الفصل التاسع و الثلاثون

5.2K 203 0
                                    


توقفت السيارة بساره عندما كانت تجهز ورقة جديده وهى تجلس فى مؤخرة السياره, ومن وقت لآخر تلقى نظرة على الرجلين لتتأكد من أنهما لم يشعرا بما تفعله

أخفت ساره النوته والقلم فى جيبها بمجرد أن توقفت السياره.

بعد قليل...فتح باب السياره لتجد أمامها أحد الرجلين يدعوها للنزول من السيارة

نزلت ساره ببطء وأخذت تتأمل المكان من حولها
عرفته على الفور..انها حديقة مصحة د. توم برجمان, كانت تسير فى الحديقة وأحد الرجلين يتقدمها والثانى يسير خلفها, والذكريات تتداعى الى رأسها..مرات عديدة زارت فيها المصحه, تذكرت جلسات العلاج النفسى, والعلاج بالموجات الكهرو مغناطيسية.

دخلت المبنى وظلت تسير بين الرجلين حتى توقفت القافلة الصغيرة أمام احدى الحجرات, فتح الأول باب الحجرة وتراجع قليلا ليفسح لساره المكان لتدخل, دخلت ساره بخطوات متردده, لكنها ارتدت الى الخلف عندما وجدت جيف أمامها بنظراته الصارمه, وعندما أدركت عدم جدوى اظهار الخوف, قررت طلاء وجهها بالجمود

اقترب منها بخطوات بطيئه, وهى تحاول قدر ماتستطيع تجنب النظر اليه, حتى لا يغافلها الخوف ويهرب من ملامحها

قال بأسلوبه البطئ الهادئ, والذى بدا لها فى هذه اللحظة مخيفا بحق : للمرة الثانية تهربين منى, لقد حذرتك من قبل

قالت بصوت لم تستطع اخفاء نبرة الضعف فيه : لم أعد أريد العمل معكم

قال وصوته يحتد : ساره, أنت التى تقولين ذلك؟ وبعد كل ما فعلناه لأجلك؟ أتظنين أن ترك العمل معنا .....

تغيرت لهجته الى مزيج من السخرية والشراسة وهو يكمل : بمثل سهولة تمزيق ورقة من نوتة زرقاء صغيرة والقائها فى الطريق؟

رفعت وجهها اليه وفقدت كل سيطرة على الرعب الذى قفز من ملامحها

اقترب منها أكثر وهو ينظر اليها بشراسة : أتظنى أن حيلتك الساذجة يمكن أن تخدعنى؟

هز رأسه نفيا وهو يكمل بسخرية : أنت ساذجة للغاية يا صغيرتى.

منذ اللحظة التى وطئت قدميك فيها أرضى , وكل أنفاسك وهمساتك وحركاتك تحت عينى

بدأت ساره ترتجف رغما عنها وابعدت عينيها عنه حتى لا يزداد خوفها, لكنه استدار ووقف أمام عينيها مباشرة وقال : وكل مافعلتيه لتجعليه يتبعك الى هنا
اشتدت ضربات قلبها وبدأت تتراجع للخلف ببطء تحت وطئة نظراته الشرسه, حتى اصطدمت بأحد الكراسى , فارتمت عليه دون ارادتها, ووجهها يحملق فيه بخوف

اقترب منها وهو يكمل : بل الأكثر من ذلك , لقد أرسلت من يساعده على تتبعك, وكان يلقى اليه بأوراق مشابهه فى الطريق, ليسهل عليه أمر الوصول اليكى

أكمل بسخرية : يجب أن تكونى ممتنه لكل ما أفعله لأجلك

بدأت الدموع تملأ عينيها رغما عنها وهى تحملق فيه بخوف, وتهمس بصوت مرتجف : لماذا؟...لماذا تفعل كل هذا؟

قال : أخبرتك من قبل ..أنت ملكى, أنا الذى استلمتك قطة صغيرة وحيدة , لاتدرى شيئا عن الحياة, وعلمتك كل شئ
والآن بعد كل تلك السنوات , تكبرين, وأول من تنشبين فيه مخالبك, هو أنا !

قالت بصوت مرتجف : أنا..أنا .. لا أريد العمل معكم..من حقى أن أختار أين أعمل

قال بسخرية : للأسف, فات الأوان يا صغيرتى

سمعت ساره صوت الباب الجانبى للحجرة يفتح, أدارت وجهها بتلقائية, لتجد أمامها شابا فى أواخر الثلاثينات ,ذو وجه مربع حليق, ونظارة طبية أنيقة, وشعر اسود ناعم قصير

كان يقف عند الباب وابتسامته الشاسعه تتألق بشده وهو يقول بمرح : ساره العزيزة, اشتقت اليكى كثيرا

التفت الى جيف وقال بعتاب : جيف, كم من مرة أخبرتك ألا تكون قاسيا مع انسانة رقيقة وحساسة كساره؟

عاد يتأمل ساره وهو يبتسم ويتقدم منها ويديه داخل جيب معطفه الطبى

عقدت ساره حاجبيها وتعجبت كثيرا, فبرغم أن توم طبيب, لكنها المرة الأولى التى تراه فيها يرتدى معطفه الطبى

أخذت تنظر اليه بتوجس وهو يقول بلهجته المرحه الودوده وهو يتأمل وجهها : واو...لقد ازداد جمالك أضعافا, كما أن هذا الإيشارب يلائمك تماما , حقا يروق لى

قالت ساره بخوف وهى تنقل عينيها بينه وبين جيف الذى جلس عن يمينها : لا أريد البقاء هنا, دعونى أرحل

ابتسم لها ابتسامته الشاسعه, ثم أعطاها ظهره واتجه الى المكتب الذى يقع فى جانب الحجره وهو يقول : بالطبع يا عزيزتى, من يستطيع أن يرفض طلبا للعزيزة ساره ؟

تناول شيئا من على المكتب ثم عاد اليها , تأملت ساره الحقنه التى فى يده وبها سائل شفاف برعب وهى تسمعه يقول بلهجته المرحة المستفزة : آخر زيارة لكى هنا منحتك شيئا يخصنى, وأنا أريد ذلك الشئ, وبمجرد أن آخذه , سأدعك تذهبين بسلام.
رغم أنى سأحزن كثيرا لفراقك يا عزيزتى

نظر اليها وقال بود : هيا...اكشفى ذراعك
انتفضت برعب وضمت يديها الى صدرها وهى ترتعش : لا ..لا تفعل

قال بهدوء : يوما ما , كنت تثقين بى ثقة عمياء. كنت مؤمنة تماما بقدرتى على ازالة كل آلآمك
يجب أن تثقى بى يا عزيزتى, فمهما حدث, لا يمكننى ايذائك

انتفضت بشده والهلع يطل من عينيها وأرادت الهرب , لكن يدى جيف القويتان أمسكت بذراعها ومنعتها من الهرب

كشف عن ذراعها بقسوة وثبته الى ذراع الكرسى الذى تجلس عليه, وأمسك توم بالحقنه وغرزها فى ذراعها وهو يقول بهدوء : لا تخافى, فقط استسلمى للنوم

سقطت رأسها للوراء وبدأت أجفانها فى التثاقل وهى تنظر اليهما, واهتزت الصورة أمام عينيها بشده , حتى أظلمت تماما.

يتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>

الرجل ذو اللحية السوداء لـ (سامية احمد)Where stories live. Discover now