فى اليوم التالى وفى الفسحة المدرسية اخذت نور توزع على الاطفال من كبيرهم لصغيرهم اكياس من الفيشار قد اعدته لهم فى وقت الحصص
اجتمع الاطفال واخذوا يتسابقون فى اخذ نصيبهم من الفيشار
كانت فرحة نور لا تقدر حتى انها وقفت فوق كرسى لترى كل التلاميذ واخذت تقذف لهم الاكياس بفرحة واعتلت اصوات الاطفال بالضحكات
ومن بين الاطفال كان مالك وانس ولكن ما لم تتوقعه نور هو وجود سلوى بين الاطفال وما لمحته من فرحه على وجهها وهى تتسابق مع بقية الاطفال على الرغم انها كانت اطولهم واكبر الموجودين حجما وكان فى استطاعتها ان تلتقط اول واحدة ولكنها اخذت تقفز وتمزح مع الاطفال والتقطت كيسا واعطته لاختها الصغيرة وحملتها واخذت تقبلها
......................
انتهت نور من توزيع الفيشار وانفضت التلاميذ من حولها وظلت تراقبهم وهم يلعبون
انتبهت لانس فقد لاحظته انه اخذ اكثر من كيس ويخفيه حتى ياخذ غيره ولكنها لم تتعجب لانها راته اكثر من مرة وهو يسرق بعض الحلوى ظناً منه ان نور فى غفلة عنه
الغريب ليس فى السرقة فحسب ولكن الغريب انه يسرق دون الحاجة لما يسرقه بل على العكس فهو يرمى ما يسرقه لانه ليس فى حاجة له
انتبهت نور على سما وياسر شقيقى سلوى وهما يقتربان منها وسحبت سما شقيقتها الصغرى من حضن سلوى بعصبية وقالت : الم يقل لك ابى لا تقتربين من جنى حتى لا تتعلم منك سوء الاخلاق ؟
كان الموقف ايضا غريب على نور الا انها لم تتدخل ولم تقل شىء فكانت فى قرارة نفسها انها لن تتدخل فى اى شىء الا بعدما تفهم صرفاتهم عن قرب حتى تميز طبيعة شخصياتهم بدلا من ان تدخل وربما تجد رد فعل مخالف غير متوقع من احد
عادت تنظر الى سلوى فوجدتها لم ترد على سما وتركت لها جنى فى استسلام او بلا مبالاه نور نفسها لم تفهم ولكن فى المحصلة انها وجدت ان سلوى لم تهتم وابتعدت فى صمت وهى تداعب خصلات شعرها باطراف اناملها
...............
مرت عدة ايام اكتسبت فيهم نور صيت طيب بين التلاميذ وبين المدرسين حتى ان صيتها وصل الى بيت كل طفل
علمت نور ان المدرسة ستقيم حفلا قريبا لاحتفالية بتكريم الطلبة المتميزين وان هذه الاحتفالية تقام كل عام ويحضرها اولياء الامور وكالعادة هناك عرض يقدمه التلاميذ بهذه المناسبة
جاءت الدادة الى نور وقالت لها ان مديرة المدرسة تريدها فى مكتبها
.................
طرقت نور باب غرفة المديرة التى اذنت لها فدخلت
رحبت بها المديرة وقالت لها : لقد اصبح صيت الحب المتبادل بينك وبين الاطفال حديثنا كلنا حتى ان اليوم جائتنى وليتا امر يشكورانى انى اخترتك للعمل بالمدرسة واقسمت لهم ان الشكر ان وجب فيجب لك لانى يوم ان اخترتك اخترتك لسد عجز عندنا ولكن الله اكرمنا بك
نور بفرحة : هذه اجمل كلمات اسمعها والله ما اسعدنى بها
المديرة : اعلم انك كنتى تودين ان تعملى بمهنتك كمدرسة للعلوم ولكنك لم تجدين الفرصة وانى ابشرك بانى اخترتك للعمل معنا كمدرسة علوم
اعتلت الفرحة وجه نور ولمعت عيناها وقالت : تحت امرك سيدتى ولكن لى رجاء اود ان اظل اعمل بالكانتين واعدك انى ساوفق بين الحصص وبين الكانتين
المديرة : اوافق طبعا يا نور لانك ان لم تطلبى هذا كنت ساطلبه انا
انفرجت اسارير نور ووجدتها لحظة مثمرة لتعرض فكرة لها كانت تجول بخاطرها
نور : علمت ان المدرسة ستقيم حفلا قريبا لتكريم الطلبة المتفوقين
اومات المديرة بنعم
استكملت نور حديثها بسؤال قائلة : اعتقد ان اقتصار التكريم على تكريم المتفوقين دراسيا فقط يعتبر تكريم ناقص فليس كل متفوق دراسياً هو وحده المستحق للتكريم حتى وان كان صاب التكريم مدرسة فالمدرسة تربى ايضا قبل ان تعلم وترعى ايضا نشاطات اخرى غير التعليم والمقصود بكلامى ان تقترحى ان يتفرع التكريم مثلا لمتفوق رياضى ومتفوق فنى او مخترع مثلا او اديباً وهكذا بحيث نعمل حركة تشجيعيه لكل متفوق فالتفوق انواع سيدتى
اعجبت المديرة بالفكرة وقررت ان يتفرع التكريم وكتبت لوحة تم تعليقها فى فناء المدرسة على كل تلميذ يرى نفسه متفوق فى شىء فليتقدم الى ادارة المدرسة يقدم اسمه
......................
الجدة : الف مبارك عليك ايتها المدرسة الصغيرة
نور : فرحتى بموافقة المديرة على فكرتى اكثر من فرحتى بالتدريس
ظلت المدرسة طوال اسبوع فيها حركة رائجة من اولياء الامور كلا منهم يقدم شهادات تفوق ابناءهم فى مجالات مختلفة لادارة المدرسة طمعا فى ان ينال اطفالهم التكريم
كما كانتا مدرستا الموسيقى والالعاب تدربان التلاميذ كل يوم على الكورال الذى سيقدم فى الحفل الا ان هناك شىء لاحظته نور وهى ترقب التدريبات من نافذة الكانتين
كانت مدرسة الالعاب ترتب التلميذات على اساس الجميلات اصحاب البشرة البيضاء من الامام بينما من تتمتع ببشرة سمراء او الاقل جمال تقف فى الخلف
ونفس الشىء كانت تفعله مع الصبية
هنا تذكرت نور وشردت بعقلها بموقف عاشته قديما وهى فى نفس سن تلك الاطفال ولان نور تتمتع ببشرة خمرية تميل الى السمار اكثر منها الى البياض فكانت نصيبها دوما ان تكون فى الخلف ولا يعتد بها فى الاهتمام سواء فى الحفلات المدرسية او حتى فى الفصل الدراسى وهذا كان له اثر سلبى على نفسيتها وترك عقدة كبيرة بداخلها حتى اتت مدرسة علوم جديدة تعاملت مع التلاميذ باسلوب راقى جميعهم لديها سواسية
هنا اعتلت بسمة على شفاة نور وقد تذكرت موقف مدرستها الجليلة التى كان لها اعظم تاثير فى تعديل نفسيتها حتى عشقت مادة العلوم ومن ثم تخرجت من كلية العلوم
عادت نور الى واقعها وقالت بهمس لنفسها : سافعل كما فعلتى معى مدرستى العزيزة
...........
كانت من ضمن التلميذات اصحاب البشرة السمراء سلوى وبينما كانت توامها سما فى المقدمة
وكان فى المقابل من الصبيان انس ومالك كانا ايضا نصيبهم الخلف
...................
دخلت نور اول حصة علوم لها وشرحت واخذت تناقش التلاميذ بطريقة سلسة وتشركهم معها فى الحديث حتى جذبت انتباه كل الفصل ونجحت الا يشرد منها اى طفل
انتهت الحصة واثناء ما كانت نور تسير فى طريقها الى الكانتين سمعت صوت زميلتها مايسة وهى تتحدث بعصبية فانتبهت فاذا بها تتحدث مع عصام والد انس وتشتكى منه بينما كان هو يحاول ان يهدا من عصبيتها تارة واخرى يعتذر عن تصرفات ابنه
وقفت تراقب الموقف من بعيد فلاحظت ان عصام يمتلك شياكة فى كل شىء شياكة فى اناقته وفى ملامحه وحتى فى طريقة رده على زميلتها فقد كان يحاول ان يمتص غضبها ويبدو انه لم يفعل هذا لاجل ابنه فقط ولكن لانه احترم ان من امامه انثى كما شعرت ان مظهره يوحى بالثراء فقالت فى نفسها : اذن فظنى فى انس كان صحيحا انه لم يسرق لاجل الحاجة فوالده ميسور الحال ولكن هو يفعل هذا لاجل جذب الانتباه
عادت تنتبه فسمعته يقول لزميلتها : نعم انا من قولت له خذ حقك ومن يضربك اضربه فهذا رد طبيعى من اى اب يريد ان يدافع ابنه عن نفسه والا شب ضعيفا
مايسة بعصبية : ابنك لم ياخذ حقه ابنك هو من يتعدى على زملاءه وخاصة زميله مالك
عصام وهو لا يزال يتمع بالهدوء : اذن وجب على ابنى ان يعتذر له وقطع معها الحديث على الفور كنوع من انواع نهاية الموقف لانه بدا يتافف من اسلوبها واشار لابنه الذى كان يقف على مقربة منه فآتاه
ظلت ترقب الموقف حتى نادى عصام على مالك ومسح على راسه واعتذر له عن فعل انس وطلب من انس ان يعتذر له واحتضنا بعضيهما امامه
ابتسمت نور انه فلح فى انهاء الموقف فعادت تتحرك نحو الكانتين فاذا بعصام يقف امامها يطلب شراء بعض الحلوى لكلا من انس ومالك
...............