46

12.2K 151 37
                                    


،
لطالما واجهت قسوة هذه الحياة وحدي، فلا تظنين أنني عاجزٌ عن مواجهة هجرك و جفاك ..

،
.


الليل هادىء..اضاءات خافته موزعه بإتقان في أرجاء هذه الشقة الصغيره، كعادتها حين تمل وتشتاق لوالدتها وحيده تستمع وتستكن لإحدى مقطوعات "إينو موريكوني" موسيقار والدتها المفضّل، مسترخيه في سريرها تتذكر ذلك الماضي الذي ليس ببعيد..كم كانت تلك الصفحات بيضاء في نظرها..بيضاء نقيه حتى لطختها والدتها بنفسها، مازالت تشعر بمرارة ذلك اليوم الذي عرفت فيه أن والدتها إتخذتها كسلعه إبتزاز لوالدها لكسب المال فقط!!...
مع ذلك كلّه الشوق يدق أجراسه لها تماماً كأجراس الكاتدرائيه التي كانت تزورها في أيام الآحاد، الكاتدرائيه التي تم تعميدها فيها كمسيحيه حين ولدت، تشتاق لحضنها كطفله بذاكره بيضاء نقيه و حياة ورديه و إن لم تعد تريد رؤيتها مجدداً !...يالهذا القلب الموجوع! ،
مالذي جلب الذكريات و الشجون هذه الليله؟! مالذي دفع باب الذاكره التعيسه لتتسرب إلى هذه الليله؟! ..
لم تشعر بغرق الحنين حتى بلل الملح خديها...!

سمعت خطوات دخوله إلى الشقّه..
اعتدلت في جلستها وهي ترى ظِله الطويل يقتحم باب الغرفه قبل دخوله إليها،..
تعمدت ان تعود و تدير ظهرها للباب و تتصنع النوم فوراً ..لا تريد الإحتكاك به والحديث معه وهي تحمل في قلبها مثقال ذره من غضب عليه!..هكذا افضل فالأحاديث البارده بعد دفء العلاقه موجعه!

دخل وهو ينزع شماغه ويبحث عنها بنظرات عينيه ليبتسم وهو يراها تنام براحه،إتجه للموسيقى واخفض صوتها قليلاً..و رفع مستوى الإضاءه قليلاً بجانب السرير ليراها بوضوح وهو يقترب ويهمس لها/نيفو

لم ترد،ولم يعتد منها أن تتجاهله،إذن هي غاضبه بطريقتها، إستلقى بجانبها و هو يحتار كيف يعتذر كيف يبرر ما ليس يبرر، ولكن غضبه كان تنفيس فهو رجل مضغوط تماماً..ولم ينفس بعد عن ضغوطه،
إلتفت إلى ظهرها و هو يرى رسمة الفراشه على كتفها بسلام،إبتسم و يقترب ليقبل موضع الفراشه و من ثم يعانقها بعدما شعر بارتعاشتها بعد لمسته ليلصق ظهرها بصدره و يمسح على بطنها بلطف وهو يهمس لها/تضيق بي الدنيا و تقلب الأيام شهب ولياليها سرمديه، وان جيتك و ضميتك حسيت ان الدنيا بخير و الناس وافين..

إزداد إنهمار دموعها وهي تشعر بصدق نبرته،لم يخذل إيمانها بأحقيته لها، ولم يهين ولائها له،حركت يدها لتضعها على يده التي تلامس بطنها، في لحظة صمت تضج بالمشاعر....


إزداد بريق إبتسامته بتفاعلها الصامت معه،ليهمس مجدداً/اعتذر عن تركي لك البارح،كنت حاس بضغوط و ازداد الضغط وانا اتصل فيك وماتردين وقلقت عليك وتوترت صدقيني اموت وما اضرك يا نيفو.


أدارت نفسها ناحيته وهي عابسه لتنهاه/لا تجيب سيرة الموت..انا بخير و انت بخير و مازعلت اصلاً ليش تقول هالكلام.. << إرتعشت شفتيها عند آخر كلمه وسقطت دمعتها

ما وراء الغيومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن