الجُزء التاسِع والثلاثين|رحلة عِشق المجهول

27K 986 890
                                    

الجزء التاسع والثلاثين| على الرغمِ من المسافات التي تحول دون لقاءنا ، إلا أنكِ هُنا ، أنتِ بجانبي هُنا يا ميلينا ، أنتِ هنا بكامل حضورِك ، إنني أشعر بأنفاسِك حينما أقِف في الشُرفة وكأنكِ بجانبي يتطاير شَعرُكِ على وجهي ، بل إنني أشعر بأن حضورك أقوى من حضوري أنا ، وكأنك أنتِ الحاضرة التي تنتظرني وتسأل عن سر غيابي ، بل وأستشعر أنهُ يجدُر بي أيضاً أن أعتذر عن هذا الغياب!
أنتِ حاضرة في المكان الذي أنا فيه أكثر من حضوري أنا..

" المُخلص لكِ "
فرانز كافكا
* * *

تظن بِأنّك قوي حتى يغيب عنك من تُحِب
حتى تجلس وحيدًا تنتظر عودته، هذا هو الجانِب المُخيف من الحُب، أن بإمكانه إحراق روحَك، تعذيبَك حد البكاء، فالعالم الكبير هذا يصبح بِلا جدوى، خانق، فارغ، حيَنما يغيب عنك من تحب، يالها مِن مأساة!، الإنتظار، وأنت لا تملك ضمان واحد لعودته، ياله من شعور سام قاتِل، حينما لا تَستَطيع النوم، منتظرًا إتصال واحِد أو صوت رسالة، كم يبدو الأمر تافِهًا لمن لا يعلم!، إنّها ضريبَة العِشق، حيَنما تستسلم مسقطًا كل درع كان يحمي قلبك، عليك أن تفهم جيدًا بِأن الحياة التي إخترتها تحتوي روحين، وأنك لم تعد وحيدًا، قراراتك، كل كلماتك، أفكارك، عَليها أن تكون ملموسة، لمن تُحِب، لأنها الطريقة الوحيدة لِلإستمرار، إنها سُلطَة الحُب، ولا سُلطَة أُخرى تعلو عليه..

* * *

نَظرَت يولاند للكلمات وفي داخلها تشعر بالفراغ، بِالرُغم من وعده لها بالعودة، بِالرُغم من أنها تعلم بأنه لن يخلف بعهده لها، إلّا أنها ومع كامل الأسف لَيسَت الأُنثى التي تحتمل الإنتظار لوقتٍ طويل، ماذا وإن تأخر في العودة لها؟، كيف ستعيش كل هذه الأيام دون وجوده، كيف تعيش يومَها وهي لا تعلم أين هو، مُسبقًا في فترة فراقهما كانَت تَعلَم بِأنّهُ هُنا، أو في روما، أما الآن الطريق إليه مجهول، لا زمان، لا مكان، فقط عهده لها بالعودة، هكذا ذهب دون أن يقول إلى اللقاء، وكأن كل ما حَدث بينَهُما حلم جميل، أو من صُنع خيالها الجامح، وما كان يؤكد حقيقة ما حدث بينَهُما هو خاتمها الليلكي وَحسب، رَفعَت عَينيها الضائعة لِفيتال وروزيلا أمامَها، قبل أن يخرج صوتَها هادئًا..

" هل هو مَن أعطاك الرسالة؟.."

فرك فيتال وجهه بكلتا يداه، قبل أن يُجيبَها بِنَبرَة منزعجة، يمد جسده للأمام..

" لَيس هو..صوفيا هي من سلمتها لي، وقد أرسل نيرو كَذٰلِك معها، أخبرها بِأنّهُ سيذهب لفترة من الزمن، لَقد تفادانا جميعًا، ولا أفهم حقًا لماذا.."

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن