وعلى عكس ما توقع تماما وجد ابنته هادئة .. ولكن من المؤكد أنها تشعر بالخوف .. فها هي منكمشة على نفسها في مقعدها .. تحتضن قدميها بين ذراعيها .. تنظر أمامها بعين وجلة .. عرفها بمجرد رؤيتها فلم يفتأ "باسل" أن يهاتفهم وهي معه .. ولم يمل من طبع صورها لهم .. ابتسم "يوسف" وهو يقارن بين حالها الآن وجنونها في الصور .. ثم اختفت ابتسامته .. وهو يراقبها تبدو مرهقة مهمومة ..

تقدم منها وهو يتمتم :
-ربنا يسامحك يا باسل ..

وصل عندها لتلاحظ الظل المنطبق أمامها .. رفعت نظرها تجاهه لتبتسم ابتسامة صغيرة وهي تقف على مقعدها حتى تصل له قائلة :
-عمو يوسف .. صح ..

تلقاها "يوسف" بين ذراعيه وهو يقول :
-صح يا حبيبة عمو ..

استكانت "روح" على صدره تلتمس فيه رائحة والدها .. ولم يطل بحثها .. فقد وجدتها سريعا .. شعر "يوسف" باستكانتها .. وعلم مدى ألمها .. جلس على مقعد جوارها وهي لا تزال على وضعها .. وبعد وقت ليس بقليل رفعت رأسها إليه لتقول :
-انا عاوزة اشوف بابا .. الدكتور مش راضي ..

تخللت أصابعه بين شعرها المرسل وهو يقول :
-الدكتور قال انه كويس .. بس لسة ساعتين ان شاء الله ويفوق وندخل نشوفه ..

سألت "روح" :
-انت رحت للدكتور ..

أجاب باسما :
-لا كلمته في التليفون وانا جاي علشان اجيلك على طول ..

سألت ثانية :
-هو قالك بعد ساعتين وانت بتكلمه في التليفون ولا ساعتين من دلوقتي ..

ضحك قائلا :
-لا ساعتين من دلوقتي .. مصدقتش ابوكي لما قالي انك لمضة ..

أثناء حديثهما انتبه "يوسف" إلى أنها هاتفته منذ ساعات طوال ومن المؤكد أنها هنا طوال تلك المدة .. لم تطعم شيئا .. لم تنم .. فقط تجلس هكذا ..

فقال لها :
-ايه رأيك نروح ناكل حاجة لغاية لما بابا يصحى ..

وضعت يدها على بطنها قائلة :
-اه انا جعانة اوي .. بس مسز كريس كانت معايا هنا .. وجابت لي اكل وانا ماكلتش .. علشان كنت زعلانة على بابا ..

ضحك وهو يقول :
-طيب تعالي ناكل وتحكي لي على مسز كريس اتفقنا ..

أومأت برأسها وهي تقف على مقعدها فوقف قائلا :
-انزلي عشان نمشي يلا ..

مدت يديها نحوه :
-مش هتشيلني ..

لم يفهم مقصدها أو لم يستوعب فقال وهو ينظر لقدميها :
-اشيلك ..

قالت شارحة :
-اه بابا بيشيلني لما بكون جعانة ..

-وابوكي دة مجوعك على طول ..

-لا بس اما باجي من المدرسة بكون جعانة .. فبابا بيشيلني لغاية المطبخ علشان يعمل لي اكل ..

التقطها بين ذراعيه وهو لا يدري أيضحك أم يأسى لحال أخيه وابنته .. ولكن في الحالتين ازداد عزمه لن يعود إلا بهما ..

روح وريحانWhere stories live. Discover now