Chapter 31.✔

495 71 58
                                    

إنتابتني دهشةٌ بالغة لِما سمعت، ولم أنطِق بحرف.. حتى خرج الطبيب، ولم يخرُج ما قاله من رأسي أبداً.

أعطتني أوكتافيا الحقنة المُعتادة والأدوية لترحل هي الأخرى، بينما أنا لا أشعر بمرورِ الوقتِ مُطلقاً.

نظرتُ إلى ساقي فلم أرى دماءً، ولا آثار لها..

ماذا حدث لي بحقّ الله؟

"هيّا تذكّري!" تمتمتُ بغيظٍ وصفعتُ جبهتي عدّة مرّات، في مُحاولةٍ لتذكُّر ما حدث أمس.. لا أدري كيف أفلتُّ أمراً كهذا مِن ذاكرتي المُتعبة!

"اللعنة!" تمتمت بسخط، ثم إتّجهت نحو النافذة الصغيرة القابِعة بزاوية الغُرفة.

إنتابني الذُعر لمنظر الأشجار وأوراقها المُتساقِطة، والجذوع المُتهاوية، والأغصان المُتناثرة السابِحة في مياه السُيُول الجارفة المُلتفّة بالمنازل والمحلاّت، كأنها حيّة قد أحكمت قبضتها بفريستها وهيّأت نفسَها لإبتلاعها.

عُدت إلى السرير حين أزعجني إنقلاب الجوّ دون مُقدِّمات. مرّت الدقائقُ وسمعت الباب يُفتَح ولكن لم أهتم بسبب آلام معدتي، أكادُ أصرُخ مِن الوجع الذي يُمزّق جسدي..

"سيلين!"

صوتٌ أشبه بالهمس قد وجد طريقه إلي أذني، بنبرةٍ يُسيطِرُ عليها الهدوء وتملأها المشاعِر.. أغلقتُ عيناي مُمتنعة عن رؤية صاحِب الصوت -الذي أحفظه غيباً.

تذكّرتُ الآن ما حدث حينها.. لقد عاملني بغرابة حين قام بزيارتي! ما الذي أتى بِه يا تُرى؟

وجدتُ نفسي أرفعُ رأسي إليهِ بهلفةٍ تملأ عيناي لرؤيتِه، فتقدّم نحوي مُهرولاً حين لاحظ تعبي. حاوَط خصري بيديه ليهمِس "إفتقدتكِ."

لاحظتهُ بعيناي الغائرتين.. وأدركتُ مَدَى توتّره عن طريق مُراقبة عبثه بكفّيه وسكوته الغريب.

نظر لي فجأة ليبتسِم بخفّة. إبتسامةٌ مُصطنعة لم يسترِح لها قلبي، وباتت نبضاتُه تتسارَع.

إقترب منّي في مجلسِه ليطبع قُبلةً رقيقةً على جبهتي، بينما أنا في حالة ذهولٍ وقلق.

إبتسم مجدداً، وإستفسر مُزيلاً حاجز السكوت بيننا "هل أنتِ في تحسُّن؟"

إبتسمتُ ساخرة وأضفت "نعم، في تحسُّنٍ للأسوأ!"

مُجدداً.. لاحظت حركاتِه غير الطبيعية.. وإبتسامته الغريبة وشعرتُ بحُزنٍ هائِل يخفيه في قلبِه.

إندفع السؤال مِن فمي "أأنت بخير؟" فنفى برأسه سريعاً وعاد يُزيّف الإبتسامات.

بعثر شعري مُداعِباً. ظننتُ أنه سيتوقّف عن بعثرتِه لكنه لم يفعل! حتى أصبح يُثير إزعاجي فدفعت يده لأضحك.

سأل مُحدّقاً بوجهي "أتعلمين كم إشتقتُ لكِ؟" كِدتُ أن أرُد فقاطعني "لا تعلمين."

عقدتُ حاجباي بتشوُّش، وأمسكتُ بذراعه مُتجاهله ما قاله لأسأل فجأة "أقُمت بزيارتي أمس؟"

Little Bad GirlWhere stories live. Discover now