"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتم...

Por dina_aladwy

1.5M 45.6K 6.6K

قدري كان لقياكِ وقلبي لكِ كان بالانتظار ظننت قبلك عرفت الهوي ولكن فيكِ عرفت العشق، الجنون، والهوس خطأ جمعن... Más

الشخصيات
إعلان
حلم أم حقيقه
توضيح
توضيح
تنبيه هام، الروايه حاليًا بيتكتب البارت الاول
البارت الاول
البارت الثاني
البارت الثالث
البارت الرابع
هام
هام
البارت الخامس
البارت السادس
البارت السابع
البارت الثامن
البارت التاسع
البارت العاشر
اقتباس
اقتباس
تنوية
مين البارت مش بيحمل معاه؟
البارت الحادي عشر
اقتباس
تنوية
البارت الثاني عشر
اقتباس
البارت الثالث عشر
💔💔
اقتباس + موعد التنزيل
البارت الرابع عشر
اقتباس
البارت الخامس عشر
تنويه +مشهد +سؤال
اقتباس من البارت القادم
اعتذار + موعد البارت
اقتباس + الموعد
البارت السابع غشر
تنويه
الموعد + اقتباس
البارت الثامن عشر
ملحوظه + ميعاد النشر
البارت التاسع عشر
اقتباس
اقتباس تاني
البارت العشرون
تنوية هام
البارت الحادي والعشرون
اقتباس
اعتذار+ اقتباس+موعد النشر
البارت الثاني والعشرون
اقتباس من البارت الثاني والعشرون
البارت الثالث والعشرون
اعتذار
البارت الرابع والعشرون
البارت الخامس والعشرون
اقتباس
البارت السادس والعشرون
اقتباس +الموعد
البارت السابع والعشرون
تنويه
البارت الثامن وعشرون
اقتباس متقدم
اقتباس
اعتذار
البارت التاسع والعشرون
اقتباس واستطلاع
البارت الثلاثون
اقتباس رومانسي
البارت الحادي والثلاثون
اقتباس متقدم
البارت الثاني والثلاثون
البارت الثالث والثلاثون
البارت الرابع والثلاثون
اعتذار
البارت الخامس والثلاثون
هام وياريت الكل يشارك برأيه
البارت السادس والثلاثون
#اقتباس
البارت السابع والثلاثون
تنوية + موعد النشر
البارت الثامن والثلاثون
اقتباس
البارت التاسع والثلاثون
البارت الاربعون
اعتذار
البارت الواحد والأربعون
توضيح
اقتباس
تنويه وميعاد البارت
البارت الثاني والاربعون
اقتباس النهاية
البارت الاخير والى اللقاء بالجزء الثاني #سيال_العشق
اقتباس ل (ادم وجود) ما تزعلوش
تنوية هام
اقتباس
نيران من عشق
إعلان هام
اعلان واقتباس
أعلان
اقتباس من رواية المعرض
مين فاكر الدكتورة هالة صاحبة جود

البارت السادس عشر

16.2K 653 74
Por dina_aladwy

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت السادس عشر
🌺🌺

يقال ان دمعه واحدة تمحي الألم، أذًا ما بال آلامها لم
تنمحي بعد، وقد ذرفت مقآيها آلاف الدمعات....
# بوسه
***
أطرفت عينيها بدمعه تسللت من بين جفنيها المغلقين، مصاحبة لأناة ألم، وهي تحيا كابوسًا مرير، تعاد فيه لحظات انتهاكها، وذاك الذعر الذي انتابها لحظة رؤيتها للدماء تنساب منها، لكنها تختلط مع الاحلام فتراها تتسع وتتسع، وهي مقيدة، تجاهد للتحرر لأنقاذه لكنها لا تستطع، حتى أنها أخذت تتململ في غفوتها الاجبارية تأثير لجرعة المخدر ...

كل هذا لفت انتباه ركان الذي ولج الغرفة منذ ثوانٍ معدودة، بعدما أوصل ميار ألي المنزل بعد اصرارًا منه عليها لترتاح، ثم يعود ريثما تخرج تلك الفتاه من الجراحة التي تخضع لها..
لذا ما أن عاد حتى علم بخروجها وبقاءها بتلك الغرفة
فأتى إليها، ليرى ما هي عليه ويحدثها، لكنه وجدها ماتزال غافيه..
فظلا لثوانٍ موضعه ينتظر أفاقتها، حتى انتبه لها ولتشنج ملامحها وتأوها، فأدرك أنها تعيش كابوسًا وتصارعه، أنتفض قلبه بنبضه متألمة تشفق على حالها،  فلم يحتمل ووجد ذاته يندفع اليها وهو يهمس لها مهدئًا قائلًا:-
  - اهدي ما تخافيش انتِ بأمان..

نبرت صوته الحانية تسللت الى مسامعها،  تنتشلها من كابوسها، لتلين ملامحها وتستكين،  وهو يطالعها بنظرة حانيه ما لبست إلا ثوانٍ واختفت وتجهمت ملامحه وهو يتذكر كلمات الرجل عن كونها خائنه، ليبتسم بسخرية مؤنبًا ذاته اولًا،
" فمن بيته من زجاج لا يلقي الناس بالحجارة"،
أليس هو خائنًا!، يعشق امرأة رجل أخر، لذا لا يحق عليه أن يحكم عليها....

تعلقت عيناه بها لبرهه تجذبه ملامحها البريئة والصغيرة التي تدل على حداثة سنها بتسأل، ترى ما هو عمرها!، هل هي بأوائل العشرون  ك ميار!.

ليزدحم عقله بالأفكار نحوها، زخم من المشاعر المتناقضة،  احداها تبرر له انها ضحية، فكيف لها ان تبيت زوجه للرجل بمثل عمر زوجها وهي صغيرة هكذا!، لتسلك درب الخيانة وتوسم بها، واخرى تستنكر ما يبرره لها، فمهما يكن لا يحق لها أن تخون زوجها مع آخر وتحمل طفله...

مكث شاردًا بها للحظات، لا يدرك لما يستنكر تلك السمه التي الصقها بها ذاك الرجل، حتى أنه لم ينتبه لولوج الطبيب   منذ ثوانٍ والذي تنحنح يلفت انتباهه لوجوده هنا،  فقد استدعاه قبل ان يلُج اليها، حمحم بحرج وهو يتوجه نحوه معرفًا عن ذاته متسائلًا عن اوضاعها، اخبره الطبيب بحالتها بعملية قائلًا:-
  - مش هخبي على حضرتك ان الحالة لسه مش مستقرة، احنا سيطرنا على النزيف، لكن مازال في احتمالية للأجهاض
ثم صمت لوهله وتابع قائلًا:-
وبما ان حضرتك ضابط فلازم تحرر محضر بالوقعة لأن من الواضح انها اتعرضت لاعتداء جنسي وجسدي عنيف،  جسمها فيه علامات لضرب من أيام لسه أثاره موجود،  من الواضح اننا بنواجه حالة عنف اسري..

اعتراه الغضب الشديد،  وتجهمت ملامحه من سيل كلمات الطبيب عما تعرضت له تلك الصغيرة التي رجمتها الحياة بسياط القسوة...
بينما هي بدأت في استعادة وعيها،  تفرج الجفون عن آسر مقلتيها،  ليزعجها الضوء فترفرف بها عدة مرات حتى تضح لها الرؤى،  ليداهمها ألمًا في نصفها السفلي،  يذكرها بكل ما حدث معها،  رفعت ذراعها الخالي بوهن تحتضن رحمها بنشيج صامت تبدل لنحيب وشلالات هادرة من الدمع..
جعلهم ينتبهون لها...
اسرع الطبيب نحوها مهدئًا لها لكنها لم تهدئ بعد، ذاك الألم يفتك بها، ليس ألم جسدها، بل ألم ظنونها انها خسرت صغيرها وقد اختلط كابوسها بالواقع وتمثل لها زوجها في الطبيب، فأخذت تحاربه بشراسه، في محاولة لإنقاذ صغيرها من براثنه..

فما كان على ركان  إلا أن يتقدم نحوها، حينما همّ الطبيب بالاقتراب اكثر برغبة احتواء جسدها وتكبيلها، شيئًا ما بداخله رفض ذلك، ربما يرجع لطبيعته لا يعلم، فأردف بغضب وهو يندفع إليهما قائلًا للطبيب بشراسه:-
- انت بتعمل إيه!..
أجفل الطبيب من نبرته تلك، وبرر له فعلته تلك،  ثم طلب منه المساعدة حتى يتمكن من تهدئتها دون اضطرار لحقن مهدئ قد يضر بها ، فقد صار نحيبها انهيارًا قد يؤذيها هي والصغير، لذا حاول هو ان يلجمها بتحفظ، إلا أنها كانت تقاوم بشراسه، جعلته يقيدها بذراعيه، بينما يهمس لها قائلًا:-
  - أهدي شوية، انتِ بأمان وطفلك بخير، انتِ كده اللي بتأذيه...
كانت بعالم آخر، تشعر بالألم لفقدان الصغير والذعر من خاطرة العودة له مرة اخرى، فتصيح بنبرة مغلفة بالجنون:-
  - قتله، هو قتل أبني، ابني راح وسابني ليه!، وهو هيرجعني لعنده، أنا مش عايزة ارجع، الموت اهون عليا من الرجوع عنده، خلوني اروح لأبني عشان ارتاح، سبوني اموت، انا مش عايزة اعيش...

ألم فتك به لرؤية انهيار صغيرة في عمر الزهور قد ذبلت وتسعي للفناء،  فما كان منه إلا أن يهدأها بضعف قد تملك منه قاطعًا وعدًا لها أرغمه عليه قلبه الوهن والذي اشفق عليها  قائلًا:-
  - مش هترجعي له!  وعد مني مش هرجعك ليه!، بس أهدي عشان ابنك يكون بخير ...

وعدًا قطعه في لحظة ضعف، وعدًا عليه أن يصدق به وسيفعل مهما كلفه الأمر، سوف ينقذ تلك الصغيرة آثمة كانت ام بريئة!، سوف يساعدها وينتشلها من تلك الظلمات... 

استكانت هي للحظة بين يديه بعدما تسرب اليه كلماته الدافئة وصوته الحاني،  وتحول انهيارها الى نحيب صامت، وهي تنتبه أخيرًا له، تطالع ملامحه القريبة للغاية منها، حتى أصابت قلبها رجفة ما أن أدركت انه هو ولا غيره...

اجفل ركان حينما التقت عيناه بتلك الحدقتين الزمردتين، شاعرًا برجفه اصابته ما أن تدارك قربه منها وتلامسه لجسدها، فانتفض مبتعدًا عنها ، شاعرًا بالاضطراب، فلأول مره يقترب من انثى بهذا القدر عاد شقيقته وميار...

لم يهدأ نحيبها،  بل زاد بقوة وهي تحمد ربها على نجاة صغيرها وهناك وجلًا بتملكها من زوجها والأكثر المًا كان لرؤيته لها هكذا!، ترى ما الذي يظنه بها!...

تقدم ركان نحو الطبيب، وطالبه بالمغادرة رغبه ببعض الخصوصية واعدًا أياه أنه سيبقى معها ويهدئها هو...

اذعن له الطبيب وغادر، فعاود التقدم اتجاهها مجفلًا من نشيجها الذي لا يهدأ وحقًا بدى تائه لأول مره لا يدرك اي أسلوب عليه ان يتبعه معها،...

اقترب اكثر حتى بات أمامها،  زافرً بسأم من حيرته، حتى داهمت كلمات زوجها السامه رأسه مجددًا، تحثه على القسوة اتجاهها، فأردف بنبرة حادة كما اعتاد في عمله للاستجواب معرفًا عن ذاته لها قائلًا باشمئزاز سافر:-
  - أعرفك بنفسي انا ضابط بالمركز هنا،  وعرفت من جوزك أن سبب اللي انتِ فيه إنك خنتيه وحامل من غيرة...

تلك النظرة وتلك النبرة اخترقت قلبها كسهام مشتعلة ما أن رأتها بعينيه حتى أحرقتها وألمتها بقوة، تشعر نار بأعماقها فتزيد من نحيبها مرة أخرى بقوة اجفلته، فلم تحتمل الازدراء المغلفة به نبرته، وكيف لها ان تحتملها منه هو!، حب الصبا والمراهقة، من كانت له أول نبضة عشق أهدرها قلبها، منذ ذاك اليوم الذي انقذها به حينما كانت في الثانية عشر من عمرها،  وكانت برفقة صديقاتها يمرحن ويعبرن الجسر الخشبي للوصول للبر الأخر وصولًا الى المدرسة، فزلت قدمها وسقطت، ولولا هو لما كانت الأن على قيد الحياه، فقد كان حينها قد تخرج من كلية الشرطة لتوه وعمل بمركز آخر، وكان موعد اجازته، ويشاء القدر مروره بالقرب منهن، فأستمع لصيحات الفتيات وما أن أدرك مصدرها وممن، ألقى بذاته في الماء، دون ان ينتظر ثانية واحده باحثًا عنها ألي أن انقذها وقام بالخروج بها ومحاولة أفاقتها،  لكنها لم تستجب له، فهبط بشفتيه يباشر بأجراء التنفس الاصطناعي لها، حتى طفقت الماء من ثغرها بوجهه، تسعل بقوة، ثم افرجت جفونها عن مقلتيها، ليقع بصرها على محياه، فانتفضت بذعر  وكفها الصغير يعانق وجنتيه...
حينها صدمته فعلتها تلك وتجهم وجهه للحظه، بينما هي طالعت حولها بتدارك ما ان زغرها رفيقاتها، لتنكمش على ذاتها بوجل من ردة فعله القاسية والتي تستحقها، إلا أنها لم تتوقع تبدل ملامحه بلحظة الى تلك النظرة الحانية، المتفهمة، معتذرِ منها، معلنًا عن اضطراره لما فعله ومتفهم غضبها وهو يبتسم لها تلك البسمه الحانية والمهلكة متمتم بالحمد على سلامتها، مازحًا لها انه سوف يصلح غلطته ويتزوجها حينما تكبر، ثم نهض منبهًا لها إلا تعبر من عليه مرة أخرى قطعًا وعدًا لهن بأخبار ابن عمه عنه لأصلاحه من اجلهن، لتومئ برأسها له بضياع، ثم يتركهن ويغادر وتتبقي هي مع رفيقاتها وهن يمزحن معها ويخبرونها انها حصلت على قبلتها الأولى من ضابط وسيم وانه محق فقد بات عليها ان تتزوجه هو ولا غيره، ومن وقتها وغزى قلبها وإمتلك مشاعرها الطفولية، وظلت تنتظر موعد عطلته كالحمقاء، لتلحق به وتنعم برؤيته وهي تتخفى جيدًا حتى لا يراها، فقد بات فارسها واميرها والتي تشعر بأنها تدين له بحياتها...

ظلت هكذا عدة سنوات، حتى انتهى كل شيء بزواجها من ذاك العجوز المزرى، لذا لم تحتمل حينما رأته ليلة أمس برفقة تلك الفتاة، وهو يراها بذاك الموقف ويلقي عليها اتهاماته الباطلة والمهشمة لخاطرها ، فقد ألمها قلبها بقوة حينها، وها هو قد شق قلبها بنظراته المتشككة الأن، فتضاعف حزنها وانهمرت دموعها بكثرة....
****
تنهد عمر زافرًا بعدما تمكن اخيرًا من اقناع الحارس بأعطائه هاتفه ليحدث احدهم سرًا مقابل ما معه من مال، ليقدمه له واخيرًا طالبًا منه الاسراع..

جذب هاتفه وضغط رقمًا يحفظه جيدًا، ومن يكون غيره، من يلجأ إليها ليساعده قصرًا حتى يتكتم على سره هو وابنته، انتظر لحظات حتى آتاه الرد، فأردف قائلًا:-
  -  الو يا باشا انا عمر وبكلمك عشان محتاج مساعدتك..
  إلا أن الآخر أجابه بحده معنفًا إياه قائلًا:-
  - خلصنا يا عمرو، نرمين وماتت ورحيم عرف بكل حاجه، مفيش حاجه تهددني بيها...
  ألا ان عمر قهقه بسخريه مسترسلًا دون مبالاة:-
  - تفتكر يا باشا!، للعلم أنا سهل اشهر بيكم والسر يطلع للعلن وللصحافة وشوف انت بقى سمعتك وسمعة الهانم الله يرحمها لما تسوء ويتعرف اللي عملتوا في البنت الغلبانة، اسمع أنا معنديش حاجه اخسرها، وانت اتصرف وابعت لي محامي يطلعني من الحبس اللي جوز المرحومة بنتك حطتني فيه عشان طمعان في مراتي وإلا هجيب عليها واطيها وحبايبي برا كتير...

شعر الأخير بندم يكاد يوردوا موارد التهلكة على فعلته الشنعاء التي أفقدته كل شيء وجعلت منه  لقمه سهله يخضع لتهديد من ذاك الحقير، لينهي الحديث قائلًا:-
  - تمام يا عمرو وأنا هساعدك المرة دي وبس، وبعد كده هتنساني لأني بالأساس مسافر ومش راجع البلاد تاني، واسمع كل اللي هقدر اعمله هو إني أشوف لك محامي، خلال ساعه هيكون عندك...
تلك كانت اخر كلماته قبل أن يغلق الهاتف، ويقوم بالاتصال بمحامًا قريب منه، يتولى الأمر....

بينما على الطرف الآخر رمق عمر الهاتف بنظرات تبعث منها شرار الحنق والضيق، حتى استمع لصوت الحارس مطالبًا بهاتفه،.
هتف عمر به بصوت اجش قائلًا:-
  - صبرك عليا هعمل مكلمه صغيرة، اللي واخده انت مش شويه...

ثم شرع بالاتصال على والدته التي أجابته فورًا بقلق سافر، لتطمئن ما ان وصل لها صدى صوتها، حتى جهرت صارخه ما أن علمت بمكان تواجده،  فهلع قلبها واخذت تندب حظها وتلومه على عصيانه لها بزواجه من تلك الفتاة، إلا انه هدر بها وطلب منها ان تنصت لما يقوله وتنفذه مسرعًا، فليس لديه وقت للمهادنة معها، فأذعنت له وصمتت تستمع له حتى انتهى،  واغلق الهاتف واعطاه للعسكري، بينما هي شرعت بتنفيذ ما قال...
***
بعد عدة دقائق جلست حميدة على الاريكة بصالة منزلها الصغير، تعقد شالًا حول رأسها وهي تهلل وتنتحب على صغيرها الذي اخبرها بذهابه الى قسم الشرطة ولم يعد منذ الأمس ولا تعلم اين هو،  بعدما حرصت على ترك الباب المنزل منفرج، ليستمع لنواحها الجيران من حولها، ويأتون إليها بتساؤل عما اصابها، فتسرد لهم اكاذيبها المنسوجة عن زوجة ابنها وعشيقها الذي اخذها وقام بسجن ابنها وتهديده ليطلقها، وذهابها له ومنعها من رؤيته، فيثور البعض رافضًا والبعض الاخر يستنكر ما قالته عن زوجة ابنها المعروفة بحسن اخلاقها..
فتزيد من عويلها، لتقترب منها بعض النسوة محاوله تهدئتها، ويتطوع أحد الرجال بالذهاب ألي المركز هو والاخرين لمعرفة ما يحدث، قائلًا بأنه لن يرضى احد منهم بما يحدث، أن يسجن أحدًا من بينهم قهرًا وظلمًا ويستبيح عرضه...
لتطالعهم هي بنظرة انتصار، سريعًا ما توارت وعادت للنحيب والعويل الزائف وهن يهدئنها.....
***
ما بال قلبه بات لينًا هكذا،  لما لا يحتمل حالتها تلك وذاك النشيج يقطع نياط قلبه!،  لم يشعر بذاته ونبرته تتبدل لأخرى حانيه بل متوسلة لها للتوقف قائلًا:-
  - اهدي أنا مش قصدي اشكك فيكِ!، انا بقول اللي قاله جوزك وأنا مستني اسمعك، مش بحكم عليكِ ولا حاجه..

لم تجيبه واستمرت بالبكاء، مما جعله يستطرد قائلًا:-
  - طيب اهدي واحكي لي وانا اوعدك هساعدك،  بس بالأول قولي أسمك وكل اللي عايزة هعمله، أنا اوثق انك مظلومة واكيد في قصة تانيه للحصل دا..
بعد لحظات تمكن من تهدئتها الأن، فقد ربتت كلماته على قلبها،  وبدأ نشيجها يخفت، مما جعله يزفر بارتياح قائلًا:-
  - قولي اسمك إيه!، واحكيلي كل حاجه واللي عايزة هعمله، أنا وعدتك هساعدك ...
  اومئت له برأسها وشفتيها تحركت بشيء لم يسمعه لتلعثمها ونبرتها الخافتة، فانحنى براسه اكثر لتلتقط اذنيه تلك الكلمة فقط:-
  - بوسه..
  انتفض مبتعدٍ بصدمه للحظه وأردف بتوتر ونبرة حادة:-
  - ايه اللي انتِ بتقولي دا!، أنتٍ قليلة الأدب..
  اجفلتها حدته تلك وبدأت وتيرة دموعها تنساب بغزارة مرة اخرة وهي تشعر بعدم الاستيعاب لسبب غضبه عليها الأن، بينما هو تلعثم قائلًا بارتباك:-
  - بوسة أية! وقلة ادب إيه!..
  من بين نشيجها  شعرت بالخجل يجتاحها، ما أن تداركت فهمه الخطأ لها، فتهدج صوتها مصححه له بينما تهدئ من بكاءها قائلة:-
  - أنا أسمي بوسة...
وصل صوتها له، فاتسعت عيناه واردف مندهشًا:-
  - اسمك بوسة!.
  أماءت له بخجل، وقد تناست حزنها منه، فهمس متهكم قائلًا:-
  - هو دا اسم ازاي يعني!، في حد إسمه بوسة!، دا شبها مش أسم، وأنا اللي دماغي راحت لحتة تانيه وظلمتها...

ثم شعر بتوتر غريب يتملكه، حتى أنه لم يعرف كيف يصحح خطأه ذلك،  فصمت للحظات، ثم اردف بنبرة خافته قائلًا:-
  - أسف بس هو أسمك غريب جدًا أول مره اسمعه، ازاي باباكِ سماه ليكِ يعني، وأي حد يناديكِ بيه عادي!..
  أجابته وقد خفت نشيجها تمامًا وبات شهقات متفاوتة اردفت من بينها قائلة:-
  - تيته اللي سمتني بيه، لأنه كان اسم أختها اللي ماتت في صغرها وكان نفسها تسميه لو جابت بنت،  بس ربنا ما ارادرش وجابت غير بابا بس وجده مات وهي رفضت تتجوز بعده،  عشان كده اول ما بابا خلفني،  اصرت تسميني الاسم دا...
ابتسم في وجهها مومئًا برأسه بتفهم نقيض لما داخله،  فلم يتقبل الاسم بتاتًا، ولن يجرأ على لفظه مطلقًا،  فالاسم مع وجهها وملامحها يجعلها فتنة تلك الفتاة...
ساد صمت لوهله بينهما حتى تنحنح قائلًا:-
  - طيب ممكن تحكي كل اللي حصل معاكِ من الأول للأخر..
  أمأت له،  بينما تنسل دمعة الم وحزن من مقلتيها وهي تسرد له منذ البداية،  منذ زواجه منها قسرًا...
بينما هو كان يستمع لسيل كلماتها التي ألمت قلبه وآثرت مشاعر الحزن والشفقة بداخله عليها،  ولا يدرك أن الحب قد يقتحم  القلب منتحلًا مشاعر أخرى مثل الشفقة والكراهية ايضًا، كلهما شعورًا قوي قد يتبدل الى عشق يبذخ ويترسخ بالقلب، فترى هل هذا ما سيحدث معه!، أما أن قلبه محصن ضدها!...

تجلى الغضب على وجهه وارتسمت به ملامحه، ما ان انتهت من سرد كل ما حدث معها، بينما هو كان يقبض على كفيه بقوة، محاولًا التحكم بغضبه وكبته، حتى لا ينفجر ويذهب ملقن الأخر درسًا على فعلته، لكنه بالنهاية لم يستطع لجمه مع استمرارية سردها لأخر حدث الذي أتى بها الى هنا،     فغلى غضبه وتبخر من كل انشًا به وهو ينتفض من موضعه قائلًا:-
  - قولي العنوان فورًا..
انتابها الذعر من هيئته تلك، لكنها قد سبق لها رؤية ما هو اكثر قبلًا وكان ذلك منذ عامين تقريبًا وقد خشيت منه وعليه حينها وهي تراه يحطم كل ما تطاله يده ويزأر كأسد جريح متألم حينها في ذاك المكان الخاوي الذي لطالما كان يذهب اليه وقت غضبه ليفرغه، ولا يدرك أنها الوحيدة المدركة لنزعة الجنون بداخله والذي ينتج عن غضبه والذي يخالف شخصيته الهادئة والحنونة دومًا، فلم يدرك ان التي امامه كانت عاشقه مترصده له، كظله ما ان يكون بالبلدة ...

لذا صمتت تخشى عليه وليس منه ولكن شيئًا ما بداخلها أحب غضبه لأجلها، وصمتت تطالع هيئته بسعادة وملامح بلهاء، حتى صاح بها مره أخرى، فأجفلت منتفضه ذعرًا هامسه:-
  - اهلًا حالة الجنون اياها اشتغلت، ربنا يستر من اللي جاي  ..
  ومع نظرته المخيفة الحازمة تلعثمت قائلة:-
  - ارجوك انا مش عايزة حاجه غير أنه يطلقني ويسبني انا وابني...
  بهت من سماع ما قالت، فتلك الصغيرة لا تدرك أن هذا الصغير عليه ان لا يولد وإلا سيكون لعنة قد تصيب حياتها فلن يتقبله احد ولن يتقبل ذاته هو حينما يكبر ويشار إليه، وادرك ان زوجها محق في تلك النقطة، لكنه سلك درب اخر ولسبب اخر بنفسه وهو الأنانية المطلقة، اجهاضها لتحمل آخر...
لكن هذا الاجهاض لأجلها هي ولأجل ذاك الصغير الذي سيكره حاله ويكرها ويكره المجتمع من حوله وقد يضحى شخصًا سيء ، للحظة شعر بالمسؤولية اتجاهها، وأنها تحتاج لمن يحتويها ويحدثها للاستيعاب ويأخذ بيدها للنجاة، لذا أردف قائلًا:-
  - طيب هنتكلم في موضوع البيبي دا بعدين، دلوقت عايزك  تقولي العنوان بتاع الحقير اللي عمل فيكِ كده..
أمأت برأسها له وأملت عليه العنوان، ليأردف قائلًا:-
  - تمام أنا هروح دلوقت وأنتِ ارتاحي واوعدك الليلة هتتحرري منه...
  ثم تركها وغادر متوجه حيث منزل زوجها لنيل حريتها منه....
***
غضب وثورة غير مبرره من شاهي التي ما أن عادوا من المركز واخبروها بحمل جود والجراحة التي خضعت لها، حتى اهتاجت بهم، تنثر رياح غضبها عبر كلماتها اللاذعة، كونهم خبأوا عنها، حينها برر سليمان فعلته، بانه خشى أن يفلت لسانها امام آسر وان الموضوع انتهى ولا يجدر بها الغضب على هذا النحو، الا ان شرار الحنق ظل ينبعث منها، وتشتعل على مراجله من الداخل، بينما تتظاهر بالغضب لأنها ارادت ان تكون معها كأم وأنثى برفقتها تدعمها بدلًا من وحدتها معهما، ليمر الأمر بكلمات شكر وتأسف من سليمان، وتظاهر منها بالأفصاح ووعد بالاهتمام بها حتى يتأكد الحمل...
لتصعد بها ألي غرفتها بود زائف ومعهما آسر الذي يختلج النبض بقلبه سعادة ممتنًا لما مُنح له، متعهدًا بالسعي للشفاء الكامل،  لكِ يكون عونًا وسندًا لعائلته الصغيرة، زوجته وطفلة...

ما ان دلفنا الغرفة، وغادرت شاهي حتى أردف أسر قائلًا:-
  - جود ممكن تنامي وترتاحي، الدكتور طلب منك الفترة دي تقللي حركة وتهتمي بأكلك وصحتك..
أمأت له بعبوس طفولي،  جعل بسمه ترتسم على محياه وأردف قائلًا:-
  - طيب هاتي كتاب وتعالي ارتاحي بالبرند وانا أقرأ لك..
  اتسعت بسمتها وكادت ان تهرول متحمسة لجلبه من المكتبة الا انه اوقفها بصوته القلق:-
  - جود براحه، انتِ ناسية وضعك..
  انتبهت متذكرة وهي تحاوط رحمها بذراعيها بحماية قائلة:-
  - اسفة يا حبيب مامي، لسه ما أخدت على وجودك، بوعدك هنتبه اكثر واحافظ عليك...

راقب آسر هذا المشهد ببسمة سعادة ووجيب يتعالى، فها هو الله يمنحه ما قد ظن أنه مستحيل..
****
في المشفى ما أن نهضت نيرة بنية المغادرة، حتى باغتها ادم بحمله لها قائلًا:-
  - الدكتور قال راحه يا مدام، ومن دلوقت مهمتي راحتك لحد ما ابننا يشرف بالسلامة، أنا متأكد أن العملية نجحت وأنك حامل بأبني ان شاء الله....
  ثم تحرك بها اتجاه الخارج وصولًا لسيارته ووضعها برفق
بها واستقلها مغادرًا وهو يقود بحرص حتى وصل إلى الفندق، فلم يسمح لها بالترجل الا وهو حاملًا اياها رغم اعتراضها وصعد بها الغرفة،  واضعًا أياها على الفراش قائلًا:-
  - ارتاحي شوية على ما أطلب الاكل.. 
  أمأت له، فقام بتمديدها ونزع حذائها ببسمه ودثرها بالفراش، ثم جذب الهاتف وطلب الطعام، ما أن انتهي حتى ولج ألي المرحاض لينعم بحمام دافئ....
***
طرق على باب المنزل بقوة، مما جعل قاطني سكن المنزل يهلعون وحسين يسرع بالتوجه لفتحه وهو يغمغم بضيق لاعنًا الطارق..
وما ان قام بفتحه،  حتى تفاجأ بمن يقابله ويباغته بلكمه اسقطته و انهال عليها بالعديد منها غلًا وهو يسبه ويلعنه على ما فعله بالفتاة وصراخ زوجته وفتياته التي اكبرهن تبدو قريبه من عمرها، لكنه لم يعبأ واستمر بضربه بقسوة وهو يهتف قائلًا باهتياج وغضب اعمى:-
  - وقسمًا بربي لو ما جيت وطلقتها دلوقت،  هخلص عليك ومالكش عندي ديه، أصل اللي زيك مش راجل، اللي يجبر عيلة قد بنته على الجواز ويمد ايده عليها..
ثم جذبه بقسوة الي الخارج وقذفه بداخل سيارته وصعد  هو الاخر وقادها عائدًا الى المشفى وهو يجذب هاتفه ويقوم بالاتصال على رحيم  منتظرًا ان يجيب،  وما أن فُتح الخط، حتى جهر قائلًا:-
  - رحيه هاتلي مأذون وتعالى مستشفى البلد حالا،  اوضة رقم..
***
في الجهة الأخرى، كان رحيم جالسًا بصالة المنزل، يتناول كيك سارة بتلذذ وهو يشاغلها،  بينما هي جالسه مع عمران تدارسه، حتى تعالى هاتفه جاذبًا اياه، وما أن اجاب عليه واخبره بما قال، حتى انتفض واقفًا  مأردفًا بنبرة مغلفة بالقلق:-
-  مستشفى إيه ومأذون ايه يا ركان خير في إيه!
أجابه ركان قائلًا:
  - مش وقته يا رحيم هبقى احكيلك،  بس تعالى بسرعه
  وافقه رحيم واغلق الخط بملامح واجمه، بينما أنتاب سارة القلق ولم ترد ان تظهره...

جمع هو  اشياءه وتحرك مسرعًا صوب باب الشقة، لكنه شعر بتوترها وقلقها، أو هكذا تمنى، فأراد طمأنتها على كل حال فأردف قائلًا:-
  - دا ركان صاحبي عايزني اروح له دلوقت، اقفلي الشقة بالمفتاح وانا هبقى اطمن عليكم..
  انهى حديثه وهو يجذب حقيبته وغادر قائلًا:-
  - اقفلي الباب يلا ورايا حالًا..
أمأت له وتحركت خلفه تغلق الباب، بينما هو تحرك ينفذ ما طلبه منه ركان....
**
تطلعت به بنظرات انبهار وهي تراه يفي بوعده لها، يلج الغرفة كمحارب منتصر، يلقي به بقسوة أمامها، لينقل بصرها اليه بتشفي وهي تراه منكسر، مذعور منه، ووجهه مكدوم، وملابسه مشعثه، لتشعر بوجود سند داعم لها لأول مره، هو فارسها الشجاع، منقذها للمرة الثانية أتى وانتشلها من ظلماتها، كانت نظرات عيناها تتعلق به وهي تلتمع بشيء ظنته انتهى ولن تشعر به مجددًا، لم يخرجها من تطلعها الأبله به
سوا استماعها لصوته الجسور وهو يجهر به قائلًا:-
- طلقها،  ارمي يمينيك عليها حالًا..
أماء له الاخر بذعر من هيئته الوحشية تلك، متلعثمًا بحروف متقطعة قائلًا:-
-انتِ طالق...
كلمة تلك كانت، ولكن تأثيرها على قلبها لم يوصف  شعرت بدقاته تتراقص عاليًا وبألعاب نارية تنطلق من فرت سعادتها بنيل حريتها وأخيرًا،  كل هذا ولازلت نظرات عيناها عليه هو وحده وقلبها الاجدب يعلن تتيمه من جديد، لتنتبه لانضمام شخصًا اخر يرتدي جلباب وعمه برفقة رجل والذي لم يكن غير رحيم الفاغر فاهه يتطلع بعدم فهم لما يحدث حوله،
بينما هي تداركت هوية المأذون الشرعي، الذي اتى ليوثق طلاقها،  فلم يكتفي بالكلمات الشفوية،  بل اراد تحرير نهائي موثق لها،  يمنع الاخر من محاولة الغدر وردها،  وما هي الا ثوانٍ  وراته يجذبه بعنف ليوقع على وثيقة اطلاق سراحها،  حتى انتهى الشيخ ونالت حريتها اخيرًا بسببه هو!..
بينما نهض الشيخ مستأذنًا ما أن انتهى معلمًا اياها انها كونها حاملًا عدتها تكون حتى أنجابها للصغير، لحظة أراد ركان معرفة حكم الشرعة اذا كانت تحمل طفل غيره، لكنه لا يرد تشويه سمعتها على شيء لن يكون وعليه أن ينتهي
لذا صاح ب حسين جاهرًا به ان يخرج ويبتعد، اذعن له وزحف مبتعدًا، بينما تبقى هو ورحيم الذي مازال يطالعه منتظرًا اجابه على ردة فعله تلك وأسالته التي تحوم الان برأسه تسعى للأيجابه، فتقدم ركان نحو بوسة قائلًا:-
  - خلصتك منه زي ما وعدتك، دلوقت هتكلم مع الضابط رحيم صاحبي شوية وارجعلك، ارتاحي..
 
امأت له بابتسامتها البلهاء ونظراتها المنبهرة والعاشقة والذي قرأها رحيم جيدًا، لذا زاد فضوله نحوها، حتى تقدم ركان نحوه يجذبه للخارج حتى يسرد له كل ما حدث...
**
في الخارج ما أن انهى ركان قص حكاية بوسه على رحيم والذي احتاج قلبه الحزن عليها تلك الصغيرة وما عانته، خاصةٍ حملها بطفل غير شرعي، سببه الجهل والتخلف الذي يحوم بالمجتمع،  إلا انه تنفس الصعداء وهو يحمد الله على انقاذه لحبيبة قلبه قبل ان تزل قدمها في تلك الفجوة المظلمة، لكن تلك الصغيرة التي سقطت فيها وانتهى الامر،  وتحتاج لمن يمد يد للمساعدة وانتشالها، ويحمد الله على وجود صديقه ودعمها،  لكن الأن المعضلة الكبرى تتمثل في صغيرها المتشبث بالحياة والذي للأسف لا يجدر به المجيء اليها وعيشها...
لذا أردفً بنبرة مغلفة بالشفقة:-
  - طيب موضوع جوازها وانتهى  يا ركان، لكن موضوع الطفل هتعمل فيه ايه، هتقدر تقنعاها تنزله...
تنهد ركان شاعرًا بضيق يعتمر صدره وشعور بالمسئولية اتجاهها لا يدرك كيف تسلل اليه وتملكه وأردف قائلًا:-
  - مش عارف يا رحيم لسه ما تكلمت معها في موضوعه،  بس شكلها متمسكة بيه...
طالعه رحيم بنظرة مطولة، وشيئًا ما بداخله جعله يوقن أن تلك الصغيرة هي القادرة على أزالت ذاك الحب الظالم الذي يفتك بقلبه وزرع حبها هي بدلًا منه، فلم تخفى عليه نظرات العشق المغلفة بالانبهار، تطالعه وكأنه نجم ساطع  لذا قرر أن يحث صديقه على قربها،  لعلها تتمكن من التسلل بين حناياه حتى قلبه وتملكه فأردف بنبرة ذات مغزى:-
- البنت دي ضايعه وتايهة ومحتاجه حد يرشدها للطريق الصح،  وبما إنك اللي لقيتها او هي اللي لقيتك فهي مسؤوليتك، خد بأديها ووجها أنت..
اخرج ركان نفسًا مثقلًا قائلًا:-
- فعلًا يا رحيم انا مش عارف ليه حاسس ان البنت دي تخصني ومسؤوله مني،  عشان كده قررت أساعدها وأخد بأيديها..
رفت بسمه جانبيه على ثغر رحيم،  سرعان ما اخفاها،  وهو يشعر أن صديقه الأن يقطع اول خطوة بدرب عشق صحيح وليس ذاك الخاطئ، ثم نهض مستأذنًا منه للعودة الى المركز، معطيًا له الوقت اللازم للبقاء معها وأنه سيتولى الأمر وحده واذا احتاجه سيخبره، اماء له ركان، فغادر من أمامه،  بينما هو توجه ألي الداخل للحديث مع تلك
" البوسة " وعند تذكر اسمها،  حتى ابتسم ساخرًا يحرك راسه بيأس مع بسمه خفيفة ارتسمت على محياه،  فهو لا يتقبله ابدًا،  فكيف لها ان يناديها بوسه، ويسمعه احد،  ماذا يظن بها،  فذاك الاسم، ليس إلا شبها يعبر عن رغبه فقط...
***
دلف اليها بخطوات مثقله وهو يراها جالسه على الفراش وكفها منبسط على معدتها ببسمه خفيفة سرعان ما توسعت
حينما انتبهت له قائلة بنبرة مغلفة بالسعادة:-
  - مش قادرة اصدق إني خلاص خلصت منه، شكرًا أوي أوي...
  بادلها البسمه وهو يقترب منها، ثم جلس على المقعد المجاور للفراش وأردف قائلًا:-
  - بوــ
  لم يستطع اكمل الاسم حقًا، لذا حمحم متابعًا:-
  - بصي إنا عايز اتكلم معاكِ في موضوع البيبي، دلوقت ممكن أفهم ليه متمسكة بيه كده...
  صمتت للحظه ثم تابعت ويداها ماتزال على رحمها تمسد بطنها برفق وكأنها تربت على صغيرها:-
  - بص هقولك مش هنكر اني حاربت بقوة عشان ما احملش من حسين وارتبط بيه، بس لما حصل وحسيت بيه جوايا، حته مني، غصب عني تعلقت بيه وقررت احميه ويكون هو سندي وحمايتي لما يجي، ولما اكتشفت أن احتمال يكون مش ابنه وابن حد تاني، مقدرتش اكرهه او احس اننا مش عايزاه، لأني رضيت بيه وهو ابن اكثر رجل بكره في حياتي، مش هرضى بيه وانا حتى معرفش ابوه مين!، هو ابني انا، حته مني يستحيل اتخلى عنها..
لا ينكر شعوره بالأعجاب لمشاعرها وعاطفتها القوية إلا أنه لم يقتنع بحديثها، فذاك الصغير ليس الا أذي لها ولذاته بالمستقبل، لذا هتف قائلًا بنبره هادئة في محاوله لجعلها تستعب:-
  - اسمعي كل كلامك جميل ويعتمد على مشاعر حلوة، بس الواقع غير كده، انت صغيره ومش فاهمه عاقبة ولادت ابنك في وضعه دا بالمجتمع، وانه هيكون طفل منبوذ، الكل هيسميه ابن حرام ومحدش هيقبله ولا يعترف بيه، ومش هيروح يحكي لكل واحد قصة أمه واللي تعرضت له، وهيلومك على انك جبتيه للحياة من غير اب، وحتى لو عرف ابوه الي هو هيترمي في السجن لسنين طويلة منعرفش قد ايه، هيفتخر بيه مثلًا انه ابن سجين..
ثم اردف بنبرة حاسمه:-
  - الطفل دا لازم ينزل!، صدقيني هيكون افضل ليكِ وليه انه ما يتولدش..
شهقة عالية اندلعت من قلبها دقنتها بكفوف يديها التي اغتسلت بدموعها ما أن انتهى من حديثه تلك، بينما كفها الاخر لتشدد عانقه لرحمها بحمايه، تومئ برأسها رافضه بشدة، قائلة بهلع: -
  - لا مستحيل اقتل ابني بأيدي مستحيل...
   جزع لرؤية نظرتها ونبرتها المثقلان بالألم ورفضها الهستيري، ادرك انها على وشك خوض انهيار اخر، فقرر المهادنة معها والتهدئة من روعها للوقت الحالي، بينما قد حسم قراره وانتهى الأمر قائلًا:-
  - طيب خلاص أهدي، أنا كنت بفهمك عواقب اختيارك، مش بغصبك ...
ثم نهض واقفًا بتروٍ قائلًا:-
  -  أنا لازم اروح دلوقتِ، قوليلي عنوان بيتكم  اعرف مامتك بحالتك تيجي تاخد بالها منك..
  - جزعت تومئ برأسها بالرفض من بين نشيجها قائلة:-
  -- لا مش عايزة حد يعرف، باب اتصاب بجلطة ومالوش الحزن ولو عارف هيتعب جامد وكمان ماما هي اللي بتاخد بالها منه ومن اختي الصغننة ازاي هتسبهم وتيجي، أنا هكون بخير لوحدي، هنام شوية..
وقف صامتًا يستمع إليها، بينما عيناه تلمعان بالأعجاب  لشخصيتها تلك، كم هي حنونه ومراعيه، تهتم كثيرًا لأهلها وتضحي من اجلهم، لقد زجت بذاتها في جحيم هذا الزوج من اجل حمايتهم والان تخشى اخبارهم بحالتها حرصًا عليهم، ليضاعف هذا من عزيمته على دعمها، كما أرغمته طبيعته الحانية على عدم تركها، ولكن لينهي شيئًا ما أولًا
فأردف قائلًا:-
  - طيب تمام اذا كان كده انا هفضل معاكُ هنا ..
لكنها اجابته برفضًا خجل:-
  - لا صدقتي انا كويسه، وكفاية اوي اللي انت عملته عشاني...
ابتسم قائلًا:-
  - على فكره اي حد مكاني هيعمل كده وهيساعدك، ثم انا قررت خلاص إنك من هنا ورايح اختي الصغيره، ثم ما تقلقيش انا كده كده فاضي، وبدل ما اروح اقعد لوحدي، هقعد هنا معاكِ نتسلى سوا، ولا وجودي يضيقك!..

كمن طعن بنصل حاد بارد هكذا كان تأثير كلمته عليها، وكم ألمها قلبها حينها، فكيف يعدها شقيقته وهي من كانت غارقه بعشقه يومًا، لكن كالعادة عقلها يقودها منبهًا اياها بمثلًا قديم أفاقها، "رحم الله أمراءٍ عرف قدر نفسه"
فمن هو، ومن هي الأن!، هو ضابط لم يسبق له الزواج قبلًا، وهي مطلقه تحمل طفلًا ليس له نسب برحمها...
لذا أمأت له ببسمة شجن لم يلاحظها، وكيف أن يلاحظها وقلبه ممتلئ بعشق غيرها، قائلة:-
  - يا خبر اكيد لا!،  بالعكس طبعًا عمري ما اضايق من وجود حضرتك...
أزعجه اللقب هذا في اخر حديثه، لذا أردف بينما ينزع عنه سترته ويلقيها بأهمال ويشمر عن ساعديه ليرتاح اكثر:-
  - مفيش حضرتك تاني، اتفقنا انك زي "لمار" اختي وهي بتقولي يا ركان عادي، وأنتِ كمان ذات الشيء، ركان بس
مجددًا يؤلمها ولا يدرك، لكنها اعتادت الالم وبات جزءٍ من حياتها، ستشتاق له ان غادرها...
لذا منحته بسمه وهي تعتدل على فراشها، بينما هو أوشك على الجلوس موضعه، لكن صدح رنين هاتفه، فجذبه من جيب سترته وعيناه تلتمعان ما ان رأى اسم ميار على هاتفه
ليهتف قائلًا قبل ان يجيب عليها:-
  - دي ميار البنت اللي كانت معايا لما قبلناكِ اكيد حابه تطمن عليكِ، وضغط على زر الأجابه وبنبرة مغلفه بالعشق اجاب عليها وهو يتحرك ألي الخارج...
  بينما هي تمددت على الفراش تدثر ذاتها، فقد شعرت بالبرودة تجتاحها وراسها يرجمها بسيل ذكرياتها المريرة
لتعانقها  الوحدة وتضربها بسياط الفقد  لكل ما حلمت به وتمنته يومًا وكان اعظمها هو،  حتى امتلأت مقآيها من نهر قسوة الاحزان،  لتنساب منها تشق اخاديدها على وجنتيها،  بينما هي تحاول حجبها ومنعها من الانسياب، مغلقه جفونها بقوة، إلا انها تخطتها....

بالخارج ما أن انهى مكالمته مع ميار، حتى تنفس بثقل وهو يتخذ القرار، متوجه ألي الطبيب المسؤول عن حالتها ليعلمه بما يريده فعله من أجلها، فهي صغيرة جاهلة عن الحياة وقسوتها، تتحكم بها عواطفها وتحتاج لمن يتخذ القرار الاصح بدلًا عنها وقرر أن يكون هو هذا الشخص مقررًا ان الاجهاض لهذا الطفل هو الخيار المناسب والوحيد أمامه من أجلها، فمع انهاءه، سوف ينهي كل مصأبها، ولا يدري أنه بينما كان يدلف الى مكتب الطبيب، كان هناك من يقف أمام منزل والديها بهيئته المبعثرة، يفح بكلماته السامه لوالدها، يقسم له ان لم يعيدها الى عصمته ان يزج به بالمحبس، لينهار والدها ولم يحتمل كلا الخيارين ام السجن او إعادة صغيرته الى النار، وبأحباط تملكه، بثُ بقلبه الوسواس، ضعف أيمانه وقرر انهاء حياته للنجاه بصغيرته، وولج للداخل يحرك مقعده حتى وصل وسحب سمًا خاص بالفئران وتناوله وانهى حياته مستسلمًا  ولو أنه صبر وتوسم بالله خيرًا، لكان علم انه بعث لهم من يتصدى لذاك الخبيث وينتشلهم من محرابه المظلم، لتلج زوجته الى الغرفه وتراه ساقط على ارضية الغرفه وتلك المادة البيضاء يطفقها فمه، فتعالى عويلها وصياحها على زوجها الذي قتل ذاته وفقدته ....
**
بعد بضعة دقائق من الولوج للطبيب ومحادثته والجدال بينهما محاولًا اقناعه بما يريد ورفض الطبيب للأمر،  فاضطراره لأخباره كل شيء عن الحمل،  فأذعن الطبيب له على شرط ان يأخذ توقيعه على وثيقه تحمله هو كافة المسؤولية، فوافق ومنحه التوقيع  ، خرج كليهما من المكتب، والطبيب يحمل بين يديه حقنه معبأة بسائل ما، متوجهين الى غرفتها، كانت هي استجمعت قواعا واوقفت عبرات الحزن والشفقة على حالها، ليمنحها الطبيب بسمه مضطربة وهو يتظاهر بالاطمئنان على حالها، ثم أفضى محتويات الحقنه في قنينة المحلول المعلق لها، بينما ركان يرمقها بنظرات أسف لما فعله بها من اجلها، لتلتقي عيناه بعينيها، فأشاحها مضطربًا ، ولكن كانت هي رأت نظراته الأسفة والاضطراب الذي أصابه....
.....
أوقف ظافر سيارته امام المنزل وترجلا منها، يخطو بخطوات مثقله بالهم للداخل، وهو يتذكر مغادرتها مع ركان  وتركه بعد طلابها الانفصال، شاعرًا بالخواء يعربد بداخله دونها، يخشى فقدانها الدائم، خاصةٍ لقرب ركان منها،  فمن المؤكد عاد بها الى القاهرة وابعدها عنه وسوف يستطيع اقناعها بالانفصال عنه،  إلا أنه تيبس موضعه منصدمًا وهو يلمحها تقف في شرفة غرفتها القديمة،  للحظة تسمر موضعه ظنًا منه التوهم،  حتى اجفله نبرة صوتها وهي تحادث أحد، فتهللت اساريره وشعر بأن الفرصة ماتزال أمامه لأقناعها بعشقه واستردادها مجددًا،  لذا عزم على السعي لاكتساب قلبها واستملته مجددًا....  
***
تجوب الغرفة ذهابًا وأيابًا وهي تشعر بالحنق والغضب،  تستدعي شيطانها ليغمرها بالأفكار الشنيعة للتخلص من ذاك الجنين إذا ما تأكد وجوده برحمها، والخلاص منها هي عقبه،  فبعد ما حدث باتت تدرك كم هو خطير بقاءها، لكن لتقضي على احتمالية حملها اولًا....
يتبع

Seguir leyendo

También te gustarán

2.8M 136K 38
وَدُون أن أَدرِي ، كُنْت أَهوَى بِـ كلمَتي لِنَفس اَلموْضِع اَلذِي هوى إِلَيه إِبْليس حِين رأى أَنَّـه خَيْر مِن آدم . لا احـلل اخذ الروايـه ونشرهـا...
24.2M 1.5M 52
حياةٌ اعيشها يسودها البرود النظرات تحاوطني أواجهُها بـ صمود نظراتٌ مُترفة .. أعينٌ هائمة ، عاشقة ، مُستغلة ، عازفة ! معاشٌ فاخر ، صوتٌ جاهِـر اذاق...
5.6M 129K 66
سلامْ الله على العزيزٌ قلبيّ ! من الألم ، من الوجع ، من الإنشطار ! أما ذاكَ الذي طعنني غادراً وتسببَ لي بإنشطار روحي ، وجعل كياني مٌشتتً ما بين قل...
91.3K 116 21
قصة سادية ودياثة و شرمطة تروي تسلسل الشخصية المحترمة منى وتدحرجها في مستنقع العهر واذلالها على يد سيدها وترويضها بعد ذلك