الجُزء الخامِس|لَهفة لِقاء

Start from the beginning
                                    

إبتَسَم ساخِرًا وهو يَقرأ كلِماتَها الحَذِرَة، أعجبَهُ تأنيها في الرد وعدم إندِفاعَها بِالرُغم مِن شغفها القوي تِجاههُ، فَهو يَعلَم بِكُل خُطواتَها، وطلبها لِلقاء مَع روزيلا، كما أعجَبَه حَذرَها وذَكائها في التعامُل مَعهُ، وَجد ذاتَهُ يُجيب عَلى كَلِماتَها بِطريقَة مُلغزّه..

" ليست لي هويّة يا آنِسَة.."

أغلق الهاتِف ووضَعَهُ جانِبًا، كانت تُراوِدَة رَغبَة بِالتأنّي، وتَركها مَع حيرتَها وفضولَها الذي لايَنتهي، لِهٰذا فَضّل المُراوَغَة قليلًا مَعها، أخذ كوبَهُ ليرتَشِف مِنه القليل ثُم نَهض ليتجِّه نحو مَكتبتَهُ العملاقَة في حُجرة الجلوس، قام بِأخذ أحد الكُتُب بُعنوان 'مائّة عام مِن العُزلَة'، للكاتِب غابرييل ماركيث، ثُم عاد لِمكانَهُ وحينَها جاء صوت هاتِفَهُ مُجددًا، لَم يكُن يتوقّع وصول رَد مِنها بِهٰذِه السُرعَة، لذا قام بِفتح الرِسالَة ليقرأها ومَع كُل كَلِمَة تتسِع إبتِسامَتَهُ..

" إذًا قُم بإرسال قبولَك لِطلبي إلى بريدي الخاص، ثُم أخبرني بِشروطَك.."

كان واضِحًا مِن كَلِماتَها الصارِمَة، أنّها حريصَة عَلى التأكُّد مِن هويتَهُ، لِهٰذا أرسل لَها كلِمتَان تختصِران كُل شيء وأغلق هاتِفَهُ بِشكل نِهائي، عائدًا لِطقوس ليلتَه..

" تفقدّي بريدُكِ.."

في حال إرسالَهُ لِتِلك الرِسالَة، وبينما هو يَقرأ ذٰلِك الكِتاب، أسرَعت هي تارِكَة سَريرَها لِتذهب لِحاسوبَها الذي على مَكتبها الصَغير، فتَحتَهُ بِأنامِل مُرتَجِفَة توتُرًا، ثُم قامَت بِفتَح بريدَها المليء بِالرسائِل وحالَما رأت تِلك الرِسالَة، توقفت لِتفتَحها لِتقرأ مُحتواها بِأعيُن مِتلهِّفَة، مشاعِر مُضطرِبَة، وقَلب مُنتشي..

" طلبُكِ مَقبول، الشرط الأول أن تأتِ وحيدَة إلى العنوان، الشرط الثاني ألّا تأتِ بِأي وسائِل إتِصال، هاتِف، أو حتى مُسجِّل صوت، الشَرط الثالِث لن يعلم أحد بِمجيئُكِ، الشرط الرابِع والأخير سأُجيب على ما أُريد فقط.."

كادَت تُحلِّق بِسبب سعادَتها عِند قِراءَة الرِسالَة، لَم تَكُن تَشعُر بِالخوف حتى مِن طلَبَهُ بِمجيئها وحيدة، وكأنّها تَعرِفَهُ جيدًا وتَثِق بِه ثِقَة لاتعطيها لِأيًا كان مِمّن تَعرِفَهُم، ولٰكِنّهُ كان الإستِثناء الوَحيد دائِمًا، تركَت حاسوبَها وإستلقَت على سريرَها مُتذكِّرَة لِقائها بِه، وحديثَهُما الآخير في المقهى، كانت تَنظُر لِعيناه، وتتحدّث لَهُ، الآن باتت تَشعُر بِتِلك اللحظات أكثَر، وباتت لَها قيمَة أكثَر مِن السابِق، لِمُجرّد مَعرِفَتها لَهُ، وكيف يبدو، ولٰكِنّها لا تَفهم تصرُّفاتَهُ، لِمَ أهداها لوحَة الموت الأبكّم، والأهم لِمَ قام بِرسمَها!، هي مِن بين جميع نِساء الأرض!..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓Where stories live. Discover now