تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

15.3M 644K 221K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)

102K 3.8K 1.7K
By ShamsMohamed969

"الفصل الرابع و العشرون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_______________________

فُنيت العوالم في عيني بدونها، تلك التي أحببتُ العالم لأجلها.
________________________

الآن عارضت قدماي سيري،
لا أدري إلى أي جهة يجب أن تخطو قدماي، أنا فقط مدرك أن السقوط نحو الهاوية هو الأمر المحتم، لكن ماذا قبل ذلك؟ ألم يلين لي الطريق من قساوة عتمته؟ ألم يحن لي وقت الخروج من ظلمته؟ بعد عدة تجارب الآن و بكل آسى أقول أن أخطر ما يُكتب على المرء خوضه، هو السير في طرقاتٍ لم تشبه لكنه مُجبرًا على خوضها.

في الشارع الخاص بشقق الشباب صباحًا، توقفت سيارة «ياسين» أسفل بناية «عامر»، و معه صديقيه، زفر هو بقوةٍ ثم تحدث يقول بحنقٍ:
"أنا مش فاهم دا كله بيعمل إيه؟ مصحيه من قبل حتى ما أخرج من السرير، بيحضر الذَرة؟"

ابتسم «ياسر» بيأسٍ بينما «خالد» رد عليه بنفس النبرةِ المُستاءة وهو يقول:
"علشان هو مهزق، عارف إن النهاردة الخميس يعني لازم نكون هناك بدري علشان نخرج بدري، لكن نقول إيه؟"

أخرج «ياسر» هاتفه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا هكلمه و استعجله خلينا نخلص"

قال حديثه ثم شرع في مهاتفته، رد عليه «عامر» بمرحٍ وهو يقول:
"صباح الخير يا دكترة، ها نزلتوا ولا هتأخرونا زي كل يوم؟"

استمعا كليهما لحديثه عبر المكالمة، فالتفت «خالد» حتى يتدخل في الحديث وهو يقول منفعلًا:
"انزل يالا بدل ما أطلع أجيبك أنا، مهزق بصحيح، مفيش دم و سايبنا تحت بيتك بقالنا ربع ساعة !!"

رد عليه هو بقلقٍ من لهجته:
"خلاص...خلاص بربط الكوتشي و نازل أهوه، متزعلش نفسك"

تدخل «ياسين» يقول بضجرٍ:
"يمين بالله لو ما نزلت لأسيبك و أمشي و ابقى قول لأبوك يجبلك عربية بقى"

رد عليه هو بنبرةٍ يشوبها بعض التعالي:
"هجيب عربية و أنا عندي اتنين بالسواقين؟ البركة فيك و في خَالود، يلا سلام علشان متأخرونيش بقى"

أغلق الهاتف في وجوههم، بينما هم نظروا لبعضهم بيأسٍ منه، و بعد مرور ما يقرب العشر دقائق، كعادته خرج من المصعد و الهاتف متصل بالسماعات الهاتفية و هو يرقص عليها، و في يده حقيبة بلاستيكية لم يحتاجوا وقتًا للتفكير ماذا بها، و لكنها كانت أكبر حجمًا من ذي قبل، ركب السيارة بجانب «ياسر» وهو يغني بصوته مع الأغنية، فتحدث «ياسر» يصرخ في وجهه وهو يُبعد السماعات عن أذنه:
"بـــس صوتك وحش، إيه دا على الصبح؟ جاموسة بتنعر، إيه دا؟"

أغلق هو هاتفه وهو يقول بمرحٍ:
"دا إحساس يا عديم الإحساس، هقولك إيه مبتقدرش الفن، المهم اخباركم إيه يا رجالة؟"

رد عليه «ياسين» بقلة حيلة:
"كويسين الحمد لله يا عامر، أنتَ إيه اخبارك؟ واتأخرت ليه؟ اتمنى تكون بخير؟"

رفع الحقيبة في يده وهو يقول بمرحٍ:
"كنت بجيب الحاجات الحلوة دي، و عامل حسابكم معايا كمان، يلا قلبي طيب مرضيتش أجيب لنفسي من غيركم"

التفت له «خالد» يتحدث متشدقًا بنذقٍ:
"حاجة إيه دي إن شاء الله؟"

أخرج أحد المحتويات من الحقيبة وهو يقول بمرحٍ:
"علمت لكل واحد فيكم ساندويتش فراخ بانيه بالبطاطس و عصير جوافة باللبن و جبت كوبايات بلاستيك أهو"

اتسعتا حدقتي «خالد» بينما «ياسر» ابتسم بسمةٍ متسعة و «ياسين» تحدث يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"والله العظيم فيك الخير، براءة يا عامر خلاص"

سأله «خالد» بنبرةٍ شبه حانقة:
"أنا عاوز أفهم هيحصل إيه لو كلت في الشغل؟ لازم تأخرنا كدا و تخلي مراتك تعمل أكل على الصبح؟"

رد عليه هو بقلة حيلة:
"يا خالد مبعرفش آكل هناك، و مبعرفش آكل لوحدي و هما عاملين فرق بيننا علشان أنا المدير، علشان كدا بفطر معاكم هنا و خلاص"

تدخل «ياسر» يتحدث بحبٍ:
"يا حبيبي ألف هنا و شفا بس ابقى اصحى بدري بقى و جهز الفطار"

أخرج هو الطعام يعطيه لكلًا منهم وهو يقول بمرحٍ:
"يا عم براحتي بقى، مش كفاية بفطر اشكالكم؟"

نظروا له بتعجبٍ بينما «خالد» اعتدل في جلسته وهو يقول:
"أنا قولت مفيش فايدة، و ياريت منتجمعش في حتة تاني أنا وهو"

لوح له «عامر» بكفه وهو يقول بضجرٍ:
"روح بقى متقرفناش على الصبح، عامل نفسك حاجة"

التفت له يقول منفعلًا:
"أومال أنا إيه يالا؟ يعني إيه عامل نفسي حاجة؟"

رد عليه هو بخوفٍ:
"عامل نفسك حاجة و أنتَ كل حاجة والله، راسك أبوسها يا غالي"
قال جملته ثم اقترب منه يقبل قمة رأسه، و البقيةِ يضحكون عليه، حينها حرك «ياسين» رأسه و كأنه يخبرهم أن لا فائدةً منهما، ثم شرع في تحريك السيارة.
_______________________

وصل «وليد» وجهته المُحددة صباحًا بعد انتهاء زيارته لإبراهيم، توجه نحو عيادة الطبيبة النفسية، حتى يُكمل ما بدأه في تغير ذاته، ثم جلس في الخارج حتى أتت الطبيبة بعدما أخبرتها مساعدتها بوجوده في المكان منذ الصباح الباكر، لم تبدي تعجبها من وجوده و أتت بالفعل له، بينما هو وقف بمجرد سريان طيفها أمام عينيه، فوجدها تشير له حتى يتبعها نحو الداخل، دلفت هي أولًا و هو خلفها، يجلس على المقعد المجاور للمكتب الخاص بها، بينما جلست هي على مقعدها ثم سألته بنبرةٍ ثابتة:
"ها يا أستاذ وليد؟ في إيه على الصبح يخليك تجبني لهنا، و ياترى غِبت ليه عن الجلسة بتاعتنا اللي حدتلك معادها؟"

ابتسم هو لها بسخريةٍ وهو يقول:
"هو أنا صحيح غبت من الجلسة بس كنت هغيب من الدنيا كلها كمان، حصلت حاجات كتير خلتني أعيد حساباتي في حياتي، علشان كدا أنا جيتلك هنا النهاردة، عاوز أفهم كل حاجة"

اقتربت بجسدها تميل على المكتب وهي تُشبك كفيها معًا، لتتحدث تسأله بنبرةٍ حائرة:
"حاجات؟ حاجات زي إيه يعني؟"

زفر بقوةٍ ثم شرع في سرد ما حدث خلال الفترةِ الماضية، و ما صار له من «إبراهيم» و موقف الشباب معه، و تضحيتهم لأجله، قام بقص ما حدث معه بالكامل ثم زفر بقوةٍ و كأنه بذلك يخرج ما يعتل به صدره من ثُقلٍ، بينما هي ابتسمت بتفهمٍ ثم قالت:
"الحقيقة إن العلاج العملي معاك شكله جاب نتيجة و من غير أي مجهود مني، الأيام كانت بتديك درس علشان تتعلم منه يا وليد"

ضيق المسافةِ الواقعةِ ما بين حاجبيه، يطالعها باستفسارٍ لم يتحدث به، بينما هي جاوبت سؤاله الصامت بقولها المُفسر:
"مشكلتك هي إنعدام الثقة في اللي حواليك، علطول حاسس إنك لازم تكون المتحكم علشان كل شيء يكون مظبوط و ميحصلش ليك خذلان، أنتَ تعمدت تتصدر لابراهيم لوحدك، علشان مكانش عندك ثقة إنك تعتمد على حد يلحقك، لكن موقف الشباب ناحيتك خلاك تفكر هما ليه عملوا كدا رغم إنك مش معرفهم، نفس الحكاية موقف عمتك ناحيتك و إنها تفديك بروحها رغم إنها شخص مؤذي بالنسبة ليك، بل كانت من ضمن الأسباب اللي وصلتك لكل العُقد دي"

أومأ لها موافقًا فوجدها تتابع حديثها بسؤالٍ لم يتوقعه هو:
"قولي كدا يا وليد، أنتَ جيت هنا من البداية ليه؟ يعني خدت خطوة إنك تتعالج نفسيًا هنا ليه؟"

تنفس بعمقٍ ثم طالعها بنظرةٍ ضائعة وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"أنا مبحبش الشخص المؤذي، و عمري ما اقتنعت إن فيه مؤذي ينفع يعيش وسط الناس عادي حتى لو كان مريض نفسي، بس لما حسيت أني بسبب مشاكل لعبلة بسبب قلة ثقتي، و حسيت إن خوفي منها بدأ يتنقل ليها لدرجة إنها بدأت تخاف مني خوفي علشان مسبهاش، كل دا خلاني أفكر أنا ليه متعالجش؟ ليه محاولش أغير نفسي علشان اتطمن ليها و هي كمان تطمن، آه أنا مش عاوز حاجة فيا تتغير بس عاوز أحس أني مرتاح بجد"

حركت رأسها موافقة وهي تقول:
"هي دي الفكرة إنك مش مؤذي، بدليل أفعالك تجاه عيلتك و تحكمك في أفعالهم دا من خوفك عليهم، الفكرة يا وليد عندك من البداية خالص، من ساعة ما كان فيه وليد صغير لقى نفسه مسئول عن حماية أخته، اللي حصلك بعد كدا خلاك تخاف بزيادة، يعني مجرد علاقات متعبة، زي علاقة خديجة بوالدها و علاقة عمتكم بيكم، و صحابك اللي وثقت فيهم، كل دول سببولك تراست إيشوز و مشاكل في الثقة، لكن أنا متأكدة إن بعد اللي حصلك دا مستحيل تفضل زي ما أنتَ، أكيد إحساسك اتغير ناحيتهم"

أومأ لها هو موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"حاليًا عاوز أقرب من ياسين و أخواته، حاسس أني هبقى مسبوط و أنا معاهم خصوصًا إنهم قابلين وجودي معاهم، حاسس إن بدايتي هتبقى منهم، مش عارف ليه بس حاسس إنهم بقوا مهمين عندي، حاسس إن فيه حد في ضهري هيلحقني"

ابتسم هو بحبٍ وهو يحدثها رغمًا عنه، بينما هي سألته بنبرةٍ هادئة:
"طب و الابتسامة دي سرها إيه؟"

طالعها هو بحيرةٍ ثم حول نظرته للراحة وهو يقول:
"افتكرت مواقفهم معايا و إزاي كل مرة ألاقيهم من غير ما أقول، افتكرت إن خديجة قالتلي على ياسين إنه المطر اللي نزل على أرض روحها علشان يروي عطشها، أنا تلقائيًا بقيت بعتمد عليه و بفكر فيه، بستغرب إزاي حد زيه قادر يوزع كل الحب دا"

جاوبته هي تفسر له الموقف بقولها الهادئ:
"كل الحكاية إنك اتعودت إنك تدي مجهودك و طاقتك للي حواليك، و يمكن الشخص الوحيد اللي كان معاك كدا برضه هي خديجة، إنما لما لقيت ياسين زيك، أنتَ استغربت إن فيه ناس عندها سلام نفسي لدرجة كبيرة زي دي، لو عاوز فعلًا يا وليد تتعافى و تبدأ حياتك صح من جديد حاول تصالح ماضيك و علاقاتك اللي كانت كلها خطورة، ادي لنفسك فرصة و حبها"

أومأ هو لها موافقًا ثم قال:
"أنا للأسف متعاطف مع مشيرة، مش عارف ليه، بس لما شوفتها غرقانة في دمها علشاني أنا حسيت بحاجة غريبة، حسيت إنها عملت كدا علشاني، مشيرة بالنسبة ليا أكبر علامة استفهام في حياتي، الوحيدة اللي هفضل أفكر إزاي هي كدا، الوحيدة اللي دماغي بتحاربني في التعامل معاها"

زفرت هي بقوةٍ ثم قالت تُردف له الموقف بأكمله بطريقةٍ علمية:
"مُشيرة شخص سام يا وليد، محدش يقدر ينكر دا، الشخص اللي يطلع عقدته على طفل صغير و فاكر إنه كدا بيحقق انتصار يبقى شخص مؤذي، و ساعدها في كدا الوضع حواليها، إنها ملاقتش مساعدة كفاية، مجرد محاولات ترضيها إنما هي كانت حاسة إنها ضحية للعالم، مشيرة هربت من اللي حصل فيها في دور الضحية، لحد ما اتحولت من مجني عليه لجاني حقيقي، مشيرة يا وليد شخص عبارة عن عقد متحركة، هنبص ليها إنها جاني هنشوف آذاها لخديجة و ليك و لعيلتها، لو بصينا إنها مجني عليها يبقى هي ضحية فعلًا، مرات عمك الله يرحمها كانت هي السبب في اللي حصل من البداية، عرفت إزاي تتحكم فيها، مشيرة كان معاها كل حاجة تثبت إن زينب اللي عملت كدا، بالتالي رد فعلها من الصدمة كان أكبر من شخصيتها، بص لو بصينا هنلاقي إن ردود أفعالها نتيجة أفعال سابقة، لكن دلوقتي تقدر تقولي خوفها عليك من راشد و ابوه، و دفاعها عنك و عن ياسين دا سببه إيه؟"

حرك كتفيه بجهلٍ وهو يقول:
"وهو يقول ماهو دا اللي هيجنني، لو هي فعلًا بتحبني زي ما بتقول يبقى اللي حصل قبل كدا دا كان إيه؟ ليه كرهتني؟ ليه كرهت خديجة فيها؟"

حركت رأسها نفيًا وهي تقول:
"في علم النفس يا وليد فسروا إن الصدمات لما بتحصل بتسبب للناس حاجة زي انفصام في الشخصية،

بمعني إن تحكم الصدمة فيه أكبر من مقاومته على رفض التحكم دا، مشيرة بتحبكم جدًا و ممكن تكون بتحبكم نفس حبها لبنتها، بس الصدمة و تأثيرها عليها لغى الحب دا و خلاها شخص تاني بيتصرف بانتقام، الفكرة إننا كبشر ربنا سبحانه و تعالى أنعم علينا بالفرصة التانية،

يعني نقع و نقوم و نتوب و نذنب، لكن مينفعش إحنا كبشر نتجاحد و نستمر في وضعنا دا، لازم نعرف المؤذي إنه شخص مؤذي، لازم ياخد خطوة ناحية مرضه و عقدته، زيك كدا لما حست إنك شخص متعب في علاقتك مع اللي بتحبها قررت تيجي هنا علشان تتخلص من مشكلتك دي، مشيرة لحد دلوقتي شخص جاني و مجني عليه، بس فكرة إننا نظهر تعاطفنا و نقولها إنها كانت صح، دا بيخلي دور الضحية عندها يكبر، لازم تتعامل على إنها جاني"

سألها هو بنبرةٍ متريثة:
"أيوا...إزاي بقى دا يحصل؟"

حركت كتفيها ببساطةٍ وهي تقول حتى تجاوبه:
"بالعمل الفعلي....يعني إنها تلاحظ إن الماضي ليه تأثير قوي على الحاضر....صحيح اللي حصل حصل و مش هيتغير بس تأثيره بيفضل موجود، خصوصًا خديجة و إنها صعب تنسى أصلًا، و بعد كدا هيبقى عندها صراع في التعامل مع عمتها، العلاقة دي كفيلة تخلي مشيرة تعرف غلطها، اللي حصل من خديجة تجاه عمتها دا كان موقف امتنان مش أكتر، لكن الوضع العادي خديجة مش هتقدر تتعامل معاها عادي"

أومأ هو لها موافقًا ثم قال بنبرةٍ مقررة:
"أنا كدا فهمت، بقولك إيه احنا عندنا دور فاضي ما تيجي تسكني معانا و تعالجي العيلة اللي كلها توكسيك و معقدين ديه، والله بتكلم بجد"

ابتسمت هي على حديثه ثم قالت:
"مينفعش يا سيدي، كدا هيبقى فيه احتمالية إن أنا اللي اتمرض، عارف يا وليد شوفت عندكم رهاب إجتماعي و تراست إيشوز و اضطراب ما بعد الصدمة و ناس عندها اضطراب إنها عايشة دور الضحية، انتو عيلة كفيلة تخليني أخد الدكتوراه مرتين كمان كوني بعالج كل دا عندكم"

ابتسم هو لها ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"معاكي حق والله، أنا بس بستغرب إزاي ياسين و أخواته طبيعين و مش زينا، من كتر ما عاشرت مرضى نفسيين بقيت مستغرب سلامهم النفسي"

ردت عليه هي بطريقةٍ علمية:
"دا من الأساس نفسه يا وليد، النشأة نفسها كانت صح، ياسين بالنسبة ليا نموذج للأهل الواعيين، بمعني إنه طفل اتربى صح، إنه ياخد حريته بس مجبر يحترم الحرية دي، إنه مسموع و ليه رأي بس بحدود على قد عمره، إنه يحلم و يحقق حلمه طالما مش بيأذي حد، ياسين عكس خديجة تمامًا في التربية، هو اتربى مع أب و أم عرفوا إزاي يصاحبوه، و إزاي يكون معاهم إنسان، إنما خديجة مع أب عنيف و أم سلبية لا حول لها ولا قوة، فبالتالي التربية و النشأة هي اللي بتكون أساس في تكوين الشخصية، غير كدا مرحلة النضج، ياسين كان ناضج كفاية إنه يقدر يربي نفسه صح، لحد ما بقى النموذج اللي قدامنا دا، شخص شبه مثالي، بس لو ركزنا هنلاقي إن دا الطبيعي يا وليد، إن اللي زي ياسين هو اللي المفروض يكون منتشر لان هي دي طبيعة البشر، لكن كتر العقد و الدور اللي الناس عايشة فيه بقى اللي زي ياسين بالنسبة للحياة شخص مش موجود أصلًا"

أومأ لها موافقًا ثم وقف وهو يهندم قميصه، بينما هي ابتسمت باتساعٍ وهي تقول تشاكسه:
"خلي بالك إحنا متكلمناش عن حالتك و لا عن العلاج، لسه فيه خطوات كتير هناخدها سوا لحد ما توصل لوليد اللي أنتَ عاوزه"

أومأ لها موافقًا ثم قال بنبرةٍ مرحة و وجعٍ مبتسم:
"النهاردة لو حد طلب عيني ياخدها عادي، بصراحة مبسوط و هبدأ حاجات كتير هقولك عليها المرة الجاية، عاوزة حاجة مني؟"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ يا سيدي شكرًا، ربنا يفرحك دايمًا و على فكرة فرحانة علشان شايفاك كدا، و كدا أسامة لما يرجع هخليه يقابلك"

سألها هو بنبرةٍ متعجبة:
"هو راجع بجد؟ مش هو و باباه ماسكين الشركة في تركيا؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ مرحة:
"راجعين يا سيدي خلاص علشان فرح بنتي قرب، و أكيد مش هبقى فيه لوحدي يعني"

مال هو على المكتب يحدثها بنبرةٍ هامسة:
"لو عاوزة تعرفي أخبار العريس أنا ممكن أعملك كدا عادي، أنتِ واثقة فيه؟"

طالعته هي بدهشةٍ وهي تقول بنبرةٍ يائسة:
"مفيش فايدة، أنا بعالج فيك من قلة الثقة و أنتَ بتشككني في جوز بنتي،الله يسامحك يا شيخ"

ابتسم هو لها ثم استقام في وقفته وهو يقول بمرحٍ:
"أنا بهزر معاكي و الله، طبعًا مش محتاجة أقولك إني تحت أمرك لو احتاجتي حاجة مني، لحد ما هما يرجعوا بالسلامة"

ابتسمت له بامتنانًا حقيقيًا وهي تقول:
"صدقني لو احتاجت حاجة هقولك من غير ما تطلب أنتَ مني، أنا بعزك من بدري"
أومأ لها موافقًا ثم رحل من أمامها تاركها خلفه تبتسم بفرحةٍ لأجل التطور الذي حدث له حتى من خلال انفعالات جسده أمامها.
_________________________

رحل من عند الطبيبة ثم وصل إلى مقر عمل شباب العائلة، لكن تلك المرة دلف بمرحٍ حتى إنه قام بجلب الحلويات لهم ثم دخل إلى الغرفةِ الكبرى مباشرةً، حيث كانوا جميعهم بداخلها، دلف هو وهو يقول بمرحٍ:
"صباح الخير يا شركة الهم، ها ورانا إيه على الصبح؟"

طالعوه بتعجبٍ بينما جلس هو المقعد بأريحيةٍ وهو يقول:
"كام مشوار على الصبح طلعوا عيني، بس علشان أنا بحبكم جيت ليكم هنا"

سأله «حسن» بضجرٍ منه:
"هو إحنا بنشحت من أهلك؟ ماهو شغلك، جاي حضرتك تشوف نفسك علينا؟"

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
"لأ يا سيدي، أنا جاي علشان شغلي وحشني أوي، و جايبلكم حاجة حلوة معايا"

قال جملته تزامنًا مع رفعه لذراعه يضع الحقيبة على الطاولةِ، فسأله «أحمد» بنبرةٍ مَرحة:
"الله دونتس ؟!! أنتَ بتفهم و عندك ذوق و الله، من ساعة ما أكلته مع خلود و أنا بحبه"

ابتسم هو له وهو يقول بخبثٍ:
"مع خلود برضه؟ يلا هنمشيها"

تدخل «طارق» يقول بحنقٍ:
"أنا عارف يا سوسة إنهم كلوه سوا، ريح نفسك و أطلع منها أنتَ بقى"

_"يلهوي على الكسفة، أشكال عاوزة ضرب الجِزم"
تفوه بها «حسن» ساخرًا على هيئة «وليد» الذي نظر أمامه بلامبالاة، بينما «وئام» تدخل يسأله باهتمامٍ:
"وليد أنتَ كويس؟ بقالك كام يوم كنت مش متظبط، بقيت أحسن دلوقتي؟"

ابتسم له وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"هتصدقني لو قولتلك أني زي اللي بيتولد من جديد؟ صدقني يا وئام أنا حاليًا مبسوط أوي الحمد لله"

تدخل «طارق» يقول بنبرةٍ مرحة:
"طب يا سيدي ربنا يفرحك، خد بقى الكبيرة، أنا كلمت واحد علشان يروح يخلص الشقق بتاعتنا، علشان الفرح، يعني هتبقى كام شهر كدا نكون خلصنا العفش و التوضيب، ها إيه رأيك"

سأله بنبرةٍ متحمسة:
"بجد و الله يا طارق؟ طب و عمك محمود مش هيزعل كدا علشان مراته؟"

تدخل «وئام» يقول بمرحٍ:
"أبوك كلمه و هو مش معارض خالص و قال إن هدير اتجوزت يبقى حقكم تفرحوا أنتو كمان طالما مفيش حاجة حرام"

ابتسم هو باتساعٍ أكثر ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"تصدقوا مش خسارة فيكم اللي أنا جبته دا، تستاهلوه علشان الخبر الحلو دا"

قال جملته ثم قام بفتح العلبة، فتحدث «حسن» يقول بسخريةٍ:
"إيه دا يا عم ؟! قُرص بالشوكلاتة؟ أنا قولت جايب طبق مشكل حلو كدا مليان رموش الست ولا حاجة زي الكنافة، إيه دا ؟!"

ضحكوا جميعًا عليه وعلى طريقته، بينما «وئام» تحدث يقول بضجرٍ منه:
"أنا مش فاهم إزاي أنتَ بيئة كدا؟ يا بني حرام عليك ضيعت سمعة المكان، إسمه دونتس، قال قُرص قال"

رد عليه هو بتهكمٍ:
"خلاص يا عم وئام آسفين ليك يا سيدي، إسمه دونتس حلو كدا"

تدخل «أحمد» يقول بمرحٍ:
"يلهوي لو هدير سمعتك و أنتَ بتقول كدا عليه هتروح في داهية"

سأله هو بنبرةٍ ظهر بها الاهتمام حينما استمع لذكر اسمها:
"مالها هدير؟ هي بتحبه؟"

رد عليه «وليد» بخبثٍ:
"هدير هي اللي معرفانا عليه، بتحبه أوي و بتحب اللي يجبهولها أوي، كانت عبلة علطول تجيبه ليها بعد الكورس و ياكلوه سوا"

ابتسم هو بسمة طفيفة رُسمت على ثغره، و هم ينظرون له، و حينما انتبه هو على نظرهم الموجه نحوه، قال بنبرةٍ متوترة:
"طب هات خليني أدوق كدا، و لا هتاكلوه لوحدكم يعني؟"

أومأ له الجميع بموافقةٍ ثم شرعوا في تناوله، بينما هو ابتسم بهدوء حينما أخذ القطعة ثم وجه بصره نحو الحقيبة حتى يعلم منها العنوان، تابعه «وليد» بعينيه ثم ابتسم بهدوء.

استمر اليوم في العمل حتى منتصف النهار، حينها أنهوا عملهم بأكمله، و أول من طلب الرحيل مُبكرًا كان «حسن» حينما قال موجهًا حديثه للجميع:
"طب يا جماعة هستأذن أنا علشان ألحق أروح، قبل ما الليل يدخل على هدير وهي لوحدها"

أومأ له الجميع، بينما «طارق» اقترح عليه بنبرةٍ هادئة:
"طب ما تيجي معانا نقضي اليوم سوا، و هاتها تقضي اليوم مع البنات، جميلة و عبلة قالولي إن سلمى أجازة و هما سهرانين سوا، تعالى نعملها سهرة رجالة إحنا كمان طالما بكرة أجازة"

رد عليه هو بنبرةٍ مهتزة:
"ها....لأ خليني أريح بقى يا عم في بيتي عمالين نتنطط كل شوية، الأسبوع الجاي بقى نعملها و نجيب ياسين و الشباب و تبقى سهرة حلوة كدا"

رد عليه «وئام» مستحسنًا حديثه:
"جدع والله فكرة حلوة، بالمرة قبل ما أبقى أب علشان شكلي داخل على مرار بجد"

أومأ هو لهم ثم لوح بذراعه يودعهم، بينما «وليد» نظر في أثره نظرة فرحة و كأنه يتأكد من حسن اختياره لـ «هدير».
_________________________

توجه «حسن» نحو بيته بهدوء، يدلف الشقة و خلف ظهره الحقيبة قام بتخبئتها حتى لا تراها هي، بينما هي حينما استمعت لصوت الباب، ركضت نحوه وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
"خليك واقف زي ما أنتَ، متتحركش"

توقف هو بتعجبٍ فوجدها تركض نحو المطبخ ثم خرجت و في يدها معلقة ممتلئة بالطعام وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"دوق كدا و قولي رأيك و استوت و لا لأ؟"

نظر لها هو بنظرة اندهاش حقيقة فوجدها ترفع نفسها حتى أطعمته هي وهي تسأله بعدما عادت لوضعها من جديد:
"ها حلوة؟ و الأهم استوت ولا لأ"

ابتسم هو لها ثم قال بعدما ابتلع الطعام في فمه:
"هي من ناحية حلوة هي حلوة، بس دي إيه علشان مش قادر أحدد بصراحة، بس طعمها حلو"

ردت عليه هي بنبرةٍ متحمسة:
"دي يا سيدي كوسة باللحمة المفرومة، عملتها صينية زي ما كانت هدى بتعملها لينا، عجبتك بجد ولا إيه الدنيا؟"

اتسعت بسمته أكثر وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"تسلم إيدك و الله، أنا بصراحة من زمان ماكلتش أكل بيتي، حتى الأكل اللي بنعمله هنا بيبقى سريع، لكن دي حاجة تانية والله"

ردت عليه هي بنبرةٍ متحمسة:
"علشان كدا قولت تغيير يا حسن، و بعدين أنا بحب أعمل الأكل أوي، بس ماما بقى مكنتش بترضى علشان بتخاف يبوظ مني"

قالتها بنبرةٍ يشوبها بعض الحزن، فوجدته يقترب منها حتى أنه نسى ما يحمله في يده و حرك أحد ذراعيه يمسك كفها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"الله يرحمها يا هدير، أكيد دلوقتي هي فرحانة بيكي إنك بقيتي واحدة تانية و إنك ست بيت شاطرة، الشقة دي أنا كنت مخليها زي القبر، تخافي منها، ربنا يعلم من ساعة ما جيتي بقت زي الجنة، لدرجة حسستني إنها هتدعي عليا من اللي كانت فيه بعدما جربت وجودك"

ابتسمت هي له بحبٍ حينما استمعت لحديثه، لكنها أخفضت رأسها حينما لاحظت نظرتها المصوبةِ نحوها، فلاحظت ما يمسكه بيده، فتعارفت هي على الحقيبة حينها شهقت بقوة، تتبع هو موضع نظرها، و حينها ابتسم ثم رفع ذراعه أمامها وهو يقول بمرحٍ:
"آه...دا يا ستي دونتس أنا بحبه أوي، و قولت أجيبه و ناكله مع بعض، أوعي تكوني مش بتحبيه"

ردت عليه هي بنبرةٍ مختنقة من الحماس:
"مش بحبه إزاي بس، دا أنا بموت فيه، و مستغربة إنك طلعت بتحبه"

رد عليها هو بثباتٍ:
"بحبه !! يا بنتي دا حياتي أصلًا، أنا أمي الله يرحمها رضعتني سنتين، الشهر اللي بعدهم كنت باكل دونتس، قال بحبه قال"

ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"هي وسعت منك شوية بس مش مشكلة، المهم إنه موجود"

أعطاها الحقيبة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب افتحيها كدا و شوفي أنتِ بتحبيه اللي موجودين دول و لا لأ؟ علشان هما طلعوا كتير أوي"

ابتسمت هي بخجلٍ ثم فتحت العلبة، و حينها شهقت بفرحةٍ كبرى وهي تقول:
"دي فيها كل اللي بحبهم، و معاها صوص الكراميل، شكرًا يا حسن..."
قالت جملتها الفرحة ثم رفعت نفسه تُقبل وجنته بحماسٍ، اتسعت حدقتيه بقوة من فعلتها تلك، بينما هي ابتعدت عنه وهي تقول بخجلٍ حينما أدركت ما قامت بفعله:
"أنا آسفة.....معلش اتسرعت شوية، أنا قدام الدونتس ببقى واحدة تانية"

اقترب هو منها ثم أمسك وجهها بين كفيه وهو يقول بصوته الرخيم:
"فيه واحدة برضه تتأسف قدام جوزها يا هدير؟ أنا فرحان علشان شايفك فرحانة كدا، و لو ياستي الدونتس هيخليكي تفرحي كدا و تعملي كدا، هجبلك كل يوم"

ابتسمت هي له على طريقته، فوجدته يقترب منها ثم قبل قمة رأسها، بعدها طالعها هو بحبٍ وهو يقول:
"لو فيه حاجة تاني عاوزاها أو هتفرحك قوليلي عليها، كفاية إني أشوف لمعة عيونك دي"

ابتعدت عنه وهي تقول بخجلٍ:
"طب أنا هدخل بقى علشان...علشان أحضرلك الأكل، أكيد جاي جعان صح؟"

أومأ لها هو موافقًا بعدما زين ثغره ببسمةٍ هادئة، بينما هي تحركت نحو الداخل و هي تحاول تجاهل تلك المضخة التي أوشكت على الخروج من موضعها، تأثرًا من قربه منها.
_________________________

وصل «ياسين» شقته بعد انتهاء عمله، و كانت هي في انتظاره، دلف وهو يقول بمرحٍ:
"إزيك يا ست الكل؟ ها محضرة لينا إيه في قاموس النكد النهاردة، اشجيني ياختي"

ابتسمت له ثم ذهبت تجلس بجانبه وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"لأ متخافش مفيش نكد، و بعدين أنا كنت خايفة عليك، بطل رخامة بقى عليا"

وضع ذراعه عليها ثم ضمها إليه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"حاضر هبطل رخامة، أنتِ بقى عملتي أكل و لا هتجوعينا"

ابتسمت هي بهدوء ثم قالت:
"عملت أكل طبعًا، و جهزت فيلم حلو نتفرج عليه علشان نسهر سوا النهاردة، بما إنك أجازة بكرة و أنا هروق الشقة"

طبع قبلةً هادئة فوق رأسها ثم ابتعد عنها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب أنا هقوم أصلي المغرب علشان أذن عليا في الطريق، لحد ما تجهزي الأكل ماشي؟"

أومأت له موافقةٍ ثم قالت:
"أنا لما لاحظت إنك هتتأخر صليته الحمد لله و سخنت الأكل، صلي و أنا هغرف لحد ما تخلص"

ابتسم لها ثم رحل من أمامها، بينما هي قامت حتى تقوم بتحضير الأطباق و الطعام، و بعد مرور دقائق، جلسا سويًا على الطاولة، فابتسم هو بمرحٍ وهو يقول:
"عيني عليكي باردة يا خوخة، لأ ست بيت ما شاء الله، مع أني كنت شاكك بصراحة"

ردت عليه هي بمشاكسة:
"ليه إن شاء الله ما من ساعة فرحنا و أنا بطبخ و الدنيا حلوة"

رد عليها هو بهدوء:
"خلاص يا ستي بهزر معاكي، أصل من ساعة ما كنت بعلمك السمبوسة و أنا كنت حاسس أني هلبس في حيطة"

ردت عليه هي بنبرةٍ مرحة:
"أيوا ماهو حقك بصراحة أصل أنا كنت توتر أوي، و فضلت اترعش و خوفت مش عارفة ليه"

رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"علشان عبيطة يا خديجة، المفروض متخافيش معايا"

لوحت له بكفها ثم قالت:
"حصل خير بقى متفكرنيش بأيام ما كنت صامتة كدا"

ابتسم هو على طريقتها ثم شرع في تناول الطعام وهي الأخرى، و بعد تناول الطعام جلس هو على الأريكة و جلست هي بجانبه وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"بص فيه حلقة مسلسل نزلت النهاردة، هتفرج عليها و نسهر سوا، علشان لو اتراكمت عليا هفقد شغفي يا ياسين"

التوى ثغره بتهكمٍ وهو يطالعها بمللٍ، فوجدها تقول:
"طب خلاص متزعلش، اتفرج معايا و خلاص قبل ما نبدأ سهرتنا حلو كدا؟"

سألها هو بحنقٍ:
"أنا عاوز أفهم أنتِ متجوزة مين؟ أنا و لا المسلسل؟ و بعدين هو مش كان امبارح تركي و شوفتيه؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ مهتزة:
"ها....آه ما دا كان امبارح، لكن النهاردة حلقة المسلسل الكوري"

تحدث هو منفعلًا بضيق:
"جرى إيه يا ست أنتِ هو أنتِ مفيش قارة تلمك ليه؟ كل يوم هنلمك من قارة شكل؟"

ردت عليه هي بنفس الانفعال:
"متزعقش كدا، قولتلك هتفرج على المسلسل و نسهر سوا، ادخل أنتَ ريح شوية"

رد عليها هو بضجرٍ:
"مش نايم، أنا حر بيتي و مفيش مسلسل هيشتغل على الشاشة"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"ليه إن شاء الله؟ الشاشة دي أنا اللي جيباها مش أنتَ، يعني بتاعتي"

رد عليها هو متشدقًا بنذقٍ:
"آه إن شاء الله"

فتحت هي هاتفها ثم قالت:
"أنا هتفرج برضه على المسلسل، شغل الشاشة أنتَ بقى"

طالعها هو بتعجبٍ سرعان ما تحول للتوعد، ثم تركها و دلف للداخل، رفعت رأسها تنظر في أثره ثم عادت لمتابعة الهاتف، بينما هو خرج من جديد و في يده طبقًا من الأطباق المخصصة للتسالي و في يده زجاجة عصير، ثم اقترب من السماعات الكبيرة و قام بتشغيل أحد الأغنيات القديمة ثم جلس على الأرض و تلك الأشياء أمامه، تصنعت هي التجاهل خصيصًا أن السماعات موضوعة في أذنيها، بينما هو انتظر حتى بدأت كلمات الأغنية ثم رفع صوته يغني معها وهو يقول بنبرةٍ عالية:
"شوفتوا ازاي في قلوب خاينين....شوفتوا إزاي مفيهمش حنين.....شوفتوا ازاي في قلوب خاينين؟....شوفتوا ازاي مفيهمش حنين...ولا القسوة دا طبعه حبيبي؟ ولا القسوة دا طبعه حبيبي؟ شوفتوا ازاي في قلوب خاينين؟ شوفتوا ازاي مفيهمش حنين؟..و أنا من حيرتي و لهفة قلبي بظلم بس قلوب تانيين...حتى ازيك مستخسرها..
مستكترها...مبيقولهاش...اللي في حبه ضيع قلبي....ضيع قلبي و روحت بلاش....شـــوفــتـوا إزاي فــي قـــلــوب خــايــنـيـن"

رفع صوته في جملته الأخيرة وهو يحرك رأسه للخلف حتى يطالعها فوجدها تضحك بقوة على الأريكة، حرك رأسه للأمام من جديد وهو يستأنف الغناء و يتجاهل وجودها ثم رفع زجاجة العصير يرتشف منها، بينما هي أغلقت الهاتف، ثم اقتربت منه تجلس مقابلةً له، فوجدته يحرك رأسه حتى يتسنى له رؤية التلفاز من خلفها، فوجدها تمسك وجهه بيدها وهي تقول بنبرةٍ هادئة و لكن وجهها مُبتسمًا:
"طب إيه طيب؟ يعني هي حلقة مسلسل هتعمل كدا؟ و بعدين إيه الأغاني دي حرام عليك، ذوقك ما شاء الله زفت، بس متزعلش مني"

ابتسم هو لها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"عادي أنتِ بتتفرجي على المسلسل و أنا بسمع أغاني، عادي يا ست الكل"

ابتسمت له هي بيأسٍ ثم أضافت بنبرةٍ معاتبة:
"طب و بعدين يعني مين دول اللي قلوبهم خاينين أنا؟ خديجة برضه عمرها تقسى عليك أنتَ، دا أنتَ نور العين و ضيها"

طالعها هو بدهشةٍ حينما وجد نبرتها هكذا، و حديثها جميل، فوجدها تحرك كفها حتى أمسكت يده وهي تقول بنبرةٍ محبة:
"صدقني أنا لو عليا العمر كله عاوزاه هنا جنبك يا ياسين، قصاد عيونك، متزعلش مني"

احتضنها هو فجأةً وهو يقول بنبرةٍ مرحة:
"طب ما أنتِ حلوة أهو و لسانك بينقط عسل يا عسل، أنا يا ستي عارف، بس بحب أنكشك"

ابتعدت عنه هي ثم قالت بمرحٍ:
"طب الله يجبر بخاطرك، افتكرتك زعلان يا سيدي، سبت المسلسل علشانك، بس الحمد لله إنك فرحتني"

رد عليها هو بخبثٍ:
"اومال فين السهرة اللي قولتيلي عليها ياما؟ هو إحنا هنقضي الليلة زي الكتاكيت ننكش في بعض؟ فين الفيلم و فين قعدتنا سوا؟"

ابتسمت له هي ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"عيوني، أصلًا كنت مجهزة لبعد الحلقة، بس مش مشكلة أشوفها بكرة لما تنزل، ثواني و هاجي نقعد سوا و تعلمني الشطرنج"

أومأ لها موافقًا و قبل أن تتحرك هي طُرق باب شقتهم، طالعا بعضهما بتعجبٍ، فقال هو لها:
"ادخلي جوة أنتِ و أنا هفتح الباب، متطلعيش غير لما اقولك"

أومأت له ثم انسحبت من أمامه للداخل، بينما هو اقترب من باب الشقة يفتحه، فتفاجأ به أمامه وهو يقول بنبرةٍ خبيثة:
"جرى إيه يا أبو نسب؟ هو أنا جيت في وقت مش مناسب؟"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ تائهة:
"هو السؤال أنتَ جيت ليه؟أوعى يكون في مصيبة وراك يا وليد؟"

دفعه بيده ثم دلف الشقة وهو يقول بنبرةٍ متريثة:
"حسيت أني مخنوق قولت أجي أقضي الليلة مع أخواتي"

خرجت هي من غرفتها ثم قالت بتعجبٍ ممتزج باللهفة:
"وليد؟ بتعمل إيه هنا دلوقتي؟ أنتَ كويس؟"

اقترب هو منها ثم قال مُطمئنًا لها:
"إهدي بس هو أنا جايلك محروق؟ جاي أسهر معاكم النهاردة"

احتضنته وهي تقول بنبرةٍ متحمسة:
"الله، دي أحلى حاجة النهاردة، هتسهر معايا أنا و ياسين"

اقترب هو منهما وهو يقول بحنقٍ:
"نعم يا ختي؟ يسهر معاكي أنتِ و مين؟ هو عرض بالجوز ولا إيه"

التفت «وليد» يطالعه بتسليةٍ واضحة في عينيه وهو يقول:
"يا جدع أنتَ تطول؟ هتسهر مع عيال الرشيد مع بعض"

ردت عليه هي بنبرةٍ مرحة:
"لأ دا حظي أنا علشان هسهر معاكم أنتو الاتنين، والله دي هتبقى ليلة حلوة أوي"

رد عليها «ياسين» بتهكمٍ:
"أوي ياختي، هتبقى ليلة حلوة أوي، يا سعدي و يا حظي هسهر مع ولاد الرشيد، قال يعني سهران مع ولاد سليم اللبانين"

ابتعدت هي عن أخيها ثم اقتربت منه تقول معاندةً له:
"و أحسن منهم كمان، و هتشوف أنتَ بنفسك، و هنروح نقعد في البلكونة سوا لحد الصبح، وليد أنتَ هتبات معانا"

ابتسم «وليد» لها، بينما «ياسين» طالعهما بوجهٍ ممتعض وهو يحرك نظره بينهما، فوجدها تركض للداخل وهي تقول بنبرةٍ حماسية:
"أنا هروح أجيب الحاجة اللي هنسهر بيها، اسبقوني على البلكونة"

تابعها «ياسين» بنظره، ثم حرك رأسه ينظر لذلك الواقف أمامه، فوجده يبتسم ببلاهة، حينها هجم عليه حتى لصقه بالحائط خلفه وهو يقول هامسًا بنبرةٍ متوعدة:
"أنا عاوز أفهم أنتَ بتعمل إيه هنا؟ هو مش أنتَ امبارح طردتها و قولتلها رَوحي علشان عاوز أبقى خال؟ طب اديني فرصة"

رد عليه هو بوقاحةٍ:
"وهو العيل هيجي النهاردة؟ العيل بيجي برزقه يا سونا، ولا إيه؟"

رفع «ياسين» حاجبه و قبل أن يرد على حديثه، أتت هي الداخل وهي تقول بتعجبٍ حينما رأتهما:
"هو إيه اللي بيحصل هنا، و أنتَ ماسكه كدا ليه يا ياسين؟"

ابتعد عنه وهو يهندم ملابسه ثم قال بتوترٍ:
"ها....لأ كل الحكاية إنه كان بيدور على الحمام، و أنا كنت بشاورله على المكان مش أكتر"

طالعتهما بتشككٍ فوجدت «وليد» يقول بنبرةٍ هادئة:
"ياسين دا أبو الرجولة، دلوقتي بس أنا اطمنت عليكي إنك مع راجل أمير"
_________________________

في شقة «عامر» كان جالسًا بجانب زوجته و هي تقوم بتعليمه التطريز وهو يتابعها باهتمامٍ واضح، حتى توقفت هي عن ما تفعله ثم قالت:
"هو أنتَ مهتم تتعلم التطريز ليه؟ مش فاهمة إزاي راجل عاوز يتعلم الحاجات دي"

رد عليها هو بعدما ابتسم لها:
"علشان بشوفك و أنتِ بتشتغلي في الحاجات دي و في الأخر بتطلع حاجة حلوة، علشان كدا عاوز اتعلم، و بصراحة يعني علشان عاوز أساعدك بعد كدا"

طالعته هي بدهشةٍ فوجدته يتابع حديثه قائلًا:
"والله متستغربيش، أنا لاحظت إنك بتحبي التطريز أوي علشان كدا عاوز اتعلمه، دلوقتي انا عرفت نظري، بكرة هجربه عملي"

تبدلت نظرتها من الدهشة إلي الحب وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"بحب التطريز علشان بابا هو اللي علمني التطريز علمني بكل الحب، و أنا حبيت الحاجة اللي هو حبها، عارف يا عامر هو فضل يقولي أنا مجبتش ولاد، بس ربنا كرمني بيكي يا سارة، فطلعت بحبه و بحب الحاجة اللي هو حبها، و حبيتك أنتَ علشان متأكدة إنه لو كان شافك كان هيحبك يا عامر"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"هو أنا متأكد أني كنت هحبه زي ما حبيت بنته كدا، أكيد حمايا دا كان راجل عظيم علشان يطلع الاخلاق دي"

ردت عليه هي بنبرةٍ مرحة:
"والله أنا شاكة إنك منفصم الشخصية يا عامر، كل شوية بشخصية شكل، الله يعيني عليك"

ضحك هو عليها و فجأة صدح صوت جرس باب الشقة، فقام هو يفتحه وهي خلفه ترتدي خمارها، و حينما فتح الباب تفاجأ بأخيه أمامه، ابتسم له وهو يقول بمرحٍ:
"عموري قلب عامر، وحشتني"

دلف شقيقه وهو يقول بسخريةٍ:
"يا سيدي دا أنا سايبك امبارح، المهم ادخل ولا إيه؟"

اتت «سارة» وهي تقول بنبرةٍ معاتبة:
"اخس عليك يا عمار، دا بيتك، ادخل من غير ما تقول"

ابتسم لها ثم تبعهما نحو الداخل، يجلس معهما، فسأله «عامر» بنبرةٍ مقررة:
"أنا عاوز أفهم يا عمار فيه إيه بينك و بين وليد الرشيد؟ الصحوبية دي مش لله كدا، طمن أخوك بقى"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال:
"وليد عرف أني بحب خلود يا عامر، و مش بس كدا، وعدني هيساعدني في الوقت المناسب، و قالي إنه واثق فيا كمان"

نظر لشقيقه بدهشةٍ بينما «سارة» تعجبت مما يُقال أمامها، فزفر «عمار» ثم شرع في سرد ما حدث بينه و بين «وليد» بالكامل بدايةً منذ لقاء المركز التعليمي، حتى موقفه مع «رامي»، انهى الحديث ثم نظر في وجهيهما، بينما «عامر» قال بنبرةٍ حائرة:
"أنا مش فاهم أنتَ بتتسرع ليه؟ و تفتكر كدا هو مش زعلان منك إنك بصيت لأخته؟"

