهم ثم دعت أن يتقبل الله منهما.

قامت بفتح حالة "هدى" فوقع بصرها على هدية "وئام" لها و التي لم تختلف كثيرًا عن هدية "جميلة" سوى أن لونها أزرق داكن و هو لونها المفضل، حينها حدثت نفسها بضجرٍ:

"إيه دا يا جماعة ؟! هو أنا متجوزة شيطان و لا إيه ؟؟ يعني ياسين خد خديجة الحسين و طارق و وئام جايبين هدايا لمراتتهم، و حسن خد هدير عُمرة، دا حتى مجابش نص كيلو زبيب !!"

وصلها اشعارٌ بأن كلًا من "خلود" و "سلمى" قامتا بتحديث قصتهما عبر تطبيق "الفيسبوك"، فوجدت كلتاهما تضع صورة فانوسًا توجد بداخله عروسة متوسطة الحجم و بجواره سبحة الكترونية قام "أحمد" بجلبهم لهما، حينها تحدثت هي بخيبة أملٍ:

"فيه إيه بقى ؟؟! هو من بني قريش و لا إيه ؟! إيه دا ؟!"

حدثت نفسها بضجرٍ ثم أغلقت الهاتف و قامت بفتح التلفاز و هي تحدث الهاتف بسخطٍ:
"مش هفتحك خلاص، حرقت دمي، خلينا نشوف اخرتها"
_________________________

"خلاص بقى مكانش فانوس دا اللي هيخليكي تلزقي فيا كدا !! يا بت خنقتيني، غوري"

تفوه "أحمد" بذلك و هو يبعد "خلود" التي جلست بجواره تلتصق به و تقبله في وجهه و جبينه و "سلمى" بجوارهما تضحك عليهما، أما "خلود" فرمقته بسخطٍ ثم أمسكت الفانوس و هي معاندةً له:

"أنتَ تطول ؟؟ بس يلا هنسامحك علشان خاطر الفانوس، شكله غالي و شكلك صارف برضه"

تحدث هو بنبرةٍ هادئة:
"ماشي، شوفي بقى منك ليها، تذاكروا و تلتزموا في رمضان، و افتكروا إن الدراسة دي عمل و العمل عبادة، يعني نتقي ربنا فيه.

حركت كلتاهما رأسها موافقةً بحماسٍ فضحك هو عليهما ثم قال:

"هي الحركة تمام، رد الفعل بقى، لما نشوف اخرتها"
_________________________

كانت تسير وسط الزحام و هي تمسك يده تتابع بعينيها المكان حولها و حركة الناس في الشارع يبتاعون الأشياء الخاصة بشهر رمضان، و قد تنوعت الأشياء بين الديكورات المستخدمة في تزيين البيوت و الشوارع، و بين منتجات الطعام التي تنوعت بين مكسرات و كل ذلك كان يرافقه صوت الأغاني القديمة الخاصة بالعادات المصرية في تلك الأوقات مع الأضاءة الواهجة و رائحة المكسرات و أوارق الزينة، وقف هو أمام أحد المحلات الكبرى ثم قال لها:
"نقي بقى الديكورات اللي تعجبك علشان شقتنا، شوفي نفسك في إيه ؟!"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم دلفت داخل الخيمة الرمضانية الكبيرة تنتقي منها الزينة الخاصة بشقتهما، و هي تتحرك بفرحة طفلة صغيرة تزور مدينة الألعاب لمرتها الأولى، فيما وقف هو يراقبها بإمعانٍ و هي تمسك بالأشياء و بفروع النور المُزينة للحوائط و فجأة ارتفع صوت أغنيتها المفضلة لهذا الشهر حتى شهقت بقوةٍ و هي تنظر له و تضحك بحماسٍ:

"افرحوا يا بنات يلا و هيصوا، رمضان أهو نور فوانيسه....يا حلاوة التين.....و القمر دين....و كياس النُقل و قراطيسه"

اقتربت منه و هي تقول بحماسٍ:
"ياسين أنا بحب الأغنية دي اوي، أنا خلصت بس ينفع نمشي لما تخلص ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم قال و هو يجاهد محاولًا كتم ضحكته:
"طب أروح أحاسب لحد ما تسمعي الأغنية، و شوفي هنجيب إيه تاني"

تحرك نحو مكتب الحساب يقف وسط الناس في الزحام بعدما أعطته هي ما قامت بجلبه، بينما هي وقفت تتابع الأجواء حولها حتى وقع بصرها على عروسة كبيرة إلى حدٍ ما تمسك في يدها فانوسًا صغيرًا و شعرها الأسود يصل إلى نهاية ظهرها و ترتدي فستان باللون الأبيض، خجلت هي تطلبها منه نظرًا لما قامت هي بشراءه، فتنهدت بعمقٍ ثم قالت بقلة حيلة:

"لو كنت شوفتك أنتِ الأول كنت جيبتك، بس مش مشكلة السنة الجاية بقى أجيبك إن شاء الله"

كان يتابعها بعينيه حتى اقترب من طاولة الحساب و وقف أمام الرجل مباشرةً فقام بدفع الحساب ثم أخذ حقيبة الاشياء و عاد لها من جديد.

انتبهت له حينما اقترب منها فسألها هو باهتمامٍ:
"كدا جيبنا حاجة الزينة بتاعة شقتنا، فيه حاجة تاني عاوزاها ؟! شوفي كدا ؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
"لأ حلو كدا كدا الشقة هتبقى زي الحسين، هنجيب إيه تاني ؟!"

رد عليها مفسرًا:
"فانوس ليونس و لميمي، و ميداليات للكل، و شوفي كدا لو نفسك في حاجة هاتيها علشان مش هنعرف نيجي هنا تاني دلوقتي"

ردت عليه هي مسرعةً:
"لأ و الله خلاص كل حاجة تمام، بس قولي ميداليات لمين ؟!"

رد عليها مفسرًا مقصده:
"للشباب و لعيلتك كلها و لعيلتي، حاجة بسيطة كدا بمناسبة رمضان علشان نفرح كلنا، أنتِ متأكدة إنك مش عاوزة حاجة ؟"

حركت رأسها موافقةً فقال هو:
"طب ينفع تنقي بقى زينة لشقة أبويا و أمي ؟! علشان رياض موصيني و شكلي كنت هنسى"

حركت رأسها موافقةً ثم دلفت الخيمة من جديد تجلب لشقة والديه الزينة، فتحرك هو نحو العروس التي وقفت هي أمامها و حينما رآها ابتسم بسخريةٍ ثم قال بقلة حيلة:

"مفيش فايدة، مش هتتغير أبدًا و الله، لو مركزتش أنا عمرها ما هتقول هي عاوزة إيه"

اقترب من العروس يمسكها و هو يبستم بخفةٍ فوجدها رقيقة تشبهها في سكونها و هدوء حركتها و ملامحها، أخذها و قام بدفع حسابها ثم دسها وسط الأشياء حتى لا تنتبه هي لها.

اقتربت منه تحمل الأشياء على يدها و هي تبتسم باتساعٍ حتى اخذهم منها ثم توجه لمكتب الدفع و الأصوات حولهما تتداخل سويًا و كان ابرزهم صوت:

"رمضان في مصر حاجة تانية و السر في التفاصيل....رمضان في مصر غير الدنيا....طعمه بطعم النيل"

بعدها سارا معًا وسط الخيمات و الديكورات و كانت تقف بين الحين و الآخر حتى يلتقط الصور لها وسط تلك الأجواء و خاصةً بجوار الأشياء الكبرى مثل الفوانيس الحديدية الكبيرة و الديكورات، حتى فاجئها هو حينما جلب لها أحد الشخصيان الكرتونية القديمة التي تعود شهرتها لشهر رمضان الكريم "بوجي و طمطم" ثم قدمه لها و هو يبتسم، شهقت هي بفرحةٍ كبرى فقال هو بنبرةٍ ضاحكة:

"بوجي و طمطم بنفسهم معاكي اهوه، هنحطهم عند المراية اللي جنب باب الشقة، إيه رأيك ؟!"

اقتربت منه تمسك الاشياء ثم قالت بحماسٍ:
"بحبهم أوي، دول شخصياتي المفضلة في رمضان، و بحب فطوطة أوي"

نظر حوله فوجد وسادة صغيرة الحجم عليها "فطوطة" فقام بمسكها ثم قال:
"و أحلى فطوطة لأحلى خديجة في دنيتي كلها، كل سنة و أنتِ طيبة يا ست الكل"

قفزت هي بفرحةٍ دون أن تستطع احجام تلك الفرحة، فضحك هو رغمًا عنه ثم سألها بهدوء:
"هو أنتِ مجتيش هنا قبل كدا خالص ؟؟ أول مرة تشوفي الأجواء دي ؟!"

حركت رأسها موافقةً عدة مراتٍ فقال هو بعدما زفر بقوةٍ:
"طب وعد مني لو ربنا أراد و طول في عمري، إن كل سنة ليكي زيارة للمكان دا حتى لو مش هنشتري"

سألته هي بحماسٍ و غير تصديقٍ:
"بجد ؟! يعني مش السنة دي بس علشان أول سنة نكون فيها سوا ؟!"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"لأ و الله وعد مني كل سنة في رمضان أجيبك هنا، إن شاء الله يعني، ربنا يكرم بس و يأذن بدا"

حركت رأسها موافقةً فقال هو بحماسٍ:
"يلا علشان نجيب ليهم الفوانيس و الميداليات و علشان نجيبلك اسدال حلو تصلي فيه"
_________________________

في بيت الشباب آلـ "الرشيد" انتظرت "عبلة" عودته التي تأخرت كثيرًا عن الموعد الأساسي، ثم حدثت نفسها بسخريةٍ و هي تقول:

"طبعًا هيجي ازاي ؟! ماشي يا وليد، صبرك عليا يا ابن مرتضى"

زفرت بقوةٍ حتى سمعت صوت الباب يفتح، فتوعدت له حتى دلف هو يجلس بجوارها، حينها سألته بتهكمٍ:
"ما بدري ؟! جاي متأخر كدا ليه ؟! لسه فاكر انك متجوز ؟"

طالعها بلامبالاةٍ ثم قال:
"قومي بس أكليني علشان أنا واقع من الجوع"

ردت عليه هي بغيظٍ:
"وليد !! رمضان قرب، مش واخد بالك ؟!"

عقد ما بين حاجبيه و هو يقول بسخريةٍ:
"أخد بالي أعمل إيه يعني ؟! اتسلسل ؟؟ هو أنا شيطان يا سوبيا قصادك ؟!"

رفعت حاجبيها معًا تطالعه باستنكارٍ فقال هو مشاكسًا لها:
"آه....اكمنك سوبيا تلاقيكي خايفة تتشربي، لأ يا ستي متخافيش، أنا بحب التمر، اتطمني"

زفرت هي بقوةٍ ثم قامت من أمامه تضرب الأرض أسفل قدميها غيظًا منه، و هو يحاول كتم ضحكته عليها حتى قام مرة أخرى يفتح باب الشقة و هو ينظر لما جلبه بفرحةٍ و داخله يتأكد إنها سترقص فرحًا بما جلبه، فما هو ؟!
_________________________

أمام الكعبة المشرفة جلست "هدير" تدعو لعائلتها كل فردٍ على حِدة و لوالدتها و لجميع موتى المسلمين، أما هو فأمسك المصحف الشريف يقرأ منه و هي بجواره تدعو بخشوعٍ و بكاءٍ من هيبة المكان و تواجده به.

راقبها هو بعينيه ثم قال بهدوء:
"ربنا يتقبل منك إن شاء الله، أوعي تكوني نسيتي حد فيهم؟!"

ردت عليه هي بلهفةٍ:
"لأ خالص و الله، أنا بدعيلهم من غير ما أحس أصلًا، لساني عمال يذكرهم كلهم و كلهم بدعوات جميلة و خارجة من القلب، عمري ما كنت أتخيل أني ممكن ادعي لحد كدا، أو إن ييجي يوم و أكون هنا، رحمة ربنا طالتني و بزيادة أوي يا حسن، رحمته بيا حلوة أوي"

بكت و هي تتحدث فتنفس هو بعمقٍ ثم قال بهدوء:
"أنا أكتر واحد أقدر أقولك خديني مثال إن رحمة ربنا بينا موجودة لا محالة من دا، من شخص يتيم ملوش حد في الدنيا لواحد أرمل محدش قابل وجوده لـ محاولتين انتحار فشلوا من رحمة ربنا بيا، تخيلي لو كنت انتحرت و موت فعلًا ؟! مكانش زماني هنا و مكانش زماني معاكي و لا أنتِ مراتي و احنا بناخد بايد بعض للجنة سوا،  احنا هنا بنبدأ صفحة جديدة مع ربنا، طالبين منه يغفر لنا اللي فات و يقبل مننا اللي هنحاول نلتزم بيه، أوعي في يوم تزعلي على حاجة اتحرمتي منها في الدنيا، و افتكري إن ربنا بيده كل حاجة و افتكري قوله تعالى:

‏﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾

انتبهت له فأضاف هو:
"ربنا لو أراد لك الشيء هيوصلك من غير أي تعب منك أو تخطيط، و لو فيه شر ليكي ربنا هيبعده عنك لأنه رحيم و لطيف بيكي، و افتكري إن كل فترة صعبة عدت علينا بكرمه و رحمته و إنك شوفتي العوض بعينك و أنتِ مقبلة على طريقه"

حركت رأسها موافقةً و هي تبكي فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"رمضان قرب يا هدير خلاص، و عاوز أقولك أني رمضان اللي فات أنا كنت يتيم و غريب و مليش حد في الدنيا، بس السنة دي أتأكدت أني مليش غير ربنا و أنه من كرمه و رحمته بيا حرمني من حاجات الله أعلم لو كانت فضلت كانت النتيجة هتكون إيه دلوقتي، أنا مسلم قلبي لله بكل رضا و راحة و متأكد إن ربنا مش هيخذلني"

مسحت دموعها فورًا فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"كملي دعا و أدعي من كل قلبك و كل يقين إن ربنا هيستجيب ليكي، ادعي لكل حبايبنا و متنسيش تدعيلي أنا كمان"

ردت عليه بصوتٍ باكٍ:
"بدعيلك قبل الكل و الله، قبل نفسي حتى كمان يا حسن"

ابتسم هو لها ثم أعطاها المصحف الشريف حتى تقرأ منه، فأنهت هي الدعاء ثم أخذته منه و قامت بفتحه تقرأ منه بخشوعٍ و قلبٌ تعلق بتلك الصفحات حتى أصبحت تفكر جديًا في حفظ تلك الآيات بعدما ذاقت العوض من الله.
    __________________

طبعًا الرواية طولت و زادت كتير بس علشان أحط جو رمضان زي ما حضراتكم طلبتوا، كان المفروض اخلصها قبل ليلة السحور بيوم، بس حاليًا حلقات رمضان هتنزل وسط الرواية عادي جدًا لحد ما نصلي العيد معاهم إن شاء الله، و آسفة على الإطالة أو لو حد حاسس إنه زهق، بس مش منطقي طبعًا انهيها و الدنيا مفتوحة كدا لسه، دمتم بخير و كل عام و حضراتكم بخير و إلى الله أقرب إن شاء الله.

يُتَبَع
#الفصل_الثامن_و_السبعون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Czytaj Dalej

To Też Polubisz

767K 22.4K 38
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
32.7M 1.9M 47
اثناء دوراني حول نفسي بالغرفة بحيرة انفتحت عليه الباب، اللتفتت اشوف منو واذا اللگه زلم ثنين طوال لابسين اسود من فوك ليجوه وينظرولي بأبتسامة ماكرة خبي...
5.1M 151K 103
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
207K 7.1K 36
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...