عندما وصلنا إلى المنزل نزل ثيودور من علي حِصانه و أنزل أبنته و قالَ لي :
هيا يا أوليڨر تعال معنا إلي الداخل
دخلت و انا أنوي أن اسأل ثيودور عن هذا المكان و أين نحن بالضبط كي اتمكن من العودة للمنزل.
اجلسني ثيودور علي طاولة خشبية وفتح النوافذ ليدخل نور الشمس إلي داخل المنزل و ينير المكان
و ذهب ليعد الطعام.
انتهذت الفرصة و ذهبت خلفه وقولت له :
سيد ثيودور ايمكنني الحديث معك قليلاً؟
لانني أود أن اسألك بعض الاسئلة
رد عليّ وقال :
بل انا من اريد أن اسألك بعض الاسئلة فتعال معي نجلس بالخارج.
ذهبتُ معه إلى الخارج و جلست علي جزع شجرة وهو بدأ في إشعال النار.
كلَّمَني وهو يحاول إشعال النار وقال :
إذاً يا أوليڨر ما الذي حدث لك جعلك تفقد الوعي بالقرب من بيتي؟
أوليڨر : انا لا اعلم كل ما اتذكره هي الشجرة التي تشع باللون البنفسچي وأنني دخلتُ إلي داخلها و من ثم فقدتُ الوعي لا اعلم ما حدث بعد ذلك.
ثيودور : ماذا تعني بشجرة تشع باللون البنفسچي؟
لا توجد اشجار تفعل هذه الاشياء يا فتى
اوليڨر : اعلم يا سيدي لكن هذا ما اتذكره
بدأت ملامح السيد ثيودور تتغير من ملامح شخص ودود و مستمع و مركز إلى ملامح شخص لا يصدق ما اقوله له و مستهزء. فقولت له :
سيد ثيودور انت لا تصدقني اليس كذلك؟
ثيودور : يافتي انت تقول لي أن هنالكَ شجرة تشع ضوءً و تنتظرني أن اصدقك؟
اوليڨر : اعلم أن من الصعب تصديق ذلك لكن عليك أن تفعل ارجوك صدقني انا لستُ كاذباً ارجوك
ثيودور : اعذرني يا فتي لكن صعبٌ جداً أن اصدق شئً كهذا
قولت له و انا غاضب :
أتعلم ماذا؟ انا لا اهتم أن تصدقني انا سأذهب إلى منزلي اخبرني فقط اين اجد اقرب محطة حافلات و لن تراني مره أخرى فقط اخربني.
رد ثيودور مُستغرباً:
ما هي الحافلات؟
اوليڨر : ماذا تقصد بما هي الحافلات؟ أتمزح معي؟
ثيودور : لم يسبق لي أن سمعت هذا المصطلح من قبل يا فتي
اوليڨر : ماذا !!!!!! . كيف؟ الم تركب واحدة من قبل؟
ثيودور : لا لم اركب. لا احتاج هذه الكائنات علي اي حال فلدي حِصاني
قولت له و انا فائض بيا الكيل :
كيف؟؟!!! ماذا تقول انت. انهم ليسو كائنات حتي. سأذهب كي اسأل اي شخص اخر و شكرا علي الضيافة.
وقررت الركض نحو المدينة الغريبة تلك. ثم تركت السيد ثيودور و ركضتُ بالفعل نحو المدينة و استمررت في الركض و انا اسمع ثيودور خلفي من بعيد يناديني ويقول بصوتٍ عالٍ :
ارجع يا فتي لا تذهب إلى هناك
لاكنِّي تجاهلته و استمررت في الركض نحو المدينة. و عندما اصبحت علي مقرُبة منها توقفت لأسترح قليلاً ومن ثم أكملت باقي الطريقَ مشياً. كنت اكلم نفسي و انا امشي نحو المدينة و اقول لنفسي :
لقد اضعتُ وقتي مع اشخاص مجانين تقريباً. يظن أن الحافلة كائن حي و بعد كل هذا يعتقد أني انا المجنون و الكاذب لأني قولتُ لهُ أني رأيتُ شجرة تُشع بالضوء. أعلم انه أمر لا يصدق لكن من به عيباً لا يعيب الاخرين به. و تباً لهذه الشجرة الملعونة التي تسببت في كل هذا. ماذا اقول لمديري بالعمل عندما اعود؟ شجرة مضيئة نقلتني إلي الريف او ما شابه لذا تغيبت؟
وانا في ظل تفكيري في عذراٍ اقوله للمدير و لأهلي عندما ارجع كنتُ قد وصلت لمدخل المدينة
دخلتُ إليها وتمشيت في شوارعها لكن لاحظت أن الكل يرتدي زنطاً و ينظرون للأسفل وهم يمشون كأنهم لا يريدوا من احد أن يرا وجههم... تجاهلت الأمر رغم غرابته و اكلمت سير في المدينة و انا في قمة الاندهاش لأن تصاميم بناء المنازل كانت كلعصور الوسطي بالضبط.
قولتُ لنفسي. كيف يعيش سكان هذه المدينة هكذا.
ومن ثم قررت أن اتوقف عن التجول في المدينة وأن ابدأ في سؤال الاشخاص عن اقرب محطة حافلات.
وجدت رجلاً يرتدي شيئا كالعبائه لكن كانت لها زنطاً ايضاً يغطي رأسهُ به وكان واقفاً في خيمة لبيع الفاكهة تقريباً وكان يرتب بضاعتهُ فأتيت من خلفه وقولت له :
صباح الخير يا سيدي كيف حالك
استدار لينظر لي وكانت الصدمة.
رأيت رأس أفعة كوبرا بحجم رأسي تقريبا وكان له ذراعان مليئان بالحراشف ولاحظت ذيله خارجاً من تحت طاولة البيع.
وتحدث بصوت فيه فحيح وقال :
يا اهلاً يا اهلاً انت من اشباه البشر صحيح؟
كيف يمكنني مساعدتك؟
انا من هول الصدمة أُصِبتُ بشللٍ تام لم استطع مخاطبته او التحرك بعيداً عنه فتحدث مرة اخري وقال :
هل انت بخير؟
قولت له و نبرةُ صوتي بها رعشة :
ما خطب وجهك؟
رد علي كلامي وقال :
ماذا تقصد بما خطب وجهك!؟ هل تقصد أني قبيح؟
حاولت مقاطعته لكنه اقترب و همس في أُذني وقال:
ليكن في علمك فقط. فتيات الشياطين و اشباه البشر و السحرة و المردة و الماجلور جميعهم ينظرون إليى كلما يمرون من أمام خيمتي لدرجة أن زوجتي تغضب من هذا الأمر في بعض الأحيان. وضحك.
كنت افكر و أحاول أن استوعب كلامه لكن كنت متعجباً. ماذا يعني بفتيات الشياطين و المجلور و هذه الاسماء. واثناء محاولتي لفهمه قالَ لي :
هل انت بخير يا هذا؟
جاوبته وقولت :
نعم بخير
فقالَ لي :
ماذا كنت تريد أن تقول إذاً جاوبني؟
ف قولت له يا سيدي افهمني لم اكن أعني أنك قبيح لكن انت لك حراشف و وجهك كالثعبان و في الحقيقة منظرُكَ مخيفٌ جداً
رد بسخرية وقال :
كالثعبان؟ هل هذا يعني أنني لست ثعباناً بالفعل؟ وضحك ضحكة سخرية.
قولت له وصوتي يرتجف مجدداً :
انت تمزح صحيح؟
لم يرد هذه المره بل فتح فمه و اراني لُعابه و لِسانه وانيابه.
وهنا بدأت ارتبك. الذي كان يجعلني متماسكاً وهادئ إلي حدٍ ما هو اعتقادي المستمر أنه مجرد قناع او ما شابه لكن ما اراه الان من سابع المستحيلات أن يكون قناع
بدأ يغضب فجأة وقال :
انت تعطلني عن العمل فحسب و لا اعلم ما خطبك بالضبط ألم تري ثعباناً من قبل؟
لكني لم أرد.
فقام بالاقتراب مني مرةً اخري وقال :
من انت؟
قولت له :
انا اوليڨر. انا اسف لم اقصد إزعاجك سأذهب واتركك الأن وداعاً.
كنت احاول الهروب لكن بطريقه لا تجعله يشك بي لأني كنت خائف أن يؤذيني فتحركت من جانبه و مشيت لاكنه امسك بيدي وقال:
إلى أين تحسب نفسك ذَهب يافتي. لن تذهب إلي اي مكان.
انت لست من اشباه البشر بل انت بشري صحيح؟
جاوبته و انا متردد :
ص ص صحيح
قالَ لي بنبرة كلها خبث و شر :
وماذا اتي بك إلي فجوة مجلور. الم يخبروك أنها مكان خطير للبشر؟
قولت له و انا خائف و احاول سحب يدي من قبضته :
خطير؟!!!
قال بخبث : هذا تصرف غبيٌ جداً منك أن تأتي إلي هذه المدينة. تعال معي يا فتي
و من ثم احسست بشئ ضربني علي رأسي بقوة و بدأت ادوخ و سقط علي الارض و نظرت إلي اليمين وبدأت افقد الوعي لكن قبل أن تغمض عيناي لاحظت حِصاناً أتيٍ من بعيد و فقدت الوعي. وبعدها سمعت صوتاً مألوفاً يناديني و صوت شجار لكني لم استطع أن افتح عيني كي أرى
ثم فقدت الوعي تماماً.