رد عليه نافيًا حديثه:
"آه طبعًا مش زعلان مني، علشان أنا صارحته يا عامر، لو كنت كدبت و لفيت من وراه كان ساعتها زعل، إنما كل مواقفه معايا إنه واحد واثق فيا، لو مش واثق فيا مكانش قال قصاد رامي أني خطيبها"

تدخلت «سارة» تقول بنبرةٍ هادئة:
"معاك حق يا عمار، هو أكيد احترمك أكتر، دا غير إن موقفك شجاع و ميخرجش غير من راجل بجد"

تدخل «عامر» يقول بضجرٍ:
"يا جماعة انتو مش فاهميني، ليه يورط نفسه قصاد أخوها، افرض طلع مجرد اعجاب وخلاص، ممكن يدخل الجامعة و يتعرف على حد تاني و ساعتها خلود دي هتبقى مجرد ذكرى، ممكن أخوها يعشمها و هي تستنى، هو مفيش تفكير خالص"

رد عليه هو بنبرةٍ مؤكدة:
"قولتلك يا عامر أنا متأكد من مشاعري و عارف أنا بعمل إيه، أنتَ مش بتكلم واحد مراهق قدامك، قولتلك كنت فاكر زيك كدا إنها مجرد اعجاب، بس الموضوع بقى بيزيد معايا، و بعدين أنا بشوف البنات كتير في السنتر و في كل حتة و الجيران كمان، محدش فيهم بيشغلني زيها، خلود و بس يا عامر، على ما أظن إنها متتنسيش بأي حد"

ابتسمت «سارة» له وهي تقول بنبرةٍ حزينة:
"أنتَ طيب أوي يا عمار، المشكلة إنك لسه مشوارك طويل، جامعة و دراسة و تدريب، وهي لسه ثانوية عامة، يعني كتير أوي الوقت دا"

زفر هو بقوةٍ ثم قال:
"بصي أنا عارف كل دا، و دا اللي مزعلني إن الوقت غلط، تخيلي مشاعر صح و الشخص الصح بس الوقت غلط، بس أنا هستناها لحد ما تبقى ليا و معايا"
رفع «عامر» ذراعه حتى يضمه له وهو يقول بنبرةٍ ظهرت بها عاطفته:
"أنا خوفي عليك أنتَ يا عمار، القلوب لما بتتعلق بأمل مش ليها و يضيع، بتبقى زي الطير اللي جناحه مكسور، لا هو عارف يطير و لا هو عارف يعالجه، نفس الحكاية القلوب، بتبقى عايشة و خلاص بس أملها ضاع، و خصوصًا الحب"

رد عليه «عمار» بنبرةٍ مُتعَبة:
"عارف يا عامر، علشان كدا روحت لشيخ أيوب يقولي أعمل إيه، القلوب دي مش بتاعتنا، و بيد ربنا سبحانه و تعالى، و أنا غصب عني قلبي أتفتح ليها هي، بس أنا بحاول أحافظ عليها حتى من نفسي، و دي حاجة مطمناني إن ربنا هيكرمني بيها"

ربت على ظهره ثم تنفس بعمقٍ، بينما هي أبتسمت له بسمةً صافية، فوجدته يبتسم لها هو الآخر ثم شدد عناقه لأخيه.
_________________________

في شقة «ياسر» جلست «إيمان» على الفراش و حولها صورًا لها في طفولتها، ارتفعت ضحكتها أكثر حينما وقع بصرها على صورةً لها برفقة أخيها و هي تمسكه من فروة رأسه وهو يصرخ في وجهها، دلف «ياسر» الغرفة وهو يسألها بتعجبٍ:
"بتضحكي على إيه يا هبلة لوحدك كدا؟ أنتِ ملبوسة بجد"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"تعالى يا ياسوري و شوف صورنا و احنا صغيرين، تعالى اتفرج"

اقترب منها يجلس بجانبها، فوجدها تقول بمرحٍ:
"كنت عند ماما زي ما قولتلك هروح أشوفها هي و مامتك، لقيتهم مجهزين صورنا و احنا صغيرين علشان أخدها"

ابتسم هو باتساعٍ ثم خطف صورة من بين الصور الموجودة، طالع الصورة بنظرةٍ هائمة، حركت رأسها هي تطالعه فوجدته يقول بنبرةٍ خافتة:
"الصورة دي عمري ما عرفت أنساها يا إيمان، هتفضل أقرب صورة ليكي على قلبي، فاكر يومها عيطتي علشان الجزمة اتقطعت، و ساعتها روحت جبتلك جزمة ندى تتصور بيها علشان متعيطيش"

سألته هي بنبرةٍ متأثرة:
"هو أنتَ لسه فاكر يا ياسر؟ دا من زمان أوي، كانت صورة التقديم في ثانوي"

رفع رأسه يطالعها وهو يقول بنبرةٍ هامسة:
"كل حاجة خاصة بيكي محفورة في قلبي يا إيمان، أنا قولتلك كبرت و عيشت على أمل إنك معايا، كفاية وجودك جنبي"

أخفضت رأسها في خجلٍ، ثم أخرجت له صورةً أخرى وهي تقول بنبرةٍ خافتة:
"الصورة دي أنا بحبها علشان بتجمعني أنا و أنتَ و خالد مع بعض، و ساعتها أنتَ وقفت في النص علشان خالد كان مزعلني"

ابتسم عندما تذكر ما مر منذ زمنًا طويلًا، فوجدها تقول بنبرةٍ شبه مرحة لكنها هادئة:
"بصراحة كان ليهم حق يحسدوني، خالد و أنتَ معايا، كان كتير عليا وجودكم"

رد عليها هو بتعالٍ:
"طبعًا كتير، كفاية أنا بس معاكي يا ستي"

ردت عليه هي بسؤال غير متوقع فاجئته به:
"هو أنتَ يا ياسر نفسك في إيه تاني؟ يعني بتحلم بإيه"

نظر لها باستنكارٍ لا يستطع إدراك ما تفوهت به، فوجدها تضيف مفسرةً:
"أقصد يعني فيه عندك أحلام نفسك تحققها؟ أو عاوز إيه بعد كدا تاني"

تنفس بعمقٍ ثم أرجع رأسه للخلف وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"مش عاوز حاجة...عاوز دماغي تبطل تتعبني يا إيمان"

سألته هي بنبرةٍ حائرة:
"إزاي بس؟ و بعدين أنا ساعات بشوفك لوحدك كدا سرحان، ليه"

حرك رأسه ينظر لها وهو يقول بنبرةٍ حزينة:
"لحد دلوقتي بحاسب نفسي على اللي حصل زمان، دماغي مش بتسبني في حالي، وجعي منه لسه مفتوح ملمش"

اقتربت منه هي تقول بنبرةٍ شبه باكيةً لأجله:
"ليه بس، انساه و سيبك منه، صدقني يا ياسر حرام عليك نفسك، أنتَ متستاهلش كدا"

رد عليها بنبرةٍ شبه باكية مماثلة لنبرتها الحزينة:
"غصب عني يا إيمان، غصب عني مش قادر أنسى إن اللي كسرني كان هو اللي المفروض يقويني، غصب عني أبص في المراية و افتكر أني شبهه و أني نسخة من ملامحه، غصب عني أني كل ما ابص في وش أمي احس انها بتتأسفلي على اللي حصل علشان اختارت واحد زي دا يبقى أبويا، غصب عني أني بقيت ضحية لأب زي دا معدوم الرحمة، جحوده خلاه يدوس على عياله، أنا لحد دلوقتي شايل هم عيالي هقولهم إيه؟ جدكم وقف و قال لعيل عنده ٩ سنين أنا مش ملزم بيك؟، جدكم هرب من مسئولية إنه أب؟ الجرح مفتوح و مفيش حاجة عارفة تسكته، كل يوم بيعدي زي الملح على جرح مفتوح مش بيلم"

ارتمت هي بين ذراعيه وهي تبكي بقوةٍ حينما لمحت دموعه على وجنتيه نزلت رغمًا عنه وهو يتحدث عن والده، بينما هو لف ذراعيه وهو يربت عليها، فوجدها تقول بنبرةٍ باكية:
"أنا بكرهه علشان مخليك زعلان، بكرهه علشان كان مخلي أخواتك طول عمرهم مكسورين، أنا بحبك أنتَ و الله، صدقني يا ياسر أنا والله بحبك و فخورة بيك أوي"

تنفس بعمقٍ ثم تحدث يقول بنبرةٍ متحشرجة:
"و أنا غصب عني بحبك حتى بـ غُلبي، أنا راضي بـ غُلبي علشان أنتِ معايا فيه، كل ما بزعل بفتكر أننا اتجوزنا و إنك معايا، يمكن أنتِ ست و ربنا خلقك ضعيفة، بس أنا راجل بستقوى بيكي يا إيمان، علشان خاطري خليكي معايا و متسبنيش أنتِ"

ردت عليه هي تقول بنبرةٍ مؤكدة:
"أسيبك و أروح فين يا ياسوري، أنا مليش غيرك، اتطمن على قلبك إلى مالا نهاية، استحمل أنتَ بس"

ابتسم هو بسخريةٍ وهو يقول:
"طب دا أنا مفيش حاجة مخلياني مستحمل غيرك، و بصراحة وجود العيال معايا"

ردت عليه هي بنبرةٍ مرحة:
"مش مشكلة، المهم إن أنا معاك و معاهم، و بعدين يا ياسر أنتَ ما شاء الله متكامل الصفات، دكتور و بعيون زرقا و محترم و رومانسي، و بار بأهلك و أهلى، و محبوب مني طبعًا علشان ميبقاش فيها كلام تاني، يعني نادر الوجود"

ابتسم هو بسخرية وهو يقول:
"ماهو أنا من برة شكلي هالله هالله، و من جوة اللي فيا العالم الله، و بعدين حظك يا بنت المحظوظة، كسبتيني أنتِ"

شددت عناقها له وهي تقول بنبرةٍ امتزجت بعاطفتها:
"طب و الله أنتَ صح، أنا كسبتك فعلًا"
_________________________

في شقة «خالد» كان هو يدور بصغيره على ذراعه في الشقة حتى ينام، بينما والدته في الداخل كانت تشعر بالإعياء و هي ترتعش على الفراش، زفر هو بقوة حينما تأكد من نوم صغيره، ثم وضعه على فراشه، بعدها توجه نحوها فوجدها ترتعش بخوفٍ و درجة حرارتها مرتفعة، زفر بقوة ثم جلس بجانبها وهو يقول بنبرةٍ حزينة:
"طب و بعدين؟ اروح بيكي فين دلوقتي؟ أجيب ياسر طيب؟"

ردت عليه بنبرةٍ منهكة:
"متكلمش حد أنا هبقى كويسة، أنا خدت الدوا خلاص، و هبقى تمام"

رد عليها هو بحنقٍ:
"يا بنتي متعصبنيش بقى، هسيبك كدا إزاي؟ طب يونس الحمد لله ياسر جابله دوا حلو، أنتِ إيه"

ردت عليه هي بنبرةٍ تائهة:
"مش مهم أنا، المهم هو يا خالد"

تحدث هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"انتو الاتنين مهمين عندي، مفيش حاجة هو المهم، أنا مش هفاصل في حبي ليكم"

أبان حديثه وجدها تغلق جفونها بضياعٍ غير واعية من كثرة إعياءها، بينما هو تركها ثم دخل المطبخ، قام بإفراغ زجاجة مياه على قطع الثلج حتى يقوم بعمل الكمادات لها، دلف الغرفة فوجدها بين اليقظة والنوم، قرب المقعد من الفراش، ثم جلس مقابلًا لموضعها، بعدها شرع في عمل الكمادات على رأسها، ثم ذراعيها، و بعدها على معدتها، لا يدري لماذا شعر بكل ذلك الخوف، ذكره بأول مرة مرضت بها بعد زواجهما، كان هو أثناء ذلك بعيدًا عنها، لم يعتاد على وجودها أو التقرب منها، و الآن نفس الموقف يتكرر أمامه من جديد و لكن بعدما اعتاد على وجودها بجانبه بعالمه، بل أصبحت كل عالمه، حينها وجد دمعة متمردة تفر من مقلتيه، فتحدث يقول بنبرةٍ باكية:
"والله ما بحب اشوفك تعبانة ولا بحب أشوفك زعلانة، صدقيني أنا والله ضعيف من غيرك أوي"

فتحت هي عينيها بوهنٍ و هي تسمتع لحديثه، فوجدته يقول بنبرةٍ مشتتة:
"لسه فاكر أول مرة تعبتي فيها و لسه فاكر أني عاملتك وحش، والله مكنتش أعرف أني هحبك، خوفت أحبك...أو خوفت تضيعي مني لما أحبك، دلوقتي أنا بحبك و خايف من غيرك، قومي علشان الشقة ملهاش لازمة والله"

ابتسمت هي بنفس الوهن، ثم رفعت كفها تمسك ذراعه وهي تربت عليه، بينما هو مسح دموعه، ثم تحرك حتى يجلس مجاورًا لها، بعدها أخذها بين ذراعيه ثم رفع الغطاء يدثرها به، ببنما هي لا تدري إن كانت في وعيها أم أن عقلها الباطن هو من يفعل بها ذلك، لكنها حقًا تشعر بقلقه و خوفه عليها.
_______________________

في بيت آلـ «الرشيد» اجتمعت الفتيات فوق سطح البيت بأكملهن، فتحدثت «جميلة» تقول بتعجبٍ:
"غريبة يعني وليد مش هنا، هو راح فين؟ أحمد قالي إنه طالع مع طارق و وئام"

ردت عليها «عبلة» بنبرةٍ هادئة:
"هو اللي أنا أعرفه إنه في مشوار مهم، و بناءً على اللي حصل منه أخر فترة، يبقى أنا قلبي مش متطمن، و ربنا يسترها"

ردت عليها «هدى» بمرحٍ:
"أنا بقول نجهز الشاش و القطن أحسن، يا ترى راح يجوز مين؟"

ردت عليها «خلود» بنبرةٍ جامدة:
"على فكرة هو مش بيعمل حاجة غلط، وليد طول عمره بيعمل الصح، بس هو متهور و كَتوم"

ردت عليها «جميلة» بمشاكسة:
"طبعًا مين يشهد للعريس، طبلتين ورا بعض، مش ممكن"

تدخلت «عبلة» تقول بحب:
"لعلمك هما بيحبوا بعض أوي، وليد عنده خديجة و خلود مش زي حد تاني، واحدة كأنه ابنها و التانية تاكل أي حد علشانه"

ردت عليها «سلمى» تؤكد حديثها:
"يلهوي لو حد زعل خلود و لا حد زعل وليد؟ يبقى الله يرحمه بجد، يا جماعة دول صعب أوي"

ردت عليها «هدى» بهدوء:
"علشان وليد كبر في شقة طنط زينب، لقى نفسه معاهم، و وئام و طارق مع بعض، طبيعي درجة قربهم تكون عالية مع بعض"

أومأ لها الجميع بموافقةٍ، بينما «عبلة» أخرجت هاتفها ثم قامت بفتح صفحته الشخصية فوجدت منشوره الصباحي، حينها ابتسمت بحبٍ حينما رآت كلماته التي دونها هو، ثم قامت بمشاركتها عبر صفحتها، و قامت بإضافة الآتي:
"لقد تعاهدنا على سير الدرب معًا و هذا كتفي لك حين تَميل و حين تَشعر بأن حملك ثقيل"
دونت تلك العبارة فوق عبارته التي دونها هو ثم اضافت إسمه حتى تظهر له عبر صفحته مرةً أخرى، بعدها قامت بفتح صورته الشخصية، التي كانت في فرح شقيقته، قامت بتكبير الصورة وهي تتعمق في ملامحه الهادئة و ضحكته الصافية النقية، حينها دون أن تشعر بنفسها وجدت نفسها ترفع الهاتف ثم قبلت الصورة، لاحظ فعلتها الفتيات، فقامت هي باغلاق الهاتف ثم حركت رأسها للأعلى تتصنع التجاهل، فسمعت صوت الضحكات على فعلتها تلك.
_______________________

في شقة «ياسين» تحديدًا في داخل الشرفة، جلس ثلاثتهم يلعبون معًا، و فجأة صدح صوتها وهي تقول بنبرةٍ حماسية:
"الله وليد اللي طلعله الشايب، هنحكم عليك إحنا"

رد عليها «ياسين» بحنقٍ:
"أنا بقول يقوم يروح و كفاية كدا بقى، سهرنا كتير"

شهقت هي بقوة ثم ردت عليه بنبرةٍ حزينة:
"عيب يا ياسين، أنتَ كدا بتطرده على فكرة، متزعلش يا وليد"

رد عليها «وليد» بثقةٍ:
"مش فارق معايا، أنا بايت هنا النهاردة علشان يلم نفسه"

_"يا عم الشايب طلعلك أنتَ، بتحكم عليا أنا ليه؟ أنتَ عبيط؟"
تفوه بها «ياسين» بضجرٍ جعله يطالعه بخبثٍ، بينما هي قالت بنبرةٍ حماسية:
"خلاص بقى اكبروا، المهم دلوقتي يا وليد، أنا هحكم عليك"

رد عليها هو ببسمةٍ هادئة:
"ماشي يا ستي احكمي، بس مش عاوز عبط، جو قوم اغسل المواعين و اكنس الصالة و الهبل اللي كنتي بتعمليه دا مش عاوزه"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"هي كانت بتخليك تعمل كدا بجد؟ و أنتَ كنت بتسمع كلامها"

أومأ له موافقًا ثم أضاف مؤكدًا وهو ينظر لها ثم حرك ذراعه يضعه على رأسها و كأنه يحدث ابنته:
"خديجة لو طلبت عيوني متأخرش عنها، الوحيدة اللي ليها سلطة غريبة عليا، علشان كدا بخاف من طلباتها علشان مبقدرش أرفضها"

طالعته هي بتأثرٍ، بينما «ياسين» ابتسم على مشهدهما سويًا، فقال «وليد» مغيرًا لمجرى الحديث:
"طب إيه هتحكمي بإيه الدمعة هتفر من عيني"

ردت عليه هي بنبرةٍ لازالت متأثرة:
"نفسي أعمل ضفيرة و من ساعة ما اتجوزت معملتهاش، ممكن تعملي شعري ضفيرة زي اللي كنت بتعملهالي؟"

ابتسم هو لها ثم حرك رأسه موافقًا، بينما هي ركضت من أمامه بعدما أدلى بموافقته حتى تأتي له بفرشاة الشعر، طالعهما «ياسين» بتعجبٍ، فوجدها تركض لهما من جديد ثم أعطت الفرشاة لأخيها وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
"خلي بالك علشان شعري طول أكتر يعني هتتعبك، يلا بسرعة"

حرك رأسه موافقًا ثم قال موجهًا حديثه لزوجها:
"تعالى أعلمك علشان تعملها أنتَ بعد كدا، يلا أنا مش هاجي علشان أسرح شعر أختي"

ابتسم له ثم جلس بجانبه على الأرض وهي أمامهما، بينما «وليد» قام بفك شعرها ثم شرع في تنفيذ ما طلبته هي، و هو يعلم «ياسين» كيفية صنع الجديلة، بينما هي كانت تبتسم بفرحةٍ تشبه فرحة الطفل الصغير، بينما «وليد» قام بصنع الجديلة حتى منتصفها، بينما «ياسين» أكمل هو البقية بعدما تعلمها، و في النهاية، وجد «وليد» يضع الرباط حتى يمسكها، ثم قال بمرحٍ:
"يلا يا خديجة خلصنا"

ركضت هي من أمامهما نحو الخارج، نظر «ياسين» في أثرها بدهشةٍ، فوجد «وليد» يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"راحت تشوف الضفيرة في المراية و هتيجي تاني، هتلاقيها جاية تجري دلوقتي زي العيل اللي لقى مطرة"

بعد انتهاء جملته وجدها تركض لهما وهي تقول بنبرةٍ مختنقة من تأثرها:
"شكلها حلو أوي يا وليد، جيت في وقتك والله، و أنتَ يا ياسين شكرًا أوي، بجد عجباني"

رد عليها «ياسين» بنبرةٍ هادئة:
"من العفو على إيه؟ شكرًا بقى لوليد بجد علشان هو اللي عمل مجهود بصراحة"

ابتسمت هي له ثم احتضنته وهي تقول بنبرةٍ شبه باكية:
"قولتلك دي هتبقى أحلى ليلة و أنتم معايا، ربنا يخليكم ليا يا رب"

ربت على ظهرها وهو يقول بمرحٍ:
"هي أحلى ليلة فعلًا، منور بيت أخوك يا وليد، منور بالجامد أوي"

أبتسم له باستفزازٍ وهو يقول:
"منور غصب عنك يا حبيبي، بيت أخواتي يا جدع، أنتَ غريب أوي"

أومأ له «ياسين» موافقًا باستفزازٍ فوجدها يضحك بقلة حيلة، بينما هي بمجرد ما ألقت بنفسها بين ذراعيه حتى غاصت في ثباتٍ عميق كعادتها، ضحك «ياسين» ضحكةً يائسة تبعها بقوله:
"أنا نفسي أنام زيها كدا بسرعة، ربع سرعتها في النوم يا رب"

رد عليه «وليد» بمرحٍ:
"طول عمرها كدا، والله يا بني أنا شكيت قبل كدا إنها بتاخد منوم، بس بجد هي نومها يقلق أصلًا"

اخفض «ياسين» رأسه ينظر لها ثم رفعها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"بس بتحبك أوي يا وليد، أنتَ الوحيد اللي خديجة معاك مبتحاربش الطفلة اللي جواها علشان تتعامل معاه، صدقني خديجة معاك واحدة غير كل الناس حتى أنا"

سأله هو بنبرةٍ ظهر بها الاهتمام:
"قصدك إيه؟ هي متغيرة معاك ولا إيه؟"

حرك رأسه نفيًا وهو يقول بمرحٍ:
"بالعكس إحنا بقينا ناقر و نقير و دي حاجة حلوة، كتر سمعها الكلام دا كان معناه إن فيه خوف مني، لكن دلوقتي بدأت تعاند و تتكلم، و دي حاجة مفرحاني بصراحة، علشان طلعت ياسين المستخبي"

قال جملته الأخيرة بخبثٍ لم يخفى على الأخر، بينما «وليد» سأله بقلقٍ زائف:
"أنتَ بتعمل إيه فـ أختي؟ أنا أصلًا شاكك فيك من بدري"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ ضاحكة:
"يا عم دا أنا أهبل و الله، بس كل الحكاية إن خديجة بدأت تحارب الطفل اللي جواها علشان تثبتلي إنها بقت كبيرة و بقت واحدة تانية، معاك أنتَ الوضع مختلف، خديجة حابة طفولتها المرتبطة بيك، علطول بحسها عاوزة تجري عليك، عاوزة تلعب معاك و عاوزة تطمنك إنها بقت واحدة تانية"

أومأ له موافقًا ثم قال بنبرةٍ متأثرة و كأنه يتذكر ماضيه:
"يمكن الحاجة الحلوة اللي كانت صح في حياتي هي إن خديجة بقت أختي اللي أمي مجبتهاش، حبي ليها غريب و ملوش تفسير، أنا اتعلمت أسرح الشعر علشانها هي و علشان متحسش إنها أقل من بنات العيلة، خديجة دي بنتي ، يمكن يبان كلامي مبالغة، بس و الله هي أرضي منها و ليها هي، مفيش مرة جربت إحساس فشل أو هزيمة غير لما كانت هي شريكتي في الحزن، عاملة زي نجوم السما، خديجة كانت المكان الوحيد اللي بروحه بخاطري المكسور و أرجع بيه مجبور"

سأله «ياسين» بنبرةٍ متأثرة:
"ياه...للدرجة دي يا وليد؟"

أومأ له موافقًا ثم أضاف:
"و أكتر كمان، عارف؟ لما ظهرت في حياتنا، أنا كنت خايف منك أوي، خوفت متقدرش علاقتي بيها و تحرمني منها، خوفت تخانقني في حبها دا، خوفت تحبك أنتَ و تنساني أنا، بس دا محصلش و طلعت مقدر وجودنا لبعض"

رد عليه «ياسين» مُردفًا ببسمةٍ هادئة:
"على حسب كلامك دا أنا مقدرش أكون زي الشوكة في الزور بينكم، أنا طول عمري كان نفسي يكون عندي أخوات و تحديدًا بنت بس دا محصلش، بس ربنا رزقني بيها هي، بنت و أخت و صاحبة و زوجة، كوكتيل حلو، سبحان الله خلى قلب مقفول يتفتح ليها، كأنه باب شركة، و قفلت وراها ضَبة و مفتاح، من ضمن أسبابي لحبها هي إنها بتحب بجد، مش مزيفة، خديجة كانت البراءة وسط خبث العالم كله، عينها حنينة أوي و دي أهم حاجة، مقدرش أجي أنا و أحرمها من حبك ليها، علشان دا غلط، غصب عني أنتَ أخوها"

ابتسم هو له ثم قال معتذرًا:
"أنا بحبك أوي على فكرة و الله، و أسف أني جيتلك النهاردة"

رد عليه بنبرةٍ معاتبة:
"وهو فيه واحد بيتأسف لأخوه برضه؟ دا بيت أخوك تيجي في أي وقت، و بعدين أنا كنت بهزر معاك، كفاية فرحتها بوجودك"

تنهد «وليد» بعمقٍ ثم قال بهدوء:
"طب دخلها تنام جوة علشان الهوا، و تعالى بقى نسهر احنا سوا و علشان عاوز اتكلم معاك"

أومأ له موافقًا ثم حملها على ذراعيه حتى تنام بغرفتهما، بينما «وليد» أخرج هاتفه يتصفحه، و حينما لمح اسمها في قائمة الاشعارات قام بتنزيل القائمة ثم ضغط على الاشعار الخاص بها، حينها وجد ما أضافته هي على منشوره، ابتسم هو بشدة دون ان يشعر بنفسه، ثم قام بكتابة تعليقًا عامًا على منشورها:
"يكفيني من العالم أجمع أنكِ شريكة عُمري..."

كتب تعليقه ثم دخل على الرسائل الخاصة بهما، ثم كتب لهما يشاكسها:
"وحشتيني يا سوبيا، بحبك"

انتظر حتى وصلت الرسالة ثم أغلق الهاتف تمامًا حينما لمح «ياسين» يقترب منه، بينما «ياسين» جلس بجانبه وهو يقول بمرحٍ:
"أهو جيتلك يا سيدي، و جبت التسالي علشان نعيد الليلة من أولها"

ابتسم له «وليد» ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"تعرف إنك سبب من ضمن الأسباب اللي خلتني أفرح؟"
طالعه «ياسين» باستنكارٍ واضح، فأضاف هو مفسرًا له:
"أنا بسببك عرفت يعني إيه حب، و عرفت إن اللي بيحب هيعمل المستحيل علشان اللي بيحبهم، بسببك اطمنت و أنا عمري ما كنت عارف أتطمن يا ياسين، بسببك عرفت إزاي أحب عبلة و أخلص من مشكلة ثقتي"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"أنا مش فاهم منك حاجة خالص، ما أنتَ زي الفل يا عم"

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
"مكونتش زي الفل، بس بقيت، ياسين حقك عليا علشان فكرت كتير إنك مش زي ما أنتَ واضح قدامي، كنت غبي"

سأله هو بنبرةٍ حائرة:
"هو انتم عيلة هبلة؟ أنا مش فاهم منك حاجة خالص"

زفر «وليد» بقوة ثم اتخذ قراراه باخباره بالحقيقة، و سرد تفاصيل حياته و ما حدث له حتى تسبب في مشكلة انعدام الثقة، و بعدما اتخذ قراراه زفر بقوةٍ ثم قال:
"أنا عندي مشكلة قلة ثقة في الناس بسبب اللي شوفته قبل كدا، بس حاليًا الوضع اختلف بوجودك"

سأله هو بنبرةٍ متعجبة:
"فلنفترض إن دا حصل، أنا سبب إزاي؟"

تنفس بعمقٍ ثم قال:
"بسبب إنك انقذتني كذا مرة، و على فكرة أنا بقيت بثق فيك ثقة عمياء، بدليل إني هقولك أني بتعالج عند هناء نفسيًا"

طالعه «ياسين» بدهشةٍ فوجده يحرك رأسه موافقًا و كأنه يؤكد صدق حديثه بذلك، و سرعان ما تبدلت نظرته إلى أخرى و كأنه يلتمس منه صدق العهد، فها هو الآن يخبره بثقته به، فهل الآخر جدير بتلك الثقة؟"

يُتَبَع
#الفصل_الرابع_و_العشرون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

5M 150K 103
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
203K 7K 35
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...
180K 16.8K 10
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
3.6M 53K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...