قال تعالي (( وهمت به و هم بها لولا أن رأي برهان ربه))
همت أي تحدثت مع نفسها أنها تريد أن تنام معه.. و أما هو فهناك تقديم و تأخير قدره ، لولا أن رأي برهان ربه لهم بها ، بمعني لولا أن الله عصمه وحماه ، لتحدث في نفسه عن النوم معها....
وبينما زليخا تقترب من يوسف إذ هرب يوسف منها إلي الباب..
يوسف يجري و من خلفه زليخا ، سحبته من ثوبه من الخلف ، فقطعت ثيابه من الخلف.. لازال يوسف يجري و لا زالت زليخا تجري خلفه حتى وصلا إلي الباب و إذا بالعزيز يقف أمام الباب.......
صدمت زليخا ، و ارادت أن تحمي نفسها فقال علي وجه السرعة...
• أخبرني ، ما عقوبة من تعدي على أهل بيتك و أراد بهم شرا ، أليس السجن أو العذاب الأليم ؟؟!!
عندها نطق يوسف و قال معقبا على كلامها...
• هي التي اغوتني و دعتني إلي النوم معها و لكنني لم أرض فانا لست بخائن...
وقف العزيز أمامهم ، فتحاكموا إلي واحد من اقرباء زليخا ، فقال
• انظروا إلي ثوبه ، إن كان قطع من الأمام فهي الصادقة ، أرادت أن تحمي نفسها قطعت ثوبه.. و إن كان قطع من الخلف فهو الصادق أراد الفرار منها عندما قطع الثوب...
نظروا إلي قميص يوسف فإذا هو مقطوع من الخلف ، فعلموا انها هي الكاذبة و أن يوسف هو الصادق ...
عندها قال العزيز
• انت الكاذبة ، انت من اغويتيه و اتهمتيه بالباطل ، فتوبي و استغفري لربك ، عليه ان يرحمك ، و انت يا يوسف ، انسي ما حدث و لا تذكره لأحد ابدا ....
انتهت قصة إغواء يوسف من زليخا ، ومرت الايام ، و كل يوم يزداد الحب و الرغبة في قلب زليخا تجاه يوسف ، قد بلغت منتهاها
تعددت الايام ، ووصل لناس محدث من زليخا و حبها ليوسف ، و حديث الناس قتال إن اهتممنا به ، فلن ننال الرضي مهما كان و مهما فعلنا ، فليكن يا احباب هما رضي قلوبنا و ليس رضا الناس ، فرضي الناس غاية من المحال ان تتحقق ، و رضي القلب هو أسمي الغايات و الامنيات ...
و كانت زليخا من هذا الذي يهتم بحديث الناس و اخبارهم ، فلما وصلها كلام الناس عنها .....
صنعت وليمة كبيرة ، و جمعت فيها جميع النسوة من اصحاب المكانة في مصر القديمة ، اصحاب الاموال و زوجات الوزراء و هكذا...
وليمة بها كل ما لز و طاب ، و أجلست الجميع عليها ، و أحضرت فواكه تقطع بالسكاكين ،...
ثم امرت يوسف أن يرتدي اجمل الثياب و ابهاها ، و كان يوسف دائما الانتقاب ، فلا احد راي وجه يوسف منذ بلوغه إلا زليخا و إطفير و القليل من خدم القصر الكبير ، اما العوام فلم يري أحد وجه يوسف إلا في هذا الوقت...
نحن الآن في ارض الكنانة ، في قصر عزيز البلاد و اميرها ، ونسوة من ارقي النساء و احلاهم ، و اغناهم يجلسون علي مائدة ، ندر وجودها في جميع الازمان..
فتح الباب ليهل القمر بدرا منيرا ، قمر ليس كما في السماء ، بل بدر يسرق القلوب ، و يسحر العيون ، بدر طمس من جماله ضوء الشمس ، و خجلت منه و انطفا ضيائها...
صدم النساء ، وهل لحيائهن هنا مكان!!!
صدم النساء ، و هل لخجلهن هنا مكان !!!
صدم النساء ، فذهبت العقول ، و نبضت القلوب ، و ضاع الاحساس ، و انتهت السيطرة علي الاعضاء...
لازالت ايديهم تتحرك لكن بلا إرادة ، فالإرادة الآن تدور مع القمر حيث دار ...
اصابع تتساقط ، لحم تلوث مع الفواكه و الدم ، و الدم جري انهار!!
اين الاصوات التي تجأر مع اول شكة الدبوس ؟؟
بل اين دموع الألم المصاحبة لقطع الاصابع ؟؟
قطعن ، و قطعن ، و قطعن الايادي و سال الدم بحورا و ما شعرن بألم!!!
مشهد عجيب و غريب ، رأي يوسف المشهد ، فخرج مسرعا قبل ان يكون سفاح الجمال الذي قتل النسوة بوجه .....
نظرن إلي ايديهم المقطعة ، احسوا الآن بالألم ، يوم ان غاب الجمال ، ...
قالوا جميعا..
• يا زليخا ، من بربك هذا الجمال ؟؟
• هذا من ملك الفؤاد ، و سقطت معه صفات الحياء!!
• هل هذا بشر ؟؟
• اما والله هو اجمل الرجال!!
• لا ، لا يعقل ان يكون بشر ، بل هو ملاك او جنس صافي مختلف ؟؟
• هذا من تلوموني بسببه ، ولقد فعلت معه المستحيل ، ولكن لا فائدة ، فهو عفيف لا يريد ذلك ، كلموه يا سادة فإن فعل كانت له جنة الأرض ، و إن رفض فالسجن و التحقير هما جزائه عندها ...
تعجب الناس من هذا الجمال الذي لا يريد استغلال موهبته في الجمال ..
امرته زليخا ان يخرج مرة اخري لهم ، فخرج و لكنه خرج متسلح بسلاح النقاب ، خرج و لم يكشف لهم عن شيء إلا عينه ، و إن كانت كفيله لتجلس ملك الموت في بيته ، فمرشة عين منه كفيله بان تفعل مالم يقدر علية ملك الموت....
• يوسف ايها الجميل البهي ، لماذا لا تطيع سيدتك ، انت ملك لها ، يوسف الدنيا امامك لا تحرم نفسك من لزتها..
يوسف ، لا تكن جاهلا ترفض الخير خيرا ، فمن يرفض جمال كجمال زليخا و لا مال. منصب كما تستطيع هي ان تفعل...
• انا لن اكون خائن ، و ليس عمل هنا ...
خرج يوسف و ابتعد عنهم ، رفع نظره إلي السماء ، تحركت كل خلية في جسده و قال
• يارب ، انا الضعيف ، و انا العاجز ، فكن معي و لا تتركني ، يارب ليس لي سواك ، فاعصمني و احمني ، و لا تسمح لي ان أطيعهم .
يارب ، إن تركتني استجبت لهم ، بضعفي و قلت حيلتي.. فارزقني يارب السجن ، فهو احب إلي من ان اكون خائن ، يرتكب المحرمات...
الأجواء هاهنا مختلفة ، فنحن في بلد الحضارة الآن ، بلد مصر العظيمة ..
في قصر عظيم منيف . انه قصر العزيز (( إطفير ) وزوجته زليخة ، وفي داخل القصر هناك غرفة يسكنها النور ، يقيم بها يوسف الكريم.. يبكي وتدمع عيناه ، يتألم علي ما جري له ، يتألم من تلك الفتن التي تحيط به من كل جانب..
تذكر ربه فنظر إلي السماء ، وقال يارب ، أنقذني مما انا فيه ، لا حيلة لي ولا منقذ سواك ، إن لم تحميني سأقع في معصيتك و لن يكون لي طاقه من النجاة منهم ، ربي لو كان السجن أفضل لي فادخلني إياه ، فإنه أحب إلي من أن اخون سيدي أو أعصيك يا ربي.... تموج الأرض و تختفي ويظهر الآن سوق مصر العظيم..
أصبح الجميع يتحدث عن هذا الغلام العبد الذي أحبته و عشقته زليخة عشق الجنون..
الجميع يتحدث عن معجزة تقطيع الايدي و سيلان الدم ، الكل يحكي عن امرأة جميلة مثل زليخة يرفضها عبد مثل يوسف...
الكل يتحدث و الكل يخوض ، و صل الخبر للملك ، ووصل للعزيز ووصل لزليخة.. اجتمعوا جميعا و جعلوا يتشاورون فيما بينهم ، كيف ينقذون انفسهم من حديث الشعب عنهم...
لا يوجد مفر إلا بسجن يوسف .....
هكذا النجاة يا سادة ، بظلم الابرياء ، السادة في مصر القديمة سادة و العبيد عبيد ؟؟
يهان العبد من اجل السيد الظالم.. لا توجد حقوق للعبد مهما تشرف و تعظم ، و لا يوجد عبد مظلوم ، فقط العبد ظالم يستحق العقاب و القتل و السجن ، أم السيد ، دائما مظلوم دائما ، يهوي في الحرام ويكون مظلوم... يخون ويكون مظلوم ... يرتكب المحظورات ويكون مظلوم ... في مصرنا دائما السيد يخالف و يعاقب العبد أو الفقير...
و هذا يوسف ، النبي الكريم ، الذي هو من سلالة الاشراف ، سيد الأنام ، جده الخليل إبراهيم ، لازالت بطولاته تتلي علي الألسن ، و جده الثاني إسحاق ، كريم جواد له من البطولات مه له ، وجده الآخر إسماعيل الذبيح ، انتقل يوسف من الحرية و الحب و الدفيء إلي العبودية و أخيرا السجن ....
يتبع

حكايات قبل النوم.... قصص هادفة للأطفال Where stories live. Discover now