"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتم...

By dina_aladwy

1.5M 45.6K 6.6K

قدري كان لقياكِ وقلبي لكِ كان بالانتظار ظننت قبلك عرفت الهوي ولكن فيكِ عرفت العشق، الجنون، والهوس خطأ جمعن... More

الشخصيات
إعلان
حلم أم حقيقه
توضيح
توضيح
تنبيه هام، الروايه حاليًا بيتكتب البارت الاول
البارت الاول
البارت الثاني
البارت الثالث
البارت الرابع
هام
هام
البارت الخامس
البارت السادس
البارت السابع
البارت الثامن
البارت التاسع
البارت العاشر
اقتباس
اقتباس
تنوية
مين البارت مش بيحمل معاه؟
البارت الحادي عشر
اقتباس
تنوية
البارت الثاني عشر
اقتباس
البارت الثالث عشر
💔💔
اقتباس + موعد التنزيل
البارت الرابع عشر
اقتباس
البارت الخامس عشر
تنويه +مشهد +سؤال
اقتباس من البارت القادم
اعتذار + موعد البارت
البارت السادس عشر
اقتباس + الموعد
البارت السابع غشر
تنويه
الموعد + اقتباس
البارت الثامن عشر
ملحوظه + ميعاد النشر
البارت التاسع عشر
اقتباس
اقتباس تاني
البارت العشرون
تنوية هام
البارت الحادي والعشرون
اقتباس
اعتذار+ اقتباس+موعد النشر
البارت الثاني والعشرون
اقتباس من البارت الثاني والعشرون
البارت الثالث والعشرون
اعتذار
البارت الرابع والعشرون
البارت الخامس والعشرون
اقتباس
البارت السادس والعشرون
اقتباس +الموعد
البارت السابع والعشرون
تنويه
البارت الثامن وعشرون
اقتباس متقدم
اقتباس
اعتذار
البارت التاسع والعشرون
اقتباس واستطلاع
البارت الثلاثون
اقتباس رومانسي
البارت الحادي والثلاثون
اقتباس متقدم
البارت الثاني والثلاثون
البارت الثالث والثلاثون
البارت الرابع والثلاثون
اعتذار
البارت الخامس والثلاثون
هام وياريت الكل يشارك برأيه
البارت السادس والثلاثون
#اقتباس
البارت السابع والثلاثون
تنوية + موعد النشر
البارت الثامن والثلاثون
اقتباس
البارت التاسع والثلاثون
البارت الاربعون
اعتذار
البارت الواحد والأربعون
توضيح
اقتباس
تنويه وميعاد البارت
البارت الثاني والاربعون
اقتباس النهاية
اقتباس ل (ادم وجود) ما تزعلوش
تنوية هام
اقتباس
نيران من عشق
إعلان هام
اعلان واقتباس
أعلان
اقتباس من رواية المعرض
مين فاكر الدكتورة هالة صاحبة جود

البارت الاخير والى اللقاء بالجزء الثاني #سيال_العشق

20K 618 71
By dina_aladwy

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الثالث والأربعون
والاخير وإلى اللقاء في جزء جديد بعنوان
" سيال العشق"
🌺🌺
ناشدت في كنفك الامان.. الحب. والاحتواء
فكُن ليا ما أشاء،  حتى بك أتمسك بالحياة
وأهرول اليك كلما ضاقت بي الهموم
أتدثر بابتسامتك وأستكين بين يداك...
ـــــــــــــــ

دلف ألى الداخل بخطوات وئيده متمهلة يستند على عصاه لتعينه،  حتى وقف مقابلها وظلت عيناه تتأملنها بنظرة حاقدة، ما لبست إلا ثوانًا وتحولت ألى شعور بالألم، الغدر،  والخيبات ورياح الكره تزمجر من داخله، وغصه كبيرة تعتمله كلما داهمته ذكريات ماضيهما سويًا..
ظلت تلك النظرات تطل من عينيه حتى تحركت مقلتيه وهبطت على معدتها حيث رحمها الماكث بداخله أطفاله الثلاثة،  حينها فقط رقت ملامحه وطل منها شعورًا بالحنين، فلم يتحكم بيده التي ارتفعت وتوجهت نحوها وبدأت تمسد عليها برفق ورجفة، حتى أن عيناه بدأت تلتمع بالعبرات، فحرك بؤبؤ عينيه، وارخى اجفانه الساخنة بدموع أبيه ثم اطبقهما بقوة مانعًا أياهم من الهطول وهو يهمس بصوتًا ضعيف:-
-أنتم اولادي أنا!، من لحمي ودمي انا، مش قادر أصدق أنكم موجودين وأن أنا هكون أب وأخيرًا بعد ما فقدت الأمل، تعرفوا دلوقت عايز اتعالج واخف، عايز أعيش عشانكم، عشان اشوفكم وأربيكم واعيش معاكم،  واحميكم أنا بتمني أن ربنا يطول في عمري بس عشانكم..

تفاجئ بتلك الحركة البطيئة أسفل يديه والتي أعقبها أخرى وأخرى جعلت عيناه تفقد سيطرتها على عبراتها، التي انسابت بغزارة على اخاديد وجهه وهو يشعر بحركة أطفاله لأول مرة وكأنهما يشعرون به ويجيبونه أنهم هنا، يستمعون أليه ويحتاجون أليه!..
ارتعشت خفقات قلبه بقوة، حتى أن صوتها كان صاخبًا، متناغمًا مع أنفاسه الغير مستقرة من فرط عاطفته بتلك اللحظة التي أثارها تواصل اطفاله معه، فهمس بصوتًا ضعيف مختنق بالدموع قائلًا:-
  - اوعدكم اني مش هسمح لأي حد مهمًا كان يأذيكم!..
وظلت يداه على رحمها يستشعر حركات صغاره بعاطفة متدفقه مستمتعًا بشعورها، وتاه بها فاقدًا الشعور بالزمان والمكان، وان هذا الرحم يخصها، فلم ينتبه لوجهها الذي يتعرق بشدة  جراء ذاك الكابوس المداهم لعقلها حيث ترى والدتها تحمل بين يديها سكينًا يبرق وتتقدم من صغارها، راغبه بالتخلص منهم، وهي مقيدة بسلاسل غير مرئيه، لا تستطيع الحركة وانقاذهم،  حتى رأته من بعيد يدير ظهره لهم ولا يراهم، فحاولت الصراخ بأسمه إلا أن صوتها خرج مكتوم لا يصل صداه له، فانسابت العبرات من مقلتيها وهي تشاهد سكين والدتها يخترق احد اجساد صغارها،  حينها فقط خرج صوت صياح قلبها المكلوم، فوصل صداه له، فأنتبه لهم وسارع بالتقدم منهم، فهربت والدتها بعيدًا حين وقع بصرها عليه، دون أن يراها هو..
شعرت حينها بانعدام قيدها وكأنه ما كان قبلًا، فتحركت بلهفة ووجع نحو صغارها إلا أنه وصل إليهم قبلها، والتقط جسد صغيره النازف بشدة لكنه يتنفس، اي لم يفقد حياته لكنه ينزف بشدة،  فأخذ يتطلع به وعينيه تنزف دمًا لا دمعًا على صغيرة المتألم، وهو يصيح بها يلومها أنها المتسببة في ألمه، وهي تطالعهم بألم كان كالنصل يخترق قلبها، وأخذت تحرك رأسها نافيه لاتهاماته تلك وعيناها على صغيرها النازف، تحاول الوصول أليه وضمه الى صدرها، لعلها توقف نزيفه وتخفف ألامه وتهتف قائلة مبررة:-
  - مش أنا.. مش انا اللي اذيته.. مش انا

فوصل همسها لمسمعه، فأستدار بوجهه يطالعها، حينها وقع بصره على تعرق جبينها وحركة رأسها وهذيانها، فألمه قلبه لحالها، الخائن رق لها، وتناسى جراحه المتقيحة والتي  هي المتسببة بها، فتقدم منها وحاول آفاقتها، وهو يهمس بأسمها بنعومة وعاطفه لم يتمكن من قمعها، فنهضت هي من غفوتها  بعينين ممتلئة بالعبرات وشعورها بالذعر يتجلى على سيمائها وهي تهتف قائلًة:-
  - مش انا، مش أنا...
  فهتف قائلًا بتلك النبرة الدافئة:-
  - اهدي يا نيرة، دا كان مجرد كابوس..
  نبرة صوته اخترقت قلبها لا مسامعها، فحركت بؤبؤ عينيها ليقع عليه، سيطر عليها خوفها وذاك الكابوس المؤلم لروحها، فلم تشعر بذاتها وهي تلقي بجسدها اتجاهه وتتمسك بخصره وتهتف من بين نحيبها قائلة:-
  - آسر ما تسبناش، ارجوك خدنا معاك، احمي ولادنا، ابعدنا عن هنا، أنا مش عايزة أرجع للبيت دا تاني، ابعدني عنه ارجوك، ولادنا بخطر فيه...
تأوه أحاط بقلبه النابض بين جنباته الذي صدمَ بفعلتها المفاجئة تلك، والتي لم يكن يتوقعها، انها تطالبه بأخذها والابتعاد، تطالبه بحماية صغاره وكأن هناك من تخشاه
نبرة صوتها تسربت بين طياته حتى تغلغلت اعماقه، فأشعرته بمدى وجلها وذعرها وكأنها تستنجد به، وتناشده بالأمان...
بشق الانفس وضع قناعًا محنكًا لرجلًا بارد جامد المشاعر، وكأنه لم يتأثر بها، ولم توقد نيرانًا بداخله جراء قربها ولمستها تلك له والتي أشعرته انها وللأن تعني له
لكنه جاهد للجم ذاته أمامها، فأخذ الأمر منه لحظات قبل  ان يتدارك ذاته ويقول بصوتًا اجش.. عميق وهو يبعدها عنه ويضع عينيه في عينيها مباشرة بنظرة متسائلة:-
  - مين الخطر على ولادنا يا نيرة؟، ادم هو الخطر..
  باضطراب حركة راسها نافيه وهي تتلعثم قائلة:-
  - لأ أدم لأ، هي الخطر على ولادي!، هي اللي عايزة تأذيهم، احميهم يا آسر، خدني معاك لبعيد، انا  هطلق من ادم واخد ولادي لبعيد، بس انا مش عايزة ابعدهم عنك مرة تانيه، انا عايزة نربيهم سوا بأمان..
  فهتف متسألًا مرة اخرى عن هوية تلك التي تعدها خطرًا على صغارها، وعقله لم يصور له مطلقًا ان تكون اقرب الناس اليها هي مصدر الخطر وليس الأمان، وفي المقابل بقيت هي صامته، لم تستطع اخباره بقبح والدتها وسوئها، وانها هي المتسببة بحادثتها، وانها كانت تخطط للتخلص من الاخرى ايضًا، فتلعثمت في ردها قائلة:-
  - مش مهم مين، المهم تبعدنا يا آسر عن هنا..

  تغضن جبينه بضيق من تلعثمها في الكلام وتهربها من الاجابة، فأن كان هناك خطرًا حقًا،  لما لم تخبره بهويته وهو  لا يري خطرًا غيرها على صغاره، ولوهله داهمه ذكريات الماضي، وسيطر عليه أشباحه التي ذكرته كم كانت ماكره.. مخادعة، فطالعها بعين الشك الموقدة، وعقله يحلل معتقدًا انه قد فهم خدعتها، وأنها ربما تخطط لأمرًا ما، فيقسم على عدم الوقوع في شركها مرة اخرى، لكن قلبه رأى مدى صدق ذعرها، وهاجمه على سوء ظنه وشكه بها، وبالنهاية ظل للحظات يناظرها وهو يصارع جحافل عقله وقلبه معًا، في حربًا دؤوب، ترى ايهما فيها المنتصر!..
لكن لا  يهمه ان كانت صادقة أو كاذبة، فما تخطط له سيعرفه، ويكفيه أنها تطالب بالبقاء معه هو وصغاره، وهذا جلّ ما يريده صغاره!، أن يضمن سلامتهم واعطاءهم أسمه، لذا بقاءها أسفل مجهر عينيه سيكون الأفضل، لذا يصدقها أم لا يصدقها فتلك اللحظة هذا  ليس مهمًا، كل شيء سوف يضح له بالنهاية، لذا اردف قائلًا بنبرة جامدة:-
  - تمام يا نيرة، اصلًا هو دا كل اللي عايزه أن ولادي يكونوا بأمان واضمن سلامتهم، وتوجدك معايا هو المناسب وهو بالضبط اللي لازم يحصل عشان يتنسبوا ليا.

بينما هي صمتت بارتياع ما أن طالعها بعين الشك وأغمضت عينها وهي تشعر بفيض من دموع الاحباط تود الانهمار، فهو لن يصدقها ولن يثق بها وسيتركها مجددًا..
ألى ان اخترقت مسامعها كلماته تلك، فطمأنت روحها وألاشت ذعرها، وبثت بقلبها الامل، للان يكفي قربه وبُعدها عن جحيم والدتها لضمان سلامة صغارها...
لذا أمأت برأسها قائلة:-
  - انا هكلم أدم واطلب منه يطلقني بأسرع وقت..
وكأنه شعر بلذة الانتصار ما ان تسلل لمسمعه كلماتها، وأخيرًا سيسترد ما كان له، ويخسر غريمه أمامه، ولا يدرك انه لطالما كان المنتصر أمامه وهو الخاسر منذ البداية، فيكفيه تواجده الدائم بقلب أمرأته، بينما هو ملفوظًا منه...

ولوهله فقد لجام ذاته وبدأت تطفو مشاعره نحوها،  حينها شعر بالخطر الوشيك، فلم يسمح لها أن تتغلب عليه وتحكم سيطرتها على قلبه فيميل لها وينسى جرحه، بل جعل الماضي نصب عينيه، وسمح لذكريات مرضه وألمه أن تتجلى بمخيلته،  فيتشعب الحقد اتجاهها به،  وقد نجح في مسعاه،  فقد اكتنف نظراته وغلفت نبرته القسوة حينما أردف قائلًا، يرجمها بسياط كلماته قاصدًا أيلامها موضحًا لها ولذاته اولًا :-
  - اسمعي يا نيرة إحنا كل اللي بينا هما أولادنا وبس، فما تطمحيش بيوم لأكثر من كده، أنا وأنتِ مستحيل نكون في يوم من الأيام..
  وكأنه يصدق ذاته حقًا وليس متأكدًا من أنه كاذب، قلبه الذي ينبض بقوة بين جنباته الأن فرحًا، هو أكبر دليل على كذبته وأنها ما تزال تعني له وأن كان مجروحًا منها، إلا انه لا يدرك مدى ارتباط روحه بها، فهي كندبته الظاهرة برقبته، قد يتأذى منها احيانًا وتغضبه احيانًا اخرى فيبغض وجودها ألا أنها مهما حدث تظل جزءًا منه لا يتلاشى رغم مرور السنوات على اقترانها به، فهي من سكنت خمائل قلبه وارتجف لها كيانه، وظل متيمًا بها، عالقًا بمشاعره اتجاهها، وتشتاق لها كل خفقه يهدرها وجدانه...      

بينما هي احتقن وجهها باحمرار من سياط كلماته فأخفضته، وبدأت الدموع تلسع عينيها، فرفرت اجفانها تمنع خروجها، وتتحلى بالقوة والمثابرة، هي بداخلها كانت تعلم أن ما بينهم قد كسر، وان قلبه يحتاج ألى التعافي من جراحه اولًا، وأنهم بحاجه للحديث معًا لتوضيح خبايا الماضي، لكن ليس الأن وليس هنا، فهي يكفيها أنه قبل بها قربه، وسيبعدها عن جحيم والدتها ويحميها هي وصغاره،  لكنها ايضًا لن تستسلم ، فهي مصممه على المجابهة واجتياح  قلبه، لتعثر على مكانتها به مجددًا والتي هي واثقه أنها ما تزال بداخله ولم تلفظ من محبته، لذا صمتت وفي صمتها الف وعد وقسم على اجتياحه، بينما هو كان يطالعها بترقب لتأثير كلماته، والتي احجبت تأثيرها عن التجلي على سيمائها ببراعة، أوقدت لهيب غضبه، فهتف قائلًا لأحرق روحها، لعله يحصل على نظرة الم واحده في عينيها تطفئ لهيب غضبه وتشعره بأنه يؤثر بها:-
- وحابب تعرفي أن تواجد جود في حياتي شيء اساسي ومفروغ منه، وأننا مش هتنازل عنها ابدًا، حتى لو حامل بطفل جوزك، جود مسئوليتي ..
ولا يدرك أن ما قاله ابهج قلبها ولم يتسبب ابدًا في احزانه، فهو أنسب جود على أنها مسؤوليه فقط، لم ينسب إليها مشاعره، وهذا ما تبثه تلك الصغيرة في قلب كلًا من يراها هو الشعور بالمسئولية اتجاهها وهذا ما أثارته بقلب آسر هو الشعور بالمسئولية والشفقة المطلقة، لذا ارتاح قلبها وتبسم محياها، فيكفيها الاقتناع التام ان أدم لن يتخلى هو ايضًا عن طفله مثله، وأنه سيلصقها به، إذا جود ليست عائق لها ابدً، بل خروجها من حياته مؤكدًا...

جمودها هذا كان يزيد من توهج غضبه وغيظه منها، فناظرها بعينين ينبعث منها شرار الحنق، وفي تلك اللحظة شعر برغبة كبيرة بتعنيفها بقسوة وايلامها، لكنه كبت شعوره ورغبته وغادر الغرفة يكبت غيظه عنها، تاركًا اياها وشعور الراحة يرتسم على سيمائها هي وابتسامه مشرقه لقبوله بها مجددًا في حياته...
ــــــــــــ
في مطار القاهرة الدولي،  وصلت الطائرة القادمة من هولندا،  والتي تحمل على متنها عائلة جود وشاهي التي ترجلت منها وتحركت لخارج المطار، تستقل سيارة اجرة، بينما كانت هناك سيارة تنتظر جاسر رشدان وعائلته، والذي ما أن استقلها حتى أمر سائقها بتتبع السيارة التي بها شاهي والتي تحركت تنهب الارض وصولًا ألى  المشفى التي اعلمها بأسمها تيام، والتي قامت بمهاتفته لأخباره بوصولها وقدومها ألى المشفى الأن، فأكتنف عقله الاستغراب لمجيائها المفاجئ، لكنها  اعربت عن رغبتها بالتواجد بقرب زوجها ودعمه...
ـــــــــــ
أمام المشفى توقفت سيارة ركان، وترجل منها،  ثم تحرك الى الداخل، حيث الاستعلام وهو يتساءل عن مكان جود والغرفة التي حجزها ادم لها، فأعلمه الموظف بمكانها، فأستقل المصعد حيث الطابق المقصود وخرج منه يقطع الرواق وصولًا للغرفة، حتى لمح تواجد أدم من بعيد نسبيًا،  فتحرك نحوه الى أن بات قريبًا منه..
كان حينها أدم شاردًا فيما يحدث معه، وغمائم الهم والحزن التي خيمت على سمائه،  يشعر وكأن  عمرًا قد أضيف على سنوات عمره الثلاثين، فبدى عجوزًا من شدة الهموم التي تحني كاهله وتقضم ظهره..
كان يحلق في عالم بعيد وهو يقف مكانه، فقد قست عليه الحياة وسلبت منه كل املًا بها، حتى بدى أن لا شيء آخر  فيها بات قادرًا على أثارته، فقد أصبح العيش فيها مرهقًا للروح، بينما تبتلعه نكبات الحياة لتقذفه بين نوازلها وهمومها..

حدق ركان به وهو يستشعر انكسار روحه، وكانه هناك امرًا جلّ حدث معه ولم يعلمه، فهذا قطعًا ليس أدم الذي ي، كان مهمومًا بشدة، فهو لم يشعر حتى بتواجده، فأصدر صوتًا من حنجرته ليدرك وجوده، استدار أدم بوجهه أليه، يطالعه بعينين قرأ مقدار العذاب، الألم، والعجز  الذي يشعر به صديقه ورفيق عمره، فقبض على كتفه، يجتذبه له بعناق
اخوي مغموس بلوعة قلقه عليه ومحمل بكثير من الدعم والمؤازرة، فكلاهما لطالما كانا سندًا ودعمًا لبعضيهما، ولا يدركان أنهما بالفعل اخوان بالدماء، وعلى صدره انهارت ملامح  أدم وخرج من قوقعة بروده التي يحتمي بها، و
وحدث كما حدث منذ سنوات مضت، حينما اعترفت له نيرة بعشقها لأخر، فجاء له وأفضى له بما يختلج صدره من هموم
حتى انتهى، حكى له كيف أكتشف أن زوجته تحمل في احشائها اطفال رجلًا لطالما أحبته، ولم يخرج من قلبها ابدًا،
ان الشبح الذي لطالما حاربه ولم يستطع الانتظار عليه، بات أمامه لحمًا ودمًا، يعلن انتصاره ويأخذ منه كل ما كان له، و ربما الاصح انه يسترد ما كان له، وان خوفه الاعظم هو أن يأخذ ما تبقى له وهو طفله التي تحمله تلك الصغيرة بأحشائها....
كان ينصت بأصغاء أليه، وقلبه تدريجيًا يقرع بالصدمة وتنسحب الدماء من وجهه،  حتى تجلى عليه مسحة عناء 
ملفته جعلت ملامحه تتراخى وتتألم وهو يري البؤس يرتسم على تقاسيم رفيق عمره وهو يسرد له عما هو منغمس فيه، فبدى أخر مهزومًا لم يسبق له رؤيته، فطالما كان قويًا شامخًا، لم تكسره الحياة ونوائبها، أشد المصائب وقعت على رأسه وتصدى لها، وكافح لأنهائها،  حتى أن  موت والده وعمه لم يكسره كما الان، بل وضع بعقله أن لديه عائلة ومسئوليات عليه أن يكون جديرًا بها، وها هو الأن منهزم، ممتقع الملامح، محطم القلب، ويا لشعوره بالأسى عليه الأن، فهو من البداية ولم يرق له تعلقه بنيرة واخبره بأنه لا يجدهما يليقان ببعضهما، وعليه أن يصرف النظر عن الزواج منها، لكنه كان متيم بها، غارقًا قلبه بعشقها، فلم يستطع منعه، ليتأكد بعدها من حدسه، وهو يرى الحزن يطغى على ملامح أبن خالته، لكنه كان متماسك، يتظاهر بالجمود والقوة، حتى هذه اللحظة التي نزع فيها رداء البرود وعدم الاهتمام واظهر مدى قهره وقساوة ما يشعر به الأن، وانه فقد شيئًا من روحه مع كل هذا..

مر وقتًا ليس بقليل عليهما، حتى انتهى أدم من سرده، وبدى فاقدًا للأمل، بل فاقد لشغف الحياة ذاتها،  وهذا اليأس لم يروق لركان أبدًا، فأجبره على التحرك معه حيث كافتيريا المشفى وجلسا سويًا، وعم صمت بينهما لثوانًا، قبل أن يتحدث ركان قائلًا:-
  - أسمع يا ادم من البداية وزواجك من نيرة كان غلط،  وحاولت افهمك دا كتير، بس حبك ليها سيطر عليك وقلبك اقنعك انها هتحس بيك وتتقبل حبك، وبالفعل انت حاولت كتير معاها لكن دا ما حصلش!،  مش لأنك شخص سيء او ما تتحبش ابدًا!، دا لأن من البداية وقلبها ملك لشخص تاني فحبك ليها كان حب مسموم بيأذيك أنت ، واستمراره كان بيقضي عليك، أنت من حقك تعيش علاقة سوية تحب وتتحب، صدقني مفيش أحسن من علاقة الحب المتبادل،  أنا اكثر حد حاسس بيك وعارف انت كنت عايش إزاى،  لأن عيشت نفس حالتك،  حب من طرف واحد، عيني كانت مغميه عن قلب صادق بيحبني لسنين طويلة،  يمكن لو كنت انتبهت له،  لا كنت عشت كل الوجع دا ولا سبتها تعيش الألم وتتظلم بالشكل دا، وأرجع واقول أن كل اللي عيشنا كان قدرنا ولازم نعيشه ونمر بيه، وبحمد ربنا أن في النهاية كانت هي قدري..
لم ينتبه في البداية لاستدراجه بالحديث عن ذاته،  لكنه أكمل لإعطائه املًا،  أن الحياة لا تتوقف اذا اختار القلب خطأ  وخاض علاقة فاشلة، وأنه هناك قلبًا ينتظر منحه الحب الذي يستحق وربما هو غافل عنه، وبتحرره سيتيح له الفرصة لأيجاده، لذا حمحم مستطردًا:-
  - أنا قصدي أن يمكن القدر حابب يديكم فرصة تانيه لتعيشوا حياة أحسن، هي بتجمعها مع اللي بتحبه، وأنت  أكيد هتلاقي اللي تحبك وتحبها...
صمت أدم وهو يصغي له بقلب يتألم ولم يعقب على حديثه،  فلا يعرف كيف يصيغ له مشاعره،  بل هو لا يفهمها حتى،  ليسردها له،  ما الذي يؤلمه اكثر لا يعلم، فهو منذ زمن وفقد الأمل بعلاقته بزوجته نيرة التي لم يمنحها غير الحزن والبؤس في سنوات عمر علاقتهم معًا،  لذا هي تستحق السعادة وهو قرر منحها ما ترغبه من اجل صغارها،  لكن رغمًا عن هذا يشعر بألم كبير يجثم على روحه، ترى لما!، هل لاكتشافه بأن ذاك الاسر هو غريمه الذي يسعى لأخذ كل شيء منه حتى طفله الذي ينمو بأحشاء تلك الصغيرة  التي لا يعرف كيف سيكون مصيرها!، خاصةٍ بعد ما علم،  ترى هل تعلم هي بعلاقتهما الماضية!، وحب زوجها لأخرى تحمل الأن أطفاله،  وترى ما تكون هي له! هل يحبها حقًا؟. ام مازال قلبه لحبه الأول!، لما يشعر بنياطه يتألم من أجلها، لا يريد لها ان تذيق مما ذاق هو ان يكون قلب من تحب ممتلئ بأخر غيرك...
انتشله من شروده صوت ركان الذي أنتبه لحالته وصمته،  فأعقب قائلًا:-
  - وأكيد مش معنى كده إنك تتنازل عن ابنك يا أدم،  انت هتعمل كل اللي المحامي قالك عليه،  عشان تضمن نسب ابنك ليك...
  تنهد ادم بأسى وحديث المحامي يطرق رأسه، لا يدرك كيف سيتطرق ألى  هذا الحديث مع ذاك الاسر، وكيف سيخبره هو وجود به!، وبداخله يقين أنه سيرفضه، لذا هتف قائلًا معبرًا عن قلقه واسترسل بالحديث بنبرة شجن:-
- وتفتكر هيرضى يا ركان!، و هي نفسها هترضى بيه!، غير أنه هيكون ظلم أكبر ليها!، ظلم أنا مش قادر ألحقه بيها، ولا عايز اكرر نفس التجربة من تاني، هتكون صعبه عليا اوي المرة دي يا ركان، هتكون بتدبح، حتى لو عارف أنه هيكون مؤقت ومش حقيقي وهينتهي، بس المرة دي هكون عارف وواثق منن  ..
طالعه ركان بنظرة مطوله، نظرة تخترقه، لعله يقرأ ما بداخله، فهناك شيئًا به، شيئًا يتمنى أن لا يكون صحيحًا، حتى لا يتألم مجددًا ويعاني، لكن للأسف يراه في عينيه،
وعليه أن يخلصه منه ويمنعه عن الغرق به، فأكتنفه الاصرار على مصارحته بما يشك به، لكن الكلمات وقفت على طرف لسانه وامتنع عن الحديث ما ان لمح تقدم نادر نحوهما، والذي تقدم حتى بات بجوار ادم، ووضع قبضة يده على كتفه يعلمه بتواجده ودعمه، فناظره ادم بامتنان لبقائه معه طيلة اليوم ولم يتركه، ولأول مره يرى نضج واهتمام من شقيقه، الذي بداله بأبتسامه خفيفة نقيضه لما داخله من شعور بالشفقة اتجاه شقيقه، لكن بذات الوقت يشعر أن بذاك الأمر خيرًا له، فطالما كان يراه تعيسًا، وتمنى لو يتحقق ما تمناه له،  ثم جذب المقعد وجلس برفقتهم وصمت ساد للحظات قبل أن يهتف متسائلًا:-
  - قررت هتعمل إيه يا أدم بخصوص نيرة..
اعتدل بمقعده وناظره والحزن يرسم ملامحه واردف بنبرة حاسمه ل:-
  - هطلقها يا نادر، دا اللي لازم يحصل..
  اماء برأسه متفهمًا، قبل ان يهتف متسائلًا للمرة التالية قائلًا:-
  - طيب وجود يا أدم وابنك اللي جواها!..
ازداد الألم المتجلي من ملامح ادم، وناظره بنظرة مطولة، صامته، تحوي الكثير من الحيرة:-
  - مش عارف يا نادر، مش عارف
وهكذا انهى الحديث وهو ينهض مبتعدًا عنهم، فلا قدرة له على المزيد من الحديث، بينما تبقى كلًا منهما يطالعان ابتعاده بنظرات ضيق على حاله...
ـــــــــــــــــــ
  توقفت سيارة الاجرة التي بداخلها شاهي أمام العمارة السكانية كما اخبارها تيام،  ان تذهب لتستريح اولًا، ثم تأتي في الصباح الباكر، خاصةٍ لغياب والده عن المشفى وعودته المؤكدة للمنزل لقضاء الليلة به، ترجلت منها وبدأ السائق يساعدها في اخراج حقائبها، بينما على مقربه كانت السيارة التي بداخلها جاسر وشقيقه والحج رشدان تصف على جانب الطريق،  يراقبون ولوجها للداخل، حينها أردف الشيخ رشدًا قائلًا لأبنه سالم :-
  - اسمع يا سالم عايزك تبقى هنا تراقبها، عايزك تكون زي ظلها، وانا هرجع البلد واخوك كمان  يروح يشوف أشغاله، ولو جد جديد تتصل بينا فورًا،  وما تتصرفش من دماغك فاهم!..
  اماء له سالم قائلًا:-
  - حاضر يا حج..  كلامك اوامر..
  هتف جاسر قائلًا :-
  - لا يا حج أنا هوصلك للبلد وبعدين ارجع،
  - ثم تابع موجهًا حديثه لشقيقه قائلًا:-
  -  وانت يا سالم أنا هكلم عادل يبعت لك عربيه عشان تبقى فيها ويسهل عليك مراقبتها،  وزي ما الحج قال،  اي جديد كلمني وهكون عندك فورًا..
أماء له سالم وترجل من السيارة، بينما تحركت السيارة تنهب الطريق وصولًا للبلدة...
بينما صعدت شاهي الى الطابق المعني وولجت ألى الشقة وجلست تنتظر زوجها سليمان الذي آتى بعد مرور بعض الوقت وتفاجئ بوجودها بالمنزل ما أن ولجه، فهتف مندهشًا قائلًا:-
  - شاهي انتِ جيتي إمتي
هتفت شاهي قائلة بزيف وهي تقترب منه:-
  - جيت عشان اكون جانبكم، اول ما تيام قالي عن حمل الزوجة التانية بطفل اسر وأنها في المشفى، قررت أن اجي وادعمك واكون جانبك..
اماء لها برأسه متفهمًا قائلًا:-
  - عمومًا كويس انك جيتي لأننا هنطول هنا شوية، واكيد مش هتفضلي هناك لوحدك، انتِ ما تتصوريش مدى سعادتي يا شاهي بخبر حمل البنت دي، وكمان المفاجئة الكبيرة اللي ربنا كرمنا بيها وحملها للتوءم الثلاثي، تخيلي يا شاهي بعد  ما تمنينا طفل واحد وصدمتنا باللي حصل وفشل الجراحة، ربنا يكرمنا بثلاث اجنه مش جنين واحد..
  - كان يسترسل بملامح وجه مشرقه، ولم ينتبه لتلك التي تشنجت منصدمه مما اخترق اذنها، وطلعته غير مستعبه لما يقول فهتفت متسائلة باستنكار لما وصل لمسمعها من كلمات :-
  -- ثلاث اجنه إيه يا سليمان انا مش فاهمه حاجه!..
طالعها سليمان وهو يعقد حاجبيه معًا قائلًا:-
  - هو تيام مش قالك ولا إيه!، نيرة طلعت حامل في توءم ثلاثي، يعني انا هكون جد لثلاثة دفعه واحدة تخيلي..

هبطت كلماته على مسمعها كمطرقة حديديه هوت على رأسها، ما تركت بها عقل او تركيز، هكذا كان حالها في هذه اللحظة، لا تستعب ما قال، حتى اكتنفها الادراك الصاعق لجمر كلماته التي ألهبت دواخلها، وجعلت غضبها يتبخر من كل انشًا بها، ولثوانًا لم تستطع السيطرة على حقدها الذي انجلى واضحًا على ملامحها، حتى استطاعت التظاهر بالسعادة ورسمت بسمه مزيفه على محياها، تطالعه ببريق عينين غاضب، حاقد، فعانقته مهنئه وبداخلها نيران غاشمه
ولم يدم الامر كثيرًا قبل ان تنسحب من أمامه هاربه ، فقد اوشك لجام غضبها ان يفلت منها، لتبقى وحيده مع حقدها وكرها وغضب جمّ، وعقل شيطاني لن يقبل بالخسارة..

بينما بالأسفل وصلت السيارة ل سالم وقضى ليلته بها، وعيناه الصقرية تراقب البناية، حتى داهمه النعاس، فغفا موضعه..
   ـــــــــــــــــ
أصر أدم  على البقاء بالمشفى وطلب من نادر وركان العودة ألى المنزل، لكنه لم يرغب بالعودة ألى غرفة نيرة ورؤيتها،
فقضى ليلته على أحد المقاعد مسهدًا، لم تحتضن اهدابه عيناه ولو للحظه واحدة، يشعر بثقلًا غريب بقلبه وكأن هناك حجرًا يجثم على روحه،  بينما آسر  كذلك رفض العودة للمنزل وقضى ليلته هو وشقيقه أمام  غرفة جود،  حتى انقضى الليل وهبت نسائم الصباح مغبرة بأوجاع الأمس، جروح لم تندمل بعد، بقى أثرها بالقلب..
كان الجو متقلب اليوم، غائم، ممطر اثر عاصفه قوية قادمه من الخارج حذرت منها الأرصاد الجوية، فقد كان الهواء ثائرًا،  شديد البرودة، حتى أن البرق بدأ يمزق صفحة السماء ورعدت الغمائم كوحوش تتصارع مع بعضها والامطار تطرق الارض بغزارة بلحنًا مهيب، فيضيف شعورًا كئيب بالنفس
مثيرًا للارتياب والقلق، وهذا ما ظن أدم ان تلك القبضة الجاثمة على صدره، والخانقة لروحه سببها تلك العاصفة المنذرة بغياهب اليوم..
ـــــــــــــــ
بغرفة نيرة، ولجت الممرضة أليها، لتحضرها وتخبرها أنها ستخضع لفحص السونار اليوم لتطمئن على حال توءمها
فرفت ابتسامة على محياها والتمع بعينيها الحماس، قبل أن تطرق في رأسها فكرة احضار آسر ألى الفحص، حتى يري سويًا أطفالهما معًا، فهتفت تطالب الممرضة بمحاولة الوصول أليه واعطتها أسمه كاملًا كما وصفت لها ملامحه، امأت لها الممرضة واعربت عن قبولها، قبل ان تغادر باحثه عنه، حتى وجدته بالفعل ينتظر خارج الغرفة متردد بالولوج اليها، فعرفته فورًا من وصف نيرة له ولعيناه المشابه لأشراقة شمس السماء، فتقدمت نحوه قائلة:-
  - زوجة حضرتك هتخضع لفحص السونار  للاطمئنان على الأجنة وطلبت أنك تكون معاها...
توتر غلف نبرته وهو يهتف متعجبًا:-
  - زوجتي انا!.
  أجابته قائلة:-
  - آه مدام نيرة زوجة حضرتك..
  اماء برأسه لها وقد ضجت ملامحه بوجعًا لا يطاق ضرب كيانه  والمه قلبه بقوة كلما تذكر انها زوجة الاخر، وتحرك خلفها ألى الداخل حيث نيرة، التي ارتجف النبض بقلبها ما ان وقعت عيناها عليه، لا تصدق بعد أن القدر جمعها به بعد كل تلك السنوات من الألم والشوق، وان تحمل بداخل رحمها اطفاله، رحمها الذي نبذ نطفة غيره ولم يقبل إلا بنطفته هو ليكون قدرها، اشرقت ملامحها في حضرته، بينما هو نظرها بصمت، وعينان تحكي ألمًا وقهرًا منها، اقسمت على جعله يتلاشى يومًا ما في القريب العاجل، وان تسكنها تلك النظرات السابقة المليئة بالحب والحنان التي لطالما رأتها بها...
بدات الممرضة بتحضيرها لكِ تنقلها الى غرفة الفحص، فتأوهت نيرة وهي تحاول النهوض بمساعدة الممرضة، فغص قلبه من صوت تأوهاتها، فبدون حديث تقدم هو واشار للممرضة بالابتعاد، وانحنى بجزعه وحملها بخفه بين يديه ووضعها برفق على المقعد المتحرك، والاخرى طرق قلبها بعظام صدرها بعنف كاد أن يحطمها اثر فعلته وقربه
الذي تخبطت له أنفاسها..
لم تستطع كبح تلك البسمه التي رفت على محياها لفعلته وهي تدرك ضعفه اتجاها وأنها مازالت تؤثر به ويهتم لها...

تحركوا سويًا الى غرفة الفحص، وهناك حملها مرة اخرى لتستلقي على سرير الفحص، ثم ابتعد خلف الستار حتى قامت الممرضة بتجهيزها للطبيب حتى يتيح له الكشف على رحمها بالسونار، وما انتهت حتى استدعت كلاهما، فتحرك نحوها، بينما جلست الممرضة بجوارها وبدا بتمرير الجهاز على معدتها وتطلع بالشاشة السوداء لثوانًا، قبل ان يتجلى عليها صورة رحمها، وبدأ يشرح لهم ما يري قائلًا:-
  - احنا عندنا كيسين حمل هنا في كيس منهم فيه جنينين وهما حالتهم ممتازة الحمد لله، وهما دول..
  وبدأ يريهم لهما ويشير ألى مكانهما على الشاشة بأحد انامله ويشرح له أين ارجل وذراع كلًا منهما، قبل ان بهتف متسائلًا:-
  - تحبوا تعرفوا نوعهم إيه!..
كان اثر حينها تائهًا، مأخوذ بسحر تلك اللحظة، بصره كان ثابتًا لا يحيد عن تلك الشاشة الصغيرة، التي تريه اطفاله
بقلبًا ثائر المشاعر، وعينين غائمة بالدمع وهو يري معجزة الله تتجلى أمامه، فهو القادر، الكريم، العطوف، الذي لا تخيب به الظنون، وكان عند حسن ظنه به، فقد أكرمه أشد كرمًا..
وأعطه ما رغب به وظنه بات مستحيلًا...

وكذلك هي كانت تدقق النظر بذهبيته المتسعة  بعاطفة اوقدت نياط قلبها، وهي تري تأثره برؤية أطفاله وتلك الغيمة من الدموع التي تكونت فيها وتأبى الانسياب، ونظراته تؤكد له انه لن يتخلى عنهما، فطالعته بتلك الطريقة التي تحتوي روحها وتغلفها بشرنقة من السلام وكأنها بلغت الامان في تلك اللحظة بعد شقاء رحله مهلكه وتحمد الله على قدره الذي اوصلها بالنهاية اليه...

انتبها كليهما لكلمات الطبيب فناظره آسر بتيهه، قبل أن تتجه نظراته تلقائيًا الى نيرة، التي أمأت برأسها له بأبتسامه على محياها، وكأنها تخبره بها أن تتفهم حالته وهي تهتف قائلة:-
  - اكيد أبوهم حابب يعرف جنسهم أيه..
   حينها اماء الطبيب برأسه لهما وهتف قائلًا:-
  - هنا عندنا ولدين
هنا وانسابت دمعه من مقلتي آسر لم يستطع كبتها، فقد انفلتت عنوه تشق اخاديدها على وجنتيه، وذكرى قديمة تطرق رأسه وهو يخبرها بتمنيه طفلة شبيها لها بعينيها السوداء وخصلاتها الثائرة...
كانا كلهما يحلقان في عنان السماء، حتى تابع الطبيب قائلًا:-
  - والكيس التاني فيه الطفل الثالث وهي بنوته
هنا توجه جلّ انتباه نيرة للطبيب بنظرات تائهة وهي تدرك للمرة الاولى بحملها بتوءم ثلاثي لا ثنائي كما كانت تظن،  فتلعثمت قائلة بيننا تلتمع عيناها بالعبرات:-
  - الطفل الثالث!..
  اماء لها الطبيب مؤكدًا قائلًا:-
  - ايوة حضرتك حامل بثلاثة تواءم، و للأسف زي ما قولتلك ان في جنين من التوءم تأثر اكثر بالوقعة وأتمنى أنها ما تأثر عليه مستقبلًا، إحنا عملنا اللي علينا والباقي بأيد ربنا..
هوت كلماته على راسهما كمطرقه ما تركت بهما عقلًا او تركيز، فقد صدمهما كلمات الطبيب وضجت ملامحهما بوجع لا يطاق وألمهما قلبهما بقوة، وخاصةٍ نيرة، التي علمت بوجود طفلها الثالث تزامنًا مع علمها بتأذيه جراء سقوطها، والذي قد يؤثر عليه سلبًا..
بينما كان تأثير كلمات الطبيب على آسر كالسياط التي هوت على روحه، وسريعًا ما اوقدت نيران غاشمه بقلبه وطلّ من  عيناه غضب جمّ وهو يستعلم من الطبيب عن نوع الضرر الذي قد يكون الحق بصغيره والذي أجابه انهم لن يستطيعوا المعرفة إلا بعد ولادته..
ثم انهى فحصه وذهب وتركهما سويًا، وصمت مريب سات بينهما، قبل أن تتوحش عين آسر وانبعث من فاهه وعيناه شرارت حنق وغضب وهتف بقسوة قائلًا:-
- لو ابنى تأذى وتولد بيعاني من اي ضرر مش هسمحلك يا نيرة ابدًا، ومن دلوقت ولحد ما تولدي اسمحي اقولك إن عيني مش هتغيب عنك ابدًا..
ازداد الحزن المتجلي على وجهها،  وصاح الالم بمرارة الريق وهي تستقبل جمر كلماته واتهاماته القاسية  عليها، وغاص قلبها في صدرها وخفت تسارع نبضاته، فانسابت شكوها الهامسة على كلامه التي الهبت دواخلها وهو يلقي اللوم عليها فيما اصيب لصغيرها،  فهي تعلم مقصده تمامًا،  فهو يرى انها لم ترغبهم لأنهم منه ولا تعلم أنها إذا احبتهم مرة لانهم أطفالها فزاد حبها لهم الف مرة ما أن علمت انهم منه هو، لذا صمتت وكأنها لا تجد كلمات تعبر بها عما تشعر به من حزن ووجيعه تداهم صدرها حد الاختناق...
ـــــــــــــــــــــــ
في البناية السكانية الخاصة بأسر، خرج من الشقة كلًا من سليمان وشاهي مقررين الذهاب ألى  المشفى، بحجة رغبتها برؤية تلك الفتاه الحامل بأطفال آسر لأعلمها انها مرحب بها بمنزلهم، وهذا ما سرده عليها ليلة امس حينما دلف اليها، وصرح لها عم يخطط له بشان هذا الوضع، وكالعادة اظهرت دعمها الزائف وترحيبها، لكن بعقلها تحيك الخطط المضادة لما أراد والتي ستنفذها قطعًا وتتخلص من تلك الفتلة واولادها ولن تسمح لما أراد هو ان يتم، لذا كانت خطتها الاولى تمثل برؤية الفتاة ومعرفة شخصيتها حتى يتثنى له معرفة اي درب سوف تسلكه معها، وهاهي ذاهبه الى المشفى لرؤيها...
استقلوا المصعد حتى الدور الأرضي وخرجوا سويًا من البناية، حينها التقطت عيناها الصقرية ذاك الواقف امام السيارة والذي لم ينتبه جيدًا ويحرص على اخفاء ذاته،  فالبداية داهمها الشك في هويته، لكنها انتبهت لتوتره وسرعته في استقلال سيارته،  وهي تستقل سيارة زوجها هي الاخرى، وكذلك تحركها خلفهم  وصولًا الى المشفى، حيث توقفت السيارة قريبًا من سيارتهم،  وخرج منها ذاك الشاب مجددًا والتي عرفته جيدًا،  فلم يسبق على رؤيها له بضعة ساعات،  فدلفت الى الداخل وبسمه شيطانية ترتسم على محياها، وقد عقد عقلها خيوط خطتها الدنيئة بعقلها
للتخلص من إحدى العواقب...
ـــــــــــــــــــ
في ذات الوقت كانت سناء هي الاخرى في طريقها ألى  المشفى لرؤية ابنتها نيرة، فعليها محاولة استمالتها، بعد زلتها  لها بحقيقة أنها المتسببة بسقوطها،  عليها أن  تعدل من موقفها أمامها، فقد رأت بعين ابنتها ما جعلها تخشاها، فقد رأت نظرات تحدي وقوة مطلقه اخافتها مما قد تقدم عليه،  لذا عليها اصطناع الندم وتقبلها لما ترغب،  حتى لا تثير الشكوك اتجاهها في خطتها المقبلة...
ـــــــــــــــــــ
منذ أن انهت فحصها وعادت الى هنا وهي جالسه على الفراش وعيناها شاخصتان في الفراغ لا تطرف ويشوبها خوفًا عظيم، نبضات قلبها الذي يقطر دمًا كانت كأنها تحتضر من صدمة المشهد الذي حدث قبل قليل، كلمات الطبيب التي رجمت روحها ونظرات اللوم والكره من آسر لها،  وعجزها عن الدفاع عن نفسها، والمجاهرة بأفعال والدتها، كل هذا ألمها بقوة وجعلها تشعر بعجز ووحدة وان الله لم يغفر لها ذلاتها ولايحبها ويبتليها ويعاقبها بصغيرها، وهذا النوع من الافكار يريد الشيطان من خلاله ان يوقعك في جب الاحزان والاكدار، وأن يجعلك تيأس ويقل إيمانك، فلا تلتفت لها ولا تعيرها انتبهًا، وثق في رحمة الله الواسعة وارضى بقدره، ولا تترجم كل ابتلاء على أنه كره وعقاب، فالمؤمن دائمًا مصاب وكان الانبياء اشد الناس ابتلاءٍ، وعسى أن تكون تلك الابتلاءت الصغيرة هي لبُعدك عن الله، فأراد بها أن يعيدك أليه مجددًا..

وهي تأثرت من تلك الافكار وطغى حزن كئيب على ملامحها، وبدأت عيناها تذرف عبرات الألم والحزن وشعور بالضعف يجتاح كيانها، حتى شعرت بألمًا قوي برحمها، وضربات متتالية من صغارها، وكأنهم يتألمن معاها ويطالبنها بالتوقف عن البكاء، فاستغفرت ربها على مجرى افكارها، وتكابدت وصابرت نفسها في كتم اوجاعها رغم الألم العنيف الذي يضرب كيانها، وتمتمت بالحمد وهي تتذكر قوله تعالى

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155، 166]

اطلقت تنهيدة قوية تزيح فيها غمائم الهم والحزن الذي ملأ قلبها ثم رفعت اناملها تزيل بها دمع عينيها، والاخرى تمسد على معدتها بحنو وكأنها تطمأن صغارها أنهم جميعًا بخير....
ــــــــــــــــ

في تلك اللحظة وصل كلًا من سليمان وشاهي أمام غرفة نيرة، فوجدا آسر ماكثًا أمامها، بملامح وجهه ممتقعه قد طغى عليها الحزن والألم، وازداد تجهم ملامحه ما أن لمح زوجة والده برفقته الذي اردف قائلًا:-
  - شاهي حبت أنها تشوف نيرة وتتعرف عليها، وأنا عايزك بعدها معايا في مشوار ضروري للمحامي..
طالعه بنظرات استفهام قائلًا:-
  - ليه في إيه!..
أجابه سليمان قائلًا:-
  - بعدين هفهمك كل حاجه، دلوقت تعالى ندخل نطمن على البنت...
  اماء له آسر، وخطى نحو الباب وطرقه بخفه، ثم دلف اليها وملاهما يتبعانه وما ان دخلا حتى اردف سليمان بابتسامه بشوشه قائلًا:-
  - عاملة إيه النهاردة يا بنتي انتِ واحفادي..
اماءت برأسها له متمتمه بالحمد وعيناها على آسر الذي ما تزال عينيه مشتعلة بالغضب، قبل أن تتلاقى نظراتها في اللحظة التالية مع شاهي التي تصنمت موقعها منصدمه ما أن وقع بصرها عليها، فقد عرفتها جيدًا، انها ذات الفتاة التي آتت ألى المشفى مرارًا وتكرارًا لرؤية آسر ورفضت أن تريها أياه، واخذ منها الأمر لحظات قبل أن تستوعب تواجدها  وكيفية حملها هي دونًا عن أي فتاة بأطفاله، ولا تدري أنه القدر إذا كُتب لأحدهم، فلن يمنعه مخلوق، وان الله  اذا اراد شيء فسيكون!، فقد قال رسول الله {صلي الله عليه وسلم}:" لو اجتمعت السماوات ومن فيها ، والأرض ومن عليها على أن يضروك بشيء ، لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك "..

انقبض قلبها ووخزتها دقاته بخفق مرعب، وهي تراها أمامها وخشيت من أخبارها لأسر عن الماضي وعن منعها لها من رؤيته، وغصت في صمتها وهي تترقب القادم، ولا تدري أن الاخرى ما تزال تكتنف عقلها الظنون بأنه هو من لم يرد رؤيها، لذا لم تلقي عليها أي لوم بعد!،  لينتشلهما من الصمت السائد ونظراتهم المتبادلة، والتي تختلف كل نظرة عن الاخرى، فأحدها خائفة واحدها قاسيه و الاخرى متألمة، صوت سليمان الذي أردف قائلًا:-
  -اعرفك يا بنتي بزوجتي شاهي، وفي مقام والدة آسر، حابت أنها تتعرف عليكِ بنفسها وتطمن عليكِ اول ما عرفت بحالتك..
امات له نيرة برأسها، بينما لم يتلاشى توتر شاهي وهي تهتف قائلة:-
  - حمد الله على السلامة
  تمتمت نيرة قائلة بنبرة طبيعية طمأنت شاهي وبثت الراحة بقلبها:-
  - الله يسلمك..
  هدأ النبض الثائر بقلب شاهي من نظرات نيرة التي لا تحمل حقد أو حنق لها، وتداركت من خلال نظرة سريعة متفحصه لأسر وملامحه المتجهمة ونظراته الحانقة،  الغاضبة المتسلطة على نيرة أنهما لم يتحدثا معًا بعد ولم تنكشف ايًا من الحقائق، إذا عليها أن لا تنكشف ابدًا وستعمل على هذا..
وفي غمر هذا التعارف،  جاءت سناء ووقفت على أعتاب الغرفة ولمحت هذا التجمع، فخطت ألى الداخل، لتتعرف على هوية هؤلاء الذين يولوها ظهورهم، لعلها تدرك هويتهم، وبداخلها شك عنها، لكن عليها التأكد!..
وقع بصر نيرة على والدتها التي تتقدم نحوهم، فقست ملامحها لا اراديًا وهي تتذكر كلمات الطبيب التي رجمت روحها، فلمعت عينيها بالغضب الشديد والحقد اتجاهها وعقلها يخبرها انها هي السيئة والمذنبة.. 
بينما جذب صوت طرقات حذائها انتباه من بالغرفة وكان سليمان أول من استدار ورأها، قبل ان يفعل كلًا من شاهي وأسر الذي يمقتها بشدة، لكن الصدمة كانت من نصيبها هي وعيناها تلتقط تواجد آسر وكذلك شاهي،  فاشتدت نظراتها حده مشوبة بالاستفهام من تواجدهم هنا، وقبل ان تهتف متسائلة، جاءتها الإجابة من نيرة التي طالعتها بنظرة
تشفي تزامنًا مع انشقاق بسمه صغيرة على شفتيها وهي تهتف قائلة بنبرة باردة تطلق عليها سهام كلماتها لتعلمها بأنها خاسرة رغم كل مخططاتها :-
  - اهلًا ماما جيتِ تمام في وقتك  أحب أعرفك بآسر أبو أطفالي الثلاثة، آه ما قولتلك انا كمان حامل بثلاثة مش بطفل واحد زي ما كنتِ فاكرة...
وكم اكفتها تلك النظرة المنصدمه التي طلت من مقلتي والدتها جامدت الملامح، والتي ربتت على قلبها، وهي تشعر بالانتصار  عليها...
سهام الجليد التي اطلقتها نظراتها اتجاه بركان والدتها الثائر
اصابت هدفها كما ارادت، فقد زادته ثورته وتجلى هذا في نظرات والدتها النارية التي كساها الغضب، ولوهلة شعرت بالانتصار المرجو وأن والدتها ستفقد أعصابها وتبوح بما يختلج قلبها..
لكن نظرة والدتها التي توجهت نحو شاهي التي بادلتها ذات النظرة المؤكدة على رفض كليهما لهذا، كانت كافيه بإخماد نيران غضبها أو ربما فقط اخفاءها خلف جدار واهي من الرضى الزائف والقبول بالمكتوب واظهار عكس الحقائق، خاصه حينما مد سليمان الغافل عما يدور حوله يديه لها مرحبًا، فبادلته التحية هي الاخرى  بابتسامة مصطنعة تخفي حقدًا، اعقبها توجها نحو شاهي والتي قبضت على يداها بقوة ونظراتها تعقد اتفاق ضمني مع عيني الاخرى على تكرار الاتفاق واتحاد القوى لإنهاء تلك العلاقة للمرة التالية نهائيًا،  وقد بدى هذا للجميع سلامًا عابرًا لأثنين لم يلتقوا مجددًا، ولا يعلم احدًا من الماكثين بالغرفة أن ما حدث بالماضي كان متفق عليه من كليهما، وكان اللقاء الأول لهم بالمشفى عقب حادثة آسر التي نتج عنها عجزه..

التقطت عين تبدل ملامح نيرة ونبرتها الغريبة التي حدثت بها والدتها لم يغفل ايضًا عنها، فطالعها بحدة مشوبة بالاستفهام، وعدم الاستيعاب، لكن مل ما يعرفه أن تلك المرأة لا يألفه ولا يرتاح لها مطلقًا، فملامحها قاسيه وعينيها قاتمه تنذر بمدى سوئها، ولم يرد البقاء برفقتها ولا الاقتراب منها، لكنه كان مجبر على ان يقبل يديها الممدودة له بالسلام
ونيرة يكتتف عقلها الدهشة وعدم الاستيعاب لهدوئها..
مر بعض الوقت عليهم وسناء ما تزال تتظاهر بنقيض شخصيتها، حتى هتف والد آسر بضرورة ذهابهم، فاعترضت شاهي على ذهابها وعبرت عن رغبتها بالبقاء لبعض الوقت ورؤية جود لحتي عودتهم، فمنحها سليمان الموافقة التي لم يستغيثها آسر ولكنه احتفظ بها داخله، وغادر برفقة والده، ليتبقى كلًا من شاهي وسناء برفقة نيرة، لتخبرهم سناء بضرورة ذهابها هي الاخرى، وتحركت للخارج ووقفت موقعها متأكدة من قدوم شاهي لها، والتي لم تخيب ظنها، فقد لحقت بها بادعاء ذهابها لرؤية جود...
ـــــــــــــ
ما أن خرجت شاهي، حتى جالت بعينيها بحثًا عن سناء وبداخلها يقين هي الاخرى أنها تنتظرها،  لتتلاقى نظراتهما معًا ويتقدم كلاهما اتجاهه الاخر، حتى توقفا كلتا الافعتين  لا يفصل بينهما إلا خطوات بسيطة وكلًا منهما تنتظر الآخرى لتبدأ بالحديث، وحينما طال صمت الأفاعي هذا، زفرت سناء بملل قبل ان تقطعه قائلة:-
  -لسه زي ما أنا مش عايزة بنتي تكون مع العاجز دا، ولا عايزة اللي جواها منه،  عايزها تكون مع جوزها وبس واخلص من البنت اللي حامل منه ومتأكدة انك انتِ كمان مش عايزه يكون معاها ولا عايزة اللي في بطن بنتي، فأعتقد هنا أن رغبتنا وحدة واننا اتفقنا من غير كلام جواه..
لمعت عين شاهي بنظرات شيطانيه ورسمت بسمه على محياها وهي تهتف قائلة:-
  - وأكيد فهمتي اني موافقه من قبل ما أقول،  واظن هنا إنك عايزني اساعدك في الخلاص الطفل اللي في بطن جود وفي المقابل انتِ كمان هتساعديني في الخلاص من حمل بنتك وتوءمها الثلاثي..
امأت سناء برأسها وعينيها تلتمع بالشر قائلة:-
  - بالضبط..
  رفت بسمة صفراء على شفتي شاهي، وهي تهتف قائلة وعينيها التقطت تواجد ذاك الشاب مجددًا قريب جود الذي ما يزال يلاحقها ألى هنا:-
  - وأنا موافقه وهساعدك من دلوقت ومش هخلصك من طفل جود بس، انا هخلصك من جود نفسها بدون ما نكون في الصورة او يكون لينا دخل..
  انهت حديثها وهي تشير اليها بطرف عينيها على ذاك الشاب، فالتفتت سناء براسها لتراه، فوقع بصرها عليه، لكن سريعًا ما ازاحت بصرها عنه حينما صاحت بها شاهي حتى لا تلفت انتباهه، ثم تابعت حديثها تخبرها عن هويته قائلة:-
  - دا واحد من قرايب جود سبق وجاه لعندي يسألوا عليها وانا قمت باللازم وقولتلهم على اللي حصل بس ضفت شوية من عندي وهو أن اللي حصل مش خطا وأنه كان بأراداتها وخانت جوزها وحملت بطفل غير شرعي وهربت، وانتِ عارفه انهم صعايدة ودا معناه أيه عندهم، وبما انه بيراقبني فأحنا هنستغل دا وهأكد له كلامي على جود واتمنى يكون بالشخصية اللي رسمتها ليه وينجح مخططنا..
 
طالعتها سناء بانشداه تشيد بعقلها وخبث افكارها، وسريعًا ما هتفت متسائلة عن خطتها والتي تبسم محياها والتمعت عيناها وهي تستمع لخطتها التي تجعل الشيطان ينحني لها بل وسعت معها لتنفيذها، لكن تبقى عليها ايجاد الفتاتين والتي سوف يكونان البيدق في تلك اللعبة وينفذنا لهم خطتهما الدنيئة،  سم بصفه صفراء على محياه سناء وقد وجدت ما تبحث عنه شاهي ويتمثل  في احدى الممرضات التي بحثت عنها جيدًا سابقًا وكان برأسها خطة اخرى للتخلص من جود، لكن تلك أفضل مئة مرة ولن توجه أي شكًا نحوها، لذا هتفت قائلة:-
  - وأنا عندي البنت موجودة، ثواني هتصل عليها واطلب منها تشوف وحده كمان معاها ينفذوا اللي انتِ عايزه..
  وبالفعل اخرجت هاتفها وقامت بالاتصال بها لتأتي إليها في الحال وتجد فتاة اخرى تثق بها، فأعلمتها بمعرفتها بأحدهن تحتاج إلى المال الشديد وانها ستأتي بها في الحال..

وهكذا تكاتفت أيادي الشر مع بعضها  راغبين بتحقيق النصر،  لكن ترى سينتصر،  ام أن  الخير هو المنتصر دائمًا كما يقال!..

بعد دقائق كانت تنسحب سناء لرؤية الممرضات والاتفاق معهم على الخطة التي رسمتها شاهي،  بينما تبقت شاهي موضعها تحاول لفت نظر ذاك الشاب لها، حتى يستمر بمراقبتها وتقوده نحو غرفة جود، حينما تعطيها سناء اشارة البدء..
وهكذا بدء كلتهما ينفذنا ما اتفقنا عليه وتحركت شاهي نحو الموقع الماكث فيه سالم يتلصص عليها والذي توارى ما أن لمحها ولا يدري أنها من البداية تعلم بتواجده، وأنها أتت الى هنا تحديدًا حتى يتمكن من سماع ما تتفوه به،  وما أن تداركت انها بالموقع المناسب وان صوتها سيصل ألى  مسمعه، رفعت هاتفها واردفت قائلة وكأنها تحدث أحدهم عبر الاثير:-
  - ايوة أنا هنا بالمشفى كنا بنزور حد قريبنا واكتشفت أن الهانم مرات ابني هنا هي وعشيقها بعد ما عمل حادثة بيها وجابها عشان يطمن على اللي في بطنها، وقال هنا ان ابو الطفل بدون اي خجل تخيلي!، والممرضات هنا بيتكلموا عنها كلام مش كويس، فأول ما عرفت وسمعت كلامهم بعدت سليمان  عن هنا هو وآسر وقولت له إني هبقى شوية مع قريبتنا، عشان ما يعرفش بوجودها ويفقد اعصابه ويقرر يأذيها ويندم وتكون مصيبه..
  ثم صمتت قليلًا وأردفت قائلة:-
  - آه سألت الاستعلامات وعرفت انها بالأوضه رقم (..)
  وان عشيقها " أدم السيوفي" هو اللي دافع فلوس المشفى وطوال الوقت معاها..
وتظاهرت بالارتباك وهي تتحرك مبتعدة عن مجاله، 
ولم يخيب سالم ظنونها، فقد كان كما ظنت هي تمامًا عنه،  فهو اوهج متسرع، كلماتها اوقدت نيران غاشمه في داخله،  وسريعًا ما تحرك باحثًا عن مكان تلك الفاسقة التي حذت حذو عمتها ودنست شرفهما وألحقت بهم العار واقسم على قتلها بيديه قبل أن تنتشر فضيحتها...

بثت الأفعى سمومها ووقفت تبتسم بانتصار وعينيها تراقب نجاح خطتها الدنيئة للتخلص من تلك البريئة، والتي لم تسعى للتخلص منها من اجل تلك السناء فقط، سناء ترغب بالتخلص من الطفل بأحشائها، لكن هي تريد التخلص منها نهائيًا، فجود تشكل خطرًا عليها أيضًا بوجودها، آسر لن يتخلى عنها مطلقًا ما أذا نجحت سناء بأجهاض جنينها، لذا التخلص منها كليًا هو الحل الامثل لها..
وفي غمر انتشائها تذكرت وليدها والذي حينما تسألت عن مكان تواجده اخبرها أسر بوجوده بجانب غرفة جود وأعطاها رقمها بدون وعيًا منه، أنه يمنح الفرصة المناسبة 
لذا ضغطت اتصال على تيام مسرعة تخبره انها بالأسفل وترغب رؤيته، فأخبرها بقدومه في الحال، وترك موقعه أمام غرفة جود المرابط لها،  فزفرت هي بأرتياح لأبعاده وابقاءه بأمان حتى يتثنى لذاك الشخص اخذها والذهاب ...
ــــــــــ
كان سالم يتحرك باحثًا بملامح متجهمه وعينين ينبعث منها شرارات الغضب، يتوعد بداخله بالويل لتلك الفاسقة ما ان تقع يداه عليها..
اخرج هاتفه من جيب بنطاله وهاتف شقيقه جاسر
الذي كان يجلس بمكتبه يطالع بعض الاوراق حينما صدح رنين هاتفه، فأستمع ألى صوت شقيقه الغاضب وهو يهتف
قائلًا:-
  - اسمع يا اسر أنا عرفت مكان بنت عم ابوك،  الفاجرة اللي دنست شرفنا وهجيبها معايا دلوقت..
  انتفض جاسر من مجليه وهو يأردف سألًا:-
  - أنت  فين دلوقت يا سالم!.
  أجاب سالم قائلًا:-
  - أنا  في مشفى(...)  الفاجرة كانت مع تشيقها وعمل حادثه وجابها لهنا  عشان يطمئن على اللي في بطنها، وكمان بيفضحنا بكل حته بدون خشى او حياء..
  هتف جاسر قائلًا  وهو يتحرك للخارج:-
- طيب اهدى يا سالم وأنا  جاي لعندك ما تتصرف من دماغك بدوني،  أنا دقايق وهكون عندك...
تنهد سالم بضيق واردف قائلًا:-
  - ليه هو انا صغير اياك يا ولد ابوي مش هعرف اتصرف!..
  اجاب جاسر بمهادنه قائلًا:-
  - يا سالم الله يرضى عليك، أسمع الكلام أنا مش قصدي كده، أنا بس حابب أكون معاك..
  اجاب سالم قائلًا:-
  - حاضر يا جاسر بس ما تتأخرش..
وانهى المكالمة معه وقد وصل الى مقصده، فقد لمحت عيناه  رقم الغرفة المنشودة، الواقف أمامها ممرضتين
جعله ينتظر اجبارًا ذهابهما...

ما أن لمحت تواجده احدى الممرضتين الواقفتين، حتى تداركت انه هو المقصود من وصف ثيابه التي اخبرتها عنه سناء، فغمزت للأخرى لبدء الحديث، وأردفت قائلة:-
  - انتِ سمعتي عن اللي بيتقال في المشفى عن البنت اللي في الاوضه دي!..
اجابتها الاخرى بصوتًا مسموع اخترق إذني سالم بكلمات كانت كسهام ناريه زادته اشتعالًا، ليثور بركان غضبه ولا يتحكم به:-
  - آه  سمعت بيقولوا انها يعني استغفر الله حامل من رجل غير جوزها، وانها هربانة من جوزها وان اللي معاها دا هو عشيقها..
  هتفت الاخرى  تداول معها الحديث قائلة:-
  -  بصراحه انا ما شفتش بجاحه كده،  ولا كان حد هممهم طول الوقت معاها ولا كأنه زوجها.. صحيح اللي اختشوا ماتوا، بنات اخر زمن معدومة التربية، جايبه العار ليهم..
  - اردفت الاخرى قائلة:-
  -- اسكتي إحنا مالنا دي اعراض ناس، يلا بينا نمشى، زمان عشيقها راجع، دا بيدفع حساب المشفى وهيخدها ويخفوا من هنا..
تحدثت الأخرى قائلة:-
- معاكِ حق والله مالنا دعوة اصل اللي سمعتوا ان يعني عشيقها دا عنده سلطه كده ونفوذ ولا حد يقدر يقف قصاده وأخاف يتسبب في اذيتنا لو سمع كلامنا عنهم،  فيلا بينا من هنا وكويس أنهم هيمشوا من هنا..
ثم تحركنا مبتعدين عن الغرفة،  فلم يحتمل سالم ما اخترق مسامعه من كلمات جعلته يفقد لجام نفسه ويخطو نحو الغرفة ويندفع إلي الداخل ينتوي حل هذا الامر سريعًا، فلن ينتظر شقيقه..
فزعت جود الجالسة على فراشها من طريقة اقتحام ذاك الغريب للغرفة والذي وجه بصره نحوها بنظرات غاضبه
وهو يتحرك نحوها بخطوات مسرعة،  وقبل ان يتثنى لها سؤاله عن هويته، كان وصل الي فراشها،  وقبض على خصلاتها بشدة وشرار الحنق ينبعث من فاه وعيناه كالسيال قائلًا:-
- بقى انتِ اللي مرمطت شرفنا بالتراب،  قومي معايا من غير صوت بدل ما اخلص عليكِ هنا..
فزعت جود بشدة وارتجف جسدها ذعرًا، وسعر بالألم الشديد  الذي نتج عن قبضته على خصلاتها،  وتلعثمت قائلة:-
- أنت مين؟ وبتقول ايه!، انا مش فاهمه حاجه!..
فح من بين شفتي قائلًا:-
  - أنا  اللي هيغسل عارك بيده بعد ما مرمغتِ شرفه هو باقي عيلته بالتراب يا بنت ابن عم أبوي،  يلا فزي وقومي من غير صوت احسن لك
  ازداد الذعر المتجلي على ملامح جود، كما تضاعف المها وتوسلت أليه أن يتركها،  إلا أن  قبضته اشتدت على خصلاتها وهو يسحبها منها بقوة لتنهض، فتأوهت هي بشدة وازاد انسياب على العبرات على اخاديد وجهها،  وهي تناجي بداخلها أن  ينقذها أحدهم  من براثن هذا الغريب الغاضب الذي يأذيها وكادت أن تترجم ذعرها ومناجاتها بلسانه، الا أنه قبض بكفه على فاها يخرسها به وهو يرمقها بنظرة غاضة ومحذره أن تفعل، فانكمشت على ذاتها برعب، وبدا قلب يتوسل الانقاذ ..
وكأنه استمع ألى مناجاة قلبها، أو لعل قلبه المنقبض منذ الأمس والقلق الذي ينهش به من الداخل ولا يدرك ماهيته  هو ما جعله يذهب لرؤيتها ليطمئن عليها، ولم يرغب بالمجيء اليها خاويًا،  لذا احضر اليها بيديه بعض الحلوى لتأكلها،  فمن المؤكد لم تتناول شيئًا منذ الأمس بعد!..

زفر بضيق وهو يرى أمام  الغرفة خاويًا،  اذا هما بالداخل معها،  وحقًا لا يرغب برؤية هذا الآسر،  لكنه تحامل على ذاته وقرر الدخول من اجلها،  فطرق الباب بخفه وانتظر ان يُسمح له بالدخول..
ما أن أستمع سالم لطرقات الباب حتى شعر بالتوتر، فأخرج سلاحه المرافق الدائم له من خصره، ووجه اتجاه الباب الذي فُتح من قبل أدم لشعوره بالقلق ما ان لم يتلقى أجابه، فخشى ان يكون ذاك الاسر اخذها وذهب
لكنه صُدم ما أن فعل ودلف الغرفة، فوجد أحدهم ممسكًا بجود التي ترتجف ذعرًا بين يديه، والتي همهمت بأسمه بتلعثم ورعبًا قائلة:-
  - ادم الحقني
التقطت اذني سالم الاسم الذي نطقت به جود، فتدارك انه هو عشيقها، فأردف قائلًا وهو يوجه سلاحه اليه ويناظره بحقد وكرن:-  -
هو انت!، طيب أدخل بدون صوت واقفل الباب وراك، وإلا  هحسرك عليها هي واللي في بطنها..
تقافزت نبضات قلب ادم، وتوسلها الذي نزل كسوط. ملتهب على فؤاده، وطل شعوره بالخوف عليها في عيناه وهو يري مدى ذعرها،  فأزعن للأخر وأغلق الباب خلفه، وهتف متسألًا عن هويته وما يرغبه قائلًا:-
  انا نفذت اللي انت عايزه، ممكن تسيبها وتفهمني انت مين وعايز أيه!..
  قهقهته الساخرة صدحت بأنحاء الغرفة، وهو بجيب عليه قائلًا:-
  - اسيبها!، أنت مفكر إني هسيبها:، مستحيل، أنا هخدها وأمشي من هنا وأنت كمان هتيجي معانا..

غضب أدم بشدة وألمه قلبه بقوة لرؤية ذعرها ودموعها وهو مجددًا عاجزًا عن حمايتها، فهتف قائلًا:-
  - طيب فهمني بس أنت مين وأحنا هنتفاهم..
  أردف سالم قائلًا بنبرة خشنة، غاضبة:-
  - هتعرف كل شيء بوقته، بس مش هنا،  انا هخدها واتحرك وأنت قدامي ولو غلطت وفكرت تتهور، سلاحي هو اللي هيتكلم واخلصك منها، بهدوء كده هنطلع سوا بدون شوشرة..
  اماء له أدم بتوتر وعيناه تدرس الموقف، منتظرًا لحظه مناسبه فقط للانقضاض عليه ونزع سلاحه منه، لكن قلقه عليها يمنعه من المجازفة، لذا اماء له موافقًا..
صاح سالم بجود قائلًا دون ان يعتقها :-
  - امسحي دموعك الاول يلا..
   امأت له جود وبخوفًا رفعت اكمامها تزيل بها دمع عينيها من ثم هتف بها ان تتحرك بجواره، بينما أدم يتقدمهم، فمنح ادم جود نظرة مطمئنه وهتف قائلًا قبل ان ينفذ مطلبه:-
  - اهدي يا جود انا معاكِ ومش هسمح لحاجه تأذيكِ دا وعد مني، ثقي فيا..

اشتعل غضب سالم وهو ينصت له وتوعد لهم، فتلك الفاجرة وعشيقها حتى لا يخجلن ويستحقا أن تهدر دماءهم..
وبالفعل خضع ادم مجبرًا وتحرك للخارج بينما سالم يجاور جود وفوهة سلاحه مصوبه على خسرها ويخفيها بجسده
وهكذا تحركنا بتوتر في طرقات المشفى وصولًا للخارج، وادم يتمنى ان يلتقي بأيًا من ركان او نادر، وندم على اصراره عليهم بالمغادرة، لكنه اقسم بداخله أن لن يسمح بأذيتها مطلقًا، لكنه فقد ينتظر اللحظة المناسبة...
وقد نجح سالم بالخروج من المشفى بهدوء، لتكبيل أدم بخوفه على جود، واشار لهم باستمرار التحرك باتجاه السيارة
ــــ
لكن توقف السيارة التي بداخلها كلًا من سليمان وآسر  الذي وقع بصره على جود، فتغضن جبينه بالغضب من أدم وظنه يسعى لخطفها، فترجل مسرعًا من السيارة متوجهًا نحوهم بكل عنفوان،  وهو يصيح بأسمه  متوعدًا قائلًا:-
  - حقير وواطي ومصمم تاخد كل اللي يخصني، بس مش هسمح لك المرة دي..

وكاد أدم أن يتوقف لكن سالم صاح به ان يستمر بالتحرك مسرعًا نحو السيارة،  وعيناه تتلفت لرؤية من خلفهم..
استغل ادم توتره هذا والتفاتة وجهه ليبعد جود عنه ويتشابك معه وبالفعل تمكن من ازاحة جود ويده تقبض على السلاح الذي يحمله سالم..
صُدم آسر مما يحدث وحاول الاسراع بخطواته اتجاههم، لكن ما حدث كان مفاجئًا فقد تمكن سالم من الافلات من قبضة ادم بسلاحه، نظرًا لضخامة بنيته وفي لحظة توتر حسم سالم امره وقرر التخلص من الزنية وهو يعتقد أن آسر آتى وعثر عليهم ويريد القصاص، لكن هو اولى بعاره، وعليه غسله بيديه، وهكذا صوب سلاحه على جود التي ترتجف خوفًا وهي تناظر ما يحدث، الى أن اغمضت عينيها منتظرة النهاية حينما وقع بصرها على سلاحه المصوب نحوها فهمست بالشهادة معتقدة أن الموت مؤكدًا..
لكن ما حدث بعدها كان سريعًا، فما أن رأى أدم سلاح سالم المصوب على جود وأنامله تضغط على الزناد، وكان يقف حائلًا بين جود وسالم،  يضمها أليه ويحنيها بجسده لتخترق الطلقة جسده هو بدلًا منها ويسقط نازفًا لدمائه وهو ما يزال يكبلها بين ذراعيه ليجثم فوقها، يخفي جسدها الصغير بجسده الضخم، حتى لا تصاب لو اطلق احدى الرصاصات مجددًا ألى أن يتدخل أحد...
لوهلة صعق سالم لأصابة هذا الرجل بدلًا من تلك الزانية، لكن في اللحظة التالية استحسن اصابته وبالفعل رغب بالإطلاق عليها لتلحق به، لكن جسد ادم منعه عن اطلاق النيران، وايضًا آسر الذي يتحرك صوبه وسائق سيارتهم ومن خلفه والده، والجمع الذي بدء يتجمهر جعله يلجأ للهرب مسرعًا، مما جعل سائق سليمان يلحق به..

لم تستعب جود ما حدث، في الثانية الأولى كانت تستعد  للموت وفي الثانية التاليه شعرت بجسد يحتويها ويسقط فوقها، أفرجت عينيها بجزع، وما زالت لم تستعب شيء ولا تدرك هوية من يجثم فوقها، لكن قلبها بدأ يطرق بشدة في عظام صدرها، وأنفاسها تناغمت مع هدره، ورائحة ألفتها تزحف اليها، جعلت كيانها يهتز كله وجلًا..
ومجددًا تحمل على ذاته وحاول إزاحة جسده عنها، لكنه لم يستطع، حتى آت  كلًا من اسر وسليمان مسرعين وساهما  في تحريك جسده وابعاده عن جود، التي بدأ يكتنفها الادراك الصاعق لهوية المتأذي، حينما هرع إليها اسرع وساعدها على النهوض،  واطمأن على سلامتها، ثم وجه بصره نحو أدم الغارق بدمائه وانحنى بجسده يقيس نبضه، فوجده مازال غلى قيد الحياة، فأسرع بالتوجه للمشفى يستدعي احد الاطباء..

ما أن اعتدلت جود، حتى وقع بصرها على جسد أدم الغارق بدمائه، وكانت رؤيتها له كخمد السكين بقلبها، فهناك ألم قاسي اجتاح قلبها وتجلى  على ملامحها وانسابت العبرات تشق طريقها على اخاديد وجهها، فتحركت زاحفه تلك المسافة القليلة الفاصلة بينهم وعيناه تلتقط شحوب وجهه، فازداد الالم المتجلي على ملامحها وغامت عيناها بالحزن والاسى حتى انتبهت الى رفرفت عينه وتمتمته بكلمات التقطها أذنيها وهو اسمها، فأسرعت تجذب وجهه وهي تهتف قائلة من بين نحيبها:-
  -  أنا هنا يا أدم، أنا هنا، اطمن انت هتكون بخير..
  بينما هو ابتسم بشحوب لها وهو يهتف قائلًا:-
  - مش مهم اني بخير، المهم انكم بخير واني وفيت بوعدي ليكِ جود، حمايتك انتِ وابني..
  قالها ويداه ترتفع تلقائيًا حيث معدتها، وكأنه يمسد على طفله، الذي ربما لن تتيح له رؤيته، فاستطرد قائلًا وهو يشعر ان تلك هي النهاية المحتومة له:-
  - اهتمي بأبننا وحفظي عليه واحكي له عني، اوعي تمحيني من حياته، كان نفسي اموت بعد ما امنحه كل حقوقه واسمي، بس دا قدري وأنا راضي مادام انتم بخير..
وتلك اخر كلماته لها، وهو يعتقد انه ربما هي النهاية الأمثل له ولهم أن يختفي نهائيًا من هذا العالم، وهكذا اسدلت جفونه ستائرها على عيناه مستسلمً لشبح الموت الذي يحوم حوله،  وقد خفتت تدريجيًا نبضات قلبه ألى أن تلاشت معلنة نهاية الحكاية، أو ربما هي فقط البداية، وهكذا تغيرت حياة الجميع بعدها ألى أن مر سبعة وعشرون عامًا، ألى هذا اليوم تحديدًا الذي أروي لك فيه كامل الحكاية، حكاية رسمها لنا القدر فأتبعناه مسيرين وها هو يتلاعب بنا مجددًا، يتمرد علينا راغبًا في جمع قلبين لا يفترض بهم أن يتحبا...

#النهاية
وإلى اللقاء في جزء جديد بعنوان
# سيال_العشق

Continue Reading

You'll Also Like

1.2M 55.9K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝
24.3M 1.5M 52
حياةٌ اعيشها يسودها البرود النظرات تحاوطني أواجهُها بـ صمود نظراتٌ مُترفة .. أعينٌ هائمة ، عاشقة ، مُستغلة ، عازفة ! معاشٌ فاخر ، صوتٌ جاهِـر اذاق...
3.2M 147K 78
ـ #بحر العشق المالح فى بحر العشق نحن تائهان بين الامواج، لا تقاومي، دعينا نسبح ضد التيار بالنهايه نغرق من فرط العشق ونذوب مثل الزبد في بحرالعشق ال...
224K 10K 40
_هلي أحن أليكم ثم أتذكر أنكم ظلمتوني فأصمت وجعآ _ماكنت أحسب هلي يرجون لي ألمآ لاكن رموني بسهمآ هد أركاني *********** _هل انته عوضي عن كل أحساس وحش حس...