نسيان

19.6K 924 11
                                    

لم يرد يوسف عليّ وذلك جعلني اشعر بالاستياء ، لكني قررت سؤاله مجدداً وبحزم ينضح غضباً " لماذا يا يوسف تركتني انسى؟"
حتى رد عليّ بصوت خافت يخنقه الحزن " انا آسف يا أماني "
كنت غاضبة اكثر مما مضى برده الذي لم يجب على اي من أسئلتي . ثم شعرت بدفء غريب يتسلل الى جسدي وكأن تياراً من الطاقة  اخف من ان يؤلم انتشر ليغطي  جسدي بينما جلست على ذلك السرير ويوسف لا يتكلم .

أغمضت عينيّ وتلاشى غضبي احسست بيوسف يضمني وعرفت سبب شعوري الغريب بالكهرباء .
لم اعرف لماذا لم اقاومه وقتها . لكني بقيت ساكنة في مكاني . وسألت بصوت خافت " لا زلت اريد ان اعرف ماحدث . توقف عن اخفاء ذلك عني . تكلم ارجوك "
ابتعد عني دفئه وسمعته يقول " لقد كنت خائفاً جداً عَلَيْكِ .. كنت اؤذيكِ بأنانيتي ، حتى كدت أفقدكِ للابد! "
انا ولا زلت جاهلة لما يعنيه " ماذا حدث ؟ "

سمعت يوسف يتنهد قبل ان يتحدث  " لقد كنت انانياً .. لم أوقف رغبتي في قضاء الوقت معكِ وانجرفت برغبتي الى لقاءكِ كل ليلة في احلامكِ .استمتعت كثيراً في الحديث واللعب في عالمكِ والى جواركِ كنت اغرق في حبك بجنون حتى أصبحت لا الاحظ انكِ كنتِ تذبلين!
... ذلك الثمن للقاءنا كنتِ وحدكِ من تدفعينه . من طاقتكِ في الحياة للسحر الاسود الذي سلبكِ المتعة في الحياة وانا اغبى من ان ألاحظ !
وعندما لاحظت بعد ان كنتي بالفعل تغرقين في الاكتئاب ، توقفت بندم عن المجيء الى احلامكِ بعد ان اخبرتكِ ما يحدث وطلبت منكِ ان تكوني بخير وإنني بجانبكِ دائماً ولن أتخلى عنكِ .ورغم انكِ أخبرتني انكِ لا تهتمين بما سيحدث ان استمريت برؤيتكِ وانكِ لا تستطيعين الصمود بدوني الا انني لم استمع إليكِ .. رغم اني لم اتمنى ابداً جعلكِ حزينة كان كل ما منحتكِ هو الالم والحزن ..."
تذكرت تلك الفترة من حياتي التي قضيت فيها بعض سنوات أصارع فيها اكتئابي الذي عرقلني عن الحياة . هل كان هذا ما حدث في تلك الفترة ؟
تساءلت في نفسي ثم طلبت من يوسف وقلبي كان قد اصبح ثقيلاً بالأسى " اكمل رجاءً "

يوسف " لقد كنت معكِ في كل لحظة ، اقسم بأنني لم أتخلى عنكِ . لكن .. لم يكن بمقدوركِ سماعي او الشعور بي ! كان ذلك يمزقني اكثر من ما كان يفعل معكِ . كنتي تتألمين لكنني ، كنت اموت .
كنتِ تبكين وانا ابكي الى جواركِ . لقد كنتي بعكس ما اردتكِ تغرقين اكثر فأكثر في الظلام وكنت عاجزاً تماماً عن فعل شيء بل بالعكس فقد كان تدخلي يعني فقدانكِ لمزيد من السوداوية التي امتصت طاقة الحياة من روحكِ .. لم يكن هنالك ما استطيع فعله وعرفت انني من سببت لكِ كل هذا وان أنانيتي التي بدأتها كانت الثمن الذي ندفعه من الفراق والألم والحزن .. لا استطيع ان آصف شيئاً دمرني ومزّق في داخلي كل رغبة في البقاء اكثر من ذلك اليوم الذي قررتي فيه إنهاء حياتكِ وانا بلا جدوى احاول ايقافكِ دون حول لي ولا قوة في عالمكِ البشري .."
كان صوت يوسف يخبرني بأنه يبكي بالفعل ، كان بإمكان الجن البكاء وكان بكاؤه يؤلمني اكثر من اي شيء اختبرته من قبل .

لقد حاولت بالفعل الانتحار قبل ثلاثة أعوام بالضبط ، حيث تناولت اقراص دواء بكمية مفرطة وفقدت الوعي .
عندما افقت كان قد مر يوم كامل وعندما لامني الجميع على ما فعلت لم أكن املك أدنى فكرة لمٓ اقدمت على إنهاء حياتي .
يوسف " عندما كنتِ تصارعين الموت لم أتحمل البقاء ساكناً وذهبت غاضباً مستعداً لقتل صديقي الذي أعطاني التعويذة التي مكنتني من الدخول الى احلامكِ .. هناك حطمت كل شيء لديه وصرخت به ان يفعل شيئاً .ثم هدأت بمساعدته وأخذني الى خارج منزله الذي كان في قمة احد الجبال وأخبرني ان انتظره . هناك بكيت ودعوت الله كثيراً ان ينقذكِ ونذرت ان أتوقف عن رؤيتكِ اذا لم تموتي . وبقيت ادعو الله دون توقف لساعات وساعات .

عندها جاء صديقي يحمل لي خبراً ساراً وغير سار ؛ اخبرني انكِ استفقتي ؛ وكان هذا سبباً في جعلي أتوقف عن رغبتي في الموت لابتسم ثم لاتذكر ما نذرت به ، وأخبرت صديقي بنذري  وانا ابكي متحطماً  .. وطلبت منه ان يساعدني بجعلكِ تنسين لتواصلي حياتكِ بشكل طبيعي ...بعد ان نذرت تركي لكِ.. "

انا " لذلك انا لا اتذكر شيئاً .! "
كانت دموعي تسيل دون توقف في تلك اللحظة .. " نعم لقد نسيت .. لكن ذلك لم يجعلني أتوقف عن الاحساس بالالم .. والاسوأ من ذلك انني لم اعلم سبب الفراغ المؤلم في قلبي .. ذلك الخواء هو مكانك الذي مسحته من ذاكرتي . أيها الاحمق ، لقد بقيت طوال هذه السنين اتساءل لمٓ لا استطيع ان احب احد؟ لمٓ اشعر بأنني انتظر شخصاً ما ! .."
يوسف " سامحيني ارجوكِ افضل الفناء على التسبب في حزنكِ مجدداً !"
ابتسمت بعد ان مسحت دموعي وقلت " انا سعيدة لانني اختلقت تلك الكذبة "
يوسف " انا أيضاً سعيد بأنكِ منحتني فرصة اخرى للسعادة"
احسست به يحتضنني مجدداً ، وشعرت بأنني لم أعد ضائعة !
© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن