(25)

5K 191 8
                                    

بقلم: نهال عبد الواحد

وفي صباح اليوم التالي لا بل كان بعد الظهيرة بكثير فتحت روح عينيها فشعرت برأسٍ تسند على كتفها وذراعان تحاوطاها وذراعيها تحاوطه.. كم تمنت ذلك الحضن! ومن لا تتمناه؟!

حاولت أن تنهض لكن بالطبع كان التحرك شبه مستحيل، يبدو من الشمس الشديدة خارج النافذة أنه وقت الظهيرة بل وبعد ذلك.

فانتهزت تلك الوضعية فنظرت وتأملت وجهه عن قرب، عبثت بشعره وبتلك اللحية الخفيفة وعلى وجهها تلك الإبتسامة الساحرة، بالطبع شعر مراد بتلك الأنامل الناعمة التي تعبث به وابتسم حتى قبل أن يفتح عينيه ثم فتحها، رفع رأسه ولازال ينظر إليها فاتكأ على إحدى الوسائد فاتكأت هي الأخرى وهي تجذب بالغطاء نحو صدرها، وأهدرت برقة: صباح الخير.

فلم يرد بل ظل ناظرًا نحوها بنفس الإبتسامة تأملها وقد تاه بين ملامحها فتعجبت منه وتلمّست وجهه منادية عليه: مراد، ماذا بك؟!

مراد كأنما يعود إلى وعيه فجأة: ءأنتِ حقيقة؟

فضحكت وتابعت بدلال: كنت أصبّح عليك، صباح الخير أو بمعنى أدق مساء الخير.

- إذن اضربيني!

فضحكت وتسآلت: ماذا؟!

- اضربيني!

فضحكت وقبلته فضحك وقال: لا لا، إضربيني أريد أن أعود إلى رشدي.

- لا أنصحك بذلك، فأنت لازلت في ريعان شبابك ويدي والعياذ بالله أشد من المطارق، ستكون حتمًا عاهة!

فاعتدل جالسًا وقال وهو يضحك: لا، الطيب أحسن!

فاعتدلت هي الأخرى جامعة شعرها لأعلى ثم جذبت الغطاء نحوها ثانيًا ولازال ينظر لها بسعادة شديدة فاقتربت وهي تتحسس وجهه وتقول وهي تنظر داخل عينيه: ما أجمل لون عينيك! أشعر كأنما صارا لونهما فاتحًا أكثر كأنهما يميلان للإصفرار!

فضحك بملئ فمه وضمها إليه فقالت: أقسم لك إني لأراهما هكذا!

- لا داعي للقسم، أصدقك فأنت محقة، هما يميلان للصفرة فعلًا عندما أستيقظ توًا من نومي، وأيضًا عندما أكون سعيد للغاية.

- امممممم! صاحب عيونٍ متحولة!

- الأهم هما لم يصيران هكذا منذ زمن، ربما منذ قبل وفاة أمي.

فنظرت نحوه كأنها كانت تود أن تقول شيئًا ثم تراجعت ففهم قصدها وقال: الحقيقة أني لم أفرح بكل كياني هكذا منذ وفاة أمي لأني لم أحب ولا أعشق هكذا من قبل، فأنتِ ياروح دخلتِ قلبي وقد ضخَّك مع دمي لتجري في سائر جسدي داخل أوردتي وشرايني... أحبك بكل كياني! أحبك أنتِ وحدك، لم تُقال هكذا لأي امرأة قبلك ولن تُقال لغيرك، لأن ببساطة وجدتُ فيكِ كل النساء، يا أجمل النساء! فلا قبلك ولا بعدك.

(روح الفؤاد)  By: Noonazad  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن