الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)

111K 4.2K 1.5K
                                    

"الفصل الثاني"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_____________

"تشبهين السماء بسحرها و قمرها و ضي النجوم"
_____________

كلما رأيت أحدًا يَمرُ بما مررتُ به يومًا ما وددت لو احتضنته و أزلت عنه تعبه، وددت لو طمئنت قلبه.. كنت أأمل أن أجبر بخاطره، وددت لو أعطيته مالم أحصل عليه في حزني، و ودت أن أفعل معه مالم يفعله العالم معي.

بعد حديث «مشيرة» عن رفضها مسامحة «فاطمة»، نظر «وليد» لزوجها ثم نظر لها مُتعجبًا، ثم قال مُعقبًا:
"وليه بقى إن شاء الله مش هتسامحي؟ ما أنتِ زيك زيها"

أخذت نفسًا عميقًا زفرته على مهلٍ وهي تتابع جلوس زوجها بجانب «وليد» ثم قالت بنبرةٍ حزينة:
"أنا بالذات صعب يا وليد، فاطمة أذتني و أذت بنتي لما اتسببت في بعدها عني، و أذت جوزي لما اتسببت في شكه فيا، ومش بس كدا لأ، دي اتسببت أني أأذي واحدة و بنتها ملهمش ذنب فـ حاجة، وكمان كانت بتزود كرههم فـ قلبي، أنا لحد دلوقتي مش عارفة أبص في وش زينب، ولا عارفة حتى أقف قصاد خديجة، صدقني صعب والله، لو على حقي ممكن أسامح فيه، لكن لو على حق اللي ظلمتهم بسببها مش هقدر أسامح"

زفر هو بضيق ثم شبك كفيه ببعضهما وهو يقول بتروٍ:

"عارفة المشكلة فين؟ إن انتو الاتنين شبه بعض، الحياة مدتكمش اللي عاوزينه، فقررتوا تاخدوه غصب بالانتقام، علشان كدا الانتقام دا نار بتحرق في الناس، مفيش حد بينتقم و يعرف يعيش مرتاح، بس افتكري إنك برضه اذيتي هدير بتربيتك ليها، و افتكري إنك دمرتي مستقبلها لما خلتيها شخص أناني، يعني دي قصاد دي، و بعدين فاطمة مش فاضل ليها كتير، دي واحدة النفس بيخرج منها و مبيرجعش تاني"

اجهشت في بكاء مرير وهي تستمع له و لتذكيره لها بما فعلته هي الأخرى، فأضاف «حسان» يقول بهدوء و بنبرةٍ متريسة:
"سامحيها يا مشيرة، مفيش حاجة صعبة قد إن أنسان يموت و يقابل وجه كريم وهو ليه مظلمة عند حد، و افتكري انك لسه عاوزة بنتك و خديجة يسامحوكي، دي واحدة على فراش الموت، يعني لا حول ليها ولا قوة إلا بالله سبحانه و تعالى"

نظر له «وليد» بسخرية ثم قال بعدما ابتسم متهكمًا:
"ما شاء الله يا شيخ حسان، الله يفتح عليك، أنتَ و بنتك متخصصين في خطبة الجمعة، كان فين كلامك دا قبل ما تهرب، ياه يا أخي على الدنيا"

زفر «حسان» بضيق إثر حديثه اللاذع، فقال «وليد» بسخرية:
"ما قولتلك قبل كدا بطل نفخ، أنتَ راجل كبير وعيب كدا"

ابتسم له «حسان» باستفزاز وهو يحرك رأسه موافقًا، ففعل «وليد» المثل هو الأخر، ثم نظر لـ عمته التي كانت تبكِ في صمت، تحولت نظرته إلى الشفقة وهو يقول بنبرة أهدأ:

"بصي يا مشيرة، من حقك متسامحيش، بس افتكري ان جميلة بنتك مستنية منك أي موقف واحد علشان يشفعلك عندها، وزي ما فاطمة كانت السبب في فراقكم، خليها هي سبب رجوعكم لبعض"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن