دُجنة أديب

مُحاكاة للأبجديّة

* الأدبُ المخصص لِجون ليسَّ لي.

*

-أغفر ليّ.

همسّ وقربّ جسد الرماديّ اليه. تنفس شعره الداكن ورائحته العَبقة. دهسّ عِظامه بين يديّه. يخاف بعده كطفلٍ صغير يحتضن لعبَته.

-لا يوجد غفران بين الأحباء، جون.

أشدق وهو يشد الأديب من قميصهِ غارقاً بين يديهّ الصلبه.

-تاي.

لاح لمسمعيهّ نبرة الحزن التِي هربت مع حديث الفَتى. قررّ عدم التغاضيّ عن هذهِ النبرة. مسحّ على مقدمةِ خصلاتهِ الداكِنه وأفتر ينتظر الرد من مَحبوبهِ الدُلهمي.

ناظر الأديب الفتى بِنظرةٍ مبهمه. لم يتلقى أيّ جواب فقط قد إعتصرَ قميصهّ الحريريّ بأناملهِ الرفيعتين.

تبدلت ملامحهِ الهادِئه بأخرى حزينة في اللحظة التي تلقتّ جمريتاه عينا الآخر المتكورة والمعتصره. تتجرع أن لا تبكِ أمامه وتتهبأ القوة لكيّلا يختمر الحزن في قلبه.

-تاي.

لاعب خصلاته بيديه.

-فؤاده من الحياه، تحدث؟

عبأ صوته بالدفئ على عكس ما كان يشعر بهِ. تجاهل قلبه. ألمه. وما يشعر به تجاهّ الأديب.

-يمكنك معاتبتيّ.

مسح وجنتيهِ الصحراوية ليلافقّ حديثه بعده. راقتّ له ملامح الآخر النعيمية ونَحتها. حاجباهّ المائِلان. رسمة عينيه الهادئه. لونهما الداكِن. شفتاه الشاحبه التي تغريهِ لمذاقِها. أكتفى يطالع الآخر المتخبط أمامه وإنتظار حديثه.

-يمكنكّ م-..

-أنا لا أستطيع.

قالها ثّم إستقام فاصلاً شباكةَ يديهم. تقربّ أرواحهم. فصل رائِحتهم الممزوجه مع بعضها. دحرّ إنساجمهم جاعلاً من الآخر يتهيأ بهيئةِ التائِه. الرضيع الذيّ تركته والدته. الزهرة التي رُمت على قارعةِ الطريق. العصفور الذي غادره عِشه.

أبتعد عنه متوجهاً ناحِية الحمام لتحتدّ عيناه بملوحتها. لم يستطع البكاء امام المعنيّ أبداً. لم يستطع معاتبته او محادثته. لم يستطع إسترجاع ذكرياتهم خوفاً من الآتِ.

دخلّ الدُلهمي الحمام بينما الأديب ظلّ متصنماً خارجاً فمالذي قد يقوله او يفعله وكاملّ الحقّ مع الصحراويّ. له الحق في قتله. تعذيبه. فتلِّ روحه عن جسده.