حادثة غريبة

29.2K 1.2K 79
                                    

أمسكت بيد خالتي نسرين في محاولة اخيرة " خالتي اذا نفذ زوجي تهديده و قتلني هل ستكونين سعيدة؟"
ردت " حبيبتي، اعلم انكٍ خائفة لكن لابد وان هنالك طريقة . انا لن ادعكِ سجينة له و انا اتفرج"

بدأت اشتم في داخلي الجميع بمن فيهم نفسي ، جلست جوار الشيخ الذي سألني بعض الأسئلة و كنت بسبب هوايتي في قراءة مواضيع الجن قادرة على اجابة تلك الأسئلة التي هي دلائل على المس . و قرأ عليّ القرآن لفترة قصيرة بينما بقيت في حالة قلق مفتعل لان هذا ماكان يكتب في ماقرأته عمن ادعوا اصابتهم بالمس انهم يتصرفون بغرابة عند سماع القرآن .
عندما انتهى اخبر خالتي ان تمر على محله لشراء العسل والزيت المقروء عليه . واعطى تعليمات استخدامه لي و انا استمع بعناية او بالاصح ادعيت ذلك فأنا في النهاية لم يكن بي مَس حقاً!

استأت كثيراً عندما اخبرني ان عليّ الذهاب اليه ليقرأ عليّ طوال الفترة القادمة و أردت ان اخبره ان لا داعي لذلك، و بالطبع لم استطع الاعتراف.

بعد ثلاثة ايام بالضبط جاءت لزيارتي خالتي نسرين و كنت اشك انها ستجرني الى الشيخ ليقرأ عليّ كما قالت انها ستفعل .
عوضاً عن ذلك كانت تسألني بحذر " هل لا زال يأتي لرؤيتك ؟ "
فقلت بتصنع للأسى " بالطبع طوال الوقت "
قالت و هي تفكر و قد إخافتني نظرتها " لقد أخبرتني بذلك سلوى. ان الحل الوحيد هو شيخ عظيم يتحدث عنه الجميع، اسمعيني حبيبتي ألبسي بسرعة نحن سنخرج "
انا " الى أين يا خالة؟ "

خالتي " لا تسألي فقط ألبسي و ستعرفين لاحقاً "

فكرت بأنها ستأخذني الى ذلك الشيخ ، صعدت سيارتها لكننا كنّا متجهات لمنزلها فاستغربت و سألتها لكنها أجابت انها تحتاج لأخذ جارتها معنا.
قفزت سلوى الى السيارة ما ان وصلنا و عرفت من حديثها ان خالتي أخبرتها بأن تنتظرها عند باب المبنى السكني.
الخالة سلوى عندما سألت خالتي نسرين لتتأكد اني اماني و أجبت بنعم أخذت تردد المعوذات بصوت منخفض كأنني كنت انا الجنية!

كان كل شيء يسير بشكل جنوني لكني لم أستطع الإنكار انه كان شيئاً ممتعاً يضاف الى حياتي المملة . قبل هذه الكذبة كان روتيني اليومي هو تنظيف المنزل و مساعدة والدتي في المطبخ ثم إعطاء دروس خصوصية لطلابي . لا أنكر انني استمتعت بالمشي لوحدي في الطريق الى عملي لكن لم يكن شيئاً يشبه هذه الكذبة !

توقفت السيارة عند جبل في أطراف المدينة و اضطررنا للمشي نحو مركز الشيخ الذي كانت طريقه وعرة . بدأت اتساءل بتذمر " لماذا اختار هذا المكان كمقر لعمله ؟ خالتي هل انتي متأكدة انه شيخ حقاً ، هذا يبدو لي كحركة يقوم بها السحرة لعمل تأثير نفسي على الزائرين ! "
خالتي وهي تلهث وتكابد للصعود " استمري بالمشي وانتي صامتة سواء شيخ او ساحر ماذا يهمك في الامر طالما انه سيشفيكِ!"

توقفت وقد ارعبتني خالتي " خالة نسرين هل تقولين الان اننا ذاهبات الى ساحر ؟ لاني لن اذهب وان كلّف الامر حياتي ! "
كنت غاضبة لكن الاثنتين تكلمتا بهمس بينهما شيئاً ما و كنت قد ادركت اننا بالفعل نقصد بيت ساحر !

و قبل ان اتمكن من فعل اي شيء كانتا قد أمسكتا بي الاثنتين و اخذتا تجرانني نحو المبنى الذي لم يعد يبعد سوى أمتار قليلة عنا .
بينما كنت احاول الافلات بأي طريقة و انا احذرهما من عواقب الذهاب الى السحرة و انه نوع من الإشراك بالله ، دون جدوى .

كانتا مصممتين على ارغامي و انا لم أتوقف عن المقاومة و ما ان دخلنا المكان .ذهبت ودست خالتي نسرين المال للمساعد في الخفاء حتى تم أدخالنا بعد لحظات من وصولنا رغم ان هناك أناس اخرين كانوا قد أتوا قبلنا .
اجلسنني بالقوة و كانت المرأتين ضعفي وزني و كان شبه مستحيل ان أتمكن من التغلب على كليهما . جلستا بجواري كل واحدة لا تزال تتشبث بي من جهة حرصاً ان لا أقرر الفرار فجأة .
كانت الغرفة يملأها البخور و إضاءتها ضعيفة جداً بالرغم من ان الوقت كان نهاراً . في تلك اللحظة ظهر رجل كل شيء في ملامحه كان يخبرني بأنه مخادع .
لحية طويلة سوداء و بعض شعرات بيضاء تزينها . يلبس عمامة ثقيلة على راْسه و ملابس غريبة من حقبة قديمة كما لو انه جاء من الماضي منذ ثلاثمائة سنة او شيء ما من هذا القبيل .

كانت خالتي قد بدأت تسرد التفاصيل و انا افكر " ماذا تركت لهذا المشعوذ كي يخمنه!"
اسكتها الرجل الأربعيني المريب و هو يوبخها " اشعر بالصداع ، رجاء التزمي الصمت حتى يعود لي اتباعي بالاخبار. "

همست سلوى " يقصد اتباعه من الجن يا ساتر يا رب "
خالتي نسرين" انا اشعر بالخوف ربما لم يكن يجب ان نأتي أساساً"
تكلم المشعوذ و هو يتحقق في وجهي "ارى السخرية في عينيك ِ ، لماذا جئتِ ان لم تكوني تعتقدين ان بإمكاني شفاءكِ؟"
نظرت بغضب للسيدتين المقيدتين لحركتي" انا لم آتِ بملء ارادتي و هذا لا يحتاج ساحراً ليلاحظ"
ضحك و كانت ردة فعله غريبة ، لقد كان يبدو لي مختلاً وهو يضحك على ردي مستمتعاً كما لو انني قلت نكتة .

عندها انبثق من وعاء البخور دخان أكثف مما كان يتصاعد و صمت المشعوذ و بدأت ملامح الابتسامة تختفي لتستبدلها ملامح مخيفة .

بدى الرجل متوتراً و نظراته متقلبة كما لو كان خائفاً عندها استقام واقفاً وهو يقول " لا استطيع ان أتدخل فيما يخص هذه المرأة ، الموضوع معقد جداً و انا لا أستطيع المجازفة باتباعي، ارجوكن غادرن بسرعة!"

استغربت و بنفس الوقت شعرت بالسعادة و انا افكر لو كان ساحراً فعلاً لعلم انني كذبت .

و بينما الابتسامة في وجهي قالت الخالة نسرين " ارجوك يا شيخنا عالجها فأنا اعلم انك من اكبر الناس خبرة في البلاد في التخلص من الجن ، البنت المسكينة مستقبلها سيضيع ان لم تساعدها !"

المشعوذ و هو اكثر توتراً " لا تفهمين ! لا أستطيع مساعدتها ولا حتى اكبر السحرة في عالم الانس .. لقد اختارها احد أبناء ملوك الجن و لا احد يستطيع انقاذها!.. فليكن الله في عونها. بإمكانكن استرجاع ما دفعتنه من عند صالح " كان يقصد مساعدة الشخصي الذي رأيته عند دخولي.

ضحكت بصوت خافت لتلتفت لي خالتي نسرين و هي في حالة ذعر لتوبخني عندما بدأ المشعوذ يخرجنا من الغرفة ومن المبنى و هو يقول انه لا يريد ان يعرف احد بأننا ذهبنا اليه .!
كانت هذه الحادثة في صالحي لكنها كانت غريبة حقاً. كانت خالتي تبكي دموعاً صامتة طوال الطريق و أحسست برغبة في أخبارها بالحقيقة لكني خفت ان تقتلني اذا علمت . لذلك صمتت و دخلت منزلنا و ارتميت على السرير لاغرق في نوم عميق.

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt