الجُزء الثالِث|رِحلة إستِكشاف غريب

50.4K 2.7K 955
                                    

الجُزء الثالِث|‏ يكفيني شخص واحد يندهش بي كل يوم ، كما لو أني أُعجوبة ، يسمع أحاديثي بكل شغف ، يقرأ أحرُفي كما لو أنّها قصيدة ..
‏- أحمد خالد توفيق
* * *

في الواقِع حينما تتخطى كُل أذى أنت تفقِد مشاعِرك على مَهل، حتى تعتاد، وهٰذِه مُصيبّة عظيمَة، الإعتياد حدْ عدم التفاجؤ بِشيء، لاشيء قادِر على إبهارَك، ولا أحد يستطيع جرحك، أنت بِالفعل وصلت لِمرحلة التبلُّد حينها، وستجِد بِأن لاشيء يملِك القُدرة على جعلك تَشعُر بِه، عدا الحُزن، كُل المشاعِر تُغادِرك عدا الشعور بِالحُزن..

مشاعِرك إن شارَكتها مع أحد ستشعُر بِالنَدم، هٰذا مايحدُث في أغلب الأوقات، وإن خبئتها ستقبِض على قلبك بِطريقة قويّة حدْ إنهاكَهُ، ولٰكِن إن عبّرت عنها بِجسدَك رُبما تَذهب، فالبُكاء قد يُساعِد عِند الحُزن، وتحطيم الأشياء مِن حولك وأنت غاضِب سيُخمِد بعضًا مِن غضبك، لِأننا حينما نتجاهل هٰذِه المشاعِر تتحوّل إلى تراكُمات تُثقِل من قلوبنا، حتى تجعلها كهله لاتستطيع تحمّل أي شعور زائِد..

ولٰكِنّهُ إختار أن يبكي ويغضب بِأنامِلهُ، إتّخذ الكِتابة والرسم منفس عَن كُل المشاعِر التي تُراوِدَهُ ولَرُبما كان هٰذا سبب نَجاحهُ ووصولَهُ لِهٰذا العدد مِن المُعجبين بِأعمالَهُ، لِأنها حقيقيّة بِطريقَة مؤلِمَة وعميقَة، كُل اللذين يُتابِعون أعمالَهُ كانوا يُحِبّون الطريقة التي تجعلهُم يشعُرون بِها، فالعالَم اليوم يبحَث عَن أيًا كان مايستطيع جعلَهُ يتأثّر، حتى يشعرون بِأنّهُم على قيد الحياة..

أمّا هوَّ!، مُنذ زمن فقد القُدرة على الشُعور بِشيء عدا الحُزن والبؤس، إنّهُ مُتبلِّد، وهٰذا كان بِسبب ما عاشَهُ، كُل يوم في حياتَهُ مُنذ وِلادَتهُ حتى هٰذا اليوم كان يصنَع مِنهُ رجُل وحيد حتى وإن كان بين الجموع، حتى وإن كان لديه ألف صديق، إلى هٰذا اليوم هو لايعرِف إن مات من سيحزن عليهِ!، هل عائِلتَهُ تِلك البعيدة التي أحرقهُم في قَلبَهُ!، أم رفيقَهُ فيتال الذي لايعرِف عنه شيء عدا اسمَهُ!، حتى اليوم لايعرِف كم حَصد مِن الخيبات، ولايعرِف كم سيبقى معزول عن العالَم هٰكذا، كقطرة الزيت في إناء مليء بِالمياه..

* * *

العاشِرة بِتوقيت اللهفة| إيطاليا | فلورنسا..

في أحد المقاهي القديمَة، والتي لايزورها الكَثير كانا هُناك بعد أن قبلت دعوَتَهُ لإكمال حِوارَهُما، ما جَعلها توافِق هو شغفها تِجاهه، وإنبِهارَها بِكلِماتَهُ، والآن ها هو يجلِس أمامَها يُدّخِن مُنتظِرًا لِلشاي حتى يأتِ، كما كانت هي مُنتظِرة لَهُ حتى يتكلّم..

" لَم تُجِب على سؤالي بَعد.."

أخرجَتَهُ مِن عاصِفة الأفكار التي هاجَمتَهُ، لينظُر لَها مُدرِكًا لِلصمت الذي حلّ عليهُما وتزامُنًا مَع صوتُها ذاك جاء النادِل ليضَع طلبهُما على الطاوِلة، أطفئ شُعلة سيچارَتَهُ ثُم أخذ كوبَهُ ليرتَشِف مِنه قبل أن يُجيبُها بِنبرَة هادِئة وعيناهُ الرماديّة القاتِمة تنظُر لَها بطريقَة جعلتها تنسى سؤالها..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن