٦..حيوات مختلفة

4.4K 111 6
                                    

أوصلت هزان صديقتها بهار إلى منزلها ثم عادت إلى البيت..رمت حقيبتها على سريرها و جلست على الكرسي قبالة النافذة..أخذت هاتفها و راحت تتصفح الفايسبوك..وجدت صفحة بإسمه..نظرت إلى صورته..ثم حاولت الدخول إلى صوره الخاصة لكنها لم تستطع..الولوج إلى ملفاته الشخصية مقتصر على الأصدقاء..لم تتردد لحظة في إرسال طلب صداقة إليه..تريد أن تعرف عنه كل شيء..أن تقترب من عالمه الخاص لكي تنجح في إيقاعه..فركت يديها ببعضهما بحماس و ابتسمت ابتسامة عريضة..هذا ما يجعل حياتها مختلفة و ممتعة..الحماس و الإثارة و المغامرة..يخفق قلبها بشدة و تكتسي أيامها نسقا سريعا و رائعا..لم تعرف في حياتها طعم الحب..لا تعترف به..ترى فيه مصدرا للألم و العذاب و الدموع..و هي تكره ذلك..و تكره إضاعة الوقت في خلق دراما و مشاكل ..الحياة قصيرة و لا تحتمل ذلك..سمعت امها تنادي فانتفضت واقفة و جرت على الدرج و هي تصيح" غيليوروم آني..قادمة يا أمي" ..دخلت إلى الصالون حيث كانت فضيلة تجلس مع أمين..قبلت هزان والديها و جلست قبالتهما..قالت فضيلة" جنم..هل أنت جائعة؟" أجابت" اووو..كورت غيبي..مثل الذئب" نادت فضيلة المدبرة المنزلية و قالت" جهزي لنا طعام الغداء" ..نظر أمين إليها و قال" كيف حال التدريب؟" هزت رأسها و قالت" رائع..أتنافس مع إيليف كعادتي..و التنافس سيكون على أشده خاصة على قيادة الفريق" ابتسم والدها و قال" أنا أثق بك..و أعلم أنك ستتفوقين كالعادة..لكن.." قاطعته" بابا..يابما..أرجوك..لا تفتح موضوع الشركات و إدارتها مرة أخرى..أنا لا أفلح في ذلك..و أنت تعلم" هز الرجل رأسه بصمت..ارتمت عليه هزان و قبلته ثم أخذت تداعبه و تدغدغه لكي يضحك..في مطعم..جلس ياغيز قبالة جيمري يتناولان طعام الغداء..قالت" جنم..ما رأيك أن تأتي معي للقاء أصدقائنا؟ أنت تتهرب منهم منذ زمن" رفع يده و اجاب" هايير..استميوروم..لا أريد..أنت تعلمين أنني لا أتفق مع أحد منهم..أحاديثهم تافهة و سطحية..لا أحتملهم" ..تأففت جيمري بضيق و قالت" أوف يا..ياغيز..لم تكن هكذا في السابق..نولدو سنا؟ ماذا حصل لك؟" ارتشف رشفة من كأس نبيذه ثم أجاب" جيمري..أنت تعلمين ما حدث..حياتي تغيرت منذ ذلك اليوم المشؤوم..أصبحت شخصا آخرا..فقدت حياتي السابقة إلى الأبد..صرت بعيدا جدا عن الجميع..أفكر في الموت أكثر من الحياة..آخذ الأمور بجدية و بنظرة قاتمة..صرت أكره الإكتظاظ و الأحاديث التافهة..صرت لا أجد راحة سوى في الرياضة و في لعبة كرة السلة .." قاطعته" و أنا؟ ألا أخفف عنك ما تمر به؟ ألا يكفيك حبي؟" تنهد بعمق و قال و هو يضع يده على يدها" جيمري..جنم..أنت تعلمين ما يضايقني و مع ذلك تفعلينه و بإصرار..أنت صديقتي المقربة قبل أن تكوني خطيبتي و حبيبتي..أرجوك..توقفي عن محاصرتي و الإتصال بي لأكثر من خمسين مرة في اليوم..تعرفين كل الأماكن التي أتواجد فيها..و تعرفين أنني لا أحتمل الضغط و أنني أختنق بسرعة..ارجوك..توقفي عن فعل ما يضايقني..تمام مي؟" ضغطت بأصابعها على يده و قالت" أعتذر حياتي..أحبك جدا و أخشى أن أفقدك..لذلك أتصرف بطريقة مزعجة جدا..أنا آسفة" هز ياغيز رأسه و قال" سورون ديل..لا مشكلة..سأكون في شقتي هذه الليلة..تعالي إلي إذا أردت" ابتسمت و قالت" سأتخلص بسرعة من أصدقائي ثم آتي إليك" صمتت قليلا ثم أضافت" سني تشوك أوزليدم" نظر إليها و قال" بان دي" ..كان يعلم في قرارة نفسه أنه لا يحبها بنفس درجة حبها له..تعلقها به يصبح مرضيا في أغلب الأحيان..يزعجه و يطبق على صدره..يضايقه و يخنقه..و هو الآن في أمس الحاجة إلى الراحة..فالضغط المفروض عليه من قبل والديه و تحكمهما في حياته و محاصرتهما له بحجة حمايته و الخوف عليه يخنقه بما فيه الكفاية..و ينتظر منها أن تكون هي مصدر راحته و سكونه ..لكنها تفشل في ذلك في أغلب الأوقات..لم يصادف إلى الآن ذلك العشق الذي من شأنه أن يحرق جنبيه و يلهب قلبه بمشاعر لم يعرفها من قبل..لم يقابل إلى الآن تلك المرأة التي يكون عاجزا أمامها عن السيطرة على نفسه أو عن تكذيب أحاسيسه..لم يواجه إلى الآن امرأة تكون عبارة عن جحيم حارق يأكل الأخضر و اليابس منه و يجعله يشتعل بمجرد لمسة منها..ليست مجرد علاقة اكتفاء..

إمرأة كالجحيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن