وصلوا منزلها .. كان أبوها ينتظرهم .. تلقاها بلهفة .. ثم تركها تصعد مع "ريم" ووقف يسمع من "يوسف" ما حدث ...

لأبيها قص "يوسف" كل ما حدث .. لا يعرف لم شعر بالأسى من حديثه .. ثم شعر بالشفقة لحالها .. علم أن لديها مشاكل وليست مشكلة ..

انتظر "ريم" لنصف ساعة ولم يوافق أن يدخل مع والد "رنيم" .. حين جاءت جلست جواره ولم تتحدث .. لولا أنه بدأ حواره قائلا :
- بقت كويسة ..

نظرت له ولم ترد .. فسأل :
- بتبصيلي كدة ليه ..

ردت بحزن واضح :
- انت متأكد ان محصلش حاجة غير انها اتحبست في الأسانسير ولدقايق بسيطة بس ..

نظر لها قائلا :
- ليه بتسألي السؤال دة ..

تنهدت قائلة :
- عشان مش مصدقة ان رنيم تبقى كدة عشان بس اتحبست في الاسانسير .. دي ريحانة لو اتعرضت للموقف دة مش هيحصلها كدة ..

تأكد "يوسف" أن "ريم" لا تعرف مرضها .. رغم دهشته من ذلك .. فهي صديقتها منذ الطفولة .. كيف لا تعرف .. حمد الله أنه لم يخبرها وهز كتفيه قائلا :
- مش عارف .. هي صحبتي انا ولا صحبتك انتي .. مش يمكن بتخاف من حاجة وانتي مش عارفة ..

ابتسمت "ريم" ساخرة وهي تقول :
- رنيم بتخاف .. انت علشان متعرفهاش قلت كدة..

رد على سخريتها بسخرية أخرى :
- شكلك انتي اللي متعرفيهاش ..

نظرت له وهي لا تفهم شئ .. فـ"رنيم" لم تتحدث منذ رأتها .. حتى حين صعدت لمنزلها معها .. وبقيت معها لفترة لم تتحدث فيها .. لم تندهش من أنها لم تبكي .. لأنها تعرف أن "رنيم" لا تبكي .. وإنما ستندهش إن رأتها تبكي ..

مر يومان .. بلا كلام ولا طعام ولا نوم .. تجنبت "رنيم" الحديث مع كل من حولها .. وحين تأتي "ريم" و"ريحانة" ترجو والدتها بأن تخبرهما أنها نائمة .. لا تستطيع رؤية أي أحد خاصة وإن كان له علاقة بـ"يوسف" .. تأكل ما يسد رمقها فقط بعد إلحاح من والدتها .. زهدت كل شئ في حياتها .. ولا تدري لمَ يُفعل بها ذلك .. لمَ تعيش في كل تلك التعقيدات .. لمَ اسودت حياتها بتلك الطريقة .. لمْ تذهب لعملها ولمْ تقترب من كتبها .. لمْ تفعل شئ إطلاقا في هذين اليومين .. ولم تسقط من عينيها دمعة واحدة .. يبدو أن دموعها جفت .. أويبدو أنها حين لم تجد لها فائدة نضبت ..

ولم تطق أمها أن تراها كذلك .. لذا هاتفت "ريم" و"ريحانة" حتى يأتيان لها .. ولم تتأخرا .. حين وصلا .. طلبت منهما "جيهان" أن يدخلان لها مباشرة .. فهي إن دخلت ستطلب منها أن تخبرهما بنومها .. طرقت "ريم" الباب .. فأخبرتها "جيهان" أن تدخل فهي لن ترد .. أدخلتهما وأغلقت الباب تدعو أن تتحدث معهما ..

تقدمت منها "ريحانة" وأوشكت دموعها على الهروب من مقلتيها فهي لم تتخيل يوما أن ترى "رنيم" كذلك .. وضعت يدها على كتفها .. التفتت لها "رنيم" بنظرة شاردة .. دموع "ريحانة" قد تكون شجعتها .. جلست "ريحانة" جوارها ثم أخذتها بين ذراعيها .. عندها فقط بدأت "رنيم" تسمح لدموعها بالانهمار .. وفجأة بدأت تنتفض ويعلو نشيجها .. مم أفزع "ريحانة" و"ريم" .. "رنيم" تبكي .. في أسوأ المواقف التي تعرضْن لها لم تبكي .. بل دائما ما كانت تخبرهما أن البكاء ضعف .. واختلفا معها كثيرا .. فضعف حتى وإن كنت منفردة .. خير من مرض بسبب كتمان غضبي ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now