٤٩..جراح لم تندمل

3.3K 80 13
                                    


عادت هزان إلى الجلوس في المدرجات..حاولت أن تبدو طبيعية جدا و متفاعلة مع المباراة..لكن قلبها كان يرتعد بشدة..قطرات من العرق لمعت على جبينها..تسارعت أنفاسها..تنظر إلى كل ما حولها لكن عقلها لا يستوعب شيئا مما تراه..صورة واحدة تتراءى أمام عينيها..صورة تزلزل داخلها..و تعيد تلك الأيام التي كانت فيها تذوب بين يديه و تحت تأثير قبلاته..انها صورة ياغيز..الرجل الوحيد الذي أحبته..و تحبه..و ستحبه حتى آخر رمق..لكن الحياة قررت تفريقهما عن بعض..و رسم طرق متوازية لكل منهما..طرق لا تلتقي أبدا..هو متزوج..و هي مخطوبة..سجل تولغا ثلاث نقاط و التفت إلى المدارج لكي يحييها..لم تنتبه إليه..كانت شاردة و تنظر إلى الفراغ..انتهى اللقاء بفوز زملاء تولغا..صفقت الجماهير فانتبهت هزان لنفسها و صفقت معهم ثم نزلت لكي تلتقي خطيبها..خرج ياغيز من الحمام و بقي في الخارج ينتظر خروج باريش..اتكأ على سيارته لكي لا يقع..يكاد يفقد توازنه ..رأسه يؤلمه بشدة و يشعر بأنه يختنق..تقدم نحوه باريش و سأل" اين ذهبت يا هذا؟ لقد التقيت بهزان في الداخل و .." قاطعه" نعم.. لقد رأيتها..هيا لنذهب من هنا" و قبل ان يركب سيارته و يتحرك بها..رأى هزان تخرج صحبة تولغا و يركبان السيارة معا..كان يمسك بيدها و يداعب وجهها..مشهد أشعل النيران في قلب ياغيز ..

مد ياغيز مفاتيح السيارة لباريش و قال" خذ..قد أنت..أنا لن أستطيع أن أقود السيارة" أخذ منه باريش المفاتيح دون أن يقول شيئا..كان يرى ارتعاشة يد ياغيز و اضطرابه..و هو يعلم السبب..فبعد سفر هزان..أخبره ذات مرة كانا فيها يشربان النبيذ معا..أنه عشق هزان..و انها عشقته أيضا..لكن الظروف كانت اقوى منهما..فافترقا..و منذ ذلك الوقت..تأكد باريش أن هزان لا تكن له سوى مشاعر الصداقة و أن تلك المشاعر القوية التي كان يكنها لها ..كانت من طرف واحد..فتجاوز الأمر و صار يبحث عن حب حقيقي يكون متبادلا و يعطيه السعادة التي تليق به..في السيارة..قال ياغيز" لا أريد العودة إلى المنزل" نظر إليه باريش و سأل" و أين تريد أن تذهب؟" أجاب" خذني إلى اليخت..أريد أن أكون لوحدي" هز باريش رأسه و قال" حسنا أخي..كما تريد" ..أمام غرفتها في الفندق..عانق تولغا هزان بقوة و هو يقول" ارأيتي..ألم أخبرك انك تميمة حظي..و ها قد فزت بأول لقاء لأجلك" ابتسمت و قالت" مبروك حبيبي..أنت لاعب مميز و موهوب..و كنت ستفوز حتى لو لم أكن أنا حاضرة" هز رأسه بالنفي و قال" لا..هذا ليس صحيحا..لو لم تكوني انت موجودة لكنت انشغلت بالتفكير بك و الإشتياق إليك و لفقدت التركيز على المباراة..هزان..وجودك ضروري في حياتي كلها..و ليس فقط في المباراة" قبلها تولغا من خدها و قال" هيا اذهبي إلى النوم جميلتي..لقد تأخر الوقت..لديك مباراة مهمة غدا..حظا سعيدا" نظرت إليه و قالت" شكرا لك تولغا..ليلة سعيدة" رد " تصبحين على خير حياتي" و ابتعد إلى المصعد..فتحت هزان باب غرفتها و ارتمت مباشرة على سريرها..لقد نكأت الجرح الذي ظنت انه اندمل و أنها شفيت منه..فهاهي تجد نفسها أمام ماض عذبها و آلمها و استنزف كل طاقتها و حبها للحياة..هاهي تقف وجها لوجه أمام ذلك الرجل الذي أحبته أكثر من نفسها و لم تقوى أبدا على نسيانه..تمنت لو انها استطاعت أن ترتمي بين أحضانه..لو أنها استطاعت أن تقبله..أن تلمسه..أن تعانقه بقوة..عل حسرة و شوق ثلاث سنوات من الفراق يختفي و يطفئ نيران قلبها المشتعلة..لكنها لم تقدر على فعل ذلك..

إمرأة كالجحيم Where stories live. Discover now