البارت الثانى

1.5K 48 2
                                    

البارت الثانى

لمعت عينيها ووضعت يدها على قلبها وحمدت ربها ولكنها لم تكن تعلم ان دموعها التى ذفرتها على حين غره قد فضحتها امام زوجها فاقشعر جسدها عندما فاجاها بان مد يده ومسح دموعها ولم يسالها عن السبب فتوترت وقالت / لقد انفطر قلبى على هؤلاء الحامين لعرضنا

رد عليها بهدوء وكانه راى نارها المتاججة على حبيبها / ومن منا لم ينفطر قلبه عليهم فكفانا ان نعيش نحن فى بيوتنا ويسهرون هم لحمايتنا وصمت لبرهه ثم اكمل قائلا وكثيرا منهم من يفرض عليه العيش وحيدا بعيدا عمن احبهم لاجل حمايتنا

زاغت عينيها وتوترت وكاد قلبها ان يتوقف عن النبض فلعله عرف بسرها فقامت من امامه حتى لا يفتضح امرها اكثر من ذلك

فى المساء ظلت ساهرة فى شرفتها تتخيل ان الضباب سينشق ويظهر من خلفه حبيبها واخذت تسب ذاتها وتقول / لما تتخيليه وانتى من كنتى ضعيفة ولم تتشبثى بحبه وتدافعين عنه انتى لا تستحقين الحياة مادمتى لم تتمسكى بعمرك فما فائدة وجودك فى الحياة وانتى بعيدة عنه واخذت تتذكر يوم ان جاء لخطبتها ورفض والدها لكونه ثائر ولا امان معه

اخذت تلوم اباها فى سرها وتقول لنفسها الم تامن لابنتك مع من يصون عرضها وعرض غيرها ؟ وان لم تامن حياتها معه فمع من تامنها اذا

اخذت تتذكر ضعفها وتكره ذاتها

اخبرنى يوما اننى طفلته المدللة

وباننى الحياة فى نبضه

واننى الدفء الذى يحمي برده

اخذت تذكر ذاك اليوم الحزين يوم كتبت فيه شهادة وفاتها

اليوم يوم عرسها على اخر ويوم دفن قلبها فى ذات الوقت ولا تعلم ان كان ما ترتديه ثوب زفافها ام كفنها فقد رحل قلبها مع حبيبها ولا حياه بدونه

سلمت نفسها لتلك الواقفة بجوارها تزينها وكانها صنم اصم حتى دموعها تحجرت بمقلتيها فلاهى ازرفت لتفك عما بداخلها ولا هى تركتها لتعيش الفرحة

والان انتهى تزيينها وحان موعد زفافها وانتظرت قدوم عريسها واذا بها تفاجأ بان حبيب عمرها يقف امامها ومعه الورود

ما ان راته الا وتنفست الصعداء وكانما روحها ردت اليها اخيرا اخذت تقترب منه ويقترب منها وزادت دقات قلبها لاضعاف وارتعد جسدها وودت ان ترتمى بن احضانه لتنعم بدفئه لاخر مرة فى عمرها

ابتسم بحزن وقال لها / كانت اغلى امنياتى ان اقدم لكى ورد عرسك

نظرت له وقد قاربت على الانصهار امامه من الاسف على حاله فقد تغيرت ملامحه واصبح بائسا واصبح يعلو وجهه تجاعيد الحزن وكان الدموع حفرت مجراها باتساع مرحبه ولم تجد من يحد طريقها

قلت له / اى عرس هذا و قد تملكنى غيرك

ابتسم لى مهدئا كعادته وقال / لا عليكى منى ولكن اطعمينى بابتسامتك فانا لم اعتاد منكى على رؤية دموعك وهى اكبر عذاب لى

اتريدنى ان ابتسم حتى وانا ازف لغيرك ؟

قال / اريد ان اراكى مبتسمة دوما وسعيدة وتلك هى كل امانى

قالت / كل يوم تثبت انك عشقتنى اكثر مما عشقتك ولكنى اليوم اقهر على ضعفى لانى لم اتمسك بك

قال / لا عليكى يا صغيرتى اريحى نفسك من العذاب فقط اريد سعادتك وابتسامتك فلا تبخلى على بها قبل ان ارحل للابد

ابتسمت له رغما عنى وانا احترق بداخلى عليه واجزم انه يشعر بنارى كما اشعر انا به

اقترب منى وقبل جبينى وقال حرمت على من اليوم بنات حواء كما حرمتى انتى على ولكن تذكرى اننى سعيش بانفاسك وبفرحك فاياكى ان تحزنى نفسك يوما وساظل امانك حتى وان بعدت بيننا المسافات

نظرت امامى فوجدته رحل عنى . رحل كالطيف كما كان وجوده كالطيف . رحل ورحلت انفاسه التى كنت استنشق عبيرها . رحل وضاق المكان حولى رغم اتساعه . رحل من عشقنى لذاتى وليس لجسدى . رحل من خلقت منه وله

عدت اسال نفسى وهل لى فى الحياة بعدك حياة

وحين بكينا الما لم تكن الدموع الا عشقا

وحين تالمنا الفراق اكتفينا بالالم بالصدور

ذكريات تؤرقنا فى كل الليالى واكتفينا ان نراهم بالمكان

عفوا ايها الحب فانت سيد الاوهام دعنى اقدم لك اسفى فقد انت لحظات الفراق ودنت منا همسات الوداع وكان الرحيل قدرنا المحتوم مثل ما التقينا فى ساعة عشق ها نحن نفترق فى ليلة ظلماء يا من سميتك حبيبة واخترتك عشيقة ورفيقة انا من زرعتك بذرة حب فى قلبى وغرست كفى احشاء فؤادى املا ان تثمر يوما لاجنيك لقاء لكنى احصد اليوم شوكا تتغرس بقلبى الدامى لتعمق جرحك فى صدرى لتزيد عذابى بؤس وشقاء

دعينى ارحل فلن نبقى فى وطن واحد كالغرباء.هبى لى من مقلتيكى نظرة وداع وخذى من عينى كل النظرات . وداعا ايها الحب فليس بعد اليوم لقاء

......................

ازداد المكان حولى ضيقا فنظرت فوجدت من ملك جسدى يمد لى يده بالورود فسرحت لتلك التى بيده وتلك التى بيدى فوجدت الفرق شتان فما بيدى تنطق باعذب الكلمات وما بيده ذابلة لا روح فيها

ابتسم لى وقال من تلك التى سبقتنى اليكى بالورود ظنا منه انها احدى صديقاتى وكدت انطق واقول هو حبيبى ويسبقك فى كل شىء ولكنى ظللت ضعيفة ومددت يدى واخذت وروده وقد اختفت البسمة من على شفاهى وحين جاء موعد رمى للورود لصديقاتى ابيت ان ارمى ورود ثائرى وفرحت وانا ارمى ورود من ملكنى

واحتفظت بها لتدفن معى فقد احتفظت بعبيره رغم ذبلانها

وجوه تضحك وقلوب تئن ... للكاتبة رباب عبد الصمدWhere stories live. Discover now