"دانا " صراخ امي يملأ الغرفه و انا فقط لا استطيع رفع جفون عيناي ..
"هيا عزيزتي استيقظي ، دانا " صراخها مره اخري جعلني اخل تلك المعركه مع عيناي لاحاول فتحهما حتي بدات الصوره تتكون امامي لاري امي جالسه بجانبي و يبدو علي وجهها نفاذ صبرها ..
" الجميع ينتظر علي طاوله الطعام ! " قالت و هي تهمس و تسحبني من ذراعي ..
" منذ متي و انتم تنتظروني امي ، انا لا اريد الطعام فقط اتركيني نائمه " ..
قلت بنعاس و انا اششعر انه يتغلب علي مره اخري و انا اتوقف عن مقاومته ..
" و لكن والدك ينتظر هناك !" ..
" ماذا ?" تلك الجمله التي جعلتني اجلس بمكاني بلحظه و انا انظر لامي بتعجب
" ماذا حدث ? هل يوجد مناسبه اليوم ?" .. قلت بتهكم و انا افرك عيناي محاوله الخروج من السرير ..
" هيا دانا .. ستعلمي كل شئ بخروجك من ذلك السرير " .. قالت و هي تسحبني من يدي محاوله اخراجي من السرير الي باب الغرفه .
" انتظري امي انا لم ادخل الح- " ..
"عندما تعودي " .. قالت و هي مازالت ممسكه بيدي تسحبني الي طاوله الطعام .
" صباح الخير " قلت بخجل و انا انظر اليهم و اجلس مكاني فانا بملابس النوم و حتي لم اغسل وجهي بعد ..
نظرت الي نور نظره غضب لجلوسها علي الكرسي المفضل و لكنها لم تبادلني بأي تعابير علي وجهها !!
مرت خمسه دقائق .. عشره دقائق .. الجميع يلزم الصمت !! و لا يوجد هنا سوي صوت ضربات الملاعق بالاطباق ..
" امم احدكم سمع زوجه عمي بالامس ? .. لقد قالت لم تودعي خطيبك او ما شابه ذلك !! " تحدثت بسخربه علي تلك المرأه المريضه .. يبدو انها بدا عليها اعراض كبر السن
" و لكنها لم تكن تخرف دانا " .. رد ابي بدونوتردد و هو ينظظر الي الطبق الذي امامه ..
" م-ماذا تقول ابي ? كيف ذلك .. !! " اشعر و كان الغرفه بدات تضيق بي و انفاسي بدات تتضارب ..
"ليله امس .. طلب مني عمك خطبتك لابنه 'علي' " ..
اشعر و كأن احدهم هنا صفعني علي وجهي حتي ضربت بالارض .. و كأن كل اعضاء جسدي شُلت و لا استطيع تحريك حتي لساني .. م-ماذا يقول ?!! ماذا يقول هذا ?
#...
ظلت تقريبا خمسه دقائق علي ذلك الوضع .. تنظر الي والدها فقط و كأنها شلت تماما عن الحركه .. ذلك الخبر الذي كتم لها انفاسها و جعلها لا تستطيع تحريك ساكن لها سيقلب حياتها رأس علي عقب .. هي لم تكن تتوقع من والدها شئ كذلك .. لذلك ليله امس لم تدقق كثيرا مع كلمات زوجه عمها التي اوقعت بعض الشك في نفسها و لكن ها هو والدها جااء الان ليؤكد كل كلمه قالتها ..
" ا-انت تمزح معي صحيح ?" هذا كل ما استطاعت ان تتفوه به بعض وقوع تلك الكلمات عليها كالصاعقه ..
" انا لا امزح مع احد هنا .. سيأتي عمك و ابنه غدا ليزورونا و يتقدم لخطبتك رسميا .. " .. قال و قد تحولت طريقه كلامه الي الغضب و الحده و ذلك المعتاد الذي كان يقلق الجميع من عكسه .. وقف بمكانه و هو يسحب هاتفه و مفاتيح سيارته و يهم بالرحيل بعد ان ترك لها ذلك الخبر اللعين ..
" انا اكرهك .. " .. تفوهت بما في قلبها قبل ان يترك الغرفه التي يجلس بها الجميع و هم فقط جالسون يششاهدو ما يحدث و لا احد يحرك منهم ساكن من الصدمه ..
" انتي ماذا تقولي ايتها المعتوهه اللعينه ?" استدار ليقابلها بوجهه و هي وقفت بمكانها لتقابله و هي لا تشعر بقدماها التي تحملها و لا حتي تشعر بلسانها الذي يتحدث الان و لا تستططيع التحكم به لان ما يتحكم به الان هو داخلها الذي يفرغ ما به ..
" نعم .. انا اكرهك ، اكرهك منذ ان وعيت و كبرت .. منذ اول مره رايتك بها تضرب امي .. منذ اول مره تركتنا بها و غادرت دون ان تتحدث .. منذ اول مره رايت امي تبكي طوال الليل بسببك .. منذ ان انهارت امي و ذهبت الي المشفي بسببك و نحن لا نعلم عنك شئ .. اكرهم بكل ما بداخلي اكرهك لانك تعاملنا و كاننا عبيد عندك .. لا تتحركي لا تتحدثي لا تذهبي لا تلبسي لا تاكلي .. كنت احاول دائما ان اذكر نفسي بشئ جيد فعلته لنا و لكنني لا اجد .. احاول دائما ان اسكت ضميري الذي يؤنبني لكرهي لابي و لكنني اجد له مئات الاعذار لاصمته .. و بعد ان تحككمت بحياتي منذ ان ولدت حتي اصبحت بالثامنه عشر .. تريد ايضا ان تتحكم بها حتي موتي .. انا لن اتزوج من ذلك الشخص حتي و ان كان اخر يوما بحياتي .. و ان كنت ستقتلني بعدها " .. انتهت و هي لا تشعر بنفسها تشعر و كان قدماها تجمدت بمكانها و لا تستطيع تحريكهم توقف صوتها الذي اصبح مبحوحا بعد تلك الكلمات التي اخرجت تلك الاوجاع المدفونه بداخلها كل تلك السنوات .. تشعر الان انها ارتاحت من داخلها و سكنت .. و اخيرا قالت كل ما لديها و استجمعت شجاعتها لفعل ذلك و لكن كل تلك الالام الداخليه شعرت بها مجددا بمجرد وقوع كف والدها علي وجهها ليجعلها تحتضن الارض البارده ..
" دانا " .. لم تسمع سوي صراخهم باسمها و محاولاتهم لجعلها تتوقف بمكانها .. صراخات حولها و اصوات كثيره و هي فقط مستسلمه و تاركه نفسها علي الارض لا تحاول النهوض ..
" إن لم تفعلي ما اخبرك به سأقتلك .. فهمتي و سأزفك جثه هامده دانا " قال تلك الكلمات التي لم يسبق و يتفوه بها اب لابنته يوما .. كانت كلماته كالسكين الذي غرس بقلبها .. و هي تسمع والدها يقول لها ذلك .. شعرت بيدان يحملاها لترتفع عن الارض و هي مغمضه عيناها و مستسلمه لكل شئ و هي تتحرك بها لتشعر بعدها بدفء سريرها .. لتفتح عيناها و تواجه تلك العينان الوحيدتان التي تشعراها بالامان .. شعرت بها يربت علي كتفها و هو يطبع قبله علي جبينها و يبتعد لتستسلم كليا و تغلق عيناها لتقابل ذلك السواد التي تفضل ان يصبح ابديتها عن كونها يذلك البيت .. !!
