مشاعر سجينة

18.2K 860 48
                                    

يوسف " أين تريدين ان نبدأ فسحتنا زوجتي العزيزة؟"
انا بحنق واستياء " انا لست زوجتك ، لا تنس انك لم تخبرني انه ليس حلم ، انه زواج باطل !"
ابتسم يوسف وهو يعتذر ثم اتجهنا الى بوابة القصر ،
أخذني يوسف معه في يومنا الاول في  رحلة على ظهر مخلوقه الطائر الضخم ، حول عالمهم ... في البداية كنت اشعر بالهلع ! لم اخف عند صعودي على ذلك التنين في المرة السابقة لكن بعد ان بت اعرف انه الواقع وليس حلماً اصبح خوفي من كل شيء يظهر .
خفت من مخلوقه الطائر وبعد دقائق طويلة تمكن يوسف من إقناعي ان اصعد على ظهره . ثم عندما طار تشبثت بساعدي يوسف كما لو انني اريد نحت مخالبي عليه ، كنت خائفة من ان أقع .
يوسف الذي كان ورائي وممسك بالحبال المربوطة على عنق التنين منحني وعدني  بأنه يستحيل ان يتركني اسقط . بعد دقائق طويلة من التوتر بدأت اركز بعيداً عن خوفي في روعة الأشياء حولي من ذلك الارتفاع كنت كطفل يرى العالم للمرة الاولى . بدهشة وسعادة حاولت أخذ كل مااراه والاحتفاظ به في ذاكرتي فكل ذلك البهاء والجمال كان من الخسارة نسيانه ، كما لو انه شيء قريب من الجنة كان عالم الجن ! افضل بعشرات المرات من كل تلك المناظر البديعة التي يصورونها في قنوات الطبيعة على التلفاز .
كان عالماً اجمل من عالمنا بمراحل عدة وتساءلت كيف سيتمكن يوسف من التخلي عن عالمه واهله فقط لأجلي. ؟!!

في نهاية الرحلة تكلم يوسف " هل أنتِ مستعدة للقفز؟"
نظرت الى الارض البعيدة تحتنا ونحن نحلق على مسافة جعلت الأشجار العملاقة في عالمهم تبدو كالعشب !
انا " هل انت جاد ؟ "  أمسكت بالحبل الذي يربط عنق التنين بقلق . ضحك يوسف وهو يقول " أنتِ لن تقفزي  بملء ارادتكِ مهما اخبرتكِ انكِ ستكونين بخير معي صحيح؟"
انا وقد أحكمت قبضتي على الحبال " مستحيل ، انت مجنون لن اقفز ولو بعد عام من الاقناع و.."
كان قد اصدر إشارة صوتية غريبة للمخلوق الطائر وتوقفت عن الكلام عندما ألتف التنين حول نفسه في السماء وبسرعة وبرغم محاولتي التشبث كان قد نفضنا عنه  وأصبحت خلال ثانية أسقط سقوطاً حراً وانا اصرخ بصوت واحد وقلبي يكاد ينفجر رعباً .
كان يوسف بجواري لكنه لم يستطع ان يخفف خوفي فهو لا يستطيع منع تسارع الجاذبية ونحن كنّا سنتحطم الى اشلاء صغيرة بارتطامنا ولاشيء كان بامكانه إيقاف ذلك .
عندما اقتربنا من ما بدت بحيرة هلامية و ارتطمنا بها بخفة غريبة وغصنا في داخلها كنت قد بدأت في مخيلتي أودع الحياة . عندما لاحظت انني لا اغرق وان المادة حولي لم تكن ماء وكان بإمكاني التنفس
استمريت في السقوط نحو الأسفل فيما بدى للابد بينما كان الهلام يمتص التسارع الذي اكتسبته مع الجاذبية إثناء السقوط . ثم ما ان  توقفت عن النزول بدأ الهلام يدفعني في الاتجاه المعاكس نحو السطح ، رأيت جسد يوسف بجواري وسريعاً كان يمسك يدي  وانا احاول الافلات  حاولت الصراخ عليه لكن الهلام كان يأكل صوتي ولا شيء يسمع .
وما ان طفونا تلقائيا على السطح بعنف سحبت يدي عن يوسف  لكنه بعناد عاد يتشبث بذراعي بقوة تلك المرة وسحبني خارج البحيرة . جلست للحظات اهدأ من روعي دون فائدة ثم نهضت وصرخت على يوسف "انا أكرهك !"
يوسف " ومع ذلك لا تنكري انكِ استمتعتي باللحظة!"
انا منزعجة " كلا لم استمتع ، ربما كنت لأفعل لو انك أخبرتني انها بحيرة هلامية وإنني لن اموت غرقاً!!"
كانت نظرات الارتباك و الاحساس بالذنب واضحة على وجهه هناك غضبي اختفى وانا افكر ( يبدو بأنه لم يخطر بباله اني سأكون مرعوبة ! يا له من غبي ! اتساءل لماذا أحببته في السابق ؟)
جاءت الاجابة اسرع من المتوقع ، وقبل حتى ان ادرك ما كان يحدث احاطني  يوسف بذراعيه وضمني إليه بحضن حطم كل دفاعاتي.
لم اعتقد بأنني سهلة لدرجة ان أقع في الحب مع شخص احتضنني ! والدليل ، بأنها لم تكن المرة الاولى التي يحضنني ، لكن انا لم  اشعر بما شعرت به من قبل .
وكأن سيلاً جارفاً من العواطف اجتاحني ، ولم تكن ملكاً لي !
لقد كانت مشاعره الصادقة تجاهي ، احسست بذلك بطريقة ما . وعرفت لحظتها ان كل الألم الذي شعرت به وكان يبكيني طوال السنين الماضية ليست سوى مشاعري تجاهه ، حبيسة النسيان . وكانت في خضم دهشتي قد وجدت طريقها نحو الحرية .
يوسف " ارجوكِ سامحيني ، انا لا استطيع العيش وانا سبب حزنكِ"
لم استطيع قول شيء او حتى المقاومة . كانت كلماته الاخيرة هي ما جعلتني انسى فكرة مقاومة مشاعري التي بدت غريبة عني للحظة .. مشاعر الحب تجاه أميري الجني!
كان قلبي يخفق بقوة ودموعي تذرف دون قدرة لي على التوقف ، كان ذلك ما اردته بشدة ،منذ عرفت حقيقة ماحدث لي مع يوسف ، ان اتذكر ماشعرت به وأُخِذ مني عنوة دون اذن مني ، وكان ذلك ما جعلني اشعر بالظلم وفي الوقت ذاته غير مصدقة انني حقاً تمكنت من نسيانها .. وتمكنت رغم ما بدى الان مستحيلاً ؛ العيش بلا يوسف .
تشبثت به في تلك اللحظة الطويلة وقد خفت ان يرى دموعي ، بعد ان بت اعرف كم يمزقه رؤيتي لست سعيدة معه .
ووبخت نفسي بشدة لمَ طلبت منه المجيء الى عالمي . وكل شيء في داخلي يخبرني انني لم أعد قادرة على العيش بدونه ولو للحظة .بينما هو كان سيذهب في رحلة قد لا يعود منها ابداً.

©ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)Where stories live. Discover now