الجُزء الخامِس والثلاثين|دُفِن العِشق لِلأبَد

25.3K 1K 829
                                    

الجُزء الخامِس والثَلاثين| ‏"إلى الأبد، سأظلّ أريدك
‏نفتعل شجارات
‏نأكل بعضنا أحياء
‏نصبح وَحشيين
‏ترميني بالحقائق المروّعة، أرميك بالاتِّهامات..
‏أرى أسوء ما فيك
‏خيرك وشرك
‏غضبك
‏هروبك وتعلّقك
‏حنانك وهمجيّتك
‏وإلى الأبد، سأظلّ أريدك."
* * *


لَم يَكُن الأمر في القُدرَة عَلى البقاء
كان دائِمًا في الإستِمراريّة، في العَطاء دون كَلل، في التمسُّك عِند أصعَب الأوقات، لا قيمَة لِحُب لا يَملِك القُدرَة عَلى الإستِمرار، مَشاعِر رَكيكَة لا عماد لَها، لا أساس قوي لَها، تَسقُط عِند أوَّل عاصِفَة تواجِهُها، لا قيمَة لِوجود باهِت يُنذر بِالغياب المُفاجِئ، اليد المَمدودَة في أوقات الركود والسَلام، لا قيمَة لِعِناق عِند الشعور بِالأمان، لا قيمَة لِكُل بادِرَة في أوقات ألّا حاجَة، وحدَها لَحظات الإنهيار مَن تُثبِت مِصداقيّة الوجود، البقاء لِلأقوياء، لِمَن يستَطيع أن يَهدي جَسدَهُ ليُسنِد بِه غيرَهُ، قوّة المَرء الحَقيقيّة هي في قُدرتَهُ عَلى الإستِمرار دون أن تنفذ مِنه جيوب العَطاء، يُهدي كُل ما يملِك لِمَن يحتاجَهُ، يَصِل في الوَقت المُناسِب، لِأن لا قيمَة لِلأشياء التي تَأتي مُتأخرًا..

بِإمكان الحُب أن يُبكي عيناك
بِإمكانَهُ تَحطيم غُرورَك
بِإمكان الحُب أن يُرهِق روحَك
بِإمكانَهُ تَدمير ثباتَك
بِإمكان الحُب أن يُبقيك في حيرَة تحرِمُك النوم
بِإمكانَهُ هَدم توازُن حياتَك
بِإمكان الحُب أن يَصنَع مِنك شَخص آخر لا تَفهمَهُ
بِإمكانَهُ تَمزيقَك إلى أشلاء ومَع ذٰلِك بِإمكانَهُ إصلاح شروخ روحَك، لِذا إختار مَن يستَحِق الدخول مَعَهُ في حَرب وِجدانيّة مُرهِقَة لِلقَلب، وَليس مَن يَجعل مِنك نادِمًا مُتندمًا عَلى كُل لَحظَة حُب زاهيَة، لِأن لَيسَت كُل القلوب قابِلَة لِلوفاء، وَلا شيء مَضمون البَقاء..

* * *

هُناك إختيارات في الحَياة أحلاها مُر
ويولاند وَقعَت في ذٰلِك، لِأنّها لَن تَستَطيع النَجاة بَالغَرق في الحُزن لِلأمَد الطَويل، بِرِفقَة ألّا أحَد، لِأنها تَعلَم جيدًا أنّها لَيسَت مِمّن هُم قادِرين عَلى الإعتياد عَلى الوِحدَة والصَمت، ولٰكِن الرَجُل الذي كان بِجانِبَها كان عليَها ألّا تَضع يَدها بيده مُجددًا، حتى وإن كان سيُنقِذَها، عليهِ أن يَكون الإختيار المُستَحيل الغَير مُمكِن إختيارَهُ، حتى وإن مَثَّل الحَنان والرَأفَة، لا يُمكِن أن تُقدِم عَلى تصديقه، ولٰكِن لِلتَخلُّص مِنه كان عَليها مُجاراتَهُ، لِترى إلى أين يُريد أخذَها، كانا مَعًا في سيّارَتهُ التي تَمشي على مَهل في ليلٍ ماطِر، لا تَرى شيء سِوى أنامِلَها البارِدَة، وتَشعُر بِوجود ثُقل كَبير على قَلبها لِتواجُدَها بِجانِبَهُ مُجددًا، في سيّارَتَهُ السوداء التي لا يُغيّرها، لطالَما كانَت تَعلَم أنّهُ وَفيّ لِكُل الأشياء، عداها، وفيّ لِعطره، وفيّ لِحُبّهُ لِلحلوى، وفيّ لِسيّارَتَهُ، وَفيّ لِلأسود، وَوفيّ لِلوِحدَة، وفاءَهُ لِكُل ما حولَهُ وخيانتَهُ لِقلبَها كان شَيء يُحطِّم قلبَها، فِكرَة مَسمومَة، والآن وهي تَجلِس بِجوارَهُ هادِئًا كما هي عادَتَهُ، أدرَكَت كم هو بَعيد وَغريب، أدركَت كَم هو مُستَحيل، وكَيف كان وجودَهُ في عالَمها مُسبقًا ضبابي، كَحُلم قَصير جَميل، أوجَعها الإستيقاظ مِنه بِفزع قلبيّ جَعلَها في حالَة صدمَة طويلَة..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن