الفَصل الخامِس والعِشرون.

2.5K 273 51
                                    

"لقَد أنقَضِت خمَسة أشهُـر على ذلِك الحال."

"لا بأس. سوَف تتـحَسن."

لاتزَل شجـرَة الصِفصاف صامِدة مَع عِبور الرَياح مِن خلالِها، عجَوز وعَتيقة، تُثبِت جذورَها بالأرِض المُقفِرة والمَهجـورة عَن بقِية أراضِي الأقطاعِـية المُزهِـرة بالأشجارِ اليافِعـة والوَرود المُتفتِحة والأحِواض اليانِعـة.

تُرافِقها زَقزِقة الطـيورِ وهـى تَسير بخُطواتٍ واسعـةٍ، مُتجنِبة جَرِح قَدميها الحافِيتين، بجهـة المَبنى المَنبِوذ التي ملَكت فِيها ذكـرَى وحِيدة ما وجَدت لذهـنِها المُتذبذِب مكانًا بتِلك اللحظَةِ.

"أنا لا أتعَـمد جرَحك بكُـل مرةٍ."وضَح هارِي، الذي كـانَ راكِـعًا أمامَ ويلِيام، بمِنشَفة مُبلِلة بالمُعـقم يجَري بها فوَق الجَـرِح الغائِـر بكَتفِ الثانِـي، ذَو الوَجـه العَبـوس، الجالِس فوَق كُـرسِي حارِس الأسطَـبِل القَديم.

"أنكَ تُنفِذ ما أقوَله لكَ.
أنا مَن باتَ عاجِـزًا عن مَسِك السَيفِ."تمَتم ويلِيام بجَمود، جاعـلًا مِن بصَرِه بعـيدًا عن مُلتقِى نظـراتِ هاري التَي أُلقِيت له لبُرهـةٍ قبلَما يُتابِـع تطَيب جرحَه بلُطفٍ. "هَذا ليَس صحيحًا، أنتَ لستَ بـعاجزٍ عن أمساكِ السَيف، كُـل ما بالأمـرِ أنكَ بحاجـةٍ للمَزيد مِن الوَقتِ كـي تعتادَ علِيه مِن جَديدٍ."

"وهـل تعتَقِد أن مَن يُـريد قتَلي سيَنتظِرني حتَى أتـعلَم الدِفاعَ عن نفسِي مجـددًا؟"

صمَت هـارِي.
هو لم يملِك بجُعبتِه ما تبَقى لبَث سلامًا بقَلبِ ويـلِيام، الذي كان بمِزاج مُتعكِـر طَوال الوَقتِ، مُستمِر بلَوم وذَم نفسَه دون توَقف ولا يقتَنع بكَـلمة حَسِنة ينطِقها هاري بحَقِه. كان يمُـر بمرحِلة عَثِرة ومُزعِجـة بسَبب كُل ما يدَور مِن متاعِب، وقد وثَق بأن كُـل هذا سيمُر لو تحـلى ويلِيام بقَليل مِن الأيمِان والتفاؤِل فحَسِب.

"صَباح الخَـيرِ."

لقَد تـرَددت سيرافـينا بالدَخـوِل، مُشاهِدة حركـة هارِي بصُحبتِه وهمساتُهـما لا تبلَغ مسامِعَها ولكِـنها لا تبدُ سارِة تمامًا. هـى قد وقَفت لبِضعـة ثوانٍ تُعـد على الأصابِع حتَى حسَمت قرارَها بالوَقِوف بكُـرة الضوءِ، حيثُ لفَتت لها الأنتِباه بعَبارتِها الساكِـنة.

تطَـلع لها هارِي بنظَـرة لامِعـة، قَد تكـون مُندهِشة، بَينما نظـر لها ويلِيام بنظَرة زجاجِية، رغَـم أرهاقِه الواضِح، تفَقدتها مِن أعلَها لأسفلِها عبَر خُصلاتِ شعـرِه المُتموِجـة، للحَظةٍ واحدةٍ، قبل أن يُعـد بصَره للأمامِ مرَة ثانِية.

Le Paon.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن