الفَصل الثانِي.

6.9K 516 147
                                    

الدِوار. لقَد كان يشعُر بدِوار رهَيب.
كُل خلِية برأسِه ترتَـج بثمـالَة ما كـان يُفتـرِض أن يعلَـم حتَى ما هِـى، ولكِن بصـرُه المُترنِح بصَورةٍ مُخيفةٍ وجسدُه الـذي بدَى كالمُستلقِـي بقـاع مُحيطٍ بعَيـدٍ مع صخَرة تربُض فوَق صدرِه، عرَف بأن هذهِ أعـراض سُكـرٍ ما لا مَحـالة.

كَما علَم بأنه بحـالةٍ سيئةٍ جـدًا.

بذَل مجهودًا يُشـاد بِه لتَقسِيم جفونَه.
رفرَفت رمِوشُه مِرارًا وتِكرارًا متخلِصًا مِن ثقـل عيونِـه ومزيحًا غشَاء الضَبابِ المُبحِـر بعيونِه، فلـم يلبَث أن نجَح فقابـل سقفًا بعيدًا للّغايةِ يطلَيه لونًا أبيضًا مطعمًا بنِقـوش ذهَبية شامِخَة دفَعته ليَقرن حاجِبَيه بعدَم تركـيزٍ.

منذُ متـى وسِقـوف المَدرِسة لامِعة وسَلِيمة بِلا شِقوق؟ إتكَئ على يدِيه ناهِضًا ببُطءٍ شَديدٍ ممرِرًا نظَره على آنحـاءِ الغُـرِفة مُترامِية الأرِكـان بوَجه يحمِل أبهَـى مَعانـي الدَهشةِ. لابُد بأنه كـان يهَذي أو شطَح بأحلامِه كثيـرًا. كان يتمَلكه أفظَع صداعًا إختَبره يومًا، وتنَبه للفِـراش الَذي كـان بحَجـم ملَكـي ذَي أغطِية ثَمينة ووسائِد عَديدة، كَما كـان ناعمًا جدًا. لا عجَب بأن جسدَه يتأوَه مِن إستِرخاءه فَوق قطِعة الحَلوى القُطنِية تِلك.

كـان زُجـاج النـوافِذ مطلِيًا بلَـون أزرَق بارِد، تجلِب علَيه أشِعـة الشَمِـس بظِلال سماوَيـة كان ليتآملـها بإفتِتان لَو لم يكُن محملِقًا بالنِقـوش المَرسِومة أعلَى كُل جِـدار لصَورة طـاوَوس منفَـوش مضيفًا لهيبـة المَكـان قدرًا. ما كـان هَذا المَكِان حقًا؟

فُتِح البـاب بغتةً؛ فإنتَفِض.
كانَ بحالَة فـزع يكاد يبلَغ لحظَة إنهِيـار شاعِرًا بفقدانِه السَيطرة على نفسِه وآنفاسِه. وقَعت عَيناه على طَويل القامـة ذَو الشَعـر البُنـي المُصفِف والبَذلِة قَديمة الطِـراز التَي إنتَمت لطَبقة الخَدم بالقِرون القَديمة كَما قـرأ بأحَد الكُتبِ الأسبـوع الماضِـي.

بدى الفتَى، الذي لم يكُن بعُمـر كبـير مطلقًا، متفاجِئًا برؤيتِه، ليتَوتر قبَل أن يبتَسم الأوَل ويتقَدم ليَقف عِند مؤخِرة الفِـراش حيثُ تدَثـر لِوي بالأغطِية حاملًا نظَرة صرَخِت بهلـع.

"مِن الجَيدِ رؤيتَك مستيقِظًا بالفَعـل، سَيدي."

هَل قامَ غرِيب يكبَره بعِدة أعـوام بدَعوته بسَيدي تـوًا؟ بلَع لِوي لعابَه برَعدِة مُتحفِزة. فمِن أيـن جاء لمـاذا حدَث لأيـن هـو لمَن يكَون، كانَت جميعُها أسئِلة تزاحَمت بعقلِـه المُتعطِل، فما مَلك سِوى نظَرة حائـرة كلِيًا رمَق بِها الفتـى المُنتظِر. وكأنما كانَت حالتُه شيئًا طبيعيًا تمامًا.

Le Paon.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن