جني !

25.7K 1K 9
                                    

جلست تحت ظلال الشجرة المحترقة واسندت ظهري عليها الى جوار يوسف مستعدة لسماع القصة و جزء مني لا يريد !
كان هذا الحلم واقعياً ويجعلني اشعر بأنه ينبض حياة و ذلك كان غريباً . ناهيك عن ذلك الاحساس العميق في جوفي ،ذلك الجرح الذي كان ينزف بداخلي وجعاً كان حقيقياً للغاية .

يوسف " انها قصتي في الحقيقة ، لا تتفاجئي عندما اخبركِ انني جني فأنتِ تفكرين بأنكِ تحلمين . هذا الخبر الاصعب دائماً "
نظرت إليه حائرة، فكيف ادرك انني سأتفاجأ ثم ادرك بأنه حلم ؟ ومالذي عناه بقوله الاصعب دائماً. الكثير من الاسئلة تجمعت في رأسي واخترت الصبر والانتظار حتى اجد جميع الاجوبة.
نظرت اليه يجلس بجواري وينظر اليّ، كان كل شيء فيه آدمياً كيف يمكن ان يكون جنياً؟
أجبته " بما انه حلم لن ادع ذلك يفاجئني . ان اتزوج جنياً كما كذبت على خالتي هو كارما استحقها كما نسج عقلي الباطن كما يبدو!" ابتسمت و كذلك فعل.
يوسف تابع حديثه " قبل أعوام أربعة، كان كل شيء مختلفاً . كنت اهرب دائماً الى عالم الانس كلما لاحقني حراس والدي، فعلاقتي بوالدي الملك لم تكن جيدة واختلفنا كثيرا في طريقة رؤيتنا للامور ، لذلك كنت اخلق له المشاكل دائماً ثم يبعث بحرسه للامساك بي ومعاقبتي. ما ان كنت اصل الى عالم البشر حتى اتجه الى مخبئي فنحن الجن نتجنب دائماً الذهاب الى مقابر البشر . و ذلك كان أأمن مكان ألجأ إليه حيث لم يكونوا ليبحثوا عني هناك. لذلك كنت اختبئ منهم في تلك المقبرة المهجورة في احد اطراف المدينة . و شيئاً فشيئاً ، أصبحت المقابر مكاني المفضل في عالمكم..
كما ترين، فقد مر الوقت ومع ازدحام المدينة وازدياد السكان بدأت اعداد المقابر بالتقلص و النَّاس بدأت تبني عليها دون ان تخبر من يشترونها انها أراضي كانت لمقبرة قديمة ، كان ذلك افضل ما يعجبني في المقابر : البيوت المبنية عليها
كان هنالك بيت محدد و غرفة محددة استمتعت بالهروب إليها، كانت بمثابة غرفتي و لوقت طويل كان البشريون هناك لا يستخدمونها ،
مع الزمن ، مالكي المنزل باعوا المكان و فجأة اضطررت ان أشارك غرفتي مع فتاة بشرية حمقاء!
في البداية حاولت إخافتها بالتحرك كالظل في الإرجاء لكنها كانت دائماً لا تبالي او تخاف ، حتى انني كنت اضايقها بكوابيس مزعجة لفترة طويلة على امل انها ستفهم ان السبب هو الغرفة و تغادر ، لكن هي فقط لم تتحرك . و هكذا الى ان بدأت اعتاد وجودها .

لم تكن تلك الفتاة تملك حياة صاخبة ،لم تكن حتى إنساناً اجتماعياً. فقط كانت تقضي معظم الوقت في غرفتي .
كنت احاول ان لا ألجأ لعالم الانس كثيراً كي لا اذهب الى شريكة غرفتي المزعجة.
لكني كنت اضطر اغلب الوقت لذلك . مع الوقت كنت قد بدأت استمتع في مشاهدتها تقرأ وتغني وترقص كالغبية وتتكلم لساعات طويلة على الهاتف - تلك المكالمات كانت ما اوقعني في حبها في الحقيقة .
كنت اعلم انها تتحدث الى رجل ما و من حديثها علمت انها تحبه لكن لا أدرِ لمٓ كنت أبقى الى جوارها و استمع الى حديثها معه كما لو انها تكلمني .
كنت قد بدأت اصبح مهووساً بشأنها و فقدت رغبتي في العودة الى عالمي الا عندما تقتضي الضرورة.
و بمتابعتي لجدولها اليومي لعاداتها في الكلام و الاكل و المشي و في كل شيء كانت تقوله و تفعله كنت اشعر يوماً عن يوم بحبي لتلك الانسانة طيبة القلب
لكنني كنت اشعر بالاحباط لانها لم تكن تعلم حتى بأمر وجودي ناهيكِ عن مشاعري التي كانت تنمو خارج نطاق سيطرتي تجاهها.
حتى عندما حطم قلبها ذلك الوغد الذي كانت تحبه، لم تعلم انني كنت موجوداً وأحبها اكثر من اي شيء آخر احببته من قبل .
في النهاية ، اضطررت و ذهبت إلى جني غير مسلم و قد كان صديقاً لي ، اطلب مساعدته أردت بأي طريقة مهما كانت ان آكون اقرب إليها و ان اتمكن من الحديث معها . أردت ان احاورها و اعرف عنها اكثر بعد. و أكثر شيء اردته هو ان تعرف بأمري .
كان لذلك ثمناً باهظاً فصديقي ألقى عليّ بتعويذة تمكنني من اختراق أحلامها و البقاء معها في عالم الأحلام طالما هي نائمة ، لكنه حذرني مقابل اقتحامي احلامها سيكون عليها ان تدفع المقابل ، من طاقة وجودها نفسه !

غضبت من صديقي و غادرت الى عالمكم اشعر بإحباط اكثر مما مضى كان قد اصبح بمقدوري تحقيق امنيتي في الكلام معها لكني لم ارد ان يصيبها اي سوء بسببي .

قاومت رغبتي الجارفة و بقيت الى جوارها أواسيها و انا اعلم انها تعاني لفراق ذلك الشاب السيء . أردت احتضانها و التربيت عليها وأخبارها ان كل شيء سيكون بخير . و لم استطع.
فقط استمريت بمشاهدة وجهها النائم الذي كان يغريني للذهاب إليها في كل ثانية الى عالم الاحلام و تمنيت لأول مرة في حياتي لو انني لم اخلق جنياً.
مضى على ذلك الحال أسابيع قليلة ، لم يكن حبي لتلك الإنسية الضعيفة يتوقف بل يكبر في قلبي و يفاجئني كل يوم .
كانت لا تزال تتألم، و تواجه صعوبة في النوم في كل ليلة . و كنت اشعر بالعجز و الغضب ، و كم وددت مساعدتها .
قضيت وقتي ألازمها . خرجت و عدت معها. شاهدتها تتكلم و تأكل و تعمل . مشيت معها في الطرقات الطويلة .. خائفاً عليها من ان تتعب، او ان يتعرض احد لها بسوء.
اردتها بشدة حتى ان فكرة ان اصبح جنياً كافراّ راودتني .. فقط لأجعلها عشيقتي ، رغماً عنها. لكني قد علمت ان ذلك الحل و ان جلب لي السعادة لم يكن ليجعلها سعيدة على الارجح.
و كل ما اردته لها هو ان تكون سعيدة. لذلك اكتفيت بأن أشاهدها بصمت .

حتى أتت تلك الليلة التي كنت فيها كالعادة أتأمل وجهها الملائكي النائم بينما رسمت ملامحها تكشيرة و بدأت تدمع و هي نائمة .
عرفت انها تواجه كابوساً و شعرت بالاستياء فلم ارد لأي شيء ان يضايقها مهما يكن و أردت حمايتها .حاولت تحريكها لتستيقظ لكنها كانت تئن متألمة و تبكي. كنت عاجزاً و وقفت مرتبكاً و مشوشاً لا اعلم ما كان يجدر بي فعله. لم اردها ان تعاني .. ليس في حلمها ايضاً.
اثار ذلك غضبي و شعرت بأنني سأجن ان لم أفعل شيئاً ذلك جعلني اتهور في لحظة و اذهب إليها في ذلك الكابوس الذي كانت تعيشه في عالم الاحلام .

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)Where stories live. Discover now