"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتم...

By dina_aladwy

1.5M 45.5K 6.6K

قدري كان لقياكِ وقلبي لكِ كان بالانتظار ظننت قبلك عرفت الهوي ولكن فيكِ عرفت العشق، الجنون، والهوس خطأ جمعن... More

الشخصيات
إعلان
حلم أم حقيقه
توضيح
توضيح
تنبيه هام، الروايه حاليًا بيتكتب البارت الاول
البارت الاول
البارت الثاني
البارت الثالث
البارت الرابع
هام
هام
البارت الخامس
البارت السادس
البارت السابع
البارت الثامن
البارت التاسع
البارت العاشر
اقتباس
اقتباس
تنوية
مين البارت مش بيحمل معاه؟
البارت الحادي عشر
اقتباس
تنوية
البارت الثاني عشر
اقتباس
البارت الثالث عشر
💔💔
اقتباس + موعد التنزيل
البارت الرابع عشر
اقتباس
البارت الخامس عشر
تنويه +مشهد +سؤال
اقتباس من البارت القادم
اعتذار + موعد البارت
البارت السادس عشر
اقتباس + الموعد
البارت السابع غشر
تنويه
الموعد + اقتباس
البارت الثامن عشر
ملحوظه + ميعاد النشر
البارت التاسع عشر
اقتباس
اقتباس تاني
البارت العشرون
تنوية هام
البارت الحادي والعشرون
اقتباس
اعتذار+ اقتباس+موعد النشر
البارت الثاني والعشرون
اقتباس من البارت الثاني والعشرون
البارت الثالث والعشرون
اعتذار
البارت الرابع والعشرون
البارت الخامس والعشرون
اقتباس
البارت السادس والعشرون
اقتباس +الموعد
البارت السابع والعشرون
تنويه
البارت الثامن وعشرون
اقتباس متقدم
اقتباس
اعتذار
البارت التاسع والعشرون
اقتباس واستطلاع
البارت الثلاثون
اقتباس رومانسي
البارت الحادي والثلاثون
اقتباس متقدم
البارت الثاني والثلاثون
البارت الثالث والثلاثون
اعتذار
البارت الخامس والثلاثون
هام وياريت الكل يشارك برأيه
البارت السادس والثلاثون
#اقتباس
البارت السابع والثلاثون
تنوية + موعد النشر
البارت الثامن والثلاثون
اقتباس
البارت التاسع والثلاثون
البارت الاربعون
اعتذار
البارت الواحد والأربعون
توضيح
اقتباس
تنويه وميعاد البارت
البارت الثاني والاربعون
اقتباس النهاية
البارت الاخير والى اللقاء بالجزء الثاني #سيال_العشق
اقتباس ل (ادم وجود) ما تزعلوش
تنوية هام
اقتباس
نيران من عشق
إعلان هام
اعلان واقتباس
أعلان
اقتباس من رواية المعرض
مين فاكر الدكتورة هالة صاحبة جود

البارت الرابع والثلاثون

13.5K 672 57
By dina_aladwy

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الرابع والثلاثون
🌺🌺

اتعدني؟
اتعدني بالبقاء.. وإلا تفكر يومًا بالفراق
ان تكون شمسًا تشرق بالآفاق
وبالليل تتلألأ بالسماء، تنير عتمة روحي
فأهتدي بك وأليك ولا أخشى الضلال
اتعدني بأن تكون دومًا بالجوار، تأتي حينما أليك أحتاج
وان تكون لي الأمان، فأغمض أجفاني باطمئنان 
عدني وبحبك سأمن وأربط بك روحي وامنحك مقاليد قلبي،
لكن أرفق بحالي وبالحب اغمر وجداني ولا تستبح نسياني
وتتركني للشوق يبعثرني ونيرانه تحرقني...
**
من خلف أكوام الضباب، وسماء طمستها الغُمام، ولدتها رياح النفاق والخذلان، وزمجرة العواصف العاتية الجوفاء، التي احدثت بقلبي الخراب، أطللت أنت كشمسًا بهرت بالسماء، 
فشاع دفئك وتسرب بين الطيات، يلج للأعماق، حيث موقع الاعصار، يصارعه حتى الانتصار، طاردًا جحافل بقايا الماضي السوداء، نابشًا عن بُرعم أمل يرنو للازدهار،  فيسلط عليه دفئه حتى ينمو ويتشعب معمرًا لما سبق وكان خراب..

رجمها ركان بجمر الكلمات، التي سربت القلق بين الطيات،  فارتسم الذعر على السيماء وأهتز داخلها وجلًا عليه،  وبعد لحظات من التيه،  كانت قد حسمت أمرها وحملت طفلها الغافي وصعدت به ألى شقته، وقلبها يطرق بعظام صدرها بقوة حتى كاد أن يحطمها من حدة مشاعره في تلك اللحظة،  كانت تلهث وكأنها تعدو لأميال،  فالخوف عليه كان كوحشًا ضاري ينهش بها، فقد رسم خيالها صورة له غارقًا بالدماء لا تتفك إلا وترجم مخيلتها، فيهلع قلبها..
استمرت العبرات بالانسياب من مقلتيها تشق طريقها على أخاديد وجهها ألى أن وقفت امام الباب وضغطت على جرس الرنين...
كان رحيم ما يزال على الأريكة متسطحًا،  يشعر بألم طفيف، لا قدره له على تحريك كتفه المصاب، حتى استمع الى الرنين،  ظن أن  ركان قد عاد من جديد،  نهض متأوهًا وتوجه نحو الباب قائلًا بينما يقوم بفتحه:-
- إيه اللي رجعك تاني ـــــــــ
توقفت الكلمات بحلقه وتصنم بانشداه وهو يراها أمامه بوجهًا شاحب وعينين تلتمع بالعبرات،  تحمل صغيرها بين يديها، فهاله مظهرها وارتسم الهلع على محياه بينما يجتاح جسده رعشة قلق، استشعر فيها الاحساس بشيء سيء وأن هناك مكروه قد أصاب صغيره،  فأردف بنبره قلقه قائلًا:- 
  - خير عمران فيه حاجه! هو تعبان!..
كانت نظرات عينيها تصوبها عليه بقلق جمّ،  تتفحصانه بقلب يأن منتظر الاطمئنان، الى ان التقطت انظارها موضع اصابة كتفه، فشعرت بغصة مسننه به، وازداد انسياب الدمعات، ألى أن  انتبهت لحديثه لها،  فأمأت برأسها رافضه، جن جنونه لرؤية الدمع بعينيها، فهدر بنبرة مغلفه بالقلق::
- طيب فيكِ إيه!،  انتِ اللي تعبانة!،  حصل حاجه..
أمأت براسها له همسه بنبرة صوتها الحزين المغلف بالوجع :-
- أنت اتصبت، انت اللي بخير!، ليه ما قولتليش!..
اتسعت عيناه دهشه، بينما انتفض قلبه كطائر جسور هادر ليضرب بعظام صدره بقوه، وعقله لا يستعب أن حالتها هذه من اجله هو!، هل خشيت عليه حقًا،  هل هدرت تلك الألاء  وجلًا وقلقًا، لم يجيب بل استمر ينظر لها بعشق يطوف بين اغصان كيانه، فقد اهتز داخله في تلك اللحظة وشعر وكأنه يلامس عنان السماء، ظل هكذا خاضعًا لسحر تلك اللحظة وتأثيرها على قلبه، حتى انتزعه منها صوت نحيبها الذي تألم له، وطل بعينيه التأثر لحزنها، فأردف محاول تهدئتها وانتشالها من بؤرة حزنها قائلًا:-
  - اهدي يا ساره انا كويس..
لم يهدأ نحيبها الخافت، بل تحولت الدموع الى شلالات هادره ونحيبها الصامت الى شهقات متتالية وقد اكتنفها الادراك انها لا يمكنها فقدانه، وكأن لوجوده مجرى الحياه بروحها التي تأن ألمًا، وبدأ قلبها يحيك ندمًا وكل ما اقترفته بحقه بات وجعًا يدب بعروقها ويستبيح دمائها..
حزنها وانهيارها كان يشتته ويؤلمه إلا انه كان يدغدغ شيئًا بداخله وهو يدرك أنه وجلًا عليه،  وجلًا نتج عن شعورها اتجاهه،  شعور تمنى ان يكتنف قلبها له،  هنا وادرك أنه نجح في مسعاه وغرس بقلبها حبه،  يا الله ساره أحبته.. تحبه
بريق مختلف يلتمع بعينيه لأول مره تأثرًا بشذى تلك الكلمة
لينهرهه قلبه على تركه لها تتألم فمد يديه محاولًا اخذ الصغير منها وطمأنتها،  إلا أن تحركه المباغت جعله يجعد جبينه متألم دون أن يتأوه حتى لا يزيد حزنها مصممًا على اجتذاب الصغير منها،  لكنها تنبهت والتقطت عيناها ذاك التشنج المتألم فكان لتألمه ذات الاثر لقلبها، فتجاهلته وخطت الى الداخل باتجاه غرفة الاطفال تحت نظراته المنشدهه بفعلتها تلك..
وضعت الصغير على الفراش ودثرته، ومازالت عين السماء، خاصتها تهطل عبراتها على اخاديد وجهها الجفاء، بينما هو كان تحرك خلفها الى أن وقف على اعتاب الغرفة يراقبها مبعثرًا المشاعر،  رفعت وجهها نحوه تطالعه بنظرة مختلفة تقطر حبًا فاض وانسكب مع عبراتها، احساسًا جديدًا يغزوها تولد من ازمة أصابته وخوف فقده..
نظرتها تلك اخترقته، وأربدت كيانه،  وجد ذاته ينساق لها وقد إنهال أمام دموعها،  وقف أمامها بأنامل مرتجفة، راغبه بإزالة الدمعات المالحة من على وجنتيها،  لكن لم يحق له بعد ذلك، وخشى أن يغضب الله بها بأقل الافعال، حتى ولو بلمسه قصد بها مواساتها، إلا انه مدرك أنها ستأثره وتفتنه وتنتج عواصف هوجاء بقلبه، لذا تراجع وهمس قائلًا محاولًا بث الاطمئنان بقلبها:-
  - انا بخير يا سارة قدامك أهو ليه الدموع دي!..
أردفت بنبره ملتاعة قائلًة من بين نشيجها:-
  - كان ممكن نخسرك انا وعمران يا رحيم،  كان ممكن فجأه نكون لوحدنا من غيرك،  مش قادره اتصور أن ممكن ما تكونش بحياتنا تاني...
  يا الله هل ساره هي من نطقت بتلك الكلمات التي كان صداها بالقلب عاليًا،  كم ود لو كانت حلاله الأن لكان ضمها ألى صدره بقوة واخذ يعبر لها عن شعوره الأن بأكثر الطرق تحببًا لقلبه،  كانت شفتاه ستعمل على أغدقاها بكل ألوان العشق، لكن لا يحق له حتى مجرد الفكر، لذا لم يجد إلا المواساة بالكلمات قائلًا:-
  - وأنا موجود أهو يا ساره وبخير،  دا مجرد جرح سطحي،  ما يستحقش حالتك ودموعك دي...
إلا أنها أجابته بما جعل الكبول تقرع بقلبه،  حينما اجابت من بين نشيجها قائلة:-
  - أنت تستحق كل حاجه حلوه في الحياه يا رحيم..
 
هل هو حقًا على قيد الحياه الأن، أما أنه مات وبالجنة،  أو ربما هو يهلوس الأن تأثيرًا بجراحه وبالدواء، هل يستمع لتلك الكلمات منها هي سارة الجفاء، التي لطالما رجمته بجمر الكلمات، تغدقه بكل تلك العاطفة، ارتسمت ابتسامه صادقه على محياها مأردفًا:-
  - وانتِ كل حاجه حلوة أنا عايزها يا سارة..
  تخضبت وجنتيها بالحمرة وارتجف نابضها وتراقص بصدرها، وأشاحت بوجهها عنه لثوانًا قبل أن تتهرب قائلة::-
  - أنت تعبان ولازم ترتاح،  ادخل أنت اوضتك وأنا هروح المطبخ اعملك حاجه سريعة تآكلها..
  انهت حديثها وهي تتحرك مبتعدة باتجاه المطبخ مهروله بارتباك،  لترتسم بسمه واسعه على شدقتيه ويرفع رأسه يمسد بها خصلاته بسعادة طغت على وجع جرحه،  فتناسه وقرر التوجه خلفها نحو المطبخ واستغلال تلك اللحظة النادرة بينهما في تأملها والبقاء بجوارها....
***
دلفت الى المطبخ، ويداها على قلبها المتسارع الخفقات،  لعلها تحاول التهدئة من احتدام مشاعرها الأن وبسمه خافته تتسع رويدًا رويدًا،  حتى استمعت لصوته من خلفها قائلًا:-
  - أرتاح ايه!،  انا قاعد هنا في المطبخ معاكِ..
  استدارت له تبدي اعتراضها قائلة: -
  - لا يا رخيم ادخل اوضتك ارتاح..
  أماء براسه نافيًا وافترقت شفاه عن بسمه رجولية واسبل عينيه متغزلا واردف بنبرة صوتً رخيم:-
  - انا راحتي مكان ما انتِ موجوده، بلقى سعادتي واطمئنان روحي...
صمت دام لثوانًا عقب كلماته التي تزرع بقلبها ورود يفوح عطرها فينسيها عفن ما خيم على ماضيها، حتى قطعه هو قائلًا بعد تنهيدة مثقله:-
  - ثم أنا عايز اتكلم معاكِ بخصوص موضوع وفاء، لازم اوضح لك كل حاجه..
  ألا أنها أمأت برأسها رافضه، واردفت قائلة:-
  - مفيش داعي يا رحيم وفاء وضحت لي كل حاجه قبل ما تمشي...
  اكفهرت ملامحه وقد غزاه الضيق، واردف قائلًا بنبرة صوت اجش:-
  - يعني أنتِ هنا دلوقت عشان بس وفاء وضحت لك الحقيقة واكتشفتِ أن كالعادة بتحكمي من غير ما تسمعي وتقرري تبعدي، طيب ولو ما كانت وفاء حكيت لك يا ساره، كنتِ هتتأثري بحالتي بردك ولا كان ممكن وقتها ما تهتمي بحالتي ولا باللي جرالي، ما هو انا كنت في عينيكِ الراجل الخاين اللي قلبه اسود تمام شبهم ويمكن كمان تقولي ان ربنا انتقم لك مني.
غضب غير مبرر اكتنفه، جعله يتفوه بتلك الكلمات، ربما كان عليه عدم قولها وتجاهل الالم الطفيف الذي شعر به لكونها لم تعطه فرصه للتبرير واوصلت الحال بينهم الى ما كان، بينما جلست مع الاخرى واستمعت لها وصدقتها، على غراره هو  الذي سعى للتوضيح لها، لكنه اراد تعنيفها، قاصدًا بحديثه هذا تأنيبها حتى تتعلم أن تثق به وتستمع له اولًا قبل ان تصدر حكمها، لكنه بالغ في اخر كلماته ما كان عليه قولها، وخاصة لأدراكه الأن  في تلك اللحظة أنها احبته وان ردت فعلها كانت ناتجه عن غيرة  أوقدت بقلبها كما اخبره رحيم وقد اتضح انه صدق.
طلت بعينيه أطياف الندم على ما قاله، خاصة حينما صدرت منها شهقة منفلته، وقد برقت عينيها ببريق صدمه طاحت بها الألم رافضه لكلماته المجحفة تلك بحقها، إلا أنه تحكم بمشاعره قائلًا:-
  - أنا هروح أرتاح اوضتي أرتاح
  وتحرك مغادرًا، تاركًا اياها تتخبط نادمه لعدم استماعها له سابقًا بل ورجمه بقسوة كلماتها الحمقاء التي ألمت قلبه وجعلت يظن بها ما قال، للحظات بقيت موضعها، قبل ان يكتنفها الاصرار لمحادثته، وتحركت خلفه..
**
دلف هو ألى غرفته، وقد بدأ شعور ألم كتفه يداهمه، تحرك صوب الخزانة يخرج احد القمصان له، حتى يتخلص من ذاك الذي يرتديه، وبدأ بمحاولة فك آسر ازرار قميصه بأنامل ذراعه اليسرى الغير مصابه، حينها كانت هي تتجه نحو الغرفة المنفرج بابها، تقتحمها بقرار التوضيح له، ولم تنتبه لما يفعله، فقد كان ظهره لها، إلا انها تصنمت موضعها حينما وجدته ينزع كم قميصه عن ذراعه السليمة، شهقت بخجل    واستدارت تنوي المغادرة، إلا أن تأوه صدر منه وهو يلتفت لها مباغته وهو يعافر محاولًا اخراج ذراعه المصابة من الدعامة المعلقة برقبته منعها من المتابعة، وجعلها تستدير نحوه بهلع قائلة:-
  - رحيم انت كويس بتتوجع..
  اردف قائلًا بنزق وقد امتعضت ملامحه وبدى عليها الشعور بالألم:-
  - عايز اخلع القميص وألبس غيره ومش عارف من ذراعي

استمعت لكلماته عن معاناته تلك وهي تشيح وجهها عنه بخجل، وترددت لثوانًا، قبل ان تحزم أمرها بالدلوف ومساعدته، خطت الى الداخل بخطوات بطيئة، مرتبكه قائلة بتلعثم:-
  - طيب أنا ممكن أساعدك
  ترققت ملامح رحيم وغمرته مشاعر عابثه فأماء لها برأسه، تقدمت هي نحوه بوجهًا تصبغ بحمرة الخجل ورفعت ذراعيها وبدأت تتعامل مع داعمة ذراعيه بحرص، تخلص ذراعه منه وبرفق قامت بنزع القميص عنه، دون مقدره على رفع وجهها له، تكاد تموت من الخجل خاصةٍ لبقائه امامها عاري الصدر، التفت تجذب القميص الموضوع على الفراش، بتروي بدأت تساعده على ارتداءه، الجهة المصابة اولًا يليها الأخرى، وقلبها تتعالى نبضاته وانفاسها تتهافت كمن تعدو بسباق المارثون، تأثرًا بتلك اللحظة،..
بينما هو تعلقت عيناه به يراقبها وهي تطوقه باهتمام بالغ وحنان وحرص لعدم ايلامه، فانسكب ليصل إلى قلبه،
ظل يراقبها باستمتاع ومشاعر جمّ تختلجه كلما لامست اناملها بشرته، فتأجج نيران مستعرة.
شرد بها حتى انتبه لابتعادها ظنًا منها انها انتهت،  فافترقت شفتاه عن ابتسامه رجولية متلاعبه وأردف قائلًا بمكر لمنعها من الذهاب:-
  - ساره لو سمحت لسه الزراير، صعب اعملهم لوحدي..
امأت له بخجل وتقدمت بأنامل مرتجفة لغلق ازرار قميصه 
بينما هو يراقبها مستمتعًا بخجلها وارتجافه يديها الى أن انتهت قائلة بخجل:-
  - انا خلصت
  - اماء لها بعينين تلمعان بالعشق لها، وبسمه راغبه بالارتسام والتغاضي عن قراره بأظهار بعضًا من الغضب، ألى أن اردفت قائلة باضطراب:-
-  أنا عارفه اني غلطت لما ما اسمعتكش بس عمري يا رحيم ما كانت اصابتك هتسعدني لأن عمري ما تمنيت ليك شر.. 
تجلى الحزن في نبرته وهو يهتف قائلًا:-
  - وأنا اسف يا سارة ما  كنتش بقصد اخر كلامي، عارف انك عمرك ما تفرحي لأصابتي، بس انعدم ثقتك ليا وكلامك معايا جرحني وانك تسمعي لوفاء الغريبة عنك وتصدقيها وترفضي تسمعيني عصبني منك

ناظرته بصمت ساد لوهله قبل ان تأردف بنبره مهتزة تبيح له بعلتها قائلة:-
انا عارفه ان ليك حق تزعل مني، واننا غبيه ومقدرتش افهمك او تقدر تقول معقده من كل اللي عيشته، أنا مفيش حد حبيته ووثقت فيه إلا ما خدعني،  عشان كده قررت احمي قلبي من الوجع بأني أموت مشاعره، وأبعد واجرح أي حد يحاول يرجع احساسه، وما اخدتش بالي اني كنت بجرح وببعد اكثر انسان ممكن يداويه ويشفي جروحه.
كلماتها لمست قلبه وانعشت نبضه، وهو يستمع أليها بعيننا تلتمع بالحب والسعادة،  مندهش من سارة التي أمامه وسيل اعترافاتها المتتالية لليوم،  والذي ربما ما كان لولا حادثته التي انبهتها بما يكن قلبها له والذي جعلته يفكر اكثر ويخشى مستقبلهما ان ما اصابه مكروه،  وتأكد اليوم أن ما من شر يصيب الانسان الا وخلفه خير،  وخيره كان فيها هي ونيل ما رغب سماعه،  لذا ابتسم بصدق ورضا قائلًا مطمئنًا:-
  - وأنا بوعدك ان عمري ما هخذلك يا سارة،  وهكون ليكِ الاب والاخ والسند قبل ما أكون  الزوج...
  تبسم محياها وهي تطالعه بحبًا يفيض من عينيها،  وهي تنوي التشبث بسعادتها برفقته،  بينما هو شقت ثغره ابتسامه حالمة، وهو يري حياته بعينيها، يري أملًا  أن هناك آتٍ معاها،  مشاعر فياضه سيبوح بها لها في وقتها وسيتلقاها منها بالمقابل، سوف يشاركها بالكثير مما يتمنى مشاركتها به، لكن ليس الأن  فقط عليه أن ينتظر..
توتر الهواء المشحون بأنفسهم من حولهم،  فانتبهت ساره لتواجدها الخاطئ هنا،  فأسرعت تتحرك قائلة:-
- ارتاح انت على ما اعمل الاكل..
انهت كلامها واختفت من امامه، لتتسع ابتسامته وهو يطالع اثرها قائلًا موبخًا لذاته بعبث:-
-بيعجبني فيا اني حازم اوي وبتمسك بكلمتي وما بتراجعش عنها قدامها،  وبقدر اقوم اغرائها لقلبي ودقاته
وانفذ عقابي ليها...
لتصدح منه قهقهه رجولية ساخرة على حاله،  ويتمدد على الفراش قائلًا بنفاذ صبر:-
- هي العدة دي هتخلص امتى،  الواحد خلاص صبره نفذ..
صمت للحظات وقال بصوتًا متجهم:-
- مؤذي وهو عايش ومؤذي وهو ميت....  
***
فتح الباب ودلف الي الغرفة، ليجدها جالسه على الأريكة تستند براسها على ذراعيها المستند بدوره على الأريكة وبدى عليها الملل..
لمعت عيناها ما أن رأته أمامها،  ونهضت من على الأريكة،  تتقدم بخطواتها نحوه بابتسامه مرتسمه على ثغرها قائلة:-
  - واخيرًا جيت هو دا اللي مش هتتأخر!..
ارتسمت ابتسامه تلقائيه على شفتيه من طريقتها بالحديث التي يا للغرابة استطابها واردف قائلًا:-
  - كان عندي شغل كتير وحولت اخلصه بسرعه وارجع، يادوب لسه واصل البيت من شويه، وقولت اطمن عليكي..
توسعت ابتسامتها قائلة:-
  - بص انا كويسه، بس مش كويسه اوي يعني..
  جعد جبينه بعدم استيعاب قائلًا:-
  - كويسه بس مش اوي ازاي يعني
  اردفت قائلة وهي تعدل خصلاتها خلف اذنيها :-
  - البيت دا ممل أوي، وأنا قاعده هنا لما زهقت...
  شقت ابتسامه رجولية شفاه واردف مرددًا لكلماتها قائلًا:-
  - ممل أوي!، وزهقتي!..
  امأت برأسها له عدة مرات قائلة:-
  - جدًا جدًا يا ادم
  أزاح تلك البسمه التي ما لبست الا ثانيه واختفت واردف بجديه تتلاشى مجبره في حضرتها واردف متسائلًا بنبره ساخرة، ظنًا منه انها تطالب بالخروج والتنزه مثلًا..
  - طيب وحضرة جود هانم لما بتحب تتسلى وتقضي وقت مش ممل كانت بتعمل إيه!..
لم تنتبه لسخريته، بل ظنته سؤالا عاديًا  وشردت ملامحها بحزنًا وهي تتذكر أيامها بمنزلها الحبيب قائلة بينما تلملم خصلاتها فوق راسها:-
  - كنت بقضي الوقت في الجنينة في بيتنا دايمًا بهتم بالزرع وباباي يقرا لي كتاب أو اعزف على البيانو أنا وهو
أو في المطبخ مع الدادة نجرب وصفة جديدة...
طلت اطياف الدهشة من عينيه لحديثها الذي خالف توقعاته وأردف متسائلًا:-
  - يعني دا كان المسلي بيومك يا جود، ولا دا في بعض الأيام مثلًا..
اجابته بتلقائيه قائلة:-
  - لأ طبعًا اجمل أيامي كانت يوم الخميس، لأن بقضيه برا البيت..
  زادت دهشته وهو يستمع لها تستطرد قائلة:-
  - كان دادي بياخدني نعمل شوبينج وبعدين نروح السينما نتفرج على فيلم جديد ونأكل ايس كريم وبعدين نرجع البيت...
لما يشعر أنه يحادث طفله في العاشرة من عمرها وليس انثى ناضجه، كل ما تقوله يفرح صغيره وليس مراهقة
تطلع بها بنظره شارده متأمله وقد بدق يتضح له معالم حياتها قبل ان يتابع سؤاله لها قائلًا:-
  - يعني افهم من كده انك كنتي بتقضي كل ايامك في البيت معادا يوم الخميس اللي بتخرجي فيه مع باباكي بس، يعني مفيش اصحاب تخرجي معاهم وكده..
  امات برأسها قائلة ببراءة وتلقائيه:-
  - لا كنت بروح اوقات مع الدادة الدير..
  توسع بؤبؤ عينه دهشه وهمهم مرددًا:-
  - الدير!..
  اجابته قائلة:-
  - اممم الدير، لأن الدادة بالأصل كانت راهبه وعايشه فيه قبل ما بابا يجيبها تعيش معايا وتهتم بيا وأوقات كنت بكون معها لما قرايبها يزورها كان باباي بيسمحلي اقضي وقتي معاها وكان من اسعد أوقاتي..
  معلومات مفاجئة مصدمه له حول حياتها الغامضة له،  نقيضه لظنونه بها، تفاجئه واحده تلو الأخرى، تجعله راغب بمعرفة المزيد حولها، إلا انها منعت تساؤله حينما اردفت قائله بتساؤل:-
  - أدم أنت لسه جاي وجيت على هنا على طوال زي ما قولت صح!..
  اماء لها مؤكدًا فعبست ملامحها واردفت قائلة:-
  - معنى كده أن أنت ما أكلتش حتى لسه...
  لمعت عيناه ببريق غريب عليه من سؤالها المباغت له، والغير متوقع والذي لم يعتاد عليه، بينما تتابع هي قائله:-
  - وقولت لي ان كان عندك شغل كتير وخلصته بسرعه عشان تيجي، يعني تعبان ومرهق، وأنا هنا بتكلم معاك وأنت لا أكلت ولا حتى ارتحت، فأتفضل يلا كُل وارتاح وبعدين نتكلم..
هدر القلب نبضه من هذا الاهتمام المفاجئ الذي يحظى به وأردف قائلًا بنبرة صوت رخيم متأثر:-
  - طيب هروح  بس مش لما تشوفي المفاجأة اللي حضرتها لك الأول ولا مش حابه تشوفيها...
  اجابته قائلة:-
  - هشوفها بعدين، مش هتهرب يعني، المهم تروح انتي تاكل وترتاح شويه، اكيد تعبت في الجامعة وانت بتشرح للطلاب.
ابتسم  لها قائلًا:-
  - بس أنا ما كنتش في الجامعة انا النهاردة كنت بالشرمة يا جود..
  - ناظرته بأعين طل الحيرة بها والتساؤل الصامت، فأوضح قائلًا:-
  -أنا رئيس مجلس ادارة شركات السيوفي بتاع العيلة، انما الجامعة انا بروحها يومين او ثلاثة بالأسبوع لأني بعشق التدريس، بس شغلي الأساسي هو ادارة الشركات..
امأت متفهمه قائلة:-
  - أوفف اكيد أنت بتتعب جامد، عارفه أن شغل الإدارة بيكون مرهق وكله قلق وتوتر ودايمًا باباي كان بيجي مرهق وما اكلش حاجه من ضغط الشغل ، ف يلا روح كُل وارتاح شويه وأنا هنا مستنياك..
  اماء لها ببسمه لحديثها معه ونبرتها المهتمة الحانية والتي اربكته وجعلته يرغب حقًا بالهرب من تأثره،  فأردف قائلًا:-   
  - طيب حاضر  أنا هروح ..
  وتحرك مغادرًا الغرفة وبقلبه ثمة شيء قد تغير ، لم يستطع منعه وقد بدأت مشاعره تنساق لها مجبره لا مخيره،  تحرك نحو غرفته وولج إليها وبدأ ينزع عنه ثيابه ويخرج اخرى من الخزانة واستبدالها بأخرى مريحه، ثم خرج من الغرفة ما ان انتهى وهبط الدرج ألى الأسفل فتقدمت منه الخادمة قائلة:-
  - احضر الاكل لحضرتك
  أماء لها أد قائلًا:-
- وكمان حضري الاكل ل ركان والطفلة اللي معاه وطلعوا لعندهم فوق،
امأت له وتحركت نحو المطبخ لتعده، بينما هو تحرك نحو غرفة الطعام، وجد نيره تلج للداخل، تنوي الصعود ألى غرفتها، اوقفها قائلًا:-
  - نيره تعالي كُلي معايا..
  اجابته نيره قائلة:-
  - لا يا ادم شكرًا اكلت وحابه ارتاح شويه، كُل انت بالهنا والشفاء...
  وتركته وصعدت الدرج نحو غرفتها، تأفف ادم شاعرًا بالضيق وانعدمت شهيته، فلا رغبه له بتناول الطعام وحيدًا، وتحرك عائدًا يستقل الدرج حيث غرفة جود، ثم طرق باب الغرفة..
حينها كانت هي بالشرفة  تتأمل السماء بلونها الرمادي عقب غروب شمس اليوم وتلألأ القمر بالسماء يعقبه النجوم اللامعة 
التي تشعرها بالسكون، لطالما احبت الليل وهدوءه وعشقته
ليقطع تأملها صوت طرقات الباب، فهتفت تأذن للطارق بالدلوف وهي تخرج من الغرفة، لتجده هو قد عاد، قابلته بابتسامه تنقط عسل تدغدغ مشاعره، وتجعل من خفاقه يتراقص، فأردف قائلًا:-
  - تعالي معايا يلا عشان تشوفي محضر ليكِ إيه..
  امأت له وتحركت خلفه بحماس، وجدته يتوجه بها نحو الغرفة المجاورة لجناحه تمامًا، فتح بابها وأشار لها بالدلوف قائلًا:-
  - من هنا ورايح دي اوضتك يا جود، عشان قريبه مني وقت ما تعوزيني تلاقيني..
  ولجت جود ألى الغرفة تجول حدقتيها بتفحص لها، لتشرق عينيها بوميض الانبهار ما ان وقعت عيناها على تلك المكتبة الكبيرة بأحد جانبي الغرفة والتي تحتوي على عدد لا بأس به من الكتب، كما يوجد هناك بأحد الاركان مشغل فونوغراف قديم بجواره عدد من الأسطوانات القديمة،  توجهت نحوها بخطوات سريعة فرحه تتفقدها لتجدها لمن تفضل من الملحنين القدامى، فأبتهج قلبها واستدارت له تناظره قائلة:-
  - معقول كل دا عشاني انا!..
ثم استطردت بامتنان ومشاعر جياشه قائلة:-
  - شكرًا شكرًا يا أدم...
  سعادتها واشراق ملامحها، رسم البهجة بقلبه، فلم يفعل لها إلا القليل ورأي منها انبهار وامتنان وفرحه غامره تجعل اوداجه تنتفخ بزهو رجولي،  لترتسم ابتسامه واسعه على محياه قائلًا:-
  - عشان ما تحسي بالملل تاني...
امأت له وتحركت نحو (الفونوغراف)  تقوم بتشغيل احدى الأسطوانات، ثم توجهت نحو المكتبة ووقفت لثوانًا تنتقي احدى الكتب، ثم هتفت قائلة بعما انتقيت احدهما :-
  -  دلوقتِ لازم توفي بوعدك وتقرأ لي الكتاب دا..
أماء برأسه لها وتحرك نحوها يأخذ منها  الكتاب ثم جلس على أحد المقاعد بينما يشير لها بالجلوس قائلًا:-
  -  وانا بوفي بوعدي..
  ابتسمت وقد التمعت عيناها بالأثارة وكادت ان تجلس،  لكن حجبها عن ذلك مجيء الخادمة التي اردفت قائلة:-
  - الأكل جاهز يا ادم بيه..
  أجابها أدم قائلًا  وهو منشغل بالكتاب الذي بيده:-
  - لا خلاص مش هاكل يا خاله سعديه شكرًا..
  توسعت عين جود قائلة:-
  - أنت لسه ما أكلتش يا أدم..
  ثم تطلعت الخادمة وأردفت قائلة:-
  -لأ يا خاله سديه هو هيجي ياكل..
هنا وصدحت قهقهت ادم لأول مره والذي لم يستطع كبحها على طريقة نطقها لأسم خاله سعدية ثم اردف قائلًا:-
  - ساديه ايه بس،  أسمها سعديه يا جود..
  كانت لأثر ضحكته على جود عاصف، فقد ثار النبض بقلبها ورقصت دقات خافقها على نغماتها، وظلت بها شارده ألى أن تحدث فشعرت بالحرج منه ورفرفت بعينيها، بينما هو تابع قائلًا لانتشالها من حرجها:-
  - مش حابب اكل لوحدي، وأصلًا مش جعان خلاص..
  شعرت بالضيق لأجله وعدم راحه اكتنف قلبها لبقائه دون طعام وقد ترقق قلبها عليه فأردفت بنبرة متسائلة بينما تقوس شفتيها كالأطفال:-
  - طيب لو أكلت معاك تأكل يا أدم..
  غامت عيناه تأثرًا بكلماتها تلك واهتمامها به وقد عقد عقله مقارنه سريعة بينها وبين زوجته نفرها وأزاحها عن تفكيره ولكنه لم يستطع الا ان يومئ لها قائلًا:-
  - لو هتاكلي معايا يبقى هاكل أكيد..
  اهدته ابتسامة تقطر عسلًا، فأضافت الحلاوة على مرارة ايامه، ونقائها وحنانها يطل من عيناها حتى فاض وانسكب بقلبه، ومس جزءٍ مغمور به، فشرد بها لثوانًا قبل ان يحمم منتبهًا للخادمة المنتظرة والتي تناظر ما يحدث بتعجب،  فأردف قائلًا  لها:-
  - تمام يا خاله سعدية معلشي ممكن تجيبي الاكل هنا وتعملي حساب جود معايا..
  أماءت له ادم وتحركت مبتعدة،  وما أن توارت عن أنظارهما حتى خبطت يديها مع بعضهما بتعجب لما يحدث حولها...
***
ظلا ركان بالغرفة برفقة ندى،  يتحدثان بمرح  بينما يتناولان الحلوى الذي ابتاعها لها،  حتى بدأت بوسه تتململ بنومتها،  من وسط ضحكاتهم وحديثهم معًا،  لثوانًا حتى بدأت تفق وتفرج الجفون سراح العيون،  لتستدر بوجهها،  فتقع عيناها على شقيقتها الصغرى،  فتبتهج ملامحها وتنتفض من على الفراش تناظرها بفرحه غامره قائلة بينما تجذبها إليها لتغمرها بأحضانها:-
  - ندى حبيبتي وحشتيني...
  ابتسم ركان لسعادتها الواضحة واردف قائلًا:-
  - حبيت افاجئك وأفرحك، وكمان اعرفك مسئولياتك عشان تقوي وتقومي بالسلامة، وتعرفي ان دلوقت في اتنين حياتهم متعلقة بيكي وواجب عليكي تتحسني عشانهم
طالعته بعدم استيعاب،  فوضح قائلًا:-
  - أنا وندى مسئوليتك ولا أيه يا مدام!.. 
  ابتسامه شقت ثغرها خبأتها عنه وقد اعجبتها كلمته تلك
واخذت  تضم شقيقتها بفرحة غامره،  فقد اشتقت لها حقًا وينتابها شعور بالذنب نحوها لضعف عزيمتها وغرقها في احزانها وتركها وحيدة دون أحدًا يجورها،  لتقرر التناهي عما هي فيه والتوشح بالقوة من أجلها...
ادمعت عيناها وهي تهمس لها،  بينما تطل اطياف  الندم من عينيها قائلة:-
  - اسفه يا ندى اني سبتك لوحدك طوال الفترة دي، بس اوعدك من دلوقت أني هقوى عشانك واستمد قوتي منك، عشان اكون سند ليكِ..
ارتسمت  بسمه حانيه على ثغر الصغيرة واردفت بينما تربت على وجنتي بوسه بحنان قائلة:-
  - مش تزعلي يا بوسه انا كنت كويسه والله ومش لوحدي، كنت مع عمران وابله ساره وهي جميلة اوي وحبوبه وكانت بتهتم بيا وكمان عمو ركان ما كانش بيسبني، دايمًا يزورني ويطمن عليا ويجيب لي حلويات كتير اوي، ووعدني انك لما تخفي هيجبني اعيش معاكم ومش هنفترق بعدها خالص
  ثم استطردت بنبره خافته  وصلت لمسمع ذاك الجالس بجانبهم يناظرهما بحنان وتأثر:-
  - على فكرة كمان عمو ركان طيب خالص وأنا مبسوطة ان اتجوزتيه اوي أوي ..
تبسم ثغر ركان بزهو من حديث الصغيرة المبهج كونها تقبلته وأحبته، ومن المؤكد أنها سوف تؤثر على شقيقاتها التي سلبت قلبه منه، وبدى هذا مؤكدًا، فقد رفعت رأسها تطالعه بعين  تفيض بالامتنان ومشاعر اخرى قراءه وتمنى لو يكون اجاد فهمها، وليست من  محض خياله...
طرق على الباب جعله ينتبه ونهض ليعلم من، فأجابته الخادمة انها قامت بأحضار الطعام له، ففتح الباب وقام بأخذه منعا ودلف قائلًا:-
  - الاكل جاه في وقت انا جعان جدًا جدًا..
  ثم وضعه على الفراش بينه وبين الفتاتين قائلًا:-
  - يلا ناكل سوا..
   اعترضت بوسه قائلة:-
  - أنا اكلت الحمد لله، كُل انت و ندى..
فهتفت ندى باعتراض خجل قائلة:-
  -- وانا كمان شبعانة..
  ناظرهما بنظرة ضيق لثانيه،  قبل ان تلين ملامحه وتتبدل للعبث وأردف قائلًا مقلدًا ، بينما يرفع اصبعه بتحذير قائلًا:-
  - أنا قولت هتكلوا يبقي هتاكلوا...
   ثم استطرد مدعيًا الصرامه:-
  - اسمعوا انتم الاثنين انا عصبي اوي وبغضب بسرعه وما بحبش عدم سمعان الكلام، واللي اقوله يتنفذ واللي مش هتسمع كلامي هعاقبها...
  تغضنت ملامح الفتاتين ونظرنا له بدهشه لتبدله، لكنه تابع قائلًا بينما تمتد انامله وتدغدغ ندى:-
-هعاقبها بالزغزغه..
صدحت قهقهة ندى عاليًا، بينما اعتلت الدهشة ملامح جود لثوانًا، وهى تراه هكذا لأول مره، يمرح مع شقيقتها دون قيود، سريعًا ما ارتسمت بسمه على محياها وهي تراقبهما حتى اعلنت ندى استسلامها قائلة:-
  - خلاص هاكل بس كفأيه زغزغه..
  افلتها اخيرًا مذعنًا لها، ثم وجه بصره نحو بوسه قائلًا:-
  - وانتِ هتاكلي ولا تحبي تتعاقبي زيها الاول..
  تجاهلت بوسه حديثه بيقين أنه لن يفعلها مؤكدًا، الا ان عيناها توسعت دهشه وهي تجده يمد اناملها نحوها، فأسرعت تهتف قائلة بذعر:-
  - لأ هاكل هاكل...
  فتراجعت يداه عما كانت تنتوي وهتف قائلًا بنبرته العابثة:-
  - فعلًا الستات مش بتيجي غير بالشدة والقسوة، والوش الخشن..
  لم تستطع بوسه منع الابتسامة من الارتسام على محياها من طريقته بالحديث، بينما هو مد يديه وجذب الشوكة وقام بتقطيع قطعه من اللحم وناولها للصغيرة اولًا، ثم قطع اخرى ومد يديه بها ل بوسه، يناظرها رافعًا احدى حاجبيه بتحدي أن تعترض، فقضمتها بغيظ منه...
وظلوا يتناولون الطعام معًا بجوًا عائلي ولحظات سعادة مسروقه من الزمن، بعد عجاف ايام وشهور انقضت، متمنين ان تدوم سعادتهم للابد..
**
بعدما عادت الخادمه الغرفة حتى وضع ادم الكتاب بجانبه واشار لها بالجلوس مقابله قائلًا:-
  - اقعدي نتكلم شويه مع بعض الاول
  امأت له وجلست مقابله قائلة بابتسامه هادئة متسائلة-
  - هنتكلم  في إيه!..
  اردف قائلًا  :-
  - حابب اعرف عنك اكتر يا جود، حابب اعرف اكتر عن أم أبني..
تطلعت بها قائلة بعدم استيعاب:-
  - حابب تعرف إيه يعني!.
اجاب قائلًا:-
  - كل حاجه يا جود،  احكي لي عنك اكتر عن حياتك..
غامت عينيها وتنفست بعمق ثم اردفت قائلة:-
  - اسمي جودي شادي، عمري تمانتشر سنه وكم شهر، اتولد في امريكا وماما ماتت وهي بتولدني، بعدين بابا اخدني نعيش في هولندا أنا وهو والداد
  صمتت للحظات وقد غامت عيناها تاثرًا وأجابت بلوعه قائلة:-
- وبقينا عايشين فيها لحد ما باباي مات  وتم الحجز على البيت بتاعنا، ولأن ماليش حد انتقلت اعيش في بيت عمو سليمان ، وتجوزنا انا واسر بس كده هي دي الحكاية كلها....
اماء لها متفهمًا،  وصمت سحيق ساد عقب كلماتها،  كان فيها شاردًا بها وبما عانته بسنوات عمرها القليلة، صغيره هي لتفقد والديها وتعيش وحيده دون اهلًا يؤازرانها في تلك الحياه، شعور بالشفقة عليها اجتاحه وهز كيانه، وهو يتفهم لما لجأت له والد كفلها ليحميها من بطش والد زوجها الذي اراد اجهاضها، فشعر بالمسئولية اتجاهها وهو يُقن ان تلك الفتاه بحاجه مضجعه للبقاء بكنفه ..
قطع الصمت بينهما مجيء الخادمة تحمل الطعام متها وضعته على الطاوله وتحركت مغادره، ليشير اليها بالبدء بتناول الطعام فأذعنت له وبدأنا بتناوله معًا وجود لا رغبه لها بتناول الطعام ابدًا،  فبط تتظاهر بتناوله لأجل أن يأكل هو رغم نفورها منه، ألى  ان غص الطعام بحلقها ولم تستطع ابتلاعه،  وإلا  سوف تنهار معدتها، حينها انتبهت لانتهاء ادم اخير ًفزفرت براحه وتركت شوكة الطعان، الا أن ادم منعها قائلًا:-
  - جود كملي اكلك..
  - عبست شفتيها كالفتاة الصغيرة واردفت قائلة بينما تدمع عيناها:-
  -- ا انا مقدرش اكل اكتر من كده، انا كنت ماسكه نفسي بالعافية وباكل عشان انت تاكل مش اكتر.
انهار صوتها في اخر حديثها، وقد بدى عليها عدم الراحة
   تجلت الدهشة على محياها من تلك الفتاه وذاك الحنان الفياض بقلبها والاهتمام الذي لم يروي ارضه مسبقًا، فاختلج قلبه في صدره بشعور عجيب نحوها، تأثرًا بفعلتها تلك،  ف رقتها تلك واهتمامه تثير بركان خامل بقلبه لسنوات، اذا ثار  عليه واندلعت حممه لصهرت جليد قلبه ومشاعره التي تعمد اخمادها... 
حتى تفاجأ بها تنهض مسرعة باتجاه المرحاض تلج وتغلقه خلفها فلم تحتمل معدتها وانهارت تفضي ما بجوفها، فلحق بها وظل ينتظرها بقلق قائلًا:-
  - جود انتِ كويسه، ردي عليها..
  ظلت هكذا لدقائق، حتى انتهت وخرجت له  بوجهًا شاحب،
الم قلبه، ومد ذراعيه يتلقفها يساندها حيث الفراش لتتمدد عليه ويدثرها قائلًا بنبرة مغلفه بالقلق:-
  - انتِ بخير، اتصل بالدكتور!.
اعترضت قائلة:-
  - لا أنا كويسه، انا بس ضغطت على معدتي شويه وهاله قالت لي ان الاستفراغ طبيعي في الشهور الاولى..
   اماء لها متفهمًا، واردف قائلًا بضيق:-
  - طيب ليه اكلتي يا جود اذا ما مرتاحة..
  اجابته قائلة بأعياء:-
  - عشان انت قولت انك مش حابب تاكل لوحدك، فأكلت معاك عشان انت تاكل..
رغم شعوره بالامتنان والسعادة لاهتمامها به الا انه شعر بالغضب والضيق منها،  فاردف قائلًا  بنبره هادئة لتفهمه:-
- مش صح انك تيجي على نفسك عشان حد يا جود،  غلط اللي عملتيه دا،  شوفي انتي تعبتي ازاي..
طأطأت رأسها،  بينما تزم شفتيها شاعره بالظلم،  فاها هي تنال توبيخًا منه لاهتمامها به..
حرك رأسه بأسى منها لحزنها منه الذي استشعره،  ترققت ملامحه  واردف قائلًا:-
- مش بقولك كده عشان ازعلك أو الومك انا بس حبيت افهمك مش اكتر، بلاش تكشري وشك كده ..
ارتسمت بسمه خافته على محياها، بينما تحرك هو من جوارها وجذب الكتاب من على الأريكة وجلس قائلًا:-
- حلو الرواية اللي اخترتيها دي،  ما قرأتها قبل كده
مع أن كنت متشوق لقراءتها،  بس ما كانش عندي وقت ولا شغاف،  بس حبيت ان في حد يشاركني حبي للقراءة ونقرأ سوا..
التمعت عيناها وهي تهتف قائلة:-
- أنا بحب القراءة جدًا من وأنا صغيره، وكان باباي دايمًا بيقرا لي زي ما قولتلك وبعدها آسر كنت بحب اسمعه صوته اوي وهو بيقرأ لي..
أماء لها متفهمًا، ودقه عنيفة طرقت قلبه تجاهلها واستعاد جموده وبدأ بقراءة الكتاب لها...
***
تململ الصغير في الفراش، حتى بدأت جفونه تطلق سراح عينيه التي تطلعت حولها ما أن نهض، ليجد ذاته بغرفته بمنزل والده وحيدًا، لا يعرف لما شعر بالخوف، وشبح فقدان والدته وابتعادها داهنه، فنهض بذعر يبحث عنها وهو يهمس مناديًا بأسمها، وصل صوته اليها بينما كانت بالمطبخ ما تزال تعد وجبة الطعام التي على وشك النضوج، لتتحرك مسرعة لخارج المطبخ بقلق من نبرة صوته، تقابلت مع الصغير بصالة الشقة والذي ما ان وقعت عيناه عليها، حتى اسرع بخطوات وئيده نحوها يرتمي بين ذراعيها، فتلقفته هي بذعر لحالته تلك قائلة:-
  - عمران حبيبي مالك!..
  اجابه الصغير قائلًا بنبرة متلعثمة:-
  - فكرت انك سبتيني ومشيتي..
شدة من ضمه تهدئه قائلة بينما اربت على ظهره بحنان:-
  - أنا عمري ما همشي واسيبك يا حبيبي، دا انت روحي اللي ما صدقت رجعتلي..
ابعد الصغير وجه الذي كان قد غمرها بطيات حجابها واردف متسائلًا:-
  - طيب هو احنا في شقة بابا ليه!..
  اجابته قائلة:-
  - لأن باباي بس تعبان شويه ولازم نهتم بيه، وأنا كنت بعمل اكل عشان يأكل..
ثم شهقت قائلة:-
  - نستني الاكل يا عمران هيتحرق..
ثم انزلته وهتفت قائلة وهي تتحرك عائده للمطبخ:-
  - باباي جوا روح اقعد جانبه على ما اجيب الاكل واجي، بس ما تقربش منه عشان هو موجوع..
  اماء لعا الصغير وكأنها تراه، وتحرك صوب غرفة والده  المنفرج بابها، لتقع عيناه على والده الممدد بجسده على الفراش، فتحرك نحوه وصعد على الفراش وجلس بجواره قائلًا:-
  - هو انت صحيح تعبان يا باباي، ماما قالت لي اننا هنا عشان نهتم بيك لأنك تعبان وقالت لي كمان اقعد جانبك بس ما أقربش منك..
  شقت ابتسامه ثغر رحيم وهو يناظر  ملامح ابنه التي تشبهها تمامًا قائلًا:-
  - أنا كويس يا حبيبي مش تعبان اوي بس مامتك هي اللي بتبالغ..
اماء له عمران وتطلع نحوه قائلًا:-
  - هي ندى فين يا باباي مش موجود..
  انتبه رحيم لعدم تواجدها فعلًا، لكنه تفهم أن ركان اخذها، فأجابه قائلًا:-
  - ندى رجعت تعيش مع اختها خلاص يا عمران، بعد كده ممكن تشوفها بالمدرسة او ممكن نزورها وهي تزورنا..
  طل الحزن من عيني عمران وأردف قائلًا:-
  - يعني ندى خلاص مشيت يا باباي وراحت لأختها وأنا اللي هفضل هنا لوحدي، انا كمان عايز اخت صغيره العب بيها زي كل صحابي..
  - التمعت عين بحنين لتلك الخاطرة التي لطالما تمناها منذ ان وقعت عيناها عليها واردف قائلًا:-
  - انت عندك حق يا عمران انا كمان عاوز يكون عندي اخت ليك، نلعب بيها سوا، قصدي نلعب معاها سوا، بس لازم مامتك كمان توافقنا في الرأي وانا بوعدك اول ما نتجوز نجيبها على طول فورًا، بس انت وقتها لازم تكلم مامتك في الموضوع دا ..
اماء له الصغير بحماس، وانتظر ساره التي أتت بعد دقايق تحمل حامل معدني مرتص عليه اطباق الطعام التي اعددتها، والتي وضعتها على الكمود بجوار رحيم، ثم اعتدلت تناظره قائلة:-
  - انا عملت لك شوربة خضار بالفراخ، يارب تعجبك..
  اماء لها مبتسمًا قائلًا:-
  - شكرًا يا سارة تعبت معايا..
   ابتسمت له قائلة بوجنتين تختضب بالحمرى :-
  - لا ابدًا مفيش تعب، المهم تقوم بالسلامة..
  توهجت عيناه ببريق السعادة وهو يراها تجذب وعاء الحساء وتجاوره على الفراش وتبدأ بإطعامه لأصابة يده اليمنى وصعوبة استخدامها،  كانت نبضات قلبه تتراقص فرحًا،  وهو يراها قريبه منه الى هذا الحد،  يستطع تأمل محياها بحريه،  بينما هي كانت تشعر بالاضطراب من قربه ونظراته،  تحاول التوشح بالقوة امام نظرات عينيه التي تربكها وتعصف كيانها،  ليصدح صوت عمرات مناديًا بأسمها،  فتستدير تناظره بتساؤل،  فأردف قائلًا:-
  - ماما أنا وبابا عايزين اخت صغيره،  وبابا قالي انك انتِ  الي لازم توفقيه تجيبيها فلو سمحت وافقي بابا يلا وهاتيها بسرعه...
توسعت عين ساره صدمه من كلمات الصغير،  بينما  شهق رحيم  وطفق الطعام من فاهه من كلمات صغيره الصريحة الفجة  والتي لم يتوقع مباغتته بها بتلك الطريقة، فأصاب ساره الارتباك ونهضت بوجهًا خجل،  تضع الوعاء على الكمود وتتحرك خارج الغرفة بخطوات متعثرة،  بينما رحيم ناظر ابنه بنظرات مصعوقة مما حدث...

Continue Reading

You'll Also Like

1.1M 62.4K 63
من أرضِ الشجَرة الخبيثة تبدأ الحِكاية.. "العُقاب 13" بقلمي: زاي العَنبري. لا اُحلل اخذ الرواية ونشرها كاملة في الواتباد 🧡.
209K 9.3K 39
_هلي أحن أليكم ثم أتذكر أنكم ظلمتوني فأصمت وجعآ _ماكنت أحسب هلي يرجون لي ألمآ لاكن رموني بسهمآ هد أركاني *********** _هل انته عوضي عن كل أحساس وحش حس...
2.5M 160K 41
في مَنتـصفُ كائنات الصَفاء كَانت هناك قواريرُ ابريَاء لكل مَنهم جَانبً يشـعَ كـ الهلالِ شعورهم بلأمان أصبح كـ خيـالِ.. حاربُ!! لتنجو، لتثبت أنك قوي...
705K 30.6K 48
مراهقه دفعها فضولها للتعرف على الشخص الخطأ وتنقلب حياتها بسبب هذا الفضول.