حلم غريب

27.6K 1.2K 104
                                    

نمت كما افعل في الايام الاخيرة. نوم بلا احلام لا اشبع منه . هزتني وفاء بقوة لتيقظني. كانت تصرخ " هل جننتِ؟ انت نائمة منذ الساعة الرابعة عصراً في الامس ! الا تحتاجين الذهاب الى الحمام على الأقل؟"

قلت بصوت نعس " كم الوقت الان ؟" ثم نظرت الى ساعة الحائط و انتفضت جالسة.
" انها العاشرة والنصف صباحاً من اليوم التالي !"  قالت وفاء ثم تابعت " هل تعتزمين إن تركناكِ ،النوم للابد مثل أهل الكهف ؟ انا لا مانع لدي حقيقة لكن امي لن يعجبها الامر !"

انا " اخرجي من غرفتي انا لا اريد سماع صراخك فور استيقاظي، انتِ تسببين الصداع لي!"
امسكت بصدغي احاول تهدأة رأسي الذي كان ينبض ألماً. رغم اني لم اكن شخصاً يصاب بالصداع عادة، بل قلما شعرت به. الا انني كنت في الفترة الاخيرة اصبحت استيقظ كل يوم عليه.

رمت عليّ وفاء الوسادة قبل ان تغادر وهي تخبرني ان اسرع في تنظيف المنزل . اخت لطيفة للغاية !!

تحركت بكسل في الإرجاء. كنت  مرهقة جداً  ولا اعرف مالسبب. و بعد ان أكلت و أخذت دشاً منعشاً و لبست ثياباً مريحة  ذهبت للنوم مجدداً و اخبرت الجميع ان لا يوقظوني حتى انهض بمفردي.

كانت الساعة لا تزال السابعة مساء عندما توجهت للنوم  لكن هذه المرة كان شيئا ما هناك في انتظاري .

كان الظلام يحفني من كل جانب و انا امشي في اول موكب مكون من أناس كثيرين غرباء عني . كانوا جميعهم دون استثناء طوال القامة فوق الحد المعتاد او الطبيعي حتى احسست بأني قزم رغم اني كنت متوسطة الطول . كنا نتجه نحو بوابة عملاقة من الخشب الأحمر الطوبي. تلك البوابة المريبة، كانت تقف في وسط الظلام لا شيء يمسك بها سوى الهواء !وكلما اقتربنا بدت اكبر فأكبر حتى ادركت حجمها الحقيقي والذي تجاوز سبعة طوابق تقريبا من متوسط المباني في المدينة، كان ذلك مذهلاً.

عندما وصلنا إليها فتحت تلقائياً بسلاسة  ولم يكن هناك شيء في الجهة الاخرى من البوابة سوى المزيد من الظلام، لكننا عبرناها و خطوات الآخرين تستعجلني . صعدت مع اثنين من أولئك الرجال الضخمين على مخلوق خرافي أشبه بالتنين  و بدأنا نحلق في السماء كما لو كان شيئا طبيعياً افعله دائماً.
لم أكن خائفة و لسبب ما أجهله لم أكن اعترض كما لو انني علمت أين اذهب.
كررت في نفسي: حلم غريب . عندما حط المخلوق الضخم و نزلنا من على ظهره ، كان يقف وسط الظلام قصر ضخم لم استطع من رؤية تفاصيله كونه كان ليلاً لكني علمت انه جميل رغم ذلك .
فتح احد الحراس المرافقين لي بوابة القصر و في تلك اللحظة تم تغطيتي برداء اسود.
لم اتمكن من رؤية شيء من خلاله بينما استمريت بالسير دون ان أمانع ، كنت وقتها اتساءل " اي نوع من الأحلام هذا؟!"
كان احدهم قد أمسك بذراعي و أسرع بخطواته و انا بالكاد أتمكن من مواكبته . كان يجرني عند المنعطفات و أخيراً سمعت صوت اقفال الباب بعد ان توقفنا . كنت مرهقة و لا ادرِ ان كان يصح بي رفع ذلك الغطاء الخانق ام إبقاءه،  عندما شعرت بأحدهم يحتضنني بقوة . و سمعته يهمس بصوت ارسل رجفة الى قلبي " أماني .."
حاولت دفعه عني ثم سمعته يقول و هو ينزع الغطاء عني بعد ان تركني من قبضته بصوت ساحر " اعتذر لقد نسيت تماماً! "

