١٤- أمرٌ واقع 💔

2.9K 87 2
                                    

أوقف حازم سيارته بعنف فى موقف سيارات المطار، ونزل منها بسرعة ينهش الخوف قلبه بضراوة، دلف إلى إحدى الصالات هرعاً ينهب الأرض بقدمه نهبًا والفزع يحتل قسماته، أوقف ساقيه عن مواصلة ركضه بشكل مفاجىء ريثما ظهر أمامه صديقه سامى والذى هاتفه وأوكله بالتحرى ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أوقف حازم سيارته بعنف فى موقف سيارات المطار، ونزل منها بسرعة ينهش الخوف قلبه بضراوة، دلف إلى إحدى الصالات هرعاً ينهب الأرض بقدمه نهبًا والفزع يحتل قسماته، أوقف ساقيه عن مواصلة ركضه بشكل مفاجىء ريثما ظهر أمامه صديقه سامى والذى هاتفه وأوكله بالتحرى فى أمر سلمى، لكن هل فعلًا يسود وجهه علامات الأسى أم يتهيأ له؟ لمَ يسدل وجهه بخجل، ويهز رأسه بحزن مرير؟ انهارت قوى حازم التى استجمعها بصعوبة للصمود على أمل أن يكون كل ذلك هذيان، سوء فهم، أيًا يكن لكنه لن يكون واقعًا، لم يعد بوسعه سوى الإستسلام الذى فاق قواه العقلية والجسدية، وفقد حقه فى السيطرة عليهم فسقط على ركبتيه التى تلاشت أعصابهما دفعة واحدة وظل يصرخ باكيًا، فعلٌ لا يليق برجل شرقى كما يدَّعون، لكن هول الصدمة قد يفقد الإنسان عقله مهما كان يحمل من قوة ورباطة جأش. صبرٌ، تحمل، إيمان، قوة، كل ذلك انهار ولم يبق منه حتى الفتات، فقط بُنيَ من اللاشىء جدران سوداء خانقة حول روحه تقبضها شرَّ قبضة، تنبئه بنهاية حياته هو الآخر، فـعلى كلٍ ما كانت حياته سوى سلمى وها هو فقدها فى عشيةٍ وضحاها، شريط من الذكريات يمر أمام عينيه كعرض سينمائى انتهى بأحداث الليلة السابقة، هل ماتت غاضبة منه، كيف كان أحمق إلى ذلك الحد، كانت تلك الذكريات تتوالى على عقله دون هوادة بأسلوب العرض السريع؛ فتنكأ جراحه حديثة عهدها فيصرخ بألم مرير بعلو صوته "سلمـى!" هل لن يراها مرة أخرى؟ ألن يخرج الآن يجدها تنتظره فوق سيارته، ألف تساؤل وتساؤل كان من شأنهم القضاء عليه فى التو واللحظة، كل ذكرى كانت كالسيف يغرز نصله بفؤاده فينزف حزنًا ومرارة، حاول سامى تهدئته لكنه لم يفلح، بل نهض حازم على غير هُدى وخرج بلا نُهى، يدور به العالم فتصبح سماءه أرضه وأرضه سماءه.

كانت تلك حالة الجميع، حالة من عدم التصديق، انتشر السواد فى الأرواح قبل المظاهر، قضوا أسوأ ثلاثة أيام قبل وصول رفات سلمى إلى مصر ومن ثم إلى مشرحة زينهم، ذلك المكان البغيض الذى عجَّ بأرواح الموتى تلفه بمشاعر مختلطة بين غضب وحزن وألم وصراخ يمكن للعاملين بها أن يسمعوه ليلًا وربما نهارًا، نزل سليم من السيارة أمام المشرحة يسانده أحمد، لم تقوى ساقيه على حمله ينتفض قلبه وكأنما يُصعق بالكهرباء يبكى ويشهق وينتحب، فقُرَّة عينه وحب حياته وونيسته تركته وتركت عالمه، لطالما حمل همّ يوم أن يتركها فى الدنيا لوحدها ويغادر إلى العالم الآخر، وكيف ستتحمل وكيف سيكون مطمئنًا عليها، لكنه اليوم يشهد هو وفاتها، هى التى تركته وليس هو.

رواية.. "لكنه لى" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن