الجُزء الخامِس|لَهفة لِقاء

41.2K 2.5K 1.3K
                                    

الجُزء الخامِس| لا توجد هوية مُستقلة للإنسان، نحن نتغيَّر باستمرار، تغيرنا الكلمات، المواقف، الأغاني و الأفعال، نحنُ مُجرد ردَّة فعل لكل ما يحدث لنا في هذه الحياة..
* * *

النُضج هو أن تتوقّف عَن هدر وقتُك في شيء مُحاط بِالإحتِمالات، كيفَما كانت رَغبتَك بِه قوية، شيء تَعلَم تَمامًا بِأنّك غَير قادِر على جعلَهُ دائِمًا مِلكك، لا يُغادِرَك، فَالعيش على أمل عدم فُقدانَهُ هو موت بطيء، وحينما تتخلّى أنت عَن هدر وقتَك في الحصول عليه حينها ستُبقي قلبَك في منطقَة الآمان..

تَخيّل أن تكون فاقِد القُدرَة تمامًا عَن التشبُّث بِأي شيء أو شَخص!، تُريدَهُ بجوارَك دائِمًا ولٰكِنّك تُرخي قَلبك عن التشبُّث بِه، لا تُريد أن تُخاطِر بِالسقوط على قلبك، تبقى بين شعور أنّك تُريدَهُ ولٰكِنّك تخاف أن تُريه قيمتَهُ الحقيقيّة، فرُبما حينها يُغادِر!، تخيّل أن تكون مُنعدِم الآمان والثِقَة حدْ مُعاملَة من تُحِب بِطريقَة سيئّة حتى لا يتشبثوا بِك!، وتخيّل أن يكون في قلبَك حُب كبير ولٰكِنّك لا تُظهرَهُ، بل تُظهِر عكسَهُ تمامًا..

لَقد فعلوا بِك شيء..
شيئًا سيئًا، أسوء مِما كُنت تتخيّل، جعلوا مِنك شخص ساخِط يَخاف مِن كُل شيء، حتى بِتْ تشعُر بِأن الحُب والسعادَة فَخًا ما..

* * *

الثانيّة عَشر مُنتصَف الحيرَة| فلورنسا..

عادَت إلى مَنزِلها بِذهن شارِد، لا تعلَم هل هو فَخ، أم حقيقَة، لِأنّها تعلَم بِأنه ليس مِن السهل إكتِشاف الغامِض، وليس مِن السَهل تَجاهُل كُل التحذيرات الَتي تأتيها مِن كُل اللذين طرحت عَليهُم الفِكرَة، ولٰكِنّها كانت تُريد فِعل المُستحيل الذي لَم يستطِع أحد قبلها الوصول إليه، سيكون نَصرًا عظيمًا، أن تُغلِق أفواه الجميع بِقُدرتَها على الوصول لِمَ تُريدَه..

إستمرّت بِقِراءَة تِلك الرِسالَة مِرارًا وتِكرارًا، ثُم تنظُر لِلوحَة الموت الأبكم التي مُعلَقّة في مكان بَعيد عَن جَميع اللوحات، كانَت مُتردِدَة في رَدها عَلى رِسالَتَهُ، تائِهة مابين شعور النشوّة والتوتُر مِن القادِم، ولٰكِنّها بِالرُغم مِن تناقُض مشاعِرها قررت الرد لِلتأكُّد مِن نواياه ومِن هويتَهُ..

" قَبل مَعرِفتي لِشروطَك، كيف لي أن أتأكّد مِن هويتَك؟.."

حينَما وصَلت رِسالَتها تِلك، كان هو يَصنع الشاي ليشارِكَهُ سهرتَهُ مَع كِتاب مِن إختيارَهُ، بينما هاتِفَهُ كان مَلقيًا على الأريكَة في حُجرَة الجلوس، حالما سَمِع صوت هاتِفَهُ أخذ كوب الشاي خاصَتَهُ خارِجًا مِن مَطبخَهُ المفتوح، وفي الحال إقترَب نيرو مِنه ليتَّبِعهُ حيثما هو ذاهِب، جلس على الأريكَة واضِعًا كوبَهُ على المنضدة التي بِجانِبَهُ، وحينها إلتَقط هاتِفَهُ ليفتَح الرِسالَة التي وصَلتَهُ..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن