انهيار الحلم

14.5K 766 19
                                    

كان وقع كلمات خالتي عليّ كصفعة قاسية على وجهي . صرخت " مالذي يحدث هنا؟ .. امي! ، امي !"
جاءت امي من المطبخ وهي تحمل ملعقة الطبخ الحديدية وكانت  تسأل ماذا هناك عندما نظرت الى خالتي نسرين والذنب في عينيها ثم قالت " لقد عرفتي أليس كذلك؟"

ازداد غضبي وكنت لا ازال في حالة لا تصديق ، كانت تلك المرة الاولى التي افقد فيها أعصابي امام والديّ ، كنت اشعر بأن الجميع يتعمد ايذائي ارتفع صوتي " هل تقولين انكِ ستزوجينني رغماً عني ؟ .. هل أنتي جادة؟! امي لا اعلم ما أخبرتهم لكنني سأنفذ ما وعدتكِ وسأخبرهم بنفسي اني لن اتزوج ذلك الرجل الغبي"
ضربت امي رأسي بالملعقة التي في يدها بقوة ، كانت غاضبة وكنت اكثر منها غضباً بحيث لم اشعر حتى بألم الضربة .
امي " اسمعيني، لقد سئمت من تصرفاتكِ السخيفة .. اذا فتحتي فمكِ اليوم تأكدي بأني سأقتلكِ بيدي "
رأيت ابي قادماً عندما صرخت وقد مللت كل ذلك " امي ! ، هل تعتقدين اني سأهتم ؟ افضل ان تقتلينني على ان اتزوجه !"
هجمت والدتي عليّ مجدداً بملعقتها كسلاح كان يؤلمني . لكنني بقيت صامتة مصممة على قراري .
تدخل والدي موقفاً امي ، وفكرت في نفسي للحظات : ابي انه دائماً منقذي.
لكن فوراً خاب ظني عندما وجه كلامه نحوي بصرامة " اماني لا يجب ان تعاملي امكِ هكذا نحن نهتم بأمركِ ، وبزواجكِ من هذا الرجل ستكونين سعيدة . نحن والديكِ ويجب ان تستمعي لما نقول !"
صرخت بتمرد ولا زلت مصدومة من والدي " لا اريد ان استمع لكما لن اتزوجه ولا شيء بمقدوركما عمله لتغيير رأيي"
ابي وقد احمر وجهه غضباً " لقد قررت بالفعل الامر وإذا لم تعودي تريدين عائلتكِ وسترفضين الرجل اخرجي من هذا البيت انتِ لستي ابنتي بعد اليوم ان كان هذا ماتريدين "
احسست بقلبي ينزف ألماً ، لم اعرف لماذا لم يفهمني والداي . لكن لم استطع ان اتزوج شخصاً لا احب ، لم استطع تجاهل كل مشاعر الحب في داخلي ليوسف والزواج من رجل اخر .. لم استطع تخيل حياتي التي هو ليس فيها بل رجل غريب لا امتلك آي مشاعر ناحيته .
لذلك جريت الى غرفتي اخذت معطفي وحقيبة يدي وانطلقت خارجة وخالتي نسرين تخبرني بأن أتوقف عن التسبب بالألم لوالداي. 
لكنني لم اكن من قام بهذه الغلطة السخيفة لاتحمل اللوم ، كنت أتألم انا أيضاً .
غادرت رغم إحساسي بأن ما أقوم به شيء خاطئ لكني لم املك خياراً . لم استطع رؤية وجه ابي او امي رحلت بسرعة دون النظر للوراء عندما سمعت صرخات  مرعبه لخالتي نسرين وامي تملأ السلالم التي كنت فيها .
تجمدت الدماء في عروقي وقد علمت ان شيئاً ما حدث ولا بد .
جريت عائدة لأرى والدي قد فقد الوعي ومستلقٍ على الارض واخي يقوم بالضغط على صدره باستمرار . امي كانت تبكي وتصرخ ومعها خالتي ووفاء تبكي وهي تستدعي الإسعاف بينما ضربني الواقع بقوة جعلتني مشلولة في مكاني .  ابي .. هل سيموت ابي .......... بسببي انا!
شعرت برغبة في الانهيار مع كل احلامي التي رأيتها في تلك اللحظة تنهار .
*****
السكتة القلبية التي نجا منها والدي بأعجوبة كنت انا من تسبب بها . كان الندم يأكلني حية .. وامي كانت ترمي عليّ الكلمات بأنني اريد قتل ابي قهراً .
كان الضيوف المرتقبين مع الرجل الذي أراد الزواج بي معنا في المشفى ولم يتركوننا للحظة . لم يعلموا سبب سوء صحة والدي فجأة ولم يتكلم احد عن معارضتي للزواج .
بعد ان اطمأن الجميع على صحة ابي ، غادر الجميع بمن فيهم امي التي أقنعوها بصعوبة ان تأخذ قسطاً من الراحة . لم يتبقى سواي انا وخالتي نسرين .
عّم الصمت ساعات طويلة من تلك الليلة التي بقيت فيها انتظر متى سيخبرنا طبيب ابي ان حالته استقرت . وفي الاخير تكلمت  خالتي نسرين " هل كان الامر يستحق ذلك؟ "
نظرت إليها وكأنها قامت بطعني بسكين حاد دون مقدمات مسببة لي جرحاً غائراً، لم استطع ان ارد بشيء .
خالتي نسرين " أنتِ انانية جداً يا اماني .. تفكرين بتفسكِ فقط طوال الوقت ، لكني لم أتوقع انه سيصل بكِ لهذه الدرجة ، ان تقومي بإيذاء كل من حولك وتهديد حياتهم للخطر فقط من اجل وهم انت تعيشين فيه!"
نظرت اليها بتعجب عن اي وهم تتحدث ؟ هل تعرف بأمر يوسف؟
خالتي " انا اعرف ان قلبكِ لا زال معلقاً بذلك الجني . لم ارد التحدث بهذا الشأن لكن المسألة أصبحت جدية ، اهلكِ يريدون لكِ حياة طبيعية ليطمأنوا عَلَيْكِ لكنكِ لا تهتمين بشأنهم ، ماذا لو كان والدكِ مات الليلة ؟ هل كنتِ ستستطيعين العيش كما لو انكِ لم تقتليه؟ .. والدكِ مريض وصحته سيئة هل ستستمرين بفعل هذا به ؟ ... انا لم أعد اعرفكِ حقاً !"
كانت منفعلة بحيث انتهت من كلامها وتركتني مغادرة . بقيت في حالة من الصدمة والتوجع والحزن وانا اعلم تماماً ما يريدني الجميع فعله ، ان أضحي بسعادتي لأجلهم .
اردت ان لا استسلم لطلبهم القاسي ، لكن والدي ، كان معلقاً بين الحياة والموت وانا كنت بمعارضتي له قد اقتله حقاً المرة القادمة . كان هنالك قرار عليّ اتخاذه . قرار سيقتل قلبي ويميتني  وانا حية . ومت يوم مات حلمي ، بيوسف!

©ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن