الفصل الأول (صغيره ولكن..)

183K 2.8K 100
                                    

الفصل الاول
صغيرة ولكن ..
ــــــــــــــــ

ظلت تنظر إلى ذلك الرجل شزرا، لاتعرف هل هي خائفة أم محتقرة هيئته، فقط ملتصقة بنافذة السيارة تتابع الطريق بعين والأخرى مسلطة عليه، ما أن اقتربت من الوصول للمكان المنشود حتى هدأت ملامحها وقل خفقان قلبها، توقفت السيارة على الطريق فاسرعت هي بالترجل منها ثم نظرت للسائق مريب الهيئة باحتقار، هتفت باشمئزاز جم :
- حسابك كام ؟.
رد السائق بغزل صريح:
- اللي تجيبه يا جميل
نظرت له بتقزز من هيئته المخيفة وأسنانه المسوسة المتآكلة ثم أخرجت النقود وألقتها عليه، قالت بنفور:
- خد
رد السائق بنبرة لائمة وقد رسم الحزن المزيف على خلقته:
- ليه كده يا سنيورة؟
صمت ليتابع بابتسامة سخيفة:
- لو عيزاني استناكي معنديش مانع يا زغلول .
توجست منه ثم فرت من أمامه راكضة إلى حيث توجد العوامة، سلط الرجل بصره إلى حيث اختفت، هتف بتنهيدة حارة:
- ايووووه يا جدعان، أهي دي الستات ولا بلاش ، دا إحنا متجوزين غفر ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
توقفت صوب العوامة وهي تتطلع على هيكلها من الخارج بتفحص، سقطت انظارها تجاه النائم على الاريكة فتسللت بهدوء ثم شرعت في فتح الباب باحتراس جم، ولجت للداخل بأعين مترقبة وهي تتأمل زوايا العوامة من الداخل، مررت أنظارها الشغوفة على الغرف حتى وقعت عيناها على غرفه ما حثها حدسها بأنه بداخلها كونها مميزة عن غيرها، تحركت تجاهها وعندما تقترب أكثر يزداد خفقان قلبها وتضطرب أنفاسها، امسكت مقبض الباب ثم تنهدت في توتر وشرعت في فتحه ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
شهقت واضعة يدها على فمها مصدومة، هي تعرف بعلاقاته النسائية ولأول مرة تراه هكذا فقد كان عاري وبجواره تلك الحمقاء، حاولت أن تبث في قلبها القوة ثم بدأت تدنو منه، رفعت يدها لتلكزه في توتر فلم يستيقظ ، عاودت الكره بقوة أكبر ففتح عينيه ببطء ثم نظر لها بصدمة ممزوجة بالغضب، هتف بانزعاج :
- انتي ايه اللي جابك هنا.... وجيتي ازاي ؟.
اجابته مبررة بارتباك:
- جيت علشان اقفشك
نظر لها باستخفاف بائن أزعجها، حدثها بسخرية:
- امشي يا شاطرة عندك مدرسة، ومتنسيش تشربي اللبن قبل ما تنامي
قطبت جبينها مغتاظة، هتفت بغضب لا يليق بعمرها:
- انا مراتك ، وانت دلوقتي بتخوني .
نظر لها باستخفاف مرة أخرى ليتأجج الغيظ بداخلها وإشتد أكثر حين أكمل نومه غير مكترث لها، اغتاظت وهي تكز على أسنانها من عدم مبالاته ثم حدجته بغضب جم، زفرت بضيق واستدارت حول الفراش ذاهبة لتلك الفتاة النائمة بجواره عارية، حدجتها بنظرات نارية ثم لكزتها بقوة، هتفت بامتعاض:
- اصحي ، قومي
استيقظت الفتاة بفزع وأخذت تنظر لها باستغراب فحدجتها الأخيرة بازدراء معنفة إياها بقسوة وقد كلحت قسماتها:
- انتي لسه هتبصيلي، قومي يلا .
وجهت الفتاة بصرها تلقائيا تجاه الراقد بجانبها مما ازعجها بشدة من نظراتها نحوه، هدرت بصرامة:
- قلتلك خدي حجاتك وإمشي من هنا يلا.
أسرعت الفتاة في تغطيه جسدها بالملائة ثم نهضت لتجمع ملابسها، لم تلبث كثيرا حتى دلفت بعدها للخارج ، نظرت لها
"نور" شزرا، هتفت باحتقار:
- بنات قليلة الادب
ثم وجهت بصرها ناحيته، تابعت بحنق:
- بس العيب مش عليكم
تنهدت بعمق ثم تحركت ناحيته متقلدة بالثبات رغم حدة الخوف منه، قامت بمناداته محاولة تصنع القوة :
- زين
كان يستمع إلى كل ما تفعله محاولا كتم ابتسامته ومدعيا النوم وبداخله كان مغتبطا من غيرتها ومن أفعالها، فتح "زين" عينيه ثم سلط بصره عليها، قال ببرود:
- انتي جيتي ازاي؟
توترت "نور" مبتلعة ريقها بصعوبة، اجابته بتلعثم:
- اا..جيت.ف.في.ت.تاكسي
حدجها بنظرات نارية وهي يعتدل في نومته، هدر باهتياج :
- راكبة عربية في نص الليل مع حد متعرفهوش
ثم اسرع في النهوض من على الفراش وبداخله نيران مضطرمة من أفعالها الهوجاء، تراجعت "نور" عفويا للخلف خيفة من بطشه بها، هتفت بثبات زائف:
- كمان بتلومني، انت بتخوني المفروض تبقى خايف مني
وقف امامها وأصابته نوبة ضحك هيستيرية من حديثها، رد باستهزاء مزعج:
- امشي يا بت العبي بعيد
حدجته بغضب من تعمده التقليل منها، قالت باغتياظ:
- انا مراتك ولازم تخاف على مشاعري
ضحك هذه المرة ساخطا وهو يمرر أنظاره عليها فكيف لتلك الصغيرة أن تتفوه بهذا الكلام، في حين تشتعل هي غضبا من احتقاره لها وهي تنظر له بوجوم .
تنهد هو بقوة ليفرغ ضيقه، حدثها بجدية:
- هروح ألبس هدومي علشان نمشي .
تحرك خطوة واحدة ثم عاود النظر إليها متعجبا، استطرد مضيقا عينيه ليستنكر ولوجها العوامة:
- أيوة صحيح، إنتي دخلتي هنا ازاي؟
اجابته بعفوية:
- من الباب
تنهد "زين" بنفاذ صبر ثم تحرك نحو المرحاض ليرتدي ملابسه وهو منشغل التفكير فيما تفعله، ولج للداخل فتنفست هي الصعداء وهي تراقبه بتوتر، أخذت هي تتفحص محتويات الغرفه إلى أن وقعت عينيها على المشروب الموضوع على المنضده، مدت "نور" يدها نحو ذلك الكأس ثم قربته من أنفها، اشمئزت من رائحته وسريعا كانت قد أبعدته، همست بتقزز بائن:
- ايه ده بيشربوا ديتول ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بعد وقت ليس بقليل دلف "زين" من المرحاض بعدما إنتهى كليا من ارتداء ملابسه وهندمة هيئته، تحرك نحوها ليجدها واقفة راسمة للبراءة المخادعة، لم يقتنع بكل ذلك بل رمقها بنظرات قاتمة البكتها، أمرها بجدية:
- يلا
اومأت برأسها ممتثلة لأمره، ردت بطاعة:
- حاضر
دلفا سويا لخارج العوامة، حدج "زين" هذا الحارس النائم كالقتيل بنظرات ازدراء حانقة، ثم قام بصفعه على مؤخرة رأسه ففزع الأخير من نومه، هتف باضطراب:
- ايه ده فيه ايه؟
رد بسخط:
- في محشي يا اخويا، اغرفلك
توتر الرجل قائلا بتلعثم :
- أأ.ز.زين.بيه.
قاطعه قائلا بصوت حاسم:
- لو مشفتش شغلك كويس، هيبقالي كلام تاني معاك
نهض الرجل من مكانه وقد نكس رأسه باكتهاء، رد بانصياع:
- امرك يا سعادة البيه
تأفف "زين" ثم وجه بصره ناحيتها، استأنف بحدة:
- يلا
انتفضت من مكانها إثر عصبيته المفرطة تخشى توبيخه لها هي الأخرى ثن همت بالذهاب خلفه، وصلا الي سيارته فاستقلها ليجلس خلف عجلة القيادة، ودلفت هيا الأخرى بجانبه وهي ترتجف، نظر لها بضيق اربكها، صاح بعصبية من افعالها الطائشة:
- انا هحاسبك على اللي عملتيه ده، ازاي بنت في سنك تطلع في الوقت ده لوحدها
اسرعت في الرد عليه وقد زكت فعلتها:
- أنا مراتك، وجيت علشان امسكك متلبس .
نظر لها بسخط مع ابتسامة مستهزئة على زاوية فمه، سألها متعمدا الاستخفاف بها:
- وهتعملي ايه بقي بعد ما شفتيني؟
عضت على شفتيها السفليه محرجة ثم طأطأت رأسها بانكسار فماذا ستفعل بالفعل؟ فهو محقا، اشاح هو بوجهه عنها ثم شرع في تدوير سيارته لينطلق بها؛ جاء في مخيلته أثناء الطريق وقت طلب والده الزواج منها ....

((صَغِيرة ولَكِن...))؛؛مكتملة؛؛للكاتبة الهام رفعتWhere stories live. Discover now