عندما انزاح عني الستار وجدت امامي رجلاًطويلاً بأكتاف مفرودة و ملامح حادة و وجه عريض غير طفولي.  شاب وسيم الى حد خطر بشعر قصير اسود للغاية .عينيه الكبيرتين كانتا تحدقان بي بطريقة غريبة كما لو انه كان يعرفني . كما لو انني عنيت له الكثير ، لم اشعر بالخوف بقدرما شعرت بالاحراج وقتها .
و وجدت نفسي احدث نفسي بصوت عالٍ غير آبهة به " هذا الحلم لا ينفك يصبح اكثر غرابة "
تكلم الرجل الوسيم " انا لا اريدكِ ان تنسيني هذه المرة! "
كانت ملامح الاسى مرسومة على وجهة كما لو انه على وشك البكاء ، و لسبب ما شعرت بألم يطعن في قلبي .
رغم هذا لم أتمكن من الرد فقط تبادلنا النظرات للحظات طويلة ، احاول ان افهم ذاك الاسى القابع في عينيه العسليتين الجميلتين. عندها تقدم نحوي وأمسك بيدي وهو يقول " أنتِ لا تفهمين شيئاً الان. لذلك فكري بما يحدث انه حلم و دعينا نقوم بكل الأشياء المجنونة بسعادة دون اكتراث"
كانت عينيه قد تغيرتا وبعث فيهما بريق امل جعلني لسبب ما سعيدة ، لم أرد ان ارفض .

اومأت برأسي موافقة. عندها بدأ يجرني وراءه و هو يجري و انا اجري معه الى قاعة ضخمة كان فيها ألوف من الناس وعند البوابة الضخمة للقاعة كان باب غرفة مجاورة و قف احدهم ممسك بشي ابيض و ورود حمراء امامها .
توقف الغريب الممسك بي وأخذ قطعة القماش البيضاء التي كانت فستانا جميلا من الحرير الذي لم ارَ اجمل منه في حياتي ناولني الغريب اياه وهو يدفعني الى الغرفة يخبرني ان اغير ملابسي بسرعة . وكذلك فعلت دون تساؤل او تشكيك فقد كان حلما بالنسبة لي في النهاية.

خرجت من الغرفة ورأيت نظرات الاعجاب في عينيّ الوسيم المجهول وانا لم افهم ما يجري الا عندما نأولني باقة الورود الجورية .
انا " هل هذا حفل زفاف؟"
ابتسم الرجل وهز راْسه بنعم
" وهل انا العروس ؟ " تسلق الخوف وجهي .
بينما قال الرجل الوسيم الممسك بي " لا تفكري كثيراً هل نسيتي ان هذا حلم ؟"
فكرت بأنه محق ، ابتسمت لابتسامته المشرقة و مشيت معه امام جموع الناس الغريبة التي كانت تصفق لنا .كانت بتلات الزهور تسقط علينا طوال الطريق الى ان وصلنا الى رجل بدى كالمأذون والذي وضع ورقة أمامنا مكتوبة بلغة غريبة .
سألني المأذون " هل أنتِ اماني صلاح محمد حسين تقبلين الزواج بيوسف بن عبدالله المذهب ابن ملك هذه الارض المباركة ؟ "

كنت مستغربة من الحبكة التي يصنعها لي عقلي الباطن ليقدم مثل هذا الحلم المتقن ، ابتسمت وقلت " نعم اقبل "
وكرر العبارة على الرجل الذي عرفت ان اسمه يوسف ووافق بدوره.
نظرت الى رجل ضخم البنية يلبس ثياباً فاخرة بدى كالملك نفسه وكان ينظر نحوي بقلق ثم  نظرت الى يوسف الذي كنت سأتزوجه  في ذلك الحلم ورأيته يخدش إبهامه بسكين ثم يبصم على الورقة ، وهلعت عندما طلب مني المأذون ان افعل مثله
  " اعلم انكِ لا تملكين الشجاعة لذلك " قال يوسف عندما أخذ إصبعي وانا مغمضة عيني وهو يقول " اعدكِ لن يؤلم كثيراً "
وقبل ان أهلع كان قد صنع خدشاً يتدفق منه الدم بالفعل! بصمت وانا اشعر بألم خفيف وأفكر " لماذا اشعر بالألم ؟ هل هذا حلم حقاً؟" 
عندها أعلن المأذون إننا زوجين وعمت الضجة المكان محتفلين واجواء السعادة تغمر المكان .وفجأة رفعني يوسف بين ذراعيه وأخذ يدور وهو يبتسم بسعادة . كان يجعلني اشعر بالفرحة ولم اعرف لماذا كان  سعيداً بالزواج بي؟
وكفيلم اجنبي كانت الموسيقى الغريبة والاحتفال طوال الليل بينما رقصنا وتجولنا في الحفلة دون كلل.

كان ذلك حلماً غريباً بكل المقاييس.

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)Where stories live. Discover now