"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتم...

By dina_aladwy

1.5M 45.6K 6.6K

قدري كان لقياكِ وقلبي لكِ كان بالانتظار ظننت قبلك عرفت الهوي ولكن فيكِ عرفت العشق، الجنون، والهوس خطأ جمعن... More

الشخصيات
إعلان
حلم أم حقيقه
توضيح
توضيح
تنبيه هام، الروايه حاليًا بيتكتب البارت الاول
البارت الاول
البارت الثاني
البارت الثالث
البارت الرابع
هام
هام
البارت الخامس
البارت السادس
البارت السابع
البارت الثامن
البارت التاسع
البارت العاشر
اقتباس
اقتباس
تنوية
مين البارت مش بيحمل معاه؟
البارت الحادي عشر
اقتباس
تنوية
البارت الثاني عشر
اقتباس
البارت الثالث عشر
💔💔
اقتباس + موعد التنزيل
البارت الرابع عشر
اقتباس
البارت الخامس عشر
تنويه +مشهد +سؤال
اقتباس من البارت القادم
اعتذار + موعد البارت
البارت السادس عشر
اقتباس + الموعد
البارت السابع غشر
تنويه
الموعد + اقتباس
البارت الثامن عشر
ملحوظه + ميعاد النشر
البارت التاسع عشر
اقتباس
اقتباس تاني
البارت العشرون
تنوية هام
البارت الحادي والعشرون
اقتباس
اعتذار+ اقتباس+موعد النشر
البارت الثاني والعشرون
اقتباس من البارت الثاني والعشرون
البارت الثالث والعشرون
اعتذار
البارت الرابع والعشرون
البارت الخامس والعشرون
اقتباس
البارت السادس والعشرون
اقتباس +الموعد
البارت السابع والعشرون
تنويه
البارت الثامن وعشرون
اقتباس متقدم
اقتباس
اعتذار
البارت التاسع والعشرون
اقتباس واستطلاع
البارت الثلاثون
اقتباس رومانسي
البارت الحادي والثلاثون
اقتباس متقدم
البارت الثاني والثلاثون
البارت الرابع والثلاثون
اعتذار
البارت الخامس والثلاثون
هام وياريت الكل يشارك برأيه
البارت السادس والثلاثون
#اقتباس
البارت السابع والثلاثون
تنوية + موعد النشر
البارت الثامن والثلاثون
اقتباس
البارت التاسع والثلاثون
البارت الاربعون
اعتذار
البارت الواحد والأربعون
توضيح
اقتباس
تنويه وميعاد البارت
البارت الثاني والاربعون
اقتباس النهاية
البارت الاخير والى اللقاء بالجزء الثاني #سيال_العشق
اقتباس ل (ادم وجود) ما تزعلوش
تنوية هام
اقتباس
نيران من عشق
إعلان هام
اعلان واقتباس
أعلان
اقتباس من رواية المعرض
مين فاكر الدكتورة هالة صاحبة جود

البارت الثالث والثلاثون

15.1K 687 74
By dina_aladwy

اولًا بعتذر عن ميعاد امبارح لأني كنت برا البيت ورجعت متاخر نظرًا للجو،  ثانيًا كتعويض كتبت بارت كبير حوالي 8000 كلمه،،،  قراءه ممتعه
بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الثالث والثلاثون
🌺🌺

مهما ابتعدت عني ، فأت تسكن أضلعي
ما غاب عني هواك،  ولا منه وجدت مهربًا
فالروح اليك تهفو، وبالعين أنت تختبئ
تغيب تغيب بلا جدوى فأنت أنا ولك أنتمي...
ــــــــــــــــــــــــــ
غريبه هي الحياة!، تبتسم لك حينما تفقد بها الأمل ، تمنحك ما سبق وسعيت له وقسيت لنيله، فعاندت وسلبتهُ منك بمنتهى القسوة والتجبر، وتبقي لك جمر الشوق ، وفي غمر الألم، وفقدان الأمل تبتسم لك، وتمنحك أياه بعد طول الامد ، بعد عجاف سنوات نال منك الشوق مطلعه، تطوي بينكما المسافات، وكأن ما كان انعدم ، تغمر قلبك الغض ببشرى اللقاء، لتدرك ان الاقدار حانية وفي الحياة سرور يعقب الألم، فطمئن قلبك أن بالسماء هدايا دانيه، وان ما كتب لك ستناله مهما طال الأمد  ..
**
كان كالوحش الحبيس ،  غير مدرك ما عليه فعله، يزأر بألم يكاد يهلكه مورد التهلكة لجهله بمكانها،  توالت عليه الاحداث منذ الأمس بدأ باختفائها،  ليعقبه اختفاء هاله هي الأخرى، فبعدما عاد بالأمس وجد مفاتيح شقته ملقاه أمامها،  وهاله مختفيه لا وجود لها، هاتفها لكنه كان مغلقًا، دلف الشقة يبحث بها فوجد ثيابها ما تزال موضعها، اذا لم تغادرهما برغبتها!..

اسأله جمّ تجول برأسه، ترى أين هي زوجته!، ومن اخذها!،  وهل لاختفاء هاله علاقه باختفائها!، أسأله بلا اجوبه تنهش برأسه وهو مقيد، شعوره بالعجز يقتات منه، والقلق على تلك البريئة يغمره، يلوم والده على فقدانها،  لولا مداهمته للمنزل لكانت به آمنه....

في المقابل كان والده جالسًا،  يناظره بعين الشك،  أن يكون له يد باختفائها مجددًا،  كما فعل من قبل،  لكن جنون أبنه الذي كان يجئ ويذهب متغاضي عن ألم قدمه الحارق يسرب الشك من داخله...

كل شيء كان ضدهم،  وكأن القدر كتب عليهم عدم لقياها،  فحتى كاميرات البناية كانت معطله، فلم يتسنى ل آسر رؤية ما حدث وذاك الشخص المرافق لجود والذي بالتأكيد أن رأه لتدارك هويته،  ونشبت بينهم حرب ضاريه لاستعادتها...
طرق رأسه وجعًا مضاعف من زخم الافكار برأسه، خاصة تلك الخاطرة عن مكان تواجدها والتي داهمته بيقين،
فكيف لم تطرق رأسه قبلًا، وخاصة تداركه بأن ليس لها بأحد هنا غير والد طفلها، الذي أسلمته أياها هاله بسذاجة قبلًا، من المؤكد انه تتبعهما وهو من سعى لأخذها بعدما تأكد من صحة أقوالها، لكن لما يا ترى!، هل يرغب بالتخلص من جنينها؟ ا..
هنا ولمعت عيناه بجذوة من العذاب والألم، والوجل من أصابتها بمكروه يدمي قلبه آنين،  تطرقه تخيلات سوداوية عما قد يصيبها،  يا الهي قد تكون ملقاه بأحد العيادات الرخيصة تخسر جنينها، أو ربما تأذت حين المحاولة وتكون ملقاه كجثه هامده بأحدي الطرق،  لم يتحمل بشاعة تخيلاته،  فصرخ بقوة اهتز لها جدران شقته،  ليهرع نحوه تيام محاولًا تهدئته، بينما والده انتفض من مجلسه، متصنم موضعه بقلق يجيش بصدره من حال ولده وخوفًا من انتكاسته وقد أيقن أنه حقًا برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فها هو يري عذابه ومعاناته دون أن يجرأ على الاقتراب والمواساة وهو يري اللوم يطل من عينيه حتى فاض وانسكب وكم ألمته تلك النظرات فقد كانت كالسياط تهوى على جدران قلبه حتى اهتزت دواخله فهدر بتوتر ونظرات زائغه:-
  - انا مش هفضل كده،  انا هنزل بنفسي مع الرجالة وابحث في الأقسام والمستشفيات ومش بس كده هسيب لهم صورتها..
  لم يتفوه آسر بكلمه له،  بل نظراته الصامتة كانت أبلغ من اي كلمات ينطق بها،  فتحرك سليمان من الشقة بقرار البحث ألى أن يجدها، بينما آسر قرر محاولة الوصول لذاك الولد عن طريق المعمل، وهو يلوم ذاته بعنفوان لعدم اهتمامه بمعرفة هويته من هاله، فرفع هاتفه وحدث محاميهم الخاص قائلًا باحتدام:-
- عايزك تعمل اي حاجه ممكن تتعمل وتجبلي معلومات عن الزوجين اللي حصل معاهم خطأ المعمل الطبي ..
اجابه المحامي قائلًا: -
  - للأسف حاولنا قبل كده ومقدرناش نوصل لأي معلومات عنه يا أسر بيه، حضرتك عارف سياسة الخصوصية المتبعة هنا، واذا هو ما ممنحش موافقه على اظهار هويته فمش هيظهروا..
  - صاح به آسر بانفعال:-
  --تتصرف يا متر، حتى لو هددتهم انك ترفع عليهم قضيه تعويض ولو وصل للأمر ارفعها فورًا، المهم توصل للمعلومات دي..
ثم اغلق الهاتف دون انتظار أجابه من الآخر، وهو يشعر بالقهر يتغلغل بين طياته..
***
اشتعلت ملامحه بشكل خطير يوحي بمدى خطورة البركان الثائر بداخله، حينما حدث ما لم يتوقعه وهي كلمات زوجته التي نطقت بها لأول مره منذ محنتها الصحية بأسم الاخر توقفه قائلة:-
  - ظافر شكرًا ليك لأنقاذك حياتي...
  استدار لها ظافر وقد افترقت شفاه عن ابتسامه رجولية حانية، سريعًا ما تبدلت لأخرى متلاعبه، وتمتم قائلا وهو يشعر بالانتشاء لرؤية غضب الآخر وتجهم ملامحه:-
  - ولو إحنا في الخدمة يا برنسس، أنا ودمي تحت امرك دايمًا، دا أنا وأنتِ بقى فينا بنا رابط أوي، رابط الدم معتقدش في اقوى منه، مش كده!...
  اردف بأخر كلماته بينما يرمقها بغمزه عابثه أربكتها،
  استشاط ركان غاضبًا عليهما كالبركان الثائر، فشد على نواجذه شاعرًا ان وجه المحمر يحترق من كلامهما، ليرمي ظافر الذي ترتسم على محياه ابتسامه استفزته بنظرات خطيرة،  جعلت ظافر يتحرك للخارج وعلى شدقتيه ابتسامه متسعه باستمتاع متوعدًا  له بالقصاص قائلًا:-
- ولسه يا ركان دا أنا هسويك على الجانبين، لحد ما تقول حقي برقبتي وتحس بشعوري أنا والبريئة اللي جوه دي..
اغلق ركان الباب خلفه بعنفوان وهو يسبه بداخله، جعل جسد تلك الجالسة على فراشها ينتفض فزعًا من فعلته،
فزع تلاشى خلال ثوانًا، هدأت فيها من روعتها قبل استدارته وعادت لما اسبق وقررته وهو التجاهل له
فمددت جسدها على فراشها تواليه ظهرها..
بينما الممرضة دثرتها وتحركت مقرره الذهاب، ليتقاطع طريقها مع ركان الذي تحرك بخطوات وئيده وعين تلتمع بوميض غضب مرعب نحوها، طحن اسنانه بينما يهس من بينهما بضروه:-
  - ممكن اعرف دا  كان بيعمل إيه هنا!، وازاي تسمحي له يدخل عندها!...
  أن كان يظن أنه سوف ينفث عن غضبه بها، ويسمع ما يهدئ اشتعال روحه فهو مخطئ بل كلماتها التي نطقت تجيبه بها، كانت كمن سكب على النيران وقودًا فأزدته أشتعالًا، حينما اردفت مجيبه ببراءة زائفه، ولا كأنها التقطت كلمات الاخرى السافرة عن معاناتها في عشقه واشفقت عليها وأرادت أشعل غيرته وجعله يذق بعضًا مما تذوقته مريضتها، وكأن جميع من حوله تكابل ضده في تلك اللحظة، شفقه بتلك الصغيرة وانتقامًا منه لها:-
  - كانت منهارة ومصممه تمشي من هنا وما قدرتش عليها،  وهو الوحيد اللي قدر يهديها ويقنعها تبقى هنا من غير ما ألجأ للمهدئ، مجرد كلمات سمعتها منه هديت ..
تغضنت ملامحه بشدة وعيناه التي باتت كجمرتين ملتهبتين وكلامها يمر بعقله ببطيء،  بل بكيانه كله كسم زعاف يميته،  لينتفض جسده بغضب جمّ، شاعرًا بجنون نبضات قلبه رفضًا لما طرق عقله الأن من هواجس اهتز لها كيانه،  لتنحدر عيناه على تلك التي تقوقعت على ذاتها  تواليه ظهرها، متجاهله وجوده، دون ان تروي ظمأ روحه لها بكلمه تطمئنه،  وجلًا تغلغل بين طياته من خسارتها، فماذا لو تناسته حقًا واعتبرت ظافر الأن هو الأمير المنقذ!..

نفض رأسه بجنون،  ينهر ذاته عن منحنى زخم افكاره،  فزوجته لم ولن تنساه،  هي تعشقه مؤكدًا ولن توجه مشاعرها لغيره، حتى لو كان فصيح اللسان ك ظافر، يجيد الغزل والتعامل مع النساء، فيجذبهن له بسهولة ويسر، إلا أنها غيرهن وحبها له لن يندمل،  بل هو مترسخ بين طياتها، وإلا ما انتصر وتغلغل بأعماقه،  هي فقط تشعر بالامتنان له، وتشكره لمجيئه وتبجحه أمامها بفعلته،  ليجد ذاته يشتعل غيرة رافض هذا الامتنان أيضًا،  بل رافضًا لأي شعور منها له، وفي خضم شروده، كانت الممرضة تغادر الغرفة، تارك أياه وحده برفقتها، مانحه أياه الخصوصية التي يرغبها ،  كما اعتادت في المشفى، فما ان يأتي، حتى يطالب بمغادرتهن ...

تحرك نحوها،  يستدير حول الفراش حتى بات أمامها،  اغمضت عيناها بقوه ما أن  شعرت به،  في تلك اللحظة تحديدًا لا قدره لها على مواجهته ورؤيته..
كانت عيناه تناظرها بعشقًا جارف، يتغلغل بين طياته وهو ينحني بجزعه العلوي وجثى أمامها، حتى بات وجهه مقابلًا لوجهها انفاسه تلفح بشرتها يطالعها بينما يعيش بدوامته الخاصة بذهنه القلق،  بأفكار متضاربة لا تفارقه وترجمه بسياط الخوف من تسربها من بين يديه كالرمال الناعمة، الخوف لعودته لما كان عليه قبلها،  والذي سيكون اضعاف مضاعفه إذا فقدها،  قلبه لن يصمد مجددًا خاصةٍ لأدراكه أنها تملكته وانتهى، لذا شعر باحتياج لها بتلك اللحظة ان تطمئنه،  أن تنهي صخب دواخله،  وتمحي الخوف الذي يقتات منه، فهمس بأسمها بنبره خافته،  تعالت تدريجيًا بعدما تجاهلتها،  بتصميم لنيل ما رغب،  قائلًا  بألحاح عليها أن تجيبه، ألحاح يتصارع معه رغبة بالتراجع للانتصار خوفًا من سماع ما لا يرضيه ويهشم قلبه،  إلا ان روحه التي تسعى للراحة كانت لها الانتصار،  فأردف قائلًا:-
  - عارف إنك سمعني، ومش محتاج منك غير انك تطمنيني عليكِ، انك بخير وعارفه أنا مين!..
  لم تحتمل استمرارها بتجاهل،  خاصة وقد لمس قلبها بنبرته القلقة المعذبة، فدومًا كان ومازال نقطة ضعفها، وجدت نفسها رغمًا عنها تفرج عن جفونها وتجيبه بهمسًا خافت:-
  - انا بخير يا ركان، بس تعبانة ومحتاجه ارتاح..
  شعر ركان برجفة الفرح بقلبه وخفقت أنفاسه لدى سماعه لحروف اسمه تنطق من فاها، والتي كانت كشعاع أمل في غمر اليأس طمأنته  فلم يستطع كبح تلك البسمه التي ارتسمت على محياه وهو يأردف سألاً برغبة للتأكيد:-
  - انتِ قولتي اسمي يعني فاكرني وعارفه أنا مين بالنسبة ليكِ..
كانت عيناه تشع بريق سعادة، وقد تلاشت كل مخاوفه وتبددت بهمسها الشجي الذي لم ينتبه له، فقد كل ما اهتم به هو حروف إسمه وتأكيد ترسخها بعقلها وقلبها، الذي لم يتناسيا وينفيا..
طالعته هي بعدم استعاب لحالته البائسة التي ابدلتها بحديثها المقتضب، ودهشتها ردت فعله الفرحة، قبل ان يباغتها بقبله على وجنتيها، ببنما يأردف قائلًا:؛
_  الحمد لله انك بخير، متعرفيش كنت خايف وقلقان اد أيه وانتي دلوقت طمنتي قلبي ومحيتي كل خوفي وقلقي، ربنا يديمك نعمه بحياتي...
أتسعت عيناها بصدمه وتوردت حتى اختفى وجهها بحمرة الخجل، كغروب طغى سماء أخر، وتعال خفق وجيب قلبها بجنون،  من كلماته لها وقبلته المفاجئة والتي ظنت أنها تنال اولى قبلتها منه، على غراره هو الذي نال بعضها سرقه في غفوتها العقلية،  وكم ود لو نال الأن  ما رغب ولكنه اكتفى، رغم أسرى جيوش صدره التي تريد ان تنطلق وتعترف بما يجيش بها، وشلال شوقه الذي يتوق ليتفرغ بنيل وصلها، فتشرق شمسه مبدد ظلامًا كان بغيابها،  إلا أنه اكتفى بقربها فقط،  متحكمًا برغبته بها، مراعيًا الأن وضعها...
عيناه كانت تموجان بأحاسيس آبى عقلها ان يفسرها، وكلماته أشعرتها بالارتباك، وفعلته تلك اطاحت بثبات قلبها الخائن لها، ونقض لعهده لها،  والذي تسارعت دقاته وغرد كطير وجد وليفه ويأبه مفارقته..
فأغمضت عيناها وجلًا من نظراتها التي قد تظهر له سيل مشاعرها الحمقاء،  محاوله التقاط بعضًا من انفاسها الهاربة بحضرته وتنظيم نبضاتها،  فهمست هربًا من حالة الهرج والمرج بقلبها وعقلها الذي سببها لها
قائلة بنبره خافته نابعه من خجلها :-
  - انا تعبانة ومحتاجه ارتاح شوية..
  أماء لها متفهمًا قائلًا :-
  - ما كانش قصدي ازعجك واتعبك،  بس حبيت اطمن..
  صمت للحظات وأردف قائلًا وقد تذكر كلمات الممرضه، فأظلمت عيناه وتبدلت نبرته:-
  - هو انتِ كنتي عايزة تمشي من هنا!
  ترددت فيما تخبره الأن، وكلمات ظافر لها قد ترسخت بعقلها، وكم ترغب بتصديقها، بل اكثر ترغب بالتأكد من صحتها، وانه يعشقها وقد تناسى الاخرى، والسبيل الأوحد لهذا هو بقاءهما هنا، وبذات الوقت تخشى أن يتلاشى الامل وتتحطم هي، وبين هذا وذاك اجبته بما يعتمر قلبها وترغبه حقًا وهو الفرار من هنا قائلة:-
  - كنت عايزة ارجع ببتنا، هنا مش مكاني...
كلماتها تدغدغ قلبه وتبث السعادة بداخله، وهي تنسب منزله لها، وترغب بالعودة أليه، اذًا كانت تقصد العودة لمنزله هو، لا الابتعاد والهرب كما ظن وارتجف رفضًا لهذا..
زفر بارتياح وأردف مبررًا لها:-
  - احنا هنا عشان تكوني افضل، دا رغبة الدكتورة، انك محتاجه تكوني في جو عيله، محتاجه اهتمام وتواجد اكبر حواليكِ، غير كمان أن سارة لسه موجوده في شقتنا وانتي عارفه وضعها هي ورحيم،..
  ثم صمت يأخذ نفسًا واستطرد قائلًا: ـ
-وجودنا هنا مؤقت لحد ما ت
كوني بخير...
  صمتت ولم تعقب، فكيف لها ان تجيبه انها لم ولن تكون بخير في هذا المنزل الذي تسكن به غريمتها، اكثر انسانه بغضتها وكرهها قلبها، تلك التي امتلكت قلبه قبلها وهشمته بقسوة، فلم تجد إلا الصمت والهرب مدعيه الرغبة بالنوم
مما جعله بهتف قائلًا:-
  - طيب أنا همشي دلوقت اروح شغلي اللي اهملته بالأيام اللي فاتت وانتِ ارتاحي.
  كان حديثًا عاديًا،  لم يقصد به شيء، لكن ليس هذا ما فهمته هي بحساسيه مفرطه وكأنه يعلمها بأنها كانت حملًا ثقيل عليه، شتته وجعله يهمل عمله، لذا افرجت عينيه تطالعه بنظرة طل الحزن منها حتى فاض وانسكب، تهتف بنبرة متألمة قائلة:-
  -اسفه ما  كانش قصدي اكون حمل تقيل واعطلك عن شغلك..
ما ان اخترق حديثها مسمعه،  حتى عبست ملامحه وتجل الضيق على سيمائه،  رافضًا ما فهمته من حديثها، فهتف مؤنبًا لها قائلًا:-
  - مين قال انك حمل تقيل، أو اشتكى إنك عطلتيني عن شغلي، لازم تعرفي اني كنت موجود لأن دا واجبي ومكاني معاكِ وقت شدتك قبل فرحك، وإذا انا ماشي فدا لأنك حابه ترتاحي، فقولت استغل الوقت دا واروح..
وهنا تملكها الاحباط  وكأبه التمعت بعينيها، فمجددًا يعلمها ان ما يفعله من أجلها هو واجب وشفقه فقط، كالعادة يرجمها بقسوة،  فأغلقت عيناها هربًا،  تأبى هبوط ايًا من دموعها، رافضه لأظهار مزيد من الضعف له، فلا تريد شفقته..

وقف هو موضعه يحدقها ببريق حائر، يطيح به الألم كل لحظه، لرؤية حزنها الدائم، وصنوف الهم الذي يراها مجسده بمقلتيها
كالبحر هي في غموضه وتقلباته تارة ترى بعينيها وميض سعادة يتلاشى فورًا وتلتمع بثوب الحزن  في اللحظة التي تليها،  لوهله تمنى لو يخترقها،  يفهم دواخلها، فما الذي قاله أو فعله الأن ليرى ذاك الحزن بعينيها، مشاعرها تبدو كطلاسيم يصعب عليه فهمها، وكأنها تغزل خيوط متشابكه تحجب بها عقلها عنه،  فتمنى هو فكها عقده يليها اخرى حتى تتجلى أفكارها، ويبدو أن قلبه الذي عشق بصدق حث عقله أن يعيد تكرار كلماته برأسه مجددًا لعله يجد ما الخطأ بها،  هنا وتدارك حساسيتها الزائدة وكلماته العفوية الذي ترجمها عقلها بشكلًا خطأ، لذا اتخذ قرارًا بالإيضاح لها والبوح بما يختلج مشاعره لها، وما كاد أن يفعل حتى صدح رنين هاتفه عاليًا،  فزفر بينما يلتقطه ويجيب على المتصل، فارتبكت عيناه وهو يرى هوية المتصل،  وأجاب باحترام بالغ:-
  - ايوه يا فندم،  حاضر تمام يا فندم دقايق وهكون عند سيادتك..
  ثم برقت عيناه بصدمه وأردف قائلًا بنبرة قلقه وهو يتحرك مسرعًا:-
  - وهو بخير،  تمام انا في الطريق وهنفذ اللي حضرتك طلبه كله...
  تنهد بضيق يجثم على صدره، ثم وجه بصره نحوها
وقد حكت نظرته عن سيل عاطفة عاصف فرفع أناملها لشفتيه بقبلة رقيقة ثم نظر اليها بلمعة حب خالص قائلًا بنبرة تهدد ثباتها:-
  - لازم تعرفي إنك من هنا ورايح أهم حاجه في حياتي
  جودي بقربك دا رغبتي مش اجبار او واجب،  وان غلطتي في حقك هعيش عمري كله احاول اكفر عنها، أنا لازم امشي ضروري، تم استدعائي وانتِ ارتاحي، انهى حديثه بقبله أخرى لجبينها هزت كيانها كله، وقد تُمكن امل واهن سخيف بأنه لربما نمت بقلبه مشاعر خاصه بها من التسلل أليها وزعزعتها، فاحتضنت البسمه شفتيها، وهي ترى يتحرك مغادرً الغرفة، فأسدلت جفونها ستائرها دون ان تلتمع بالدمع لأول مره،  بينما هو لم ينسى المرور بغرفة الممرضة طالبًا منها العودة اليها وعدم تركها ابدًا، فمازالت كلمات الطبيبة له عن احتمالية محاولتها للانتحار مره اخرى ترهق عقله وترهبه  ...
**
ما أن انهى ادم حديثه مع ركان حتى تحرك عائدًا ألى غرفة جود،  طرق الباب بخفه منتظرًا أن تأذن له بالدلوف،  إلا أنه لم يتلقى أي أجابه منها، تردد لثوانًا، وكاد أن  يبتعد إلا أنه تراجع وقام بفتح جزء صغير من الباب، وما ان فعل حتى توهجت عيناه ودق قلبه بعنفوان وهو يراها أمامه بتلك الهيئة، كالملاك ترتدي حجابًا واسعًا لا يدرك من أين أحضرته بينما تفترش الارض راكعه بخشوع، وصوتها الشجي يكبر بأسم الله، ثم تعاود السجود..
تعلقت عيناه بها بنظرات مسلوبة ومشاعر عدة تراوده الأن وهو يراها بتلك الهيئة التي سربت بين طياته شيء ما مبهم له، شيء أراح باله واخترق قلبه الذي برأ من كل قلق وخوف تغلغله اتجاهها،  بعدما حصل على إجابة لما شغله منذ لقياها...
ظلت عيناه تتأملنها بصمتًا مهيب، وهي تؤدي فرضها خاشعة بطريقة ارتجف له جسده، يستمع ألى دعواتها التي تختم بها صلاتها تخص والديها بها اولًا قائلة بشجن:-
اللهم ارحمهما واغفر لهما وانظر إليهما بعين لطفك وكرمك يا أرحم الراحمين.. اللهم ارفع درجاتهما في المهديين، واغفر لنا ولهما يا الله، وأفسح لهم في قبرهما. اللهم أبدلهما دارًا خيرًا من دارهما، وأهلًا خيرًا من أهلهما، وأدخلهما الجنة، وأعذهما من عذاب القبر ومن عذاب النار.
ثم انتقلت بدعواتها الى صغيرها:-
اللهم احفظ جنيني، واتمم حملي على خير، اللهم اجعله في حفظك وكنفك وأمانك وجوارك وعياذك وحزبك وحرزك ولطفك وسترك. اللهم يسِر حمله، وولادته، ورضاعته، وتربيته، واجعله مطيعًا لربه، بارًا بوالديه..
ثم صمتت متابعه بدعوات تخص بها زوجها:-
اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَأسِ، اشْفِ أَنتَ الشَّافي، لا شافي إِلاَّ أَنْتَ، شِفاءً لا يُغادِر سَقَمًا، وهبه عمرًا مديدًا وفرح قلبه برؤية طفله، معجزتك التي خاصتها هي لا أنا لتحمل به،  فأحفظه ويسر عليها حمله وولادته، وفرح عيناه برؤيته، وامنحه عمرًا مديدًا يرى فيه ولدًا بارًا صالخًا .
كانت دعواتها صادقه من القلب اخترقت قلبه فأربكته وأثارت به عواصف وهو يرى دعواتها لزوجها النابعة من مشاعر صادقه افتقدها، وغص قلبه برؤية ألى أي مدى تحبه حتى تتمنى له السعادة برؤية طفله من غيرها، هل هي بريئة ألى هذا الحد أم أنها فقط تعشقه!، لا يدري لما اهتز داخله وازدرد ريقه بتوتر مما يخطط له وأعلمه محاميه الخاص بموجب فعله لمنح صغيره اسمه وضمان مستقبل سوي له..
ذوى قلبه بقلق خشيه من رفضها، خاصةٍ أنه أيضًا لوهله استنكره، فما بلك بها هي تلك الصغيرة العاشقة لزوجها، تجهمت ملامحه وانتابه الضيق ما ان اكتتفه الادراك الصاعق بمدى ظلم الحياه  لها..

كانت نظراته عليها لكنها شاردة بمشاعر متعاقبة، حتى انتهت  هي من صلاتها، فرفعت عيناها منتبه له، فتمتمت بأسمة وهي تنهض فانتبه لها، وسريعًا ما تحرك يمد يديه لها للمساعدة، منحته ابتسامه ناعمه تنقط عسل واناملها تمتد لمعانقة أنامله، ألى ان نهضت قائلة:-
  - شكرًا ليك، انا خلصت وطلبت الحاجات اللي عايزها، وسيدرا مرت عليا لما انت مشيت وطلبت منها تجبلي حجاب وسجادة صلاه..
  أماء لها متفهمًا ومازال مرتبكًا، متضاربة مشاعره،  ألى ان لملم شتات افكاره واردف قائلًا وهو يلتقط حاسوبه بخفه:-
  - تمام أنا هروح الشركة دلوقت يا جود، حبيت أمر عليكِ اعرفك وأخد اللاب بتاعي
أماءت له متظاهرة بالتفهم، نقيض القلق والوجل اللذان يجيشان بصدرها من البقاء بهذا المنزل الغريب عنها وحدها، خاصةٍ لأخبار سيدرا لها ايضًا بالمغادرة مع والدة ادم لأحدى المناسبات الخاصة بالجمعية الخيرية التي تترأسها حماتها والمجبرة هي للذهاب إليها...
كاد ادم أن يتحرك مغادرًا، لكنها همست بأسمه مناديه بلكنتها الخاصة الذي تجعل نطقه من فاها مميزًا، وكأنها بتلفظ اسمه تعزف على أوتار مشاعره، فألتفت لها باضطراب  يناظرها متسألًا فأردفت قائلة بهمسًا شجي :-
  - أدم أنت هتتأخر وتسبني لوحدي هنا كتير!..
   كلماتها التي تباغته بها تدغدغ مشاعره، وتربك النبض بداخله، وتشبع روحه الجائعة للحب والمشاعر فتملي الفراغ الكامن به منذ أمد ، كل هذا أشعره بالارتباك، وبدى كمن يعيش بدوامات الخاصة لثوانًا،  يخوض حربًا شرسة يخشى فيها أن يهزم فيطيح به الألم بقسوة  ..

نجى بذاته من براثن التيه وحمحم يستعيد بعضًا من جموده، مذكرًا ذاته أنها فقط ترغب باستمداد الامان برفقته لا غير فهو وحده من تعلمه بهذا المنزل لا أكثر، وان مؤكدًا هذا طبعها رقيقه،  ناعمه مع الجميع،  لا تخصه برقتها ورغبتها بقربه، ليعيد ارتداء قناع البرود والجفاء الذي لطالما كان حامي له لسنوات، وأردف قائلًا بنبره خشنه، جافه:-
  - جود أحنا مش قولنا اننا هنتعامل على اننا كبار، أنا رايح شغلي وأول ما خلصه هرجع، انتِ هنا في البيت مش لوحدك، لو عوزتي حاجه نادي لخاله سعديه هتكون عندك..
عبست ملامحها، وقوست شفتيها كالأطفال من لهجته معها
وامتقع وجهها بالغضب وتلجلجت قائلة بتهدج، حانق:-
  - طبعًا كبيره ومش قصدي، أنا بس هوــ يعني مش عايزة ـــــــــــ بص أنا مش عارفه___..
  صمتت لا تدرك ما عليها قوله برهبه منه، فكيف لها أن تخبره عما يعتريها من توتر أتجاه الاغراب وانها لم تعتاد على الزحام والتواجد وسط هذا الجمع الوفير من الناس
كيف سيتفهمها دون اتهامها بالطفولة، انها تشعر بالرهبة من هذا المنزل وقاطنيه ويقتصر شعورها بالأمان والاطمئنان برفقته هو ، بل وأن هناك رغبه غريبه بداخلها لا تدرك ماهيتها بالتواجد بقربه، مشاعر غريبه سريعة اكتنفتها، خاصها به طفله نحوه، وما هي الا جاهله في درب الحياة ولا تعي ان قلبها بدء اوتاره بعزف لحن الغرام..

جعلت كل التضارب الذي شعر به يتلاشى، فترك قناع جموده يتهاوى وتبقى شعور لذيذ تبثه بقلبه بطفوليتها وحنقها اللذيذ، الذي يجعلها مغوية ببراءة تمارس سحرا على عقله وقلبه، فأنتهى ميسرًا لا مخيرًا عن ما انتوى ورقت ملامحه لها وأردف بنبرة دافئة ق:-
  - أخلص شغلي وارجع على طول يا جود، هحاول ما تأخرش عليكِ تمام..
  ابتسمت وكأن ما احزنها بنبرته الجفاء قبلًا، وتراقص نابضها حتى رفرف بين صدرها واردفت بفرحة طفلة صغيرة  وعينان تبرق بوهج يشع بهجه قائلة:-
  - وهتجيب لي معاك كتاب نقرأه سوا...
بهجتها اخترقت قلبه، حتى توغلت ببن طياته ألى أن استكانت في أحد اركانه وبدأت توميض لتمحي كأبة سنوات عاش بها، وتوهجت عيناه بعد انطفأ غمرها مومئًا لها قائلًا بحماس لرؤية فرحتها بما أعده لها:-
  - لما ارجع من شغلي هيكون في مفاجأة حلوة ليكِ..
دهشتها كلماته، ولم تستعيبها، رفرفت بأهدابها عدة مرات تطالعه وقد استحالت تعابير وجهها لبلاهة مؤقته، قائلة بتعجب:-
  - ليا أنا!..
انتفض قلبه بنبض منعش وتعابير وجهها جبرت البسمه بالارتسام على محياه حتى ظهرت نقرات وجهه (غمزتيه)،  يهز رأسه قائلًا:-
  - في حد غيرك هنا
  جالت عيناها في محجرها باحثه حولها،  ثم اجابته قائلة:-
  - مفيش غيري أنا وأنت
  اتسعت بسمته من برأتها قائلًا:-
  - انتي مشكله يا جود، على العموم لما ارجع هتعرفيها،  ارتاحي انتي على ما ارجع..
  انهى حديثه وتحرك مغادرًا،  تاركًا إياها موضعها،  متصنم جسدها،  بينما قلبها الصغير يطرق بقوة في عظام صدرها حتى كاد ان يحطمها، تختلجه مشاعر جديدة كليا عليه، مبهمة له...
***
طرقت باب الشقة بتردد، تشعر بالتوتر من رؤية الاخرى وتعاملها معها،  لكنها حزمت امرها أن تصلح ما أفسدته بيديها،  لذا طرقت الباب بوتيرة أقوى، حتى فتحت الباب سارة التي تجهمت ملامحها فور رؤيها..
ما ان وقعت عين وفاء على محياها الشاحب المنتفخ، وعينها الحمراء الباهتة حتى غص حلقها وادركًا صاعق اكتتفها أن هذا صنيعتها،  دمعت عيناها وتألم قلبها لهذا، وظلت تطالع الاخرى بصمت سحيق دام لثوانًا،  حتى قطعته سارة قائلة باقتضاب:-
  - خير
  بتوتر وبنبرة متلعثمة اجابتها وفاء قائلة:-
  - ممكن اتكلم معاكِ يا سارة!..
اغتضن وجه ساره بالغضب والرفض،  واردفت قائلة:-
  - آسفه أنا حاليًا مشغولة
  بتصميم اعترضت وفاء قائلة:-
  - لو سمحت يا سارة اسمعيني دقايق وبعدين همشي من هنا على طوال، بس لازم اوضح لك كل حاجه ..
خنعت ساره امان اصرارها،  وأشارت لها بالدلوف..
تحركت وفاء بخطوات مهزوزة نحو الأريكة وجلست وسارة بمقابلها وبنبره صوت جريح انهكه عثرات الزمن اردفت وفاء بعد ان جلت حلقها:-
  - أنا اتطلقت من حوالي سنتين عشان شيلت الرحم وما بخلفش وحمدت ربنا ورضيت وعشت،  لحد ما نرمين ماتت وعمران عاش معايا الفترة دي،  واتعلقت بيه وقتها وحسيت ان ممكن يكون عمران العوض ليا عن مشاعر الأمومة اللي جوايا واتحرمت منها...
  صمتت لثوانًا،  تزدرد ريقها، وشعور بالألم يجتاحها لتحدثها عن نقصها وما فعلته قائلة:-
  - بعدها أنا عرضت على رحيم أنه يتجوزني عشان اكون أم لعمران اعوضه عن الام اللي فاقدها واعوض نفسي واحتياجي لأبن ورحيم رفض وقتها احراجي بالرفض،  فأكتفى بالصمت اللي اعتبرته موافقه،  وأنا معرفش انه حكى لوالدي وطلب منه يقولي، لكن بابا ما قاليش،  يمكن مالقاش الوقت المناسب او خاف يألمني بالرفض التاني ليه، 
ما اعرفش،  المهم أننا جيت على هنا بدون علمه،  لأن عمران وحشني،  وبذات الوقت اتكلم مع رحيم،  واول ما شفتك خفت وحسيت بالتهديد من إنك تخدي المكان اللي بسعي ليه، عشان كده اتعملت معاكِ بالطريقه دي، بس
صدقيني ما كنتش اعرف هويتك ولا أن عمران ابنك وانكم متفقين على الجواز وإلا ما كنت جيت او اتصرفت كده،  اول ما شفتك يا سارة، امبارح رحيم حكى لي كل حاجه عن الماضي المجهول ليكم وقد ايه انتِ عنيتي وأنا يستحيل اكون سبب الم تاني ليكِ،  رغبتي بالقرب كان عشان عمران،  بس عمران دلوقت عنده أم حقيقيه ومش هخاف عليه،  فأنا
اسفه يا سارة على اللي عملته،  وصدقيني رحيم بيحبك.. 
كانت تنصت لها باهتمام،  بدأت المشاعر تتعاقب على محياها، كلما تحدثت الاخرى  في البداية تغضنت ملامحه بالضيق الذي استبدل بالشفقة، لخوفًا نتج عن طرق الماضي لعقلها من أن تتعرض للخداع مره أخرى، من أن يكون اقتران رحيم بها من اجل انجاب طفلًا اخر ثم يسلبهما منها ويعطيهما لوفاء،  خاصةٍ انه لم يوضح لها الأمر،  لتتذكر احداث الأمس وكيف ألمته وقست عليه بحديثها دون ان تدع له فرصه بالتبرير،  لذا سريعًا ما أزاحت تلك الظنون من رأسها، تؤنب ذاتها على سوء ظنها الدائم به، وايضًا لرؤية الصدق يلتمع  بعيني الاخرى،  فأمأت برأسها لها متفهمه..
ما أن  انتهت وفاء من التوضيح لها،  حتى نهضت قائلة:-
  - انا كده حكيتلك الحكاية كلها،  وجاه وقت ان أمشي..
تنفست سارة بقوه، وتاهت في قوقعة شرودها للحظات، تقنع نفسها المريضة بمحاولة الشفاء من علتها والثقة به، فهو يستحق ذلك،  وعليها اظهار هذا له لذا هتفت قائلة:-
  - خليكِ يا وفاء ما ينفعش تمشي بدون علمه.
  اجابتها وفاء ببسمه خافته قائلة:-
  - رحيم عارف اننا ماشيه يا سارة وبعت واحد صاحبه يوصلني، هو أتواصل معايا ومستني تحت،  بس انا قولت اصلح غلطي الاول..
  -ثم صمتت للحظه قبل ان تستطرد قائلة:-
  - ساره من قلبي بتمني ليكِ السعادة مع رحيم وابنك،  انتِ تستحقي بعد كل الألم دا...
  أمأت لها ساره ببسمه،  فتحركت وفاء مغادره،  تستقل المصعد هبوطًا لأسفل بينما تطفر عينيها بدمعه،  ازاحتها بكف يديها، وتخطو لخارج البناية،  تحول حدقتيها بمحجرها بحثًا عمن ينتظرها،  الى أن وجدت أمامها احدهم يرتكن بجسده على السيارة،  والذي بدور اعتدل ما ان لمح ترجل احدهن من البناية،  بتيقن أنها هي،  ارتسمت بسمه دافئة تلى محياه وهو يتقدم منها سائلًا:-
  - أستاذه وفاء
  أمأت له برأسها بصمت،  فحثها على التقدم نحو السيارة ولم يغفل عن رؤية عيناها اللامعة بثوب الحزن..
فتح لها الباب الذي يجاوره، فاستقلت السيارة بشرود حزين،  وصعد هو الاخر برفقتها وتحرك بها بصمت دام بينهما، هي غارقة بقوقعة شرودها بمضيها الأليم وما حل بها،  بينما هو عيناه كانت تتنقل بين الطريق وبينها، فثمة شيء في حزنها يجذبه ألى أن قطع الصمت رنين هاتفه،  فرفعه ليجيب ما أن  لمح رقم معلمة طفلتيه الصغيرتين،  فأجاب قائلًا بنبرة قلقه:-
  - خير حضرتك في إيه!،  البنات بخير!..
  أثارت جملته انتباه تلك الجالسة بجانبه، فوجهت بصرها نحوه،  بينما هو تابع قائلًا:-
  - طيب انا جاي فورًا ممكن تديها لي...
  ثم اردف قائلًا بعد صمت دام لوهله:-
  - أيوا يا حبيبة بابي اهدي ما تعيطيش أنا جايلك فورًا..
  ثم اغلق الخط وناظرها قائلًا:+
  - اسف بس مضطر اروح مدرسة البلد هنا،  بنتي انجرحت وبتعيط جامد..
نغزها قلبها وأردفت قائلة:-
  - ولا يهمك،  الف سلامه عليها..
  عدل وجهته نحو المدرسة،  وخلال دقائق كان يترجل من السيارة،  فوجدها تلحق به قائلًة:-
  - ممكن اجي معاك اطمن عليها انا دكتورة اطفال..
  اماء لها موافقًا وتحركا سويًا للداخل...
ولجا إحدى الغرفة المخصصة لعلاج الصغار بالمدرسة وتحرك مسرعًا نحو طفلتيه اللتان تنتحبان بقوة احدهما مجروحة والاخرى حزينة على شقيقتها،  التي تحاول الطبيبة معالجة رأسها الصغير  المجرح، تعقيمه وتضميده تحت صراختها الواهنه والمعترضة،  خطى نحوهما بقلق قائلًا:-
  - شيري حبيبة بابي مالك يا قلبي..
  زاد انتحاب الصغيرة ما أن لمحت والدها،  وابعدت يد الطبيبة عنها واردفت قائلة:-
  - وقعت يا باباي واتعورت جامد،  وهي بتوجعني،  خليها تبعد عني..
  طالعها بوجل،  بينما تقدمت وفاء منهن وطالعت الصغيرة بنظره حانيه، وقد تألم قلبها لرؤية الدماء تنبثق من جبينها فأردفت قائلة للطبيبة:-
  - لو سمحت سبيها أنا هتعامل معاها
  أمأت لها الطبيبة وابتعدت، فتقدمت منها هي قائله بنبرة حانيه:-
  - بصي خلاص أنا طلبت منها تبعد،  ممكن اشوفها أنا!..
  رفعت شيري نظراتها لها بترد وخوف،  فابتسمت لها وفاء قائلة:-
  -تعرفي أن أنا وبابا جايين نخدكم ونروح الملاهي نلعب شويه وكمان هنروح ناكل ايس كريم وغزل البنات..
لمعت عين الطفلة،  بينما اردفت شقيقتها بسعادة:-
  - بجد
  أمأت لها وفاء ببسمه قائلة:-
  - ايوة بجد،  بس عشان نروح لازم نخلص ونمشي من هنا الأول،  ومش هنمشي من هنا غير لما شيري تعقم الجرح الصغنن دا عشان ما يلتهبش ويوجها اكثر،  فها أيه رأيك يا شيري اعقمه أنا ليكِ براحه خالص عشان نمشي..
  نظرتها الصغيرة بعين التردد قائلة:؛
  - بس وعد مش هتوجعيني!..
  اردفت وفاء قائلة:-
  - وعد
  أمأت لها الصغيرة وتركتها تقترب وتبدأ في تعقيم جرحها وتضميده، ووفاء حريصة على التعامل بخفوت وعدم أيلمها كما وعدتها ألى أن انتهت، فرمقتها الصغيرة ببسمه، حينما سألتها وفاء:-
  - هااا اتوجعتي
  حركت الصغيرة رأسها نافيه، بينما تردفت الاخرى قائلة بحماس:-
  - دلوقت بقى هنروح الملاهي وناكل ايس كريم..
  اتسعت بسمة وفاء قائلة وهي تقترب وتنخفض أليها تقبلها، وتحملها من ثم تناظر الاخرى وتتلمس وجنتيها بدفيء:-
  - اكيد يا روحي مش أنا وعدتك..
كل هذا كان تحت نظراته الصامتة، وهو يترقب تعاملها الحاني مع صغيرتيه، وكم أعجبته شخصيتها اللطيفه هذه، فطالعها بعين الامتنان والشكر، فلو كان وحيدًا لما استطاع التعامل مع الصغيرة، لذا طالعها قائلًا:-
  - شكرًا يا دكتورة وفاء..
  ابتسمت قائلة:-
  - مش هقبل منك شكر، غير انك تخليني اوفي بوعدي للبنات ونروح للملاهي دلوقت، اذا كان دا مش هيضايق مامتهم..
لمعت عيناه بالآسي وارتسم الحزن على محياه، فأجابت الصغيرة بدلًا منه قائلة:-
  - مامي مش هتزعل ابدًا لأنها بتراقبنا من فوق من السما، وبتفرح لفرحتنا...
  صدمت وفاء بحديث الصغيرة الصاعق لقلبها، فطلعتهما بعين الشفقة، وضمتهم ألى صدرها أكثر بحنان قائلة:-
  - اكيد يا قلبي هتفرح لفرحتكم...
  ثم نظرت محمد الواقف امامها بأسف قائلة:-
  - ربنا يرحمها وانا اسفه..
  اماء لها برأسه واردف قائلًا لينتزعهم من لحظات الشجن تلك:-
  - أنا عن نفسي موافق تروحوا الملاهي طالما وعدتيهم وعايزة تروحي معاهم..
   ابتسمت له قائلة ببسمه-
  - يبقى نروح الملاهي يلا...
  صاحت الطفلتين بسعادة، وما كاد محمد ان يتقدم لحمل الصغيرة المصابة الا انها زمت شفتيها ودمعت عيناها قائلة:-
-بس انا مش هعرف اروح،..
طالعتها وفاء باستفهام قائلة:-
  - ليه يا شيري..
  انزلت الصغيرة نظراتها نحو قدميها قائلة:-
  - عشان رباط الشوز بتاعي مفكوك وانا مش عارفه اعمله وهو اللي وقعني..
  تنهد محمد ببؤس هاهو موضوع كل يوم فهي ترفض أن يعقده هو لها ويصر عليها الى ان تخضع بصعوبة، فهي تصر على عقده بنفسها مثل شقيقتها لكنها لا تفلح، لذا زفر قائلًا:-
  - أنا هربطه ليك يا شيري..
حركت راسها رافضه قائلة بينما يقطر الدمع من عينيها:-
  -لا يا باباي انا عايزة اعمله أنا واتعلم زي شهيرة..
تأفف محمد بضيق وما كاد ان يتحدث، حتى قامت وفاء بوضع الصغيرة شهيرة ارضًا وتقدمت من شيري قائلة:-
  - إيه رأيك اساعدك أنا وأوريكِ طريقه سهله تربطيه بيها..
  نظرت  لها الصغيرة بعين التردد، فرمتها ببسمه مشجعه،  فأمات لها،  انحنت وفاء نحوها،  واردفت بينما تتعامل مع رباط قدميها:-
  - بثي هنعمل ودنين الارنب وبعدان الارنب هيلف حول الشجرة ويدخل جحره...
  - انهت كلماتها وكانت عقدت الفردة الاولى،  لترمقها بغمزه قائلة:-
  -- يلا وريني انتِ كده..
امات لها الصغيرة،  فقالت وفاء:-الاول ودنين الأرنب
فعلتها الصغيرة، فتابعت:-
  - نلفه الاولى حول التانية وبعدين تدخل الجحر..
  - نجحت الصغيرة بفعلها، وقهقهت بسعادة وهي تقبل وجنتي وفاء قائلة:-
  - انا عملته يا باباي..
  كان يطالع ما يحدث بذهول، فكيف نجحت بتعليم الصغيرة بثوانًا وهو ظلا لأسهر يحاول ولا يستطع، وبالنهاية ابتسم لسعادة أبنته وحملها بفرحه قائلًا:-
  - شطوره يا قلب باباي، والدكتورة اللي علمتك شطوره اكثرعشان علمتك بسهوله كده،
  - ثم ناظرها ببسمه قائلًا بنبره مازحه:-
  -- كنتِ فين من زمان..
  ابتسمت وفاء له بخجل وهي تحمل الصغيرة الاخرى ويتحركان للخارج نحو السيارة، وضع الطفلتين بالخلف وجلست عي بجانبه وانطلقت السيارة نحو الملاهي، وقد بدوا كعائله سعيدة....
***
في المشفى كان رحيم جالسًا على فراشه يرتسم الألم على سيمائه بينما الممرضة تضمد له كتفه المصاب، اقتحم الغرفة ركان المتجهم الملامح، والذي  كان قد سربله القلق على صديقه،  فتوجه نحوه قائلًا:-
  - رحيم أنت بخير،  إيه اللي حصل وازاي ما تخدش احتياطك..
  تأوه رحيم بألم تأثرًا بمباغتة الممرضة له بحركه خاطئة، ثم اردف قائلًا:-
  - اهدى يا ركان أنا بخير، عمر الشقي بقي، قدر الله ما شاء فعل، والحمد لله أنها جات على كده، بس أنت إيه اللي جابك وسيبك مراتك..
  اردف ركان قائلًا:-
  - هي بخير وفي القصر عند ادم ومعها الممرضة الخاصة، انا اللي كلمني سيادة اللواء وعرفني بحالتك، انت عارف القضية دي مهمه أد أيه، خاصة لأنها قضية فساد وخيانة عظمى، وحقيقي مش قادر اصدق ان ضابط زيه يكون خاين وفاسد...
  تغضنت ملامح رحيم، وضاع بقوقعه شروده للحظات قبل أن يأردف قائلًا:-
  - القضية دي شكلها كبيره وفيها طرف تالت يا ركان، كان قاصد يصفيه والرصاصة صابتني بداله، مش عارف ليه حسيت أنه مظلوم....
  اردف ركان قائلًا:-
  - كله هيظهر ويبان، المهم انك بخير، قلقتني عليك يا جدع..
ظلا معًا لدقائق حتى انتهت الممرضة من تضميد جراحه واعطته بعض التعليمات اللازمة وخرجت، ليعقبها نهوض رحيم واصراره على المغادرة، فرافقه ركان بتصميم لأيصاله الى المنزل لا لمكان آخر...

شرد رحيم طيلة الطريق ألى المنزل، فيما حدث معه، فماذا لو أصابه مكروه، ماذا سيكون مصير ساره وطفله حينها، وهما لا يربط بينهما اي صلة قانونيه تقيده بها،  فقد تأكد الأن أن الوقت غير قابل للتجديد، فلا يوجد وسيله لأيقافه او دورانه او استرجاعه، لذا قرر عدم اهدار المزيد منه،  بل سيحرص على استثماره، سوف يقيدها به ويعيش ما تبقى له من عمر متنعم بقربها وحبها الذي سوف يحصل عليه قسرًا...
توقفت السيارة أمام البناية، ترجل رحيم من السيارة ومعه ركان الذي صعد معه ألى حيث شقته، متجنبًا الشقة التي تمكث بها سارة، دلف رحيم الى الداخل وارتمى بجسده على الأريكة يتأوه بأرهاق، بينما وقف ركان يناظره لثوانًا بفكر شارد، متسأل عن سر رفضه المرور بساره أو أخبرها بحالته الصحية، وأيضًا رؤيته لصنوف الهموم المرتسمة على ملامحه منذ التقى به، فارتكز بنظراته عليه بتدقيق يطالعه بعين الشك قبل ان يأردف قائلًا:-
  - أنت متخانق معها صح!..
  زفر رحيم بقوة، وارتمى برأسه على ظهر الأريكة، يتنفس بغصة مريره عالقة بحلقه، متذكرًا حمى وطيس الكلمات بينهما، والتي مؤكدًا تركت بصمتها بقلب كلًا منهما، ثم طالعه بنظرات شاسعه من الخواء، نظرات ترسخ بها الألم قبل ان يسرد له كل ما حدث بينهما من سوء فهم، وما أن انتهى حتى أردف ركان بحكمه نابعه من الازمات التي مر بها مع زوجته قائلًا:-
  - غلط يا رحيم لما وصلت الأمور بينكم للنقطة دي، عارف انها ما عطتكش فرصه للتبرير، وثارت، بس تفتكر مل الثورة دي ليه!، هقولك ببساطه لأنها حبتك وغارت ووجعها قلبها أن  يكون حبك واهتمامك خدعه ليها، فعلى اد محبتها ليك على قد ما غضبت منك وتألمت وخاصةٍ في حالة سارة اللي سبق وتعرضت للخديعة....
  كل كلمات ركان الاي عقبت كلمة احبتك لم ينتبه له، بل توقفه استيعابه عند تاك الكلمة التي اخترقت قلبه لا مسمعه فأرتجف النابض لها ورفرف بصدره، ولسانه يردد الكلمة متذوقًا حلاوتها، بينما يتسأل هل حقًا أحبته وتمكن من اذابة جليدها وتمكن من اقحام عشقه بقلبها...
انتزعه ركان من شروده مطقطقًا انامله معًا قائلًا:-
  - هااااي دماغك راحت فين!..
  اردف ركان قائلًا بتنهيدة قوية :-
  - في كلامك،  أنا عارف اني قسيت عليها بالكلام، بس ما قدراش اتحكم في غضبي لما قالت انها هتاخد عمران وتبعد، عايزة تحرمني منها ومن ابني بكل قسوة...
زوى شفتيه ببسمه  متهكمه قائلًا:-
  - قمت أنت بقى بكل غباء طينت الدنيا بكلامك بدل ما تحتويها، لا  حسستها أن  ملهاش قيمه عندك قولتلها عايزة تمشي امشي من غير ابني ..
  اردف رحيم بنزق قائلًا:-
  - لا يا ركان انا وجهتها بالحقيقة، ان هي  مفيش اي علاقه تربطها بعمران إلا عن طريقي، ودا اللي فكرت فيه النهاردة، لما حسيت أن ممكن اموت واسيبهم عشان كده قررت اني مش هتأخر اكتر من كده، ولو هجبرها على الجواز مني عشان لو حصل لي حاجه اكون مطمن..
ابتسم ركان وتشدق قائلًا:-
  - طيب ما تقولش انها هتجبرها عشان عمران بس، مش عشان انت بتحبها ومش قادر على بعدها اكتر..
  ابتسم رحيم بحرج واردف قائلًا بنبرة ماجنه:-
-  أنت هنا ليه يا عم يلا من هنا روح لمراتك وسبني ارتاح أنا كمان..
رفع ركان احدى حاجبيه واردف قائلًا:-
  - أنت بتطردني!، تصدق اننا غلطان إني سبت مراتي وجيت لك، بس ملحوقه انا ماشي..
قهقهه رحيم قائلًا:-
  - دا على اساس انك دلوقت ما صدقت تخلع وترجع لها، ما الحال من بعضه يا عم، بس على الله اللي بتنصحه ليا تعمل بيه وتعرف تحتوي مراتك وتقدرها وتقدر حبها ليك..
  طل اطياف من الندم على وجه ركان مأردفًا بشجن:-
  - عرفتها يا رحيم، وبحمد ربنا اني لقيتها وبقيت ليا ومن نصيبي، رغم أن اوقات بحس بالقهر انها كانت لغير من قبلي، نار بتشعل فيا وقتها...
  طالعه رحيم بنظرة تلتمع بلهيب الغضب ، فمن قد يفهمه اكثر منه وقد احترق هو الاخر بذات النيران،  وكم تمنى لو التقى بها قبلًا وكانت له وحده،  ولم يمسسها رجلًا قبلًا،  لكن هذا قدرهما وعليهما التعايش معه...
صمت سحيق ساد لثوانًا،  وكلًا منهما يحترق من زخم افكاره،  قبل ان نفض ركان غبار الهم من على سيمائه، راضيًا بما كتب له، مكتفيًا بعذرية قلبها قبله وانه الحبيب الاول ومؤكدًا سيكون الأخير، سيسعى لهذا، و أردف قائلًا لينتشل ذاته والاخر من حالة الشجن والالم الذي وضع كلاهما بها:-
- يلا أنا هروح عشان لازم افوت الاول على القسم اخلص حاجات مهمه وبعدين ارجع على القصر،  وأنت اهتم بنفسك ولو عوزت حاجه كلمني..
اماء له رحيم،  فتحرك ركان، وفتح باب الشقة وقبل ان يخرج اوقفه رحيم قائلًا:-
- ركان
استدار له ركان مستفهمًا،  فأردف رحيم قائلًا:-
- خد بالك من تصرفاتك بالقصر وطريقة تعاملك معهم قدام مراتك  كويس أوي،  وراعي شعورها واحساسها وبلاش تكسرها تاني،  لأن وقتها هيكون صعب عليك ترجعها زي ما كانت،  انسى الماضي وأوهامه وركز في مستقبلك والهدية اللي ربنا بعتهلك،  بلاش تنكرها لتزول منك..
تنهد ركان بقوة،  قبل ان تنزوي شفتيه بسمه قائلًا:-
- ما تقلقش يا رحيم،  صاحبك فاق وعرف تمامًا هو عاوز إيه  وهي مراتي وحبها وبس،  وصدقني الماضي خلاص محيته..
ثم تحرك مغادرًا الغرفة،  مستقل المصعد وهو ينتوي مساعدة صديقه بأعلم سارة عن  حادثته..  
   ***
  في المشفى كان محسن جالسًا على فراشه، بينما يجلس مقابله شيخ الجامع المجاور لمنزله والذي جاء للاطمئنان عليه وتبدل معه بعض الحديث عن حالته الصحية ألى أن اردف قائلًا:-
  - والله يا محسن انت عندك ثلاث بنات زي الورد احسن من اجدعها شاب، من وقت مرضك ورقدتك وهما مسكين شغلك وواقفين على راس العمال والبلاد كلها شهدت بيهم

تطلع إليه بحسين بصدمه لما سمعه، فلم يكن لديه علم عن استلام بناته لعمله، فوجه بصره ألى زوجته متسألًا، فتسرب الخوف بين طياتها، واشاحت بوجهها عنه تناظر الارض وجلًا
بينما الشيخ استطرد حديثه مؤنبًا له قائلًا؛-
-أنت ربنا كان عطيك نعمه غافل عنها وسعيت ورا وهم الولد اللي هيشيل اسمك وكلام الناس،  وعنفت بناتك ونبزتهم وتجبرت وطغيت وتجوزت صغيره من دور بناتك عشان تجبلك ولد،  وناسي انك كده بتعترض على امر الله وقدره،
يا  تفكيركم انت واللي زيك غريب ومجحف بحق البنات والكل بيدور على خلفة الولد، اللي اوقات بتكون ظفر البنت برقبته، بص وشوف حوليك هتلاقي فيه اللي عنده الولد لكن
ولد عاق مطلعه عينه وفضحه وسط الناس، لكن انت ربك كرمك بتلات ظهور هيكونوا سبيلك للجنه اذا اهتميت بيهم وعلمتهم وجعلتهم مؤمنات صالحات...
كان يستمع إليه وكلماته تخترق قلبه لا مسمعه وكأنها سهام تدميه،  كان يشعر بالخزي من ذاته كلما راودته إحدى الذكريات السيئة له مع بناته من عنف وتقليل...
قطع شروده دلوف بناته الثلاثة من باب الغرفة بخفوت،  ترددن في الاقتراب منه ألى ان حسمن امرهن ووقفن بعيدًا عنه كما اعتدنا يخشين القرب فينالن التوبيخ، ومع ذلك كان هناك بسمه سعادة صادقه على محياهن لرؤيته بخير، همسن بصوتًا واحد قائلات:-
  - حمد الله على السلامة يا بابا..
  شعور بذنب لا يطاق اختنق به واهتاج بصدره كوخزات تدميه وهو يري الوجل منه يطل من أعنيهم، يتسأل كيف كان قاسي القلب، متلبد المشاعر، فقسى على زهوره بدل من ان يعتني بهن ويرويهن ويجعلهن يزدهرن في منزله، فجدد العهد على نفسه بأن يعوضهن عما سبق، لذا حاول تجاذب الحديث معهن وأردف قائلًا:-
  - عرفت من الشيخ انكم نزلتوا الشغل بدالي..
  - طل الذعر من اعينهن وخشين ردة فعله القاسي كما اعتدنا منه، الا انهم رفضن أن يتركن مال والدهم وأرضه دون راعي فيطمع به الطامعين وينهب منه السارقين، وحسمنا الامر وان نالنا العقاب عقبه، لذا ارتجفنا منه وصمتن إلا أن اردف متسائلًا بنبرة هادئة:-
  - ويا ترى بنات الحج حسين قدروا يثبتوا نفسهم وينجحوا ولا..
صوب الفتيات انظارهن ألى والدهن بتفاجئ ودهشه، تضاعفت ما أن راوا بسمه مرتسمه على محياه، فكانت الصغرى اول من تحررت من خوفها وصدمتها واردفت قائلة:-
  - عيب يا حج، شرفناك طبعًا، انا مسكت الحسابات وزينه وقفت على العمال واهتمت بالمطحنه، أما شهد بقى فهي وقفت  ريس على الانفار في جمع المحصول وتولت الاتفاق مع التجار اللي حاولوا يستغلوا الفرصة ويرخصوا بالسعر لأننا بنات لوحدينا، بس شهد ما سمحتش ليهم ونزلت سوق المحاصيل وباعت بسعر اكبر من اللي كنت متفق عليه، واستلمت الفلوس وكله تمام...
  طل الفخر من عينيه، وبصره يثبت على شهد اكبرهن، تلك التي نالت من قسوته ما يجعل الكره نحوه يتغلغل بقلبها ويترسخ به، توقع منها هي دونًا عنهن ان تتمنى له الموت وتحزن لنجاته، فهو قد حرمها من كل شيء ترغب به، حتى أنه حرمها من اتمام تعليمها مثيل غيرها من الفتيات فقد اجتزت الثانوية بشق الانفس لأصراره عليها لتترك، بالرغم من نجاحها وتفوقها وعلاماتها العالية إلا أنه اصر الا تكمل دراستها، وقام بخطبتها لأبن أحد التجار الذي يتعامل معهم، لينساب دمع الندم من عينيه يشق طريقه على اخاديد وجهه كالماء حينما تشق ارضًا شديدة الجفاء وأردف قائلًا:-
  - شاطرين يا بنات حسين، اثبتوا لأبوكم انكم ظهر يتسند عليه، وان هو اللي كان غلط لما  نفر منكم ووجري ورا  وهم أن الولد هو سند ابوه، بس بوعدكم من هنا ورايح كل شيء هيتغير للأحسن، وهعوضكم وهتكملوا علامكم وهتقفوا معايا بالشغل زي ما انتم..
ثم فتح ذراعيه وأشار لهن بالتقدم نحوه
  - التمعت العبرات تأثرًا في اعين الفتيات الثلاثة،  وهرعت الوسطى زينا والصغرى الى أحضان والدها، بينما وقفت شهد الكبرى موضعه تذرف الدمعات وهي تراقبهن..
  ضمهن حسين الى صدره وهو يذرف عبرات الندم، لينتبه لتوقف شهد وعدم تقدمها، فرفع بصرها لها يرمقها بنظرات مغلفه بالندم راجيه الغفران وهو يأردف قائلًا:-
  - هتسمحي ابوكي على غلطه معاكِ يا شهد!...
  لم تحتمل شهد دموع والدها ونظراته وهرعت ترتمي في احضانه، ليضمها الى صدره بآسي وأردف قائلًا:-
  - من بكره هفسخ خطبتك من عال وهترجعي تكملي تعليمك، انتي واخواتك مش هحرمكم من حاجه تاني..
  - كان مشهد مؤثر اشعرت له الابدان، فكانت والدتهن تقف تناظرهم بسيل من الدموع الهادرة رغم فرحة قلبها لهداية زوجها، وايضًا فرحت الشيخ بصلاح حال هذا المتجبر، الذي نهض وانسل من بينهم، متمتمًا:-
  -- انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
متأكدًا الان ما من نشر يحدث، بل دائمًا هناك خير لنا في كل شر...
***
خرج ركان من شقة رحيم وهبط الدرج الى الاسفل حيث شقته، وتوقف امامها، ثم ضغط على الجرس، فصدح صوته عاليًا، مرت دقائق وفتحت الصغيرة ندى الباب، والتي ارتسمت البسمه على محياها لرؤيته، فأردفت قائلة بنبره مغلفة بالسعادة لرؤيته:-
  - عمو ركان وحشتني جدًا، أنت وأبله بوسه، هي عامله ايه بقيت أحسن؟..
احتضنت البسمه شفتيه لرؤية الصغيرة الشبيهة لتلك التي امتلكت قلبه، وانحنى بجزعه نحوها، يلتقطها بين ذراعيه، مقبلًا وجنتيها بحنان ابوي قائلًا:-
  - وانتي كمان وحشتيني يا عفريته، وكمان وحشتي اختك جدًا، وعشان كده أنا جاي اخدك ليها...
  قهقهت الصغيرة بسعادة، وصفقت بكلتا يديها قائلة:-
  - يا سلام واخيرا هشوف ابله بوسه..
  نظرها بحنان واردف قائلًا:-
  - اوعدك من هنا ورايح مش هتفترقي عنها، قريب جدًا هظبط حياتنا واجهز مكان يجمعنا سوى كعيله...
  في تلك الأثناء خرجت سارة من الداخل، ووقفت امام الباب ترحب به، فأماء لها ركان مرحبًا واردف قائلًا:-
  - اسف على الازعاج بس كنت حابب اخد ندى معايا عشان تشوف اختها، فلو امكن تحضري لها شنطة صغيرة فيها شوية هدوم ليها..
  ابتسمت سارة بخبور له قائلة:-
  - اكيد طبعًا من عيوني وحمدالله على سلامة بوسه، وانا اللي بعتذر عن ازعاجي ليكم وقعدتي هنا..
قاطعها ركان قائلًا:-
  - مفيش ازعاج ولا حاجه، دا بيتك وأحنا قاعدين بالقصر لان دا راي الدكتورة المعالجة لبوسه..
  - امأت له متفهمه قائلة:-
  -- طيب وهو انا اقدر ابقى اشوفها..
امأ لها مؤكدًا قائلًا:-
  - أكيد تنوري في اي وقت..
  ابتسمت له وطلبت منه ندى لتجهيزها هي والحقيبة، ثم تحركت الى الداخل حيث الصغير النائم بالغرفة، وقامت،  بتحضير الحقيبة ل ندى وسعادتها على ارتداء ملابسها، ثم خرجت له وهي بجوارها، والتي تركتها واسرعت نحوه،  فحملها مجددًا ببسمه،  ثم مد يديه لها وجذب الحقيبة وشكرها، وقبل ان يذهب نظر لها واردف قائلًا بنبرة مغلفه بالخبث:-
  -مدام سارة ياريت لو تطمني على رحيم من وقت للثاني وتتأكدي انه اخد دويته وغير على الجرح عشان ما يلتهبش..
نبض قلب ساره بعنف وارتسم القلق على محياها، واردفت بنبرة مغلفه به قائلة:-
  - ليه، هو رحيم ماله؟
  اردف ركان يجيبها قائلًا:-
  - رحيم اتصاب برصاصه بكتفه ورفض انه يبقى في المشفى مع أنه محتاج عناية..
  شهقة اندلعت من فاه ساره دفنتها بكفوف يديها، بينما ارتجف جسدها وطل الذعر عليه من مقلتيها وتلعثمت قائلة:-
  - اتصاب!..
  لاحظ ركان ذعرها عليه البادي والذي يفسر حبها له، واردف قائلًا محاولًا بث الطمأنينة بقلبها الذعر:-
  - اهدي هو بخير  والحمد لله وربنا نجا، المهمة اللي كان طالعها ما كانتش سهله، بس هو محتاج رعاية، وهو رفض يقولك ويقلقك، بس انا خفت عليه وحكيتلك..
  أمأت له بتيهه وعيناها التي تنساب منها العبرات بصرها نصوب على الدرج والذي تتمنى التهامه والتوجه نحوه الأن لتطمين عليه، تفهم ركان واستأذن متحركًا، تاركًا اياها موضعه للحظات تبكي بتأثر، حتى حسها عقلها على التحرك
نحوه، لكنها وقفت لثوانًا حائره بين صغيرها الغافي وهو، فحسمت امرها وقررت الولوج لصغيرها وحمله والصعود إليه لتطمئن عليه وقلبها يأن ألم وحزنًا لما اصابه، متسائلًا ماذا كان سيحل بهما ان اصابه مكروه...
***
اندمل قرس الشمس في أحضان السماء،  ولم يتبقى منه إلا  اشعة الغروب الباهتة تلون السماء الرمادية،  وسيارة ركان كانت تنهب الطريق عائده ألى القصر،  برفقة الصغيرة ندى..
**
في ذات الوقت كان أدم عائدًا هو الآخر من الشركة، بعد انهاك في العمل، محاولًا انهاءه في وقت ابكر، للعودة سريعًا كما وعدها، ولأول مره يشعر بالرغبة للانتهاء سريعًا لان احدهم ينتظر عودته، ويتأثر بغيابه..
توقفت السيارتان امام بوابة القصر، فترجل ادم من سيارته وكذلك ركان الذي استدار  يحمل الصغيرة ويجذب حقيبتها،  ثم توجه نحو أدم الذي نظر للصغيرة مبتسمًا، وقام بمداعبة وجنتيها مُرحبًا ومستفسرا عن هويتها، فأجابه ركان قائلًا:-
  - دي ندى اخت مراتي، كانت عند خطيبة رحيم، ما رضيتش اتقل عليها اكتر من كده وجبتها تبقي معايا وتحت عيني، تعرف انهم ما بقاش ليهم غيري، انا كل عيلتهم دلوقت، وكمان لأني متأكد انها هتحسن من نفسيتها وتكون دافع ليها عشان تخف..
أماء له ادم متفهمًا قائلًا:-
  - عندك حق يا ركان، كويس انك جبتها هنا، هي مكانها معاك ومسئوله منك من دلوقت، اما حكاية ما لهمش غيرك فدي غلط، هي ومراتك دلوقت من العيلة...
  ابتسم له ركان بامتنان قائلًا:-
  - اسف يا أدم  لو متقلين عليك..
تغضنت ملامح ادم واردف بتأنيب قائلًا:-
  - متقل على مين يا بني ادم أنت، البيت دا بيتك وطبيعي بكون بيت مراتك ومرحب فيها باي حد يخصها، ثم أنا لسه بقولك هما من العيلة، يعني بيتهم هما كمان..
  انهى حديثه وهو يحثه على التحرك ألى الداخل، فاذعن له وتحركوا الى الداخل..
ما أن دلفوا الى القصر، حتى استقبلتهم الخادمة بترحيب، اماء لها ركان واستأذن واستقل الدرج صعودًا للأعلى حيث زوجته وهو مازال حاملًا لندى، يخطط لمفاجئة زوجته بها، بينما أدم اردف متسائلًا:-
  - العمال جابوا الحاجه ونصبتوا الاوضه وجهزتهوا..
  أمأت له قائلة:-
  - كله تم زي ما طلبت..
  اماء برأسه ثم تسال قائلًا:-
  - والهدوم اللي طلبتها جات..
  امأت له قائلة:-
  - ايوه جات ورصيتها في الدولاب في الاوضه..
  اماء برأسه وهو يتحرك للداخل، لكنه توقف متسألًا عندما لاحظ الهدوء يكتنف المنزل:-
  - هو البيت فاضي ليه، فين أمي والباقي..
  -جابته قائلة:-
  - الوالدة وسيدرا هانم في حفلة الجمعية لسه ما رجعوش ونيره هانم قاعدة بالجنينة، وسناء هانم خرجت مع صاحبتها، وميار هانم في اوضتها ما خرجت منها وطلبت الغداء فيها
  أمأ لها متفهما وقال:-
  - وجود لسه في اوضتها، ما خرجتش من الصبح..
   اجابته قائلة:-
  - لا في اوضتها من الصبح وطلعت لها الغداء زي ما طلبت..
  أماء لها متفهمًا وكاد ان يتحرك نحو الدرج  بلهفه غريبه عليه لرؤيته، إلا أنه انتبه لفعلته تلك وبدل وجهه نحو الحديقة الجالسة بها زوجته....
*
تحرك ركان نحو الغرفة الماكثة به بوسه، وطرق الباب بخفه لتنبيه الممرضة بمجيئه، نهضت الممرضة الجالسة بجانب بوسه الغافية، وتوجهت نحو الباب وقامت بفتحه، وجدت ركان امامها الذي اردف متسائلًا عن زوجته، فأجابته قائلة:هي نايمه اكلت واخدت دواها ونامت
اماء لها قائلًا:-
-طيب تقدري تروحي ترتاحي انتي وانا وندى هنبقى معاها..
أمأت له وتحركت مبتعدة، تفسح له محال للولوج..
دلف الى الغرفة هو وندى بخطوات خافته، وقام بأجلسها على الفراش بجانبها قائلًا بمزاح مع الصغيرة-
-هنستنى لما تصحى ونفاجأها تمام
-امأت له الطفلة بحماس، فأخرج لها الحقيبة الممتلئة بالحلوى الذي سبق وابتاعها وهما عائدين ووضعها امامها وجلس بجانبها قائلً بطفوله:/-
-- تعالي نتسلى على ما تصحى
ابتسمت الطفلة من طريقته معاها وامات برأسها، بينما هو التقط مغلف من الشوكولا وقام بفتحه واعطاها إيا
**"
ما ان خرج ادم الى الحديقة، جال بعينيها بحثًا عنها، وجدها جالسه على احدى المقاعد شارده، بينما أمامها كوب من العصير ارتشفت منه منتصفه، تحرك نحوها حتى بات امامها ملقيًا السلام عليها، رفعت رأسها ما أن انتبهت له ترد عليه السلام بخفوت، جلي مقابلًا لها قائلًا:-
  - عامله ايه دلوقت يا نيره..
  صمتت للحظات تشعر بالحيرة والتردد من اخبره برغبتها برؤية والد طفلها، والتعرف عليه، إلا انه تراجعت خوفًا قائلًة:-
  - انا بخير والحمد لله..
  صمت ساد بينهما، صمت تقيل على الانفس، صمت كرهه هو، بينما لم تهتم له، فقد اعتادته، او ربما فضلته، فقد شردت هي عنه تعيش في دوامتها الخاصة بفكر قلق حول مستقبلها هو صغيرها، وكالعادة تصمت ولا تشاركه ايًا من مشاعرها وقلقها..
تعلقت عيناه بها لثوانًا متأملًا شرودها الدائم عنه، مشتاق لبعضًا من الاهتمام منها، تمنى لو استطاع صدع صلابة قلبها بعاطفته وكلماته، فألهمها الشوق له وعلمها حبه الذي حرمته منه وألتهمها بعشقه لك في مسعاه لها اوجدت بينهما جبال راسية غير قادر على تخطيها أو تدميرها، فأعلن استسلامه وتحول مزاجه المشتاق إليها لرجل متلعثم الافكار يخطو بفتور مبتعدًا عن مدارها، راضيًا بجفائها، ألى ان جفت مشاعره وصلد قلبه، لتمر الثواني الصامتة عليه  كطول الامد فشعر بالنفور، ونهض بغضب من على المقعد شاعرًا بالاختناق والرغبة بالابتعاد قائلًا:-
  -  أنا طالع أرتاح..
امات له برأسها ولم تنتبه لنظراته ولا لنبرته الغاضبة، بل عادت لشرودها مجددًا، وهي تحسم قرارها على الحديث مع جود بالصباح، تحرك نحو الدرج يستقله الى الاعلى شاعرًا بالاختناق والضيق، ولم ينتبه لقدمه التي قادته نحو غرفتها، وكأن قلبه ادرك أن. هناك تكمن راحته، توقف أمام الغرفة بتردد قبل أن يطرق على الباب بخفوت لتأذن له بالدلوف..
فتح الباب ودلف الي الغرفة، ليجدها جالسه على الأريكة تستند براسها على ذراعيها المستند بدوره على الأريكة وبدى عليها الملل..
لمعت عيناها ما أن رأته أمامها،  ونهضت مسرعة، تتقدم بخطواتها نحوه بابتسامه مرتسمه على ثغرها قائلة:-
  - واخيرًا جيت هو دا اللي مش هتتأخر!..
ارتسمت ابتسامه تلقائيه على شفتيه من طريقتها بالحديث التي يا للغرابة استطابها واردف قائلًا:-
  - كان عندي شغل كتير وحولت اخلصه بسرعه وارجع، يادوب لسه واصل البيت من شويه، وقولت اطمن عليكي..
توسعت ابتسامتها قائلة:-
  - بص انا كويسه، بس مش كويسه اوي يعني..
  جعد جبينه بعدم استيعاب قائلًا:-
  - كويسه بس مش اوي ازاي يعني
  اردفت قائلة وهي تعدل خصلاتها خلف اذنيها قائلة:-
  - البيت دا ممل أوي، وأنا قاعده هنا لما زهقت، مفيش اي حاجه اعملها غير النوم.

يتبع

Continue Reading

You'll Also Like

3.2M 147K 78
ـ #بحر العشق المالح فى بحر العشق نحن تائهان بين الامواج، لا تقاومي، دعينا نسبح ضد التيار بالنهايه نغرق من فرط العشق ونذوب مثل الزبد في بحرالعشق ال...
2.6M 166K 41
في مَنتـصفُ كائنات الصَفاء كَانت هناك قواريرُ ابريَاء لكل مَنهم جَانبً يشـعَ كـ الهلالِ شعورهم بلأمان أصبح كـ خيـالِ.. حاربُ!! لتنجو، لتثبت أنك قوي...
433K 24.2K 34
قصه حقيقيه لثلاثه ريحانات لكل ريحانه قصه مختلفه تأخذنا لنغوص في عالم مختلف
225K 10K 40
_هلي أحن أليكم ثم أتذكر أنكم ظلمتوني فأصمت وجعآ _ماكنت أحسب هلي يرجون لي ألمآ لاكن رموني بسهمآ هد أركاني *********** _هل انته عوضي عن كل أحساس وحش حس...